1 8 546 , ما ة, 1 /1 4 4 9 7 / مسر )خا ' 1 بي د 0# 5 ماه ©
صفحة مشرقة من تاريخ المغرب
ف ىالعصورالوسطى
لسوت / الدكتورحسن الحمدمحمود
06
قيام دولة المرابطين
صفحة مشرقة من تاريخ المغرب
فى العصور الوسطى
تأليف الدكتور خسن أنحهد فشمؤة أستاذ التاريخ الإسلامى بكلية الآداب جامعة القاهرة
الطبعة الثانية 7ه /رتخقخام
ملتزم الطبع والنشر
دار الفكر الخر بك دارة : 4؟ شارع عباس العقاد مدينة نصر ت: 14144
أ 12.عع1[ 5115200 رايط يديل > 284.ةطاغعلددر
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الباب. الأول : بلاد المغرب الأقصى قبيل قيام الدولة , ١ بلاد المغرب بيئات ثلاث ١4 ؟ - ظهور شخصية المغرب الأقصى وأثرها فى تاريخه 14 7" - جغرافية المغرب الأقصى ف 5 الحياة القبلية فى المغرب الأقصى 34> شعوب البتر والبرانس زذرا ١ - قبائل البتر ومضاربهم ”7 /ا المصامدة 7 - قبائل البرانس ومضاربهم ل 4 قبائل الملثمين مؤسسة الدولة 1:١ ٠ - دور الملثمين فى تاريخ الإسلام اه ١ ظهور الزناتيين فى المغرب الأقصى و ١ اضطراب الأحوال الاقتصادية ْ/ ١١ - انتصار المالكية على الشيعة 4م الباب الثانى: توحيد صنهاجة ب الدور الصحراوى 4١ ١ إخفاق الحلف الصنهاجى الثانى . ل " اختيار عبدالله بن ياسين 510 ” التعريف بعبد الله بن ياسين بن - عبدالله بن ياسين فى ديار لمتونة. حل © انتهاء الدور السلبى من رسالة عبدالله 10١ "١ حركات المرابطة فى بلاد المغرب ' ١1 17 حياة المرابطين فى رباط الستغال ١7" 8 - خروج المرايطين من رباط السئغال 14 4 سياسة عبدالله فى تحقيق أهدافه أهرن
١ أسس دعوة عبدالله - ٠
الكل ١
ول
ل
١ /
174
م
125
١4ا/
رابحذ ديل ظ هر إولغة ار تانفين 1 الباب الرابع: الدور الأندلسى ١144 ١ انصراف الطاقة إلى معركة الجهاد ١ ” - الدوافع التى أذكت رغبة المرابطين فى الجهاد 4 استدعاء المرابطين للجهاد فى الأندلس يفف 4 الدور الأول من آدوار الجهاد فى الأندلس: فكرة الجبهة المتتحدة ٠“ © الدور الثانى من أدوار الجهاد فى الأندلس: التدخل المباشر /اه ؟ 5 _الجهاد فى شرق الأندلس : يوسف والقمبياطور كسد ٠ - أثر معركة الحهاد فى تأكيد قيام الدولة اخحف الباب الخامسن : نتائج قيام دولة المرابطين ل ١ أثر قيام الدولة فى الأوضاع السياسية 1ك ' - أثر قيام الدولة فى نظم الحكم نحن ٠" - أثر:قيام الدولة فى النظم الحربية يفن 5 - أثر قيام الدولة فى اللحياة الاقتصادية لمكن ه أثر قيام الدولة فى- الحياة الاجتماعية ع 7 - أثر قيام الدولة فى حضارة المغرب والأندلس ا ملااحق انوا مراجع الكتاب 18 كشاف فق
مقدطة: الول
لعب المغرب فى تاريخ الإسلام دور رائعاء فقد أصبح بنوه بعد أن أسلمواء وحسن إسلامهم» من أشد جند الإسلام إخلاصاء وأوفرهم تحمسًا لخدمة هذا الدين» ورفع لوائه» والدفاع عنهء فقد فتحوا الأندلس» وبسطوا ظل الإسلام حتى كاد يتخطى جبال البرانس» وناوشوا الفرنجة فى البر والبحرء ووقفوا لهم بالمرصادىوذادوا عن حياض الإسلام بقدر ماوسعهم من قوةء وتألق نجم أبطاله وأنجاده فى سماء الجهاد.» حتى اقترنت أسماؤهم بأسماء أالسلف الصالحم. صدق فى الجهاد وإخلاص للعقيدةء وقد أسهمت مدارس المغرب والأندلس فى يناء صرح الحضارة الإسلامية وأصبحت مدارس القيروان» وقرطبة» وفاس يتابيع متفجرة بالثقافة الإسلامية .
وبرغم ذلك كلهء لم تظفر الدراسات المغربية من الباحثين العرب بما تستحقه من عناية واهتمامء وخلا الميدان أمام الفرنسيين» فبعثوا تراث المشغرب» وأرخوا لشعوبه» وكشفوا النقاب عن جوانب من .حضارته» ونشروا كثير! من المخطوطات التى ظلت دهرا طويلا حبيسة فى مكتبات المغرب الأقصى .
ومن حسن الحظء أن مصر أخذت فى السئوات الآأخجيرة تقدر ما للدراسات المغربية الأندلسية من أهمية وخطرء وبدأت تقدر:الدور الذى لعبه المغاربة فى تاريخ الحضارة الإسلامية. وكانت كلية الآداب بجامعة القاهرة سباقة فى هذا المضمارء إذ وجهت بعض طلاب قسم التاريخ هذه الوجهة» وشجعتهم على ارتياد هذا الميدان ومحاولة كشف النقاب عن هذا التراث المجيد» وبلغ الاهتمام بالدراسات المغربية الأندلسية مداه فى السنوات الآخيرة.
وقد كنت أحد من اتجهوا هذه الوجهة:؛ وفرغوا لدراسة تاريخ المغرب وحضارته. فأعددت بحنًا عام ١9454 موضوعه «تاريخ بنى زيرى. وسياستهم الداخلية» وقد رأيت إِتَامًا للفائدة» أن أنصرف إلى الدراسات المغربية» لأنها تعد بحق ناحية من نواحى التاريخ الإسلامى» كانت وماتزال بحاجة ماسة إلى الدراسة والبحث.» لبيان الحقائق الغامضة فى تاريخ هذا الجزء من العالم الإسلامى الذى قام بدور هام فى تاريخ الحضارة الإسلامية.
وإذا كنت فى بحثى السابق قد أرخت لقبيلة صنهاجة الشمالء الضاربة فى الجزائر وتونس» والتى أسست دولة بنى زيرى» وكانت ساعد الفاطميين الأيمن فى نضالهم من أجل السيادة على المغرب» فقد رأيت أن أوجه عنايتى فى هذا البحث إلى فرع آخر من هذا الشعب العظيم» الذى ينزل فى صحراء المغرب» وتهمتد دياره حتى تصاقب نهرى السنغال والنيجرء وبذلك أكون قد أسهمت فى الإحاطة بتاريخ شعب صنهاجة؛ الذى لعب دور ممتازا فى تاريخ المغرب الإسلامى فى العصور الوسطى .
وقد آثرت أن أؤرخ لدولة المرابطين» التى أقامت صرحها قبيلة صنهاجة الجنوب» والتى لعبت فى التاريخ الإسلامى دور رائعاء ونشرت الإسلام فى ربوع السودان الغربى» وبثت الثقافة الإسلامية بين الشعوب الزنجية» ثم توسعت صوب الشمال» فاقتحمت ميدان المغرب والأندلس» وشاركت فى معركة الجهاد» فأنقذت الإسلام ما كان يوشك أن يتردى فيهء وناصبت الفرنجة العداءء وجندت المجتمع كله لصد عدوانهم» حتى روت دماء أهل المغرب بطاح الأندلس وسجل التاريخ أسماء أبطال المرابطين» وفرسانهم فى سجل الخالدين» وأصبح اسم يوسف بن تاشفين فاتح الأندلس» وقاهر ألفونسو السادس والبابوية الناهضة.ء ومبدد خرافة الاسترداد يقترن باسم صلاح الدين وغيره من أبطال المعارك الصليبيةء وقد جاهدت دولة المرابطين الفتية فى البحرء كما جاهدت فئ البر» وراحت أساطيلها تجوس -خلاله» وتقف لسفن الفرنجة بالمرصاد» وتنازعهم السيادة فى هذا الميدان.
ولكن هذه الدولة» رغم هذا الدور الرائع الذى لعبته فى تاريخ الإسلام» لم تلق من المؤرخين المحدثين اهتمامًا يذكرء حتى إنهم أصبخوا حين يعرضون لتاريخ المغرب الإسلامى» يلمون بها إلمامة عابرة» لاتروى غلة» ولاتنقع صدى ولاتكشف عن هذا الدور الخطير» الذى قام به المرابطون فى تاريخ الحضارة الإسلامية» وإنما هى أخبار مبعثرة فى ثنايا هذه الكتب» ولم ينفرد أحد من المؤرخين الأقدمين والمحدثين فيما نعلم بيحث تاريخ هذه الدولة فى كتاب واحد»ء ولعل هؤلاء المؤرخين لم يدركوا ما لهذه الدولة من أهمية وخطر فى تاريخ الحضارة الإسلامية» وماخلفوه من تراث مجيد تليد». يستحق منا العناية بتتقصى أخبارهمء وتدوين تاريخهمء بطريقة علمية حديئة مبنية على النقد والتحليل والإدلاء بآراء شخصية تفيد العلم فائدة محققة» وتلقى ضوءًا براقًا على ماتركته من آثار تستحق العناية .
لاننكر أن تاريخ المرابطين فى الأندلس لقى من عناية المؤرخين نصيبًا غير قليل» فقد ألف المستشرق يوسف أشباخ كتابًا عن تاريخ الأندلس فى عهذ المرابطين والموحدين» ترجمه إلى اللغة العربية الأستاذ محمد عبدالله عنان» ولكن مؤلف هذا الكتاب لم يعتمد على وثائق هامة فى تاريخ الأندلس» مثل كتاب الذخيرة» أو كتاب التبيان للأمير عبدالله» كما عقد دورى فى كتابه 5عجقدطاتاكن81 وعل عنام)1115 5382 فصلا عن المرابطين» على أنه قد ظهرت فى هذا الموضوع وثائق جديدة» مثل كتاب التبيان» وغيره أوجبت أن يعاد النظر فى آرائه وأقوالهء أما بروفنسال فلم يتعرض فى الكتاب الذى ألفه فى تاريخ الأندلس للمرابطين» إذ وقف عند سقوط الخلافة» على حين نجد أن قديرة فى كتابه +035 اء 8[عمء20عع12 5+ 108 عل ممأءهتوم لم يعرض إلا لانحلال دولة المرابطنين فى الأندلس» ثم سقوطهاء ولكن تاريخ المرابطين فى المغرب والسودان» ظل ميدانًا لم يطرقه أحد من المؤرخين» وأصبحت الخطوات الأولى التى سبقت ازدهار الدولة واتساعها تكاد تكون مجهولة إلى حد ما 29.
وقد نلتمس للمؤرين المنجدئين بعض العذر فى إعراضهم عن الافاضة فى تاريخ المرابطين» والتوسع فى توضيح الدور الذى قاموا بهء وذلك بسبب قلة المادة التاريخية» التى يمكن الاعتماد عليها فى أمثال هذه الدراسات» 'فقد ضاعت. مراجع معاصرة فى غاية الأهمية » مثل :كتاب الأنوار الجلية فى أنخبار الدولة المرابطية لابن الصيرفى» وكتاب تاريخ سبتة للقاضى عياض » كما لاننسى أن الموحدين أعداء المرابطين الألداء عملوا بقدر الطاقة على الإساءة إليهم» فمحوا آثارهم» وشوهوا تاريخهمء ورموهم بكل نقيصة» واتهموهم بالكفر والزندقة والمروق عن الدين»
)١( ظهرت بعض المقالات المتفرقة مثل
عم5ع11 رة[2تامعه عمعقمم نال كامقستتطدمقنا دع1 عط صمغه)لطقط] تأديهم] .18 1 3111 ) ,115,1934 نم8415 84080 ال عداباع1]8 ,56068221235 قأنته1 نال عنتوتطهتط0) :عدوم 2ه1ء12 .131
.3 ,25 ,0121) ,11311 00 نال عنااع 1 ,علتغامعء0 عدوتكلة ده عطومعة ممتاكتلتباء هآ : أعسدك؟ [ندص15
21 عمره) ,1911 ,انراق رعممصصس] ساق تاقالع 02 اء كممفوتكلم ذعع مداء81 : أعدومد8 1930 عفصصة وتعموعآ؟ ,لمامعلاعه0 معقطدد عل ععزماعتط عميكل ععدوشسودو8 : عااعممقطن داءع12 2 عمرما متطامطعدل/! سنداوة '[ عدد 5م110 : عناتاهنآ1 لقع5626 21 111551028 : أعدموظ
لذلك أصبح الكتاب الذين عاشوا فى عصر الموحدين يخشون أن يتعرضوا لبحث تاريخ المرابظين فى إسهاب» خشية أن يثيروا غضب الموحدينءفعمد كثيرون منهم إلى تجريح المرابطين» وتشويه سمعتهم والإساءة إليهم» ولولا أن بعض المؤرحين المتأخرين عثروا على مراجع معاصرة للمرابطين كانت موجودة فى عصرهمء وأفادوا منهاء ونقلوا عنها ماطاب لهم» لا استطعنا أن نعثر فى تاريخ المرابطين على مادة يمكن الاعتماد عليها فى تدوين تاريخهم .
وبرغم ذلك كلهء أقدمت على دراسة موضوع قيام الدولة المرابطية» وكان إقبالى على هذا الموضوع» لايخلو من مغامرة» وكنت أخشى أن تصرفنى قلة المادة عن محاولة كشف الئقاب عن تاريخ قيام هذه الدولة .
ولكنى مضيت فى سبيل البحث قدماء واستطعت أن أعثر على مادة تاريخية مهدت لى السبيل» واستطعت أن أسهم بنصيب متواضع فى تدوين تاريخ قيام هذه الدولة» وترسم الآثار التى تركتها فى حضارة المغرب والأندلس.
وقد ظفرت ببغيتى» ووجدت طلبتى فى وثائق معاصرة بالغة الخطوزة فى تاربخ هذه الفترةء مثل كتاب الذخيرة فى محاسن أهل الجزيرة لابن بسام» ولم يزل الشطر الأكبنر من هذا الديوان العظيم مخطوطا لم ينشر بعدء كان ابن بسام معاصر للمرابطين» وشهد ذلك الصراع المرير الذى نشب بين الإسلام والنصرانية فى بلاد الأندلس» وأورد طائفة من الرسائل على جانب عظيم من الأهمية والخطر أعانتنى على التأريخ لحركة جهاد المرابطين فى الأندلس» كما كشف كتاب الذخيرة النقاب عن أثر المرابطين فى تاريخ الحضارة الإسلامية فى هذه البلاد.
ومن هذه الوثائق أيضًاء كتاب ترتيب المدارك للقاضى عياض اليحصبى» وهو مخطوط لم ينشر بعد» وقد عاصر عياض دولة المرابطين» وولى القضاء فى عهدهم. ولمس مقدار مابذلوه من جهد. وقد أرخ عياض لفقهاء مالك فى المشرق والمغرب» وعرض لسيرة عبدالله بن ياسين» وهى أول ترجمة نعثر عليها لذلك الرجل» الذى كان له الفضل الأول فى قيام الدولة.
ومن هذه الوثائق أيضا كتاب التبيان للأمير عبدالله بن بلكين» آخر ملوك بنى زيرى بغرناطة» وقد اشترك مع يوسف بن تاشفين فى موقعة الزلاقة وحصن
لييطء وسجل حوادث الجهاد الباررة تسجيلا يدعو إلى الإعجاب حبقا كما كثيف النقاب عن سياسة يوسف فى بلاذ الأندلس» وقد نشره بزوفسببال مع تعليق
وترجمة بمجلة الأندلس 00 ا 1 8 0
ومن هذه الوثائق الهامة نذكر كتاب المغرب فى ذكر بلاد أفريقية والمغرب لأبى عبيد البكرى» وكان معاصرا للأدوار الأولى من قيام هذه الدولة» وأرخ للمرابطين فى صحراء المغرب والسودان» قبل أن يتدفقوة إلى المغرب والأندلس» كما عرض لعبد الله بن ياسين» وعرف بشعوب اللثمين تعريقًا طيبًا حتى ليستبر قوله فى هذه الناحية لايعلى عليه .
ومن هذه الوثائق كتاب مشيخة القاضى عياض » الذى يلقى ضوءا على الحياة الثقافية فى المغرب والأندلس فى عصر المرابطين» وهو محفوظ بدار الكتب المصرية .
وقد وجدت فى كتب الطبقات» مثل كتب ابن الأبار 2 » وابن بشكوال 2 وابن الزبير 9 والضبى 69 والسيوطى 9 وأحمد بايا التمبكتى”" » وان فرحون0 وابن المؤقت المراكشى 27. وابن القاضى (''2, وابن خير 22١ مادة غزيرة أعانتنى على التأريخ للحركة الثقافية فى بلاد المغرب والأندلس» واستعنت بها فى دحض الآراء التى انتهى دوزى إليهاء فيما يتعلق بالدور الذى لعبه المرابطون فى تاريخ الحضارة» كما ألقت هذه الكتب ضوءا على الحياة الاجتماعية فى ذلك العصرء
وكذلك اعتمدت اعتمادًا كبيرا على كتب الأدبء التى أنارت السبيل لدراسة (1941.6)1 ,1 .عكة1 ,71 .آملا 5 .420210 ,1552 ,111 .701 : كلالقلصةق اذ (1) التكملة لكتاب الصلة (7) كتاب الصلة (4) صلة الصلة (0) بغية الملعمس فى تاريخ رجال الاأندلس )١( بغية الوعاة فى طبقات اللغوين والنحاة (8) الديياج المذهب فى معرفة أعيان علماء المذهب (9) السعادة الابدية فى التعريف بمشاهير الحضرة المراكشية )١١( الفهرست
١١
الحياة الثقافية والاجتماعية» وناهيك بكتاب قلائد العقيان» وكتاب المطمح للفتح ابن خخاقان» الذى كان معاصرا للمرابطين» وأرخ لأعلام الكتاب والشعراءء ووصف ألوانًا من الحياة الاجتماعية فى بلاد الأندلس. كما اعتمدت على كتب مخطوطة فى تاريخ الأدب» مثل كتاب المطرب من أشعار أهل المغرب لابن دحية(2» وكتاب خخريدة القصر وجريدة العصر للعماد الأصفهانى. الجزء الحادى غنشن كنا التست يذواوين الشغزاء:العاصدرين» مكل ديوان ابن هديس الصقلى» وديوان ابن خفاجة الاندلسى» وديوان الأعمى التطيلى» ورجعت إلى ماورد من شعر المعاصرين فى كتاب الذخيرة» وكتاب الحلة السيراء لابن الأبار وفى كتاب بغية الملتمس للضبى. وقد استرعت معركة الجهاد بالأنتدلس انتباه المعاصرين من الكتاب والشعراء» فسجلوها فى شعرهم وترسيلهم» ومدحوا المرابطين» ووصفوا الدور الرائع الذى اضطلعوا به فى تاريخ الجهاد». حتى نشأ حول معركة الزلاقة قة مايمكن أن نسميه أدب الزلاقة» ناهيك بما للشعر من أهمية وخطر فى تصوير الحياة الاجتماعية» وق حوى ديوان ابن خفاجة بوجه خناص معلومات تاريخية: واجتماعية عظيمة الأثر. .ومن أسفىن. أنى حاولت أن أقرأ ديوان ابن قزمان الذى حوى طائفة طيبة من الأزجال الأندلسية: باللغة الدارجة فلم أوفق.
كذلك اعتمدت على كتب الحسبةء كرسالة .ابن عبدون التنجيبى ”© الذى عاصر استيلاء المرابطين على أشبيلية» ويعد هذا الكتاب بحق مرجعا عظيم الفائدة :فى دراسة نظم الحكم والحياة الاجتماعية والاقتصادية فى ذلك العصرء كما استعنت بكتاب السقطى فى الحسبة أيضا 29
أما كتب النقؤد 29» وغيرها من المراجع المادية» فقد كشفت عما أحاط بقيام
)١( طبع هذا الكتاب أخيرا.
(") نشر بروفتسال هذه الرسالة وترجمها وعلق عليها: أناطعل نه عللأاء5 2 ككتاعجم عل ذ5معم ذع1 أء عدتةط010] عذلا 18[ كنا لعتء00 هلآ لمعمع601م- أباعل .]1 -33 5 .[ عتمدكدماع مناأء ممتاءنلممامز عمس ءع06ة عتاتطنام مسلط ور 'ل عاتهن 16 :عاعمزة 1 نك 4 منبج-1نر
(؟) نشر بروفنسال هذه الرسالة وترجمها وعلق عليها: -5ع0 موزأوقع 6201 13 أء للمتاهقه جنمه كعل ععمه1[اء/7زناة هآ كناك 1 ع0 عاو تهدمة11] أعناجهمم هلآ .لمعمعلامء ان متام عوط علاطوط غفمقدساناكد8 عمعدمو8ظ وء دعلناة (4١ أققم 1 5دا عل لعمه8/1 ... موأطدعة دعلعده384 عل معهاقاهت غدل .نظ 12 عل .مس8 دعتهممه84 دع )و0 ,2001 -عمة: .أدء 02 ععل عملهاف1
١
الدولة من غموضء إذ استعنا بها فى تحديد كثير من التواريخ الهامة» كوفاة أبى بكر بن عمرء وتولى يوسف بن تاشفين» كما استعنت بها فى دراسة نظم الحكمء حين عرضنا للألقابء. ولولاية العهد. كما استعنا بالنقود فى دراسة الحياة الاقتصادية فى البلادء إذ ليس من شك فى أن نقد الدولة مقياس لحالتها الاقتصادية» كلما كان سليمًا متمتعا باحترام الناس وثقتهمءدل ذلك على مقدار مانعمت به الدولة من استقرار وغنى» أما أمكنة ضرب النقودء فقد كشفت لتنا النقاب عن التقسيمات الإدارية» وكشفت عن مدى السلطة التى: تمتع بها أمراء المرابطين» وألقت ضوءا على ذلك النظام الإقطاعى الذى كان طابعا ممهزا للدولة المرابطية .
أما عن النقوش ”22 فقد استعنا بكتاب النقوش الأندلسية الذى وضعه بروفنسال» وقد استعنا ببعض .هذه النقوش فى تحقيق بعض التواريخ والأنساب. ولم نغفل جانب الفن» فقد اعتمدنا على أهم ماكتب فى تاريخ الفن الأندلسى المغربى فى عهد المرابطين» مثل كتب تراس ومارسيهء ولو أنئا لم نعرض لتاريخ الفن عرض المتخصص الملم بدقائقه: إنما ألممنا به إلمامة عابرة.
كذلك لم نغفل كتب الدين والفلسفة والفقه» فقد اعتمدنا على موطأ الإمام مالك فى دراسة تعاليم الفقيه عبدالله بن ياسين» ومحاولة التعرض لنظم الحكم التى وضعها المرابطون» وخصوصا مايتعلق بالشورى» وأحكام الجمزية والزكاة والخراج» والجهاد. والأمر بالمعروف. والنهى عن المتكرء ولم نغفل كتب الملل والنحلء مثل كتاب الملل والئحل للشهرستانى» وكتاب الفصل فى الأهواء والملل والنحل لابن حزم» وكتاب الفرق بين الفرق للبغداى» وكتساب إحياء علوم الدين للغزالىء وذلك للرد على ماقاله الموحدون فى حق المرابطين.
وقد استعنا فى هذه الناحية» بما كتبه المستشرق جولد تسهير فى كتابٍ العقيدة والشريعة» وفى مقدمته لكتاب محمد بن تومرتء المسمى بأعز مايطلب» خيث عرض لعقائد الموحدين عرضا طريفاء كما اعتمدنا على بعض المواد المتفرقة بدائرة المعارف الإسلامية .
ولم نغفل أمر الجغرافية فى دراسة البيئة» التى قامت فيها دولة المرابطين» ودراسة أثر هذه البيئة فى توجيه الحوادث فى ذلك العصر الذى نحن بصدد التأريخ
)١( عمعدموظ 'ل وعطدعة كوملأماءعده]1 :أدعمع معط 1١7
له. وقد اعتمدنا على ماكتبه الجغرافيون والرحالة المسلمون» مثل ابن حوقل9', والإدريسى 00 وابن جصبير 0" والدمشقى» وابن فضل الله العمرى 6 والحميرى”'؛ وابن بطوطة "©2. كما اعتمدنا على الرحالة المحدثين الذين جابوا إفريقية فى العصر الحاضرء ووصفوا بيئة المغرب وشعوبه وصفا دقيقًا وألموا بديار الطوارق: أحفاد صنهاجة. اعتمدنا مثلا على كتاب الرحالة دى فرييه حيث درس بيئة الطوارق» ووصف الحياة الاجتماعية وصفًا رائعاء وانتهى إلى أن الطوارق المحدثين لايكادون يختلفون عن أجدادهم فى كثير أو قليل. وفى الباب الأول عقدنا موارنة بين الطوارق المحدثين والصنهاجيين القدماء» واهتدينا إلى هذه الحقيقة» وهى أن التشابه بين الشعبين عظيم . أما المصادر التى تناولت الكلام على النظم الإسلامية» فقد اعتمدنا فيها على مقدمة ابن خلدون اعتمادًا كبيراء إذ ليس من شك فى أن ابن خلدون من أئمة العلماء» الذين عرضوا لهذه الناحية بالدراسة» قضى شطرا كبيرً من حياته فى المغرب» وكان يدرك روح مواطنيه إدراكًا صادقال فصور النظم السائدة فى تلك البلاد تصويرا رائعًاء حتى إن أحكامه عن بيئة المغرب جاءت صادقة كل الصدق» ولاسيما ما كتبه عن القبائل مؤسسة الدول» والبدو المستقرين» وإبراز أثر هذه النواحى القبلية فى الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. كما رجعنا لكتاب سراج الملوك للطرطوشىء وهو فقيه أندلسى عاش فى الإسكندرية» وعرض لنظم ولم نغفل ما كتبه المستشرقون عما يمت لهذه الدولة من سبب بعيد أو قريب » فقد استعنا بما كتبه دوزى 4 ويروفتسال 9 وجورج مارسيه ع ووليم )١( ال مالك والممالك 1 )١( المغرب وأرض السودان ومصر والأندلس () رحلة ابن جبير (4) نخبة الدهر فى عجائب البر والبحر (0) مسالك الأبصار )١( الروض المعطار فى خبر الأقطار 0) تحفة النظار فى غرائب الأمصار وعجائب الأسفار (4) وعطعععطعع8 أء عمودوكظ '0 :كن84 ععل .11150 (9) بعض المقالات 15تعمريع11 )١٠١( السكدك8 مخ نل أعبسدكة: وتدععدل8. 0
مرسيه”'2. وتراس 7" وجوليان ”". ورينيه باسيه 227 وألفريد بل ©. كما اعتمدنا على بعض المقالات الهامة الى كتبها أعلام المستشرقين فى الموسوعات والدوريات» مثل مجلة الأندلس» وموسوعة نهمسبريس » والمجلة الآسيوية الملكية. والمجلة الإفريقية ومجلة الوثائق المغربية» ودائرة المعارف الإسلامية 20.
وقد حاولت أن ألقى ضوءا على هذا العصر الغامضء. ولا أقول إنى بلغت من الإبداع الغاية» إنما يكفى أن أقرر أنى أسهمت بنصيب فى تحقيق تاريخ قيام هذه الدولة وكشف النقاب عن الدور الذى اضطلعت به فى تاريخ الحضارة. والله أسأل أن يوفقنا إلى مافيه السداد.
كشن أحمط محموط
0 عمعطنع8 دع وعطدعة دعا[ :كتععد51. )١( "1 عمعدكلا ل عازماكل]: عومدومع )0( 111155100 ندعء562 نلق )9( تاموع8 5ع[ 18/2 ):( رجعت إلى دائرة المعارف الإسلامية فيما كتب عن )5( مراكش - المتونة لمظة أغمات صنهاجة السيد قشبية جهاد أدرار عبدالله بن ياسين لثام السوس على بن يوسف . المرابطون رياط سنغال. - ١6ه
| بلاد المغرب بيئات ثلاث متباينة جغرافيا:
يطلق الجغرافيون والمؤرخون المسلمون على البلاد الممتدة من برقة غربا حتى المحيط الأطلسى أسم المغرب 417 وهو فى الحق اصطلاح جغرافى عامء يطلق على بلاد تضم بيئات جغرافية متباينة بعض الشىء » وقد كان الرومان حين أخضعوا هذه البلاد لسلطانهم يشعرون بهذا التنوع الجغرافى فكان جغرافيوهم يجعلون هذه البلاد أقسامًا ثلاثة: إفريقية» ونوميديا "» وموريتانها. ويبدو أن العرب قد شعروا بما شعر به الرومان من قبل» فلاحظوا أن بلاد المغرب تتألف من بيئات ثلاث» لكل واحدة منها طابعها الخاص الذى تتميز به» وتختلف كل من حيث الموقع » وظروف البيشة» والتوجيه الجغرافى» نعم اصطلح الجغرافيون العرب على أن يجعلوا من بلاد المغرب أقساما ثلاثة هى : إفريقية» والمغرب الأوسطء ثم المغرب الأقصىء وحدود إفريقية الغربية تطابق حدود إفريقية البيزنطية» على حين أن المغرب الأوسط يمتد من حدود إفريقية الغربية حتى مصب وادى ملوية ("©» ويمتد المغرب الأقصى من وادى ملوية حتى مدينة آسفى 29 على البحر المحيط .
هذه إذن هى بيئات المغرب: إفريقية» والمغرب الأوسطء والمغرب الأقصى. فكيف تم لهذه البيئة الأخيرة أن يتألق نجمهاء وترجح كفتهاء وتلعب فى تاريخ المغرب الإسلامى دور باررً ممتازا .
] ظهور شخصية المغرب الأقصى وأثرها فى تاريخه:
تدفق العرب من مصر متجهين صوب المغرب» فأوغلوا فى برقة» ثم فى طرابلس » ثم تدفقوا إلى إفريقية» وأسسوا مدينة القيروان» واستطاعوا بعد جهود متؤاصلةء من سنة 54 ه إلى سنة 8/ا هء أن يخضعوا هذه الولاية لسلطانهم»
)١( انظر ابن حوقل: المسالك. والبكرى: المغرب» والإدريسى وابن خلدون العبر : ج7 ص ٠٠٠١ وانظر اسماعيل رأفت : التبيان فى تخطيط البلدانء ص "١ ومابعدها. نال عناو كلق" .[ عل )1116 تمعتان1 ععلعمة 4 "2010 (؟) .6.م عع دورمن عل عجلهم عل دعانه1: عأناه[ مدل3 102 (") نهر ملوية آخر المغرب الأقصى من جهة الشرقء نهر عظيم منبعه من فوهة فى جبال قبيلة رازى؛ ويصب فى البحر الرومى عند غساسة؛. انظر ابن خلدون ج١1 ص ٠١7” () آسفى آخر مرسى تصل إليه المركب فى أقصى ساحل المغرب» وكانت تنزل به قبيلة رجراجة . انظر الإدريسى: صفة المغرب» ص 4ل.
194
فاستقامت أمورها لهم ''2. وأوغل نفوذهم فيهاء وأصبحت قاعدة حربية يتوسعون منها صوب المغرب لإتمام فتحهء وأصبحت القيروان قبلة سكان:المغرب كي يضربون إليها آباط الإبل» »؛ يطلبون العلم». ويشاركون فيما نعمت به إفريقية من يسر ورخخاء ”" . هكذا استطاعت إفريقية - بعيد الفتح - أن تلعب الدور الأول فى تاريخ المغرب» وكانت لها قوة التوجيهء وظهر تفوقها وامتيازها فى صورة جلية واضحة» بسبب مواردها المتعددة» وترائها الجم» وموانيها المشرفة على بحر الروم» وموقعها الجغرافى الممتازء وقربها من مصرء ووفرة تراثها الحضارى القديه”".
ثم استطاع العرب أن يتموا فتح المغرب» وأوغل عقبة بن نافع الفهرى فى البلادء حتى أشرف على ساحل المحيط» وهيا العرب للمغرب نوعا من الوحدة السياسية بزعامة القيروان» ولكن ما لبئت طبيعة البلاد أن ظهرت بوضوح وجلاء» وأخذت تهدد هذه الوحدة تهديدًا خطيراء وظهرت شخصية المغرب الأقصى ظهورا واضحا منذ البداية» حين تزعم حركة مقاومة الفاتحين العرب بزعامة كسيلة بن لمزم الأوربى» الذى أوقع بعقبة بن نافع» ولم ينجح العرب فى بسط تفوذهم على المغرب الأقصىء إلا بعد أن استطاع موسى بن نصير ببعد نظره أن يقرب أهل البلاد من الفاتحين» وأن يحببهم فى الإسلام.
ثم ظهرت أهمية المغرب الأقصى - بصورة أوضح حين بدأ المسلمون يعبرون بحر الزقاق ”؟» بقصد فتح الأندلس» فقد أصبح القاعدة الحربية لهذا الفتح» يمد الفاتحين بما يحتاجون إليه من مؤن وذخائرء ويؤمن ظهورهم» ويشد أزرهمء وأصبح بربر المغرب الأقصى من أشد جنود طارق. وموسى إخلاصا لفتح بلاد الأندلس ونشر الإسلام فيها 9©. لذلك لانكون مغالين إذا قلنا إن فتح الأندلس يرجع الفضل فيه إلى أهل المغرب الأقصى إلى حد بعيد» وإن هذا الفتح قد ساعد على تمكين الإسلام من نفوس البربر» فرسخت قواعد هذا الدين» (7) ابن عذارى : البيان المغرب» ج ١ ص ©6١7ء والإدريسى ص .١١١ (©) .350 .م ,تعتعوه كهاءه51 دمآ :عملانيه0
(؟) 205 06 ماعل ,تمساسمائلة0 ستوعع1 (0) 84 .م ,ع20ة11 نال ,11151 :عدمدمهء1 .11
قد ساعد على تمكين الإسلام من نفوس البربر» فرسخت قواعد هذا الدين» وبدءوا يخلصون له كل الإخلاص 29
وظهرت شخصية المغرب الأقصى مرة أخرى فى هذه الشورة» التى أشعل نارها ميسرة المطغرى بطنجة سنة 7ه (:1/ام)ء حينما خرج على عمرو بن عبدالله فقتله ثم بايع عبدالأعلى بن جريج أول الأمر. ثم دعا لنفسه بالخلافة 7) وهبثت قبائل المغرب الأقصى كلها تؤيده» وتشد أزرره» وكادت بلاد الأندلئس والمغرب الأقصى تنسلخ من الخلافة الإسلامية”". بل إن جموع الخوارج غزت إفريقية. وراحثت تهدد القيروان نفسهاء وقد وضعت هذه الثورة حدا لنفوذ العرب فى بلاد المغرب الأقصىء وبدأت منذ هذا التاريخ بوادر الحضارة الإسلامية فى المغرب تنتعش بعد أن أسلم البربر» وأخذوا م التراث العربىء يفهمونه ويحاولون أن يضيفوا إليه» أو يضفوا عليه لونًا مغر 1
ولم يرأب الصدعء رحن لح رفي لح بس م الأغالبة الذين أقروا السلام فى إفريقية وفى المغرب معًا 27. ولكن شخصية المغرب الأقصى وضحت وضوحًا تاماء وغدت لها قوة التوجيه فى مجريات الحوادث فى ظل دولة الأدارسةء التى قامت على أكتاف بربر المغرب الأقصى» الذين بايعوا إدريس بن عبدالله. وآووه ونصروه وشدوا أزره» وقد وحدل الأدارسة البلاد تحت لواء واحدء وهيئوا لها حكومة موحدة مستقرة» وأسسوا مدينة فاس» وجعلوها حاضرة للبلاد ”"»» كما قضوا على فتئة الخوارج» وأقروا السلام» ونشروا الإسلاءم0©, وهيئوا للبلاد حياة مستقرة هادثة» وأخذت مدينة فاس تنشر الشقافة الإسلامية بين البربر» وتهيئ لقيام حضارة مغربية إسلامية يشتد ساعدها فى القرن )١( ابن خلدون ج "١ ص ١١١ ش (1) المصدر السابق جا ص ١١١ (*) مع ملاحظة أن ثورة ميسرة لم يكن مبعثها الأسباب السياسية أو اضطهاد البربر فحسنب » بل كان من أهم أسبابها الدعوة لمذهب المخوارج ونجاح هذا المذهب فى المغرب. (:) .109 .م .عممة84 دل .11151 :عدمدسع1 .11 )2 ابن خلدون ١ ص”7١١.
.١5 ابن أبى زرع 2 روض القرطاس ص )١( . ١8ص 5 عبدالرحمن بن زيدان: الإنحاف. . ج 3#
"5
الخامس الهجرىء ولانكون مغالين إذا قلنا إن الأدراسة بدءوا فى هذا الميدان ما أتمه المرابطون والموحدون من بعدهم (2. ثم كانت نكبة إفريقية على يد عرب بتى هلال فى القرن الخامس الهجرى مؤكدة لظهور المغرب الأقصىء واضطلاعه بالدور الأول فى تاريخ الإسلام فى هذا الجزء الغربى من العالم '». هذه البيئة» أعنى بيئة المغرب الأقصى. هى التى تعنينا من دون بيئات المغرب» ففيها قامت دولة المرابطين» .التى نحن بصددا لتأريخ لقيامهاء ومنها تدفقت صوب الأندلس ففتحته.
“ل جغرافية المغرب الأقصى:
وإذا كانت دراسة البيئة الجغرافية لأى قطر من الأقطار ضرورية لفهم تاريخه» فإن دراسة جغرافية المغرب أشد ضرورة وأكثر لزوماء فى فترة العصور الوسطى على الخصوصء لأن البيئة الجغرافية تؤثر فى الحياة القبلية تأثيرا عظيماء والحياة القبلية هى عصب تاريخ المغرب الإسلامى» ذلك أن القبائل المغربية ظفرت بعد أن تم إسلامها بالمساواة المطلقة بالفاتحين» واستطاعت منذ القرن الثانى الهجرى فصاعدا أن تؤسس دولا لعبت فى تاريخ المغرب الإسلامى دور عظيماء فإذا لم نستعن بالجغرافية لم نستطع أن ندرس تنقلات القبائل» وتحركاتها فوق صفحة المغرب» إذ لابد مثلا من دراسة الطرق والمسالك التى سلكتهاء ودراسة البيئات التى تأثرت بها وأثرت فيهاء ولابد من التعرض للجغرافية الاجتماعية للبلاد فى العصر الذى نتصدى له بالدراسة» لتفهم النزاع الدائب بين سكان السهولء الذين يحنون إلى الاستقرارء ويكلفون بنزول المدن» ويأخذون ببعض أسباب الحضارة» وبين البدو الضاربين فى الصحارى والسهولء الذين ينتتجعون المراعى» ويربون الإبل والأغنام» ويغيرون إغارات منظمة على مناطق الخصب والاستقرارء بغية الظفر بخيراتها وثرواتها"» فالطمع فى الأراضى الخصبة المليئة بالخيرات» كان من )١١ .350.م (اك.مه) تناد
2( الإدريسى : صفة المغرب والودان» ص 2.1١٠١ و.375.م ,عناوككه'! عل .1150آ: مءزاسل [ففق 06 2010 نال ,عسوتتف'! عل ؛أئتط: معذاة
"١
أقوى الأسباب التى دفعت كثير! من القبائل إلى التوسع» والفتح» وبسط النفوذء وإقامة الدول.
وقد فطن بعض المؤرخين الغربيين» أمثال جوتييه ©. وجوليان '"', وتراس”" لهذه الحقائق» وأولوها من اهتمامهم نصيبا موفوراء» واستطاعوا بعد أن اصطنعوا هذا المنهج الجغرافى» أن يفسروا أحداث التاريخ فى المغرب تفسيرا معقولاء ناهيك بدراسة الموقع» وأثره فى تشكيل اللتاريخ لبيئة كبلاد المغرب الأقصى. يرتبط تاريخها بموقعها إلى حد كبيرء فقد اتصلت اتصالا مباشرا بقلب إفريقية» وبحوض البحر الأبيض المتوسطء والشرق الأدنى» كما اتصلت بيلاد الأندلس عبر المضيق» واتصلت بغرب إفريقية عن طريق الواحات ”".
لهذا كله»ء سأعمد إلى دراسة موقع المغرب الأقصىء وأثره فى تاريخه فى العصور الوسطىء» كما سأعرض فى إيجاز لمعالم الجغرافية الطبيعية» لتستطيع على ضوء الأسس التى سنقررها أن نفهم بعض الظواهر التاريخية» التى سنعرض لها بالدراسة فى البحث.
وأهم ما يلاحظ على إقليم ا مغرب الأقصىء أنه يمثل مايطلق عليه الجغرافيون اسم «منطقة أطراف» أى أنه النهاية القصوى لهذه الوحدة الجغرافية العامة المسماة بالمغرب» فلن تجد وراء هذا الإقليم إلا البحر المحيط» الذى كان يعتبر إذ ذاك - حاجزا منيعا. ويعتبر المغرب الأقصى أيضا منطقة عزلة» فالطرق الموصلة إليه لاتكاد تنجاوز ثلاثة عددا: أولها طريق بحرى عبر المضيق الذى يصله بالأندلس» ثم طريق برى آخسر طويل لايؤدى إلا إلى الجنوب الأقصى» كما يؤدى إلى صحراء السودان الغربى”2» وفى الجنوب تحيط به سلسلة جبال درن» التى تعد بحق حاجزا حسر كل التيارات الجنسية التى كان يجب أن تتدفق إلى هذا الإقليم
)١( ععطعدط ندل كعتعدطاه د5عاعع زه دعا : وعتانة0 )١( لووكلل نال عداوكةف نآ عل,ادنة1: معتلدد
(7) عمعدلا نال عكزماد11] :عدقدوء1'
(5) .,10.م,عمعدك! دل أذال] تعومة :11.12
(4) .10.م (كا.مه)تعدمودت]1'
وفنا
من جوف الصحراءء وتؤثر فى سكانه تأثيرا كبير ©2. وكان من أثر ذلك كلهء أن أصبح هذا الإقليم فى العصور الوسطى على الآقل آخخر آقاليم المغرب تأثرا بالهزات العنيفة'"". التى تجتاح إفريقية» وبالمؤثرات التى تندفق إلى إفريقية من الشرق» سواء أكانت بشرية أم حضارية. فالغزوات القادمة من الشرق تدخل هذا الإقليم بعد إنهاك قواهاء والحضارات تأتى إليه متأخرة نوعا ماء بعد أن تكون بلاد إفريقية والمغرب الأوسط قد تشبعت منها.
فلما غزا العرب بلاد المغرب» أصبحت هذه البلاد معقل المقاومة» وكانت الغزوات العربية الموجهة إليها منهكة القوى فعلا بعد طول السفر ومشقة الطريق» ولم يستطع العرب إخضاع هذه البلاد بقوة السيف فحسبء إنما أخضعت بعد أن هدى الله أهلها إلى الإسلامء فدخلوا فيه طواعية واختياراء فاستكانوا للعرب ودانوا لهم بالطاعة» وفى القرن الخامس الهجرى منيت إفريقية بغارات الأعراب فلم تصب بلاد المغرب الأقصى بمثل ما أصيبت به إفريقية من الدمار والخراب» بل إن عرب بنى هلال لم يدخلوا أرض المغرب الأقصى إلا حين استقدمهم الموحدون فيما بعد» فنجت هذه البلاد من هذه الكارئة بحكم موقعها المتطرف.
ومما يلفت النظر » أن نهضة المغرب الأقصى فى العصر الإسلامى جاءت تالية لنهضة إفريقية والمغرب الأوسط ”©. ولم يقدر للحضارة الإسلامية أن يتألق نجمها وتنفق سوقهاء إلا بعد أن أتى الهلاليون على تراث القيروان» فظهرت أهمية مدن المغرب الأقصى». كفاس وأغمات وسبتة وغيرهاء وقد مكنت هذه العزلة لبعض الحركات السياسية والدينية من أن تنموء وتشب عن الطوق» بعيدة عن أى تهديد حتى كتب لها النجاح؛ كحركة المرابطين التى تبلورت فى صحراء المغرب الأقصى» وكحركة ابن تومرت المهدىء التى تمت وترعرعت فى جبال درن» وديار المصامدة .
737 ص ١ عبدالرحمن بن زيدان : إتحاف أعلام الناسء ح )١( .7.م(ا.مه) :عومومع]1" )9( 1510. .7.م )9(
"3"
وقد لعبت هذه المقائق الجغرافية دور عظيما فى تاريخ غرب إفريقية والسودان الغربىء ذلك أن المؤثرات العربية الإسلامية التى جاءت مراكش كانت تصطدم بالبحر المحيط» ولا تستطيع إلا التسرب عبر هذا الساحل المنحدر نحو الجنوب» فتتدفق إلى غرب إفريقية» ومنطقة السنغال والنيجر 27. وعن هذا الطريق ار و م اي ا يت بين السودان الغريى والواحات المصرية معطلاء يسبب العواصف الرملية الهوجاءء التى اجتاحته زمن ابن حوقل صاحبٍ الرحلة المعروفة 9),.
وهناك حقيقة أخرى كانت بالغة الأثر فى تاريخ هذه البلاد فى العصور الوسطىء وهى أن إقليم الريف يكاد يتصل اتصالا مباشرا بشبه جزيرة أسبانيا عند مضيق جبل طارق» فأصبحت الصلات قوية بين مدن إقليم الريف ومدن الأندلس » وانتشرت المؤثرات الحضارية الأندلسية فى بلاد إقليم الساحل.» وغلبت عليها . وكانت أهمية هذا المضيق كبيرة» حتى لقد كان تاريخ المغرب الأقصى والأندلس يكاد يتمم بعضة بعضاء وأطلق المؤرخون عليهما بحق اسم العدوتين. فكانت كفة المغرب: الأقصىٍ لاتكاد ترجح حتى يبسط ظله على بلاد الأندلس» كما حدث فى عهد موسى بن نصيرء وعهد يوسف بن تاشفين مؤسس دولة المرابطين» حين عبرت قواته المضيق لإنقاذ بلاد الأندلس مما كانت توشك أن تتردى فيه» كما حدث مثل هذا فى عهد الموحدين» وفى كثير من الأحيان» كان يحدث العكس» حين تشتد شوكة أهن الأندلس» كما حدث فى عهد ازدهار الخلافة الأموية» زمن الناصر والمستنصرء حين غزت قواتها هذه البلاد وبسطت نفوذها هئاك.
هذا عن ساحل الريف» أما ساحل المحيط الاطلسى فهو لا يشجع على قيام موانى نااجحة بسبب رداءة خلجانه 49 وقدظل طوال العصور الوسطى يكاد )١( .2.10 راك .ه) زعوكوسك]1" (؟) ابن حوقل: المسالك والممالك .
() 17.م,عناو قف" عل 15ل[ :معناسآ1 '(5) انظر ابن أبى ررع: روض القرطاسء ص51 ومابعدهاء و.5.م.02556ه1
>32
يكون مغلقًا فى وجه الأساطيل» فكأن بلاد المغرب الأقصى كانت محمية الظهر من ناحية الغرب» وأصبح من الميسور على الدول التى قامت فيه التفرغ لمدافعة الحركات العدوانية القادمة من المغرب الأوسط . ويتصل المغرب الاأقصى بالمغرب الأوسط عن طريق تازا'""» ذلك الطريق الذى يعتبر بحق مفتاح البلادء إذا استطاع الغازى اجتيازه فى يسرء استطاع الاستيلاء على مدينة فاس دون عناء 20 ثم تدفق إلى قلب البلاد» ولكنه يمر بمنطقة رعوية ترتادها قبائل من البدو صعبة المراس 9 تتحكم فى هذا الطريق» وتهدد الصلة التى تربط القطرين تهديدا كبيرا.
أما من ناحية الجنوب» فإن جبال درن» التى تمتد من البحر المحيط. متجهة صوب الشرق حاجز طبيعى يمكن لقبائل المغرب الأقصىء إذا تآلفت واتحدتء. أن ترد عنها عدوان القبائل الضارية إلى الجنوب. أما إذا تفرقت كلمتهاء وضعة شأنها لم تستطع هذه الجبال أن تعصمها من الخطر .
أما عن طبيعة البلاد» وأتزها قن توحية تاريخها فى العصور الوسطى» فأهم ما نلاحظه.ء أنه قد ازدوجت فيها مؤثرات البحر الأبيض المتوسط»ء ومؤثرات إفريقية» تمثل ذلك فى كل شىء. في مناخها وحضارتها 2. ففى المنطقة الساحلية تسود المؤثرات الأوروبية» التى تقف عند حدود جبال الأطلس الصغرىء» على حين توغل المؤثرات الأفريقية فى الجنوب» متجاوزة جبال درن» ثم مخترقة الهضبة الواقعة بين سلسلتى جبال الأطلس» حتى تقف تقريبا عند سلسلة جبال الريف» فإذا استطاعت دولة أن تجمع بين هاتين المنطقتين» أصبحت من القوة بمكان عظيمء لأنها تجمع بين هذين المنبعين الحضاريين» فدولة الأدارسة مثلا. لم تستطع أن تتفوق تفوقا ساحقاء لأنها لم تبسط نفوذها إلا على المنطقة الأولى مستمدة
)2غ( موضع من أعمال بنى العافية» وهى مدينة كانت تفصل بن المغربين الأوسط والأقصى وتقع على مسيرة مائة كيلو متر إلى الشمال الشرقى من مدينة فاسء «دائرة المعارف الإسلامية مادة تازا) والبكرى : المغرب ص178.
(؟).7.م (زلاع.مم)نءوكمووء 1"
(7) .290.م (اتع.مه) نس ابد
(2) 10.مزغ.مم)نعموصةء 1"
(ه0) .16.م (أأع.مه): معتاسل
اح
التأييد من قبائل البربرء التى تأثرت بالحضارة الرومانية . فلما تدفق المرابطؤن من الجنوب» من المنطقة التى تسود فيها المؤثرات الإفريقية» واستولوا على المنطقة الشمالية ذات المؤثرات الحضارية الأندلسية» استطاعوا أن يقيموا صرح دولة قوية عزيزة الجانب جمعت هذه العناصر المختلفة .
أما الطرق والسهولء فإنها تمتد من الشرق إلى الخرب متوازية فتيسر للغزوات القادمة من الشرق أن تتسرب فى البلاد بسرعة كبيرة حتى المحيط» 0 الوادى الشهير المسمى بوادى سبوا ”©»» حتى إذا تم ذلك انتقضت القبائل من مضاربها فى الحبال أو الهضابء فدهمت الغزاة» فشتتت شملهمء أو على الأقل عرضتهم لخطر جسيم ”"؛ فأصبح من الصعب التوحيد بين المغرب الأقضى وغيره من بيئات المغربء ولو تمت الوحدة لما كتب لها أن تدوم. فالدولة الأموية لم تستطع أن تحتفظ بوحدة المغرب كله مدة طويلة؛ أما القبائل مؤسسة الدول الكبرى» فإنها ماتكاد تننجح فى توحيد البلاد». حتى 3 تستنزف المعارك التى تتخوضها دفاعا عن تراثهاء وإبقاء على كيانها دماء أبنائها فيدهمها الضعف والانحلال»: فتطل عوامل الفرقة فتقوض صرح الوحدة» وتأتى عليه |
أما الطرق المؤدية من الموانى الساحلية إلى الجهات الداخلية» فهى قليلة تعترضها عقبات كأداء “): فلا تستطيع أن تتم توحيد المغرب الأقصى إلا قوة.
تفوقةء عليها أن تحرس الطرق والمسالك الصعبةء وإلا انتقضت القبائل الحبلية
المستكينة»: ورفعت علم الشورةء لذلك اضطر المرابطون والموحدون من بعدهم إلى .إقامة سلسلة من الحصون للضيطرة على هذه الطرق» وكبح جماح القبائل المعادية 0
وتضم بلاد المغرب الأقصى فى الواقع أقاليم طبيعية مختلفة» فإقليم التل»
(17.1.م.1010
(1) هو النهر الذى تقع عليه مديئة فاس
(9) 3.م (ااع.مه) تمع نامد0 .14.م (اتع.ره): معتانك (4) .3.م (زأ.مه): معنان1
(ه) .4.مزااء.مم)نع35 ع1"
يف
الذى يشمل سفوح الجبال الشمالية والسهول الساحلية » تربته خصبة جداء تخترقه نهيرات تصب فى البحر الأبيض المتوسط ٠ وتقوم فيه زراعة ناجحة 2 فلا عجب إذا وجدنا هذا الإقليم فى العصور الوسطى تتألق حضارته» وتزداد ثروته» وتعم خيراته .
وقد كانت هذه البلاد» طوال العصور الوسطى» مطمح أنظار القبائل البدوية فما كادت قبائل زناتة ترحل عن المغرب الأوسظط» حتئ احتلت هذه البلاد» وبسطت ظلها عليها» ونعمت بما توافر لها من خخير عميم» وما كاد المرابطون ينفذون من الهضبة الوسطى» حتى استولوا على ذلك الإقليم الخصب» وسخروا موارده الوفيرة لصالحهم ٠ وأفادوا منها فائدة جمة.
خلاصة القول» أنه لايمكن أن تقوم حكومة مركزية ناجحة فى المغرب الأقصىء إلا إذا سيطرت على ذلك الإقليم الغنى ”. أما الإقليم الذى يقع فيما وراء الأطلس» فهو إقليم رعوى» أو شبه صحراوى تنتشر به المراعى» التى تكسو الهضاب المرتفعة» وبه طائفة من الواحات الغنية» كما تتتشر به القبائل وتجوس فيه متنقلة بِينَ رحلة الشتاء والصيف ”". فهو إقليم فقير فى موارده» سواء فى هضابه أو واحاته. لايستطيع أن يعول إلا عدد) محدوداء وبات من الضرورى أن تحاول هذه القبائل البدوية باستمرار أن تغير على مواطن الخصبء. وقد لعبت العلاقة بين المنطقة الرعوية» والمنطقة السهلية دورا عظيما فى تاريخ البلاد فى العصور الوسطى .
أما مرتفعات مراكش الشمالية» التى تحف بالبحر الأبيض المتوسط وإقليم الأطلس» الذى يفصل مراكش الخارجية عن مراكش الداخلية» فقد نزلت به قبائل من البربر»ء شديدة المراس» تمتاز بالروح الحربية العالية2» كانت طوال العصور الوسطئ فى طليعة القبائل» التى لاتفتأ تهدد البلاد بالفورات المتلاحقة. هذه
)١( . 12.«(ناء.ممه)نزعفهم]1' )١( .12.م (ائع.مه) تعمدوء1 (9) .12.م,10ط1 (13.)5.م0ئط1
"4
البيئات المتنوعة. السلهية والرعوية والجبلية» كانت ذات أثر فى حياة السكان الضاربين فيهاء وفى تاريخ هذه البلاد فى العصور الوؤسطى (©.
5 الحياة القبلية فى بلاد المغرب الأقصى:
تسود الهضاب الفسيحة ظاهرة اجتماعية اقتصادية معاء نعنى بها ظاهرة البداوة”" . ذلك أن سكان هله المناطق لايستطيعون الاعتماد على موارد الإقليم النازلين فيه» فيضطرون إلى النقلة» والترحال انتجاعا للكلأ» وطلبًا للعيش الميسور الذى يتوافر فى جهات أخرى أوفر ثراء» فإذا أقبل الصيف اشتد الجفاف.فى الجهات الهضبية أو شبه الصحراوية؛ وجف العشب, وقل الماء» فلا يجد السكان مفرا من شد الرحال صوب الشمال» حيث يتوافر المطرء ويطيب المرعى» وتتيسر الحياة "" . فإذا أقبل الخريف» وأوشكت الأمطار أن تندى بطاح الهضاب بالمطر المنبت للكلاء عادت جموع المهاجرين مرة أخرى إلى ديارها لقضاء فصل الشتاء؟. ويقضى السكان هكذا حياتهم بين رحلتى الشتاء والصيف.
هذه ظاهرة تحدث فى كل بيئة مشابهة وفى كل عصرهء ولكنها كانت أكثر انتشارا فى بيئة المغرب الأقصى فى العصور الوسطى " . إذ كانت القبائل المغربية كثيرة الترحال من الشرق إلى الغرب» أو من الغرب إلى الشرق» أو من الشمال إلى الجنوب» فلم تكن القيود الحالية المفروضة على سكان هذه البلاد معروفة إذ ذاك» كما أن وسائل الونتاج الزراعى والصناعى كانت محدودة» ليست كما هى عليه الآن من تقدم ورقى ثسبيًا. أمعنت القبائل الغربية فى طلب النقلة والارتحال» بعد أن شاع استخدام الإبل فى أواخمر العصر الرومانى» هذه الإبل التى أحدثت بحق ثورة فى حياة المغرب» كما أحدثت انقلابا فى الحياة الاجتماعية بعيد المدى» فقل قريت المسافيات البعيدة» :ول تعن متاطق الصبحران# وعبات الاسكيين صعية (01) .21.م (اق.مه) تمعناسده | (0) .39.م .2.5 21 لال رعترعطنه8 وه وعطدعة دع[ :5تدء2ة31 .0
() .42.م ,لتط]
(5) البكرى: المغرب ص .١568 (05) ,لاعصوة1' ,1939 ,كعممكة ,كتعمدع2 ,لمامعلاعمه معقطة عمتمائتط عمكودظ :ع1 اءعجمط0 دآ عل.آ
.54 .م
"5
العبور '2» لذلك لاندهش إذا وجدنا بعض القبائل فى العصر الذى نتصدى له بالدراسة الآن تتوغل فى نقلتهاء حتى تدرك نهرى السنغال والنيجرء فإن بطونا من قبيلة زناتة أوغلت فى قلب إفريقية» حتى أدركت هذه البلاد © .
وهناك فريق آخر من أهل البلادء» ينزلون فى السهول الساحلية المعتدلة المناخ الوفيرة المطر العامرة بالخصب والنئماء» يجنحون إلى الاستقرار والتعلق بالأرض» ويميلون إلى الهدوء؛ ويتوفرون على الإنتاج الصناعى والزراعى ”". وفى النيئات الجبلية التى تتوافر فيها الأمطارء وتصلح أرضها للزراعة تنزل طائفة من السكان تجنح أيضا إلى حياة الاستقرار والهدوءء وتعزف عن النقلة والترحال من وطن إلى وطن آخرء وقد كان هؤلاء القوم أشد سكان المغرب اتصالا بالحضارات القديمة» اتصلوا بالقرطاجنيين واللاتينيين» ويحضارات البحر الأبيض المتوسطء وهم الذين قاوموا بدو صنهاجة مؤسسى دولة المرابطين مقاومة عنيفة.
وقد اشتد الصراع بين هذين اللونين من الحياة» أو بين هذين الفريقين من السكان» فكانت القبائل البدوية لاتفتأ تغير على بلاد المستقرين» بقصد الاستيلاء على هذه الأرض الخصبة الوفيرة الإنتاج ”*» وكانت تنجح فى بعض الأحيان فى اجتياز الحواجز الطبيعية» والتطرق إلى السهول. وإخضاع أهلهاء وكان ذلك النزاع بعيد الأثر فى تاريخ المغرب الأقصى 22 فقد كانت القبائل المستقرة تتآلف وتتآزر أحيانا فى صد التيار المتدفق من الجنوب» وكانت تصاب بالفرقة فى بعض الأحيان» فتضعف فيتغلب عليها البدوء ويستولون على مابيدها من أرض طيبة خصبة» كما فعل بدو الملثمين.
فى هذا المجتمع الذى يشتد التناحر فيه بين السكان» وتكثر الهجرات» وتثور الفتن» وتنتشر الإغارات» لايتعلق السكان بالأآرض» على الصورة التى نجدها فى
(١)-ناوععل ذا :عق ه180 12 عل .طن) .47-48 .مم ,قطقعةخ عط 4ه لسمامععء11! عذ1: بإاممء .12 .لا .لاثناى 81.م ,أ .ععخ وع:ز1/10 ده عسوتكف! عل عام
(؟) 183 .م رقدعوط0 عاععاع5 وم1 : معتا دن (:1) .24ص,ع5 مك1" (ه) 16.م(.أأ.وم0)نمع لان
البيئات السهلية» ولا يدافع الناس عن وطن معين ينزلون فيهء بقدر مايدافعون عن الأسرة والعشيرة والقبيلة. أصبحت القبيلة محور الحياة فى المجتمع ”2. لا يستطيع الفرد أن يعيش فيه إلا منتميا إليها» تشد أزره وتحميه من شر عدوان المجتمعات الأخرى (": وبقدر ما يتآرر أفرادهاء ويتعاونون» ويطيعون زعيمها طاعة عمياء» وينتضون الست ذودا عنهاء ويجودون بأرواحهم دفاعا عن كيانهاء بقدر ماتصبح قادرة على البقاء ن ولو أنها وهنت» أو ضعفتء أو تقاعس أفرادها عن تلبية نداء الدم» تفرق شملهاء والتهمتها القبائل اللأخرى القوية.
وكما أن الفرد لا يستطيع أن يحيا منفردا عن القبيلة» كذلك القبيلة نفسها قد لاتقوى على مواجهة أعدائهاء فلابد من أن تنضوى تحت لواء حلف أكبر يضم القبائل ذات الأصل الواحدء التى تدعى الانتساب إلى جد مشترك» وقد تضطر القبائل إلى ذلك دفعًا لظروف اقتصادية أو حربية 9 فإذا عزت الحياة فى وطن ماء ووضحت الحاجة إلى الإغارة على إقليم أوفر إنتاجاء اضطرت القبائل إلى الدخول فى حلف للتازرء بقصد تحقيق ذلك الهدف المشترك» وقد تنمو القوة الحربية لقبيلة من القبائل» فتخضع القبائل الأخرى لنفوذها بحد السيف» وتحملها على الدخول فى طاعتهاء والسير فى ركابها لتحقيق الغرض المنشودء وقد تكتب السيادة لقبيلة بسبب دعوة دينية تنشرها بين القبائل الأخرىء فيتم التآزر المنشود”©»» كما حدث لقبائل الملثمين والمصامدة.
وقد تستعين هذه القبائل بالناحية السياسية لتحقيق أهدافهاء فتنتمى إلى خليفة» أو إلى أسرة عربية تشد أزرها 22 فقد أيدت أحلاف قبائل البتر الدعوة الأموية» كما أيدوا الفاتحين العرب من قبل. على حين أيدت صنهاجة دعوة العلويين» ثم دعوة الإسماعيلية فيما بعد. بهذه الوسائل يخرج الحلف المنشود إلى
)١( ابن خلدون : المقدمة ص ١1١ ر2خردعءطدجث دعا :وتدعكدةآلز )١( .32.مزاء.مم)نء دقوي 1
() 21-22.ممدء 1ن 253,40.م(اك.مم)تمع نانوك
(5) .20.م قعطدعة ذع.آ: 5لوءععدالا
(5) ابن خلدون: المقدمة ص ١6١:
)١( 20.م ,كعطوعة 5عآ: كتمععدال8
"١
حيز الوجودء ثم تخرج القبائل المتحالفة غازية أو مغيرة لتحقيق أهداف القوة السياسية المؤيدة لهاء فينتهى أمرها إذا أفلحت - بإقامة دولة» والتغلب على الأحلاف الأخرى» وإخضاعها لسلطانهاء وتؤلف القبائل المتتصرة غالبية الجيش» وتحستكر ثمار النصر وتحوز الارض» وتفرض الضرائب على الشعوب المغلوبة» وتؤلف حكومة مركزية» أعنى تعي تعيش القبيلة من الدولة وللدولة 29.
والدولة التى : توب د بعك شط 6 الامعروي ارون القبلية» فالغالبون لايفهمون إلا منطق القوة» يستغلون العناصر المسودة وينكلون بهم» ويظل هؤلاء يتحينون الفسرصة فإذا استنفدت الفتوح قوى القبائل الحليفة» وضعف شأنها هبت القبائل المسودة من مضاربها فقضت على الدولة القديمة» وأقامت على أنقاضها دولة جديدة 9©.
هذه الحقائق تتمثل فيما كتبه العلامة ابن خلدون فى مقدمته”"» وقد استقى ماوصل | إليسه من تتاي تج من واقع الحياة فى بلاد المغرب» وهو يرى أن الدولة قد تؤسسها قبيلة» ثم تشب الدولة» وتزدهر» ثم تشيخ إذا ضعفت القبيلة أو تفرق شملهاء ثم ع وتقوم دولة أخرى تؤسسها قبيلة أخرى» وهكذا دواليك.وهو يرى أن الدول كالأشخاصء تولدء ثم تشب عن الطوق» ثم تشيخ» ثم تفنى.9) وقد يحدث أن يتفرق شمل الحلف» وتضرب القبائل فى البلاد مهاجرة» ولكن هذه الهجرة لاتفصم رابطة الدم أبدا 27» وتظل هذه القبائل قنريبة رغم تباعدهاء تحمس إحساسًا قويًا بالأصل المشترك» وقد يجتمع شملها مرة أخرى» فتتقارب» وتتحد من جديدء فتغدو أوفرء وأشد قدرة على مواصلة الكفاح.
)02 ابن خلدون : المقدمة» ص ١807/١855 .
(؟) .25-26.مم(ناك.مه):عدوموس]1"
(") ابن خلدون : المقدمةء الصفحات : 21١55 158 155 ١ه مهلء نكتل لاأككء محك الال 5ل/اا.
(5) ابن خلدون : المقدمة ص .١١1١
(6) .32.م(.أك .مه): عوكوموعة]1'
يض
ه شهوب البتر والبرائس:
وكان الرومان والبيزنطيون من بعدهم لايهتمون على مانعلم بهذا النظام القبلى السائد فى بلاد المغرب اهتماما كبيرا )»2 إنما كانوا يطلقون على أهل البلاد اسم (أتقطتة2)"78 لأنهم لم يهتموا بهذه القبائل كثيراء لأن نفوذهم لم يجاوز الساحل» ولم يوغل إلى الداخل» إلا فى نطاق محدودء كما أنهم لم يفهموا المجتمع على أساس قبلى» إذ كانوا يقسمونه تقسيما جغرافياء أما العرب فما كاد يتم لهم فتح المغرب» حتى فهموا الحياة فيه فهما صادقاء فهى لاتكاد تختلف عن الحياة التى كانوا يألفونها فى شبه الجزيرة» كما أنهم جاوزوا النطاق الساحلى» وأوغلوا فى الداخل» وخالطوا القبائل» وحرروهاء بعد أن اعتنقت الإسلام» وظفرت بالمساواة .
وقد رأوا البربر طائفتين عظيمتين» أطلقوا على إحداها اسم البترء وعلى الأخرى اسم البرانس» وأرجعوهما لجد مشترك. وذلك يشبه إلى حد كبير قسمة الشعب العربى إلى عدنان وقحطان 7"©» وقد نقل ابن خلدون هذه النظرية فى أنساب البربر عن نسابة العرب» أمثال أيوب بن زيدء ويوسف الوراق» وابن حزمء وقد التزم هذا التقسيم الكتاب العرب المتقدمون. أمثال ابن عبدالحكم ؟ وصاحب رياض النفوس ”2 ومعالم الإيمان فى طبقات فقهاء القيروان »2 وكثيرون غيرهم» ولكن ابن خلدون فصل ذلك تفصيلا عظيماء فإنه أفرد لتاريخ البربر الجزء السادس من تاريخه» وأفاض فى ذكر أنسابهم» وأنساب قبيلة زناتة» وفى ذلك يقول: «أما شعوب هذا الجيل» وبطونهم» فإن علماء النسب متفقون على أنهم يجمعهم جذمان عظيمان» وهما برنس ومادغيس» ويلقب مادغيس بالأبتر» فلذلك يقال لشعوبه البترء ويقال لشعوب برنس البرانس» وهما معا ابنا برء وبين
0 23.ماعء.مه): معناياة )١(
.191- 1١59 ص 21١ نال وإسماعل رآفت التبيان فى تخطيط البلدان» ج 162. )02. ©11.(2.2 )١(
(") من الغريب أن هذا التقسيم إلى بتروبرانس ما تزال آثاره موجودة حتى اليوم» ففى بعض قرى البربر ينقسم السكان إلى مجموعتين تحسان أنهما مختلفتان. . انظر .338.م ,آثة/ا عط 01 ,ع[ممعم ع1 :لل1*0
(4) ابن عبدالحكم: فتوح مصر والمغرب. ص .7١
)2 المالكى :1 رياض النفوس » ص وك
)5ن( الدباغ : معالم الإيمان ج ١ ص .٠١
يف
النسابين خلاف» هل هما لأب واحد؟ فذكر ابن حزم عن أيوب بن أبى زيد أنهما لاب واحدء على ماحدثه عنه يوسف الوراق. قال سالم بن سليم المطماطى» وطاهر بن سرور الكومى؛ وكهلان بن أبى لواء وهم نسابة البربر أن البرانس من نسل مازيغ بن كنعان» والبتر بنو بر بن قيس بن عيلان» وربما نقل ذلك عن أيوب ابن أبى زيدء إلا أن رواية ابن حزم أصح لأنه أوثق» 7" .
لكن على أى أساس قسم النسابون البربير: هذين القسمينء وميزوا بين طائفتين مختلفتين؟؟ هل لاحظوا اختلافا بين الفرعين فى الحياة الاجتماعية مثلا؟ الواقع أنا إذا أمعنا النظرء وجدنا أن أغلب قبائل البثر بدوية» ولكنا نهد بعض قبائل زناتة بعد أن انتقلت إلى المغرب الأقصى مثلاء قد استقرت وامتهنت الزراعة» وسكنت المدن» ونعمت با ينعم به المستقرون» أما البرانس فقد كانت بعض قبائلهم مستقرة فعلاء مثل صنهاجة الشمال» التى كانت تنزل فى سهول الجزائر» وكذلك كتامة» ولكنا نجد فى الوقت نفسه بعض قبائل البرانس عريقة فى البداوة» مثل قبائل الملشمين» التى تضرب فى بوادى المغرب ... إذن لايمكن أن تكون الناحية الاجتماعية أساس هذا التقسيم ”©. ألا يكون الأساس ثقافيّاء مثلا تأثرت بعض القبائل ببعض مظاهر الحضارة اللاتينية» وبقيت بعضها بمعزل عنها؟ فقد ذكر صاحب الأعلاق النفيسة «أن اليرانس اجات عمارة وزرع وضرع”"221 قبا كك هوه أن البرين النازلن فى «التشهرل» قد نائروا .نا لتغيارة الروفاتية علق حين بقيت عوالم جمة من البربر بعيدة عن هذه التأثيرات» لكن يخيل إلينا أن العرب لم يضعوا هذه الاعبارات علي تنوم نين مرا البرير هذا التقسيم» وخخصوصا بعد أن أسلموا ومعوا نا دوي وبين ماضيهم القديم.
وقد لاحظ رد (2000 7 الذى أرخ للطوارق فى العصر الحاضرء أن هذا التقسيم باق إلى اليوم» وأن فى القرية عنصرين متباغضين أبداء أولئك بتر 0 او اغلدرن : العبرج عن 144 مفاخر البربر ص 55. (؟) .19-214.مم ,زاك .ره): عنأيية0 (*) ابن رستة : الأعلاق النفيسة ص 506» والبيان المغربء» ج 7 ص08 ؛ وزهر الآس ص 5؛ وجذوة
الاقتباس صه ؛ وابن حلدون صل ١ ٠. (4) 338 .م لثهلا عط 6ه عاممعط : 1000
5
وهؤلاء برانس» وقد علل ذلك بأن الخلافات لابد أن تكون جنسيةء والواقم الخلاف بين الطائفتين عميق الجذور إلى درجة بعيدة» فقد شكل تاريخ ل العصور الوسطى» وأثر فى مجراه» وكانت العداوة 1 شديدة طوال العصور رماي الجر اولسار جعلت كل طائفة تقف للأخرى بالمرصاد تريد أن
تنتقم منهاء وتتريص بها الدوائر لتنتقم منهاء قلين سينا أ يكرة الفسمان يقلن موجتين بشريتين مختلفتين» واحدة تمثل أهل البلاد الأصليين» والأخرى تمثل الوافدين الجدد الذين اغتصبوا من أهل البلاد بلادهم. وخصوصا إذا لاحظنا أن أغلب المؤرخين يقولون إن صنهاجة البرنسية تنسب إلى العرب» إلى حمير.
ومن ناحية أخرى نرى ابن خلدون يطلق على البتر اسم أولاد مادغيس» ويذكر أن الطائفتين تتتسبان إلى مازيغ بن كنعان © وقد لاحظ رد (2049 ”") أن كلمة مازم تتألف من ثلاثة حروف جامدة : م- ز-غء وأن هذه الحروف الثلاثة تنتشر انتشارا عجيبًا فى لغات البربر كلهم حتى بين الطوارق» مما يدل على أن الخلاف بين البرانس» وبين أولاد مادغيس خلاف لغوى محض» وخصوصا أن الإدريسى يذكر أن «قبائل العرب (صنهاجة) نزلت على قبائل البربر» فنقلوهم إلى ألستتهم بطول المجاورة 229 .
ويخيل إلى أن الاختلاف بين هاتين الطائفتين اختلاف جنسى ولغوى معاء كل كتلة تكون أمة قائمة بذاتهاء تحس برغم تفوقها وانتشارها برابطة الدم والقرابة» أما الخلافات الاجتماعية فهى اعتبارية» إذ من الممكن أن يستقر البدو ويتبدى المستقرون.
ومهما يكن من أمر هذا التقسيم» » فإنه أكثر دلالة على أحوال البلاد» وأكثر اتفاقا مع طبيعة نظام أهلها الاجتماعى» وأن التزامه ينير لنا السبيل» لتفهم تاريخ البرير فى القرون الوسطى 4» وفى هذه الفترة التى سنعرض لها بالدراسة على
(؟) ,339.م ((نأك .مه):18000
زلف الإدريسى : أرض المغرب ص /67. (5) .21.م (اأء.مه): عكدرع 1
الخصوص . ذلك أن النزاع بين البرانس والبتر شكل تاريخ الإسلام فى المغرب» وأثر فيه تأثيرا بعيد المدى» بل امتد أثره إلى الأندلس» واحتدم النزاع بعد سقوط الخلافة الأموية بين زناتة وبين صنهاجة. مما هدد الوحدة الإسلامية بالخنطر الجسيه'"". أما فى بلاد المغرب» فقد وضح ذلك الخلاف بعيد الفتح العربى» فقد حالفت زناتة البترية الفاتحين منذ البداية» وحمل البرانس عبء المقاومة» فلما تم إخضاع البربر لسظان الخلافة الإسلامية» حالف البتر بنى أمية دي ووالى الصنهاجيون البرنسيون العلويين» وتعصبوا لهم» وأيدوا إدريس بن عبدالله» حين لجأ إلى المغرب الأقصى . فلما استتب الأمر للفاطميين كان البرانس من كتامة وصنهاجة من أشد جنودهم إخلاصاء ولذلك أمعنوا فى الفتك بالزناتيين واضطهادهم؛ فاضطروا إلى الاعتصام بالخلافة مرة أخرى 2 وأصبح الصراع فى المغرب الأقصى بين الأمويين والفاطميين ثم الزيريين» فى الواقع» مجرد نزاع بين زناتة وصنهاجة. أو بين البتر والبرانس» وكان بلكين بن زيرى أمير صنهاجة يقول: «لا أمان عندى لبربرى ركب فرسا أو نتج خيلا أبدا حيثما سلك من البلاد2». وكان الكره لزناتة من بين الأسباب التى جعلت صنهاجة الجنوب مؤسسة دولة المرابطين" تخف إلى التدفق صوب المغرب الأقصى للنيل من ذلك العدو الم لتقليدى .
[ قبائل البترومضاربهم:
وطائفة البتر من البربر تتألف من قبائل» أهمها زناتة» وزواغةء وزواوة» ونفزة ولواتة» ومزاتة ونفوسة» ومغيلة» ومطماطة» ومطغرة» ومديونة» وصديئة» ولكل قبيلة بطون وأفخاذ لاتحصى » وهم ينزلون بهذه السلسلة من امتدادا متصلا من طرابلس إلى تازا ؟©. كما ينتشرون فى أقاليم النخيل الممتدة من
.1١7؟94 ابن عذارى: البيان المغرب ج 7 ص )١( . (؟) مفاخر البربر فى القرون الوسطى » صء .48 المرجع السابق ص )*(
(195.)5.م (نأك .ره) نمع تاناهد
١
غدامس إلى السوس ١ الأقصى. ويكونون غالبية سكان القرى الصحراوية» كما توجد بطون من البتر فى إقليم التلل قرب طرابلس» وفى قلب سهول إفريقية» وجبال أوراس ”"» وتنزل قسبيلة نفوسة بجبل نفوسة جنوب طرابلس» وتنزل مطماطة فى إقليم الجريد .
أما زناتة فتنزل عشائرها وبطونها إقليم المغرب الأوسط. حتى لقد أطلق على هذا الإقليم اسم أرض زناتة» وينتشرون فى إقليم الصحراء جنوب تونس» وكذلك سفوح الأوراس والهضاب العلياء ونطاق الإستبس والراعى» وقد أصبحوا بحكم هذه الأوطان التى تزلوا فيها من أهم قبائل البدو فى المغرب» وأكثرها نقلة وترحالا9”, وأهم قبائل البتر التى كان لها شأن عظيم فى تاريخ المغرب فى العصور الوسطى قبيلة زناتة »2 التى كانت تمتاز بالروح الحربية العالية» والتفوق فى القتال؟» وكان رجالها دائمًا من أشجع فرسان البربر» وقد لعبوا فى تاريخ الأندلس زمن المنصور بن أبى عامر دور عظيماء إذ استقدم إلى الأندلس أعدادًا غفيرة منهم» قامت بدور هام فى حركة الجهاد المقدس.”)
ل المصامدة:
ومن أهم الأحلاف القبلية الأخرىء الضاربة فى المغرب الأقصى» حلف مصمودة» وقبائله وفيرة العددء تحتل قبائله المناطق الجبلية من المغرب الأقصى وتحتل بعض بطونها سهول الساحل الأطلسى» وكانت قببيلة غمارة تنزل بإقليم المضايق» كما كانت برغواطة تضرب مابين بور جرج وأم ربيع )»2 وكانت بعض بطون من مصمودة تحتل إقليم أطلس الكبرى» وأطلس الصغرى ". والمصامدة
2613 ععمهة مده]] لمامعللعءء0 معقطة نال ععتماكتط عمكل عمكتبوى8 زعا اعمه 1930 125. )١(
(0) درعل1
[فرفق الإدريسى : أرض المغرب» ص خق..
(184.)5.م (نأك .مه) ,مع نامهد
(6) .23.م(نأك .مم)نعدمودء]"
(5) ابن خلدون : : العبر ج " ص 0١
(00 مقاخخر البربر ص 76
)0 وادى أم ربيع نهر بالمغرب الأقصى يصب فى البحر اللحيط» وعليه قرية يقال لها أم ربيع ٠. انظر الإدريسى ص ٠١ لا4- الا.
يذنا
زراع مستقرونء ينزلون بالمدن والقرىء ويلتصقون بالأرض» لم يشاهدوا مهاجرين طوال العصور الوسظىء تحملوا عبء هجرات القبائل الأخرى فى شجاعة وثبات7١2» ودافعوا عن الأرض التى يحتلونها شبر شبراً» وقد ظلت مصمودة حتى القرن الثالث الههجرى صاحبة الكلمة الأولى فى المغرب الأقصى» حتى أخحذت زناتة تفر من المغرب الأوسطء وتغير على مابيدهم من أرض جيدة» وقد ظلت فى صراع معها حتى أغارت قبائل صنهاجة أهل اللثام على ديارهم» وأخضعوهم لسلطانهم 22 ولكن المصامدة يؤلفون كتلة بشرية مستقلة لها ظروفها ومقوماتهاء
ولاتمت لصنهاجة بسببءم من قرابة أ
م قبائل البرائنس وموخغاريبهم:
أما الفرع الآخر من فروع شجرة النسب البربرية فهم الببرانس» الذين ينتشرون فوق صفحة المغرب من إفريقية حتى المغرب الأقصى» وتوغلت بعض قبائلهم فى غرب إفريقية حتى تدرك منحنى نهر النيجر»ء وهم يمتازون بالقوة والبأس وهم كما قال ابن خلدون: «من أوفر قبائتل البربر»ء وهم أكثر أهل المغرب لهذا العهد» وما بعده» ولايكاد قطر من أقطاره يخلو من بطن من بطونهم» فى جبل أو بسيطء حتى لقد زعم كثير من الناس أنهم الثلثان من البربر» وكان لهم فى الحروب ذكرء وفى الخروج على الأمر شأن 129.
نزلت هذه القبائل فى النواحى الشمالية» والسفوح الجحبلية الصالحة للزراعة» كما كانت تضرب فى النواحى الخصبة المحيطة بجبال أوراس» وفى الجهات الجنوبية والوسطى من إقليم الجزائر» وأوغلوا فى مراكش., ونزلوا بالجزء الشرقى من جبال أطلس الكبرى ©©2» بل تجاوزوا ذلك النطاق الجبلى فاحتلوا ساحل المحيط الأطلسى» حتى مصب نهر السنغال» ومنحنى النيجرء وجاست بعض قبائلهم فى صحراء المغرب القريبة من مراكش . () .23.م راك .مه) : عوكدء 1" 0 .54.م ,36 ,1930 بوتعوممعل؟ : عالعمفك ذا عط 1.5 2.م ناك .مه) : عومورء1
(4) ابن خلدون : العبر ج 5 ص ؟6١. (ه) .2.282 (.أأع.مم): ععناناون
84
إذن فالغالبية العظمى من هذا الفرع العظيم تنزل فى المناطق السهلية» التى تحف بساحل البحرء وفى المناطق الجبلية الممتدة عبر المغرب» هذه المناطق التى تتوافر أمطارهاء وتجود تربتهاء ويصبح من الميسور زراعتها "2» فكانت بحكم انتشارها هذا أقرب القبائل من مناطق الحضارة الرومانية اغترفت من متهلهاء وتأثرت بما نشره الرومان من حضارة زاهرة» وحالفتهم ووقفت إلى جانبهم زمن الفقح» وناضلت العرب نضالا مرا 2 . وأهم قبائل البرانس» أزداجة وأوربة» وعجيسة» وكتامة» وصنهاجةء وأوريغة» ولمطة وهسكورة» وكزولة””. وكانت الزعامة زمن الفتح لقبيلة أوربة 9» ثم آلت إلى صنهاجة الشمال مؤسسة دولة بنى زيرى» ثم إلى صنهاجة الجنوب مؤمسة دولة المرابطين. ظ
ولم تكن صنهاجة فى الواقع مجرد قبيلة» بل كانت شعبًا عظيما 2 يتألف من قبائل قيل أنها بلغت السبعين عددًا ”2» وانتشرت فوق صففحة المغرب انتشار بعيد المدى ©» حتى كتبت الغلبة لشعوب أخرى لعلها شعوب البتر» فأغارت على مواطنها وقسمت الكتلة الصنهاجية قسمين: قسم شرقى فى إفريقية والمغرب الأوسطء وقسم غربى فى المغرب الأقصى. كانت بطون صنهاجة فى الواقع تنتشر بإقليم الجزائر» فى مابين المسيلة » وتترى» وميلة» وكانت تسيطر على ذلك الطريق الموصل بين مرطانية السطيفية 29» ومرطانية القيصرية "© . كما كانت بعض بطون أخرى '''2 تضرب فى منطقة الأطلس الوسطى من تازا إلى إقليم بنى
© ابن رستة: الأعلاق النقيسة ص 08" و .354.م:2ءتاناة )١(
() ابن خخلدون : العبر ج 5" ص .١٠١8
(”) ابن خعلدون : العبر جا ص 48.
(5) ابن أبى زرع : روض القرطاس ص الا.
(5) المصدر السابق ص 7876
() ابن خلدون؛ جا ص167ء دائرة المعارف الإسلامية (مادة صنهاجة) ,5ء7ء2ء8 5عنآ : [عصتنه8آ 1ع ).52011.04
() مدينة بالمغرب الأوسط على الطريق إلى تنسء (الإدريسى) ص 484.
(8) 334,335.مم ,1 3211]16) مدينة ميلة بكسر الميم من مدن المغرب الأقصى على أربع مراحل من الشرقي. من قلعة بنى حمادء وبينها وبين قسنطينة ميل واحد انظر ياقوت : البلدان ج ص97١١ . (9) قسم من أقسام 11312818ا/2 فى العهد الرومانى. 14210518013 51116306 )٠١( قسم من أقسام 812111108018 فى العهد الرومانى» 18/210511 5100116006
)١١( 335.م كك .ره) نع نادسه0
اخن
هلال 227 وتحتل منحدات الأطلس الكبرى الجنوبية وتوغل عوا ار الواقعة على أطراف الصحراء ”" وتوغل فى المغرب الأقصى فى إقليم الريف”2 حتى طننجة 29 كما كان بعضها ” ينزل حول آرمورة 09) «كانت بلادهم فى القبلة"؟ مسيرة سبعة أشهر طولاء ومسيرة أربعة أشهر عرضاء من نول للمطة فى أقصى المغرب» إلى قبلة إفريقية» وقبلة القيروان من بلاد إفريقية ).
ومن الغريب أن تنتسب هذه القبائل المغربية إلى العرب 9 ولا نستطيع: أن نعلل ذلك إلا بأنها أرادت بعد أن تم إسلامهاء أن تكون على قدم المساواة مع القبائل العربية» حتى تستطيع المشاركة فى الحياة السياسية الجديدة التى أظلت المغرب بمجىء العسرب» فاصطنعت لنفسها أنسابا عربية. ويرى جويتييه 7 فى انتساب صنهاجة حي لاس "ارات قد ريدت على لخر فى اعبار القديمة» على اعتبار أن الحميريين هم فينيقو البحر الأحمر» وأن بعض اللهجات الفينيقية ظلت باقية' فى البلاد إبان العصر الرومانى» فليس ببعيد أن تكون القبائل البرنسية قد خضعت لؤثرات فينيقية قديمة ظلت ذكراها مائلة لدى النسابين» فربطوا بين صنهاجة وبين الحميريين» وقد أقره فورنل '''2» ودى لاشابل''' وجوتييه على هذا الرأى» بل إن جوتييه يرى أن التأثيرات الفينيقية قد هيأت المغرب لاستقبال
العرب» عن طريق بثها المؤثرات السامية فى البلاد ”"2. إذا صح هذا الرأى تكون
)١( 23.م زاك .م16212556:)0" (؟) معل1 إفرف مفاخر البربر ص 11. (5) مشيخة القاضى عياض ورقة 4 اب. (6) البيان المغرب ج 7 ص .4٠ () ثلاث ضمات متواليات وتشديد الميم والواو ساكنة وراء مهملة مدينة بالمغرب الأقصى ابن عذارى: البيان المغرب جا صلا16 . )0 23.م:عدقو م1 (8) ابن أبى ررع: روض القرطاس ص هلا. () الحلل الموشية ص 197 جامع تواريخ فاس ص 77؛ روض القرطاس ص ©90!؛ الذخيرة فى مسحاسن أهل الجزيرة (مخطوط بغداد قسم ؟ ص ”9١٠)؛ المطرب لابن دحية ورقة 159» الخريدة ج١١ ص 2750 الدمشقى ص/7 27 مفاخر البربر ص .»6١ السعادة الأبدية ج""اص8خم ابن خلدون جا“ص 44 لاة . ر.م0) أعتتتناهآ1 6 لاله (١٠).116-119.م (زأك .رم)نمء أانهن (١١).36,38.ص,70[.1 .قعرعطنع8 دع.نآ اعصصنه1 )١1( 49.1930.م,1ة,1' روأتمءموعط1نع1اعمدط0) عنزء12 (17) .122.م (نأك .مرم)ئعة ناد 46
صنهاجة قد خضعت مؤثرات سامية فينيقية ولأخرى رومانية "2 هيأتها لتلعب ذلك الدور الزاهر الذى اضطلعت به فى تاريخ البلاد.
وقد تهيأ للقبائل الصنهاجية بحكم سعة انتشارها أن تتنوع حياتها الاجتماعية» فقد كانت بعض القبائل تحيا حياة الاستقرار على النحو الذى عرضنا له؛ كما كانت بعض القبائل الجبلية الأخرى تنتقل عادة نقلة الشتاء والصيف طلبًا للمرعى» وكانت بعض البطون الأخرى تحيا حياة بدوية عزيقة فى صحراء المفريي 5
ومن الغريب أنه رغم تفرق شعب صنهاجة على هذه الصورةء ظلت رابطة الدم والثقافة المشتركة تؤلف بين أشتاتهء وتجعله يتحد عند وقوع الخطر لدفعه» وقد كنع صدياجة نفل هذه الفضازة الى :اعابت فنها يعض الكى 6 يفش هذا التنوع فى الحياة الاجتماعية» وهذه الرابطة الأسرية الوثيقة من أن تكتب لنفسها فى المغرب تاريخًا مجيدا «فشرف صنهاجة أصيل ومجدهم أثيل» ورياستهم قديمة 42 أسست صنهاجة الجيل الأول دولة بنى زيرى» وأسست صنهاجة الجيل الثانى دولة المرابطين.
9 قبائل الملثمين مؤسسو دولة المرابيطين:
أما القبائل التى تستحق أن نوليها نصيبًا كبيرا من عنايتناء فهى تلك التى أطلق عليها المؤرخون اسم قبائل الملثمين» لاتخاذها اللثام شعارا يميزها عن سائر قبائل المغرب» فإنها فى الواقع صاحبة اليد الطولى على الدولة المرابطية» بل يرجع إليها الفضل فى نشر لواء الإسلام فى ربوع إفريقية» والسودان الغربى» لأنها ظلت بعد أن تم إسلامها قرونا طويلة تجاهد قبائل السودان» وتحملها على الإسلام حملا. حتى توجت جهودها بالنجاح» ولاتزال آثارها باقية حتى اليوم.
نعم استطاعت هذه القبائل بعد أن تم تحالفها أن ترفع لواء مذهب مالك فى أقاصى الصحراء وأن تخرج عن ديارها مجاهدة عاملة على إحياء الإسلام» ونشر لوائه» فتم لها ما أرادت من سؤددء وتأسست دولة المرابطين التى انبسط ظلها من 3340م هط 0
(؟) 22.م راك .مم)نءوموس1
١
منحنى النيجر فى الجنوب حتى البحر الأبيض فى الشمالء» بل جاوزته إلى الأندلس» على النحو الذى سنفصله فيما بعد. فمن حقها علينا أن نطيل الكلام عنها بعض الشىء» وأن نعرف بهاء تمهيدا لتوضيح ذلك الدور الرائع الذى اضطلعت به فى تاريخ البشرية.
هذه القبائل وفيرة العددء قيل أنها تجاوز السبعين عدداء وقد ذكر المؤرخون أن من اهمها قنبئلة للطلة 0017 .وترطة 97 وسرئة 0 وجزولة 0 ولمتونة فك وجدالة «ى وسمطة 0 وارزكاغت لم وكاكدم 1 ئّ وتندغ(١١ ئّ ومسوفة ترك وانتصر "7 وه در سرك ا" رقا ملق وواشان للك" 7" و30 ومناسة, ودكالة” "ل 00000 ولكن أهم هذه القبائل جميعها لمنونة» ثم جدالة» ثم مسوفة'"". وقد كانت الرياسة فى قبائل الملشمين على العموم للمتونة» التى كانت تنازع جدالة هذه الزعامة باستمرار 7" حتى كتب
)١( الدمشقى: نلخبة الدهر فئ عجائب البر والبحر ص "”؟» ابن الأثير جاص66؟ الحلل الموشيةص7ء ابن خلدون جا“ص١21/8ك2 213.م عدكهمرة1' (؟) ابن حوقل : المسالك صلالىء .0.196 (.أك .زه) :عدقهجره1" (”) ابن خخلدون : العبر ج"اص7؟157١. (5) الدمشقى ص779-778. )6( الدمشقى صة”؟7؛ وابن الأثير جاص ه550١ : (6©9 ابن خلدون -_ كص 1م1 ؟ وجامع تواريخ فاس ص77 ؟ الحلل الموشية ص7 (0) ابن حوقل ص8/!!؛الإدريسى ص/ا5- 09. (4) الدمشقى صنل/ا 7 7784 . زلف المرجع السايق » نفس الصفحات. )١٠١١( .447 .م أععوعدة5 تنا 11155108 :أعدمة8 .1 )١١( النويرى : نهاية الأرب» ج177اص",7١ ابن حوقل ص8/ ابن خلدون ج اص١١١. )١١( البكرى : المغرب ص .١8١0 )١19( ابن خخلدون ج "ص181 . )١45( نفس المرجع والصفحة. )220 الإدريسى صلاه 6942 [فطفق نفس المرجع والصفحة. )١0( البيدق: كتاب أخبار المهدى ص/7 ٠١ ؛ الدمشقى ص78 - 179., ابن المؤقت: السعادة الأبدية ص58" . )١14( دائرة المعارف الإسلامية : مادة لمطة (0110© .6.5) 1 )١9( الدمشقى ص1*"؟؛ .1011622.376ل,.7 طزة لإقق 6 ناممع8 و5ع.آ:اع8 -لسمصر8 1 .(«ذامء).60.متدكطخائل5:11252111ع؟لإ0 ودائرة المعارف الإسلامية : مادة لمتونة. )٠١( الحلل الموشية ص5 . )1١( ابن خلدون جا“ص١181. (0؟) الدمشقى ص7786. (7) الحلل الموشية ص" . يت
لها الظفر آخر الأمرء كما كانت الرياسة فى لمتونة معقودة لبنى ورتنطق» الذين أنجبوا ذلك الزعيم المغربى الكبير يوسف بن تاشفين (©.
وقد حاول جوتييه”' أن يشكك فى انتساب هذه القبائل كلها إلى الفرع الصنهاجى الأكنبر» بحجة اختلاف البيئة» والحياة الاجتماعية. فقد تساءل عن الرابطة التى تربط بين هذه القبائل المستقرة المتحضرة النازلة بإقليم الجزائر» وبين هذه القبائل الملثمة التى تضرب فى الصحراء» والواقع أنه مامن مؤرخ معاصر لهذه المراجع ”" التى تعرضت لهذا الأمر تكاد تؤكد هذا النسبء» وتعترف به حقيقة مؤكدة لاشية فيها ولاريب.
بل إن مرجعًا ماديا معاصرً ينهض لتأييد مانذهب إليهء فقد ذكر بروفتسال فى مجموعة النقورش الأندلسية شاههد قبر لأميرة مرابطية من سئة 5847 . هذا نصه رحمها الله ©» بل إن شاعرا معاصرا مثل ابن خفاجه الأندلسى. مدح الأمير أبا يحيى بن إبراهيم» وأبا بكر بن الحاج» وأبا إسحق بن أمير المسلمين وتعرض لانتسابهم لصنهاجة والعرب. 09
كما أن أميرا زيريا هو عبدالله بن بلكين أمير غرناطة يقول فى مذكراته التى نشرها ليفى بروفتسال فى مجلة الأندلس» حين علم بقدوم يوسف بن تاشفين إلى الأندلس «وظننا أن إقباله إلى الأندلس منة من الله عظمت لدينا لاسيما خاصة من أجل القرابة9» . زدلق ابن خلدون 00 ص١81١ 0 (؟) .214.م عمتانة© 2 روض القرطاس ص ولا؟ أبو المفنا ص2314875 ابن خلدون جاص 2167 الحلل الموشية صق جذوة الاقتياس ص ؟74, السيوطى المغربى ص> و0.203 ع7255,ع1' (5) .31.م.24 .0م عمعدروتك وعطدعم وممتامكعدم1 :ممع معط لأوت ل[ 8آ )0( ابن خحفاجة ص -. ؟' مص *“لم 84 قال *
ّْ تنميهم الدنيا إلى صنهاجة والدين ينميهم إلي الأنصار
شادت يد العلياء فى عرصاتهم أعلى منار فى أعز ديار (؟) .338.م,1935] ,معموط,-اولا دنااهلمف-اذ
1
عبدالله بن بلكين تحضه على لقاء يوسف بن تاشفين «اخرج لتحيى عمك يوسف)0"؟.
كما أن جوتييه نفسه قد ذكر أن المرابطين لما غزوا تلمسان كانت أميرة من صنهاجة إفريقية تزور المدينةءفلما خافت على نفسها تقدمت للفاتحين» ونوهت بالقرابة القائمة بين الفرعين» فرذوها إلى بلدها مكرمة ©» ولعل مما يؤيد هذا الرأى ماذكره بعض المؤرخين المحدثين 7(" من أن هذه القبائل كانت تضرب فى شمال إفريقية فى بوادى المغرب وسهوله شأنها شأن أخواتها من قبائل صنهاجة. ولكنها أخذت منذ القرن الثالث المييلادى تهجر مواطنها متجهة صوب المغرب» ثم ماليثت أن انحدرت نحو اللحنوب» ويخيل إلينا أن السبب فى ذلك يرجع كما بين من قبل إلى أن استخدام الوبل فى العصر الرومانى» قد أدى إلى هذه النتيجة » فإن قبائل البتر كانت سباقة إلى استخدامهاء فأخذت تدفع قبائل صنهاجة أمامها دفعاء فصمد بعضهاء وفر البعض الآخر إلى المغرب الأقصى 2 ثم استخدموا الإبل بدورهمء وبدأوا يرتادون الصحراء ويستقرون فى بعضص جهاتها منل وقت بعيد » وكانت .هذه القبائل فى الواقع تدفع إلى الصحراء موجة فى إثر موجةء لاتكاد الموجة الأولى تستقر فى وطنها الجديد» حتى تغادره نحو الجنوب ليحل محلها فوج آخر 0ن وهكذا دواليك.
وقد أذكت الغزوات العربية تيار الهجرة» ففرت بعض القبائل الصنهاجية أمام الفاتحين إلى المغرب الأقصى» فلما أوغل الفاتحون فى هذه البلاد فرت بعض القبائل الصنهاجية إلى الصحراء 00 حتى أن موسى بن نصير لا أوغل فى بلاد السوس فى طلب البربر» وجد فريقًا من صنهاجة يحتل أطراف المصحراء جنوب جبال درن 0 )١( .لع«مء ودرط! .[76 ومع مهلزة0 (؟) .6,0.377ممة0) (”) 49.م معمدع11 ,ء[اءمقط0) 13 1,10 21.م ء2355ع1' وكذلك بعض المؤرخين القدماءء انظر الحلل ا موشية ص/ا- الادريسى لاه ابن خلدون جاص 187 5 (189-185.)5.م(ناتء .ره) عتاينة0 (ه) .49.م ,.1ة.],1930 ولععمكه11رء1اءمقطعةا عا
)١( .57.م ,عااعمقط 15 عدا () ابن عذارى : البيان المغرب جاص/7.
ءءء
وقد كانت ديار قبائل السودان تتخطى منحنى النيجر موغلة نحو الشمال» وكانت تقف حجر عثرة أمام هجرة هذه القبائل الضنهاجية» فلما انتشر الإسلام فى ديار صنهاجة. أخحذت تعمل على نشره بين قبائل السودان 29 واتخذت هجرتها نحو الجنوب طابع الجهاد المقدس» فأخذت تدفع السود نحو الجنوب 7 دفعًا حتى تم لها إدراك منحنى النيجر فى هجرتها.
وقد بلغت هذه الحركات الذروة فى القرن الخامس الهجرى» وسترى كيف أنه بعد أن تم توحيد هذه القبائل تحت لواء عبدالله بن ياسين» أخذت تتدفق إلى الشمال مرة أخرىء مساهمة فى تأسيس الدولة الجديدة» وأخلت ديارها لتحتلها بعض القبائل الزناتية المغلوبة على أمرهاء مثل قبيلة مغراوة» بل إن الطوارق - أحفاد صنهاجة مازالوا حتى اليوم يعتقدون أنهم انحدروا إلى ديارهم من الشمال9© .
ودراسة توزيع هذه القبائل» وتحديد مواطنهاء أمر لابد منهء إذا أردنا أن نضع أسسًا صالحة لفهم تحركات هذه القبائتل صوب الشمال» إبان تأسيسها لدولة المرابطين» ثم غزوها لبلاد المغرب» ثم الأندلس» واعتمادنا فى هذه الدراسة على البكرى الذى وصف مضارب تلك القبائل فى القرن الخامس الهجرىء قبل أن تتدفق صوب الشمالء» ذلك التدفق الشامل المعروف» والودريسى الذى ألم بتلك البلاد بعيد سقوط دولة المرابطين» وتفرق شمل هذه القبائل القوية » وعودتها إلى حياتها القديمة من البداوة» والتجول فى الصحراءء أما ماكتبه الرحالة والمؤرخون المتأخحرون فاعتمادنا عليهم ليس كبيرا .
وأهم مانلاحظه فى هذا التوزيع» أن المؤرخين يحددون لهذه القبائل وطنًا عاما يمتد من غدامس ”© جنوب طرابلس إلى المحيط الأطلسى» فى المناطق المساغرارية انق تان لجلة مال المفووقة بجيال دوق كما لف هذا الوطن العام من جبال درن فى الشمال» حتى مصب نهر السنغال 2 بل يمتد إلى منحنى
)١( لاأناه 317.م ,سهاذا 61 عمتطعوعةم ع :010ممم
(5) ,49.م عاأعمقطء نم2
.364 .م اندنا عط أه عاوممعم :10500
2 بَضِم أوله أو بفتحه مديئة بالمغرب» ثم فى جنوببه ضاربة فى بلاد السودان بإقليم الواحات» ياقوت البلدان ج ١ الا
(5) الحلل الموشية ص27 جامع تواريخ فاس ص7؟» روض القرطاس ص6/ء ابن خلدون جاص .٠١١
16
النيجر أو يجاوزه بقليل» بل تتخطى مضاربهم هذا النهر إلى الشرق بمراحل عديدة» فتصل إلى تادمكة "2 فى قلب الصحراء الكبرى ©2.
هذا هو الوطن العام أو المجال الحيوى الذى تجوس فيه قبائل الملثمين طليقة من كل قيد. أما الأوطان الخاصة فإن لكل قبيلة مضاربها المعلومة» ومجالها الذى تجوس فيه» فقبيلة لطة وأجزولة. تحتل المنطقة الممتدة من جبال درن» حتى وادنول 9" القريبة من المحيط الأطلسى *2» على حنين تنتشر ترغة فى وادى درعة” » وقد تمتد مضاربها غربا فتجاوز مضارب هاتين القبيلتين. ويبدو أن هذه القبائكل جميعها تتصل ديارها إلى مدينة سجلماسة» والمناطق القريبة منها 7©.
أما قبيلة لمتونة أهم هذه القبائل وأقواهاء فهى تمتد من منطقة تلى منطقة للمطة وجزولة» وتمتد من وادى نون على المحيط الأطلسى»ء حتى رأس بوجادور الخالية» وإلى الشرق من وادى نون تقع مدينة أركى ”"' على مسيرة مسبعة أيام من وادى نون» وهى حصن لتونة 4 ومعقلهاء ويبدو أن هذه القبيلة» توغل فى الصحراء شرقاء حتى تدرك الطريق الموصل بين غانة»ء وسجلماسة 9 حتى لقد قيل إن ديارهم تتد مسيرة شهرين طولا وعرضاء ولكنها لم توغل على ساحل المحيط حتى أصبحت على مقربة من غانة» بدليل أن الإدريسى يذكر أن تكرور من بلاد لمتونة. مع أن تكرور هذه فى وادى النيجر ('2 فى الجنوب.
مهما يكن من شىء» فإن هذه القبيلة كانت تحتل موقعا ممتازاء فقد سيطرت على ذلك الطريق التجارى الهام» الذى يسير بحذاء البحر المحيط» كما كان طريق )١( مدينة يصحراء المغرب على مسيرة خمسين يوما من غانة إلى الشرق - البكرى 1١81١ )222 البكرى :0 المغرب ص 28181١ الدمشقى : نخب الدهر ص 778 8 (9) مديئة نول آخر مدن الإسلام» وهى أول صحراء المغرب وتهرها يسمى وادى نول يصب فى اليحر المحيط البكرى 157. (4) البكرى: المغرب ص4١١ء دائرة المعارف الإسلامية» مادة سوس 190 [قع207685م 190.م ©5 (5) .196.م عكقهمع) -.24.م ,351 ,1930 .ممع11 نء[اعمدطب 19 ع2 )١( ابن حوقل : المسالك والممالك ص"97١. 7و2 البكرى : المغرب ص1١ك1كلء الإأدريسى صلاة. 4ه دائرة المعارف الإسلامية مادة (سوس). (4) البكرى : المغرب ص54١.
)5( الإدريسى : أرض المغرب ص”7. )١٠١( .19.م متطقبة عطا كه لمداءوعء1ظ! ع1 :بإء01ه).
5
غانة سجلماسة قاب قوسين من ديارهاء فليس بغريب أن تكتب لها السيادة على هذه القبائل جميعها. وفرة فى المال ووفرة فى العدد وموقع ممتاز 29.
وإلى الجنوب من مضارب لتونة» تمتد صحراء تيسرء أو أرواد» فتصاقب رمالها البحر المحيطء ثم تمتد نحو الجنوب ”"©. وتضرب قبيلة جدالة القوية جنوب ذلك النطاق» حتى مصب نهر السنغال» متخذة مديئنة أوليل مركزا لهاء حيث يكثر الملح الذى تحمله القوافل إلى الشمال والجنوب (©. وهذه القبيلة أوفر مالا وأكثر ايسقراراء. فين من ناحية قوية من غانة وشعن :صيقانة. الواسعة على القيقة اليسرى من منحنى النيجر» وقريبة من أودغشت» وطريق سجلماسة.» لذلك استطاعت أن تسير متاجرها عبر هذا الطريق» وأن تجنى من وراء ذلك مالا وفيرا؟, كما يذكر المؤرخون أنها أقرب قبائل الملثمين من بلاد السودان '* . أما قبيلة مسوفة فتمتد مضاربها فى منطقة قاحلة مجدبة» تقع بين سجلماسة فى الشمال وأودغشت فى الجنوب» وكانت بعض بطونها توغل شرقا حتى تصل إلى تادمكة» وكوكو ”"', وكانت هذه القبيلة تسيطر على ذلك الطريق الحيوى للتجارة السودانية حتى رمن ابن بطوطة ”©. كما أن ابن حوقل وهو يسبق ابن بطوطة بعدة قرون وجد هذه القبائل فى مقاريها عتللة» تسيطر على التجتارة المارة بن اووععيف :فى اطدوت» وسجلماسة فى الشمال©©.
من ذلك يتبين كيف أن هذه القبائل الثلاث» قد سيطرت على هذه المساحات الشاسعة من الصحراء» وكيف تحكمت فى طرق التجارة العالمية. فكثر مالهاء وازداد جاههاء ونعمت بحياة ليست جافية ولا غليظة.
وهنالك ناحية أخرى يجدر بنا أن نتعرض لدراستهاء ونعنى بها دراسة الشخصية الجماعية لهذه القبائل » :ودراسة صفاتها ومميزاتهاء التى أهلتها للظهور فى
)١( .مرعل1
(؟) البكرى : المغرب ص ؟1لا١ .0.19 لإعم000)
5) .25.م بولإع601 0
(5) .25 .م.1010
(5) البكرى : المغرب ص 797 .
.)787 الدمشقى ص78 - 774 ساحل البحر فى منطقة السنغال (البكرى ص 218١ البكرى ص )١( .25١ ابن بطوطه جة ا ص شلال )/
(8) ابن حوقل : المسالك ص78
0ع
ميدان الصراع القبلى فى المغرب الأقصى» ودراسة الخياة الاجتماعية الداخلية لهذه القبائل الهامة» حتى نستعين بهذه الدراسة على تفهم ماغمض من أحداث تاريخ المرابطين. والمؤرخون القدماء لم يعرضوا لهذه الناحية بالتفصيل» وإن كانوا قد عرضوا لها فقد فعلوا ذلك فى شىء كثير من الإيجازء لذلك سنعمد إلى الاستعانة بما كتبه المحدثون عن شعوب اللشمين فى العصر الحاضر» أو من يطلق عليهم اسم الطوارق.
قد يقال ما هى الصلة التى تربط بين الملثمين فى العصور الوسطى والطوارق فى العصر الحاضر؟؟ لكن يرد على ذلك بالقول بأن الروابط بينهما كثيرة ومتعددة» منها أن الطوارق فى العصر الحاضر لايزالون يحتلون نفس البقاعء» التى كانت تحتلها شعوب الملثمين فى العصور الوسطى» فهم يحتلون المناطق الممتدة من الطرف الشرقى لصحراء المغرب عند فزان 29 حتى منطقة المحيط الاطلسى فى غرب إفريقية ”'©. وهذه البيئة بيئة عزلة تمحكن لهذه القبائل الضاربة فى فيافى الصحراء أن تعيش مستقلة» بعيدة عن أية مؤثرات قد تغير من الحياة التى ألفها أجدادهم فى العصور الوسطى» فقد ظلت الصحراء الكبرى على الأقل فى معزل عن التيارات الأجنبية الوافدة على المغرب فى العصور الحديئة» فالنفوذ التركى لم يجاوز المناطق الساحلية» ولا تمكن الفرنسيون من بسط نفوذهم فى المغرب» بدءوا يوغلون فى الصحراءء» ويسجلون ما يشاهدون.ء ويعنون بهذه القبائل الملثمة الضاربة فيهاء وقد استطاعوا بعد دراسة هذه البيئة الخاصة أن يثبتوا أن الملثمين فى العصر الحاضر لايختلفون كثيرا عنهم فى العصور الوسطى. حتى إن بعض أسماء القبائل ظلت كما هى دون أن تتغير» ومازال الأحفاد يحسون بصلتهم بالأجداد.
وهنالك ناحية أخرى تسند الرأى القائل بالصلة بين الملشمين القدماءء والملشمين المحدثين» وهى أن اسم الطوارق الذى خلع على الملثمين فى الوقت الحاضر مشتق من ترغة:» وترغة كما قلنا قبيلة من قبائل الملثمين فى العصور الوسطى» كانت تضرب فى المنطقة الواقعة فى وادى درعة فى المغرب الأقصى. فلما تفرق حلف المرابطين بعد سقوط دولتهم» تشتت شمل القبائل وأخذت
م4١ فزان يفتح أوله وتشذيد ثانية وآخره نون ولاية واسعة بين الفيوم وطرايلس المغرب . ياقوت : البلذان ج؟ ص )١( (؟) .8.مراتة؟ عطا 1ه عأمعمم :ل0ل0ئآ1
م4
تضرب فى الصحراء بحثًا عن وطن تأوى إليه» كما أن دولة الزنوج فى الجنوب قد توسعت صوب الشمالء وأخضعت هؤلاء البربر لسلطانهاء فهاجرت قبيلة ترغة صوب الشرق» وظلت باقية حتى اليوم» وقد عم هذا الاسم حتى أصبح عاما على شعوب الملثسين كلهمء لأن القبائل فى المغرب كما نعلم كانت تتداول السلطة والنفوذء فإذا تمت السيادة لقبيلة فرضت سلطانها وأخضعت القبائل الأخرى» فقد سادت لمتونة وأسست دولة المرابطين» فلما سقطت الدولة ضعفت لمتونة وسادتها قبائل أخرى من مجموعة الملثمين» وخلفتها فى زعامة صنهاجة الجنوب قبيلة ترغة» فأخضعت القبائل لصولتهاء وخلعت اسمها على الشعب كله.ء فأصبح يعرف باسم الطوارق» لذلك نستطيع إلى حدما أن نستعين ببعض ماكتبه الرحالة المحدثون عن الطوارق» أمثال دى فرييه 9©, وبارت 29 ورود © . على أن نعقد مقارنة بين مارواه القدماءء وما وصفه المحدثونء علنا نوفق إلى إعطاء صورة صادقة لهذه القبائل موّسسة دولة المرابطين .
وأهم مايتميز به رجال هذه القبائل ارتداء لثام يستر الوجه كلهء فلاتبدو إلا محاجر العينين ©» فسميت القبائل قبائل الملثمين» وانفردوا بهذا دون سائر قبائل البربر»ء حتى غدا ذلك الاسم علما عليهم » ولم يشر القدماء إلى هذا التلثم» إنما المؤرخون العربء أو الفاتحون العرب» هم الذين خلعوا عليهم ذلك الاسم لأول مرة 29 ومن الغريب أن اللثام مازال الطوارق يستعملونه حتى. اليوم", والواقع أن بدو الصحراء فى شبه جزيرة العرب يتلثمون لاتقاء ا حر والبرد ودفع الغبار» الذى تثيره العراصف الرملية» التى تثور فى الصحراء ©. ولكن اللثام عند قبائل صنهّاجة الجنوب» اتخذ طابعًا غريبًا فريداء فهم يرتدون اللقام بالليل وبالنهار”'» فى أثناء الراحة أو العمل. بل ينامون وهم متنقبونء ويأكلون وهم
11. نال 10113565 وعآ :رع 1رلء/اناط 2010. )١(
(؟) 1849-1855 ذمقعئز عطا ما كعتماة لمتاوعء لصة لطاكمه دأ وعافع تمعؤذلل لقة ذاع عا تطامد8 21 () .آقه؟ا عط 04 عاممعم:1:.15.1000
(؟) البكرى : المغرب ص ١/١ . 1
(5) البكرى : المغرب ص ١17١ ؤابن خلدون ص 184 ودائرة المعارف الإسلامية مادة (لثام) .22328 7707.801
)١( .286 .م رلأءا عط 04 عأومعم :000 :290 .م 2050 نل قمع 32نا10' 5ع.آ :كم 1الزء انانآ.11
(0) .298.م مااع ناا
(4) الدمشقى : نخب الدهر ص777؛ النويرى ج 777 ص4١ ؛ابن الأثير ج اص ١15؛ أبو الفدا جاص 184 . (9) ابن الأثير جة ص7520.
4
متلشمون “2 » ولايعرف الرجل الرجل إذا أماط اللثام عن وجهه «بل إن إبداء الوجه كإبداء العورة فى التأنف والحياء "). لايعرف الشيخ من الشاب © ولايعرف الرجل الرجل إلا إذا انتقب. وإذا قتل منهم رجل فى معركة وزال قناعه لم يعرف من هو إلا إذا وضع القناع على وجهه.. «صار القناع ألزم من جلودهم» وهم يسمون من خالف زيهم هذا فى جميع الناس (أفواه الذبان) بلفظهم ©“ وهى عادة توارثها الأبناء عن الآباء 29. لم يتحولوا عنها حتى فى العصر الحاضر”2. فإن أحدهم قد زار باريس فلم يشأ أن يخلغ نقابه» وقد أشار النويرى”" إلى مثل ذلك فقال: ١كان لى صديق فى دمشق فأتيت يوما إلى زيارته فدخلت إليه وقد غسل عمامتهء وسراويله مشدودة على رأسه. وقد تلثم بخلخاله» ولم يزل الطوارق المحدثون على هذه الحال» فقد ذكر رود أن الرجل منهم «إذا أراد أن يربط لثامه» اخمتفى عن الأنظارء حتى عن أهله؛ ويعد لبس اللثام فى نظرهم مفخرة يتمدحون به» كما يتمدح العربى بسيفه» لايعتبر الفرد مكتمل الرجولة إلا إذا ارتدى لثامهء لذلك تحتفل الأسر عند بلوغ الأولاد مسن الرشد بارتداء اللشام ويقيمون احتفالا كبيرا»ء هو نذير باستكمال الفرد لحقوقه المدنية» واعتباره عضوا عاملا فى المجتمع الملثم ""2.
وقد ذهب المؤرخون والرحالة مذاهب شتى فى تفسير هذه العادة الغريبة الفريدة» فقالوا إنها كانت خدعة» يتنقب الرجال فى وقت المحرب» حتى يظن العدو أنهم النساءء فإذا أدبر انقضوا عليه فأفنوه ('©2. ويقول آخرون أن لذلك أمنبابا صحية لاتقاء الغبار والى 2١ ولكن لاذا لايخلع عند الأكلء ولاذا (؟) الدمشقى ص777. (9) ابن الأثير ج وص 37١ . (5) البكرى: المغرب ص 17٠ . (6) الإدريسى : أرض المغرب ص794؛ ابن خلكان ج ١ ض77/7.
الالى .0 .م 16 لاع انان[ (0) النويرى ج77١ ص7/4١ 288.١ )8( .م اع عط) كه عاومعم:1000 (9) .289 .م ل151 )٠١( الحلل الموشية ص78» الئويرى جاص 17/4» ابن الأثير جة ص١72. (1) دائرة المعارف الإسلامية (مادة لثام) ممقضط!ءه[8
ث6
تنتقب النساء ولماذا ينامون به» وقال البعض أنه نوع من السحر» أو أنه قد اتخذ صفة العقيدة» أو أن له أسبابا سياسية © . وليس من شك فى أن اللثام قد اتخذ أول الأمر لاتقاء منغصات جو الصحراءء توارثه الأبئاء عن الآباء» فأصبح بمضى الزمن عادة متغلغلة فى النفس» سمت إلى مرتبة العقيدة.
واللثام فى العصر الحاضر قطعة من قماش مصبوغ» يصنع فى السودان» ويحمل إلى ديار الطوارق ”2 ويبدو أنه كان هنالك نوعان من اللثم» نوع يسمى «الريط» لونه أخضرء وآخر يسمى «السامرى؟ لونه قرمزى '". وكان الرجال يلبسون إلى جانب ذلك المقندرات من الصوف ”)2 والعمائم ذوات الذوائبي”*؟.
والطوارق فى العصر الجحاضر صنفقان» صنئف يرتدى اله السوداءء وهؤلاء غالبا من النيلاء»ء وصنف يرتدون اللقم البيضاءء وهؤلاء من العبيد» ولعل هذا يفسر ماذكره المؤرخون من أن المرابطين كان شعارهم السواد» وأن المعمتصم بن صمادح أراد أن يتقرب من المرابطين» فارتدى زيهم الأسوف 9؟2. وهذا موضوع سئناقشه بالتفصيل عندما تبحث نظم الحكم ونتناول الشعارات والبنود.
وتما يؤيد ما قيل من أن النبلاء كانوا يتخذون لثاما مغايرً للثام العبيد» أن ابن عبدون © صاحب رسالة الحسبة قد اشترط ألا يلتثم إلا صنهاجى» أو لمتوني» أو لمطى «فإن الحشم والعبيد ومن لايجب أن يتلثم يتلثمون على الناس ويهيبونهم ويأتون ألوانًا من الفجور كثيرة») يسيب اللثام » وأوصى بألا يتلثم الحشمء والعبيد حتى لايحسبهم الناس نبلاء فيخدعون»» وقال (إن عبيد المرابطين إذا تلثموا وجب أن يكون ذلك بتحلامة يعرفون بها مثل أن يتلثموا بخمار أو بمنزر» .
ومن أغرب ماتمتاز به هذه القبائل» أن مكانة المرأة فى المجتمع مكانة رفيعة» )١( دائرة المعارف الإسلامية (مادة لثام) مسهقدعاره[8 (9) .286 .مآك؟ عط أه عاممعم :1000 () ابن دحية : المطرب ورقة '"لاب» ديوان ابن خفاجة ص 485 480.
(5) الإدريسى : أرض المغرب ص7”4, مقندرات -065 818 )مزل 105526 ع.آ هذه دعدتميعطء (.أم)
:م002 .1866,364 عل6زه1 ,ءزعمع عل اه ز2هل عدم عوتاطنام ,أقعقلء كدم ,عمع دموعة"1 عل وملامامعد .410.ص,ااروعطقكة عمتقمهمتاءذل عدتلة أمعمرع أممتاد
(5) عبدالرحمن بن زيدان: الإتحاف جداص78. :
(1) تأوعمعنامعم- انوا (177-299.مم 1934 عسوتاماكة لقسناهل) مطل عاتدعا ع1 :لدعوعجمعم-ابع1
61-2.مم (1947 دقمقم) مسملطة مصطاق عاتدى عائءاععنو 1ل نال عناطعل تن عمفدداتكسط علاتاعة (/1) محمد بن أحمد بن عبدون التجيبى : رسالة فى الحسية ص8١7.
م١
بل تعتبر ندا للرجل» وتتمتع بالمساواة التامة 29 وهن يقتنين أغلب الثروات 49 ويتمتعن بنفوذ لاحد له» ولا يباشرن أعمالهن البيتية »بل يقوم العبيد بأدائها 49 وقد بلغ من اتساع نفوذالمرأة» أنها كانت تشترك فى مجلس القبيلة» وتشارك فى الأمور الهامة. ولقد لعبت زينب زوج يوسف بن تاشفين دور عظيمًا فى إدارة دفة الأمور فى الدولة فى حياة زوجها »2 ويبدو أن أهل الأندلس لم يكونوا يألفون ذلكء فأخذوا على المرابطين إصغاءهم لرأى النساءء واعتبروا ذلك من نقائصهمء وكان من أثر هذا المركز الممتاز الذى تمتعت به المرأة أن الرجل كان ينسب إلى أمه فى بعض الأحيان "2» كما لم يعرف المجتمع الملثم على مانعلم عادة تعدد الزوجات.
وهنالك أمر آخر جدير بألا نغفله» ذلك أن الرحالة الفرنسى دى فريبه 9 الذى درس بيئة الطوارق دراسة وافية» لاحظ أن المجتمع الطوارقى أو القبائل الطوارقية صنفان: قبائل سائدة» وقبائل مسودة» قبائل من النبلاء» وقبائل من الأقنان (مع التحفظ فى إطلاق هذا الاسم) والنبلاء يحتكرون الحياة السياسية» ويؤلفون مجالس القبيلة » ؤيتولون القيادة فى الحروب» ويديرون دفة الحياة العامة» ويسيرون أمور القبيلة وفق مشيئتهم ١ كما يحتكرون التجارة» ويهبون للدفاع عن الشعب إذا حاق به الخطرء أما الأقنان فإن لهم وضعًا غريبًا بعض الشىء» فهم لايباعون ولايشترون كما يباع العبيد أو يشترون» ولكنهم يورثون كما يورث المتاع. ولا يعتقون كما يعتق العبيد لأن من يعتق» لايستطيع أن يحيا بمفرده فى الصحراءء وإلا حاقت به الهلكة» فهو يرضى بهذا الوضع عن طيب خاطرء بل يفتخرون بهذا الوضع الشاذء ولايقلون عن النبلاء تفانيا فى الدفاع عن القبيلة» وإعلاء لكلماتهاء وهم يقتنون الثروات كيفما طاب لهم» وكثيرون منهم قد بذوا سادتهم فى الثروة والجاهء ولكن هذه الأموال يرثها السيد بعد وفاتهمء وعبء الأعمال اليومية يقع على عواتقهم» يرعون الماشية ويؤدون كل ماتحتاجه القبيلة من
)١( ابن بطوطة ج 4 ص72817.
(؟) ابن حوقل : المسالك ص١/ .339 .2 5050 نال 1036785 دعا اكلولاء تراط (7) .168 .ملأءب عط 2ه علرمعم :1000
(2) .339.م (أأك .ه) مالع ناآ
(5) النويرى : نهاية الأرب ص0١8١.
)١( النويرى : نهاية الآأرب ص ١18١ ؛ ابن بطوطة جة ص/7817.
(/97) .329-338.مم (أك .مه) مع بزع انرا
,هم
عمل يدوى» ويشتركون فى القتال "2» ويؤدون لأسيادهم نصيبًا معلومًا كل عام من الإبل ونتاجها 2 .
هذه الأوضاع التى عرض لها دى فرييه» توارثها الطوارق المحدثون عن أجدادهم القدماء» وليس من شك فى أن قبائل الملثمين فى العصور الوسطى كانت تعرف ذلك النظامء فنحن نعرف مثلا أن قبيلة لمتونة كانت لها الرئاسة زمن المرابطين» وكان رجالها يديرون دفة الدولة» ويحتكرون أغلب الحقؤوق السياسية» كما كانت الرئاسة فى لمتونة فى بيت (ورتانطق)» الذى أنهب يوسف بن تاشفين . وابن خلدون ”" يشير إلى ظاهرة طالما تكررت فى مجتمع القبائل البربرية» وهى أن القبيلة التى “كانت تكتب لها السيادة» كانت تخضع القبائل الأخرى بحد السيف» وتستبعدها استبعاداء فتصبح القبيلة المنتصرة قبيلة السادة» والقبائل الأخرى قبائل المسودين. فلمتونة مثلا التى سادت فى القرن الخامس الهجرى أصبحت فى المجتمع الطوارقى الحديث قبيلة مسودة 22 وانتقلت السيادة فى قبيلة ترغة.
ويبدو أن ابن عبدون صاحب رسالة الحسبة © أشار إلى مثل هذه الأوضاع» حينما أشار إلى الحشم والعبيد» وطلب ألا يلتثموا حتى لايختلط الأمر على أهل أشبيلية فلا يميزون النبلاء من غيرهم» وقد يحدث فى كثير من الأحيان أن تخشى القبيلة أن تتفرق كلمتهاء ويعتدى عليها جيرانهاء فتختار العبودية (أو التبسعية) تالوضاء حت حيكو بقديتها من الاغطان الحلقة زها؟: وفك اقنار: دلى نويه لقتسا إلى أن هذا النظام قديم لم يغير إسلام الملثمين منه شيئًا.
وتمتاز هذه القبائل مؤسسة الدولة أيضا بما يمتاز به البدو عادة من الشجاعة الفاتقة» والقدرة على تحمل المشاق ووفرة النشاطء وليس من شلك فى أن البدو أكثر من المستقرين جلدا على الكفاح والمقاومة» وأشد منهم صبرا على الحروب» كما أنهم أصلح الشعوب للقيام بفتوحات على نطاق واسع؛ لأن حياتهم فى الغالب حياة نقلة وترحال» يستطيعون التحرك بمجموعهم فى سرعة غريبة»
)١( .329-338.مم (.أأء.مه): 5ع لالاء#اتامآ (؟) معل1
(") ابن خلدون : العبر ج”.
(١ ,329-339.مم (أأء.مه): معتروء بسر (5) ابن عبدون : رسالة فى الحسية 5١14 .
النن
فينقضون على أعدائهم من المستقرين انقضاض السهم 0 ٠ كما أنهم لايتعلقون بوطن معروف يذبون عنه. ويدفعون عنه المعتدين» بل هم دائما تجذبهم مواطن الخصب والاستقرار بخيراتها وحضارتهاء ولعلٍ ذلك نما دفع ابن خلدون فى مقدمته إلى الإشادة بالبداوة "© حتى نسب إليها كل الفصائل» قال بأن البدو أقدم من الحضر وأن البادية أهل العمران»وأن البدو أقرب إلى الخير من أهل الحضر وأقرب إلى الشجاعة من غيرهم.
والملثمون فى صحرائهم يعتمدون على الإبل فى كل. شىء» وفى كل ناحية”"© من حياتهمء فمنها مأكلهم وكساؤهم» وهى مطي مطيتهم التى تقرب المسبافات وتعين على سلوك الصحراء» بل استخدموا الإيل فى القتال حتى برعوا فى ذلك الفن «كانوا يقاتلون على النجب أكثر من الخيل29'». وكانوا يقيمون صفاً من الإبل فى مقدمة 0 فيحتمون خلف الإوبل من ناحية» ويذكى أعراضهم 00 معو بذلك بين التنجاعة الفائقة» والقوة البدنية» وحسن استخدام الوبل فى القتال» وقد امتازت هذه القبائل فوق ذلك بحب الاستقلال والشعور بالعزة والأنفة» فقد عاشت فى ديارها فى الصحراء» لم تذق بأس الهزيمة ولم تخضع لما يخضع له المستقرون من غزو وفتح ”2 بل كانوا فى ديارهم تلك بمأمن من كل عدوء لذلك لانعجب إذا رأيناهم «يختارون الموت على الانهزامء ولم يحفظ لهم فرار من زحف 7") أو على حد قول صاحب الخحلل «لم تفسدهم مخالطة الأسافل).
وإلى جانب هذه الصفات المسمية النادرة» من طول قامةء ووفرة قوة وصلابة عودء امتازوا بصفات تخلقية عالية» فقد روى دى فرييه 29 أن الطوارق
)١( .1]1.م مستدمه دنط لم لك عط : أهلام جتعلمعمعهم ممسممر (؟) ابن حلدون : المقدمة ص8١١9-1١١.
(9) .218.م (.(أك .مزه): عل وءبءآ1
(5) الحلل الموشية فى ذكر الأخبار المراكشية ص١١ .
(0) اابن خلدون : 8 المقدمة ص 09؟.
.384.م (.(نأك .جره): تع «روعبع12
(7) الحلل الموشية ص ١١ .
(8) المرجع السابق ص 737 .
(4) .382-385.مم (.(أك .مه): 'عاالرعءبع1]2
65
فى العصر الحاضر يمتازون بالإخلاص الشديد والوفاء بالوعد لدرجة الإسراف» وبنوع من الفروسية غريب» فهم لايستعملون الأسلحة النارية» لاعتقادهم أنها أسلحة الغدرء» كما لايطعنون عدوهم من الخلف؛ ولايسممون سهامهم.ء أو رماحهم» بل يربئون بشجاعتهم أن تنحدر إلى هذا الدرك. وإذا كان هذا هو حال الملثمين فى العصر الحاضرء فكيف كانوا إذن فى القرن الخامس الهجرى وقد أذكى عبدالله بن ياسين فى نفوسهم شعلة الإخلاص للوسلام» وطهر نفوسهم من أدران الشر وحببهم فى الجهاد فى سبيل اللهء والعمل على إحياء كلمة الدين» فأخلصوا فى جهادهم ودافعوا عن دار الإسلام» وردوا عدوان الفرنجة.» بل قضت الدولة نحبها دفاعا عن تراث الإسلام» لم تقعدها عن ذلك أنانية أو إيثار لعافية» أو عزوف عن تضحية .
وهنالك سؤال لابد من أن نجيب عليه» قبل أن نختم هذه الدراسة الاجتماعية للقبائل مؤسسة الدولة» وهو: هل كانت هذه القبائل تحيا حياة. بدوية جافية» لم تدركها مؤثرات حضارية» تشع من «سراكز الثقافة فى شمال إفريقية» فينفذ شعاعها إلى أعماق الصحراء» إلى مضارب هذه القبائل المتبدية؟. وهل هى مجرد قبائل تهيم فى الصحراءء وتكلف بالنقلة والترحال» دون أن يكون لها تراث حضارى معروف؟. الواقع أنه إذا صح ماقلنا من أنها انحدرت من مواطن فى شمال إفريقية» فلابد أن تكون قد أصابت من الحضارات الوافدة على المغرب بنصيب» قبل أن توغل فى الصحراء على هذا النحو. كما أن المؤثرات الحضارية لابد أن تكون قد نفذت إليها فى ديارها الجديدة» فقد وجد عقبة بن نافع فى بلاد السوس حضارة محلية متأثرة بالحضارة الفينيقية ”2. كما أن قبائل صنهاجة والبرانس بالذات بزعامة كسيلة الأوربى» وعبدالملك بن سكرديد الصنهاجى قد نافحت العرب» وحالفت الرومان» كما كان هؤلاء الزعماء يدينون بالنصرانية 269 فقد انتشرت النصرانية فى المغرب الأقصى»ء كما انتشرت اليهودية من قبل» بل إن اليهودية انتشرت فى توات» وتافللت» ووادى درعة ووادى نونء وظلت باقية
)١١ ,1930 ممعموعط :ع 1اءمهطء 15 عزآ (؟) .242.م (أك .رره) ١ عع نانمة0
هناك حتى القرن الخامس الهجرى ”2. كما أن بلدة أوليلى التى اتخذها الأدارسة حاضرة لهم» هى بلدة (15[ا016؟) الرومانية القديمة ". ممايدل على أن حضارات حوض البحر الأبيض تدفقت إلى المغرب الأقصى» ونفذت إلى الصحراء وتركت فى هذه القبائل آثارا يقول الرحالة أنها ماتزال حتى اليوم” . وإذا لم تكن هذه القبائل على جانب من الحضبارة غير قليل» فلم احتفظت حتى اليوم بالقلم المغربى القديم» وانفردت به دون سائر قبائل البربر»ء حتى قيل أنهم حفظة التراث البربرى القديم '؟ لابد إذن أن هذه المؤثرات قد نفذت إلى بيئة الملثنسين فتركت فيهم آثاراء كما يجب ألا يظن أن قبائل الملشمين كانت بدوية صرفة» فقد رأينا كيف أن بعضها كان يحيا حياة الاستقرار فى واحات مراكش» وأن قبيلة لمتونة كانت تنعم بلون من الاستقرار» وكذلك قبيلة جدالة كانت ذات طابع مستقر نوعا ماء ولم تحتفظ بالصبغة البدوية الخالصة إلا قبيلة مسوفة. ويجب ألا تفوتنا الإشارة إلى هذه الشروات الضخمةءالتى كانت تشول إلى قبيلتى لمتونة» وجدالة »بعد تحول طريق التجارة إلى ديارها منذ القرن العاشر الميلادى” . كانت طرق القبوافل تمر بديار لتونة ثم جدالةءثم تذهب إلى أودغشت» ثم إلى سجلماسة حاملة الملح» والتبر» والصمغ » ومنتتجات السودان9) والرقيق9 . لذلك كانت سجلماسة. وأودغشت بمثابة موانى هذه الصحراء الكبرى). كانت سوق سلجماسة. وأودغشت من أنفق الأسواق الصحراوية 9 فإذا كانت هذه القبائل قد نعمت يلون من الرخاء المادى» ولون من ألوان الاستقرار» أفنعجب بعد ذلك إذا كانت قد اتخذت لها لونا من ألوان الحضارة» وأن حياتها لم تكن بدوية جافية» وما يؤيد ذلك أن هذه القبائل كان دورها فى تاريخ المغرب دور
)١( .193011 ومعووع]ط نع [اءمقط) ماع15 ") .28.م نادت
55 .275 .م ات عط 4ه ءاممعم :1000
(؟) .391 .م ععك لإعلابالط ,17 .م عومومةء 1"
(6) .23.م (.(أك .مه): عمموررء1'
() .25.م لسدامبعوء!8 عط!: برعامم0
0) الإدريسى : المغرب وأرض السودان ص ”".
(4) .20م عدوءطة- أع ع11اةكة81 : دعص نإطدومديء12
(9) البكرى : المغرب ص ١68 .
كم
بناء» ولم تكن أبدا معول هدم للحضارات القائمة. فإذا نظرنا مثلا إلى قبائل البدو من عرب بنى هلال التى غزت المغرب فى القرن الخامس الهجرى» ورأينا الخراب الذى أصاب إفريقية على يديهاء حين انتهت القيروان كحاضرة سياسية» وثقافية للمغرب» وأصيبت دولة بنى زيرى بنكسة خطيرة» ولم تفلح قبيلة من هذه القبائل فى إقامة دولة واحدة قوية تأخذ من الحضارة بنصيب» وإذا لاحظنا أيضا أن قبائل زناتة عرفت فى تاريخ المغرب بمثل هذا اللون من الحياة غير المستقرةء فلم تؤسس دولة ناجحة مستقرة حتى القرن الخامس الهجرىء بل عرفوا بالجفوة والغلظة وكراهة الاستقرار. كانت قبائل الملثمين مؤسسة الدولة ذات طابع بدوى معروف» ولكنها كانت على النقيض من قبائل بنى هلال» وزنانة» قبائل بدوية ذات نصيب من الحضارةءقبائل بناءة غير هدامة.
٠ دور الملئمين فى تاريخ الإسلام حتى قيام دولة المرابيطين:
بعد أن أتممنا دراسة بيئة المغرب الأقصىء وعرفنا بالقبائل مؤسسة الدولة تعريفا مفصلاء يحق لنا أن نتساءل قائلين.كيف أسلمت هذه القبائل؟» وكيف أتيح لها أن تلعب فى تاريخ غرب إفريقية دورا رائعا فى الجهاد فى سببيل نشر الإسلام؟» وما هو موقفها من الأحداث التى وقعت بالمغرب الأقصى حتى بداية القرن الخامس الهجرى؟ .
أقبل العرب من مصر بعد أن تم لهم فتحها إلى إفريقية غازين فاتحين. أوغلوا فى برقة» وطرابلس » ثم تدفقوا إلى إفريقية بقصد الاستيلاء عليهاءولم يقدر للعرب أن تتوطد أقدامهم فى إفريقية» إلا بعد أن استطاع عقبة بن نافع الفهرى أن ينشئ مدينة القيروان» ويتخذها قاعدة حربية تتجمع فيها قوات العرب وتتدفق منها صوب الجهات الباقية من إفريقية والمغرب» ولكن حملة عقبة الأولى لم تتنمخض عن إتمام فتح إفريقيةء ذلك أن طائفة البرانس كانت تتحصن فى جبال الأوراس» متخذة إياها معقلا يعصمها من غارات العرب. وبدأ الصراع يحتدم بين العرب .والبرانس» وخصوصا بعد أن أيدت زناتة والبتر العرب من أول الأمر بالرغم من أن أبا المهاجر دينار أوغل بجيوش أهل الشام ومصرء وإفريقية» حتى قرطاجنة”"'.
١6 المالكى رياض النفوس ص 2 انظر كذلك - أبا المحاس : النجوم الزاهرة جاص ؟ )١(
باه
وهادن البربر أو هادن البرانس بقيادة كسيلة "2 » لأنه لم يكن فى استطاعته إذ ذاك أن يقاتل عدوين فى وقت واحدء الروم والبربر. ويبدو أن سياسة أبى المهاجر السلمية آنت أكلهاء فقد انتشر الإسلام فى صنهاجة إفريقية» واشترك بعضهم فى الجيش» الذى وجهه إلى فتح الجزائر”"'»: وقد تمكن أبو المهاجر بسياسته تلك أن يوغل حتى تلمسان ”" قاعدة المغرب الأوسطء ولم تستطع قوات العرب أن تجاورها.
فلما آلت قيادة حملة المغرب إلى عقبة بن نافع الفهرى للمرة الثانية» استطاع أن يقضى على مقاومة البرانس فى المغرب الأوسط. ففرت قبائلها أمامه معتصمة بجبال المغرب الأقصى» متهيئة لرد العدوان» فلم يجد عقبة مفرا من أن يجاوز تلمسان )» ويتدفق بقوات العرب إلى المغرب الأقصى» فكان أول فاتح عربى تطأ أقدامه هذا الإقليم .
وقد أوغل عقبة فى إقليم الساحل» حتى أدرك طنجة ولم يلق كيداء ويبدو أن الجهود التى بذلها فى نشر الإسلام. فى إقليم الريف كللت بالنجاح» فقد قال أبو المهاجر لعقبة «ليس بطنجة عدو لك لأن الناس قد أسلموا»”». وإذا كان الإسلام قد بدأ ينتتشر بين صنهاجة إفريقية فى عهد أبى المهاجر؛» فلابد أن صنهاجة المغرب الأقصى الضاربة فى منطقة طنجة قد أسلمت بدورهاء واتصلت بالفاتحين الجدد.
وانخدر عقبة بعد ذلك إلى إقليم السوس ”" الأدنى» وانقض على مصمودة الساحل» واستطاع بفضل معاونة زناتة أن يقضى على مقاومتهم؛ ثم مضى قدما حتى أدرك مدينة ماسة بالسوس الأقصى”" . وريكة 29. بل تذهب بعض الروايات إلى أنه أدرك مدينة نول. على ساحل المحيط
وغزا مدينة نفيس ” قرب أغمات
. 45ض١ الدباغ : معالم الزيمان ج )١(
(؟) امالك : رياض النفوس ص .7١
(7) الدباغ : معالم الإيمان جا ص55 .
(5) المالكى : رياض النفوس ص 57؟» الدباغ: معالم الزيمان جا ص؟؛ .
(0) المالكى : رياض النفوس ص 5".
لقف المالكي : رياض النفوس صخ 1. الدباغ : المعالم جاص 715.
(”7) المالكى : رياض التنفوس ص72 .
(8) نفيس مدينة بالمغرب الأقصى تبعد عن أغمات وريكة بمقدار خمسة وثلاثين ميلا. انظر البكرى ص ١67 .
(4) البكرى : المغرب ص 17١ . أغمات مدينتان سهليتان إحنداهما تسمى أغمات إيلان والأخرى أغمات وريكة وبينهما ثمانية أميال انظر البكرى ص ١6 .
ممه
فى أقصى بلاد المغرب» وإذا كنا نعرف أن قبائل الملثمين كانت تنتشر من جبال:ذرن حتى نهر السنغال» وأن للمتونة تنزل فى المنطقة الممتدة من جبال درن حتى وادى نون» وأن ترغة كانت تحتل وادى درعة» وأن جزولة كانت تنزل بالقرب منهاء وأن بعض بطون مسوفة كان فى أحواز سجلماسة» إذا عرفنا ذلك أدركنا أن عقبة بن نافع قد أوغل فى ديار الملثمين.
ويبدو أن صنهاجة الجنوب» لم تذعن لعقبة من أول جولة» فقد قاومته مسوقة 22 ولابد أن لمتونة وغيرها من القبائل» قد اشتركت فى هذا القتال دفاعا عن كيانهاء ولكن عقبة استطاع أن يدرك مدينة تارودنت 227 وأن يهزم مسوفة من وراء السنوس» وأن يخضع صنهاجة اللشام لسلطات الإسلام» ولانعرف شيئا عن السياسة التى انتهجها عقبة فى ديار أهل اللثام. وكل مانعرفه أنه ابتنى مسجدا فى مدينة ماسة 7". ولا يبعد أن يكون قد ترك من يعلم القوم مبادئ الإسلام» وليس بعيداأيضا أن يكون قد أقر بعض شيوخهم على ما بأيديهم من سلطة.
ولكن بعض الروايات تذهب إلى أبعد من هذاء تذهب إلى أنه أوغل فى بلاد السودان» وفتح بلاد التكرور وغانة 9 بل إن الرحالة بارت ”2 ذكر أن بعض الروايات المحلية تقول إنه كانت بغائة فى عام ٠ه جالية إسلامية» وأنه قد ابتئى بها عددًا من المساجدء وإذا علمنا أن غانة تقع عند منحنى النيجر فى المنطقة الواقعة بين النيجر والسنغال» أدركنا كيف غلا الرواة فى تقدير حملة عقبة فى بلاد السودان» ولم يكن من المعقول أن يستطيع عقبة بإمكانياته المحدودة والعدو من خلفه أن يدرك بلاد السودان» ومصب السنغالء ومنحنى النيجر. على كل حال نستطيع أن نقبل هذه الرواية بشىء من التحفظء إذا عرفنا أن ديار السود كانت أكثر امتذادا نحو الشمال 2» وأن قبائل الملثمين لم تكن قد أوغلت فى ساحل المحيط بعدء فليس ببعيد أن تكون مملكة غانة الزنجية قد بسطت ظلها شمالا حتى (0) المرجع السابق ونفس الصفحة:» تارودنت من أهم مدن السوس الأقصى على بعد أربعة أيام من درعة. الإدريسى ص١1 . (") المالكى : رياض النفوس ص78. (؟) .24.م,1: 1930 وتعموع]] تع[ أعمقطء ها ع1
)2 579 .لم ه23 أقتاوعء لهة طتامه ص دعت مع15ل لهه ذ5أع ندا تطتح8ظ (1) .446 .م لدععدة؟5 ناه 09 1أو5 111 تأعوكد1.8
8
وادى نونء فيكون عقبة حين غزا وادى نون على مابينا قد أدرك الحدود الشمالية لمملكة السودان.
ومهما يكن من شىء؛ فإن عقبة كان أول من حمل أهل اللشام على الإسلام» وأول من ارتاد هذه الديار النائية من العرب» وأول من فتح هذا الطريق أمام تجار العرب الذين بدءوا يتدفقون إلى هذه الديار» واتخذوا مديئنة ”2 أزقى قاعدة لهم» وبدءوا يخترقون الصحراء إلى أودغشت حاضرة.مسوفة» ولعلهم كانوا ينظمون حملات مسلحة تعاونهم صنهاجة بقصد جلب الرقيق من بلاد السودان» وحمله إلى المغرب الأقصى للاتجار فيه» نعم لقد مهد عقبة الطريق أمام خلفاته لينشروا الإسلام» حتى أدرك الإسلام أواسط إفريقية ”©.
ولكن عقبة ماكاد يدرك تهودة فى طريق عودته» حتى انقضت عليه جموع البرانس بقيادة كسيلة الأوروبى» فأوقعت به؛ واستشهد عقبة ومن معه من جند المسلمين: وكادت تضيع الجهود التى. أنفقهاء وارتدت قبائل البرير» وزحفٍ كسيلة إلى الشرق متجاوز المغرب الأقصىء وانقض على إفريقية ودخل القيروان '"
و لم يستطع حسان بن النعان أن يهزم كسيلة نهائيّاء إنما أقصاه عن القيروان وعن إفريقية» ولم يشأ أن يحاورها مجريا عوناءين أن يعسي ما إصات عيليةء ولكنه أصلح الأحوال بإفريقية» وتقرب من أهل البلاد» وعمل على نشر الإسلام وبدأت القيروان تظهر وتعلو كلمتهاء وتوطدت دعائم الإسلام فى إفريقية نهائيا"؛؛ ولم يستطع العرب أن يوغلوا فى المغرب الأقصى مرة ار إلا بعد أن استطاع زهير بن قيس أن يهزم كسيلة عند ممس» وأمعن العرب فى تعقب البربر المهزومين حتى وادى ملوية» بل أوغلوا حتى طنجة © فكأن زهير بن قيس قد أخضع البرانس» وقتل كسيلة» وفتح الطريق للإسلام ليعيد الكرة فى المغرب الأقصى .
)١( آزقى من بلاد مسوفة ولمطة وهى أول مراقى الصحراء ومنها إلى سجلماسة 1١7 مرحلة ومنها إلى نول ل/ا مراحل . الإدريسى ص .5١ (؟) .24 .مآ عصرم ,1930 سوتعموء] بع[اءمقطن 13 ع0آ1
171 غعاللهكد11 تعمزطسرمصء12 (") ابن عذارى : البيان المغرب جا ص6١ . (5) المالكى : رياض التفوس ص”"» ابن عذارى: البيان جاص؟7. (5) المالكى : الرياض ص : ٠ ابن عذارى: البيان جاص 19 .
ه*
فلما استقامت الأحوال لخلفاء بنى أمية» واستطاعوا فى عهد عبدالملك بن
مروان» أن يقضوا على الفتنة المفرقة "مكارت المسلمين» استأنفت الفستوح فى إفريقية» وراح موسى بن نصير يترسم خطا عقبة بن نافع» ويتم الرسالة التى كان قد بدأهاء فقاد جحافل المسلمسين إلى المغرب الأقصى مرة أخرى» وقد سلك نفس الطريق الذى سلكه عقبة» أوغل فى إقليم الريف حتى أدرك طنجة ثم انحدر إلى سبتة. ثم انحدر إلى إقليم السوس الأدنى» ثم انحدر على ساحل المحيط الأطلسى» كما فعل عقبة تماماء حتى أدرك وادى درعة» وتافللت'"2. وراح يعمل على إخضاع القبائل التى تنكرت للإسلام عقب مصرع عقبة.
وقد نح موسى حيث أخفق عقبة» وذلك بسبب مابذل الولاة السابقون من منافحة البرانس» ومقتل كسيلة الأوربى» وتفرق شمل القبائل التى أيدته فى نضال العرب ومقاومتهم ”© فلم يلق قبائل متحدة متساندة تقف أمامه صفا واحداءإنما وجد قبائل مبعثرة متفرقة أمكنه أن يقضى عليهاء أو يخضعهاء واحدة فواحدة» هذا إلى جانب أن إقليم الساحل كان قد تم إخضاعه من قبل» وانتشر الإسلام فى ربوعه وقضى على آثار المقاومة البيزنطية فيهء كما أن إفريقية كانت قد تمهد أمرهاء وتم إسلامهاء وأخذت قبائتلها تشترك فى جند الفاتحين» وتظفر بما يظفرون به من أسلاب وغنائم .
ولكن موسى بن نصير كان أبعد نظرا من عقبة بن نافع» فلم يكن قائدا فحسبء. إنما كان مصلحا وسياسيا فى نفس الوقت» فقد قرب البسربر إليه وحببهم فى الحكومة الجديدة» فولاهم الأعمالء وأشركهم مع العرب فى إدارة دفة البلاد"". فوجدوا أن انضمامهم للعرب ومحالفتهم قد يتمخض عن مكاسب مادية جمة»ء فبدءوا يقبلون على الإسلام إقبالا عظيماء وكان نشر الإسلام يسير مع الفتح جنبا لجنب» لأن موسى أحب ألا 0 البربر خوفا أو رهبة» بل اقتناعا وحباء فأخذ يفقههم فى الدين وين ينشئ المساجد فى البلاد التى افتتحهاء حتى لقد أنشأ مسجدا فى أغمات هيلانة » فى أقصى بلاد المغرب» وقد بدأت بذور
.7,7/صا١ ابن عذارى : البيان ج )١( .254.م (نأك .مه) لمعنه )9( 3 ابن عذارى : البيان جا ص17 (١ نخب تاريخية جامعة لأخبار المغرب +1١١ ابن عذارى: البيان المغرب جاص788.» ابن خلدون جاص )1( ١؟ص الأقصى 5١
الثقافة الإسلامية تنبت فى هذه البيئة الجديدة» وبدأ نبتها يزكوء ويشب عن الطوق» وأتيح للبربر أن يجنوا ثماره الطيبة بعد وقت غير طويل» وقد نجحت سياسة موسى نجاحا بعيد المدىء فقد أصبح المغرب الأقصى بشعوبه وقبائله طوع يمينه» فما كاد يشرع فى فتح الأندلس حتى وجد البربر إلى جانبه» يؤيدونه.» ويشددون أزره» ويشاركون المسلمين فى هذا الجهاد الملقدسء فلما تم فتح هذه البلاد تدفقت جماعات البربر إليها طمعا فى الغنم أو حبا فى الجهادء ومنذ هذا الوقت نستطيع أن نقول دون تردد أن الإسلام قد توطدت أزكانه فى بلاد المغرب الأقصى» وبدأ يبسط ظله على السكان؛ كما أن التحالف قد تم بين العرب والبربر بعد إسلامهم .
وإذا كان موسى قد أوغل فى فتوحهء حتى بلغ وادى درعةء وبلاد السوسء فقد أوغل فى الأطراف الشمالية لمواطن الملثمين» واتصل بهم» ولعله قد ردهم إلى الإسلام بعد أن ارتدوا عنه عقب موت عقبة» ولكى يوطد للوسلام فى ربوع.هذه القبائل أنشأ مسجدا فى أغمات» هذه المدينة التى ستصبح من أهم مراكز الثقافة الإسلامية فى المغرب الأقصى» وستلعب دور لايقل عن دور مدينة فاس» وإذا كان موسى قد ولى البربر على الأعمال» فهل يبعد أن يكون قد ولى بعض زعماء الملثمين أعمالا فى ديارهم على الأقل» ويخيل إلينا أن الملثمين قد أقبلوا على الإسلام منذئذ إقبال سائر أهل المغرب طمعا فى المشاركة فيما ينعم به العرب الفاتحون» فلما تهيأ المسلمون لفتح الأندلس اشتركت فرق من صنهاجة فى جيش الفاتحين ٠ لذلك لايسعنا إلا قبول مايذكره المؤرخون 2 من أن إسلام لمتونة تم فى هذا الوقت بالذات» وأنهم أخصذوا منذئذ يقبلون على الإسلام شأنهم شأن القبائل الأخرى .
وقد تابع خلفاء موسى السياسة الرشيدة» التى اتبعها من بث الدعوة إلى الإسلام بين صفوف البربر» فإن إسماعيل بن عبيد الله بن أبى المهاجر الذى ولى إفريقية من قبل عمر بن عبدالعزيز عمل على نشر الإسلام فى ربوع المغرب الأقصى
)١( ابن الأثير جة ص164. ابن خلدون جا ص١218 النويرى ج77 ص"197» القلقشندى: صبيح الأعشىء جةءص188 .
"5
«ولم يبق فى ولايته يومئذ من البرير أحد إلا أسلم» على حد قول ابن عبدالحكه'''. وأمده عمر بطائفة من خيار التابعين انتشروا فى البلاد يحضون الناس على الإسلام؛ ويبصرونهم بشئون دينهم» يقيمون الحدود» ويحرمون التمر» ويحاربون المفاسد» كلما استطاعوا إلى ذلك سبيلا 29
ولم يغفل العرب أمر التوسع الحربى أيضاء فإن عبيدالله بن الحيحاب قد سير حبيب بن أبى عبيدة» فأوغل فى المغرب الأقصىء حتى أدرك بلاد السوس الأقصى ”© » بل قيل إنه أشرف على ديار الزنوج» وقاتل مسوفة ؟ ولاندرى لم: حمل حبيب هذه الحملة الشعواء على قبائل الملثمين بالمغرب الأقصى». هل كان ذلك لارتدادهم عن الإسلام مرة أخرى؟ يخيل إلينا أن هذا الأمر لم يكن الباعث الحقيقى على هذه الغزوة» إنما أراد حبيب أن يرضى خلفاء المشرق وذوى الرأى فيه» بطلب السبى والعبيد» فقد روى المؤرخون أنه حمل من ديار الملثمين سبيًا 1 وأنه كان يثخن فيهم ليحمل عددًا كبيراً من الأسرى» وكانت هذه السياسة الخرقاء مما ألب هذه القبائل وغيرها من قبائل المغرب الأقصى على عمال الخلفاء. إلى جانب سوء سياسة عمز بن عبدالله المرادى عامل طنجة 9. الذى لم يحكم بين الناس بالسوية» فساعد من حيث لايدرى على إذكاء نار الثورة.
وقد انبعشت.شرارة الشورة من طنجة أول الأمر: أذكى الخوارج نارهاء وحملوا لواء المقاومة» وحببوا بعض القبائل فى عقائدهم.ء التى تنادى بالخروج على ولى الأمر. وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على أن بلاد المغرب الأقصى قد اكتلمت شخصيتها الإسلامية» فأخذت تشارك الشعوب الإسلامية الأخرى فيما منيت به من فرقة مذهبية» ففشت مذاهب الصفرية التى تنادى بأن الإمامة ليست
)١( ص١٠ من طبعة (02]6813 .ل) بالفرنسية.
ملاع لهت اء عط2عة عاءرعا) عمودمدء'! عل أء 2010 نبل عتاوكد! ع0 عأعناودمء :مممتمقط- لخ لطة نط1" .(20]65 ك5عل أت 02نا11ل121200 عتنا ععتكق ع5ق2هع1120
زفق الدباغ : معالم اليمان جاص104ء ابن عذارى: البيان ج١اص5". دائرة المحارف : مادة السوس
.(لدعمع امرم-أرع])
(؟) البيان: المغرب جا ص7”*8ء دائرة المعارف الإسلامية مادة #السوس» .(1-820176268211لاعآ .18)
(4) البيان المغرب جا ص4”ء اين خلدون جلاص١٠١١.
(4) ابن خلدون جا ص١١١3.
)١( ابن عذارى: البيان المغرب جا ص82".
1
مقصورة على العرب بل يشترك المسلمون فيها على السواء» حتى أن جمهور الثوار قد بايعوا ميسرة السقاء المطغرى "١ بالخلافة فى مدينة طنجة.
وعمت الثورة بلاد السوس الأدنى أول الأمرء ولكن مالبثت أن عِمت سائر جهات المغرب الأقصىء ويخيل إلينا أن قبائل الملثمين التى كانت حانقة على ما اقترفه حبيب بن أبى عبيدة» قد أيدت جمهرة الثوارء ولم تستطع الخلافة الأموية أن تحسم هذا الداء العضال» الذى أخذ يستشرى يوم بعد يوم» فإن جند الأندلس لم يستطيعوا العبور إلى العدوة المغربية للمشاركة فى إحماد الفتنة» كما أن الجهود التى بذلها خائد بن حامد الفهمى» وكلشوم بن عياض باءت بالإخفاق» وامتد لهب الثورة إلى إفريقية» واشترك فيها البرانس بزعامة عبدالملك بن سكرديد؛ وسققطت القيروان»ء وعمت الفرقة» وكاد سلطان العرب فى المغرب أن يقضى عليه قضاء مبرما.
وعلى الرغم من أن حنظلة بن صفوان قد استطاع أن يسترد القيروان 0 ويؤمن إفريقية» ويقر السكينة والهدوء فى ربوعهاء إلا أنه لم يستطع أن يرد الوحدة إلنى ربوع المغرب» فقد وضحت شخصية المغرب الأقصى وضوحا تاماء وخرج عن طاعة القيروان» وبدأ يقرر مصيره بنفسهء وبعد أن اختفى نفوذ العرب من المغرب الأقصى أو كادء أخذ البربر يعتمدون على أنفسهم فى حل مشاكلهم حسب الأوضاع السياسية أو الاجتماعية أو الدينية.
فقامت فى بلاد المغرب دويلات مستقلة» تبسط كل نفوذها على منطقة معيئة محاولة أن تقر السكينة فى ربوعهاء وأن تؤمن أهليهاة حتى يستطيعوا أن يعيشوا فى سلام وطمأنينة ”"» فأقامت صنهاجة إمارة باجة 29 وأقامت هوارة صرح دولة بطرايلس 0)» واستقلت نفوسة بمديئة قايس» واستولى بنو واسول على سجلماسة”'2» وأقاموا فيها إمارة ظفرت بتأيبد قبائل الملثمين الضاربة فى نواحيهاء
.١1١١ص ابن خلدون جا )١( .3١١١صك (؟) ابن خلدون جا .١5١ ابن خلدون جا ص )9( .؟7١صاخج البيان ال مغرب (2)
(5) ابن خلدون جاص .11١ (1) ابن خلدون جا“ص68١٠١.
55
أما برغواطة الساحل فقد أقامت إمارة على رأسها صالح بن طريف. وبرغم هذه الفرقة ظلت الوحدة الثقافية على أشدهاء كما ظلت القيروان على اتصال بمدن المغرب الأقصى» وظل العلماء يجوبون هذه الأقطار رافعين لواء العلم.
ورغم أن ولاة القيروان قد فقدوا نفوذهم بالمغرب الأقصى فقد ظلوا يهتمون بشكونه» ويعملون جاهدين على الإبقاء على الصلات التى تربطه بإفريقية» فقد عمل عبدالرحمن بن حبيب على إقامة سلسلة من الآبار تصل بين واحات إفريقية وبين أودغشت بصحراء المغرب الأقصى: (2» واستطاع جنوده بفضل هذه السياسة الحكيمة أن يعبروا الصحراء لأول مرة» وأن يمعنوا فى نشر الإسلام فى ربوع صنهاجة الجنوب أهل اللثام الضاربين فى جوف هذه الصحراء» واستطاع حفيد عقبة هذا أن يتم ما بدأه جده من نصف قرن تقريبّاء فأصبح التجار يتصلون بديار الملثمين؛ وبلاد السودان عن طريقين: طريق ساحل المحيط» وطريق الصصسحراءء الذى أصلحه عبدالرحمن بن حبيب» وأصبحت القوافل أكثر جرأة على ارتياد هذا الطريق ميممة شطر غرب إفريقية» وقد تمخضت هذه الجهود عن نتائج طيبة» إذ عملت على تسرب الإسلام إلى ديار صنهاجة عن طريق آخر غير الطرق المألوفة من
واستطاع عبدالرحمن بن حبيب أن يضمد جروح إفريقية بعد أن أثخنت فيها ثورة الخوارج حتى كادت تأكل الأخضر واليابس» فئشر السلام والطمأنينة فى ربوع البلاد ”"2» وبدأت الحياة الثقافية والاقتصادية تنمو وتزدهرء كما بسط سلطانه غربا حتى تلمسان بل حاول غزو صغلية © وأغارت قواته على جزيرة مسردانية» وبرغم ما انتاب: العالم الإسلامى من فتن بعد سقوط الخلافة الأموية» وقيام الخلافة العباسية» ظلت السكينة ضاربة بجرانها فى ربوع البلاد» بفضل سياسة هذا الوالى الحكيم» وقد استطاع الأغالبة من بعده أن يتموا الجهود التى بذلهاء فتألق نجم الحضارة فى إفريقية *)» وغدت القيروان كعبة القصاد من كل فجء وقد استطاعت الإمارات التى انتشرت فى المغرب الأقصى أن تتعاون فيما بينها: فأظلت (1) 56-57.مم.اء.) 1930 وقماظ زه الممقدء 1 عط (؟) ابن عذارى : البيان المغرب ج١ ص55 » ابن خلدون ج 5 ص١١١.
[فرفق المراجع السابقة دق ابن خحلدون جه ص؟7١1١ :
المغرب السكينة التى أظلت إفريقية» ومضى تيار الثقافة الإسلامية فى طريقه المرسوم.
وقامت دولة الأدارسة فى المغرب الأقصى بنفس الدور الذى قام به الأغالبة والطمأنينة فى ربوعه بعد أن كادت فتن الخوارج تمزق شملهء وتأتى على مابذل من جهد فى سبيل تنظيم شئونه وإتمام إسلامه» وكان لانتبساب الأدارسة إلى الرسول يك أثر كبير فى توحيد القبائل المتنافرة الضاربة فى المغرب الأقصى» فظفروا بتأييد السكان على اختلاف ألوانهم ومشاربهم» فقد أيدهم البترء وأيدهم البرانس 0 وأيدهم المصامدة» وجح إدريس حيث أخفق غيره من العرب» واستطاع لأول مرة أن يوحد إقليم السهول وإقليم المراعى» وبين إقليم الحضارات القديمة وإقليم البداوة» فلما نمح فى ذلك اطمأن أهل السهولء واطمأن البدوء وازدهرت الحياة الاقتصادية ازدهارا لم تعرفه البلاد من قبل .
وقد نجح الأدارسة فى إقامة حكومة مركزية قوية اشترك فيها العرب والبربر جنبًا إلى جنب 7" » واستطاعوا بفضل هذه الوحدة الشاملة» والجحهود المتضاربة أن يوجهوا أبصارهم إلى حركة جهاد مقدسء بقصد إتمام إسلام البلاد ومحاربة العقائد الشاذة» والقضاء على بقايا النصرانية واليهودية المنتشرة بين قبائل المغرب الأقصى ”"». فانقضوا على المصامدة يردونهم إلى حظيرة الإسلام» وتوسعوا شرقًا حتى منطقة الأطلس الوسطى» كما فتحت بلاد نفبيس» وتامسنا 40 وشالة 0 وماسةء. وتادلة "2 وأوغلوا فى كل فج يحاربون الشرك أينما كان. حاضرة المغرب الأقصىء» يقصدها العلماء والستجاز من كل صوب ")2 وبدأت (1) ابن أبى زرع: روض القرطاس ص37 211.م (ناء.وه) ع5قممع] (؟) .11.م زاك .مه4) تعدسمهمع1 ' (7) الجزنائى: زهرة الآس ص ؟7»ء الكتانى: الأزهار العاطرة الأنفاس ص 238 الإتحاف جاص55؟» ابن خلدون جلاصلا١٠١. ْ (4) بلدة برغواطة بالمغرب الأقصى . البكرى ص8ل. ).2 هئ مدينة سلا الحديئة وهى من الموانى الساحلية . الإدريسى صن"الا.
)١( مديئة من مدن المغرب الأقصى قرب أغمات من بلاد السوس ٠ الإدريسئن ص ”ا 27 عبدالرحمن بن ريدان: الإتمحاف جاص" .
55
مدارس فاس تتلقى المؤثرات الشقافية من مذارس القيروان» وأحذت تكون شخصيتها المستقلة» وتبث العلم فى ربوع ذلك القطر النائى» وكان الأدارسة أنفسهم يذكون هذه الحركة المباركة بتأييدهم» إذ لهم الفضل فى نشر اللغة العربية فى البلاد وإحلالها محل لغة البرير (©2.
ماهو موقف الملثمين من هذه الأحداث الخطيرة؛» التى بدأت تشكل تاريخ المغرب الأقصى» وتكسبه الصبغة الإسلامية البحتة؟. ذكر كثير من المؤرخين أن صنهاجة المغرب الأقصى بايعت إدريس» وشدت أزرهء» وأيدته 2 فليس ببعيد أن يكون الأدارسة قد ظفروا بتأييد صنهاجة الجنوب أهل اللثام» ولعلهم اشتركوا فى بيعة إدريس بن عبدالله» وأيدوه حتى ظفروا بما ظفرت به القبائل الأخرى من نعمة الدولة الجديدة. ويذهب ابن خلدون ”" إلى القول بأن الإسلام ظهر فى ربوع هذه القبائل لعهد المائة الثالثة» وقد بينا كيف أن الجهود المتصلة التى بذلها عقبة وموسى وخلفاؤهما نشرت الإسلام فى ربوع صنهاجة اللشام منذ عهد بعيدء وإذا كان للأدارسة فضل فإنما يرجع هذا الفضل إلى إذكاء حركة الإسلام فى بلاد المغرب الأقصى عامة» فاشتد ساعد الإسلام» وتمكن من نفوس هؤلاء القوم»ولعل الثقافة العربية التى كانت تشع من مدينة فاس قد أصابت ديار الملشمين بقبس من نورهاء لأن الأدارسة.بسطوا نفوذهم على البلاد كلها تقريباء كما بسطوا نفوذهم أيضا على النواحى الشمالية من ديار الملثمين» وتخطى نفوذهم جبال درن» وانتشر فى إقليم. الواحات» وروى المؤرخون أن عيدالله بن إدريس أخضع لمطة الضارية على ساحل المحيط»ء وتولى عمل أغمات والسوس الأقصىء وبلاد نفيس» وصنهاجة الرمال”؛؟» أعنى صنهاجة اللثام الضاربة فى منطقة سجلماسة؛ أما عمر بن إدريس ابن إدريس فقد تولى تيجتساس وترغة © وخلفه ولده على فى حكم هذه المناطق9' .
)١( نفس المرجع والصفحة. (؟) الجزنائى : زهرة الآس ص77 . زفرف ابن خلدون : العبر جخاص185. (4) أبو بكر بن محمد السيوطى المغربى: نسب بعض الصحابة الإدريسيين وغيرهم من ملوك لمتونة ورقة 8(ب). (6) ابن عذارى: البيان المغرب صا ص5١75ء الروض الهتون ص58 . )١( روض القرطاس ص47 . و5
من ذلك يتبين أن مضارب الملثمين القريبة من جبال درن انضوت تحت لواء الأدارسة» وأصبحت جزءا من أملاكهمء يولون عليها الولاة» ويخضعونها للحكومة المركزية فى فاسء ولذلك لن نتردد فى القول بأن إسلام صنهاجة اللثام الذى بدأ فى عهد عقبة قد اشتد وتأكد فى عهد الأدارسة». ووضح إسلام أهل اللثام وضوحا تاما فى القرن الثالث الهجرىء» على ماذهب إليه ابن خلدون ”©2.
وكان إسلام قبائل الملشمين فى القرن الثالث الهجرى ذا أثر بالغ فى تاريخ هذه القبائل» وتاريخ المغرب والسودان. فقد تمخض عن قيام تحالف قوى ضم قبائل الملثمين جميعها بزعامة لمتونة» وذلك بفضل الجهود التى بذلها الزعيم اللمتونى تيولوتان بن تيكلان ”"» الذى أسلم وحسن إسلامهء وأكسبه ديئه الجديد القوة التى مكنته من إتمام هذا التوحيد» فلما تم هذا التحالف كان على القبائل المتحالفة أن تعد العدة لتوسع جديد» إما صوب الشمال باختراق نطاق جبال درن» والإغارة على سهول المغرب الأقصى الخصبة» أو بالتقدم صوب الحنوب.
أما الناحية الأولى فلم يكن من السهل أن تقدم القبائكل على المغامرة فيهاء فإن دولة الأدارسة فى القرن الثالث الهجرى كانت ماتزال بحيث تستطيع الاحتفاظ بمافى يدهاء ورد أى عدوان يأتى من الجنوب» كما أن قبائل زناتة المؤيدة للدولة الإدريسية كانت توس فى هضاب المغرب الأقصى وتقف لقبائل الملثمين بالمرصاد لتحول بينها وبين التقدم صوب الشمال ”"» هذا إلى جانب قبائل مصمودة القوية المحاربة التى كانت ماتزال فى أوج قوتهاء» وكانت مستعدة للدفاع عما بيدها من أرض خصية» وأن ترد أى عدوان يفكر فيه البدو الضاربون جنوب جبال درن» فلم يبق أمام الحلف الجديد إلا أن يتوسع صوب الجنوب» وقد حدث هذا فعلا. وتما أذكى تيار هذا التوسع أنه كان بقصد الجهاد فى سبيل الإسلام» والعمل على نشره فى ربوع القبائل الزنجية الضاربة إلى الجنوب 227 وكأن القبائل الملثمة حديثة العهد بالإسلام أرادت أن تسهم فى حركة الجهاد المقدس» وأن تدلى بدلوها فى الدلاء.. )١( ابن خلدرن جة ص؟18. 50.م ءلاءمفط) 376.10 .موع ادل )1١( ابن خلدون جا ص141- 2187 جامع تواريخ فاس ص57 .
() .211.م زاك .مه) تعمموددء 1" (5) .211.م راك .مم)زعدومدمة 1"
58
وفى هذا العصر كانت مملكة غانة الزنجية قد بلغت أوج قوتهاء وعنفوان توسعهاء حتى لقد وصفها ابن خلدون بقوله «كانوا أعظم أمة وأضخم ملك20) امتدت منطقة نفوذهم من منحنى النيجر جنوبا حتى مدينة أركى فى الشمال» وتقع على مسيرة سبعة أيام من مضارب قبيلة لمتونة قرب وادى نون '©. ولكن كان من حسن طالع هذا الخلف الصنهاجى الوليدء أن دبت عوامل الضعف فى هذه المملكة الزنجية الضخمة فى هذا الوقت بالذات» ففقد روى المؤرخون ”'" أن هذا البناء الضخم انهار فجأة أمام ضربات الملثمين المتقدمين من الشمال» ويقال فى. تعليل ذلك» إن شعب صوصو *' النازل إلى الجنوب من ديار غانة أفلح فى طعن هذه المملكة من الخلف. والإغارة عليها فى الوقت الذى أثخنتهم فيه سيوف الملثمين من الشمال.
ويقال فى تعليل ذلك أيضا أن المعركة كانت بين الإسلام والشرك» بين شعب ألهب الإسلام حماستهء» وجد فى طلب الاستشهاد» دفاعًا عن الدين الجديد» وشعب زنبهى من عبذة الأصنام» فلم يكن مستغربًا أن ينجح الحلف الملثم نجاحا بعيد المدى» وأن يشخن فى ديار غانة» وأن يردهم صوب الجنوب» وأن يممضى قدما فى توسعه حتى أصبح على مسيرة أيام من منحنى النيجرء كما وضع يده على مدينة أودغشّتء» وفرض الحزية على الشعب المغلوب على أمره 2» واتخدذ هذه المديئة .حاضرة له 2©9,
ويفيض المؤرخحون فى وصف هذا الملك العريض» الذى حققه زعيم صنهاجة اللمتونى» فيقولون إنه كان مسيرة ثلائة أشهرء ويدللون على قوة هذا الملك الصنهاجى فيقولون إنه كان يركب فى ماثة ألف نميب 7"©. وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على هذه القوة الجبارة» التى تمخضت عن هذا الحلف الملثم القوى .
)00 ابن خلدون : العبر ج ك*ص94١ :
(؟) .19.م لسقاموعلة :برعامم0
(*) الإدريسى ص55» اين خلدون جاص1598١» القلقشندى : صبح الأعشى جدص597 . .71.م رلإء06001) (1) صبح الأعشى جدةص797. .8.71 ,لإء0001
(6):ابن خلدرة ا ص99١ 8
(5) .213.م زاك .مم)نءدمهيويع]1"
(1) ابن خلدون جاص0181 جامع تواريخ فاس ص/50.
59
ويروى المؤرخون أن هذا الزعيم توفى عام 177هاء وأن الملك قد استمر فى أعقابه حتى عام ٠5 لاهء حتى تفرق شمل الحلف. وعملت عوامل الفرقة عملهاء فعدت صنهاجة على تميم خليفة تيولوتان» فقتلته» وتفرقت القبائل أيدى 202
ويخيل إلينا أن قبيلة جدالة كانت فى طليعة الفاتحين» بدليل أن مضاربها أقرب مضارب الملشمين من دولة الزنوج» ولم تكد غانة تتحرر من ربقة قبائل الملثمين بعد تفرقهاء حتى عادت تبسط ظلها على مدينة أودغشت مرة أخرى» © ولكنها لم تستطع أن تسترد أملاكها السابقة بعد استقرار القبائل الملثمة فى البلاد التى تم فتحهاء ويبدو أن غانة قنعت بالسيطرة على أودغشت,ء لأن ذلك معناه التحكم فى طريق التجارة بين بلاد السودان وسجلماسة والمغزب» وفى ذلك ربح طائل وثراء عريض .
١١ ظهور الزناتيين فى المغرب الأقجى:
فى الوقت الذى شغلت فيه صنهاجة الجنوب بمدافعة غانة» كانت الأمور فى بلاد المغرب تجرى فى صالح صنهاجة الجيل الأول» النازلة فى إفريقية» “فقد قامت الدولة الفاطمية» وحالفتها كتامة» وصنهاجة من أول الأمرهء وسارتا فى ركابها وبدأت الدولة الجديدة تتوسع صوب المغرب؛ كما تحفزت الدولة الأموية فى الأندلس للنزال» وبدأ الفريقان يتخذان المغرب الأقصى ميدانا للصراع فيما بينهما طمعا فى الغلبة والسيادة.
وف الوقت الذى كان هذا الصراع فيه على أشده بين الفاطميين» وأحلافهم من زناتة» استطاعت صنهاجة الجنوب أن تتحد مرة أخرى» ولاندرى الظروف التى أدت إلى هذه الوحدة» إنما يخيل إلينا أن السبب فى ذلك يرجع إلى أن قبائل اللثمين شعرت بأنها بين خطرين داهمين» خطر فى الشمال بسبب اصطراع القوى السياسية فى المغرب. وخطر فى الجنوب ناجم عن شيطرة غانة على طرق التجارة» التى هى عصب الحياة لهذه القبائلء» فقد ذكر المؤرخون”" أن لمتونة استطاعت
2615 247ك 29.م,.1 .) ,1930 عالعمق ١41١ ابن خلدون جاص )١( 580-1.مطرلاا. آلا زناك .م0) طاصوظ .213.م (ناتعيوه): عوعود1 )0( 5 181-18١ ابن خلدون جاص ٠ ١658ص قرف ابن حوقل: المسالك. ص الال البكرى : ا مغرب 07
بزعامة الأمير تين يروتان بن ويسنو أن تلم شعث اللثمين مرة أخرى» ويخيل إلينا أن ذلك تم حوالى سنة ٠0“اهء فإن ابن حوقل 7(" طوف بديار الملثمين فى ذلك الوقت تقريباء ودخل مدينة أودرغشت؛ ووصف مبلغ قوة ذلك الحلف الجديد» الذى عاد يتخذ هذه المدينة حاضرة له مرة أخرى» بعد أن أقصى عنها عدوان غانة» وعادت صنهاجة اللثام تبسط ظلها من جديد على الأقاليم الممتدة من جبال درن فى الشمال إلى منحنى التيجر فى الجنوب» ولكن الصراع لم تهدأ تائرته» إذ كانت غانة بالمرصاد» فاستردت أودغشت مرة أخرى» وترفقت قبائل الملثمين ”2» وأظلها القرن الخامس وهى متفرقة الكلمة مبعثرة السلطان» حتى قدر لها أن تستعيد وحدتهاء وتسترد مكانتها تحدوها آمال جديدة» وتدفعها بواعث أخرى» وأهداف سامية .
وفى ذلك الوقت بالذات كانت زناتة وأحلافها من قبائل البتر صاحبة السيادة على المغرب الأقصىء فقد كان بنو خزرون ينزلون بسجلماسة» ويتحكمون فى مسالك الصحراء؛وكان المغراويون يسيطرون على إقليم فاس» ويمدون نفوذهم إلى إقليم الساحل» أما بنو يرن فكانوا ييسطون ظلهم على منطقة سلا " عدا كثير من البطون البترية التى كانت تنتشر فى هذا الإقليم بمعونة هذه الإمارات الثلاث .
ويحق لنا أن نسأل» كيف تم لزناتة وأحلافها من البتر السيطرة على المغرب الأقصى على هذا النحو؟. نحن نعرف أن زناتة قد اتخذت المغرب الأوسط وطنا لهاء ومدينة تلمسان مركزا لنفوذها » وكانت فى الواقع تشطر الوطن الصنهاجى شطرين: شطر شرقى» وآخر غربى» كما كانت بطونها تضرب فى صحراء إفريقية جنوب تونس وسفوح الأوراس والهضاب العليا ونطاق المراعى”" .
كانت أوطان صنهاجة وزناتة متجاورة مختلطة» والعداء بينهما معروف». وهو صورة من ذلك العداء التقليدى بين البرانس والبتر» ذلك العداء الذى عرفه تاريخ المغرب منذ القدم؛ عرفه الرومان » وعرفه العرب بعد فتحهم المغرب» ولعب فى )١( ابن حوقل : المسالك ص الا 580.م .01 (ك .مه) نطامة8 (؟) البكرى: المغرب ص155. ابن أبى زرع: روض القرطاس ص775ء القلقشندى: صبح الأعشى جه 00 57 البيان المغرب ج١ ص777., الخلل الموشية ص7١ . (4) .197.م (اك .وه) تمعتابدق (ه) .234-239 .م.1010
الا
التاربخ الإسلامى فى العصرين الأموى والعباسى دورا كبيراء وترك فى حياة المغرب آثارا واضحة» ويرى جوتييه «أن البتر قتلوا المغرب ولعبوا دورهم المحزن كأتم مايكون ”1 .
ولكن الأحداث التى وقعت بالمغرب فى القرن الرابع الهجرى قدر لها أن تبرز أهمية هذا النزاع» وتخرج به من نطاق النزاع المحلى بين شعبين متسعاديين متباغضين إلى نطاق أوسع» حين أكسبته صفة عالية دولية» فقد قامت الدولة الفاطمية فى إفريقية بمعونة قبيلتى كتامة وصنهاجة» وظفرت هذه الدولة الناشئة بتأييد البرانسء ذلك التأييد الذى حقق أحلام المهدى كاملة» وأتاح لحنود الفاطميين أن يتوسعوا إن شرقا وإن غرباء كيفما طاب لهمء ولم- تنظر القبائل الزناتية النازلة بالمغرب الأوسط إلى ذلك التأييد بعين الارتياح» فارتابت فى الدولة الجديدة التى قامت على أكتاف البرانس» ووقفت منها موقف الحذرء ثم تجاوزت الحذر إلى الموقف الإيجابى» فأغار محمد بن خزر الزئاتى على مدينة تيهرت فى عهد المهدى(". الذى استطاع أن يرد عدوانه» وينزل به الهزيمة» فلاذ بأذيال الفرار معتصما بالصحراءء كما شق أبو هارون الهوارى عضا الطاعة بطرابلس» فحوصر وقضى عليهء ولم تستطع زناتة أن تصمد طويلا أمام قوات هذه الدولة الفتية» لأنها كانت تعتمد فى نضالها على مواردها المحدودة 22 وهئ ليست شيا إذا قيست بموارد الدولة الجديدة.
وما لبثت الدولة الفاطمية أن ناصبت الدولة الأموية بالأندلس العداء من أول الأمر» بسبب العداء المعروف بين الشيعة وبين الأمويين ©2. فاعتقد الأمويون بالأندلس أن الفاطمبين بإفريقية يريدون بهم شرّاء ويتربصون للإيقاع بهم 2 والأخذ بذلك الثأر القديم» كما أن اتجاه الفاطميين إلى بسط سيادتهم على المغرب أول الأمرء أشعر الأمويين بأن الخطر الذى كان بعيدا بإفريقية أخذ يقترب من ديارهم» زد على ذلك أن عبيد الله المهدى أرسل يؤيد ابن حفص ون الثائر بالأندلس9"'؟. ويشد أزره نكاية فى أعدائه الأمويين.
١402.)1.م (نأك .ره) اعتانيد0
(؟) .95.م ,11 .آهل روععطدع8 ذعط :أعمكناه1
(”) ابن أبى زرع : روض القرطاس ص؟6.
(1) .14-21.ص,11! .اولارعمعدمةء 'ل دمقت اسعن84 ذعل .اوتا :بإدمآ (ه) .14-21.مم غ1
(5) .17.ص,!!! .1آه0. اوسا دعل .)1115 :و1202
ا
ولم يكن عبدالرحمن الناصر يستطيع فى ذلك الوقت أن يتدخل فى شئون المغرب تدخلا مباشرا بسنب مشاغله فى الأندلس» واشتغاله بمدافعة الفرنجة فى الشمال ”2 فلم يجد بدا من أن يؤيد الأمراء المغاربة الخارجين على الفاطميين» فوجد فى الزناتيين والبتر أحلافا يطيعونء وكأن البتر كانوا يتلهفون لمثل هذه الفرصة النادرة للثأر من الفاطميين وحلفائهم من البرانس» فأقبلوا على الدعوة الأموية إقبالا منقطع النظير» وأيدوها تأييدا مطلقّاء ولبوا نداء عبدالرحمن الناصر عن طيب خاطر» فدخل موسى بن أبى العافية فى طاعته وخطب له على منابر بلاده 29 ,
وأحس الفاطميون أن الزناتيين أصبحوا خخطرا جليل الشأن». حين عمد عبدالر حمن الناصر إلى الاستيلاء على سبتة» واتخذها قاعدة لأعماله الحربية» فأرسلوا إلى المغرب. الأقصى حملة بقيادة ميسور الفتى» استعادت فاس سنة “الاه”" وهزم ابن أبى العافية هزيمة ساحقة» ففر معتصما بالصحراءء كما أن الخليفة القائم بن عبيد الله» انقض على محمد بن خزر المغراوى فهزمه أيضاء واتخذ العداء بين الفاطميين والزئاتيين صورة جديدة عنيفة ستترك أبلغ الأثر فى تاريخ البرانس والبتر معا.
وأصبح واضحا كل الوضوح أن البرانس فاطميون والبتر أمويون ©2؛ وأمعن الصنهاجيون بدورهم فى تأييد الفاطميين أكثر من ذى قبل» فأقام مناد بن منقوش زعيم صنهاجة سلسلة من الحصون من أملاكه, فاستطاع أن يرد عدوان الزناتيين عن إفريقية» وكانت زناتة با مغرب الأوسط لاتزال قوية» وكانت تتربص بالغزوات الفاطمية العائدة من المغرب الأقصىء فتنزل بها بمسائر فادحة.
وقد بلغ الخطر الزناتى أشده فى ثورة أبى يزيد مخلد بن كيدادء الذى كاد يأتى على ملك الفاطميين بإفريقية» والذى كان يرسل إلى بلاط قرطية أنباء اتتصاراته المتتالية» يطلب العون والمساعدة» لكن الفاطميين انتصروا وهزم
)١( .199.صرلا .آه/ .وععطيع8 دعا تاعونه1آ1
زفق ابن عذارى . البيان جخاص7١؟27 روض القرطاس صراة. (5) اين أبى زرع:. روض القرطاس ص68 .
2( ابن عذارى: البيان المغرب جالاص”207727 مفاخر البربر ص 5
نف
الزناتيون» ولاذت قبائل بنى يفرن ومغراوة بأذيال الفرار 27 حين تلاشت قوة أبى يزيدء ولم يعد يستطيع المقاومة.
وما كادت ذيول ثورة أبى يزيد تنتهى» حتى عادت كتائب الفاطميين إلى المغرب الأوسط» غازية بقيادة جوهر ونكلوا بالزناتيبين شر منكل» وأصيبت الجبهة الزناتية بتتصدع كبيره فقتل موسى بن أبى العافية ”")؛ وهزم جوهر بنى يفرن» تة 4 فتفرق شمل بنى يفرن» وتقلص نفوذهم» وبدأت جموع زناتة بالمغرب الأوسط ترحل تدريجيا إلى المغرب الأقصى. تلوذ به من غضب الفاطميين» وانتقامهم» وأمعن جوهز فى طلبهمء ودخل المغرب الأقصى» واستولى على فاس وسجلماسة وشت جموعهم» وما كاد محمد بن خزر المغراوى يلم شعثه» ويعاود الكرة حتى تصدى له زيرى بن مناد الصنهاجىء والتقى به فى موضع بين أشير وتلمسان © ؛ فاحرز نصرً عظيماء المغراوى» وحوصر العدوء وذاق البأس والشدة» وبذلك تمت السيادة البرنسية على المغرب الأوسطء إذ لولا ذلك النصرهء لا بايع المعز صنهاجة. ولا قدر لها أن تخلف الفاطميين فى ملك المغرب.
ولما حاول جعفر بن على الأندلسى أن يحيى موات مغراوة» ويقودها للقاء البرانس من جديدء» خف إليه بلكين » فهزمت زناتة» وولت الأدبار متجهة صوب مدن المغرب الأوسط واحدة واحدةء فاسترد طبنة 29 وبغاية 229 والمسيلة 0“ وبسكرة 229 وانقض على تلمسان فخربها ('2» وقتل من زناتة فى هذه المعارك (1) .263.م(راكء .مه) :معنانيه0 (؟) السلاوى: الاستقصا ص87. لقف أفكان من مدن ا مغرب الأوسط قرب تيهرت. الادريسى ص87 . (5) نبذ تاريخية جامعة ص0 . (ه) .2.375 (أك .م0) امع زاتلة0 (1) طبنة بلدة فى طرف إفريقية ما يلى المغرب على ضفة' الزاب. انظر : يافوت جلاص5019. (/) مديئة كبيرة فى أقصى أفريقية بين محائة وقسنطينة. ياقوت جا ص27 . (8) بالفتح ثم الكسر والياء ساكنة ولام.
0( بسكرة بكسر الباء بلدة فى المغرب من نواحى الزاب بينها وبين قلعة حماد مرحلتان. ياقوت اجلاص176 . )١( نبل تاريخية جامعة ص8.
واسترد تيهرت» وخرب مدينة أفكان © حاضرة زنا
7“:
جموعا لاتحصى» وبلغ من شدة إمعان بلكين فى التنكيل بأعدائه من البتر أنه كان يقول: «لا أمان عندى لبربرى ركب فرسًا أو نتج خيلا أبدا حيثما سلك من البلاد2 ,
ولا كانت قبيلة بنى يفرن قد تفرق شملها بعد أن قتل جوهر رعيمهاء فإن مغراوة أيضًا ذهبت ريحهاء وأصبح المغرب الأوسط لأول مرة منذ الفتح الإسلامى» خلوا من زناتة» وتم بذلك القضاء على زناتة الجيل الأول بالمغرب الأوسط. هاجرت فلولها إلى المغرب الأقصى. مثل بنى يفرنء ومغراوة» وانتقل بعضهم إلى الأندلس'"» ونستطيع أن نقول إن سيطرة صنهاجة على نواخى المغرب الأقصى قد بدأت من ذلك الوقت.
وفى ذلك الوقت أيضا كانت الدولة الأموية فى عهد الحكم المستنصر قد تخلصت من أكثر متاعبهاء بحيث تستطيع التدخل فى شئون المغرب الأقصىء لمد يد العون لزناتة والبتر» التى كادت أن تفنيها جهود الفاطميين والزيريين» وقد انتهز الحكم المستنصر فرصة انشغال بلكين بشتئون المغرب الأوسط. فقضى على الحسن ابن كنون الإدريسى حليف الفاطميين» وبذلك عاد المغرب الأقصى إلئ طاعة الأمويين» وراحت جموع زناتة الفارة من المغرب الأوسط تمعن فى تأييد حلفائهم الأمويين» وتتهيأ للقاء البرانن إذا حدثتهم نفسهم بالعدوان على المغرب الأقصى .
ولم تخن بلكين شجاعته؛ بل انقض على المغرب الأقصى لينال من زناتة فى عقر دارها الجديدة» فلعله يستطيع القضاء عليهاء فيستريح من شرهاء وقد استرد فاس» وسجلماسة ”". هزم البتر أقبح هزيمة» ولاذوا بالفرار معتصمين بسبتة» ليكونوا على مقربة من القاعدة الأموية لتحمى ظهرهم» وتقيهم شر الصنهاجيين» وكان الأسطول الأموى على استعداد للدفاع عن سبتة» إذا هم بلكين بالانقضاض عليهاء ولكن جهود بلكين لم تستطع أن تستأصل الخطر الزناتى من المغرب الأقصى عليها تماماء فلم يكد يعود أدراجه حتى علم أن بنى خزرون قد استولوا على سجلماسة» وتوفى قبل أن ينجح فى ردهم على أعقابهم .
. مفاخر البربر ص8 )١( "1 (؟) .159.,م زاك .مم)نء55ة رع
() ابن أبى زرع: روض القرطاس ص7 .
الذى كان قد أبرم بينهماء وأصبحت الدولة الأموية مطلقة اليد فى شئون المغرب محمد بن خخزر أن يجمع كلمة مغراوة» وأن يلم شعثهاء واتجه صوب فاس واستولى عليها 29 كما حاول خليفة بلكين أن يدفع مغراوة عما أرادته يفاس وسجلماسة» ولكنه ارتد على أعقابه مهزوماء وتأكدت سيطرة المغرزاويين بفاس » وراحوا يدعون للخليفة هشام المؤيدء بينما عمل زيرى بن عطية على بسط سلطانه على المغرب الأقصى دون منازع.
ولكن يبدو أن المنصور بن أبى عامر رأى أن الوقت قد حان ليعمل فى المغرب الأقصى بحرية تامة» دون أن يعتمد على تأييد رناتة وحلفائهاء ويخضع هذه البلاد لاحتلال أندلسى مباشر » لأن سياسة تأييد الزناتيين كانت تكلفه أموالا طائلة» ولأن الخطر الصنهاجى على المغرب الأقصى بعد وفاة المنصور قد زال أو كاد وانشغل الزيريون بمشاكلهم الخاصة» وانصرفوا عن استعادة سسيادتهم على المغرب الأقصىء هذا إلى ماكان من أمر تدخل زيرى بن عطية فى شئون السيدة صبح زوج المستنصرء وعمله على إحباط خطط المنصورء فسير المنصور واضحًا الفتى عام 87"اه لقتال زيرى واحتدم النضال بين الزعيمين» فكان شعار جند زيرى «هشام يامنصوراء وشعار العامريين «يامنصور» ©.
ولكن واضحًا هزم وارتد إلى سبتة» فأرسل المنصور ولده عبدالملك لينضم إلى واضح » واستطاعا أن يوقعا بريرى بن عطية» ودخل العامريون مدينة قاس » ودعى للأمويين على منايرهاء وأصبحت القوات الأندلسية نفسها تحتل المغرب» وتوغل فيه» وفر ابن عطية إلى الصحراءء وحاول أن يغير على المغرب الأوسطء ولكن الصنهاجيين كانوا له بالمرصادء فردوه على أعقابه خاسراء فلما توفى المنصور بن أبى عامر وخلفه ولده عبدالملك» رد إلى المعز بن زيرى بن عطية حكم )١( ابن الأثير: الكامل جا ص8١ . )3( ابن عذارى: البيان جخاص235727.
كلا
فاس عام /ا0٠ 5ه على (أن يعطيه عدة من الخيل والسلاح يحملها كل سنة إلى قرطبة27) . حماد بن بلكين بالمغرب الأوسطهء وأمن المغرب الأقصى عادية بنى زيرى الصنهاجيين » واستطاع المعز بن زيرى بن عطية المغراوى وحلفاؤه الزئاتيون أن يمكنوا لأنفسهم فى السيادة على المغرب كيفما طاب لهمء وخصوصا بعد أن شغل أهل الأندلس عن المغرب نهائيًا فى حجابة عبد الرحمن بن أبى عامرء» وأصبح المغرب الأقصى للبتر وشيعتهم لاينازعهم فيه منازع. وأصبح النضال بين صنهاجة البرنسية وزناتة البترية نضالا لا تحركه المطامع الأجنبية .
وكانت هذه المحروب الطاحنة مما أضعف من قوة الزئاتيين وفت فى عضد البتر» فإن جهود الفاطميين ثم الزيريين من بعدهم مزقت شملهم وشتتت قبائلهم وأقصتهم عن المغرب الأوسط. ولاحقتهم | إلى المغرب الأقصى. فقضت على زهرة فرسانهم » ونحبة ة رجالهم» نعم خاض الزناتيون حريا استمرت قرنًا من الزمان» لم يحالفهم النصر إلا قليلاء بل كانت الغلبة للبرانس الذين استطاعوا أن يأخذوا تأرهم كاملا .
وقد وصف ابن حوقل آثار هذه الفتن الطاحنة فى صفوف الزناتيين فقال: «جميع هؤلاء البربر فى وقتنا هذا فقراء بتواتر الفتن ودوام القحط وكثرة القتل والموت9») . كما أن محالفتهم الأمويين كانت ذات نتائج بعيدة فى تاريخ الأندلس» فقد أحذوا يفدون إلى الأندلس منذ القرن الشالث الهجرى» وكان البرانس كلما هزموهم » أو تكلوا بهم» هاجرت بعض بطونهم إلى الأندلس» ويبيدو أن الخلفاء الأمويين كانوا يغدقون عليهم الأعطيات» ويرحبون بمقدمهم» ويولونهم الأعمال» ويشتجعونهم بكل الطرق الممكنة على الوفود إلى الاندلس» أشركوهم فى الجيش» واعتمدوا عليهم اعتمادًا كبيرا فى حركة الجهاد المقدس فى الأندلس» بل أصبحت قبائل البتر فئ المغرب معينا لاينضب يستمد منه الجيش الأندلسى حاجته بين الحين والحين» لأن الخلفاء لم يكونوا يستطيعون الاعتماد على الجحند المرتزقة اعشمادا: )0غ( ابن جوقل : المسالك. والممالك صما . 69 اين حوقل : المسالك والممالك ص86 .
ش 7
تاماء فأضعفت الهجرة قوة الزناتيين بالمغرب الأقصى إضعافا كبيراء على حين صد الأمويين عن البرانس» فأبقوا على قوتهم بالمغرب لم تمس بسوء.
وقد أمعن المنصور بن أبى عامر فى اصطناع البربر ''4» لأنه كان يريد فى الواقع أن يجمع السلطة فى يديه فجند من البتر جموعا غفيرة» وأغدق على زعمائهم وفرسانهم» فوفدوا على الأندلس ررافات» وشاركوا فى الحملات المتعددة التى قام بهاء .والتى أبلى فها البلاء الحسنن» كل هذه الظروف قد فتت فى عضد البتر»ء وأنقصت جموعهم»؛ وأصابت وحدتهم فى المغرب الأقصى بخطر جسيم .
أفنعجب بعد ذلكء إذا رأينا قبضة زناتة على المغرب الأقصى فى القرن الخامس الهجرى يصيبها الضعف,. وأن هذه القبائل عصفت بها الفرقة» ويدت حكومتها بالمغرب ضعيفة هزيلة ؟؟ على أن هناك سببا آخر يعزى إليه ضعف شأن البتر بالمغرب الأقصى فى ذلك العصرء وهو سقوط الخلافة الأموية» وافتراق أمر الأندلس» وضياع الوحدة الإسلامية فى شبه الجزيرة» حين أصبح المسلمون شيعا وأحزابا متنافرين متحاربين متباغضين» فقد كانت الدولة الأموية تبسط ظلها على المغرب» وتمد يد العون للقبائل الزناتية» تجزل لها العطاءء وتمد لها يد العون وتمنحها ما تحتاج من مال لتنفيذ مشاريعهاء وتقف إلى جانبها إذا عدا عليها البرانس» فكأن هذه القبائل المتنافرة كانت توخدها وحدة الولاء للخليفة الأموى» والدخول فى طاعته.ء فكانت هذه الإمارات فى الواقع تدعو لهشام على منابرها » وتدين بالطاعة والولاء للبيت الأموى.
فلما سقطت الخلافة تفرق شمل المغرب 7"©» كما تفرق شمل الأندلس» وعدمت الوحدة التى كانت تمد رواقها على هذه البلاد»ء ووجدت القيائل الزناتية نفسها حرة طليقة تعاود سياستها القديمة» سياسة الإغارة والعدوان» فانقسمت النلطة على نر عاينا من إمارات حرية قلاع معاغفنة ختسارية يما ينها ء قد صور المؤرخون مدى افتراق الكلمة فى المغرب الأقصى عقب تدهور الخلافة الأموية بعد هشام المؤيد أصدق تصويرء ووصفوها أبلغ وصف. فقد قيل «انجرفت الإمامة» وتفرقت الجماعة» وانهدمت الدولة المروانية» وصار أمر الناس (؟) .20-12.مم كعطدية دعاآ: كتمع عدلة1
7“
بجزيرة الأندلس شيعاء ولما كانت الطاعة بالأندلس واحدة» وإمامتهم واحدة» تشتت الناس بالمغرب كفعلهم بالأندلس» وانتزى بعضهم على بعض”")2.
يضاف إلى ذلك؛ ماعرف به البتر فى تاريخهم الطويل من حب النقلة والترحال وافتراق الكلمة» فلم تستطع القبائل البترية أن تتحد فيما بينها لتكون حلفا قويا يستظيع أن يصمد أمام الأخطارء أو تكتب له صفة الدوام © هذا على النقيض مما عرفت به صنهاجة من خب الاستقرار» والتعلق بأسباب الحضارة» والوحدة التامة بين قبائل الحلف الواحدء بل إن الوحدة والتفاهم كانا على أتم مايكون بين صنهاجة إفريقية» وصنهاجة الصحراءء رغم بعد الشقة واختلاف الظروف» فلم تستطع قبائل البتر فى المغرب الأقصى والحالة هذه أن تتحد لمواجهة الخطر المشترك» بل سادتها شرعة الأسماك» وعدا القوى على الوك فقد أغار أمراء فاس على سجلماسة» وأغار أمراء سجلماسة على فاس ”"» ولم تستطع زناتة أن تنتهج سياسة. بربرية ذات شخصية مستقلة» بل كانت دائما صنيعة غيرهاء وألعوبة فى أيدى الدول المتنافسة على السيادة بالمغرب 2)9.
ويبدو أن روح البداوة» غلبت على الإمارات التى كونتها زناتة بالمغرب الأقصىء فلم تنجح فى إقامة نوع من الحكومة المنتظمة المستقرة» التى تؤلف 0 على اخحتلاف مشاربهمء فتضمن تعاونهم فى سبيل المصلحة
بل كان كره الزناتيين للاستقرار أكبر عقبة فى سبيل إقامة نوع من
0 المنظمة» فهم من هذه الناحية أكثر شبها بعرب بنى هلال» الذين قوضوا بناء الدولة الصنهاجيةء وأخفقوا فى إقامة نوع من الوحدة» بل أقاموا إمارات متنازعة متنافرة» لم يستطع الزناتيون إذن أن يوجدوا نوعا من الوحدة بين سكان السهول أهل الاستقرارء والبدو أصحاب المناطق الرعوية» كما فعل الأدارسة من قبل» إنما أفلحوا فى إقامة حكومات تتسم بميسم الضعف والقسوة» حتى رماهم المؤرخون''" بكل نقيصة» فقال صاحب البيان «جرت أمور وخطوب لايحسن ذكزها لشناعتهاء إن الدول إذا أدبرت فكل مايجرى فيها يقبح ذكره”"». )١( ابن عذارى : البيان جا ص755ء مفاخر البربر ص١4» ابن الخطيب: أعمال الأعلام ص9/8؟.
(؟).21.م وعطوعة ذع.1آ :وتهععد/13
(") مفاخر البربر صن 5١ -547.
(:) .8.175 (أك .مه): عومدررع1"
(177.)0.م (أك .وه): عومودع]”
(1) ابن أبى زرع: روض القرطاس ص8" جامع تواريخ فاس ص .7١ القلقشندى: صبح الاأعشى .جه ص/191 . (0) ابن عذارى : اليئيان ج ١اص774. 1
,/
١١ اضطراب الأحوال الإقتصادية:
وقد اضطربت الأحوال الاقتصادية فى المغرب الأقصىء إلى جانب اضطراب الحياة السياسية على النحو الذى عرضنا له. ذلك أن الفتن المستمرةء والثورات المنتصلة» والحروب غير المنقطعة» لم تتح للبلاد نوعا من الهدوء والاستقرارء والاستقرار كما نعلم لابد منه ليتوفر السكان للإنتاج» ويطمئن الزارع إلى زراعته» والصانع إلى صناعته» والتاجر إلى تجارته. فلما عدم الاستقرار على هذا النحو قل الإنتاج» واضطربت الأوضاع الاقتصادية فى البلادء» لأن محور الحياة الاقتصادية فى هذه البيئة هو حسن التعاون بين المناطق البدوية والمستقرة 22 لايعتدى البدو على المستقرين الآمنين» فيصرفوهم عن أداء رسالتهم وزيادة إنتاجهم .
وقد زال هذا التعاون فى القرن الخامس الهجرى» بل ساد التنافر بين مناطق السهول» ومناطق الرعى» ولم يستطع الزناتيون حماية أهل السهول زراع الأرض من عدوان البدو وغاراتهم 0 فما بالك إذا كان الحاكمون أنفسهم هم مصدر هذه الإغارات على الرعية الآمنة المستقرة» وهذا عكس ماحدث فى إفريقية فى عهد بنى زيزى» الذين أفلحوا فى إقامة نوع من التعاون الوثيق بين السهول والهضاب ومكنوا للحضارة من أن يزكو نبتهاء وتؤتى الثمرات المرجوة» فلما أغار عرب بنى هلال على هذه البلاد انقلبت الحياة الاقتصادية رأسا على عقب.
وهئالك أسباب أخرى عملت على إشاعة الاضطراب فى الحياة الاقتصادية فى البلادء وهى أن التجارة بين إفريقية والسودان كانت تسلك طريقين: طريق فزان» وبرنوء وكانم» وطريق سجلماسة» وأودغشت,ء ومنحنى النيجر "2 وقد حدث أن هجر الطريق الأول بسبب العواصف الرملية. التى بدأت تجتاحهء فخاف التجار على أنفسهم » وعدلوا عن سلوك هذا الطريق» فازدادت أهمية الطريق الثانى ؟» وأصبحت سجلماسة على طرف الصحراء من الشمال» وأودغشت على
1 .203-205.مم (.أك .مم): عنمو )١( (؟) .203.م (نأك .مه): عومودع1" اقرأ عن تجارة الصحراء فى العصور الوسطى .71-108.مم.ا.ع,ععم وعنز110 به عباو كلذ '! عل عاض ع اناوءعء2آ هآ تعرعاعنام 19 عل معاعقطت .ؤوطويخ عط أه لسمدامعععلظآ عط!: برعاوممت )"( .203-205.مم (أك .م0): عومد و1" ):(
طرف الصحراء من الجنوب من أهم مدن المغرب وأوفرها مالا 2» فقصدها التجار من كافة الآفاق» وكان هذا الطريق يمر بديار قبائل الملثمين فاحتكروه» وفرضوا أنفسهم لحماية المتاجر التى تعسبره من المغرب إلى السودان» كما أن طريق المحيط الأطلسى رادت أهميته» زبدأت القوافل تسلكه» وهو يمر بديار جدالة» ولمتونة» فكانت التتيجة أن تحكمت قبائل الملثمين فى هذا الطريق الحيوى» واحمتكرت التجارة بين المغرب والسودان.
وكان هذا الاحتكار أول الأمر من نصيب زناتة» التى استطاعت بعد أن حالفت العرب أن تضع يدها على هذه التجارة الرابحة» ولكن الملثمين تازعوها هذا الأمر » وانتزعوا هذه الموارد الضخمة من أيدى الزناتيين» بل ناضلوا مملكة غانة» وغيرها من الممالك الزنجية دفاعا عن هذه الثروة الضخمة» ووضعوا أيديهم على مديئنة أودغشت» كما أن قبيلة لمطة بسطت نفوذها على المنطقة الممتدة من جبال درن حتى وادى نون» وأنشأت مديئة نول لمطة التى أصبحت فى الواقع من أهم المراكز التسجارية فى غرب إفريقنية “2» وكان الملح من أهم السلع المتبادلة بين السودان والمغرب» كان يحمل من بلدة أوليل بديار © جدالة إلى المغرب والسودان على السواءء وكانت القوافل تحمل من بلاد السودان التبر والصمغ والصوف والخرز 24. ْ
وكانت هذه المتاجر تحمل إلى موانى المغرب» ومنها تنقل إلى الشرقء "أو تحمل إلى أسواق أوروبا ©: فلما وجدت زناتة أن هذه الموارد الغنية قد ضاعت منهاء فرضت المكوس الجائرة على تجار سجلماسة» وعلى غيرهم من التجار ''' الذين كانوا يجنتازون إقليم المغرب الأقصىء فأدى ذلك كله إلى اضطراب الحياة الاقتصادية» وقلت موارد بيت المال فى الوقت الذى لم تعد فيه زناتة تعتمد على معونة بنى أمية فى الأندلس.
)١( .59.ص,1[».؛,1930 ,ومعموء] نع اأعمفط ع1 عا
(؟) .200.م 1ذ1دئ112 تعم رط صسمدموعرآ1
(5]! البكرى : المغرب ص771 .
(175 القلقشندى: صبح الأعشى جه ص7856ء أبو حامد الغرناطى: تحفة الألباب ص 87-51١ . (©8 البكرى : المغرب ص 18١ .
و 91ك.م,ا»؛ ,1930 ردتتعمدع11 نزع[اءمقطك ءا 10
م١
وكان من نتيجة ذلك أن اشتد الغلاء فى البلاد» وانقطعت المواد» وكثر الخوف» وتبدل الرخاء بالشدة» فاتصل الجوع والغلاء»؛ وعدمت الأقوات 2 حتى لقد قبل أن أوفية البر كانت تباع بدرهم ”2 وقد روى المؤرخون 7”" صورا غريبة لهذه الضائقة» التى اجتاحت البلاد فى ذلك الوقتء» إذ قيل أن الزناتيين كانوا يقتحمون الدور ليستولوا على الطعامء ويمثلوا بالنساء والاطفال» وكانوا يستولون على أموال التجار بالقوة» بل قيل أيضا أنهم كانوا يقفون على جبل قريب من فاسء فإذا رأوا دخانا منبعثا من منزل انقضوا عليه بحثا عن الطعام '2» فاتخذ الناس لأجل ذلك «مطامر تحت الأرض يطبخون فيها وغرفا من غير أدراج تصعد بالسلاليم خوفا منهم»” .
وليس من شك فى أن هذه صورة قاتمة قد تكون فيها مبالغة» لكنها على كل حال تصور لنا اضطراب الحياة. اللاقتصادية فى البلاد» وتبرم الناس بالضائقة التى حلت بهمء والمجاعة التى انتابتهم» فليس بعجيب أن يتطلع الناس إلى الخلاص مما هم فيه من بؤس وشقاءء بتأييد أي قوة جديدة تخ ما هم فيه من ضنك وشدة» وقد جاء الخلاص من ديار الملثمين على النحو الذى سنعرض له فيما بعد.
١١“ انتصار المالكية على الشيهة:
وقد تمخض القرن الخامس الهجرى أيضا عن أحداث أخرى هامة كانت ذات آثار بعيدة المدى فى تاريخ المغرب بوجه عام» وفى تاريخ الدولة التى نحن بصدد التأريخ لهاء ذلك أن المالكية قد انتصرت» وصملت لا أريد بها وعمت المغرب بامرى رافييهة أن عدر النادية يدها وعفيية ورطئة ».ول تلع الالكية أن تحرز هذا النصرء وتظفر بهذا الفوز إلا بعد جهاد شاق وكفاح مرير » وذلك أن الجهود التى بذلها العرب فى نشر الإسلام فى إفريقية والمغرب فى عهد حسان بن
.5١9 ابن القاضى: جذوة الاقتباس ص )١(
(؟) ابن أبى زرع: روض القرطاس ص 7لا.
(©) ابن أبى زدع: روض القرطاس ص؟/اء جذوة الاقتباس صة 25١ جامع تواريخ فاس ص١5 . (5) المراجع السابقة .
(6) المراجع السابقة .
,م
النعمانء وخليفته إسماعيل بن أبى المهاجر 2 قد آتت أكلهاء فغدت القيروان غاضمة للغرت الساسية والعتقافية وقد إليها التابعون والثقيناء والعلماء وعلمل عليهم كثيرون.
وأخذ البربر بعد أن انتهى دور الكفاح» وجاء دور الاستقرار يقبلون على تفهم ذلك الدين الذى اعتنقوه ويفسرونه تفسيرا تقبله عقولهم» وترضى عنه أفهامهمء وكانت الجهود التى بذلها الولاة المتعاقبون ذات أثر بعيد فى شد أزر هذه الحركة المباركة وإذكاء جذوتهاء وأخذ نجم القيروان يتألق بمضى الزمن» حتى غدت قبلة القضاد من كل فج». وأخذت تنشر ثمار نهضتها الجديدة فى أرجاء المغرب الأقصى قاصيه ودانيه» فقامت حركة إسلامية مغربية مباركة 227 وأخخل الإسلام ينتشر بين الناس رويدا رويدا.
ولكن الوافدين على المغرب من العرب جلبوا معهم العقائد الشاذة» فوفدت جماعة من الخوارج أخذت تبث فى نفوس البربر بذور الخلاف والخروج» وأخذ الإسلام فى بعض. نواحى المغرب يجرى فى اتجاهات خطرة كادت أن تشوهه فى نظر المسلمين من البربر»ء وكانت حركات خالد بن حميد الزناتى» وثورة ورفجومة”" على عبدالرحمن بن حبيب» وثورة أبى قرة اليفرنى فى تلمسان» وأبى ميسرة البرغواطى استجابة لهذه العقائد الغريبة على أفهام المغارية ؟» ووفدت المذاهب المختلفة إلى القيروان» فقد غلب عليها مذهب الكوفيين» ثم وفدت عليها الشافعية 2» ومذهب داودء ثم أوى إليها فريق من المعتزلة أهل الرأى» والمغاربة أمام ذلك كله فى حيرة من أمرهم.
وقد وفد مذهب مالك إلى القيروان» شأنه شأن غيره من المذاهب. إذ رحل إليها أكثر من ثلاثين رجلا كلهم لقى مالك ”2» كما وفد عليها على بن زياد
١ج رياض النفوس ص35» الدباغ: معالم الإيمان جاص١515-72 ابن عذارى : البيان المغرب :ىكلاملا )١( 75 7#" صراكت
(؟) .109.م (.أك .مه): عوكميع]"
() قبيلة من قبائل البربر.
(5) حسين مؤنس : مقدمة رياض النفوس ص78 .
(6) القاضى عياض: ترتيب المدارك جا ص١7.
(5) المصدر السابق جاص “557 الدباغ: معالم الإيمان ج؟ صن87 .
م
التونسى وابن أشرسء والبهلول بن راشد 27» ولكن لم يكن لهم القضاء أو الفتيا حتى جاء أسد بن الفرات» إمام العراقيين بالقيروان كافة ©» ووفد على بن القاسم إمام المالكية كصر» فسمع منه) ودون ماسمع فى كتاب سماه «الأسدية”"»» وعاد به إلى المغربء فانتشر ذكره فى الآفاق» ورحل إليه الناس» وتوافد عليه الكوفيون 7 أنفسهم» ينهلون من علم مالك الذى رواه أسدء ولكن أسد لم ينصرف إلى مذهب مالك وحله » بل كان «يلتزم من أقوال أهل المديئة وأهل العراق ماوافق الحق لتبحره فى العلوم 2427 وكان يفسر المذهبين معاء ولكنه كان أكثر ميلا لمزهب مالك فقد قال: «إن أردت الله ورسوله والدار الآخرة فعليك . بقول مالك» وإذا أردت الدنيا فعليك بقول أهل العراق7).
يقنعوا يما رواه أسد» بل طلبوا المزيد حتى قيض الله لهم أبا سعيد سحئون بن سعيد» الذى قدم القيروان سنة ١9١ ه ". ذلك الرجل الذى جمع فضل الدين والورع والعفاف والانقباض عن الناس» فمالت إليه الوجوه» وأحبته القلوب» وصار زمانه كأنه مبتدأ لل وقد رحل إلى مصر » ولقى أبا القاسمء وسمع منه فقه مالك» وقابل الأسدية عليه وجمع ذلك كله فى كتاب سماه «المدونة»» طار ذكرها فى الآفاق» وتناقلها الناس وحملت إلى الأندلس”": وكان لها فضل توطيد دعائم مذهب مالك فى المغرب والأندلس» بل أصبحت فى قوتها تضارع موطأ مالك .
وقد أصيب مذهب أبى حنيفة من جراء سححئون وفقهه وعلمه فى الصميم»
.7١ القاضى عياض : ترتيب المدارك ج اص )١(
() المالكى : رياض النفوس ص١8١.
(*) الدباغ : معالم الإيمان ج؟ ص8.
() القاضى عياض: ترتيب المدارك ج ١ ص 5/87.
)2 المالكى : رياض التنفوس ص١8١ ٠» وانظر
133-5 .مم طقاعذك-ا - ناموع8 عل عتأمهمن(2[ 15 كناد عأهامء 00 عترعطرعء8 هر[ :دعل زع طءعلم11.170 )١( القاضى عياض: المدارك جا ص587.
0) الدباغ : المعالم جلاص 68١ .
(4) المرجع السابق ونقس الصفحة.
(9) المالكى: رياض النفوس ص777ء ابن خير : الفهرسة ص 78١ .
م
حتى قيل «ومحى الله عزل وجل كتب أبى حنيفة من إفريقية» محاها سحنون”) واستقر مذهب مالك بعد سحنون» وشاع فى المغرب جميعه» نعم كان الصراع محتدما بين مذهبين : مذهب أبى حنيفة» الذى يعطى الرأى. أهمية كبيرة» ولاينكر الاجتهادء ولايحرم محبة السلطان» أو تولى القضاء والفتيا"'» أو كما يقول أسد ابن الفرات (إذا أردت الدنيا فعليك بقول أهل العراق 7"». ومذهب آخر وهو مذهب مالك, الذى كان أبغض الناس للمتكلمين والعراقيين» وأشد الناس التزاما لكتاب الله» وسنة رسوله» وسنة الصحابة والتابعين؟: وأكثرهم حربا على القدرية» حتى لقد روى عنه أنه أفتى بألا يصلى عليهم» ولا تشهد جنائزهمء ولايناكحونء ولا يصلى خلفهمء ولايحمل عنثهم الحديث» ولايسلم عليهم» ولايعساد مرضاهم» ولاتجوز مشاهدتهم أو بعبارة أخرئ مقاطعتهم سلبيا وإيجابياء ومذهب مالك هو أكثر المذاهب عزوفا عن السلطان ”2؛ ويغضا فى القضاءء وزهدا فى الفتياء فقد كان مالك يقول: «يجب على ذى العلم والفقه أن يدخل إلى ذى سلطان يأمره بالمعروف وينهاه عن الشرحتى يتبين دخول العلم على غيره لأن العالم إنما يدخل على السلطان لذلك 27 .
فلما امتحن أهل المغرب بمحنة خلق القرآن» وتفشت آراء المعتزلة والقدرية كان المالكيون أشد الناس لهم حرباء وأكثرهم عنفا فى مقاومتهم» وامتحنوا فى سبيل ذلك» فصبروا على الإيذاء © » وتمسكوا بالكتاب والسنة» ونافحوا عنها منافحة الأبطال» حتى كتب الله لهم الظفر وأعز الله بهم الإسلام ورفع كتابه» وسنة نبيه» وهزمت المعتّرلة» حتى لم يبق لها بالقيروان رأى ولا أتباع ولم يجد الأمراء مفرا من النزول على رأى المالكية» فلما أحبوا أن يولوهم القضاء والفتيا أعرضواء فأمعنوا » حتى لقد كان الأمراء يشهرون فى وجوههم السيوف» ويهددونهم بالقتل فى سبيل الرضا بالقضاء لاطمئنان الناس إلى عدالتهم» أفنعجب بعد ذلك» إذ كانت هذه السنة الحميدة» وهذه التقاليد القويمة» وهذا التمسك )١( المالكى: رياض التفوس ص108. )١( عياض: ترتيب المدارك جا ص8لا. (”) عياض : ترتيب المدارك جا ص”587. (5) عياض : ترثيب المدارك جا ص8١ . (45) المصدر السابق ج١ ص58 .7١ (1) المصدر السابق جا ص97/7-54.
32و ترئيب المدارك جخاصغ4 76 (8) الدباغ: معالم الإيمان جا ص؟7.
الشديد بالكتاب والسنة» والتزام نصوص القرآن» قد تردد صداها فى المغرب كله وفى السودان ”© بل فى الأندلس أيضاء حتى لقد قال الحكم المستنصر وهو العالم الفذ فى تفضيل مذهب مالك: «نظرنا طويلا فى أخبار الفقهاءء وقرأنا ماصنف فى أخبارهم إلى يومنا هذا 3 فلم نر فى مذهب من المذاهب أسلم منهء كان فيهم الجهمية والرافضة. والخوارج» والشيعة إلا مذهب مالك رحمه الله فإنا ماسمعنا أحدا ممن تقلد مذهبه قال بشىء من هذه البدع» فالاستمساك به نجاة إن شاء الله 229
ولكن المالكية ماكادوا يتتصرون فى هذه المعركة الأولى» حتى خاضوا غمار معركة أخرى أعنف وأقسىء فقد نجبح الفاطميون فى إقامة دولة بإفريقية» وراحوا يبسطون ظل عقائدهم فى كل ناحية 2 يسبون الصحابة» ويفرضون على الناس أن يؤذنوا بحى على خير العملء حتى إذا تمكن نفوذهم من القيروان ناصيوا مذهب مالك العداء من أول الأمر. وأعلنوها على فقهاء المالكية حريا شعواء» لأن الفىء حق قال: لا'. ولاكرامة» قال: من أين قلت ذلك . قال: قال الله تعالى «ليغيظ بهم الكفار» فمن عابهم فهو كافرء ولا حق لكافر فى فىء©) ». فلم يجد الفاطميون بدا من تحريم الإفتاء بمأهب مالك . والخيلولة بين فقهاء المذهب وبين القضاء والفتيا.
وقد توسل الفاطميون بكل وسيلة لمصارعة خصومهمء ورفع لواء مذهبهمء توسلوا بالمناظرة» فعقَدوا المجالس» وجلبوا أكئمة المالكية بالقيروان» وأخحذوا يناقشونهم الحعجة. ويقارعونهم بالرأى» فما ازدادوا إلا تمسكا برأيهم» حتى لقد غضبت وعن دينه ذببت 2420 حتى لقد شبهه أهل القيروان بأحمد بن حنبل أيام )١( الدباغ : المعالم جلا ص19 . 2 عياض : المدارك ج ١ ص,7 73 . 2 ابن عذارى: البيان ا مغرب جاص88١1 8 (4) عياض : ترتيب المدارك جاصن7037. (6) المصدر السابق جا ص 74. (1) المصدر السابق ج" ص "٠ ٠١ الدباغ: معالم الإيمان جم ص7 ١ 7ع ابن عذارى: البيان المغرب جا ص794.
كم
المحنة» وعمد الفاطميون إلى إغداق المال والجاه» فلم يجد ذلك النداء إلى قلوب المالكية سبيلاء فلم يجدوا بدا من التدكيل والتعذيبء» فقد قال فقهاؤهم إن من انتقص واحدا من نسل فاطمة فإنه مباح الدم ”2» فجلسوا فى المساجد ومعهم الدعاة وأحضروا الناس بالعنف والشدة» ودعوهم إلى التشريق» فمن أجاب أحسنوا إليه ومن أبى حبسوه ”"»: وذهبوا إلى أبعد من ذلك» ضربوا الفقهاء والمؤذنين بالسياط”"» بل قطعوا لسان مؤذن نسى أن يقول حى على خير العمل”'», وضربوا الرقاب» وصليوا بعضص الفقهاء أحياء 0 وصادروا الأموال» وأخحذوا أموال الأحباس 2.29 وأجلوا أهل الربط والحصون ”" المتعبدين المنقطعين إلى الله بل افتنوا فى التعذيب» فكانوا يبطحون الناس على ظهورهم» ثم يأمرون السودان أن يدوسوهم بالأقدام» حتى تزهق أرواحهم . وبشوا العيون على الناس فى صلاتهم ينكلون بكل من لاينصاع لأوامرهم أو يدخل فى 'دعوتهم 9. قد تكون هذه الروايات التى اعتمدنا عليها قد انتحلها أهل السنة المبغضون لبنى عبيد» ..ولكنها على كل حال تبين أن الفاطميين أخذوا الناس بالشدة» وعملوا بكل وسيلة على التنكيل بالفقهاء المالكيين.
وقد وقف المالكيون فى وجه بنى عبيد وقفة رجل واحدء أفتوا بتكفيرهم» ولايستتاب» وتحرم عليه زوجه» ولايرث ولايوؤيف 17 اعتيروا الفاطميين زنادقة لما أظهروه من خلاف الروية ونادوا بقتلهم حيث وجدوهمء كمايقتل الزنادقة'2» بل ذهبوا إلى أبعد من هذا أيضاء نادوا بالمقاطعة السلبية» وأشهروا
)١( الدباغ: معالم الإيمان جا ص187.
(؟) المكتبة الصقلية جا ص 76٠ (عن ابن الأثير). . (7) الدباغ : المعالم جاكص/177١» ابن عذارى : البيان جا ص7؟97١ 2 ابن عذارى : البيان جا صكق1.
(5) الدباغ : المعالم ج؟ ص4 78.
)ن الدباغ : المعالم جا ”7 ص؛؟ة "'ج 1 ص 108 0) عياض : ترتيب المدارك ج37 ص709.
)0 الدياغ ١ المعالم ج11 ص8ة١ 0
(4) عياض : ترتيب المدارك ج 4 ص 179 .
.١67ص #6 المصدر السابق ج )1١(
()المصدر السابق جة ص 61١7”
لام
فى وجوههم ذلك السلاح الماضىء لايؤمون لهم صلاة»منعوا الناس من حضور صلاة الجماعة» وقاطعوا الجنائز ”"2» فأقفرت المساجد من المصلين» وقاطع الناس قضاة الشيعة وعمالهم ”© ورفضوا دفع الأموال» بل إن فقيها ألف كتابا في تصحيح نسب بنى عبيد فقاطعه الناس» ففر من القيروان يلتمس النجاة بنفسه 7" .
وقد انتشر تيار المقاومة فى المغرب كلهء. وشق الفقهاء فى كل مكان عصا الطاعة على الفاطميين» وأقبلوا على الاستشهاد بنفس راضية مطمئنة» لأن قتيل الخوارج فى رأيهم خير قتيل ؟» قيل لأحدهم إن السيف ينتظرك» فقال «الصراط أحد من السيف ومن السلطان”2». يخير الواحد منهم بين الدخول فى طاعة' العبيديين» أو القتل فيختار القتل 2©9». قال ابن التبان لدعاة بنى عبيد:«شيخ ستون سئة يعرف حلال الله وحرامه ويرد على اثنين وسبعين فرقة يقال له هذاء لو نشرت اثنين مافارقت مذهب مالك "2. كانوا يفرون بمذهبهم إذا استطاعواء يعتصمون بالمقابر "» ويؤيدون كل ثائرء انضموا إلى أبى يزيد مخلد بن كيداد حين خرج على الفاطميين برغم أنه خارجى النحلة» لأنه من أهل القبلة» على حين أن الفاطميين فى نظرهم زنادقة كفرة 2©9.
أمعن الفقهاء فى اصطناع هذه الروح العالية» لم يضعفوا أو يلينواء لم يثل تق سلب و القشركيل كرا جد يسيب ب ونان فى الاتكناء به سموا فى نفوس الناس إلى مرتبة الشهداء والقديسين» فنسبت إليهم الخوارق» ونسجت حولهم أساطير وخيالات تمجد أفعالهمء وتتغنى بجهادهم» وقد قدر لهم أن يظفروا آخر الأمرء وأن تعلو كلمتهمء ويرتفع علم مذهب مالك فى عهد المعز
)١( الدباغ: معالم الؤيمان ج؟ ص1856.
(3) المالكى : رياض النفوس ص9١7.
(7) عياض ترتيب المدارك ج 4 ص170.
(5) الدباغ: المعالم ج؟ ص4 .7١
(5) عياض المدارك جة ص١7 .
30 المرجع السابق جة ص8 : :
زفق المرجع السابق جا ص١هة١ :
مك« الدباغ : المعالم 7 ص27 5
(9) عياض : ترتيب المدارك ج7 ص55 » الدباغ المعالم ج” ص/7”ء ابن عذارى : البيان ج١ ص١٠3.
44
ابن باديس الصنهاجى» حين قتل الشيعة بالقيروان وإفريقية» قتلوا أينما وجدوا''' فى المغرب الأوسطء أو فى المغرب الأقصى 9" . فانمحت دعوة الإسماعيلية» وتغلب مذهب مالك نهائياء فجب القدرية» والمرجثئة. والمعتزلة» والإباضية. والزندقة» كما تغلب على مذهب أبى حنيفة» فأوغل إلى قلوب المغارية» فأقبلوا عليه إقبالا عظيما.
حدث هذا فى القرن الخامس الهجرىء فهل من أسباب نلقمسها لذلك النجاح العظيم» هل من أسباب توضح لنا كيف أصبح هذا المذهب للمغاربة وطنية وعقيدة؟ كانت المالكية المعقل الذنى عصم أهل المغرب من شرور الفتئة.فى عصر كادت ريح الشر فيه تعصف بالمجتمع» صمدت الالكية للخارجية فأتت عليها.. وصارعت المعتزلة» وانتتصرت على العبيديين» وحفظت على المجتمع وحدته وقوته» وسلمته للأجيال التالية سليما معافى» ومصداق ذلك مارواه الرنحالة ابن جبير حين قال: «إنه لا إسلام إلا ببلاد المغرب لأنهم على جادة واضحة وماسوى ذلك بهذه الجهات الشرقية فأهواء وبدع وفرق ضالة أو شيع إلا من عصم الله عز وجل من أهلها© 0
كما أن مقاطعة المالكية للسلطان وعزوفهم عن السير فى ركابه» بل معارضتهم له فى كثير من الأحيان» وأخذهم بالبأس والشدة صار نغمة محبية إلى قلوب أهل المغرب المعروفين فى طول تاريخهم بالنزعة الاستقلالية» وميلهم إلى الانتقاص من كل سلطان أجنبى يفرض نفسه عليهم, فوجدت دعوة المالكية فى نفوسهم صدى محببا يرتاحون إليه»ء كما أن الفقهاء المالكيين نموا فى نفوس المغاربة إلى مرتبة الزعماءء الذين يدافعون عن الضعفاء والمغلوبين» ويعارضون الحكام فى سبيل إعلاء كلمة الحق» ويستشهدون فى سبيل عقيدتهمء فآمنوا بزعغامتهم» وارتبط فى أذهانهم معنى الولاية بصورة الزعيم القومى» والدفاع عن
)١( عياض : ترتيب المدارك جة ص197؛ الرحلة التيجانية ص9١١» الدباغ: معالم الإيمان جا صة”» ابن عذارى: البيان ج١ا ص27 78٠
.؟١ص ا١ج عياض: ترتيب المدارك )١(
(”) ابن جبير ص8لا.
14
الحق وحماية الرعية من عدوان الحكام؛ وإصلاح المفاسد. فانتشرت فكرة الإيمان بالزهاد والأولياء» ذلك الإيمان الذى مهد لقيام دولة المرابطين والموحدين”".
نعم» اختفت الزععامة السياسية الحربية» وحلت محلها زعامة أخرى «ينية شعبية» ينصاع لها الناس عن عقيدة وإيمان. والمغاربة بطبعهم معروفون بالعصبية يتعصبون للشىء؛ فيخلصون؛ ويصلون إلى حد التضحية بأنفسهم فى سبيل المبدأ الذى يؤمنون به» كما عرفوا طوال تاريخهم بالشدة والتزمت والصلابة فى الحق» والمالكية تمتاز بالشدة فى الحق» والتزمتء والتزام الجادة» فكأنها وافقت طبيعة المغاربة» ووجدت فيهم بيئة صالحة» تنشر تعاليمها فيهم» بل أمعن المغاربة فى تعصبهم لمذهبهم المحبب» فمن كان مالكيا قبلوه وأحبوه» ومالوا إليه.ومن كان غير ذلك حاربوه دون رحمة 27 وقد بلغ من شدة تعصبهم أن مغربيا جمعه الطريق بالحجاز برجل بغدادى» وكان إذ ذاك يرى رأى مالك فقال البغدادى:«روى عن النبى صلى الله عليه وسلم كذا» فقال له المغربى: «فيما أذكر مالك لايرى ذلك» فقال البغدادى: «شاهت وجوهكم يا أهل المغرب تعارضون قول النبى بقول مالك2)) ,
وبعدء هذه قبائل قوية محاربة مفترقة الكلمة فى انتظار زعيم يرد الوحدة إلى صفوفهاء وهذا مغرب سرت فيه الفوضى» وأساء حكامه من زناتة السيرة حتى تبرم الناس» وضاقواء وتاقوا إلى أن يغير الله أحوالهم» وهذا مذهب مالك قد تألق نجمهء وبسط رواقه على المغرب كله وسترى فى الباب التالى كيف اتحدت هذه القبائل » لتقيم دولة عظيمة وكيف سقط المغرب الضعيف المتهاوى أمام ضرباتهم القوية» وكيف توطد مذهب مالك وبسط ظله حتى أدرك حوض النيجر.
.م١4 حسين مؤنس مقدمة رياض النفوس ص )١( المصدر السابق ص77م. )١( ..7”1١4ص النشنى : كتاب طبقات علماء إفريقية )(
الباب الثانى
توحيد صنهاجة بزعامة عبدالله بن ياسين (الدور الصحراوى)
١ الرظروف التى أدت إلى إخفاق الحلف الصنهاجى الثانى:
ذكرنا فى الباب السابق كيف أن القرن الخامس الهجرى أظل صنهاجة الجنوب وكلمتها مفترقة ووحدتها مشتتة بعد سقوط الجلف الثانى » وكيف أن ملك غانة عاد يبسط ظله على مديئة أودغشت ذات. التجارة الرابحة والموقع الجغرافى الممتازء ولم تكن صنهاجة الجنوب تستطيع أن تعيش فى ظل هذه الفرقة المنفشية بين قبائلها والأعداء يحفون بها ويتريصون بها الدوائر. فقد كانت أحلاف زناتة والمصامدة فى الشمال ماتزال تسد مسالك المغرب» وكانت مملكة غانة تهدد تجارة. السودان تهديدا خطيراء هذه التجارة ألتى كانت مصدر يسر وغنى للقبائل الصنهاجة. الضاربة فى الصحراءء أو على ساحل المحيط» نعم لايمكن أن يستقيم لأهل اللثام حال إلا إذا اتحدت كلمتهم وقويت شوكتهم » لذلك تم نوع من التحالف بين قبائل لمتونة وجدالة ومسوفة '2» بفضل المهود التى بذلتها قبيلة لمدونة القوية» التى
ويبدو مما ذكره المؤرخون أن أهداف هذا الحلف كانت مدافعة ملك غانة فى الجنوب» والسيطرة على مسالك تجارة السودان إلى المغرب» واسترداد مافقده المحلف من تجارة ونفوذ» والمراجع حين تتحدث عن هذا الحلف غامضة أشد زعيم هذا الحلف» فمن قائل أن اسمه أبو عبدالله بن تيفات”"» أو أبو عبيد الله أبن تيفاوت 10 أو أبو عبدالله بن نارشت اللمتونى 0 وتختلف الرواية أيضًا فى تحديد سنة إتمام هذا التحالف» وفى مدة حكم أبى عبدالله هذاء فيذكر بعض المورخين أنه تولى 475ه 22, وحكم خمس سنوات”"» أو ثلانا فى رواية أخرى"» ومعنى ذلك أنه توفى سنة ١47ه أو 477ه. لككن أغلب المراجع تتفق )١( .214.ص,1.1هنارع20ة84 دل .)1115: عومهوع1]" () ابن خلدون : العبرجة ص »2١19١ جامع تواريخ فاس ص,77.» القلقشندى: صبح الأعشى» جعص188. () جامع تواريخ فاس ص18. 2( ابن خلدون : العبر جاص 187 (6) القلقشندى: صبح الأعشى جةص186. )١( .582.ممة معقلة أدتدعء لسة طامه]ظ! دز ومتعدال لمة اعنم1" تطامدظ
7 جامع تواريخ فاس ص8١ : )0 ابن خلدون : العبر جا ص 1875
بل
على أن خليفة هذا الزعيم تولى سنة 54759 ه. وأنه حج ولقى أبا عمران الفاسى فقيه القيروان قبل وفاته سنة ١٠47ه 227 مما يدفعنا إلى القول بأن أبا عبدالله تزعم حلف صنهاجة عام 515 على الأكثرء وإذا كان قد حكم خمس سنوات» فلابد أنه توفى سنه 54794هء وهى السنة التى حددها المؤرخون لبيعة خليفته.
ومهما يكن من شىء»؛ فإن سياسة هذا الحلف الجديد كانت واضحة أشد الوضوح.ء إذ كانت تقضى بمواصلة الجهود التى بذلت منذ إسلام صنهاجة» التى تقضى بالجهاد فى الجنوب» ومدافعة ممالك السودان» والمحافظة على طرق التجارة السودانية بأية وسيلة» ولم تفكر صنهاجة فى ذلك الوقت فى انتهاج سياسة مغربية بالاتجاه صوب الشمال ومنازلة زناتة وأحلافها الضاربة فى المغرب الأقصى بل كانت سياسة الحلف الجديد محلية صرفة» ويبدو أن هذا الحلف لم يحقق الغرض المعقود عليه» ولم يكتب له أن تطول مدته» فقد قتل زعيمه وهو يحارب ملك غانة» وهزمت لتونة وأخفقت فى الاستيلاء على مدينة أودغشت والسيطرة على تجارة السودان '.
وكانت هزيمة لمتونة فى معركة السودان هذه بعيدة المدى فى سير الحوادث» التى تمخضت عن قيام دولة المرابطين» فقد تخلت عن زعامة الملثمين فى هذا الوقت العصيب من تاريخهم» بعد أن ظلت الزعامة فى بنيها أكثر من قرنين» ويبدو أن السبتٍ فى ذلك يرجع إلى أن مضارب لمتونة كانت فى أقاصى الشمال» قرب حدود المغرب الأقصىء. وكان انتقالها إلى الجنوب وتخطيها حوض السنغال المدافعة السودان يتطلب جهودا شاقة وأموالا طائلة» فلم تستطع أن تمضى فى هذا الجهاد حتى نهايته» وآلت زعامة الملشمين إلى قبيلة أخرى هى قبيلة جدالة "ا فخفت إلى المعركة التى كانت ماتزال دائرة الرحى 221 إذ أنها لو تخلت عن القيادة لذهبت ريح الملثمين» وعادت تملكة غانة توغل صوب الشمال من جديد فتقضى
. جامع تواريخ فاس ص78 )1١(
(0) البكرى: المغرب ص768١.
2 ابن أبى زيع: روض القرطاس صالا.
(5) البكرى: المغرب ص1755» ابن الأثير جوص759.ء الحلل الموشية فى الأخبار المراكشية ص :»9١ جامع تواريخ فاس ص77 » مقفاخر البربر ص 2.05 ابن خلدون جا ص187ء النويرى : نهاية الأرب ج177 ص2021485 روض القرطاس ص77:
34
على الجهود التى بذلت فى نشر الإسلام فى ربوع صحراء المغرب» وكانت جدالة أقدر على كفاح السودان من أية قبيلة أخرى» فكانت ديارها مصاقبة لديارهمء وكانت أعرف بهم وبطبائعهم ثم أنها كانت من أغنى القبائل وأقواها بسبب اشتغالها بتجارة الملح والتبر والرقيق 2©7.
؟ الظروف التى مهدت لاختيار عبدالله بن يأسين:
وقد قدر لحدالة هذه القبيلة القوية الفتية أن تتبنى الحركة الدينية التى انتهت بقيام دولة المرابطين» فكانت صاحبة فضل على الملثمين بوجه خاصء» وعلى قبائل البربر بوجه عام» لذلك يجدر بنا أن نعمد إلى تقصى اسم ذلك الأمير الجدالى الذى أمسك براية الملشمين عقب استشهاد الزعيم اللمتونى السابق» لأن تحقيق اسمه وتحديد سنة حكمه يعيننا على كشف الغموض الذى أحاط بأول خطوة تمت فى سبيل إقامة الدولة. يذكر بعض المؤرخين أن هذا الأمير.يدعى الجوهر (“؛كما نسبه بعضهم خطأ إلى قبيلة جزولة ”©» وجزولة كما نعلم كانت تنزل قرب جبال درن فى قاصية المغرب» ولكن البكرى ”؟؟ يذكر أن الجوهر هذا كان من الخارجين على الفقيه عبدالله بن ياسين فيما بعدء وأن زعيم جدالة فى ذلك الوقت كان يدعى يحيى بن إبراهيم 2 وقد أيد البكرى فى روايته تلك كثير من المؤرخين الثقات .
وقد أوتى هذا الزعيم الجدالى من رجاحة العقل وبعد النظر وصدق الإيمان بدينه ومستقيل أمتهء ما جعله يدرك أنه آن لأمراء الملشمين ألايتخذوا سياسة محلية صرفة» بل أن يتخذوا سياسة عالمية» عن طريق وصل مجتمعهم بسائر المجتمعات المغربية الأخرى. أعنى وصل تاريخ صنهاجة الجنوب لابتاريخ السودان فنحسبء. بل بتاريخ العالم الإسلامى فى المغرب والمشرق» كما أدرك أن هذه الأحلاف التى تمت بين قبائل صنهاجة الجنوب كانت أحلافا ذات أهداف مادية )١( القبساضى عياض: ترتيب المدارك جة ص”451"7, ابن الأثير جة ص778.ء النويرى: نهاية الارب ج1ااص 7/7 .١ (") القاضى عياض : ترتيب المدارك جة ص؟07 .
(5) البكرى: المغرب ص24١. (5) نفس المرجع ص74١ .
صرفةء وأنه قد آن لهذه القبائل القوية الفتية أن تتآلف وتنآرر على سياسة جديدة روحية صرفة بتقويم المعوج من الأخلاق والتمسك بأهداب الدين» لأنه أدرك أن وحدة هذا أساسها ستكون وحلدة قوية باقية الأثر.
وليس ببعيد أن يكون يحيى بن إبراهيم الجدالى قد ارتاد أسواق المغرب الأقصى متاجرا أو زائراء فأحس بذلك البون الشاسْع بين البيئتين» بيئة المغرب الأقصى الزاخرة بالحياة العقلية الرفيعة» وبيئة الصحراء التى يظلها الجهل وتقفر كانت الحياة العقلية فى المغرب الأقصى قد بلغت الأوج فى القرن الخامس الهجرى ذلك أن العلماء بعد أن وردوا مورد القيروان والأندلس والمشرق بدءوا يستقرون وينتجون ويجودونء ويدا المغرب الأقصى فى ذلك العصر بالذات حافلا" بالمدارس الناس من كل حدب 97 فأصبحت دار فقه وعلم وحديث وعربية» فقهاؤها يقتدى بهم _جصيع فقهاء المغرب» 59 شبهها المؤرخون بالإسكندرية «فى المحافظة على علوم الشريعة وتغييسر المنكر والقيام بالناموس ”"2. زادت شهرة جامعة فاس بعد اضطراب أمر قرطبة والقيروان »» حتى لقد قصدها أحد الباباوات طلبا للعله”2» وانتشرت المدارس فى وكالة 29 وأصيلا وسبتة. وطنيجة "© وأغمات وريكة» واشتهر من علمائها أبو العباس أحمد بن عبدالرحمن الهوارى 2 ويوسف بن مصسوسى الكلبى» وهو أول من أدخل علوم الاعتقاد إلى المغرب الأقصى ”7©» كذلك اشتهرت مدرسة سجلماسة وغدت من قواعد فقه مالك بن زفق المرجع السابق صكم 1 . (7) القلقشندى: الصبح جة ص/60١. (5) المراكشى: المعجب ص78 7884 . (4) عبدالرحمن بن زيدان: الإتحاف جاص/. (1) التادلى: التشوف ص66١. (0) القاضى عياض: ترتيب المدارك ج4ص١ ١ 7. (8) ابن المؤقت المراكشى : السعادة الأبدية جاص560". (9) التشوف ص8 ٠١ .
45
ابن كنون زعيم المغرب وشيخه""» وابن الغرديس الذى قصهه الطلاب من الأندلئس ا ولم تكن مدرسة تلمسان بأقل من مدرسة سجلماسة فقد غدت «دارا للعلماء والمحدثين » وحملة الرأى على مذهب مالك كي وأخذ علماء البربر» بعل صوبء. مثل عبدالكريم بن عبدالرحيم الصنهاجى ”2 وأبو زكريا يحيى يسولان *) وزاوى بن مئاد بن عطية بن المنصور لف" وأحمد بن موسى بين عطاء الله الصنهاجى ”"2» وميمون بن ياسين الصنهاجى اللمتونى الذى سكن ألمرية وذاع علمه فى الأندلس 0 بل شارك المصامدة فى هذه النهضة المباركة فتبغ منهم تونارت بن تبدى 00 حدث هذا كله وتفوق المغرب الأقصى على هذه الصورةء على حين خيم الظلام على ربوع الصحراء وفى ديار الملثمين» ولم تستطع هذه المدارس أن تحيل هذه الظلمة نوراء نعم»ء صور المؤرخون المجتمع الملشمى فى ذلك الوقت تصويرا قاتماء فذكروا أن الملثمين لم يعرفوا من الإسلام إلا اسمهء ولم يقلعوا عما اعتادوه فى جاهليتهم من مساوئ”''' قضى عليها الإسلام فى كل مكان حل فيهء ولم يجرقٌ العلماء على المخاطرة باختراق البوادى وتعليم الناس ميادىئ دينهم القويم» أو كما قال يحيى بن إبراهيم: (إننا فى الصحراء منقطعين لايصل إلينا إلا بنعض التجار الجهال حرفتهم الاشتغال بالبيع والشراء وفينا أقوام يحرصون على تعلم القرآن وطلب العلم ويرغبون فى الفقه والدين لو وجدوا إلى ذلك سبيلة "2 . أفنعجب بعد ذلك كله إذا رأينا يحيى بن إبراهيم الجدالى يعهد بالأمر إلى )١( مشيخة عياض : ورقة 17'ب. () المرجم السابق ورقة اب (") البكرى : المغرب ص/الا. (5) ابن الأبار: المعجم ص727. (6) ابن المؤقت المراكشى : السعادة الأبدية جاص56. (7) ابن الأبار: المعجم ص84 (9) المصدر السابق ص18 . (8) المضدر السابق والتكملة جا ص 786. (9) عياض : ترتيب المدارك جة ص؟675. ١( ) اليكرى : المغرب ص16١» عياض : ترتيب المدارك جة ص0775 . )١١( الخحلل الموشية فى الأخبار المراكشية ص .
0
ابنه» ويخرج من ديار الملثمين لا طلبا للحج كما يذكر المؤرخون ”2غ وإنما بحثا عن أمور الدين» أو بحثا عن فقيه يثق به ويطمئن إليه فيعود به إلى قومه مبشرا ونذيراء عله يخرجهم من الظلمات إلى النورء فيوحد صفوفهم معتصمين بحبل الإسلام .
وهنا يحق لنا أن نسأل فى أى وقت خرج يحيى بن إبراهيم من ديار الملثمين وتحديد التاريخ الذى قام فيه الزعيم الجدالى برحلته تلك فى غاية الأهمية» إذ ستترتب عليه نتائج بعيدة الأثر فى تاريخ الدعوة المرابطية» فهو يعيننا على التعرف على الفقهاء الذين قصدهم وتتلمذ عليهم» وإذا عرفنا العصر الذى يعيش فيه الفقيه استطعنا بعد دراسة ترجمته أن نعرف شيوخه فى الشرق أو الغرب أو الأندلس» وأن نعرف التيارات العلمية المختلفة التى أثرت فى الدعوة المرابطية أهى مشرقية أم هى مغربية أو أندلسية.
وقد تضاربت أقوال المؤرخين فى تحديد هذا التاريخ» وذهبوا فيه مذاهب شتى» فقد ذكر كل من ابن عذارى 22 والنويرى 7(" أنه خرج سنة 450ه» وذكر صاحب الخحلل الموشية 2» والقلقشندى © أن ذلك كان سنة ٠54هء بل إن ابن الأثير ”2 يذهب أبعد من هذاء فيقرر أنه خرج سنة 454ه» فى الوقت الذى يروى ابن أبى زرع ”" وصاحب جامع تواريخ فاس ”” أن الرحلة قد تمت عام /47 أو 4794ه والرواية الثانية أقرب إلى الحقيقة من الرواية الأولى لأن المراجع كلها المؤيدة أو المعارضة أجمعت على أن الجدالى تتلمذ على الفقيه أبى
)١( البكرى : المغرب 156:؛ الحلل الموشية ص5» روض القرطاس ص”/7ء ابن الأثير جة ص1988؛ ابن خلدون: العبر جا ص187. جامع تواريخ فاس ص78.
)0( ابن عذارى : البيان المغرب ج77 ص؟712.
(") النويرى: نهاية الأرب جا ص9279 7 .
هق الحلل الموشية ص4., القلقشندى جه ص886١.
(6) القلقشندى: صبح الأعشى جاه ص 1١88 :
(1) ابن الأثير جةاص708.
70) ابن أبى ررع: روض القرطاس ص" لا.
)2 جامع تواريخ فاس ص58 .
1/8
عمران الفاسى بمدينة القيروان» ولما كانت كتب التراجم وكتب التاريخ وكتب الطبقات''2 تجمع على أن عمران قد توفى عام ١47هءفلابد أن تكون الرحلة قد تمت قبل هذا التاريخ» وإلالما استطاع أن يحضر مجالس أبى عمران الفاسى ويتتلمذ عليه» وفى هذه الحالة تصبح رواية ابن أبى زرع أقرب هذه الروايات من الحقيقة» وليس ببعيد أن تكون: الرحلة قد تمت سئة 577 أو 474 على الأكثر.
ومهما يكن من شىء» فقد يمم يحيى بن إبراهيم شطر القيروان حاضرة المغرب الثقافية» وكعبة القصاد من قاصية المغرب والأندلس» وكانت القيروان فى ذلك الوقت بالذات قد تحررت من نير الشيعة» واستردت حريتها كاملة» وانتصر فقهاء المالكية فى معركة الفاطميين والزيريين نصرا عظيماء أعاد إلى هذه الحاضرة شهرتها السابقة ومجدها القديم» وذلك عقب هذه الثورة الجامحة التى قضت على الشيعة بإفريقية والمغرب عام ٠4 4ه»ء فى عهد المعز بن باديس الصنهاجى ©. قصد الزعيم الجدالى القيروان لأنه مالكى المذهب والقيروان عاصمة المالكية وعلماؤها أقطاب الفقه وأئمة المذهب» كما أحب أن يقصد إمام المالكية فى المغرب قاطبة فى ذلك الوقتء ونعنى به ذلك الفقيه الذائع الصيت أبا عمزان الفاسى الذى تألق نجمه وذاع صيته» وقصده الطلاب من فاس وأغمات ومن الأندلس من بتوقيجل 27و اقيولة 0 كي ميد قنياء لمان وأهل وشقة 9) وغلماء من بعالة 0 وألمرية نك وطليطلة )0( وقرطبة وسولنة” © ايف
ولم يصل أبو عمران إلى هذه المكائة الرفيعة فى ذلك العصر إلا بعد
)١( عياض: ترتيب المدارك ج14 ص »17١ معالم الإيمان ج" ص ؛ .٠ روض القرطاس ص4 لاء. النشوف صاىل شذرات الذهب ج“اص 2727 البيان المغرب ج١ ص7728» التكملة لابن الأبار ج١ا ص .50١ ابن بشكوال ص 28660١ جذوة الاقتياس ص 7١ الديباج المذهب ص715.
(؟) الرحلة التيجانية ص38 » ابن بشكوال: الصلة ص498.؛ ابن عذارى: البيان المغرب جا ص788.
زلف ابن بشكوال : الصلة صكمهة2 ابن الأبار جا ص7١١ 5
() ابن الأبار ج؟” ص145.
(5) التادلى : التشوف ص85.
.6١ ابن بشكوال : الصلة ص )١(
0) التكملة لابن الأبار جا ص5ه.
(6) ابن بشكوال : الصلة صن الاك ل/الا1ا» 47"0.
(6) المصدر السابق 2573794 591.
.١١١ الديباج المذهب ص )٠١(
. ١ال#8ص المصدر السابق )١١(
14
دراسات عميقة وسفر طويل وداب على التحصيل» فقد خرج من المغرب مشرقًا فسمع من علماء مض ر :00 ورحل إلى اللكببوار 00 وسمع عكة 7 م 0 مدارس العراق فسمع من أبى الفتح بن أبى الفوارس» وأبى الحسن المستملى» وأبى الحسسين بن الحماس المغربى "2 وتتلمذ على الفقسيه أبى بكر بن الطيب المعروف بالباقلانى المتكلم على مذهب أهل الحديث وطريقة الأشعرية 227 وتلقى عليه علم الأصول ©2» وظل يلازمه ببغداد فترة طويلة 2 وكان قبل رحيله إلى المشرق قد تتلمذ على الفقيه المالكى الذائع الصيت أبى الحسسن القابسى 0 واختلف إلى مدارس الأندلس ونهل من علمها ماطاب له فأخذ عن عبدالوارث ابن سيفان '") وأبى المحسن أحمد بن محمد بن الصلت القرشى (''©» وسمع بقرطبة 2 وأشبيلية 2» وعاد إلى القيروان بعد ذلك ليلقن علمه للناس الذين جاءوا من كل صوب.
كان أبو عمران قد برع فى علم الأصول وعلم الكلام والمناظرة "2 «وكان من أحفظ الناس وأعلمهمءجمع حفظ المذهب المالكى والحديث وعلوم القرآن 9") وقد شهدذله الباقلانى بذلك كله فقال: «لو اجتمعت فى مدرستى أنت وعبدالوهاب لاجتمع علم مالك 42"9, شب أبو عمران فى هذه البيئة الزاهدة فى
)١( عياض : ترتيب المدارك جة ضص50١» ابن يشكوال ص6875.
(؟) ابن عذارى: البيان جا ص5856؟.
(”) ابن بشكوال : الصلة ص؟667.
(5) عياض : ترتيب المدارك جة ص7١5»؛ الديباج المذهب ص .7١
(6) النباهى : المرقبة .العليا لالاء ابلره ص 077١ ابن بشكوال ص 507 شذرات الذهب ج” ص27 217 روض القرطاس 8ل.
(7) عياض : ترتيب المدارك ج4 » الديباج المذهب 745.
(1) التباهى : المرقية العليا ص/77.
(4م) المدارك جة ص"7١24 الروض ص"الا.
(9) شذرات الذهب جا ص747.
٠١( )ابن الأبار : المعجم ص8".
)١1١( المدارك ج؛ ص23 » ابن بشكوال ص؟6067.
(؟١) ابن بشكوال ص5/,.
(1) ابن بشكوال: الصلة ص “الء ابن القاضى: جذوة الاقتباس ص ١ "77 ابن خير : الفهرسة ص 44١ . (14) ابن فرحون : الديباج المذهب ص44١.
(15) المرجع السابق ص744.
متاع الحياة» بيئة الفقهاء المالكية فى القيروان الذين عرفوا بالشدة ة فى اق أوالتزمة. والميل إلى التقشف. واطراح حياة التنعم والميل إلى التأمل والعبادة» وقد ا عمران هذه التقاليد فيمن قصده من تلاميذ المغرب ومنهم ذلك الفقيه قرا عبدالعزيز التونسى 2 وفقيه السوس وناسكها ومتعبدها وا لل اللا
تتلمذ الزعيم على أبى عمران بالقيروان» ولم يكن يقصد أن يختص نفسه بما يحصل من علم أو يسمع من درسء إنما كان يتألم حال قومهء ويريد أن ينقذهم تما يهيمون فيه من جهل» يريد أن يرد إليهم دينهم كاملا نقيَاء وأن يجمعهم على هذه التقاليد الحميدة التى أثلت لها مدرسة القيروان» أو بمعنى آخر يريد أن يقيم وحدة صنهاجية من نوع جديد» فكان أول مافعله بعد أن لقى أبا عمران أن طلب من الإمام فقيها من تلاميذه المالكيين ليصحبه إلى بلاده ''2؛ ليعينه فى هذه المهمة الشاقة التى وضع نصب عينيه أن يضطلع بها إعلاء لشأن قومه.
والمؤرخون ”" يضفون على هذه القصة لونا طريفاء فيسصورون كيف أن أبا عمران جمع تلاميذه وانتدبهم لهذه المهمة الشاقة» وأنهم أحجموا جميعًا خوفًا من بعد الدار ومشقة السفرء وأنهم أشفقوا على أنفسهم مما سيلقون هناك من مشاق» يترا الواقم تضوي يبيد الطودة ارادنه ائر وسقت حي اللزقات المدهاء المالكية فى المغرب.» فقد عرفنا عنهم الحرص على رفع لواء المذهب لايهمهم اغتراب ولاتثنيهم مشاقء والواقع أن فى رواية المؤرخين إسرافًا كثيرا» ويخيل إلى أن هؤلاء الفقهاء أو التلاميذ لم ينتدبهم الإمام لهذه المهمةء وبالطبع لم يرفضواء وإنما رأى الإمام أنه لابد لتحقيق هذه المهمة على الوجه الأكمل من فقيه من البربر يعرف البيئة الملثمة معرفة تامةء ويلم بلسانها إلمامًا تامّاء حتى يستطيع فى أقصر وقت أن يهدى هؤلاء القوم سواء السبيل» فلما لم يجد فى تلاميذه من يحقق هذه الرغبة»ء سير الجدالى إلى أحد تلاميذه فقهاء المغرب الأقصى. إلى رجل يدعى وجاج بن زللو فقيه مالكى مشهور تتلمذ على أبى عمران2 ونهل من علم (؟) ابن ررع: روض القرطاس ص/الاء الحلل الموشية فى الأخبار المراكشية ص9: جامع تواريخ فاس ص58» البكرى ص »١56 ابن خلدون جا ص85١.
[فرف المراجع السابقة . 2 الخلل الموشية فى الاخبار المراكشية صةء. وروض القرطاس ص ا/الا
٠١١
القيروان وتقاليدها وتلقن رهدها وتقشفها وإطراحها لحياة اللهوء لذلك نراه يتخذ بلاد نفيس أو قرية ملكوس '' مكانًا يأوى إليه بعيدا عن الناس» يتزهد فيهء ويتقشف ويتعبدء» وقد بنى رابطة من أجل ذلك» وكان مريدوه وتلاميذه يفدون عليه من كل فج» ويتلقون عنه هذه التقاليد فيرضون عنهاء ويتعصبون لها. وإن دل هذا على شىء فإئما يدل على أن تقاليد المالكية بالقيروان نفذت إلى قاصية المغرب» فأحيت موات الأمل» وقومت دين البربر» ورسمت لهم الجادة المستقيمة الواضحة» كما أن هذا الفقيه لمطى صنهاجى من قبائل الملثمسين أعرف الناس بطبائع قومه» وأكثرهم خبرة بما ينفعهم ويضرهم.
عله أذ هن تور هق الاركة الشكدة القن مطيرق لوا بالت سيد عند قليل» بدأت خيوطها الأولى فى القيروان على يد أبى عمران الفاسى» ثم تناهمت إلى فقيه السوس وزاهدها وجاج بن زللو اللمطى» وكانت رسالة إمام القيروان إلى هذا الفقيه الورع المتزهد أن «ابعث إلى بلده من تثق بدينه وورعه وكثرة علمه وسياسته» ليعلمهم القرآن وشرائع الإسلام ويفقههم فى الدين'"». وبذلك يكون الزعيم الجدالى قد أرضى رغبته فى التفقه فى الدين» وأوشك أن يحقق ذلك الأب النى ظانا منازرت وهو عداية: شعي الملتدين ول شعد بوجي ظلى اللهلن والرسحيدء؛ تقد تدك اللزرخورق أن نيه السوضن ما كاد كلقن رشالة اسيتاذه أبن عمران حتى جمع مريديه رواد رابطته» وأطلعهم على رغبة إمام القيروان. وقد أضاف المؤرخون إلى ذلك قولهم أنه قد وقع اخختياره على ابن أخيه ليمضى إلى الصحراء»ء غير أنه خشى المغبة» ونكص على عقبيه» لكن يخيل إليئا أن وجاج بن زللو اللمطى هذا أراد أن يحقق رغبة أستاذه» فوقع اختياره على تلميذ من تلاميذه صنهاجى الأصل يدعى عبدالله بن ياسين» فلم يتردد عبدالله فى الاضطلاع بهذا اكقري ينافال عليتيه روني له وراق اله كراهن ليان اشن مسي الهو علخ كلمة الإسلام.
.١568 البكرى: للغرب )١( .. 7 النويرى :نهاية الأرب ج77 ص9/7 » ١56 (؟) البكرى: المغرب ص
حل
”/ التعريق. بهبد الله بن يأسين:
وباختيار عبدالله بن ياسين يبتدئ عهد جديد فى تاريخ شعوب اللملثمين (©2. بل فى تاريخ الإسلام فى السودان وتاريخ المغرب» بل فى تاريخ العالم الإسلامى . فقد استطاع بفضل ماتوافر له من صفات» وماوهبه الله من إخلاص أن يحقق الآمال التى ساورت يحبى بن إبراهيم الجدالى وغيره من المخلصين من زعماء هذا الشعب» فإليه يرجع الفضل فى جمع كلمة الملشمين ولم شعثفهمء» وإقامة حلف قوى» بل إقامة دولة ميسوطة الأطراف عزيزة الجانب» ألهب النفوس بالحمية الإسلامية» فخرجت القبائل التى كانت منذ عهد غير بعيد يقاتل بعضها بعضا فاتحة غازية مجاهدة» أتت على ملك زناتة» واحتلت المغرب وخفت إلى الأندلس ترد عادية المسيحيينء وتشارك فى حركة الجهاد المقدس» وتحمى تراث الحضارة الإسلامية الذى كادت أن تذهب ريحه فى عصر المحنةء فمن حقه علينا بل من حقه على التاريخ أن نترجم له ونعرف به ونكشف عن الأحوال التى هيأته ليقوم بذلك الدور الممتاز» ونبين الصفات التى توافرت فيهء وأهلته لحياة الكفاح والجهاد.
ولد عبدالله من أب صنهاجى يدعى ياسين بن مكوك بن سير على» وقد اختلف المؤرخون فى اسم القبيلة التى يتتسب إليهاء فذكر فريق 7" أنه يتتسب إلى قبيلة جزولة الضاربة كما أشرنا فى أقصى المغرب قرب جبال درن» ولكن البكرى”” انفرد برواية غريبة بعض الشىء» فقال إنه ولد فى قرية تيماماناوت فى طرف صحراء مدينة غانة» أعنى فى أحواز مدينة أودغشت . فلا يبعد إذن أن يكون قد انحدر من هذه القبائل الملثسمة التى تضرب فى تلك النواحى. ويخيل إلينا أن ذلك يرجح نسبته إلى قبيلة جدالة التى تضرب قرب منطقة السنغال» وتوغل جنوبا حتى منحنى نهر النيسجر» ومن السهل جدا أن يحرف الرواة اسم الجدالى فيصبح الجزولى بسبب خطأ النسخ أو عدم التحقيق» وهذا فى رأينا أقرب إلى الحقيقة» لأنه يفسر لنا لماذا أقبل عبدالله على التطوع لهذه المهمة دون تردد» شأنه فى ذلك شأن غيره من الفقهاءء فإذا صحت نسية عبدالله إلى جدالة يكون أعرف الناس )١( عياض : ترتيب المدارك جة ص677. (1) ابن أبى زرع: روض القرطاس صل8لاء جامع تواريخ فاس 278 مفاخر البربر ص87.: (9) البكرى : المغرب ص64١١ .
ل
بأحوال قومه» وأكثرهم اطلاعا على مواطن الضعف فيهم؛ وأقدرهم على رأب الصدح وتقويم المعو :
والمراجع لاتذكر لنا عن نشأة ذلك الزعيم الدينى شيئا يشفى الغلة» ولم نجد فى كتب الطبقات للأسف - أية ترجمة لذلك الفقيه الجرىء والمصلح الفذ» اللهم إلا ترجمة واحدة فى كتاب ترتيب المدارك ”2 للقاضى عياض اليحصبىء لكنها ترجمة مقتضبة مضطرية لم تلق ضوءًا كافيا لدراسة حياة هذا الرجل الذى شكل تاريخ الملثمين» واستطاع بمعونة أميرهم أن يحقق مايشبه المعجزة.
ومن أسف. أن القاضى عياض ترجم له ترجمة مفصلة:فى كتاب له عن تاريخ سبتة مازال مفقودا حتى اليوم لم يعثر له على أثرء لأن عياض وهو من أئمة المالكية فى المغرب أولع بتقصى أخبار فقهاء هذا المذهب.» فلم يترك فقيها دون أن يترجم له أو يعرف به» ومن الطبيعى أن يفرد لابن ياسين فصلا طويلاء لآنه كان قريبا مسن عصرهء إذ توفى عياض فى القرن السادس الهجرى» وكان يعرف تلك الجهود الشاقة التى بذلها لرفع لواء مذهب مالك فى صحرء الجنوب وفى السودان.
مهما يكن من شىء. فإنه يخيل إلينا أن الفتى عبدالله خرج من مسقط رأسه فى فجر شبابه ليشبع رغبته فى العلم» ويرد مناهل الثقافة فى المغرب الأقصى» ويتتلمذ على أئمة. الفقهاء فى المدارس التى انتشرت فى المغرب كله» ولاندرى كيف اتصل يفقيه السوس وجاجء أتتلمذ عليه قبل ذهابه إلى الأندلس أم يعد عودته منه؟ فقد ذكر المورخحون”" أن الفتى الملثم شد الرحال إلى الأندلس فى طلب العلم والمعرفة» ولابد أنه تردد على أئمة العصر وأعلام الفكر فى الأندلس.
ومن الغريب أن كتب الطبقات الأندلسية سكتت عن هذا الأمر سكونًا ليبس من العسير تعليلهء فإن أغلب هذه الكتب ألف فى عصر الموحدين الذين كرهوا المرابطين» واعتبروهم رنادقة كفرة» وجهدوا فى إخفاء آثارهم وطمس معالم تاريخهم» فلا يبعد أن يكون كتاب الطبقات قد خافوا البطش فسكتت أقلامهم عن
)١( عياض : ترتيب المدارك جة ص”577 ومابعدها. (؟) الحلل الموشية فى الاأخبار المراكشية ص ١٠١ . 6
ذكرهء وقد انفرد صاحب الحلل بذكر قصة ذهاب عبدالله بن ياسين ”2 إلى بوجاج فقيه السوس فى ذلك الوقت» ذلك الفقيه الذى كان قد رحل إلى القيروان9؟؟2 وتتلمذ على أبى عمران الفاسسى» وعاد إلى المغرب فابتنى الرابطة وتزهد وتعبد» وأخذ يبث دعوة القيروان وتقاليدها فى نفوس مريديه.
ولايبعد أن يكون عبدالله بن ياسين قد أعجبته هذه التقاليد التى اتسم بها فقهاء المالكية من البعد عن السلطان» واطراح النعيم» والتعيد والزهد والتقشف والإيواء إلى الربط تقربا من الله. وإذا كان عبدالله بن ياسين قد تتلمذ على وجاج وهذا قد تتلمذ على أبى عمران» فيعتبر ابن ياسين من هذه الناحية تلميذا لأبى عمران (" عن طريق غير مباشرء ويكون بذلك قد جمع إلى علم الأندلس علم القيروانءويبدو أنه كان لعبد الله بن ياسين ذكر وصيت كمحدث فيذكر ابن بشكوال » عرضا أن أحد علماء الحديث قد روى عنه.
ومهما يكن من شىءء فقد أجمع الرواة على قلتهم «على أن عبدالله ابن ياسين كان من الفقهاء النابهين. كان شهما قوى النفس حازما ذا رأى وخير وتدبير حسن 422» كما ذكر صاحب الروض أنه «كان من حذاق الطلبة الأذكياء التبهاء النبلاء من أهل الدين والفضل والتقى والفقه والأدب 9». هذه هى الصفات التى اتسم بها ذلك الفقيه الجرىء الذكى» وقد حق ليحيى بن إبراهيم أن يستبشر بقدومه ويعتقد أن تحقيق آماله قد آن.
(1) ليس ببعيد أن يكون عبدالله من المغمورين فى ذلك الوقت فلم تسجله كتب الطبقات. )١( مفاخر البربر ص16 .
() البكرى: المغرب ص158.
(4) ابن بشكوال : الصلة ص47 .
(5) النويرى : نهاية الآرب ج71ص177.
)١( ابن أبى زرع : روض القرطاس ص8لا.
2 عبدالله بن ياسين فى ديار لمتونة:
دخل ابن ياسين الصحراء بصحبة أمير جدالة» ولانعرف بالضبط الطريق الذى سلكه؛ ولا الوجهة التى اتجههاء فهل اتهه إلى ديار لنونة كما يذكر النويرى”! أم سلك طريقًا آخر؟. يخيل إلينا أنه اتجهه إلى لمتونة أولاء لأنه كان يتعين عليه أن يمر بمضاربها قبل أن يصل إلى جدالة» ثم إنه اضطر إلى محاربة لمتونة بعد أن أيدته جدالة» ولايعقل أن يجاهد للتونة إذا لم تكن قد أعرضت عن دعوته وهذا هو ما يؤكده الرواة ”© حين يقولون إنه دعا لمتونة إلى طريق الحق» وبسط أمامها سبل الهداية فصدت عنه وأعرضت» فاضطر أن يشد الرحال جنويا إلى مضارب جدالة» عله يستطيع بمعونة أميرها يحيى أن يحقق ما أخفق فى نحقيقه فى صفوف لتونة .
وتغرب الرواية فى الخيال حين تصور قدوم عبدالله بن ياسين فقيه الملثمين وهاديهم » فذكرت وإن كان ذلك تفصيل لاغناء فيه أنه كان يركب بعيرا يقوده يحيى بن إبراهيم» وهو يقول للناس:هذا محيى سنة رسول اللهء يعرضه على الناس» ويدعوهم لحضور مجلسه والاستماع إلى مواعظه 7" . مهما يكن من شىء» فقد كان لقدوم عبدالله بن ياسين رنة فرح وصدى بعيد فى ديار الملثمين» جاءت الوفود من كل فج داعية مرحية 419 لأنهم كانوا كما يبدو يحسون بذلك المستقبل الزاهر الذى أخذ هذا الفقيه الجرىء يرسمه لهذه الشعوب التى لم تكن قد اضطلعت بدور يذكر فى تاريخ المغرب» فقد ذكر المؤرخون أن شيخا منهم قال حين رآه يمتطى راحلته؛ ويمضى فى طريقه:«أرأيتم هذا الجمل لابد أن يكون له فى هذه الصحراء شأن عظيم» لمك وكان يحيى بن إبراهيم الذى أطلق عليه اسم إمام الحق فى سعيه وراء الحقيقة وعمله على إحياء شريعة محمد» وجلبه فقيها يعلم الناس ويهديهم سواء السبيل الإمام المشالى الذى رسمه الطرطوشى إذ قال: «فإمام العدل النبوى كان يجمع السلطان إلى نفسه حملة العلم الذين هم حفاظه ورعاته وفقهاؤه وهم الأدلاء على الله تعالى والقائمون بأمر الله والحفاظون لحدود الله
)١( النويرى : نهاية الأرب ج؟7 ص"19.
(؟) الحلل الموشية ص »٠١ روض القرطاس ص8لا. (*) الحلل الموشية فى الأخبار المراكشية ص .٠١١ (4) ابن أبى ررع: روض القرطاس 8/.
(65) النويرى ج71 ص"777 .
والناصحون لعباد الله. فواجب على السلطان ألا يقطع أمرا دونهم ولايفصل حكما إلا بمشاورتهم, لأنه فى ملك الله يحكم» وفى شريعته يتصرف» "2.
أخذ عبدالله بن ياسين منذ وطئت قدماه ديار الملثمين يرسم لنفسه المنهج الذى يدنيه من الأهداف التى حالف يحيى بن إبراهيم الجدالى على تحقيقها» وهى - كما أشرنا من قبل - تأليف قلوب الملثمين» وإقامة نوع من التوحيد بين القبائل المتنافرة على أسس من الدين الصحيح. والخلق القويم» حتى لايكتب لها أن تتفرق كما تفرقت من قبل» وهذا المنهج الذى اصطنعه عبدالله لنفسه يقع فى دورين : دور سلبى» ودور إيجابى . دور قنع فيه بالدعوة السلمية» وآخر امتشق فيه الحسامء وأعلن الجهاد على المفاسدء دور كان يعظ فيه بالحسنى» ويخوف الناس عاقبة آثامهم» درو خاض فيه حومة الوغى فى سبيل تحقيق غايته» وإتمام رسالته وهو من هذه الناحية يتفق مع طبائع الأشياءء ومع الدعوات الممائلة التى عرفها التاريخ» دعوات المصلحين من رجال الدين الذين يسالمون ويعتمدون على القول» حتى إذا خذلهم الناس استلوا السيوف بعد تأليف قلوب الأنصار. وحشد المؤيدين لحلبة الكفاح.
بدأ الدور الأول من أدوار الدعوة حين اتخذ عبد. الله بن ياسين صفة الفقيه المشاور المعلم» واستطاع بسبب معرفته اللهجات البربرية» وصدق يقينه» وإخلاصه أن يجتذب إليه الطلبة من كل فجء فكانوا يشدون إليه الرحال من أقصى الديار يحضرون حلقته» ويستمعون إلى دروسه "© . ويبدو أن عبدالله كان يرقى بهم فى فهم الإسلام من البسيط إلى المعقد» أعنى ينزل إلى مستوى أفهامهم ويلقنهم المبادئ الصحيحة للدين» حتى إذا تمكن من نفوسهم» وأقبلوا عليه بعقولهم وأفهامهم» أخذ يفسر القرآن ويروى الحديث 7"» ولعله وهو الفقيه المالكى كان يقرأ نصوصا من موطأ مالك أو المدونة التى وضعها سحنون أو المستخرجة التى وضعها طلبة سحئون فقيه القيروان» واستطاع عبدالله بنفضل فرط ذكائه وخبرته بطبائع الناس وسعة أفقه» بسبب كثرة أسفاره أن ينفذ إلى قلوب العامة» ويصبح قريبا من قلوبهم» فوثقوا به وأقبلوا عليه.» وتفتحت أذهانهم لتعاليمهء «فكانوا
. الطرطوشى: سراج الملوك ص87 )١( . ٠١ص (؟) الحلل الموشية فى الأخبار المراكشية .٠١ المصدر السابق ص )"(
يحفظون من فتاويه وأجوبته لايعدلون عنه 42 وسما فى نفوسهم إلى مرتبة رفيعة من التقديس» كان يعلمهم» ويفتى فى مشاكلهم. كان صاحب الرأى والمشورة بل كان بيت مالهم تحت إشرافه (©.
ويبدو أن عبدالله بن ياسين قد خطا فى سبيل هذه الدعوة السلبية خطوة أبعدء فلم يكتف بالدرس بل أمر الناس بالمعروف ونهاهم عن المتكر 29 وليس بمستغرب أن يفعل مثل هذا وهو تلميذ فقهاء القيروان الذين عزفوا بأنهم حرب على الفسادء ونقمة على المنكرء وسيف على البغاة» ورأى كيف فشت الرذيلة بينهم» فأراد أن يقوم من أخلاقهم ما استطاع إلى ذلك سبيلاء بالكلمة الطيبة والموعظة الحسئة» فأراد أن يقيم الشرع ويحكمه فى رقاب المفسدين» «أخذ فى الشدة فى ذات الله تعالى» وتغيبر المناكير وأظهر الإيمان» »كما عمل على معاقبة السارق ورجم الزانى ومحاربة الداء بالسنة القويمة 7 ولعله فعل آنئذ مثل مافعله يسجلماسة فيما بعدء حين أراق الخمور وحطم آلات الطرب ودعا إلى الزهد والتقشف .
وقد رأى عبدالله كيف أن النبلاء من الملثمين يتحكمون فى رقاب عبيدهم ومواليهمء ويذيقونهم ألوان الخسف. وقد ذكرنا فى الباب الأول كيف أن المجتمع الملثم يضم قبائل سيدة وأخرى مستذلة مسودة؛ وعرضنا لحالة الموالى عرضا موجزاء وقد أحب عبدالله أن يقيم حدود الإسلام» وأن يبسط لواء المساواة بين الناس» فيخفف من غلواء السادة» ويسرى عن المستضعفين فى المجتمع ولاندرى بالضبط ماهى الوسائل التى استعان بها على تحقيق بغيته» غير أن البكرى يروى أنه اختط مديئة اتخذها حاضرة له» وأنه أمر بأن تكون دورها متساوية لاتعلو دار على أخرىء فكأنه أراد أن يضرب لريديه مثلا وأن يكون لهم أسوة حسنة.
مهما يكن من شىء فإنه يخيل إلينا أن عبدالله لم يأل جهد فى التخفيف عن كاهل الموالى» والحد من جبروت السادة والنبلاء "2. وقد اتخذ لنفسه منهج فقهاء
. 577 عياض: ترتيب المدارك جة ص )١(
(") البكرى: المغرب ص6١١.
فيرف ابن أبى ذيع : روض القرطاس ص8/. (4:) عياض : ترتيب المدارك جة ص1ل9١. (65) اين الأثير جه ص708.
.1١1560ص البكرى : المغرب )١(
القيروان فى الزهد والتقشف والبعد عن مطايب الحياة» فقد روى المؤرخون أنه لم يشارك الملثمين فى حياتهم الخاصة» تورع عن أكل طعامهم» وتناول شرابهم وكان يعتمد على صيد البرية 29 كان يتقشف. يلبس الخشن من الثياب» ويكتفى من الطعام بأقله» يتشرب إلى الله بالعبادة» ويروض نفسه على الصبر» ويبدو أن سيرنه تركت فى نفوس الناس أثرا بعيداء فوثقو قوا به» وآمنوا بدعوته» وبدءوا ينسجون حول شخصه قصصا هى الخرافة بعينهاء وهى إن كانت بعيدة عن التصديق إلا أنها تصور لنا كيف سما فى نفوس القوم: وكيف غدا فى نظرهم فى مرتبة الأولياء والصاحين» فقد روى البكرى كيف استعانوا به فى استخراج الماء من جوف الصحراء بإذن الله» كما ذكر روايات أخرى قريبة من ذلك المعنى © .
ولكن مايلقاه الدعاة والمعلمون فى مستهل رسالتهم من مقاومة أهل الشر والفساد قد لقيه عبدالله» فروى المؤرخون 7" كيف تبرم الناس بحكم السنة» إذ لم يألفوا الخمضوع لقانون يحد من نزواتهم» ويوقف شهواتهم عند حدء :لكن يخيل إلينا أن المعارضة لم تفرخ فى صفوف المستضعفين من عامة الملثمين» لأن عبدالله كان نصيرهم وحاميهمء وكان هو الذى رد البغى والعدوان عن ساحتهمء إنما انبعثت المعارضة من صفوف الزعماء والتبلاء) الذين رأوه ينتقص من حقوقهم التقليدية» ويضع حذا لجبروتهم وعدوانهم» وينشر المساواة بين الموالى والسادة» فسخطوا عليه. ومما يؤيد هذا الرأى ما أشار إليه البكرى حين قال: «فقام عليه فقيه منهم اسمه الجوهر بن سكن مع رجلين من كبرائهم يقال لأحدهما أيار. وللآخر أينتكوا فعزلوه من الرأى والمشورة وطردوه وهدموا داره ل
)١( نفس المرجع السابق ونفس الصفحة.
(5) المرجع السابق ص128 .
(”) البكرى : المغرب ص790١» عياض: ترتيب المدارك ج؛ ص577. ابن أبي زرع: روض القرطاس ص8,» ابن الأثير جة ص7508. ْ
(5) البكرى 1 المغرب ص6١١ .
0 انتهاء الدور الظين من رسالة عبدالله بن باسين:
واضطر عبدالله خوفا على نفسه أن يخرج من ديارهم إلى حيث قدر للدعوة أن تمر فى دورها الإيجابى الناجح» الذى ينتتهى بقيام الدولة فى دورها الأول» ولكن يخيل إلينا أن جهاد عبدالله لم يضع هباء وأن الكثرة الغالبة من جمهور الملثمين أحبته ووثقت بهء واعتقددت أنه منقذها من الضلال» إنما القلة الحاكمة هى التى عدت عليهء وأخرجته من الديار ظنا منها أنه تهيأ لها القضاء على هذه الدعوة الناشئة» ولكن الأيام خيبت ظنهم.
وتختلف المراجع فى الوجهة التى اتجهها عبدالله بن ياسين بعد أن خرج من مضارب لتونة يطلب النجاة بنفسه» بعد أن يئس من إصلاح حالهم» فذكر فريق () أنه غلب عليه اليأس من تقويم اللمتونيين» فخرج إلى المغرب يلوذ بأستاذه 55 فقيه السوسء ويشكو إليه مايلقاه من عناء ونصب. ويذكر فريق آخر أنه هم بالعودة إلى المغرب لولا أن أن قيض الله أمير جدالة يحيى بن إبراهيم '" ليرده عما أراده من اعتزال الدعوة والمعركة على أشدها.
ويبدو أن عبدالله بن ياسين كان على صلة روحية بأستاذه فقيه السوس» لعن شه ال كود تان ظل يرقية تلميذه عن كثب» مباركا حركته متمنيا أن يكتب له التوفيق» وأنه كان يمده بالمشورة والرأى والنصح والتوجيه كما يتبين من رواية البكرى 7" ويخيل إلينا أن عبدالله بن ياسين لم يشأ أن يسير إلى الجنوب من كلق نفسة آزلة الأمرة لأنه كان يخشى أن يلقى فى الجنوب مثل مالقيه فى الشمال من محاربة النبلاء» وإعراض الزعماء الذين أعمتهم الأنانية وأضلهم حب الذات» ولأنه لم يكن على علم تام بمسالك البلاد الجنوبية» وهذا يؤيد ماذهب إليه
بعض المؤرخين 7» من أنه فعلا هم بالعودة من حيث أتى لمعاودة حياة الدرس والتفقه» لولا أن يحيى ,ب بن إبراهيم الجدالى رأى أنه إذا تخلى عنه أخفقت آماله» وأحبطت مشاريعه التى عقد الخناصر على تحقيقهاء فألح عليه فى أن يصحبه إلى
)١( نفس المصدر والصفحة. () ابن أبى زرع : روض القرطاس ص8/اء جامع تواريخ فاس ص78. م البكرى : المغرب ص16١. (5) ابن أبي زيع : روض القرطاس صغلا. ١٠
الجنوب وتوسل إليه ألايتخلى» وهو الفقيه المجاهد. عن رسالته الساميةء فقال له «إنى لا أتركك تنصرف وإنما أتيت بك لانتفع بعلمك فى خاصة نفسى ودينى» وما على من ضل من قومى ''.
هكذا قدر لهذا الزعيم الجدالى المخلص أن يتدخل ليغير مجرى الحوادث» ويوجه مصير قومه الملثسين» فآثر أن يصطحب الفقيه معه إلى الجنوب إلى ديار جدالة أهله وعشيرته» ولعله يلقى من قومه المعونة والتأييد لتحقيق غايته» وقد سار عبدالله بن ياسين صوب الجنوب إلى ديار جدالة» حيث قدر للدور الويجابى أن يبدأ وك تشع الفهيؤة التى بذلت لإقامة دولة من الملثمين على أسس جديدة قوية .
وقد بدأ الدور الإيجابى حين عمد عبدالله بن ياسين إلى بناء رباط يأوى إليه صحبه» يبتعدون عن الناس» يتفربون إلى اللهء يتزهدون ويجاهدون. والمراجع التى بين أيديتا وإن كانت قد اتفقت على ذلك» تختلف أشد الاختلاف فى الظروف التى أنشئ من أجلها ذلك الرباط» ويذهب البسبعض إلى أن يحيى بن إبراهيم الجدالى هو الذى أشار على عبدالله بن ياسين ببناء رابطة للعبادة وهذا أمر بعيد التصديق ٠» لأن عبدالله بن ياسين وهو الفقيه المتتلمذ على علماء القيروان والمغرب الأقصى كان أدرى الناس بفائدة الربطء التى كانت قد انتشرت فى المغرب انتشارا بعيدا فى ذلك الوقت. كما أنه هو نفسه تتلمذ على أستاذه وجاج فى رابطة ل يا وا
لتلقى العلم على يديه» إن يحبى بن إبراهيم الجدالى لم يشر على ابن ياسين ببناء رابطة للعبادة» إنما كان له الفضل فى اختيار أصلح المواقع لإقامة ذلك الرباطء لأنه كان يعرف مضارب قومه حق المعرفة . يشير صاحب روض القرطاس. إلى ذلك حين يروى أن يحيى بن إبراهيم قال لعبد الله «ولكن ياسيدى هل لك فى رأى أشير به عليك إن كنت تريد الآخرة. . .» قال «ماهو» قال «إن هاهنا فى بلدنا جزيرة فى البحر . . تدخل إليها فنعيش فيها . . فقال عبدالله:هذا حسن, فهلم بنا ندخلها باسم الله تعالى» وابتنى بها رابطة 9©).
)١( المصدر السابق ونفس الصفحة. )١( ابن أبي زرع 1/8.
١1١١
وإذا كانت المراجع قد اختلفت فى هذا الأمرء فإنها اختلفت أيضا فى تحديد الموضع الذى اختاره عبدالله وصاحبه مستقرا لحياتهم الجديدة» ومأوى يضعون فيه أسس الدولة الجديدة» فيذهب فريق إلى أنهما ابتنيا هذا الرباط على حدود الصحراء .فيما يلى تاردونت إلى الجنوب27» وهذا رأى لايطابق الحقيقة» فتارودانت تقع على حدود المغرب الأقصىء على مقربة من جبال درن» وقد ذكرنا كيف أن عبدالله بن ياسين بعد أن كفرت لتونة بدعوته سار إلى الجنوب إلى ديار جدالة» ليبدأ حياة جديدة» وأنه لم يذهب إلى الشمال» وليس من المعقول أن يبنى رابطته حيث يحف به من كل صوب الأعداء الذين يتربصون به الدوائر.
ويذهب فريق آحر إلى أنهما قد لجآ إلى ديار جدالة» وأنهما اخمتارا جزيرة صغيرة» تقع فى مواجهة الشاطئ ء على مقربة من بلدة أوليل قاعدة جدالة فى الخليج الذى يطلق عليه الجغرافيون اسم خليج «ذتاوتةء وأن هذه الجزيرة يسهل الخوض فى الماء للوصول إليها إذا كان الجزر» وتركب إليها الزوارق إذا كان المد" . ويعتمد أصحاب هذا الرأى على رواية لصاحب روض القرطاس جاء فيها «أن هاهنا فى بلدنا جزيرة فى البحر إذا حسر (الماء) دخلناها على أقدامنا وإذا ملأ دخلنا فى الزوارق وفيها الحلال المحض الذى لاشك فيه من شجر البرية وصيد البر والبحر من أصناف الطير والوحش والحوت26©.
ويذهب فريق آآخر إلى أن هذه الجزيرة تقع فى مصب السنغال الأدنى وأنها فى الصيف تصيح صلتها بالبر ميسورة وفى الشعاء تنقسم إلى جزيرات صغرى .
ويخيل إلينا أن ماذكره الفريق الثانى أقرب إلى الصوابء ذلك لأن الرباط لايبنى عادة إلا فى المناطق التى تتعرض للغزوء ويتطلب اللأمر حشد القوى بقصد الجهاد ورد المغيرين» فلا يعقل والمحالة هذه أن يتخذوا هذه الجزيرة الواقعة قرب ساحل المحيط مركرًا لنشاطهمء لأنه لم يكن ثمة خطر يتهدد جدالة عن هذا
)١( حسين مؤنس: مقدمة رياض النفوس ص 57م )١( .61.م لفامعلاعء0 دتقطةد دل عمتماقتط عصتكل عددتتوىة نع 1أعمداءد1 102 (") ابن أبى زرع: روض القرطاس ص9. (5) ابن خلدون : العبر ج" ص187» .446.,ص [52عناء5 ننه 8155101 تأعومة 1.8 .م تناع نل150ه1 :تمهاد عدآ.199 .ص تماد 02 اء [دمعناءع5 2 81155100 نأعوكة8.] ودائرة المعاف الإسلامية (الطبعة الفرنسية)» مادة سنغال (2/1.1061810556
1١١
الطريق. على حين نجد ممالك الزنوج الواقعة إلى جنوب حوض السنغال تغير على مضارب الملثمين باستمرارء وتهدد طرق القوافل» وقد رأينا كيف أن الملشمين والزنوج تبادلا الاستيلاء على مدينة أودغشت مرات عدةء فكان يتعين على عبدالله ابن ياسين أن يتخذ نهر السنغال» وهو الحد الفاصل بين مضارب الملثمين ومضارب الزنوج» مستقر) لرابطته بقصد الجهاد ونشر الإسلام فى ديار الزنوج ومحاولة وقف عدوانهم وحسر تيارهم» والحيلولة بينهم وبين الإغارة على مضارب الملثمين. هذا إلى جانب أن الحياة فى هذه الجزيرة الصغيرة الواقعة فى المحيط» والتى ذكر بعض المؤورخين أنها اتخذت مقر للدعوة الجديدة تكاد تكون شاقة بسبب قلة موارد الماء وضيق رقعتهاء فلا تستطيع أن تعول عددًا ضخما من المرابطين بلغ فى بعض الأحيان أكثر من ألف مجاهد. على حين تتيسر الحياة فى الجزر الواقعة ففى مصب السنغال» بسيب وفرة المياه العذبة» ووفرة النبات والأشجار البرية» يتضح ذلك من قول صاحب الروض افيها الخلال المحض الذى لاشك فيه من شجر البرية وصيد البر والبحر من أصناف الطير والوحش والحوت26©'.
قد يقال كيف يجروؤ المرابطون على بناء رابطتهم بحوض السنغال ودولة الزنوج كانت تبسط نفوذها حتى حوض هذا النهر '"©» وتهددهم بخطر جسيم؟ . يرد على ذلك القول بأن الأطرافيُ الجنوبية لديار جدالة كانت تمتد حتى تدرك حوض السنغال» وكانت هذه القبيلة تستطيع أن تحمى ظهر العصبة المرابطة» إذا مافكر الزنوج فى الاعتداء عليهاء وماتزال الأساطير الشعبية التى يتناقلها سكان حوض السنغال اليوم تردد ذكر أحد المرابطين» الذين قدموا حوض هذا النهر فى القرن الثانى عشر الميلادى» مما حمل الأستاذ هع3.620 ”2 إلى الظن بأن عبدالله ابن ياسين هو بعينه ذلك المرابط الى تتحدث عنه الأسطورة.
وإذا كان المؤرخون قد اخمتلفوا فى هذه الأمور كلهاء فإنهم قد اختلفوا اختلامًا شديدا فى التأريخ لهذا الدور الجديد» وكل ما استطعنا أن نصل إليه هو أن يحيى بن إبراهيم الجدالى توفى سنة ٠5414ه» بعد أن استقر به المقام مع عبدالله بن ياسين فى رباط حوض السنغال» لأنه صاحب الفضل فى اصطحاب عبدالله بن ياسين إلى ذلك المكان البعيد» وذكر المؤرخون أيضا أن العصبة المرابطة (1) ابن أبى زراع: روض القرطاس ص97 (١).477.م 5626821 ناه 11155)00 نأعووة8 .1 () .446 .م15
١1 *
خرجت من مستقرها مجاهدة» واستولت على أودغشت سنة /ا54451هء وأن يحيى ابن عمن الذى خلف يحيى بن إبراهيم توفى فى ذلك الوقت. وخلفه أبو بكر بن عمر إذن فلابد أن الفترة التى قضاها عبدالله بن ياسين فى رباطه هذا فترة طويلة لاتقل عن سبع سنوات إن لم تكن تزيدء لأنه أدرك الرباط قبل وفاة يحيى بن إبراهيم أعنى قبل سئنة ١414ه. عد “د
”- حركات المرابطة فى بلاد المخرب:
لكى نفهم الرسالة التى أداها الرباط الذى أنشأه عبدالله بن ياسين فى مصب السنغال» ونقف على الدور الذى لعبه الرباط فى تاريخ قيام الدولة» ونكشف عن المنهج الذى التزمه عبدالله حتى كتب له النجاح. وحقق الغاية التى كان يصبو إليهاء يجدر بنا أن نعرض لحركة المرابطة فى المغرب على العموم» نعرض لحذورها الأولى» كما نعرض لتطورهاء ذلك التطور الذى خدم الإسلام فى المغرب نخدمة جليلة» كل ذلك يعيننا على فهم الدور الإيجابى للدعوة فهما صادقاء لأن رباط السنغال ليس إلا جزء) من حركة المرابطة التى بدأت فى المغرب منذ أن فتحه العرب . ا
وتفسير كلمة رباط يحدد لنا معالم التطور الذى أصاب حركة المرابطة فى المشرق والمغرب. فالرباط معناه ملارمة ثغر العدوء ومعناه أيضا المحافظة على أوقات الصلاة 2"7» ذهب الإمام الطرطوشى © هذا المذهب حين فسر الآية الكريمة “يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون #9 بقوله «ورابطوا فيه قولان قيل رابطوا على الجهاد وقيل رابطوا على انتظام الصلوات ©2).
والجهاد فى سبيل الله من أخص صفات المرايطة» الجهاد فى الشغور حيث ترابط خيل المقاتلة» تحمى حياض المسلمين 22 وترد عادية المعتدين.
وكانت المرابطة فى المغرب بعد أن فتحه العرب على هذه الصورة» ذلك أن سواحل البلاد ظلت بعد الفتح تتعرض لغارات الأسطول البيزنطى من قواعده فى )١( الإتحاف جا ص6 7. (1) الطرطوشى : سراج الملوك ص91 .
(5) الطرطوشى : سراج الملوك 41 . (6) دائرة المعارف الإسلامية (مادة رباط) "كانا0طهقعق]8 5ع.آ" متطاأعطعدلصداة]"! عناد 65أ3]0:ء 1200 .(5تلوء:0.1/13) .0.29
١١5
صقلية وسردانية وجنوب إيطاليا '2» وكانت المدن الساحلية تصاب من جراء هذه الغارات بأضرار جسيمة» فاضطر العرب إلى تحصين الثغور بالمقاتلة» الذين أخذوا يرابطون فيها للدفاع عن المسلمين» والحيلولة بين المقاتلة البيزنطيين وبين النزول إلى البر ”".
كان المسلمون أنفسهم يرون فى هذه المرابطة لونا من ألوان الجهاد فى سبيل اللهء» فكانوا يتسابقون إلى الربظء» يحرسون عورات المسلمين» وينالون الشهادة دفاعا عن عقيدتهمء فكانت الربط فى الواقع مجرد حصون ”© تقام ة فى المجهات الأكثر تعرضا لغارات العدو. تشحن بالمقاتلة» والمؤن لصد عادية المعتدين.
ويبدو أن عقبة بن نافع الفهرى كان يدرك أهمية الرباط فى الدقاع عن المغرب» فى وقت لم تكن البحرية الإسلامية قذ تفوقت فيه على البحرية البيزنطية فى العدد والعدة» فكانت القيروان رباطا كبير اتخذه العرب لصد غارات الروم» فقد قيل فى تفسير كلمة قيروان إنها موضع اجتماع الجيش» وقيل محط أثقاله 24. ويتضح الغرض من إنشاء القيروان من حديث عقبة حينما قال له أصحابه: ١" أن نقربها من البحر ليجمع أهلها الجهاد والرباط 42: فقال: «إنى أخاف أن يطرقها صاخب القسطنطينية» فيهلكها صاحب البحرء لكن اجعلوا بينها وبين البحر مالا تقصر فيه الصلاة فأهلها مرابطون».
ويبدو أن هذه الروابط قد حققت الغرض الذى أنشتت من أجله» وحمت ثغور إفريقية من عادية الفرنجة» ومكنت للإسلام وللحضارة الإسلامية من أن تنتشر وهى فى مأمن من الغزاة» فإن زهير بن قيس البلوى "2 لم يشأ بعد أن حاقت يجنده الهزيمة أن ينسحب من الميدان» بل رابط ببرقة للدفاع عنهاء والاستعداد لرد العدوان.
)١( حسين مؤنس : مقدمة رياض النفوس ص790؟.
(؟) ,29.م "كانامطدعدل8 ذوعا " متطاضعطعة81 صداوة"! عند دعنول8 :ع)أناوط (7) الرحلة التيجانية ورقة 16 .
(5) الدباغ : معالم الإيمان جا صلا.
(0) المرجع السابق ونفس الصفحة.
. ١6ص ا١ج ابن عذارى : البيان المغرب )١(
وتوسع الأغالبة فى بناء ا (وكانت تسمى القصور والحارس. ار الغزاة يلون ل ويتعاونون فى الدفاع عن أنفسهم » ويصمدون فى وجه الغزاة”" . لم تستطع الأساطيل البيزنطية فى القرن الثانى الهججرى أن تنال من الساحل الإفريقى. لأن المحارس والربط كانت بالمرصاد ”© وكان المتطوعون الراغبون فى الجهاد يخرجون للعبادة والحرس على المسلمين ”© بقلوب راضية
نتشر الإسلام بإفريقية» وأخذت الثقافة العربية تتوغل فى بيئة المغرب»
ووفد 0 والرواة والمحدثؤن» وأخذت المدارس تشارك فى الحياة العقلية التى نشرها العرب فى البلاد» وشرع فقهاء مذهب مالك يثبتون أقدامهم فى القيروان» ويبسطون ظلهم على إفريقية. ويشيعون بين الناس تقاليدهم من الشدة ذ فى الحق والتورع عن مصاحبة السلطان» ومحاربة أهل الأهواء والبدع. والميل إلى التقشف» والزهد فى متع الحياة الذنياء وغدوا قبلة الناس ومحط رجائهم » وأخل القوم يروون الشىء الكثير عن ورعهم وإخلاصهم وتشبثهم بالسنة القويمة» وانتشرت رسالتهم هذه فى المغرب الأقصى وفى الأندلس على النحو الذى فصلناه
كل هله العوامل ساعدت على أن تخرج بالربط عن وظيفتها الأولى» وهى إيواء المدافعين عن الشغور» ورد أساطيل الغزاة المغيرين» وبدأ الناس يقصدوت الربط ليس للجها : د فحسب» بل > لتلقى العلم أيضاء إذ غدت الرباطات مدارس يدرس فيها الفقه والحديث». يقصدها العلماء من كافة جهات المغرب فينهلون من مواردها ماطاب لهم أن ينهلوا ٠. ومن العلماء الذين أووا إلى الربط وذاع صيتهم ) وتحدثت عنهم كتب الطبقات أبو القاسم عبدالر حمن بن محمد الحضرمى 9 المعروف باللبدى» وأبو الحسن اللواتى 2 » وأبو إسحق الساحلى '" وعبدالرحيم )١( الرحلة التيجانية ورقة "ثاب. ٠ (؟) الرحلة التيجانية ورقة ”اب (149.0.م ,عع مدممع شفط اع أعمتمطد81 : عممععاط (5) القاضى عياض : ترتيب المدارك ج 5 ص١17. (6) القاضى عياض: ترتيب المدارك جة ص١؟17 )١( نفس المرجع والصفحة. (0) أبو العرب تميم: طبقات علماء تونس ص١١١.
١١5
ابن عبد ريه © وأبو عثمان المخنولانى ('"» وأبو محمد بن حكمون 7" وسعيد بن إسحق / 40 وأبو الفضل يوسف بن نضصد 2ك وأبو بكر محمد بن مسعود امي 0 وسعيد بن إسحق الفقيه 00
ولم يكتف رواد الربط بذلك» بل برعوا فى التأليف» وتناقل العلماء 0 فقد ألف أبو الفضل يوسف بن مسرور العابد بالمنستير كتاب فضل : فضل العلم والعلماء #0 رواه عنه أهل الأندلس» وغدا عباد الربط من الفقهاء مقصد علماء المشرق» فقد ذكر المؤرخون أن بقية بن الوليد والأزهر بن عبدالله من أهل الشام لقيا عبدالمؤمن بن مستنير اجحزرى العايد 9 ولا ذاع صيت رباط رادس كتب علماء المشرق إلى أهل إفريقية 0 ة يقوا ال 1 ويشيعون علمهم فيهاء حتى قيل «إن قصور زياد المرابط بساحل إفريقية دار مالك لكثرة من فيه من العلماء والعباد والصالحين من أصحاب مالك» 230,
ام امالكيةيفئ إفريقية وا مغرب حركة من الزهد والتشف والورع والتمسك هفاك السنقع وإمامهم فى هذا الميدان سحنون الفقيه المالكى المشهور» الذى قيل فيه «الفقيه البارع والورع الصادق والصرامة فى الحق والزهد فى الدنيا والتخشن فى الملبس والمطعمء شديدا على أهل البدع .4١ والواقع إن هذه الصفات لم ينفرد بها سحئنون وحدهء بل اتسم بها جميع فقهاء ء المالكية بإفريقية والمغرب» هم الذين بثوا هذا الزهد وهذا التقشف بين الناس» وكان دستورهم فى (؟) امرجم السايق ص ١56 . () المرجع السسابق ص 1١67 . (4) نفس المرجع والصفحة. (5) الدباغ : معالم الإيمان ج؟ ص؟١ . )١( المصدر السابق ج77 ص؟١ . (ل) ابن عذارى: البيان المغرب ج١ا ص١4١. (4) ابن خخير: الفهرسة ص7١”7. )1١١( الرحلة التيجانية ورقة اب. )١١1( الدباغ : معالم الإيمان جا ص١8 .
1117/
ذلك حديئًا يروونه عن الرسول يكف «سئل رسول الله يَكلِِ أى الناس أفضل فقال مؤمن مجاهد بنفسه وماله فى سبيل الله عز وجلء قالوا ثم من يارسول الله: قال ثم مؤمن معتزل فى الشعاب يقيم الصلاة ويؤتى الزكاة 129.
لذلك هرع أهل التقى والورع إلى المحارس والقصور والربطء فارين من الدنياء ينقطعون للعبادة والتقشف» كان بعضهم يغشى الرباطات فى أوقات معلومة من العام كلما أحس أنه بحاجة إلى زاد من التقوى والتقرب إلى الله» يغشونها فى شهر رمضان» وفى أول رجب وشعبان 279 يأوون إلى ديارهم» ولكن بعضهم كان يفر من الحياة فى المدينة إلى الأبد» ويقيم فى هذه الربط مدى الحياة29 وكثيرا ما يحدث أن يترك التاجر تجارته» أو الزارع زراعته» ثم يأوى إلى الرباط» فلا يخرج منها إلا محمولا على الأعناق 29.
ومن أمثلة أولئك المرابطين المنقطعين عبدالرحيم بن عبدربه الربعى 2 وأبو سعيد بن إسحق الكلى» الذى كان دائم الحسرات مغلق الباب حتى مات © كانوا يقضون أوقاتهم فى رياضة روحية شاقة يقومون الليل» ويصومون النهار مثل أبى حفص»ء الذى لم يكن ينام أبدًا '» ومثل أبى يوسف جبلة بن حمود بن عبدالرحمن بن مسلمة الصدفى» الذى كان كثير الدعاء شديد التضرعء وأبى الفضل يوسف بن نصير وبشير المنستيرى» الذى كان من رهبان الليل لاينام منه إلا قليلاء فإذا أصبح يقول: اأصبحت ونفسى وقلبى مصران على محبتك مشتاقان إلى لقائك فعجل ياسيدى بذلك قبل أن يأتى الليل0) .
كان أهل الربط يتقللون من الطعام» فلا يكاد يزيد عن الشعير والزيت» زار الفقيه ابن حارث إحدى الرباطات» فرأى المرابطين يستعملون التوايل فى طعامهم
(1) المالكى : رياض التفوس ص ١١1؟. قف المرجع السابق ص 56# .
(”) عياض : ثرتيب المدارك ج١7 ص5 76 . (؟) المالكى : رياض النفوس ص37”5. )2« عياض : المدارك ج؟ ص ناريت زقف الدباغ 8 المعالم ج"؟ ص”7١9 ١ .
(0) عياض : المدارك ج”اص ٠١ 76 .
(4) المالكى : رياض النفوس ص 7198.
١14
فاستكثر ذلك عليهم'''؛ وعده ترمًا وإسراقاء لذلك كان بسضهم يصومون عن الطعام أو يتقللون منه» روى أن «أبا عبدالله محمد المتعبد صام حتى نحل وغارت عيناه وعلاه شحوب *"2. كانوا يتقشفون فى الملبس كتقشفهم فى المأكل» لايلبسون إلا النشن الذى يكاد يستر العورة» وكان بعضهم يهيم على وجهه فى البلاد» «أو يسبحون» على حد تعبير الرواة» يأكلون النباتات البرية إمعانًا فى تعذيب النفسء وإذلالهاء ومن هؤلاء أبو على شقران بن على الهمدانى» الذى روى عنه أنه قال: اسح فى الأرض واستعن بأكل عشبها على أداء الغرضء» لاتحب الدنياء وعد الفقر غنى» والبلاء من الله نعمة» والمنع من الله عطاءء والوحدة مع الله أمنا والذل عر "24 كما كان أبو عبدالله محمد المتعبد «فى سياحات ورياضات وعزلة وانفراد 9)).
ويبدو أن حركة الزهد والانقطاع للعيادة قد أشاعها المرابطون فى كل ناحية» حتى أن أميراً من بنى الأغلب اسمه أبو عقال غليون بن الحسن انقطع إلى السواحل» وصحب عابدًا اسمه أبو هارون الأندلسى ”*2. وبلغ من شهرة الرباطات بالعبادة والأتقياء أن ظهرت أحاديث منسوبة إلى رسول الله يِه تشيد بفضل رباط المنستير»ء فقد روى أنه قالابساحل قمونية باب من أبواب الجنة يقال له المنستير ”222 وروى أنه قال«من رابط بالمستير ثلاثة أيام وجبت له الجنة» فقال أنس. بخ بخ يارسول اللهء قال:نعم يا أنس وله فى هذه الثلاثة أيام كأجر النبسيين والصديقين والشهداء والصالحين 2)9.
تناقل أهل المغرب عن هؤلاء العباد قصصا غريبًا أقرب إلى الأسطورة منه إلى الحقيقة» وسموا بهم إلى مرتبة الأولياء» حتى بلغ صيتهم المغرب والمشرق» مثل
. 560 عياض : المدارك ج؟ ص8 )١(
(؟) الدباغ: معالم الإيمان جلاص161.
(5) الدباغ ك معالم الإيمان جا ص6١7.
2 ا مرجع السابق جج ص7١ 5
(6) الطرطوشى: سراج الملوك ص77 ولكن يبدو أن اسمه جاء بصورة أخرى فى رياض التفوس7(ص/5757) - أبو عقال بن علون. انظر أيضا . .117.م.اكء .مه :معلل إعطمع0همما
() أبو العرب ص؟,”7.
(0) الدباغ : معالم الإيمان جلا ص4 » الرحلة التيجانية ورقة 14
1184
أبى شقران بن على الهمداتى ”'2: الذى روى أن ذا النون المصرى جاءه وأقام على بابه أربعين يوماء وفروخ بن سعدونء وأبى السرى واصل بن عبد الله اللخمى © وغيرهم كثير» وأخذ الناس ينسبون اليهم الخوارق والمعجزات.
وقد خدمت هله الرباطات الإسلام أجل الندمات» وأسسدت إلى السنة المحمدية أيادى بيضاءء فعصمت أهل المغرب» لم تعبث بهم يد الفتنة فى وقت انتشرت فيه المذاهب الضالة» وأخحذ مروجوها ينفشون سمومهم فى البلامء كما عمل المرابطون على نشر الإسلام» والدفاع عن حوزته» وإعلاء كلمته» وكانت الرباطات ملاجئ يعتصم بها الناس وقت الفتنة» فلولا الربط والمرابطون لقضى الخوارج والصفرية والإباضية والبرغواطيون على التقاليد السليمة والسنن القويمة» ولاسيما فى عهد الفاطميين» الذين مثلوا بفقهاء مالك شر تمثل» حتى كانوا يفرون بأنفسهم وبدينهم إلى الرباطات ”"» يتعبدون ويصونون تراث مالك». حتى إنه ليخيل إلينا أن أهل الرباطات هؤلاء هم الذين حملوا لواء المقاومة السنية» وهم الذين دكوا صرح الشيعة فى إفريقية والمغرب .
أما فى المغرب الأقصى فقد انتشرت حركات الرابطة انتشار بعيد المدى» أوغلت فى السواحل حتى أدركت المحيط الأطلسى» وأوغلت فى قلب بلاد السوس حتى وصلت إلى أطراف الصحراءء ترفع لواء الزهد والتقشف. وتضرب للناس أروع الأمثال من التقرب إلى الله ابتغاء وجههء وتعمل على نشر الإسلام والتمكين.لمبادئه فى قلوب الناس .
)١( . المعالم ج ١ ص 7706
(؟) المالكى: رياض النفوس ص5 77.
(9) الدباغ: معالم الزيمان ج١7 ص186 .
(4) وقد تأئرت بلاد الأندلس ببلاد المغرب بحكم الاتصال الوثيق بينهما فانتشرت حركة الرباطات فى الأندلس كما انتشرت فى المغرب وأذكى تيارها هذا الجهاد المستمر لأعداء الدين,وهذه الحرب التى كانت مستعرة بين المسلمين والفرنجة فكان المجاهدون يخفون إلى التغور للمرابطة فيها لمدافعة العدو ورده عن حياض المسلمين وكان المغارية أنفسهم يفدون إلى الأندلس زرافات ووحدانا للمشاركة فى حركة الجهاد والدفاع عن حياض الإسلام» وكما نشر المالكيون تقاليد الزهد والتقشف فى المغرب نشروها فى الأندلس وأخحذت كتب الطبقات تتحدث عن فقهاء متبتلين متقشفين يلبسون الصوف ويلتزمون الرباطات فى طليطلة ورباط بطليوس ورباط الفهميين ورباط حصن ولمش» كانت هذه الرباطات - شأنها شأن رباطات المغرب عامرة بالعياد والزهاد المتقطعين إلى الله المتقشفين المباعدين بين أنفسهم وبين الحياة.
1
لعبت هذه الربط فى تاريخ المغرب الأقصى دور رائعاء حمت الإسلام من الفتنة» ووقت المسلمين وجنبتهم شر المحنة» وحالت بينهم وبين الانسياق فى تيار النزعات الضالة» وأوجدت فى المغرب الأقصى جيلا من الفقهاء الزهاد العباد كانوا خير من مهد لدعوة الملثمينء» ومكنوها من النجاح» والتفوا حولها يباركونها ويؤازرونهاء ويحضون الناس على التمسك بأهدابها.
ومن أشهر رباطات المغرب الأقصى: رباط تازة "» ورباط وادى ماسة ”2 ورباط تيطنفطر فى بلاد آزمور 7": ورباط سلا على البحر» ورباط بعض المنقطعين للعبادة قرب فاس 0 ورباط هرغه *) بيلاد السوس» ورباط أضيلا "؟» ورباطات أخرى فى أقصى بلاد السوس ”7"» وقد لعب رباط نفيس الذى أنشأه وجاج بن زللو اللمطى " دورا هاما فى تاريخ دولة الملثمينء, ففى هذا الرباط تأدب عبدالله ابن ياسين بأدب أهل الرباطء وتلقن مبادئ الزهد والتقشف والورع والإخلاص لله والجهاد فى .سبيل الدين.
وانتشرت حركات المرابطة انتشارا بعيد المدى فى القرن الخامسن الهجرى» هذا القرن الذى بلغ فيه الصراع بين المسلمين والفرنجة أشده فى البر والبحر» ففى الأندلس كانت قوات الفرنجة بعد سقوط الخلافة تجوس فى ديار المسلمين وتسومهم سوء الخمسفء وكانت الأساطيل الفرنجية المغيرة من موانى جنوب أورويا وجزر البحر الأبيض تغير على الثغورء تنهب وتسلبء وتنزل بالمسلمين أفدح الأضرار. وفى الجنوب كانت ممالك السودان تواصل تقدمها نحو السنغال بقصد القضاء على الجهود التى بذلها الملشمون فى نشر الإسلام فى ربوع الصحراء وبلاد السودانء وكان عبدالله بن ياسين كما تقدم من ثمرات هذه الحركة المباركة.
وهنا يحق لنا أن نسأل: هل كانت حركات المرابطة وماصحبها من التزول
. الدمشقى : نخبة الدهر فى عجائب البر والبحر صل/ا737 )١( 2 المصدر السابق ص775. )0( . التادلى: التشوف ص186 )( .٠١١ المرجم السابق ص )5( أعز مايطلب ص”37. (2) 74 ١ص البكرى: المغرب ص.؟١1ء البيان المغرب جا )١( البكرى : المغرب ص87. )7 التادلى: التشوف ص88. )4( ١١
بالحصون بقصد الدفاع عن المسلمين» ثم ماتطورت إليه من الزهد والتقشف والانقطاع للعبادة» أو صيام النهار وقيام الليل» وتعذيب النفس وإذلالها بشتى أنواع الحرمان فى الملبس والمأكل» وقتل الملذات بالتزام حياة شاقة قاسية تحطم فى النفس الرغبة فى المتعة بأطايب الحياة» هل كانت حركة إسلامية صرفة» أعنى هل تطورت هذه الحركة فى ظل الإسلام وحده» فلم تخضع لمؤثرات مسيحية مثلا؟» وقبل أن نجيب. على هذا السؤال إجابة شافية يحسن بنا أن نعرض لأمور قد يكون التعرض لها مما ينير أمامنا السبيل للإجابة عن هذا السؤال إجابة قريبة من الصواب.
فقد كانت حركات المرابطة فى الشام والمغرب متشابهة إلى حد كبير» ففى بلاد الشام على الحدود البيزنطية الإسلامية اتتشرت الثغور والربط» أوى إليها المتعبدون والزهاد للدفاع عن الإسلام والعزلة والتقشفء. أما فى المغرب فقد انتشرت فى موانيه المعرضة لغارات البيزنطيين القصور والحصون والمحارس والربط لأداء نفس الدور الذى كانت تؤديه ربط بلاد الشام .
. ولم يكن التشابه فى الهدف فحسبء بل كان فى عمارة هذه القصور وهذه الرباطات» زار ابن جبير بلاد الشام» ودخل بعض هذه الرباطات ووصفهاء فقال: «ومن أعظم ماشاهدناه موضع يعرف بالقصر وهو صرح عظيم مستقل فى الهؤاءء فى أعلاه مساكن لم ير أجمل إشراقا منها وهو من البلد بنصف ميل له شأن عظيم يتصل به .. وقد وهبه نور الدين ووقفه برسم الصوفية مؤبدًا لهم 7 .
أما جورج مارسيه فقد وصف قصر سوسة أو رباط سوسة. الذى ماتزال آثاره باقية حتى اليوم» فقال: «بناء مربع الشكل فى كل زاوية من زواياه برج أما الجدران فإنها تصعد سامقة إلى السماء» .تنتهى بأقواس متعاقبة فى هيئة كورنيش. وهذه الأبراج مستديرة» غير أن برجا يقع فى الزاوية الجنوبية الشرقية شكله مربع ولكنه أكثر برورًا من سواه ينتهى بمئذنة أسطوانية كبيرة .. ومن الداخل نجد صحنا تحيط به عمد تعلوها أقواس . وهو من دورين يتصل الدور الأول بالثانى يسلمء وهذا الصحن تحيط به أو تطل عليه زوايا أو غرف ينزل بها المرابطون وتنتشر هذه الزوايا فى الطابقين)9 .
787-737 0387 ابن جبير )١( ةقدم (؟) .27-47 .م ب[ .نا مقدداسسط8 أمه'ل اعتممل8 :كتمع
يقال
هذا التشابه بين وصف ابن جبير ومارسيه له دلالته ومغزاهء فهو يدل فى رأينا على تشابه فى التأثيرات المعمارية فى بلاد الشام وبلاد المغرب» وإذا عرفنا أن التأثيرات الشامية بيزنطية» وأن إفريقية كانت تخضع للنفوذ البيزنطى أدركنا سر هذا التشابه فى عمارة هذه القصورء وعلمنا أن التأثيرات البيزنطية واضحة فى ربط بلاد الشام والمغرب» التى كانت فى الواقع حصونا بيزنطية ”"2» أقيمت فى الموانى» وشحنت بالمقاتلة للدفاع عن الساحل الطويل» وكان البيزنطيون يقيمون سلسلة من الحصون الشامية على الحدودء يشحنونها بمقاتلة يقفون على قدم الاستعداد لرد أى عدوان» وهو مايعرف بنظام الثغور . . إذن هناك تأثيرات مسيحية فى عمارة الربطء تأثيرات بيزنطية واضحة لاشك فيها ).
ولكن إذا عرفنا أن الربط الإسلامية كانت فى أول الأمر تؤدى غرضًا حرييّاء حين كانت تشحن بالمقاتلة والفرسان» ليرابطواء ويتخذوا الأهبة للدفاع عن المسلمين» ورد عادية الأسطول البيزنطى» أدركنا أن هناك تشابها بين الربط الإسلامية .وبين الحصون البيزنطية التى أقيمت على سواحل المغرب+ تشابها فى الأغراض وفى الأهداف .
ولكن بلاد المغرب تحولت فيها الربط إلى أماكن للعبادة والانقطاع والتقشف وصيام النهار وقيام الليل وتعذيب البدن وإذلال النفس» فهل تأثر المسلمون فى هذه الناحية بحركات الرهبنة المسيحية؟. أفرد صاحب كتاب رياض النفوس ”© فى نهاية كل طبقة من العلماء والفقهاء فصلا خاصا لأهل العبادة والنسك المنقطعين لعبادة اللهء يعرض لحياتهم؛ ويصف مايقومون به من صيام النهار وقيام الليل» حتى لقد سماهم رهبان الليل» لأنهم لم يكونوا ينامون من الليل إلا قليلا»ء يسيحون فى البلاد» يأكلون النباتات البرية» ويمعنون فى تعذيب النفس والبدن» وهذه تقاليد قاسية ليست من الإسلام فى شىء 7.
لاننكر أن الإسلام يحارب الشهواتء ويرغب الناس فى الحياة الأخرى
110, .44.م )١(
(5) .44.م ,لأطآ
(”') مقدمة رياض النفوس ص©"7. (5) نفس المصدر والصفحة.
ويحض على القناعة» ويحارب الأثرة» ولاننكر أيضًا أن المالكية على وجه الخصوص غلوا فى هذه الناحية بعض الشىء» وعرف فقهاؤهم بالتزمت والبعد عن الهوى والميل إلى التقشف. فقد روى عن سحنون أنه قال: «ما أحب أن يكون عيش الرجل إلا على قدر ذات يدهء ولايتكلف إلى أكثر من ذلك» وإذا احتاج إلى امرأة طلبها على قدر ذات يده فى مئونتها وقناعتهاء وحتى يبقى فى يده مايستغنى به'2». ولكن هذه التقاليد التى وضعها سحنون وخلفاؤه لاتحض على الإمعان فى تعذيب النفس وإذلالها بالرياضة الروحية العنيفة من صيام الليل والنهارء وأكل العشب والفناء فى ذات الله»بل هى مستمدة من تقاليد الإسلام ومتمشية مع تعاليمه نصا وروحا.
لا حياة المرايطين فى راط السنغهال:
بعد أن عسرضنا لحركات المرابطة فى بلاد المغرب» والممنا بتطورهاء وكشفنا عن أهدافهاء وبينا الفوائد التى جنتها البلاد من هؤلاء النساك المجندين لحماية الضعيف,» وإغاثة الملهوف». نستطيع على ضوء ماقررناه من حقائق أن ندرس هذه الحركة التى بثها عبدالله بن ياسين فى حوض السنغال» وأن نوضح الدور الذى لعبه رباط السنغال فى تاريخ الملثشمين وتاريخ المغرب» ويخيل إلينا أن عبدالله بن ياسين حين بنى رباط السنغال» كان يحتذى مثل المغرب وإفريقية فى طريقة بناء الرباط وفى نمط الحياة فيه» فقد كانت ربط المغرب حصونا تشبه إلى حد كبير القلاع التى انتشرت فى أوروبا فى العصور الوسطى '". كان كل حصن يدافع عن نفسهء وكانت الحصون تتعاون فى الدفاع عن المجتمع وحمايته من الغزاة» وكانت الربط الإسلامية تتخذ الأهبة لكل طارئ فإذا دقت طبول الخطر © وللاحت طلائع العدو المغير» أوى المرابطون إلى رابطتهم يعتصمون من العدو» ويغلقون فى وجهه الأبواب» ويدفعونه حتى يرتد على أعقابه وتحل به الهزيمة .
فلابد أن يكون عبدالله قد جعل هذا الرباط حصنا يدفع عن المرابطين خطر أعدائهم» ويتيح لهم لوا من الحماية يفيئون إلى ظلهاء وينصرفون إلى نسكهم وتقشفهم . ش (؟) دائرة المعارف الإسلامية» مادة رباط (,836215. 0) (””) المصدر السابق.
ققد
كان المرابطون فى حصون المغرب يحيون فى داخل الرباط حياة جماعية تعاونية» يتعاون النساك تعاونًا وثيقًا فى الاضطلاع بأعباء الحياة» كان للرباطات مزارع "2 تمدها بحاجتها من الطعام» وكان المرابطون يفلحون أرضهم بأنفسهم» ويتعاونون فى إعداد حاجتهم من الطعام 0 وكانوا فى بعض الأحيان يعتصمون بالجبال» يعيشون من نبات الأرض» ويقتاتون من صيد البر والبحرء أو.على حد تعبير البكرى «يتخلون عن الدنيا ويسكنون مع الوحوش ”». ولم تكن حياة المرابطين فى السنغال تختلف عن هذه الحياة فى كثير أو قليل» فقد كانوا يعتمدون على ماتوافر بجزيرتهم من صيد البر والبحرء ولعلهم كانوا يزرعون شأنهم شأن مرابطى المخرب 29.
ومهمايكن من شىء» فقد كانت حياتهم بسيطة متواضعة خشنة. وكان مجتمعهم فاضلا حقّاء فهذه نفوس مخلصة لاتبتغى غير الدار الآخرة» متعاونة فى سبيل الله» ترضى من الطعام بأقله, وترتدى من الثياب أخشنهاء آلوا على أنفسهم ألا يغادروا الرباط» وأن يقضوا العمر فيه متعبدين متنسكين 2.
وكانت هذه الرابطة بمثابة شعلة تسرب نورها فى ظلمة الصحراءء وتسامع الملثمون المنتشرة قبائلهم من جبال درن فى الشمال حتى منحنى النيجر فى الجنوب بخبر فقيه الرباط» وتقشفه» وزهده وإخلاصهء وجهادهء وبخبر رفقاقه المخلصين الذين تجردوا من الدنيا وعرضهاء تاركين الحياة والمال فى سبيل الفوز برضاء الله فبدأت العصبة الصغيرة يطرد نوها .
ولم يعتمد عبدالله بن ياسين فى جذب أنظار المريدين إلى مجرد تسامعهم بأخبارهء» بل بعث إلى ديار القبائل البعوث» تحدث الناس بخبره 0 وتقص عليهم مايلقونه فى رباطهء يحضون القوم على الطاعة» ويرغبونهم فى الدخول فيما
)١( عياض: ترتيب المدارك ج١7 ص7050. (7) المرجعم السابق ج١؟ا ص؟7722. (") البكرى : المعرب ص4١ . (5) ابن جبير ص 785 . (6) ابن أبى زرع: روض القرطاس ص8 )0ن( المرجع السابق صهلا. (0) روض القرطاس ص78 6
دخلوا فيه» فتوافد عليه الناس» حتى بلغت علة المرابطين بحوض السنغال ألفا0/ فلما كثر أنصاره على هذا النحوء بدأ رباط السنغال يدخل فى طور جديد من أطوار نموه» فقد أحس عبدالله بن ياسين أن هذه العصبة المرابطة قد تكون عنصرا فعالا فى تنفيذ سياستهء وتحقيق أهدافهء لو حسن إعدادهم» وتهيئتهم لذلك الهدف العظيم, الذى كان يسعى إلى تحقيقه؛ وهو توحيد قبائل الملشمين تحت لوائه؛ فما هى الوسائل التى اصطنعها عبدالله بن ياسين لإعداد هذه العصبة لحياة من الجهاد والكفاح» وكيف استطاع أن يؤلف بين قلوبهم» وأن يفرض عليهم منهجا خاصاء استطاع عن طريقه أن يردهم من بدو غلاظ جفاة إلى عصبة مؤمنة متحمسة متحفزة للجهاد؟؟ .
ولم يكن عبدالله بن ياسين فى الواقع مجرد فقيه يفتى بين الناس فيفسر القرآن ويروى الحديث» بل كان رجلا نافذ البصيرة بعيد النظر ذكيًا خبيرا بالمجتمع الذى يعيش فيه» له قدرة خارقة على التأثير فى نفوس مريديه» جعلتهم يؤمنون به إيمانا لا حد له» فأصبحوا فى يده آلات طيعة يسخرها فى تحقيق الغاية التى رسمها لنفسه » وفى سبيل هذه الغاية اصطنع لنفسه منهجا فى الإصلاح لم أجد له مثيلا فى أخبار فقهاء المالكية الذين امتلأت بسيرهم كتب الطبقات.
فقد روى المؤرخون أنه كان يتردد طويلا قبل أن يضم المريد إلى زمرتهء فإذا وافق على إدخاله فى رباطه ألزمه أن يطهر روحه من الدنس والرجسء وأن يسبلم إسلامًا جديداء وأن يحاسب على ما اقترفت يداه من إثم فى حياته السابقة على دخوله الرباط ”©؛ فيطلب إليه أن يتوب عن ذنوبهء ثم يقول «أذنبت ذنويًا كثيرة فى شبابك فيجب أن تقام عليك حدودها '» ». ثم تقام عليه الحدود التى شرعها الإسلام» فيضرب حد الزنا أعنى يضرب مائة سوط» ثم يضرب ثمانين سوطا حد المفترى» ثم يضرب حد الشارب» ثم تضاعف العقوبة بالتدريج ©" فإذا تقبل ذلك راضيّاء فقد طهرت نفسه من الرجسء وكفر عن آثامه» وقبل فى زمرة المرابطين»
2غ«( ا مرجع السابق ونفس الصفحة . زفق البكرى : المغرب ص ١97١ . (6) المرجع السابق ونفس الصفحة. (4) المرجع السابق ونفس الصفحة. ١15
وأصبح لاعن هل اد الدعوة ومشاقهاء وإذا تذمر وتبرم اعتبرت نفسه غير مطهرة » واعتبر غ غير أهل للانضمام إلى زمرة المرابطين.
ويحق لنا أن نسأل لم عمد عبدالله بن ياسين إلى ذلك» وخرج عن رسالته كفقيه» واصطنع لنفسه منهجا لم يعرف له مثيل فى سير الفقهاء؟ يخيل إلينا أن سياستة هذه رد فعل لا أصابه فى المرحلة الأولى من دعوثه. فقد سالم واعتمد على النصيحة والموعظة المحمسنةء فلما أخحفقت هذه السياسة السلمية اضطر أن يمتحن الذين يرغبون فى الانضمام إليه» حتى لايقبل منهم إلا من يشبت إيمانه وشدة رغبته فى التكفير عن ماضيه» وفى الانصراف إلى حياة الزهد والجهادء وأن يدقق فى اختيار أتباعه» وأن يعذب أبدانهم حتى تمتحن نفوسهم» ويتبين صدق إخلاصهم.» لأن الحياة فى المجتمع الجديد كانت شاقة تفرض عليهم أن يتحدوا تحت لوائه» وإلا أحفقت خطته. ولم يؤد رباطه الغرض الذى أنث نشئع من أجله» كان ينتقى من الملثمين أطهرهم نفساء وأوفرهم قوة» وأقدرهم على تحمل مشاق الجهادء وكان المريدون يتحملون مايلقونه من أذى فى صمت وصبرء ويعتقدون أن سوط عبدالله هو سبيلهم إلى الخلاص من آثام الحياة» وكانوا يؤمنون به إيمانا لاحد لهء سموا به إلى مرتبة الأولياء» ونسبوا إليه الكرامات ونسجوا حوله الأساطير .
وإذا اجتاز المرابطون هذه المرحلة الأولى بنجاح» تولى عبدالله تنقيفهم وتعليمهم» فكان يقرئ القرآن» ويفسرهء ويروى الحديث» ويفسره» ويعلمهم أحكام الدين ”© حتى إذا تم له ذلك خوفهم من النارء وشوقهم إلى الجنة» ا يحيونهاء وطلب إليهم أن 0 بالمعروف وأن
عن المتكرء وأن يتهيئوا لحياة من الجهاد والكفاح ”© فى سبيل إعلاء كلمة
0 ورد عصبة الملثمين إلى حظيرة الطاعةء وتطهير المجتمع من أدران الفساد.
وفى أثناء ذلك لم يكن يتهاون أبدًا فى حد من حدود الإسلامء أو يترك للمريد فرصة للهو أو عبثء. فإنه يحملهم على الجادة حملاء فمن تخلف عن صلاة الجماعة ضرب عشرين سوطا» ومن فاته وكفينة شرب خفسة اشواط: «يأخذون الناس بصلاة الظهر أربغا قبل صلاة الظهر فى الجماعةء» وكذلك فى سائر
)١( البكرى: المغرب ص90١١» ابن أبى زرع روض القرطاس صةلا. زفق اين أبى زدع روض القرطاس ص8ةلا.
١"
الصلوات فيقولون إنك لابد قد فرطت فى سالف عمرك فاقض ذلك ”2 بل من رفع صوته فى المسجد ضرب على قدر مايراه الضارب 7" .
ولم يكن عبدالله فى الواقع يؤمن بحرية الاختيارء أعنى أن يترك للفرد حرية الاختيار بين الشر والخيرء بل كان يرد أتباعه عن طريق الشر بالقوة» وكان يلزمهم حدود الله إلزاماء ويفرض عليهم أحكام الدين فرضاء حتى إذا استقامت قناتهم » ورضخوا لحكم الدين أصبحوا أعضاء صالحين فى مجتمعه الحديد» ولم يكن الناس يجدون ذلك شذوذا ولا غرابة» بل كانوا يقبلون عليه» وتزداد ويؤمنون به إيمانًا لاحد له لافرق فى ذلك بين كبير أو صغير. بالمعروف» وينهى عن المنكرء» ويقود الناس إلى الطريق السوى» أما دور الأمير أو دور الحاكم الذى ينفذ أوامر الإمام» فقد تركه ليحيى بن إبراهيم زعيم © جدالة» فلما توفى اختار يحيى بن عمر اللمتونى لقيادة المرابطين» وتدريبهم على القتال وإعدادهم لمعركة الجهاد.
/- خروج المرايطين من رياط السنخال:
ثم أمر عبدالله المرابطين بالجهاد» وهذا تطور طبيعى لهذه الدعوة التى بثها وهذه الرسالة التى اضطلع بها فقد أنذر وحذرء وارسل الدعاة إلى القبائل» يحضون على الطاعة ويحذرون الناس» ويخوفونهم من النار» ويرغبونهم فى الجنة» فلمايئس من هدايتهم قال لمعشر المرابطين: «١قد أصلحكم الله تعالى وهداكم إلى صراطه المستقيم فوجب عليكم أن تشكروا نعمته عليكم وتأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر وتجاهدوا فى سبيل الله حق جهاده 42, ثم قال لهم: «آخرجبوا على بركة الله تعالى وأنذروا. قومكم وخوفوهم عقاب الله وأبلغوهم حجته» فإن تابوا وأنايوا ورجعوا إلى الحق وأطاعوا فخلوا سبيلهم» وإن أبوا وتمادوا فى غيهم ولجوا فى طغيانهم استعنا بالله تعالى عليهم وجاهدناهم "م )١( البكرى : المغرب /9ا١. (؟) المرجع السابق. (3) ابن أبى ررع: روض القرطاس 8/ا.
(45) المصدر السابق ونفس الصفحة.
١734
والواقع أن الجهاد والرباط متلازمان» فقد كانت الثغور الاسلامية فى المغرب والأندلس حافلة بالمرابطين والمجاهدين 29 واشترك مرابطو إفريقية فى فتح صقلية9, وكان محمد بن سحنون يأخذ رمحه ودرقته وسيفه وترسه وسهامه. ويخرج لقتال الروم» والدفاع عن عورات الحلدين م كما خرج الفقيه 00 أحمد. فى أربعة آللاف من المرابطين للجهاد. ومداقعة الروم عن تغور إفريقية ' يقلة0 ,
لكن المرابطين فى حوضص السنغال لم يحملوا السيف لجهاد الروم بل للأمر بالمعروف والنهى عن المنكرء» ومحارية الفساد فى كسمم الملثمين» وغدوا رهن إشارة هذا الفقيه الورع» الذى كان قلبه يضطرم بالتحمس للإسلام» وهذا القاتد اللمتونى الذى وهب نفسه للجهاد فى سبيل الدعوة الجديدة» ألم يقولوا لعيد الله «أيها الشيخ المبارك مرنا بما شعكت تجدنا سامعين طائعين ولو أمرتنا. بقتل آباثنا لفعلنا 2 .
ولكن عبدالله لم يأذن للجماعة الجديدة بأن تخرج من الرباط مجاهدة قبل أن يتم تنظيمها على النحو الذى يكفل لها الظفر والنجاح» لأن الحمية والحماس لاتجديان نفعًا إذا لم 7 تقترنا بالتنظيم الدقيق يق» والإعداد الطويل» ٠» ليس من شك فى أن عصبة المرابطين قد أخذ عددها يزيد بمضى الوقت» 0 ثة آللاف مقاتل”"'. ولكن عبدالله آثر الأيسارع إلى القتال إلا بعد أن ينظم المجتمع الجديد على أسس سليمة» كان يعرف أن المجتمع الجديد فى حاجة إلى المال للإنفاق على الجند» وابتياع السلاحء فكان ينجمع الزكاة والعشور » ويشترى السلاح» ويدرب المقاتلة على الحرب ©» وكان عليه أيضًا لكى يتم له تنظيم الجيش أن يختار له قائدا بعد أن توفى يحيى بن إبراهيم الجدالى .
وقد واجه أزمة كادت تعصف بوحدة المرابطين» وتفرق شملهم..فقد كان )١( السيوطى: بغية الوعاة ص8 4٠ . (؟) مؤنس : مقدمة رياض التفوس ص186ام . () الدباغ : معالم الإيمان ج؟ ضص908١ (5) عياض: ترتيب المدارك ج” ص7237. (6) ابن أبى زرع: روض القرطاس 4لا, (7) ابن أبى زرع: روض القرطاس ض8لا. (0) ررض القرظاس ص »8١ ١ ابن خلدون ج" ص 1١817 5 (8) .ابن أبى زرع: روض القرطاس ص ١8١ .
ادل
الجداليون من أنصار عبدالله يرون أنهم أحق بالإمارة » لأنهم آووه ونصروه ويثوا الدعوة» واحتضنوهاء حتى شبت عن الطوق» واشتد ساعدها "2» ولكن عبدالله لم يشأ أن ينساق وراء نزعات قبلية ضارة. إنما أراد أن يختار أصلح القوم وأطهرهم نفساء وأحسهنم أخلاقاء وأصدقهم إيمانًا بالدعوة» وأقدرهم على الاضطلاع أميرا جداليًا خلفًا ليحيى بن إبراهيم ”"» ولكن عبدالله لم يهن ولم يضعف. إنما جمع مجلسًا من وجوه القومء وحكم على المحرض على الفتنة بالموت جزاء خيانته '» فاستطاع بسياسة الحزم والقوة هذه أن يقضى على الفتنة فى مهدهاء وأن يرد الوحدة إلى المجتمع الجديد.
وكان عبدالله حين نقل القيادة من جدالة إلى لمتونة ؛ صائب الرأى بعيد الوحدة المنشودة» إلا إذا ظفر بتأيبد لمتونة» وهذه القبيلة القوية الغنية التتى كانت تتحكم فى طرق التجارة الساحلية» وتحتل فى مجتمع الملثمين مكانة مرموقة» فقّد ظلت الزعامة فى أمرائها مايقرب من قرنين» هذا إلى ماكان يتمتع به يحيى بن عمر من صفات حازت رضا المرابطين» وظفرت بإعجابهم . «كان من أهل الدين المنين والفضل والورع والزهد فى الدنيا والصلاح لأمر الجهاد) لذلك جمع عبدالله مجالسًا من أصحابه لكي وأخل البيعة ليحيى بن عمر 0 فأصبح أميراً على المرابطين» واستطاع عبدالله بن ياسين ببعد نظره أن يحقق السياسة التتى رسمها لنفسهء استعان بجدالة وبزعيمها يحيى بن إبراهيم فى بث الدعوة» وإقامة المجتمع الجديد. ثم رأى أن يستعين بلمتونة فى تزعم حركة الجهادء حركة المقاومة» حركة توحيد قبائل الملشمين تحت لوائه.
كان الأمير الجديد يؤمن برسالة عبدالله بن ياسين إيمانا لا يرقى إليه الشك» ويحرص على تحقيق أهدافه حرصه على الحياة» يطيعه طاعة عمياء ويأتمر )١( النويرى: نهاية الأرب ج7١ ص ه17١ . 2( البكرى: المغرب ص/7ا15ء التويرى ج17 ؟ صقل ١ .
() النويرى ج77 ص 776 . (5) اين خلدون جا ص1868 . . (6) ابن أبى ررع: الروض 0 8. )١( روض القرطاس ص »8١ ابن الأثير جة ص158١.ء النويرى ج77 ص1,/, 7 . (0) جامع تواريخ فاس ص75ء صبح الأعشى جه ص84١. ضن
بأمره. وينفذ إرادته دون تردد» وكان عبدالله بن ياسين لاتأحذه فى الحق لومة لائم» لايتردد فى أن يقتص من المخالف ولو كان أميراء لم يتردد فى أن يضرب هذا الأمير عشرين سوطاء لأنه اشترك فى القتال» غلى ين 5ان يبب ,عليه إن يقف عن كثب» يحرض الناس» ويرسم لهم الخطة الكفيلة ب: بتحقيق النصر”' .
استطاع عبدالله بن ياسين إذن أن يتم تنظيم المجتمع الجديد. أعد الجيش للجهاد. زوده بالمال والسلاح» واتحتار له أميرا يأتمر بأمره» وينفل إرادته دون تردد, وقنع هو بالإشراف البعيد» ونأى بنفسه عن الإمارة» وكان يقول: «إغا أنا معلم. لكم دينتكم الل قلوب المخلصين من رجاله» الذين بايعوه على الموت والاستشهاد فى سبيل الدعوة أمرهم بالخروج للجهاد.
ولكن المؤزخين يختلفون فى تحديد الوجهة التى اتجهتها جموع المرابطين يعد خروجهم من رباط السنغال» قال بعضهم إنهم اتههوا صوب الشمال نحو مضارب قبيلة جدالة "» لإدخالها فى الدعوة الجديدة بالقوة» إذا لم تجنح للسلم» ولآن بالاتجاه صوب الشمال والعدو من خلفه يهلده تهديدًا خطيراء كيف يتسجه إلى جدالة وهذه نملكة غانة لاتزال قو ية تسيطر على مديئة أودغشت 9 34 » وتتحكم فى أهم الطرق التجارية التى تجتاز الصحراء؟؟ ليس من المعقول أن يتحه عبدالله بن ياسين صوب الشمال ويترك دولة غانة من خلفه تهدد ظهره» وتقضى على الجهود التى بذلها.
يخيل إلينا أن عبدالله بن ياسين لم يتجه صوب ديار جدالة أول الأمرء إنما سار إلى الشرق نحو منحنى النيجر» صوب مدينة أودغشت لاستردادها من الدولة التى كانت قد اغتصبتها من الملثمين بعد سقوط التحالف الصنهاجى الثانى © )١( ابن أبى زرع : روض القرطاس ص١8. (؟) الحلل الموشية فى الأخبار المراكشية ص 7١ . زفرف ابن أبى ربع . روض القرطاس ص ةلا“ النويرى ج17 ص5/ا١ا. ابن الأثير جة ص 75608. (:) البكرى : المغرب ص58١. (6) ابن أبى زرع: روض القرطاس ص »8١ جامع تواريخ فاس.ص 39» البكرى ص728.
١١
وليحمل أهل غانة على اعتناق الإسلام؛ فيحقق غرضين: فيستولى على هذه المدينة الهامةء ويثأر لما حاق بالملثمين من هزيمة» ويجاهد فى سبيل نشر الإسلام.
ويبدو أن المعركة التى خاضها عبدالله بن ياسين وعصبته من المرابطين كانت حامية الوطيس» استبسل فيها المرابطون استبسالا عظيماء لأنهم كانوا يقدرون النتائج الخطيرة المترتبة على النصر والهزيمة» فلو حاقت بهم الهزيمة لماتت الدولة الجديدة فى المهدء ولانتصرت دولة غانة» فابتلعت مجتمع الملثمين» أما إذا تم لهم النصر ثبتت أقدامهم وارتفع شأنهم فى مجتمع الملثمين» وقد استشهد يحيى بن عمر فى هذه المعركة الفاصلة '2. وانتصر المرابطون (©» واستولوا على مدينة أودغشت وأوغلوا فى توسعهم صوب الجنوب» بدليل أن المؤرخصين يذكرون أن رئيس التكرور قد حالف المرابطين» وخاض غمار الحرب إلى جوارهم”". وإذا علمنا أن شعب التكرور يضرب إلى الجنوب من ملك غانة» أدركنا أنه لاييعد أن يكون المرابطون قد أوغلوا فى ديار غانة حتى أشرفوا على ديار التكرور.
وقد حققت هذه الحملة آمال عبدالله بن ياسين» فقد تأكد للناس صدق جهاد المرابطين فى مدافعة ملك غانة» وحمل أهلها على الإسلام بالقوة» كما عرفت قبائل الملثمين اللأخرى أن جميع المرابطين الذين دحروا مملكة غانة لن يلبثوا أن بنقضوا عليهم بعد حين » وقد ذاعت شهرة المرابطين فى أرجاء الصحراء» وتجاوزت أصداؤها جبال درن إلى الشمالء لأن المرابطين عملوا بعد احتلال أودغشت على التمكين للإسلام الصحيح من نفوس الناس» ومقاومة الفساد بحد السيف. والأمر بالمعروف والنهى عن المنكرء وتقويم المعوج من سلوك الناس.
ومن أسف أن المراجع لم تتحدث عن هذه الأعمال الجليلة بالتفصيل» إنما أشارت إليها فى غموض وإبهام» لاينير السبيل أمام الباحث» وليس ببعيد أن تكون وفود أخرى من الملثمين هرعت إلى الجنوب لتنضم إلى جموع المرابطين المظفرة»
. جامع تواريخ فاس ص74 )١(
)7١( ذكر المؤرخون أن وفاته كانت سنة 48417ه وهذا التاريخ مقبول إلى حد ما. ولم نستطع أن نحققه تحقيقا سليما لقلة المراجع المادية التى يعتمد عليها فى التحقيق عادة مثل السكة والنقوش والآثار. وقد خلقه أحوه أبو بكر بن عمر. وقد ذكر المؤرخون أن ذلك قد تم عام 554 إنما يخيل إلينا أنه بويع قبل ذلك بقليل ساعة وفاة. أخيه يحيى أثناء المعركة المحتدمة لأنه لايعقل أن يترك الجند بغير قائد يدير دفة المعركة ويشرف عليها.
() البكرى: المغرب ص1772.
يضنل
وتشارك فيما يضطلعون به من شرف الجهاد. فتضاعف عذدد المرابطين» واشتد 3 أبى بكر بن عمر وعبدالله بن ياسين» وتدفقت إلى بيت المال الأموال من الأعشار والصدفات والزكاة. وأصبح المرابطون فى مقدورهم أن يتبعوا هذا النجاح بنجاح آخرء وأن يواصلوا الحملة إذ كانوا لايزالون فى بداية المعركة. 27 .
وقد اتجهيت جموع المرابطين بعد هذا إلى ديار جدالة2, لأن عبدالله بن ياسين أزاد أن يؤدب هذه القبيلة على نقضها العهد والميئاق» وتنكرها للدعوة إثر وفاة. يحبى بن إبراهيم» وكان لابد له كى يواضل تقدمه صوب الشمال أن يمر بمضاربها ويتجنب الصحراء» التى تقترب من ساحل المحيط فتفصل بينها وبين لمتونة. 'وقذ اتخذ الجداليون الأهبة للقاء المرابطين؛ وحشدوا كما ذكر البكرى 7" مايقرب من ثلاثين ألف مقاتل» وإن دل هذا على شىء فإنما يدل على أن جدالة اعتزمت المقاومة والوقوف فى وجه الدعوة الجديدة مهما كلفها الأمر» وخاضت جيوش المرابطين المعركة مستميتة فى الدفاعء لأنهم كانوا يعلمون أن من يقتل سيكتسب أجر الشهادة فى سبيل الله» ولأن عبدالله راح يذكى فى نفوسهم الحمية والحماس» ويلهب عواطفهم» ويؤجج صدروهم بالحقد على أعداء الدين 7" . وقد الخحصارء وانقضوا على أعدائهم يتكلون بهم شر منكل» وهزم الجداليون شر هزيمة 7©» وأذعنوا للدعوة الجديدة» ودخلت هذه القبيلة طائعة أو مكرهة فى زمرة المرابطين المجاهدين» وقد ضاعف هذا التعيتر أعداد المرابطين» وشد من
كان منا لطبيعي جدا أن يواصل عبدالله بن يا سين سيره صوب جدالة» وليس بمعقول أن يكون.قد انحرف إلى الشرق لإخضاع قبيلة مسوفة» التى تضرب فى المنطقة الصحراوية الممتدة من سجلماسة فى الشمال إلى أودغشت فى الجنوب» لأن مغامرة كهذه تكلف كثيراً من الجهد والمشقةء فى الوقت الذى )١( النويرى: نهاية الأرب ج77 ص 774 . () اليبكرى : المغرب ص77١ (؟) المرجع السابق ونفس الصفحة. (5) ابن أبى زرع: روض القرطاس 4/4 ابن الأثير جه ص354, النويرى 77 ص74١.
ارضييل
تستطيع فيه لمتونة أن تهدده تهديدًا خطيرً. لذلك يخيل إلينا - وهذا ما أجمعت عليه المراجع " أنه اتجه إلى لمتونة مباشرة» وانقضت جموع المرابطين على مضارب هذه القبيلة توغل فيها وتنال منهاء ولكن يبدو أن لمتونة لم تقاوم الدعوة الجديدة مقاومة جدية» كما فعلت جدالة من قيلء إنما دخلت فى ظطاعة المرابطين دون أن تكلفهم جهذدا أو نصباء وهكذا استطاع عبدالله بن ياسين أن يضع لبنات ثلاثا فى صرح دعوة المرابطين: أخضع غانة» وقهر جدالة» واستمال لتونة ©.
عمل المرابطون بعد ذلك على إخضاع جميع قبائل الملثمين » فأخضعوا مسوفة "؛ ولمطة» وجزولة 7©. وهكذا تم لعبد الله أن يحقق الهدف الذى كان يسعى إليه» وهو إقامة حلف جديد من قبائل الملثمين» يقوم على أساس جديد. كانت الأحلاف السابقة تقوم على أسس مادية صرفة» من دفع خطر مشترك. أو للاحتفاظ بالتجارة عبر الطرق الصحراوية» أما حلف اليوم فقد أقيم على أسس تختلف عن هذه تماماء أقيم على أساس روحى صرف»ء من إحياء الدين» ونشر الفضيلة» ومحاربة الرذيلة» وبسط لواء العدل» ورفع راية الإسلام. فليس بعجيب أن تصبح هذه اا لجموع الغفيرة من المقاتلة التى انضوت تحت لواء عبدالله بن ياسين قوة ذات شأن عظيم» لا فى تاريخ الصحراء فحسبء بل فى تاريخ المغرب كله.
أما الأمل الذى كان يدور بخلد يحيى بن إبراهيم الجدالى» والذى من أجله رحل إلى المشرق وطلب العلم؛ فقد تحقق بصورة لم يكن يتوقعها أحد من زعماء صنهاجة السابقين فقد استطاع هذا الفقيه المتواضع أن يصنع المعجزة» استطاع يقلبه وعقله أن يجعل من هذه القبائل البدوية جندا من جنود الإسلام المخلصين» الذين لايترددون فى بذل نفوسهم فى سبيل حماية هذا الدين» والدفاع عنه. نعم » استطاع هذا الفقيه الذى خرج من ديار لمتونة منذ وقت غير بعيد خائفًا يترقب أن يوحد القبائل» وأن يقر السكينة والطمأنينة فى ربوع الصحراءء وأن يهزم ملك غانة» ويرده خاسرا إلى الجنوب» وأن ينشر لواء الإسلام الصحيح على المنطقة الشاسعة الممتدة من جبال درن فى الشمال إلى منحنى النيجر فى الجنوب» فانتشر (1) ابن أبى زرع : روض القرطاس ص »8١ ابن خلدون جا ص90١. ("") ابن خلدون جا ص190١. (5) البكرى : المغرب ص5١ .
رن
العدل» وعلت كلمة الحق» وأصبحت شرعة الأسماك وأكل القوى الضعيف ل"
ثم ما لبقت الأيام أن كشفت عن تطور جديد فى وجهة حركة المرابطين» أو فى أهداف قبائل الملثمين» فبعد أن كانت هذه القبائل تنتهج سنانة صتحراوية محلية» تتجه صوب الجنوب لمدافعة ممالك السودان» والحيلولة بينها وبين الاستيلاء على مسالك التجارة المارة بين بلاد المغرب والسودان» أصبحت تتجه وجهة أخرى» وحهة مقريية إسسلامية». بل وجهة عالية6دردات #طلع إلى ما وزاء بان طرق إلى المغرب» ثم إلى الأندلس» وبدأ أهل المغرب أنفسهم يتطلعون إلى هذه القوة الجديدة» التى بدأت تطرق أبواب المغربء ذلك أن أخبار عبدالله بن ياسين وأبى بكر بن عمر وصحبهما من المرابطين كانت تصل إليهم» يتناقلها الرواة» وينقلها التجار الساعون بين الشمال وا جنوب » نعم كانوا يتناقلون أخبار تقاه وورعه وتقشفه وزهده». وأخبار حكومته التى أقامها على أسس مستملة من تعاليم الإسلامء من المساواة بين الناس» وبسط لواء العدل» ومحارية البدع. والقضاء على المفاسك» يخف المرابطون إلى إنقاذهم مما يرزحون تحته من ظلم المغراويين وعسفهم.
ولم يجد فقهاء سجلماسة وصلحاؤها بدا من أن يكتبوا للمرابطين 2 الزئاتيين» فجمع عبدالله شيوخ قومه وشاورهم فى الأمر ”"» فأشباروا عليه بمد يد المعونة لأعل سجلماسةء وقالوا له: «أيها الشيخ الفقيه هذا مايلزمنا ويلزمك فسر بنا على بركة الله »» فخرجت جموع المرابطين زاحفة صوب سجلماسة 29 ونازلت أميرها المغراوى» وهزموه هزيمة منكرة» وفتحت المدينة » ودخلت فى طاعة المرابطين .
2.190 ابن خلدون جا ص )١(
(؟) ابن أبى زرع : روضن القرطاس ص١8. (7) نفس المرجع والصفمح.
(8) النويرى: نهاية اللآأرب ج؟؟ ص178:.
١
هكذا قدر للمرابطين أن يتجهوا وجهة جديدة صوب المغرب. وأن يلتحموا بزثاثة لأول مرة وآن يعجموا عودهاة وآن يتؤلوا بهن عزيمة ساحفة ستكون ذات أثر بعيد فى تاريخ المغرب والأندلس .
9 سياسة عبدالله بن ياسين فى تحقيق, أهدافه:
وهنا يحق لنا أن نسأل» كيف استطاع عبدالله بن ياسين أن يصيب هذا النجاح» وأن يحقق هذه النتائج البعيدة الأثر فى تاريخ المغرب؟ ماهى السياسة التى سنها لنفسهء فحققت مايصبو إليه» وماهى الآثار التى تركتها هذه السياسة فى تاريخ المغرب عامة» وتاريخ الملثمين خاصة؟. كان عبدالله بن ياسين يعتقد أن قبائل الملثمين خرجت على تعاليم الكتاب والسنة» مادامت قد حللت ما حرم الله وكانت سادرة فى هذه الحياة الحافلة بالمآثم والرذائل» مادامت لم تأخذ من الإسلام إلا اسمه» وظلت على تقاليدها القديمة لاتريد أن تتحول عنهاء كان لزامًا على هذه القبائل إذا أرادت أن تدخل فى زمرة المرابطين فتنضوى تحت لوائهم» وتدخل فى دعوتهم أن تتطهر من مآثمهاء وأن تسلم إسلاما جديدًا "2. فكأنما ولدت من جديد» وجبت ما بينها وبين ماضيهاء وكان على هذه القبائل أن تبايع الإمام عبدالله على الكتاب والسنة ”2» والسير وفق تعاليمهماءوالعمل على إحياء تراث الإسلام» ونشر تعاليمه. وكان على كل فرد يريد أن يدخل فى زمرة المرابطين أن يخضع لهذه الالتزامات القاسية التى فرضها عبدالله بن ياسين على أفراد مجتمعه فى رباط السنغال: وهى أن يكفر المريد عن خطاياه السابقة» ويحاسب عليها حسابًا عسيراء فيضرب بالسياط حد السارق والزانى وشارب الخمر "» حتى يستهل صفحة جديدة فى حياته» أما من سالم وأسلم» وتطهر راضيًا طائعاء فإن له ما للمرابطين» وعليه ماعليهم ”. أما من أبى واستكبر فليس له إلا السيف يحكمه المرابطون فى عنقه. كان عبدالله بن ياسين يجمع المعاندين» أو المشركين الخارجين على دعوته» ثم يحكم السيف فى رقابهم ويذبحهم عن آخرهه©. )١( ابن أبى زرع : روض القرطاس .4١ )١( نفس المرجع والصفحة. (؟) نفس المرجع والصفحة.
زفق النويرى: نهاية الأرب 5-5 "لاص 1١17/6 : (6) ابن الأثير جه ص7558ء روض القرطاس صةلاء النويرى ج 77اص 7916
طن
كان المرابطون فى الواقع يجتازون حربا لاهوادة فيها ولارحمة» فإما نصر وحياة كريمة» وإما موت واستشهاد فى سبيل الدعوة» وماداموا قد بدءوا بالمسالمة ووعظوا وأنذروا وحذروا فليس عليهم لوم إذا لجئوا إلى السيف فى : نشر آرائهم ورقع لواء دعوتهم.
ويخيل إلينا أن عبدالله بن ياسين كان مضطرا إلى اتخاذ مثل هذه الوسائل» وأنه لم يعمد إليها حبا فى إراقة الدماء» إنما كان ذلك لتحقيق أهداف سامية عقد النية على تحقيقها بالسلم أو نالحرب» ومادام قد اختار الحرب فلم عه لدان يحكم السيف فى رقاب المعاندين.
ويبدو أن سياسة عبدالله هذه لم ترق فى نظر معلمه فقيه السوس» إذ روف المورخحون ( أنه أخذ عليه إفراطه فى إراقة الدماء» وعمله على فرض الإسلام: بالسيف» ويبدو أن وجاج بن زللو اللمطى لم يفهم رسالة تلميذه عنبدالله حق الفهم . إذ يخيل إلينا أنه كان يريد ألايجاوز عبدالله دور الفقيه المعلم» الذى يفسر ويروى ويعظء ويؤدى رسالته السلمية فى صمت وفى غير ما جلبة» ولكنه لم يتصور أن يصبح هذا الفقيه اللتواضع معلما صاحب دعوة ورأى ومذهب فى الحياة» ويعمد بعد أن خخحابت سياسة المسالمة إلى السيف» ويخوض ميدان الجهاد فى سبيل نشر الإسلام ورفع راية الملثمين» وإتمام وحدتهم» ولم ينكر على عبدالله اتخاذه هذه السياسة؟ ألم يكن عبدالله صنهاجيا جزوليا يسعى لخير قومه ما استطاع. إلى ذلك سبيلاء ؤيود أن يرتفع بهذه القبائل إلى مثل ما ارتفعت إليه قبائل البربر» فتوجه سير الحوادث فى المغرب الأقصى؟
كان عبدالله بن ياسين يعتقد أنه حين لجأ إلى القوة لم يأثم ولم يخطئ» بل كان يرضى ضمير الفقيه المخلص المتحمس» فقد كتب إلى أستاذه يقول «أما إنكارك على مافعلت» وندامتك على إرسالى فإنك أرسلتنى إلى أمة كانت جاهلية يخرج أحدهم ابنه أو بنتته لرعى السوام فيرعيان فى المرعى. . وليس دأبهم إلا إغارات بعضهم على بعض» وقتل بعضهم البعضء لادية عندهم من الدماء ولاحرمة عندهم للحريم» ولاتوقى بينهم فى الأموال» فأخبرتهم بالمفروض عليهم والمسنون
.١1؟56ص النويرى : نهاية الآأرب ج77 )١( 17
لهم والمحدود فيهم فمنهم من قبل واليته ومن تولى أرديته» وماتجاورت حكم الله ولاتعديته»0؟ , 1
ولم يكن عبدالله يحكم السيف وحده فى رقاب الناس» بل كان يلجأ إلى وسائل أخرى لتأليف قلوب المسلمين الجدد وترغيبهم فى الدعوة الجديدة» حتى يؤمنوا برسالتها إيمانا صادقاء كإن يسقط المغارم والمكوس 0 ويلغى الضرائب الجائرة» التى كان الحكام والولاة يلجئون اليها لامتصاص دماء الناس وإذلالهم. لم يفرض إلا ما أوجبه الكتاب والسنة» فرض الزكاق» وأخحل الأعشار» وألزم الأغنياء بدفع صدقات للفقراء 29 » وقسم الغنائم والأسلاب فجعلها فيئا للمرابطين 29 وأقام بيت مال للمسلمين» ينظم دخلهم ومنصرفهم 0 فامن الناس بأن الدعوة الجديدة عادلة منصفة تأخذ بناصر الملهوف وتحمى الضعيف» وتزيح عن الناسن ما أثقل كواهلهم» فليس عجيبا إذن أن نرى هذه الإصلاحات يتجاوب صداها فى بلاد المغرب قاطبةء وقد رأينا أن أهل سجلماسة كتبوا إلى المرابطين يسألونهم أن ينقذوهم مما هم فيه من بؤس وشقاء.
ولح يققل تعبمائلة بن يأننين سن الهالة للدولة اللاديدة» :قفن اخبارها بين الناس» حتى يجذب إليها الأنظارء ويأتيه الأنصار من كل فجء فكان يبعث أموالا من الزكاة والأعشار والأحماس إلى طلية بلاد المصامدة 2 وفقهائها وقضاتها ومحتاجيهاء حتى يعرف الناس أن فى الصحراء قوما يحمون الفقيرء ويأخذون بناصر الضعيف» ويكرمون أهل العلم» ويخصونهم بالبر» ويمدون لهم يد العون. العلمى» وهو جانب الفقيه المعلمء إذ لم يكف عبدالله عن أداء رسالته » إذ ظل يروى ويحدث ويعلم "2» حتى خلق فى الصحراء جوا من العلم والمعرفة لم يكن
.١795ص النويرى : نهاية الأرب ج77 )١(
(؟) ابن أبى زرع : روض القرطاس ص87 » ابن خلدون ج5 ص387. (*) ابن خلدون جنا ص783.
() الحلل الموشية ص١١» روض القرطاس ص .8١
(6) روض القرطاس ص .8١
(7) روض القرطاس ص١8
(/) النويرى : نهاية الآأرب ج77 صه]١ .
١784
يألفه الناس من قبل» إذ لاتثبت أركان الدين إلا بالعلم» ولا إسلام صحيح إلا بدراسة حقة لكتاب الله وسنة رسوله؛ وقد أدى ذلك إلى خلق جيل من الفقهاء الصنهاجيين عرفوا بالورع والتقى وإنكار الذات» خلصت نياتهم وزكت نفوسهم. ومن أمثلة هؤلاء الفقهاء تلاميذ ابن ياسين لتاد بن نصير اللمتونى الذى يضرب المثل بفتياه فى بلاد الصحراء ”22 ومنهم أيضا ميمون بن ياسين الصنهساجى اللمتونى الذى رحل إلى الأندلس محدثا وراوياء بل إن أمراء الملثشمين أنفسهم أخذوا من العلم الذى بثه عبدالله بن ياسين بنصيب وافر 7“.
وإذا كانت سياسة عبدالله بن ياسين قد تمخضت عن إذكاء نور الغلم والغرفان ورفع الروح المعنوية لهؤلاء القوم» الذين كانوا يضربون فى بيداء الجهل» إلا أنه عرف كيف يسمو بالروح الحربية فى نفوس المرابطين من أنصارهء ولم يصبح القتال فى نظره وسيلة للدفاع عن النفس» أو للسلب أو النهب» بل أصبحت له غاية سامية هى الدفاع عن الذين» وحمايته وبشه بكل وسيلة ممكنة والجهاد فى سبيله والموت دونه» وليس من شك فى أن الإيمان الصادق إذا اقترن بدقة التنظيم الحربى؛ وحسن الاستعداد للقتال خليق بأن يوجد طبقة من الجند لايعرف الخوف إلى نفوسهم سبيلاء بل يخوضون المعارك غير هيابين ولا وجلين.
وقد تحدث المؤرخون عن هذه العصبة الجديدة القوية» وأوردوا كثيرً من ضروب الشجاعة والإقدام فى الحروب التى خاضوا غمارهاء فكانوا «أثبت من الهضاب ولم يحفظ لهم فرار من زحف”"».
لذلك لانعجب إذا كان صيتهم قد ذاع فى المغرب والأندلس» وتناقل الناس قصصا عجيبا عن هؤلاء القوم؛ عن قوتهم وبطولتهم» وأخذت العصبة الناشئة تتخذ لونًا من ألوان الفروسية والفتوة «شاع فى المدينة خروج اللمتونيين من الصحراء» وأنها دعوة دينية على دين متين وتأسيس بفقهء وأنه إسلام جديد» فحدقت إلى سمته العيون» وصرفت إليه الوجوهء ثم ارتفع إليه الصراخ”*'». وبدأ المقاتلون الجدد يتهيئون لنجدة كل مظلوم » والوقوف بجانب كل ضعيف» يتهيئون (؟) القاضى عياض: ترتيب المدارك ج4 ص577.
(*) الحلل الموشية في الأخبار المراكشية ص١١ . (5) ابن الخطيب : أعمال الأعلام ص78 .
١]
لإصلاح المجتمع وتطهيره فلن غريا انوطع اللناش إتيكولاء النوم تين يطلبون اللخلاص مما هم فيه من ب بغى الولاة وفساد الحكام. يطلبون الدخول فيما دخلوا فيهء والمضى معهم فى إصلاح المجتمع» والعودة بالإسلام إلى مجده السابق.
٠ أسس دعوة عبداللة بن ياسين:
أما وقد قرغا من الكشف عن الجهود التى بذلها عبدالله ين ياسين فى سبيل التمهيد لإقامة صرح دولة فتية جديدة» فقد بقى علينا أن نعرض لناحية هامة. ناحية غامضة فى تاريخ قيام دولة المرابطين» ونقصد بها أسس دعوة عبدالله ابن ياسين» لقد كان لعبد الله دعوة وطريقة خاصة فى إصلاح المجتمع» له آراء واذكان بحت انا كك النفات عن نتابعها الأول ».وقير اليل انام البالعت لتفهم هذه الناحية» وهذا الغموض مرهده إلى أن المؤرخين لم يتحدثوا بالتفصيل فى هذا الموضوعء لأن المراجع المعاصرة تعد على الأصابع» ومايزال بعضها مفقودا لم يعثر عليه حتى اليوم '“. كما أن المراجع التى كتبت بعد سقوط دولة المرابطين تأثرت بذلك العداء المر الذى شنه الموحدون على أعدائهم المرابطين فشوهوا تاريخهم وطمسوا معالم آثارهم. وحاربوهم كما يحارب الكفرة» والفساق» فرموهم بكل نقيصة» واتهموهم بالكفر والإلحادء ولم يستطع المؤلفون أن يبرءوا من هذه النزعة العدائية» فلم يذكروا الحقيقة كاملة» سكتوا حيث تجب الإفاضة فى الحديث» وأوجزوا حيث تجب الإطالة» وأبهموا حيث يجب الوضوح., فلم يرووا غلة ولم ينقعوا صدى .
ثم نسب الموحدون إلى المرابطين أموراء ورموهم بدواهى» وأسهبوا فى الرد عليهم وتكفيرهمء والمنطق السليم يقضى بأن نستبين هذه الدعوة الظالمة» ونرى الأسباب الخفية لهذه التهم الجائرة» ونفند ماقالوه» فنعرض أولا لما رواه المؤرخون عن عقيدة عبدالله بن ياسين» عن أسس دعوته» ثم نعرض لاقوال المتهمين له المشوهين لرسالتهء ثم نخلص بعد المقارنة والمناقشة إلى الرأى الذى يقبله العقل ويرضى عنه المنطق .
وقبل أن نمضى إلى هذه الغاية يجب ألا نغفل ناحية مهمةء تستحق أن نقف )١( مثل كتاب الأنوار الجلية فى أخبار الدولة المرابطية لأبي بكر بن الصيرفى المتوفى سنة ٠ ٠ق8هف.
14
عندهاء وأن نفصلها تفصيلا ''2» ونقصد بذلك مكانة عبدالله بن ياسين فى المجتمع الجديد. هل أدى دور الفقيه لم يجاوزه؟. هل كان صاحب دعوة إصلاحية؟»: هل كان إماما فى هذا المجتمع الجديد؟, هل كان مهديا كما قيل؟. هل تجاوز رسالة الفقيه وذهب مذهبا آخر؟ء إلى أى حد خرج عن الدور الذى رسمه له أستاذه وجاج. ولم خرج عنه؟» وماهى الأسباب التى يرر يها هذا الخروج؟ .
ليس من شك فى أن عبدالله بن ياسين كما أشرنا بدأ حياته فى الصحراء فقيها يعلم الناس» ويفسر لهم القرآن» ويروى الحديث» ويفتى فيهمء يؤمهم فى الصلاة ويعظهم ويذكرهم » ويحضهم على سلوك الطريق القويم» وينهاهم عن البغى والمنكرء لكنه مالبث بعد أن أخفقت سياسته المسالمة أن سن لنفسه ولأتباعه خطة الجهاد المسلح لإخضاع قبائل الملشمين» وردهم إلى حظيرة الدين بالقوة» وتطهير نفوسهم» فهل تجاوز عبدالله حين اصطنع لنفسه ذلك المنهج الذى أشرنا إليه دور الفقيه المعلم؟. الواقع أن سياسة عبدالله الجديدة» ونبذه سياسة المسالمة؛ وتبنيه سياسة الكفاح والجهاد والحرب» واصطناع الشدة لرد العصاة وتطهير المجتمع من أدرانه لم ترض - كما تقدم أستاذه فقيه السوس وجاج بن زللو اللمطى» ورأى فى منهجه خروجا عن رسالة الفقيه الذى يهدى الناس إلى الحق .
إذن فقد جاوز ابن ياسين فى رأى وجاج دور الفقيه المسالم» ولكن قد يقال كيف يلام عبدالله بن ياسين على سياسته تلك» وهاهم فقهاء القيروان من المالكية قد وسعوا من سلطة الفقيه» وأضافوا لأنفسهم حقوقا لم تكن لهم من قبل» فقد روى المؤرخون أن سحتون الفقيه المالكى المعروف كان أول من نظر فى الأسواق» أعنى أول من ضم وظيفة المحتسب إلى وظيفة القاضى”" فى المغرب على الأقل» «أخذ ينظر فيما يصلح من المعاش وما يغش من السلع ويجعل الأمناء على ذلك يؤدب على الغش وينفى من الأسواق من يستحق ذلك وهو أول من نظر فى الحسبة من القضاة» وأمر الناس بتغيير المنكرء وأول القضاة الذى فرق حلق أهل البدع من الجامع» وشرد أهل الأهواء منه وكان يضرب بالدرة ويقيم الحدود فى الجامع ص )١( كنا قد أشرنا إلى مثل ذلك إشارات عارضة فى ثنايا الكتاب.
. 7-77 عياض : المدارك ج5” )١( عياض: المدارك ج؟” ص/17-م7ا,. )"(
بل تطور دور الفقيه المالكى فى القيروان إلى أبعد من هذاء فقد روى بعض المؤرخين أن سحنون كان يجمع الضوفية من البرارى» فيجتمع إليه منهم نحو ألف يختار منهم فئة قوية يستعين بها فى رد المظالم "2 وتأديب العصاة وإرهاب ذوى البغى والشرء نعم جرد عبدالله سيف الحق على البغى والفساد فى مجتمع الصحراء؛ وجاهد هو وعصبته من المرابطين جهادا شاقا مريرا ليمكن للإسلام الصحيح من نفوس القوم الذين ضلوا طريق الحق» وانغمسوا فى حمأة الرذيلة.
وليس من شك فى أن فقهاء المالكية فى ذلك العصر اضطرتهم الظزوف إلى ذلك اضطراراء فقد بعدت الهوة بين المثل العليا الرفيعة التى رسمها القرآن للحياة الصالحة» وبين الواقع المرير من الحياة المليئة بالضعف والانحلال والفساد والتخاذل”2» ولما أخفق الأمراء فى إصلاح الحال» وإنقاذ المجتمع نما يعانيه من ضعف وانحلال (©», التف الناس حول رجال الدين يلتمسون العونء فأخذ الفقهاء يضطلعون بأعمال الإصلاح بقدر الطاقة» ويحمون المجتمع من الفساد بقدر ماتيسر لهم من جهدء وكان البعض الآخر يصبرون على مايجدون من مظالم مكرهين معللين الناس بأن المهدى سيظهر ليطهر العالم من الفساد ويحمى الضعيف ويغيث الملهوف© .
ولكن الفقهاء السنيين على وجه العموم» والمالكيين على وجه المخصوص لايقولون بالخروج على ولى الامر أو شق عصا الطاعة عليه» كانوا يعتقدون «بأن المسلم الصالح حبا فى خير الجماعة» وإبقاء على وحدتها لاينبغى أن يشق عصا الطاعة» بل عليه إيثارا للمصلحة العامة أن يتحمل صابرا المظالم القائمة» ويتذرع بالصبر وطول الأناة فى معاناة آثام الأشرار» ولكنهم لايتوقون علاوة على ذلك إلى التوفيق بين الواقع ومقتضياتهء وبين إيمانهم وتقواهم.ء وأمدهم بهذا التوفيق رجاؤهم الوحيد فى ظهور المهدى ". .)
فإذا كان فقهاء المالكية قد أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر مصطنعين القوة )١( المرجع السابق ج؟ ص677. (؟) جلدزيهر: العقيدة والشريعة ص94١. (7) المصدر السابق. (2) المصدر السايق . (4) جلدريهر ص 194.
بقل
فى بعض الأحيانء وعارضوا أولى الأمرء وجدوا فى رد عدوانهم» ولم يمتشقوا الحسام '» خروجا على ولى الأمرء وإذا كانوا قد قاوموا البدع بحد السيف فقد كانت مقاومات فردية 2. ش
أما عبذالله بن ياسين فقد امتشق الحسامء وخاض غمار الحرب دفاعا عن الإسلام» ووضع أساس دولة جديدة ) واتخذ لقومه أميرا يلى أمورهمء ويقود عسكرهم» ورثب الجيوش» وأمدهم بالسلاح » وأقام بيتا للمال وجبى الزكاق». لم يكن عبدالله بن ياسين إذن مجرد فقيه من فقهاء السوس أو من فقهاء القيروان» لانتكر أن عبدالله عزف عن الإمارة من المبتدأء '".ولكنه كان كل شىء فى المجتمع الجديد» هو الموحى والموجه والمشيرء إذا خرج الأمير عن القواعد التى سنها أدب على ذلك» لم يتورع عن ضرب الأمير يحيى بن عمر لأنه جاوز تعليماته وعصا أمره ؛2» وكانت الجيوش إذا خرجت للحرب. خرج ابن ياسين فى المقدمة يتبعه الأمير وسائر الجيش **2» وكان الأمير فى الواقع هو الذى يأمر وينهى " .
لم يكن عبدالله إذن مجرد فقيهء بل كان صاحب دعوة فى الإصلاح» كان من رأيه ألا يبعصم المجتمع من الفساد إلا الشدة فى الحق. ولو تهاوزت كه الشدة الحدود المرسومة» كان صاحب آمال بعيدة» لم يكن يهدف إلى الوعظ والتذكير» إلى عالم مجيد مضى أيس المسلمون من رجوعه مرة أخرى. )١( قال ابن عباس من كره من أميره شيئًا فليصبر عليه فإنه من ترج عن السلطان شبرا مات ميتة جاهلية» انظر الطرطوشى: سراج الملوك ص8١1. ْ (؟) رأى المالكية فى الخروج على إمام الجور «ذكر يحيى بن عون قال دخلت مع سحتون على ابن القصار وهو مريضضن وكان من أصحابه وأصابه فى علة قلق فقال له يا ابن القصار ماهذا القلق الذى أنت فيه؟ قال الموت والقدوم على الله عز وجل فقال له سحئون ألست مصدقا بالرسل أولهم وآخرهم والبعث والحساب والجنة والنار وأن أفضل هذه الأمة بعد نبيها بكي أنو بكر ثم عمر وأن القرآن كلام الله غير مخلوق وأن الله تعالى يرى يوم القيامة وأنه على العرش استوى ولاتخرج على الأئمة بالسيف وإن جاروا 6 مت إذا شكت». انظر رياض النفوس ص775. (9) النويرى: نهاية الأرب ج717 ص775. (5) البكرى: المغرب ص55١. (0) الحلل الموشية ص١٠ .1١- (7) المرجع السابق ص17 .
1١ *
خروجا على ولى الأمر المنغمس فى الفسادء كانت خروجا على أمراء زناتة عبدالله بن ياسين صاحب دعوة مصلحا وزعيما دينيا وسياسياء كان يؤمن بأن الوحدة بين قبائل الملثمين هى سر القوة» وهى الكفيلة بالمضى فى حركة الإصلاح التى بدأها ”'©» والتى إن عمت خلصت المجتمع من أدرانه» وباعدت بين الناس الآمال التى عقدها عليهم. هذه السياسة تتبين بوضوح فى وصيته إلى قومه حين أشرف على الموت إذ قال 27 « يامعشر المرابطين إنكم فى بلاد أعدائكم وإنى ميت فى يومى هذا لا محالة فإياكم أن تجبنوا فتفشلوا فتذهب ريحكم وكونوا ألفة الرياسة فإن الله يؤتى ملكه من يشاء ويس ةخلف فى الأرض مسن يشاء من عباده. 600
وقد وصف روض القرطاس عبدالله بن يأسين ولقيه يمهدى المرابطين 0 فهل اتخذ عبدالله لنفسه لقب المهدى؟ الواقع أننا لم نعثر فى المراجع التى بين أيدينا على مايؤيد اتخاذه هذا اللقب .. وإن كان فى الحقيقة قد أدى الدور الذى كان الناس يترقبون ظهور المهدى من أجل تحقيقهء وهو التقريب بين المثل العليا وواقع الحياة؛ ورد الإسلام إلى عنفوانه الأول» وإقامة صرح العدل وبث الطمأنينة :فى النفوسء والقضاء على ماكان يعانيه المجتمع من علل نخرت فى عظامه وكادت تأتى عليه .
يخيل إلينا أن ابن أبى زرع كان متأثرا بحركة الموحدين» فإذا كان ابن تومرت قد اتخذ لقب المهدى. فلا بأس من أن يخلع صاحب الروض على عبدالله بن ياسين لقب المهدى.
وقد تمكن ابن ياسين من قلوب معاصريه بفضل الصفات الشخصية الممتازة )١( ابن أبى زرع: روض القرطاس ص864. () يذكر صاحب روض القرطاس (ص8١) أنه توفى فى 78 جمادى الآخرة سنة 1ه كما يذكر صاحب كتاب المدارك (ج4 ص١ 07) أنه توفى عام 467 .
5( المرجع السابق ص 5لا
1١55
التى توافرت لهء وبفضل السيرة الطيبة واصطناع التقشف وإذلال النفس بكثرة الصيام ”'"2. إلى جانب قوة الحجة والقدرة الفائقة على التأثير فى سامعيهء» وخلب لبهم بحديثه الممتع وعلمه الغزير» فليس بغريب أن نرى المرابطين لا ينظرون إليه نظرتهم إلى فقيه مصلح أو زعيمء بل نظروا إليه نظرتهم إلى ولى من أولياء الله وبدءوا ينسبون إليه الخوارق والمعجزات”". «تحفظ فتاويه وأجوبته فلا يعدل القوم قيال لاوا 0 لايقدمون أحدًا للصلاة بهم إلا إذا كان ممن صلى خلفه ونعم بصحبته "© وظل قبره يحج إليه الناس من كافة الجهات متبركين» وقد قيل أنه دفن بموضع يعرف يكريفلة بتامسنا “2 ولكن يبدو أن الموحدين أخخفوا معالمه انتقاما منه» وإن كانوا قد عجروا عن إخفاء سيرته التى ظل الناس يتناقلونها جيلا
أما دعوة عبدالله بن ياسين فإنها تقوم على أسس أهمها: الجهاد فى سبيل الله» والأمر بالمعروفء والنهى عن المنكرء والتزا م أحكام الدين فى فروض الزكاة والأعشار وغيرها من الواجبات المالية» وقد أخذ الجهاد منذ أن شرع فى عهد الرسول ولد يحتل فى الإسلام مكانا مرموقا وخصوصا بعد أن توسع المسلمون فى بلاد الفرس والروم.
وقد احتل الجهاد فى المغرب الإسلامى أيضا مكانا رفيعاء لأن المغرب كان أكثر البلاد الإسلامية تعرضا . لغارات الروم وغزواتهم» فقد كانت سواحله الطويلة مكشوفة معرضة للغزو فى أى وقت» وكانت أساطيل العدو لاتكف عن الإغارة على المدن الآمنة تسلب وتنهب» كما كانت هذه السفن تعيث فى البحر تسد المسالك على سفن المسلمين وأساطيلهم فتنال منهاء لذلك عنى المسلمين فى المغرب بمدافعة الروم أشد العناية» واتخذوا الأهبة لرد عدوانهم؛ فنشأت حركة المرابطين مقترنة برغبة جامحة فى مجاهدة العدوء ورده عن حياض المسلمين. وكان المسلمون يفدون على الشغور من كافة الجهات ليشاركوا فى الدفاع عن البلاد
)١( البكرى: المغرب ص28١» روض القرطاس ص88. زقفق ابن أبى زرع: روض القرطاس ص84.
(*) البكرى : المغرب ص156.
(5) ابن أبى زرع : روض القرطاس ص84.
١.6
مكتسبين أجر الجهاد. وكان ملك المسلمين فى الأندلس يتعرض لمثل ماتعرض له ملكهم فى المغرب. فأصبح الجهاد هناك سياسة مقررة يلتزمها كل أميرء ويحلها الملحل الأول من سياسته .
وكان المسلمون يفدون على الأندلسء ويرحلون إلى الثغور للمرابطة والجهاد والمشاركة فى دفع العدو ورده على أعقابه» نعم احتل الجهاد فى الإسلام محلا رفيعا ومكانا مرموقاء حتى كاد أن يصبح ركنا سادسا من أركان الدين» أصبح فرض عين عند طائفة من الخوارج ”22 وأصبح الجهاد والإسلام متلازمين يجب الجهاد طالما فى المجتمع الإسلامى رمق من حياة» ولايكف المسلمون عن الجهاد إلا إذا انحل المجتمع الإسلامى وعفت آثاره ”© .
وللجهاد قواعد وأصول وأحكام رسمها الدين وحدد معالمهاء وسنرى إلى أى حد التزم عبدالله بن ياسين أحكام الدين فى هذه الناحية» كما سنرى إلى أى حد جاوز الحدود المرسومة وخرج عليهاء وأول أحكام الجهاد أنه فرض كفاية على كل مسلم بالغ صحيح العقل والجسمء توافرت له أسباث بلوغ جيش المسلمين» ويجب أن يستمر هذا الجهاد إلى أن يدخل الناس كافة فى حكم الإسلام ”". وقد فرض عبدالله بن ياسين الجهاد على أنصاره من المرابطين من أول الأمرء بعد أن خابت سياسة المسالمة » وأصبح لزاما عليه أن يمتشق الحسام فى سبيل نشر الدين» وفرض الجهاد على قومه. ودعاهم إليه» وحضهم على التزامه» وقال لهم : «وجب عليكم أن تجاهدوا فى سبيل الله حق جهاده وأن تقاتلوا هؤلاء الذين خالفوا الحق وأنكروا دين الإسلام فاستعدوا لقتالهه”*».
نعم لقد أذكى عبدالله بن ياسين حركة الجهاد» وظل هو وعصبته يكافح كفاح الأبطال مجاهداء حتى لقى مصرعه شهيدا فى قتال المرتدين من برنمواطة. فرض الجهاد على أعوانه كافة لم يستثئن أحداء يستنفرهم ويؤجج قلوبهم بالحماسء ويرغبهم فى الشهادة» ومن أحكام الجهاد أيضا أن يقوم عليه حاكم )١( دائرة المعارف الإسلامية مادة جهاد (826007810 .8) (؟) المرجع السابق. (9) دائرة المعارف الإسلامية مادة جهاد (83200088104 .0)
(5) ابن أبى زرع : روض القرطاس صل98لء ابن الأثير جة ص5508, النويرى ص ١74 . (6) دائرة المعارف الإسلامية مادة جهاد.
١5
مسلم ''! أو إمام,ولم يغفل عبدالله بن ياسين هذه الناحية الهامة» فما كاد يستقر له الأمر فى رباطه بجزيرة السنغال» وما كاد أتباعه تتضاعف أعدادهم حتى عقد النية على أن يتخذ للمجتمع الجديد أميرا يقود الجيش» وينفدل سياسة الجهادء فبايع يحيى بن عمر» فلما قتل اخمتار أخماه أبا بكر بن عمرء وظل هو بمنأى يوجه الجماعة الجديدة من بعيد» ؤيرسم لها سياسة الجهاد وفق أحكام الدين» قال لقومه: «اجعلوا لكم حزبا وأقيموا لكم راية وقدموا لكم أميرا 2.
وإذا كانت أحكام الجهاد د تقول بأن شرط الجمهاذ يتوافر إذا قام الإمام بغزوة مرة فى كل عام 0 فإن عبدالله بن ياسين قد جاوز ذلك فجعل أعوانه من المرابطين مجندين للجهاد فى كل وقتء يقفون على أهبة الاستعداد لكل طارئ» ويخيل إلينا أن ذلك يرجع إلى أن المرابطين قد خرجوا من رباطهم فى حركة غزو وفتح مستمرة» فلم يكن من المعقول أن يضعوا السيف حتى يقهر العدوء ويدخل الناس كافة فيما يدعو إليه عبدالله بن ياسين من الإسلام الصحيح. ومن الغريب أن دولة المرابطين لم تضع السيف أبدا منذ قيامها حتى قدر لها أن تسقطء فبعد أن تم الجهاد فى المغرب انتقل الجهاد إلى الأندلئس» فكانت دولة عاشت من أجل الجهادء وذهبت فى سبيل الجهاد .
وإذا كانت أصول الجهاد تقضى بأن يدعى الئاس إلى الإسلام قبل أن يعلن الجهادء فإن أبوا خيروا بين القتال أو الدخول فى حكم الإسلام © فإن عبدالله ابن ياسين أنذر وحذر وخوفء وبعث البعوث إلى القبائل 7 بالحسنى والموعظة الحسنةء ولم يعمد إلى السيف إلا بعد أن أصموا آذانهم 2» وتريصوا به وهموا بالقضاء عليه كان يفرض عليهم أن يسلموا إسلاما جديدا وإلا عاملهم معاملة المشركين» فإن أسلموا وتابوا وأنابوا بايعوه على الكتاب والسنة» ودخلوا فى زمرة رجاله» لهم ماله وعليهم ماعليه؛. وإن أبواحكم السيف فى رقابهمء وحاربهم حربا لا رحمة فيها ولاهوادة. (؟) ابن الأثير جه ص108ء النويرى : نهاية الأرب ج71 ص4١ . (") دائرة المعارف الإسلامية مادة جهاد (842002210 .8 .10) (؟) دائرة المعارف الإسلامية مادة جهاد. (5) ابن أبى زرع: روض القرطاس ص74
١ /7ا
وإذا كانت أحكام الجهاد قد 0 بأن أموال من يأبون الدخول فى الإسلام ويختارون القتال غنيمة للمسلمين ”'': يأخذ الجيش الغارى أربعة أخحماسهاء فإن عبدالله بن ياسين اعتبر المناوثين له الصادين عن الدخول فى دعوته كفارا يجب قتالهم » فكان يقاتلهم حتى يقهرهم » ويردهم على أعقابهم. وكانت أموالهم غنيمة لجيش المرابطين وفيئا لهم» وكان يقسم الغنائم وفق ماقضت به السئة "22 كما أنه التزم مانصت عليه السنة من النهى عن قتل النساء والولدان (”“» فكان يقتل الرجال لأنه اعتبرهم مرتدين عن الإسلام» يحل له قتلهم حتى لايفتنوا غيرهم .
ما تقدم يتبين لنا أن عبدالله بن ياسين التزم السنة فى أحكام الجبهاد 9 وحض على الاستشهاد فى سبيل الله؛ ونادى بالوفاء بالأمان 22 ولم يقتل النساء والأطفال» كما التزم الأحكام فى توزيع الغنائم والأسلاب.
أما الأمر بالمعروف والنهى عن المتكر فقد اتفقت الأمة الإسلامية على وجوب الأخذ به "©» حض عليه القرآن الكريم»”" » ونادى به الرسول 5 9 ولما كان من غير المعقول أن يخلى بين الأفراد وبين الأمر بالمعروف والنهى عن المتكر فتعم الفوضى ويحدث الاضطرابء فقد تولى الإمام هذا الأمر فى مستهل قيام الدولة العربية» فكان الخلفاء وعمالهم يأمرون الناس بالمعروف» ويحاربون المتكرء ويحملون الناس على الحادة المستقيمة .
فلما اتسعت رقعة الدولة الإسلامية» وتعذر على الإمام مباشرة هذا الأمر
)١( دائرة المعارف الإسلامية : مادة جهاد.
(1).ابن أبى زرع: روض القرطاس صؤلاء الحلل الموشية ص١١ .
() موطأ الإمام مالك ص771١ .
(5) الموطا ص/152 .
(6) المرجع السابق ص97١ .
(1) ابن حزم : الفصل بين الأهواء والملل جة ص١91١.
(7) قال تعالى: #ولتكن منككم أمة يدعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المتكر#سورة آل عمران :آية يدل
(4) «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده إن استطاع فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. لا طاعة.فى معصية إنما الطاعة فى الطاعة وعلى أحدكم السمع والطاعة مالم يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولاطاعة»
انظر ابن حزم» ص؟7/ا١
١48
بنفسهء استعين بالمحتسب "'©) يندبه الإمام لهذا الأمرء يتولاه بنفسهء يرقب العالم الإسلامى ما لبث أن دهمسته الفرقة؛ وعجر الام دض مسق أمال جمهور الامة «واتشزت"المقاسد .رحد مابين المثل العليا الرفيعة» والحياة الواقعية الحافلة بالإئم» وانحرف المحتسبون عن الجادة» ولم يشددوا القبض على الفتنة'"©» فعم الجور وانتشر الفساد» وبدأ أولو البصيرة يكتبون فى الحسبة رسائل تبصر المحتسبين بأقوم الطرق التى يسلكونها لتحقيق آمال الناس» ومحاربة البغى والفساد 22 فبدأ الناس بعد أن يئسوا من الأمراء وأعوانهم يتطلعون إلى الفقهاء ليأخذوا بناصرهم. فيقوموا المعوج من أمور المجتمع» وقد وضح هذا الاتجاه على مانعلم فى المغرب أكثر منه فى أى قطر آخرء بسبب هذه التقاليد الرفيعة التى بثها علماء المالكية فى أنحاء البلاد» من الشدة فى الحق. والزهد فى الترف» ونصرة الضعيف» ومقاومة ب+ بغى: السلطان وعدوانه.
وكان الماليكون فى المغرب يستلهمون الإمام مالكا فى تقاليده وآرائه» وهو الإمام الذى نهى عن صحبة السلطان ولم يتحرج فى أن يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر إذا رأى منه اعوجاجاء فقد روى أنه قال: «حق على كل مسلم أو رجل جعل الله فى صدره شيئا من العلم والفقه أن يدخل إلى كل ذى سطانء» ويأمره بالخير» وينهاه عن الشرء ويعظه حتى يتبين» لأن العالم إنما يدخل على السلطان لذلك: فإذا كان فهو الفضل الذى لابعده فضل 229 .
اضطلع فقهاء المالكية فى المغرب بهذا الأمر بعد مارأوه من انحراف الأمراء. وانصرافهم إلى غير إصلاح أحوال المجتمع . أمروا الناس بالمعروف» ونهوهم عن المنكر» وشنوا على الفساد والبدغ حربا لارحمة فيها ولا هوادة» روى المؤرخون أن
)١( لهعممه00 كعل ععصة الأعقضنا5 13 عناد: و56ز1]1 عل عناوأمدم؟111 عنندل8 ملا : أمعمء عوط -ترعآ .! .معع هقدص كبلق عناعةم185 لاع 1211065 وعل لللأووع مع 13 أء كومنا
جلدزيهر : العقيدة والشريعة ص41. -
0) ام ,111568 عل عنالتهدم115] اعنهدا8 من نمتلمء اء لمعمعمممم
1) ابن فرحون : الديناج المذهب ض/77:
(4) اين فرحون : الديياج المأغفب ص77 .
أن فقهاء القيروان كانوا حربا على المنكرء فضيقوا على أهلها فى ملاهيهم» بل حاربوا أصحاب العقائد الضالة من الصغفرية والإباضية 7©.
وكان طبيعيا أن يترسم عبدالله بن ياسين خطى فقهاء القيروان» وغيرهم من فقهاء المالكية فى المغرب» فلم يقنع بتعليم الناس وتثقيفهم فى دينهم» بل أمر بالمعروف» ونهى عن المنكرء وإذا كان فقهاء القيروان قد قاموا بمحاولات فردية فى هذا السبيل» فإن عبدالله بن ياسين جند أمة بأسرها تأمر بالمعروف. وتنهى عن المنكرء وسخر المرابطون سيوفهم لتقويض صرح الباطل» وتطهير المجتمع من أدرانه ومفاسدهء واستطاع ذلك الفقيه المتواضع أن يخلق جيلا من المحاربين الأشداءء» يتعصبون لفكرته» ويخفون إلى نصرتهء ويبايعون على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
ولكن هل تجاوز عبدالله بن ياسين الحدود التى رسمتها السنة لسل السيوف فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكرء الواقع أن فئة من الصحابة والتابعين قالوا: إن الغرض من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكرء إنما بالقلب فقطء ولكن أهل السنة”" اتفقوا على أن الإمام العدل إذا قام عليه فاسق وجب سل السيوف للدفاع عنهء ورد الفئة الباغية الظالمة ©» كما قالت 0 «بأن سل السيوف فى الأمر بالمعروف والنهى عن المتكر واجب إذا لم يكن دفع المنكر إلا بذلكء فلذا كان أهل الحق فى عصابة يمكنهم الدفع ولا ييأسون من الظفر فرض عليهم ذلك ”*» قال تعالى #وإن فتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفىء إلى أمر الله# 2 فكأنه قد فرض على المسلمين قتال الفئة الباغية» إذن فقد التزم عبدالله بن ياسين حدود الشرع فى أمره بالمعروف ونهيه عن المنكرء فقد أمر بة له وبلناتميسال ونصح وحذر وأنذر» حتى إذا أخفق لم يجد مناصا من سل السيف دفاعا عن الحق» فقد كان يعتقد أن الأمير الذى بايعه المرابطون إمام عدل» وأن الخارجين عليه فئة باغية» وأنه يجب على المرابطين أن يسلوا السيف دفاعا عن هذا الإمام العادل.
. ١16 الدباغ معالم الإيمان ج؟ ص5١ وص68 .18١ المالكى: رياض النفوس ص15 )١( .١7١ص ابن حزم : الفصل ج 4؟ ()))0
(") المرجع السابق ونفس الصفحة.
(4) المرجع السابق ونفس الصفحة.
(6) سورة الحجرات آية 2.
وإذا كان الفقهاء قد قالوا: بأن أهل الحق يستطيعون امتشاق الحسام إذا قدروا على ذلك» ولم ييئسوا من الظفرء فإن عصبة عبدالله بن ياسين بعد أزدادت عددا وعدة كانت قادرة على دفع العدوان ورد البغى» واثقة من الفوز والظفر» وإذا كان الكتاب الكريم قد جوز قتال الفئة الباغية بعد اليأس من: الإصلاح» فإن عبدالله يئس من إصلاح قومه واعتبر الخارجين عليه فئة باغية يحل قتالهم وجهادهم . ٠
وإذا كانت أحكام الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر قضت «بألا يؤخذ مال المسلم بغير حق ولايضرب ظهره بغير حق فإن فعل به ذلك فهو إثم وعدوان)”) فإنه لم يرد عن عبدالله بن ياسين فيما نعلم أنه تجاوز هذا الحد » فلم. يغتصب مالا بغير حق» ولم يضرب ظهرا بغير حق» وإذا كان لايحل لمن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر أن «يهتك حريما ولا أن يأخحذ مالا بغير حق ”"» فإن عبدالله بن ياسين قد عف عن ذلكء» وإلا لما كان ثمة مايدعو للأمر بالملعروف والنهى عن المنكرء بل كنان عبدالله حربا على الإثم أينما وجدء وعلى البدع أينما كانت»؛ لاتكاد عصبته تطأ أرضا حتى تغير المنكر وتقطع المزامير: وتريق دنان الخمر © » فلم يجاوز مانادى به فقهاء القيروان من قبل حينما حاربوا البدع والملاهى ”“. بل إن الإمام الغزالى يجيز اقتحام البيوت لتحطيم آلات الطرب ودنان الخمر *.
ومن المبادئ الإصلاحية التى أخذ بها عبدالله بن ياسين عمله على أن يزيح عن الناس ماكانوا ينوءون به من ضرائب ظلمة جائرة» فإن اضطراب الأحوال السياسية بالمغرب» وما أعقبه من جور الحكام وعسفهم» وتنكبهم الطريق السوى وإثقالهم على الرعية بقصبد ابتزاز أموالهمء قد زهد الناس فيهم وجعلهم يتطلعون إلى من يخلصونهم مايعانون من ظلم واضطهادء وقد افتن ولاة الأمر فى فرض هذه المغارم» فمن مكوس إلى معونة إلى قبالات إلى تقسيط ”"2» بل أمعنوا فى ظلمهم وبغيهمء فجبوا الخراج من الأرض التى أسلم أهلهاء فقتركت على أن
)١( ابن حرم “الفصل جد م111
(9) ابن أبى ذيع: روض القرطاس ص الا.
(5) المالكى : رياض الئاس ص" 3241.
(5) جلدزيهر ص87.
)١( ابن المؤفت المراكشى: السعادة الأبدية ج؟ ص 84» ابن خلدون جا ص 147اء روض: القرطاس ص27.
١6م١
يدفعوا ضريبة العشرء ومن الأرض التى وزعت على الفاتحين على شرط أن تعفى من الخراج اكتفاء بالعشرء وقد اضطر عبدالله بن ياسين إلى رفع هذه المظالم» وإعفاء الناس من هذه الضرائب الجائرة» واكتفى بفرض ما أوجبه حكم الكتاب والسنة» فروى المؤرخون أنه التزم أحكام الكتاب» ولم يحد عنه قيد أتملة "4 فرض الزكاة والتزم أحكام الدين التى تقضى بأن لاتفرض إلا على ثلاثة أشياء: الحرث والعين والماشية ©» وليس من شك فى أن عبدالله جبا الزكاة بأنواعها من زكاة المعادن (©: وزكاة التبر والحلى 42 وزكاة أموال اليتامى» والتجارة لهم © وزكاة الميراث 2» وزكاة العروض”"؟» وصدقة الماشية © وزكاة مايخرص من ثمار النخيل والأعناب 9'» وزكاة الحبوب والزيتون :2» وضريبة أهل الكتاب ١ وأخذ الأعشار من أهل الذمة الذين يتاجرون فى بلاد المسلميهت2©9.
وقد كانت هذه الإصلاحات ذات أثر بعيد المدى فى تاريخ الدعوة المرابطية» إذ أظهرت للناس فى المغرب والأندلس أن المرابطين قوم لايبغون جاها ولا مالاء إنما يبغون الإصلاح وإنقاذ الناس مما تردوا فيه من جور وعسف, فأخذوا يتطلعون إلى هذا الشعب الذى بعث بعثا جديداء بل لانكون مغالين إذا قلنا بأن هذه السياسة كانت تكسب المرابطين عطف الجماهير الفقيرة» التى كانت تهب للترحيب بهمء وتأييدهم فى كل مكان حلوا فيه.
ولكى تتم دراسة هذا الموضوع دراسة وافية شاملة» لابد من أن نعرض لناحية أخرى هامةء وهى مناقشة التهم التى ألصقها الموحدون بالمرابطين» إذ
() ابن أبى زرع: روض القرطاس ص488.» السعادة الأبدية ج؟ ص84” الجذوة ص787. (؟) الموطا ص .١١
(7) الموطأ ص6 .١١
(5) الموطاً ص68 ١٠١
(5) الموطاً ص .1١١ 5-1١6 (5) الموطأ ص5 .١١
. ١١4 الموطأ )7
.٠١ 8 الموطأ )8( .١١ 5 المؤطأ )9(
. ١١9/ص الموطأ )٠١( .١؟١ص الموطا )١1١( .١؟١ص الموطا )١17(
لايمكن أن تتم دراسة عقائد المرابطين دراسة صحيحة. إلا إذا عرضنا لما يقوله ا موحدون» وحاولنا أن نعرف ما إذا كانت هذه الادعاءات صحيحة أم غير
-
صحيحة .
رحل محمد بن تومرت المصمودى إلى الأندلس والمشرق ”2» واغترف من معين الثقافة الإسلامية فى المدرسة النظامية ببغذاد 0 ثم غاد إلى المغنرب يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر» .ويهاجم أمراء العصر»: ويشدد النكير عليهم. ويتهمهم بأنهم مسئولون عما حل بالمجتمع من مضائب» ومادهاه من انحلال» ل وسرعان ما وجه همه إلى دولة المرابطين» أعلن عليها حربا لارحمة فيها ولاهوادة» وظل يؤلب قبائل المصامدة» ويؤجج الحقد فى قلوب البربر حى أوغر صدورهم على الدولة التى دافعت عن العقيدة الإسلامية دفاعا مجيداء واستطاع بعد جهود متصلة أن ينال من الدولة وأن يهددها تهديدا خطيراء وهو فى سبيل ذلك يكفر المرابطين ويتهمهم بالزندقة» ويرمى فقهاءهم وعلماءهم بالجمود والتأخر» ويحملهم مسئولية ما أصاب المجتمع من فسادء وقبل أن نفصل مارمى به المرابطين من كفر وضلال» وماحشده من تهم يجدر بنا أن نشير إلى ناحيتين هامتين قد تعينان على استبطان هذه الدعوة الظالمة» والتغرف إلى موجهاتهاء وأهدافهاء ومعرفة الأسباب التى هيأت لمحمد بن تومرت من أن ينال من المرابطين على هذا النحو.
كان محمد بن تومرت ينتسب إلى قبيلة هرغة من قبيلة مصمودة 7 الجبلية الضاربة بالمغرب الأقصى» هذه القبيلة التى عرفت فى طول تاريخها بشدة مراسهاء وكرهها الشديد لبدو الصحراء» الذين كانوا يغيرون على مواطتهاء وينالون منهاء وقد أخضع المرابطون هذه القبائل بعد فتح المغرب» وأذلوهاء فاستكانت للغلبة ولكنها ظلت تضمر الحقد والكراهية للملثمين» وتتلمس السبل-المؤدية إلى الثأر لا نالهاء والخلاص مما تردت فيه من مذلة وخمضوعء فما كاد محمد بن تومرت المصمودى يرفع علم المقاومة» ويحمل لواء الجهاد حتى كانت قبائل المصامذة من (؟) جلدزيهر ص؟١2031 صبح الأعشى جده صض١96١. (*) ابن خلدون ج” ص777ء أعز ما يطلب ص ٠ 48. المراكشى ص 7٠١ الحلل صلا5ء أبو الفدا ج7
ص53 7. دق ابن خلدون جا ص272525 جامع تواريخ فاس ص١2 أبو الفدا ج73 ص”317 .
1١ 7ه
خلفه» تتبنى حركته وتشد أزره» وتسوق له الكتائب تدافع عنه» وتنصره نصرا لما نالها من هزيمة وإذلال على يد بدو الصحراء”". إذن دعوة الموجدين دعوة أذكتها العصبية القبلية» وأوحى بها ذلك العداء المر بين القبائل الجبلية المستقرةء وبين شعوب الملثنمين» هى دعوة ظاهرها الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر» وباطنها تعصب ذميم» وكره دفين وطعن فى المرابطين وتشويه لدعوتهم ولتاريخهم. الدعوة الجديدة الحرب السافرة على مذهب مالك» وفقهاء مالك» فيريهم بالتعصب والجمود والتكالب على عرض الدنيا "2 وبلغ من كره الموحدين لهذا المذهب أنهم أحرقوا مدونة سحئنون 7" دعا المرابطون لبنى العباس» وخطبوا لهم على المثابر فلا بأس من تؤدى الكراهية العنصرية إلى أن يخرج المصامدة على بنى العباس» وأن يعملوا لإقامة خلافة موحدية :2» لاتدين بالتبعية لبنى هاشم» ولا لبنى أمية. وقد توسل محمد بن تومرت المصمودى بوسائل كشيرة لكسب الأنصار لدعوته الجديدة» فادعى الانتساب إلى بنى هاشم 29 واتيخذ لنفسه اسم محمد بن عبدالله العربى القرشى الهاشمى الفاطمى المحمدى '». ووضع أنصاره له نسبا يربطه بعبد الله بن الحسن بن على بن أبى طالب 9 بل ذهب إلى أيعد من هذاء أخذ يهيئع الأذهان لقرب ظهور المهدى. يذكره ويشوق إليه» ويجمع الأحاديث التى تقول بقرب ظهوره 0 ويبين للناس أن «الباطل لايرفعه إلا المهدى وأن الحق لايقوم به إلا المهمدى وأن المهدى مغلوم فى العرب والعجم والبدو والحضر وأن العلم به ثابت فى كل مكان وفى كل ديوان وأن ماعلم بضرورة الاستفاضة قبل ظهوره يعلم ضرورة المشاهدة بعد ظهورهء وأن الإيمان بالمهدى واجب» وأن من شك فيه كافرءولايدافع ولايعاند ولايخالف ولاينازع يفتح الدنيا شرقها وغريها )١( الإدريسى ص55. المراكشى ص177» ذيل تاريخ دمشق ص 7141» الإتحاف جا ص37 . () ملحق البيدق ص)"؟١. (*) احمد بابا: نيل الابتهاج ص8؟17 . (5) ابو بكر الصنهاجى (البيدق): كتاب أخبار المهدى بن تومرت ص77 )ه( المزرجع السابق ص77 (1) المرجع السابق ص١١ .
(0) الزركشى ص47١ . (8) المراكشى ص 17١ .
يملؤها بالعدل كما ملعت بالحور» 279 ثم أعلن للناس أنه المهدى المنتظر 29 الذى تومرت إلى أبعد من هذاء إذ أحيا نظرية الإمامة» وادعى أنه الإمام المعصوم 7" لايجوز عليه الخطأء من شك فيه فهو كافر مارق ورنديق 49 لأن الإمام يجب أن يكون معصوما من الباطل ليدم الباطل» معصوما من الضلال» لأن الضلال لايهدم الضلال» 7©» «لابد أن يكون الإمام معصوما من هذه الفتن وأن يكون معصوما من البدع ”"2» من خرج عليه أو كفر بإمامته أو نقض بيعته أحل ماله واستبيح دمه 00
أما الناحية الأخرى التى يجب أن نضعها نصب أعيئنا حينما نحاول أن نتفهم سر هذه الحملة العنيقة » التى شنها الموحدون على المرابطين » فهى أن محمد بن تومرت ظهر فى عهد على بن يوسف بن تاشفين 0 بعد وفاة عبدالله بن ياسين بما يزيد عن نصف قرن من الزمان» كان يتنقل فى مدن المغربء يأمر الناس بالمعروف» وينهاهم عن المنكر "»» وقد دخل المهدية ثم بجاية ثم ذهب إلى أغمات”''2» ثم بارحها إلى فاس» حتى استقر به المقام فى مراكش آخز الأمر 230 ولم يرد عنه فى هذه الفترة أنه تعرض لعقائد الناس بالسوء» فلم يكفر أحدا ولم يتهم أحداء كان همه منصرف إلى محاربة البدع» وحض الناس على التزام أحكام الدين» واطراح ما انغمسوا فيه من إقبال على الذنياء وتثاقل عن العمل للحياة الأخرى .
وكانت دولة المرابطين بعد أن مضى على قيامها وقت طويل» قد بدأ الفساد )١( أعز مايطلب ص4 70-/76 . (؟) يوسف أشباخ: تاريخ الأندلس فى عهد المرابطين والموحدين» ج اص5١7. : () البيدق ص6 ١ء ملحق البيدق من رسالة الفصول ص4١ 175., المراكشى ص17 . 2 أعر مايطلب ص16 207 البيدق ص28 . (0) أعز مايطلب ص7590. (5) المرجع السابق.. زففق المرجع السابق ص 27560١ 504. (48) ابن عذارى: البيان المغرب جا ص7١71.
زلكى أبن الخطيب رقم الحلل ص/ا8 . )٠١( أعز مايطلب صة » ابن عذارى جا ص7١”.
.7 جامع تواريخ فاس ص )١١(
١6
يدب فى أوصالهاء وبدأت الدعوة الكريمة التى وضع عبدالله بن ياسين أساسها وبناها بدمائهء ودماء أعوانه من المرابطين» تفقد أثرها فى نفوس القوم» وانصرف الأمير على بن يوسف عن أمور الحكم إلى الانقطاع للعبادة "2 فازداد عتو الفقهاء وسيطروا على الحياة العامة فى المغرب والأندلس» وكان بيدهم تصريف شئون الدولة». حتى ضج الناس بالشكوى» متبرمين باستبدادهمم بالسلطة وبدأت النساء يلعبن فى المجتمع دورا كبيراء يوجهن السياسة العامة» ويتحكمن فى مجريات الأمور 2ع كما أخذ الأمراء المزابطون يستبدون ببعض مناطق الأطراف ويهددون الدولة بالانقسام ثم الزوال ".
كانت هذه الأحوال السيئة مما أذكى الحمية فى قلب محمد بن تومرت» ودفعه إلى أن يعمل بقدر ماوسعه من جهد إلى مقاومة هذا المتكرء وإصلاح هذا الفساد» وكان يرى أن الأمير مسئول بين يدى الله عن ذلك كلهء وأن باستطاعته أن يقوم المعوج ويرد العاصى '''» فلما دخل مراكش » وعظ على بن يوسف وأمره بالمعروف» ونهاه عن المتكر فى شىء من العنفء ثم التحم مع الفقهاء المالكيين المحيطين بعلى بن يوسف فى مناظرة عنيفة» استخدم فيها علم الكلام وتعاليم المدرسة النظامية ببغداد» فأفحم مناظريه وأجج نار العداء ففى صدورهم فأئتمروا به»ء وحملوا على بن يوسفف على أن يخرجه من مراكش خائفا يترقب””*) وبعد أن خرج ابن تومرت من مراكش» اتخذت دعوته مظهرا آخرء أعلنها حربا ضروسا على المرابطين» وزاح يؤلب قبائل المصامدة» وبدأت حملاته على المرابطين وعقائدهم تشتد وتعئفء وبدأ منذ هذه اللححظة بالذات يشكك الناس فى عقائدهمء ويرميهم بالزيغ والمروق على الدين؛ ويبين لهم أن الدعوة الصحيحة هى التى يحض عليها ويدعو لها ...
ولكن قد يقال وما لعبد الله بن ياسين وعلى بن يوسف. والشقة بينهما بعيدة» توفى عبدالله بن ياسين عام 6ه وولى على بن يوسف عام »6٠٠ (1) نفس المرجع والصفحة. (7) نفس المرجع والصفحة.
زفق البيدق. صا رقم الحلل ص /اه 5 (5) أعز مايطلب صرل.
وللرد على ذلك نقول إن محمد بن تومرت لم يوجه حملته لعلى بن يوسف» بل إنه وجهها للمرابطين على وجه العمزم» ولما كان عبدالله بن ياسين هو صاحب الدعوة» وصاحب الرسالة» ومنشئ الدولة. فإن تكفير المرابطين يعتبر تكفيرا له ومهاجمة عقائدهم تعتبر مهاجمة لعقيدته» واتهامهم بالمروق عن الدين يعتبر اتهاما له بالمروق عن الدين» لذلك يجب أن نعرض بعد ماذكرنا من ملابسات لبعض هذه التهم فنثبتها على عبدالله بن ياسين أو ننفيها عنه.
كانت أهم التهم فى نظر ابن تومرت أن المرابطين مجسمون مشبهون» والبصر والحركة» وما إلى ذلك» وهم فى نظر ابن تومرت كفرة يجب جهادهم حتى ينفوا عن الخالق التشبيه» والتشريك» والنقائنص» والآفاتء والحدود“' والجهات» ولايجعلوه فى مكان» ولا فى وجهةء. فإنه تعالى موجود قبل الأمكنة(0) والحهات. فمن جعله فى وجهة فمكاة) فقل جسمهء ومن جسمه» جعله مخلوقا ومن جعله مخلوقاء فهو كعابد وثن» فمن مات على هذا فهو مخلد فى النار )2 هم فى رأيه كفرة يجب جهادهم كما يجاهد الروم ”2 دماؤهم حلال سفكهاء وأموالهم فىء» جهادهم فرض على الأعيان على كل من فيه طاقة على القتال؟», وكل من قتل من الكفرة والمجسمين» فهو مخلد فى نار جهتم وبئس المهاد ©» «علموا أنكم فى قتال الكفرة على الحق المبين ... اعلموا وفقكم الله أن المجسمين أشد:فى الصد عن سبيل الله. من إبليس اللعين ”© . حملهم ذلك على الافتراء على الله ورسوله حتى عكسوا الحقائق وقلبوهاء وحرفوا الكلام عن موضعه ونسبوا من دعا إلى التوبة والتوحيد واتباع السنة مخالفا "2 .
والمجسمون فى الواقع يفسرون النصوص المجسمة والمشبهة» التى جاءت فى القرآن. والحديث» والنصوص المتواترة تفسيرا حرفياء فالله بصير سميع غضوب (1) نفس المرجع والصفحة. (5) المرجع السابق ص8 . (4) نفس المرجع والصفحة. (5) نفس المرجع ص 7١ . )١( نفس المرجع ص 5١ . 00 نفس المرجع ص 5١ .
١ /اه
ضاحك يجلس ويقف له يدان ورجلان . . . وكانوا يفسرون هذه الآيات على ظاهرها ويطلبون الإيمان الأعمى بخرفية النص (2.
والواقع أن المسلمين فى تفسير الصفات المنسوبة للخالق فريقان: فريق لم ينكر هذه الصفاتء وفريق أنكرها إنكارا تاماء والفريق الأول هم جمهرة أهل السنة» والفريق القانى هم فريق المعتزلة. أو المعطلة الذين يعطلون الصفات الإلهية”". فالفريق الأول قالوا: بأن لله صفات أزلية من العلمء والقدرة» والحياة والإرادة» والسمعء والبصرهء والكلام» والجودء والإنعام والعزة» والعظمة. لايفرقون بين صفات الذات» وصفات الفعل» ويثبتون صفات خبرية مثل اليدين والوجهء ويقولون بأن هذه الصفات قد وردت فى الشرع» فسوجب تسميتها صفات خبرية» ثم قالوا إن الله تعالى ليس كمثله شىء» ولايشبه شيئًا من المخلوقات ولكنهم لايعرفون معنى اللفظ الوارد فيه» مثل قوله تعالى: #الرحمن على العرش استوى* وليسوا مكلفين بمعرفة تفسير هذه الآيات» يكفيهم الاعتقاد بأنه لاشريك له » وليس مثله شىء» لايريدون التأويل» بل يقبلون النصوص على علاتهاء ويؤمئون بها كما هى ". ويمثل هذا الرأى مالك بن أنس الذى لم يتعرض للتأويل» ولا وقع فى التشبيهء فلما سئل فى ذلكء قال: «الاستواء معلوم والكيفية مجهولة» والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعه2»). وقد وقف أحمد بن حنبل مثل هذا الموقف» وكذلك سفيان» وداود الأصفهانى من الأئمة 2.
أما المعتزلة فهم ينفون الصفات عن الخالق» ويقولون بالتأويل : الله عالم بذاته» قادر لذاته» وقدرة وحياة هى صفات قديمة» ومعانى قديمة» واتفقوا على نفى رؤية الله تعالى بالأبصارء ونفى الشبه عنه «من كل وجه ومكان وصورة وجسم » وتحيز وانتقال» وزوال وتغير وتأثير؛. وقد سمى هذا التأويل توحيداء وأصبح العدل والتوحيد من أركان عقائد المعتزلة "2©. وقد حاول الأشعرية أن يوفقوا بين رأى أهل السنة وعلماء الكلام» فأثبتعوا الصفات للخالق ولكنهم
.١4 ابن حزم الفصل جا ص0 )١(
(؟) جلدزيهر: العقيدة الشرعية ص45-50. (") الشهرستانى : الملل والنحل ص5”. (4) نفس اللمرجع والصفحة.
(5) نفس المرجع والصفحة.
(7) الملل والنحل ص 578
١4
استعانوا فى تبرير ذلك بعلم الكلام ”'2» فلم يقبلوا هذه الآيات على علاتها كما فعل أهل السنةء ولم يرق ذلك فى نظر جمهرة الفقهاء السنيين» فظلوا على رأيهم القديم لأنهم لم يكونوا يؤمئون بعلم الكلام» لأن علم الكلام فى ذاته عدوء سواء أقاد إلى نتائج سنية أو بدعية» شعارهم «فر من الكلام فى أى صورة مايكون كما تفر من الأسد ”"». وقد أمر الإمام الشافعى أن يضرب المتكلمون بالسياط والتعال» وأن يطاف بهم مشهرين فى المجامع والقبائل وينادى عليهم «هذا جزاء من ينبذ علم القرآن والسنة ويتكب على علم الكلام 1" والكلام علم إذا أصاب المرء فيه ”*» لم يؤجر وإن أخطأ فيه كفرء ليس هنالك حاجة للعقل فى معرفة الحقيقة الدينية فهى موجودة فى القرآن» والحديث. وقد رأينا كيف أن المالكية فى المغرب كانوا يكرهون المتكلمين» ويحاربون المعتزلة حربا لا هوادة فيها ولارحمة» كانوا ينفرون من الرأى» ويأخذون على أتباع أبى حنيفة توسعهم فى ناحية الرأى لآن مالكا كان يكره أهل الرأى» وكان يقول: «الرأى والجدل فى العلم يذهب بنور العلم فى قلب العبد "2 .
إذن تأثر ابن تومرت بالمعتزلة فى هذه الناحية»ء فأتكر الصفات كما أنكرواء ونادى بالعدل كما نادواء وقال بالتوحيد كما قالواء فسمى أتباعه الموحدين») وصب على أهل السنة أصحاب الصفات» الذين لايقولون بالتأويل جام غضبهء وحمل عليهم حملة منكرة» وإذا كان المعتزلة قد قالوا بأن من أجاز رؤية الله تعالى بالأبصار بلا كيف فهو كافرهء والشاك فى كفره كافر ©, فإن ابن تومرت اتهم القائلين بالصفات بالكفر والزندقة» أحل دماءهم وحض على جهادهم. والمعتزلة يسرفون فى التكفيرء» على حين أن أهل السنة لايكفرون أحدا من أهل القبلة بذنب دون الشرك”". إذن فاتهام المرابطين بالتجسيم هو اتهام عام» اتهام لأهل السنة على العموم» للفقهاء على اختلاف مذاهبهم. (1) جلدزيهر: العقيدة والشريعة ص4١1. (") المرجع السابق ونفس الصفحة. (4) المرجع السابق ونفسن الصفحة. (6) ابن فرحون : الديباج المذهب ص4 ؟.
() البغدادى: الفرق بين الفرق ص67١. (70) عياض : ترتيب المدارك جة ص8١١.
١6
وقد أنكر ابن تومرت المذاهب كلهاء كما أنكرها المعتزلة من قبل. ولم يكن عبدالله بن ياسين إلا فقيها من هؤلاء الذين ترسموا خطى إمامهم مالك وغيره من أهل السنة فى إثبات الصفات لله عز وجل . وعزوفهم عن التأويل واشتغالهم عن الخوض فى بحر خضم هو بحر علم الكلام والفلسفة. إن كفر ابن تومسرت المرابطين فقد كفر المعتزلة أهل السنة جميعا وحضوا على قتالهم وجهادهم.
ليس من شك فى أن طائفة من المتأخرين» قد غلت فى التشبيه غلوا كبيرا فقالوا بأن الله تعالى جسم» وحجتهم فى ذلك أنه لايقوم فى المعقول إلا جسم أو عرضء فلما بطل أن يكون تعالى عرضاء ثبت أنه جسم . وقالوا: إن العقل لايصح إلا من جسمء فالبارى تعالى وجب أنه جسمء واحتجوا بآيات من القرآن فيها ذكر اليد واليدين والأيدى والعين والوجه والجنب» وبقوله تعالى «وجاء ربك» وقوله #يأتيهم الله فى ظلل من الغمام والملائكة»وتجليه تعالى بأحاديثه للجبل فيها ذكر القدم واليمين والرجل والأصابع. وغلوا فى ذلك وأسرفوا حتى خرجوا على ماقال به أهل السئة أنفسهمء وانحدروا إلى مهاوى الشرك .
إن لم يجاوز المرابطون الحدود التى رسمتها السنة» وما أجمع عليه أهل المذاهب وإذا صح مانسبه ابن تومرت إلى المرابطين فلم اتصل إمام عظيم كالغزالى بيوسف ابن تاشفين وبارك جهاده» وسعى له عند خلفاء بنى العباس» حتى اعترفوا بشرعية حكمه»ء وأعجب به ويجهاده فى سبيل إحياء الدين؟ 29 فلو كان أتباعه مجسمة كفرة» "أفكان الغزالى يبارك حركتهم وينظر إليها على أنها تحقيق للأهداف السامية التى كان يسعى إلى تحقيقها من إحياء الإسلام الصحيح!!!
كان عبدالله بن ياسين على جادة السنة» لم يحد عنهاء قام يدعو إلى الحق ورد المظالم» وقطع جميع المغارم «وهم على أهل السنة متمسكون بمذهب مالك ابن أنس رضى الله عنه 7 » نعم كان عبدالله بن ياسين متمسكا بأهداف السنة عاملا على إحيائهاء مالكى المذهبء. متمسكا بمذهيه» حريصا عليه كل الحرص 9)
.١١7ص ابن حزم : الفصل ج؟ )١(
20( ابن الأثير جة ص"؟ ابن خلدون جد ص1848. (*) البكرى: المغرب ص54١ .
() الإتحاف ح١ا ص88
اا
١ أهمية الدور المغربى فى تاريخ دولة المرابطين:
عرضنا فى الباب السابق للدور الأول من أدوار قيام دولة المرابطين» وهو ما أطلقنا عليه اسم الدور الصحراوى» ورأينا كيف انتهى بتوحيد قبائل الملثمين تحت راية عبدالله بن ياسين» وكيف استطاع ذلك الحلف الذى بعث بعثفا جديدا أن يبسط نفوذ الملثمين على صحراء المغرب» من مصب نهر السنغال فى الجنوب حتى جبال درن فى الشمال» وكيف استطاعت هذه القوى الجديدة أن تمكن للإسلام؛ وأن ترفع لواءه» وأن تنشر الثقافة الإسلامية فى ربوع الجنوب» وأن تبصر .الناس بشعون دينهم» وأن تحارب دول الزنوج وتردها إلى الجنوب فتقضى على خطرها قضاء ميرما.
ولكننا سنعرض فى هذا الباب لدور آخر من أدوار قيام الدولة» نطلق عليه اسم الدور المغربى» ذلك أنه بعد أن تم للمرابطين بسط سيادتهم على الصحراءء واطمأنوا من ناحية الجنوب» بدأت جموعهم تطرق أبواب المغرب» وتندفع صوب الشجشال فاتحة غازية» وتفتح فى تاريخ المغرب على الخصوصء وتاري العالم الإسلامى على العموم» صفحة جديدة:» ذلك أن الدولة الجديدة إذ تتجاوز حدود الصحراء متقدمة صوب الشمالء لم يعد تاريخها تاريخا محليا يخص تاريخ الصحراءء أو تاريخ السودان الغربى» بل بدأت تتخذ صفة عالمية» بدأت تحتك بمواطن الحضارة القديمة» وبالثقافة الإسلامية المنتشرة فى أرجاء المغرب الأقصى» والمرابطون حين يردون هذا المورد» ويقتحمون هذا الميدان الجديد» يتجدد تاريخهم» ويكتسبون فوق قوتهم قوة» ويخضعون لبيئة المغرب الأقصئى». كما خحضعت لها الدول التى قامت هناك من قبل» فتزداد صلتهم بالأندلس 0)؛ ويتشوفون إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط» فيحتلون الموانى الساحلية» ويضطرون - وهم الصحراويون البدو إلى ركوب البحر ويبناء الأساطيل» ويسهمون فى حركة الجهاد العام» أعنى أن الدولة الجديدة ستنتقل من حركة جهاد خاص فى صحراء الجنوب إلى حركة جهاد عام إذ تدخخل المعترك الدولى من أجل تثبيت السيادة الإسلامية» وتضطر إلى منازلة القوى المسيحية التى بدأت تظهر فى القرن الخامس الهجرىء وتنوش العالم الإسلامى» وتهدده بالخطر. (1) ابن الخطيب: الإحاطة فى أخبار غرناطة ص74
لحل
بدأت قبائل المرابطين تطرق أبواب المغرب الأقصى فى وقت اشتدت فيه حاجة العالم الإسلامى فى المغرب إلى دماء جديدة» وقوى فتية تلم الشعث» وتوحد الجهود المبعثرة» بعد أن كاد الناس ييتسون من الوحدة» ويستسلمون لنير الغلبة» وظهورهم فى هذا الوقت المناسب يكاد يشبه ظهور الأتراك السلاجقة على مسرح الحوادث فى الشرق الإسلامى ”2, فكلاهما قوتان فتيتان حديثتا عهد بالإسلام تضطرمان بالحمية والحماس.» وتتقدمان الصفوف فى وقت ضعف فيه المسلمون وتفرقوا 29.
ما تقدمء يتبين أن الدور المغربى من أدوار قيام الدولة دور بالغ :الأهمية» ذلك أن قبائل الملثمين لوقنعت بالسيطرة على إقليم الصحراء لتفرق شملها بعد قليل» ولضاعت الحهود الشاقة التى بذلها زعيم أمين وأمراء متفانون فى خدمة بنى جنسهم. نعم لو لم تتقدم قبائل الملثمين إلى المغرب الأقصى» لما سجل كتاب تاريخ هذه الحوادث التى هزت مشاعر المسلمين فى الشرق والغرب» فإن إقدام المرابطين على فتح المغرب يؤذن ببداية دور من أدوار الاستقرار والتنظيمء بعد استيلائهم على موارد المغرب المتنوعة» وبانتهاء دور الزعامة الدينية» وبروز الأمراء الملشمين من القادة والفاتحين» الذين سوف تخلد المعارك التى سيخوضونها اسمهم فى مكان بارز من تاريخ الجهاد. 1 أسباب فتح المخرب:
وقبل أن نعرض للحوادث التى ستنتهى بفتح المغرب» لابد. من أن نسأل: هل جاء المرابطون إلى المغرب تلبية لنداء الطبقة المضطهدة فى المجتمع المغربى؟ . ليس من شكء» فى أن المجتمع المغربى كما قلنا فى الباب الأول كان يعانى من تسلط الزناتيين» ومن سوء الحالة الاقتصادية» ومن هذه الأعباء الثقال التى كان يرزح تحتهاء ويتوق إلى الخلاص منها. روى بعض المؤرخين أن الفقهاء تطلعوا إلى هؤلاء المنقذين الجددء يلتمسون العون ويرجون الخلاص”؟»2 ونحن لانستبعد هذاء ولكن يجب ألايغيب عن أذهاننا أن الملشمين كانوا سوف يندفعون إلى المغرب )١( ابن دحية : الثبراس فى تاريخ تخلفاء بئى العباس ص/1١.
(؟) .212 .م ,متدمة نط لمه 010 عط1: هلام جعلوعكل8 (") النويرى : نهاية الآرب ج 77 ص78١ .
لحل
رسم لنفسه هذه الخطةء وجعل من أهدافه أن يبسط نفوذه على المغرب» كما بسطه عبدالله بن ياسين لما رأى استقامة متونة» واجتهادهم أراد أن يظهرهمء ويملكهم بلاد المغرب وقال لهم:إنكم صبرتم» ونصرتم دين رسول الله َلاق وقد فتحتم الصحراء27) .
ثم إن الحركة التى بثها عبدالله كانت بمثابة طاقة عظيمة لابب من أن تنصرف على صورة غزروة كبرى» أو هجسرة عظيمة» وهذا يتلاءم مع ماعرف عن طبائع البدو. ماتكاد قبائلهم تتحد برئاسة زعيم» حتى تهب غازية فاتحة» وكان من الممكن أن تنصرف هذه الطاقة صوب الجنوب» لولا أن جهود عبدالله بن ياسين» ومن سبقه تمضخت عن هزيمة الزنوجء وإخضاعهم»ء ونشر الإسلام فى بلادهم» فلم تعد قبائل الملثشمين تخشى أن تطعن من الخلف» إذا هى انصرفت إلى الشمال: مواطنها بأية صورة» وخاصة بعد هذه الروح العالية التى بئها ابن ياسين فى هذه الجيوش الكثيفة التى حشذها لتحقيق أغراضه وتنفيذ مشروعاتهء هو تيار كان لابد أن يندفع نحو غاية معينة» لابد أن تتحقق فى وقت عجزت فيه قبائل المغرب عن المقاومة بسبب تفرقها وضعفها وتخاذلها.
[“ العوامل التى تحكمت فى زحف المرابطين إلى المغرب:
وقبل أن نخوض فى تفصيل الحوادث التى أدت إلى إتمام فتح المغرب» يحسن بنا أن نكشف النقاب عن العوامل التى كانت تتحكم فى حركة الزحف» صوب المغرب الأقصى . وأن تكشففن عن التيارات الباطنية التى كانت تسير هذه الهجرة الكبيرة» وسنعرض لهذه ال موجهات بصفة عامة» ثم نحاول أن عرض للدور الذى لعبه كل منها فى إتمام فتح المغربء وتحقيق ذلك الهدف الذى كان عبدالله بن ياسين يتغياه .
وأهم هذه العوامل» وأبعدها أثرا ذلك النزاع التقليدى المعروف بين قبائل
6
البتر وقبائل البرانس» هذا العداء الذى ظل يوجه تاريخ المغرب الأقصى مدة خمسة قرون متوالية. احتدم النزاع أول الأمر بين صنهاجة الجيل الأول وزناتة» ؤتدخلت الدولتان الفاطمية والأموية فيه» ثم مالبث شمل صنهاجة الجيل الأول أن تفرق بعد أن غزا عرب بنى هلال إفريقية» وقوضوا صرح الدولة البربرية» وبدءوا يطرقون أبواب المغرب الأوسط. ويهددون دولة بنى حماد 2» ولكن صنهاجة الجنوب أهل اللثام استطاعت أن تتم وحدتها على يد عبدالله بن ياسين» ويدت قلوب أفرادها تضطرم بحمية دينية لم تعهد من قبل.
شاءت الأقدار أن تهوى صنهاجة الجيل الأول لتخلفها صنهاجة الجيل الثانى وقد رشحتها الحوداث لزعامة شعب البرانس على وجه العموم» وكان عليها أن تمكن لهذه الزعامة بأن تخف إلى مناضلة البترء الذين أذلوا الملثمين طوال القرون السابقة» واضطهدوهم» ونكلوا بهم. تفرق شمل زناتة» وضعف شأنها بعد انهيار الخلافة الأموية بالأندلس» فى وقت اتحدت فيه صنهاجة الجنوب» واشتد ساعدهاء وبقى عليها أن تخف إلى الميدان» منتهزة هذه الفرصة للأخحذ بذلك الثأر القديم» وانتزاع هذه الأرض الخنصبة التى ظل الزناتيون يسيطرون عليها فترة طويلة» هذا إلى جانب أن القبائل الزناتية فى المغرب الأقصى كانت تسد مسالك البلاد» وتحاول أن تقاسم شعوب لللثمين رزقهم من تجارة المغرب والسودان» فكان على الملثمين إذا أرادوا أن تخلص هذه التجارة لهم كلها أن يناضلوا زناتة» وأن يخفوا إلى قتالها .
وهناك عامل آخر لايقل عن العامل السايق أثرا فى إذكاء تيار الغزوء وهو الرغبة فى تحقيق الدعوة» التى بثها غبدالله بن ياسين» منذ كان يريد أن يجند قبائل الملثمين فى حركة لتطهير المجتمع الإسلامى كلهء كان يريد أن تمتد صيحة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر إلى المغرب والأندلس» ولعل هذا يفسر ماذكره المورخون من استنجاد الفقهاء »2 واستغاثتهم بالمرابطين» فبعد أن انتهى جهادهم الأصغر بالصحراءء لم يكن بد من أن يتطلعوا إلى جهاد أكبر بميدان المغرب والأندلس. (5) 127 م ماع51 بحت به 31 نا عأمعطت8 د وعطوعة 1.35[ :ؤتدع:13/131 (1) ابن أبى زرع : روض القرطاس ص١8.
الحلدلا
يتزايدون يوما بعد يوم 22 وكان لابد من أن يجد أولو الأمر 7 مجالا حيويا يتجهون إليه ”"'؛ بعد أن ضاقت فى وجوههم سبل الرزق بالصحراء .
هذه إذن هى المعالم الرئيسية للعوامل الثلاثة التّى ساعدت على توجيه فتح المرابطين للمغرب» والتى أذكت هذه الحملات المتعددة» التى شنها الملثمون» حتى تهيأ آخر الأمر أن يفتحوا هذه البلاد» وأن يتموا المرحلة الثانية من مراحل قيام الدولة. ولكن بقى علينا أن نفصل هذه العوامل» وأن نتتبعها من البداية إلى النهاية» لنرى إلى أى حد أسهمت فى إتمام هذا الفتح .
5 تحقيق بدء تدفق المراببطين صوب المغرب:
وقبل أن نعرض لقصة الصراع بين زناتة وحلفائهاء والملثمين وحلفائهم. المؤرخين فيما يتعلق بهذا التاريخ مضعطرية أشد الاضطراب». متضاربة أشد التضارب» والسبب فى ذلك يرجع على مايبدو إلى أن المؤرخين لم يدونوا أخبار هذه المرحلة الأولى إلا بعد أن تم قيام الدولة» ويرزت فى عالم المغرب قوية مستقرة») كما أن النقود والنقوش التى يمكن أن يعتمد عليها لضبط هذه التواريخ لم تظهر بعد أن اسنتقرت الدولة فى أرض المغرب» وبدأت بعد أن تهيأت لها أسباب القوة والاستقرار تسك النقود وبشيد العمائر.
والمؤرخون فى تحديد تاريخ بدء هذه الحملة فريقان.فريق يسوق تواريخها بعد سنة ٠ 50 ه ”"» وفريق آخر يذكر أن زحف المرابطين على المغرب الأقصى بدأ قبل سنة 50٠ ”24» أما رواية الفريق الأول فنستطيع أن نستبعدهاء ونحن مطمئنون غاية الاطمئنان. لأن أول نقود ظهرت للمرابطبين ضربت بمدينة سجلماسة © سنة )١( ابن الأثير حة ص769. )7١( .الاءصيةلإضصقط ناموع8 وعغ.1 تاع8. م ١
() ابن الأثير حاص159. النويرى نهاية الأرب ج77 ص177 أبو الفدا ح؟ ص87 . ابن الخطيب” :رقم الحلل صن١هة. (5) ابن عذارى : البيان ج" ص1147 ابن خلدون ص47١ صبح الأعشى جه ص58١ (ه) .556-554 .رمقل . طلظ 12 عل دعتدموده11 دع0: ناعرس اماد ):يراء 121 .25 نععءز8 اوقا مصدمك8 موتوة كدتأدملآ كدا عل عدلعوغ81 ,507 تعععتط
1
٠ه ء ولا يعقل بالطبع أن يضرب المرابطون النقود فى مدينة لم يتم لهم فتحهاء فلابد إذن أن يكون المرابطون قد تحركوا صوب المغرب فى تاريخ سابق لسنة ٠46ه»ء تاريخ ظهور أول عملة مرابطية.
وقند ذكر ابن خلدون ” أن فتح المغرب بدأ عام 4405ه» ولايعقل أن يستغرق سير المرابطين من ديارهم بالجنوب صوب واحات المغرب الأقصى خمسة أعوام طوال» وإن كان بعض المؤرخين قد ذكر أن إقليم الواحات الجنوبية فتح مرتين : فتح مرة فاسترده الزناتيون» ثم استعاده الملثشمون من جديد. ويخيل إلينا أن النضال حول سجلماسة استمر مدة لاتزيد على ثلاث سنواتء وعلى ذلك تعتبر رواية صاحب البيان من هذه الناحية أقرب إلى التصديق» لأنه ذكر أن الحملة بدأت حول سنة 517 5ه 227 أو بعد هذا الوقت بقليل.
0 النزاع بين البرائس والبتروأثئره فى فتح المغرب:
حرج المرابطون إذن من ديارهم فى الجنوب فى هذا الوقت» بقصد فتح المغرب الأقصى» ومصارعة البترء والقضاء على قوة زناتة قضاء مبرماء ومن الغريب أن النزعة القبلية سيطرت على هذه الحملة» وتحكمت فيهاء وكانت توجهها كيف تشاء» وقد كان من الممكن أن تتقدم القبائل فى زحفها بحذاء الساحل» فتسير فى بلاد تحتلها قبائل الملشمين» حتى تدرك جبال درن» ثم تسلك نفس الطريق» الذى سلكه عقبة بن نافع» وموسى بن نصير من قبل» فتستطيع أن تطوق الدولة الزناتية» وتجعلها بين شقى الرحاء ولكن الملثمين لم يفعلوا ذلك» بل كان هدفهم الأول مهاجمة منطقة الواحات الجنوبية بالذات» هذه المنطقة الممتدة من وأدى درعة فى الجنوب» حتى مديئة تافللت فى الشمال» لا لشىء إلا لمهاجمة الإمارة البترية صاحبة السلطة على هذه الرقعة الصحراوية من صحراء المغرب» فقد كان مسعود بن وانودين بن خزرون المغراوى”" من أشد الناس عداء لصنهاجة الجنوب» إذ كان يقف وقبيلته من خلفه سدا منيعا يحول بينهم وبين تدفقهم صوب الجنوب» لذلك لانعجب إذا رأينا جموع الملثمين تنقض أول ماتنقض على الخط الزناتى الأول. (؟) ابن عذارى: البيان المغرب جلا ص”17 7 .
زفرف الخلل الموشية فى الأخبار المراكشية ص؟7١. البيان المغرب جا ص555 وج ص”"47؟ . القلقشندى جه ص١ 378.م (نأك .ره) ملعاال
١ا54
وقد حرج المرابطون أول الأمر فى جيش ضخم 7" ونزلوا وادى درعة 29
فلما أحس أمير مغراوة بالخطر يقترب من دياره» خرج فى اثنى عشر ألفا من قومه”" للقاء المرابطين» ولكنه لم يستطع أن يصمد أمامهم» فقد كانت تعاليم ابن ياسين قد وحدت صفوفهمء وألفت بين قلوبهم» فاعتقدوا أنهم إنما يخوضون الحرب دفاعا عن المستضعفين من أهل البلاد» الذين أذلهم الزناتيون» ولم تصمند القوات الزناتية طويلاء ولم تظهر ماعرفت به من شجاعة وفروسية» فقتل مسعودء وتفرق شمل الزناتيين ؟» وفتح طريق وادى درعة أمام المرابطين» الذين. أخذوا يتقدمون صوب الشمال كيفما أحبوا. وقد تقدم المرابطون على إلفور» يتعقبون فلول الزناتيين» وينكلون بهمء ولكن يبدو أن الزناتيين لم يستسلموا لليأس» ولم يستكينوا للغلبة» فقد كانوا يعرفون أن هذه الحرب كانت حرب حياة أو موت». لو غلبوا على أمرهم علت كلمة البرانس» وتم لهم التفوق والسسيطرة على المسالك الجنوبية المؤدية إلى المغرب» فاعتصموا بمدينة سجلماسة» ودافعوا عنها دفاع الأبطال» ولكن المرابطين اقتحموها بالسيف وأوقعوا بهم» وفرقوا شملهم» وتمت لهم الغلبة» وعقد لهم لواء النصر”».
ولكن زناتة لم تصبر على الهزيمة» فما كادت بعض جموع المرابطين تعود إلى الصحراء للقضاء على ثورة الزنوج "؟. حتى هب الزناتيون» وأعملوا فى الملثمين السيف» وقتلوا حامية المرابطين بسجلماسة» وكادت انتصارات المرابطين تضيع هباءء لولا أن عبدالله بن ياسين حرضهم على الحرب مرة أخرى» وأخذ يذكى فى قلوبهم جذوة الجهادء فعادوا أقوى مما كانواء موطدين العزم على كبح جماح الزناتيين»ء مهما كلفهم الأمرء ولم تصمد زناتة الجنوب أمام رحفب. المرابطين» وانتهى الأمر بهزيمتها شر هزيمة» ووطد المرابطون أقدامهم فى إقليم
106. 18 لسان الدين بن الخطيب: رقم الخلل ص07 (0.62) ع1اعم08) )١(
)ع( ابن أبى زرع ١ روض القرطاس ص١8.
() ابن الأثير جة ص709.
زفق ابن أبى زرع: روض القرطاس ص الم
(5) الخلل الموشية فى الأخبار المراكشية ص7١ . البيان المغرب جا ص7847. صبح الأعشى جه ص128. )١( ابن أبى زرع : روض القرطاس ص١8.
4
الواحات (2 وأسسوا مدينة تبلبلا "© واتخذوها قاعدة للمرحلة التالية من مراحل الأولى فى هذه الحرب» وانهار صرح ذلك الحصن» الذئ كان يحر سس مضارب زناتة فى الجنوب» ويسيطر على مسالك الصحراء» نعم » حقق ذلك التصر ثماره المرجوة» ورفع كلمة المرابطين فى إقليم الواحات» وانتشرت أخبار ذلك النصر فى أرجاء المغرب كله مؤذنة بظهور هذه الدولة الفتية على يد هؤلاء القوم الأشداء
من بدو الصحراء. وكان من الممكن أن تنصرف جهود المرابطين بعد أن تمت السيطرة على إقليم الواحات» والقضاء على إمارة مغراوةه فى الحنوب» إلى تخطى النطاقات الحيلية الواقعة فى الجنوب» ثم تنج تنقض على قلب بلاد المغرب» ونعنى نى به إقليم فاس» ذلك الإقليم الذى إذا 0 عليه فاتح استطاع أن يسيطر على أقاليم المغرب الأقصى كله دون عناءء ولو فعل المرابطون ذلك لاستطاعوا أن يشطروا الجبهة الزناتية شطرزين » ويحولوا بين زناتة المغرب الأوسطاء ا 00 أهل المرب عليهم هذه المرة» إنما سيطر على إقليم السوس الأقصىء ا قوية شديدة المراس صعبة المقاومة ©. كانت قبائل المصامدة تكره الزناتيين أشد الكرهء وتضيق بحكمهم» وتتحين الفرص للقضاء عليهم» وكانت تتوق إلى حليف تشد أزره» وتبارك جهوده» وقد وجدت ذلك الحليف المنتظر فى قبائل الملشمين الزاحقة. من إقليم :الؤاجساتة فروئ' امورو أن المسامدة لم يقاؤهوا المرابطين» بل عاونوهم» وأيدوهم» ومدوا لهم أيديهم لناضلة الزناتيين عدوهم المشترك» ع ادم ال د من الزناتيين» كوم ا حاشدة» فاستولوا على بلاد جزولة» وبلدة ماسة» ودخلوا 107 )١( رقم الحلل صة. روض القرطاس ص١6 59858 عل عمتماوتط عمدئل عذقتودو8: ء[اءمقطن)مآ عن .62 ل[ ,لقأامعلاءعع0
(؟) .62.م نأك .مه) نعأاعم12 13 عطآ (9) .177 .مرع0 د81 ندل أ5ذ]] :عدممممعء1"
عاصمة الإقليم دون مقاومة تذكر '', ثم عبروا ذلك النطاق الجبلى العظيم المعروف بجبال درن عند أطرافه القريبة من ساحل المحيط '"2؛ ولم يكن يتيسر لهم ذلك أبداء إلا بعد استرضاء قبائل المصامدة» فلو لم يتم استرضاؤهم لانقضوا عليهم من خلاف» فأتوا على جهودهم. وفرقوا شملهم.
لذلك يعتبر استرضاء المصامدة عملا سياسيا ممتازاء كما يعتبر اجتياز نطاق جبال درن عملا عسكريا ممتازا أيضاء ويدل على أن هذه القبنائل البدوية لم تكن مجرد جموع بغير نظام» كما يدل على أن الجيش المرابطى كان منظما أدق تنظيم» يعمل كوحدة متماسكة متعاونة» وقد استولى المرابطون على شقشاوة ونفيس» وبلاد رودة» وإقليم جدموية» وأتتهم قبائل رجراجة» وحا'حة مستسلمة مبايعة ". وقد أوغل المرابطون فى إقليم السوس حتى وادى تنسيفت» الذى يصب فى المحيط الأطلسى» وبذلك سقط فى أيديهم آخر معاقل بلاد السوس» وأطاعتهم جميع قبائلها ؟» وأصبحوا سادة الجنوب دون منازع. نعم» استطاعوا أن يبسطوا ظلهم على إقليم مراكش الجنوبية» وأن يقطعوا فى سبيل فتح المغرب الأقصى شوطا بعيداء إذ مما لاشك فيه أن هذه الانتصارات المتلاحقة كانت تشد من أزر عبدالله ابن ياسين» وتزيد من بعد صيته ومن قوته» وتقوى روح الترابطء والاتحاد بين القبائل الملثمة» مادامت قد جنت هذه الثمار الأولى.
بقيت لدينا ناحية أخرى لابد من أن نعرض لهاء وهى تحديد التاريخ الذى أتم فيه المرابطون فتح إقليم السوس الأقصىء» ونحن نعلم أن إقليم الواحات:تم إخضاعه للمرة الأأولى حوالى سئة 51 5ه» ولايبعد أن تكون الحرب الزئاتية الصنهاجية قد استغرقت عاما أو عامين؛ لذلك نميل إلى تصديق رواية ابن خلدون التى تذكر أن فتح إقليم السوس تم سنة 449*/ه, على وجه التقريب» وما يعزر هذا الرأى أن المراجع التى بين أيدينا تشير إلى أن عبدالله بن يامبين قتل فى
)١( ابن أبى زرع: روض القرطاس ص١8. ابن خلدون جا ص”010(.187) .م0) بءاأءمقط0 هعد .2 دائرة المعارف الإسلامية: مادة مرابطين ([8.86)
(9) .379.م (.أأء.مم)رمعنات1
(*) ابن أبن زرع : روض القرطاس ص87
(5) المصدر السابق والصقحة نفسها.
(6) ابن خلدون جلا ص147.
١و
حرب برغواطة عام ٠55هء وهو لم يقدم على محاربة برغواطة إلا بعد أن تم إخضاع إقليم السوس الأقصى"”".
وقد أخذت النزعة القبلية تتحكم فى سير حملة المرابطين مرة أخرى» فقد كان على. قوات الملثمين الزاحفة أن تتقدم صوب الشمال مخترقة ديار برغواطة فى طريقها إلى السهول الشمالية» لتقطع صلة المغرب بالأندلس» ولكنهم انحرفوا فجأة صوب الشرقء» لنازلة البتر مرة أخرى» ذلك أن لقوط بن يوسف بن على المغراوى كان قد أسس إمارة بترية فى منطقة أغمات "22 وكانت هذه الإمارة وإمارة بترية أخرى فى منطقة تادلة تعتبران حصونا أمامية يجب على الغزاة أن يستولوا عليها قبل الهجوم على منطقة فاس» ومصارعة الإمارة الزناتية المسيطرة عليهاء لذلك اجتاحت جموع المرابطين منطقة أغمات» ويبدو أن لقوط البرغواطى أخذ على غرةء» فقد حاصرته القوات المهاجمة بالمدينة» وشددت عليه النكير "'» غير أن أميرها استطاع أن ينفذ من ذلك الحصارء وفر بنفسه ملتجنئا إلى الإمارة البترية الأخرى ”؟ فى منطقة تادلة» فاقتحم المرابطون المدينة بالسيفء» واستولوا على وريكة وهيلانة وهزميرة 22 ويبدو أن موقع مدينة أغمات صادف هوى فى نفوس الفاتحين » فاتخذوها أول حاضرة لهم بالمغرب» ولم يتركوها إلا بعد أن تم لهم بناء مراكش» على النحو الذى سنعرض له فيما بعد» وقد فرت القوات الزناتية لما فر أميرهاء والتجأ إلى أمراء تادلة 29» فلم يجد الملثمون بدا من أن ينقضوا على إمارة تادلة هى الأخرى» وقد حاقت الهزيمة بالقوات البترية هناك» وأنزلت بهم هزيمة ساحقة ”"©. وبذلك أفلح المرابطون فى القضاء على الإمارات الزناتية فى إقليم الجنوب» ولم يبق أمامهم لتعلو كلمتهم وتتم له الغلبة على الشعب الزناتى أجمع» إلا أن يقضوا على الإمارة المسيطرة على منطقة فاس والجهات المحيطة بها.
.28١ص الحلل الموشية فى الأخبار المراكشية ص؟١ . ابن أبى زرع: روض القرطاس )١( الحلل الموشية فى الأخبار المراكشية ص؟١. القلقشندى: صبح الأعشى جه ص18 )1( ابن أبى زرع: روض القرطاس ص87. )١(
(5) ابن خلدون جا ص”7187.
(0) الحلل الموشية فى الأخبار المراكشية ص7١ .
(5) ابن عذارى : الييان المغرب ج١ا ص85؟.
62.0 .م ععقطدة عل عرأمائلط عمن 'ل عدوتناودو8 : علاءمقطاعد! ع1
١و
ولكن يجدر بنا هنا أن نعمد إلى تحقيق تاريخ استيلاء المرابطين على منطقة أغمات» محاولين ضبطه بقدر الإمكان. والمؤرخون فى صدد هذا التاريخ فريقان: فريق يذكر أن المرابطين قد دخلوا أغمات عام 7558"'ه. وفريق آخبر يذكر أن دخول أغمات كان سنة ٠46ه2©», ومن الغريب أن أغلب هؤلاء المؤرخين يجمعون على أن عبدالله بن ياسين دخل أغمات سنة 0 قبل أن يتقدم لحرب قبيلة برغواطة» ويذكرون أيضا أنه قتل فى نفس هذه السنة وفى نفس هذه الحرب» وقد رأينا كيف أن الملثمين دخلوا بلاد السوس الأقصى سنة 54 5هء..فلا. يعقل أن يكونوا قد وصلوا أغمات فى نفس السنة مع بعد الشقة بين إقليم السوس الأقصى ومنطقة أغمات. وإذا كانت حملة إقليم الواحات قد استغرقت أكثر من عامين» فلايبعد أن يكونوا قد دخلوا منطقة أغمات فى أواخر سنة 459ه»ء أو أوائل سنة ٠46ه» ويخيل إلينا أن هذا الرأى هو أقرب هذه الآراء إلى اللتقيقة .
ويبدو أن المرابطين بعد أن تم لهم النصر فى أغمات وتادلةء لم يواصلوا الفتح على الفور فقد بقيت قواتهم بمدينة أغمات حتى سنة 5407ه» ويخيل إلينا أن ذلك راجع إلى ماذكرناه من مقتل عبدالله بن ياسين قائد المرابطين وإمامهمء واضطرارهم إلى اختيار من يخلفه» على كل حال يذكر المؤرخون أنهم قد عاودوا الهجوم سنة 5067ه »2 بعد أن خلصوا من مشاكلهم» وتم اختياز خلف لعبدالله ابن ياسين» وكان الهدف الذى يسعون إلى تحقيقه هو إلقضاء على القؤات البترية الأخرى» التى هزمت فى معركة أغمات وتادلة» وفرت إلى الشمال لتلم شعثهاء وتعود إلى مصارعة الملثمين من جديد». فقد انقضت قوات المرابطين على ديار بنئ يفرن» وأنزلوا بهم هزيمة ساحقة» ففروا إلى الشمال إلى منطقة فاس» يلوذون بأمرائها الزناتيين» واحتل المرابطون مدن فازازء ولواتة ومكناسة ©.
ويبيدو أن صدى هذه المعارك الحامية الوطيس التى كانت محتدمة بين البرانس والبتر قد ذاع فى المغرب كلهء وأخذت القوات البترية والبرنسية المنبثة فى بلاد 19 اين أبى زرع :زو القرطاس صم مفاخر البربر ص07 القلقشندى : صبح الأعشى جه ص184. (؟) الخلل الموشية فى الأخبار المراكشية ص؟١ ابن خلدون ص”187 . () الخلل الموشية فى الأخبار المراكشية ص7١ مفاخر البربر ص07 . ابن خلدون جل" ص 187 .
2 ابن أبى زدع : روض القرطاس ص 86م ابن خلدون ص7 ١6 صبح الأعشى جدص ١87 5 )2 ابن أبى ريع : روض القرطاس صضص860.
١
المغرب تتهيأ لامتشاق الحسام دفاعا عن كيانهاء فقد روى المؤرخون أن بلكين الحمادى خف إلى المغرب الأاقصىء ليمد يد العون لبئى عمومته أبناء صنهاجة الجنوب فى هذه المعركة التاريخية الدائرة الرحى (©2. وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على مبلغ الإحساس الوثيق بالقرابة بين صنهاجة الشمالء وصنهاجة الجنوب واعتقادهما أنهما يقاتلان عدوا مشتركاء يشتركان فى كرهه» والرغبة فى القضاء عليه» وقد دخل بلكين مدينة فاس» وطعن الزناتيين من الخلفء ولكنه مالبث أن ارتد إلى المغرب الأوسط مرة أخرى.
ومهما يكن من شىء فقد تمخضت حركته عن إحداث اضطراب فى صفوف الزناتيين» لأنهم اعتقدوا أنهم أصبحوا بين عدوين كبيرين» وكانت البطون الصنهاجه الأخرى المنتشرة فى أرجاء المغرب الأقصى تنضم لمسيش المرابطين» وتخف إلى نجدتهم» وتقدم لهم الحوئة 'السنادقة 197 ريدق أن تيار الفتح كان قد بلغ مداهء وآن له أن يتوقف بعض الشىء» فقد توقفت حركات المرابطين» وكفوا عن الزحف حتى سنة 5464هء وما يساق فى تفسير ذلك التوقف أن بعض القوات المرابطة اضطرت إلى السير نحو الجنوب» لإخضاع ثورة قام بها الزنوج 7" كما أنه بقى على المرابطين قبل أن يخوضو المعركة الكبرى التى ستقرر مصير المغرب كله أن يستعدوا لها كل الاستعداد» فيريحوا الجند» وينظموا شتون البلاد» ويؤمئنوا القبائل؛ حتى إذا انصرفوا إلى الفستح لم يطعنوا من الخلف؛ فتذهب ريحهم ويتفرق شملهمء ويبدو أنهم كانوا يعتقدون أن تأمين البلاد المفتوحة» وإقرار السكينة بين ربوعها خير من التعجيل بزحف لاتؤمن مغبتألذلك اختطوا مديئة مراكش فى هذا الوقت بالذات» أعنى سنة 464ه 2). لتكون معسكرا لقواتهم تستطيع أن تقيم فيه» وهى مطمئنة كما تستطيع أن تتخذها نقطة ارتكاز تتدفق منها صوب أهدافها الجديدة.
)١( ابن عذراى : البيان المغرب ج ١ ص170. ابن خلدون جلا ص184
ش 7 .ص (أأء.م0) ععتاتنة0 ,379 .م زاك .رزه)رمعتنال )١( .62 .م عتقطدة عل ععتماولط عمد 'ل عودتناوو8 : عأأعمقطعة! ع1 () ابن أبى زرع: روض القرطاس ص88. )2 ابن يسام : الذخيرة (مخطوط بغداد)» القسسم الثانى ص ٠ ١ ابن خلدون جه" ص ٠ ١84 صبح الأعشى جه ص1868.
نين
أفاد المرابطون حقا من هذه الهدنة الطويلة التى أعقبت فتح أغمات» فقد أخذوا يتهيئون للمعركة الكبرى التى سوف تحتدم على بطاح إقليم فاس» ويخيل إلينا أنهم كانوا يدركون تمام الإدراك أهمية هذا الاشتباك الكبير» الذى يقفون فيه أمام القوى الزناتية وجها لوجه. لذلك عنوا بالجيش عناية فائقة» وأمعنوا فى تنظيمه وتسليحهء فاستكثروا من الجندء واتخذوا الطبول» والبئنودء» وجعلوا فى جيشهم الأغزاز والرماة» كل ذلك إرهابا لقبائل المغرب'» حتى لقد قيل إن الجيش المرابطى بلغت عدته أزيد من مائة ألف فارس”"» وهو قول وإن بولغ فيه بعض الشىء» إلا أنه يدل على أن ذلك الطابع البدوى الذى كان من سمات القواتٍ المرابطية الأولى قد بدأ يختفى وبدأت الخيوش تنظم على أساس حديث.:
ويبدو أن سياسة المرابطين فى استرضاء قبائل المغرب» وتأليف قلوبها قد آتت أكلهاء وأقبل المصامدة على الاشتراك فى الجيش» وانخرطت فى سلكه الفرق الزناتية» وبعض فرق من برغواطة نفسها 7" » وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على أن المرابطين بدءوا يضعون أيديهم على موارد حربية هائلة» سواء فى الرجال أم الأموال» وبدأت الدولة تخلص من الطابع الصحرواى نهائياء وتتخذ طابع الدول التى قامت على مسرح المغرب من قبل» وأخذت منذ ذلك الوقت تتخذ
سياسة مغربية صرفة'.
وبعد أن تم استعداد المرابطين » وتم تهيؤهم قرروا خوض المغركة» والمضى بتيار الزحف قدماء وهنا نجد أن الإحن القبلية تتحكم فيها مرة أخرى؛ فبدلا من أن ينقضوا فى غزوات خاطفة صوب الشمالء بحذاء البحرء يعد أن هرمت برغواطة. نجدهم ينحرفون صوب الشمال الشرقى» صوب ديار زناتة عدوهم اللدودء ويخيل إلينا أن المرابطين كانوا محقين إلى حد ماء لأنه لاتطمئن قلوبهم وهذا العدو المرهوب جائم بمدينة فاس وضواحيها مستعد للأخجذ بناصيتهم فى كل حين» كما كانوا يدركون أن مدينة فاسء» والوادى الذى تقع فيه مركز الثقل فى المغرب الأقصى كله»ء موارده متوافرة وحضارته راقية» كما أن من يسيطر على فاس (1) المرجع السابق ونفس الصفحة.
(©) المرجع السابق ونفس الصفحة. (5) .119.م ,عمعوقطة دال)1115: عدكدد
١/6
يستطيع دون عناء إذا توافرت له القوة أن يتحكم فى السهول الشمالية كلهاء لذلك قرر المرابطون التقدم صوب فاس مهما كلفهم ذلك من تضحيات
وما كاد الزناتيون وحلفاؤهم يشعرون بذلك. حتى أخخذ القاسم المكناسى ينظم المقاومة فى وجه المرابطين فى الشمال الشرقى ('2» ولكن ماكاد هذا الأمير يلتحم بجيوش المرابطين» حتى حلت به الهزيمةء ولاذ بالفرار» ودخل الزاحفون مذينة مكئاسة» وفرقوا شمل القبائل الزناتية تية الضاربة بالقرب منهاء ثم تابعوا الزحف فاستولوا على قلعة مهدى. وصيفرو دون عناء. ولكنهم ماكادوا يتقدمون مرة أخرى» حتى تآلفت قبائل زواغة:» ولاية»ء وصديئة» وسدراتة» ومغيلة ومديونة واتخذوا مدينة مدية معقلا لمقاومتهم '©. ولكن المرابطين تمكنوا من اقتحامهاء ودخولها بالسيف». وقتلوا من البتر أعدادا غفيرة» بذلك فتح الطريق إلى فاس وزحف المرابطون بقصد الاستيلاء على هذه المدينة الهامة» والمؤرخون يجمعون على أن المرابطين دخلوا مديئنة فاس للمرة الأولى سنة 4650ه ”2 وهذ تاريخ مقبول إلى حد ماء وخال من المغالاة» وإن كان صاحب كتاب جامع تواريخ”؟؟ فاس يذكر أن ذلك تم عام -5ه ويبدو أنه قد خلط بين الحملة الأولى والثانية .
وييدو أن المرابطين بعد هذه الانتتصارات المتلاحقة قد أعجلهم الطمع. فتركوا بمدينة فاس حامية ضئيلة» ثم أخذوا يتقدمون صوب الشمال فى بلاد غمارة"2 بقصد الالتفاف حول مدينة طنجة» والاستيلاء عليهاء ونسوا أن العدو
وكانت القوى الزناتية فعلا تربص بهم الدوائرء وكانت القبائل الزناتية طوال تاريخها لاتعرف اليأس» فما تكاد تحيق بها الهزيمة» ويظن الناس أنها القاضية حتى تتحدر من جديد» وتخف إلى النضال والمقاومة» وفعلا اتخذوا فرصة توسع المرابطين صوب الشمال» فأشعلوا نار الفتنة» ونشبت معارك عنيفة (5) المرجع السابق ونفس الصفحة. (7) ابن القاضى حذوة الاقتباس ص58 . القلقشندى. صبح الأعشى جه ص87١1
)202( القلقشندى. صبح الأعشى جه ص/اق4 1١
١ا/ك
تذكرنا بتلك المعارك الحامية الوطيس» التى نشبت فى بلاد المغرب بين البرانس والبتر طوال القرون السالفة.
وروايات المؤرخين »2 فيما يتعلق بهذه المقاومة متضاربة أشد التضارب» مختلفة أشد الاختلاف» ومهما يكن من شىء فقد روى صاحب روض القرطاس”" أن المرابطين أرسلوا إلى حليفهم المهدى بن يوسف الكزبائى زعيم مكئاسة» يطلبون إليه السير بقواته صوب الشمال للمساهمة فى فتح السهول الشمالية» فما كاد المهدى يهم بالمسير حتى كانت القوات الزناتية قد لمت شعثهاء زناتة وتسول””". والتقوا بالمهدى فهزموه شر هزيمة» وخر صريعا فى الميدان» وأرسل المكناسيون يستنجدون بقائد المرابطين سنة 4057ه!) فبعث المرابطون نجدة تنقذ حلفاءهم من براثن الزناتيين» وخصوصا بعد أن اقتحم الزناتيون مدينة فاس وقتلوا الحامية المرابطية ”©» ونكلوا بها شر منكل» وقد أحاطت قوات الملشمين بمدينة فاس» ولكن الزناتيين قاوموا مقاومة رجل واحدى ثم خحرجوا للقاء المرابطين خارج أسوار المدينة» فأوقعوا بهم وهزم المرابطون هزيمة نكراء "2 وأصبح موقفهم فى غاية المنطورةء وكادت تضيع جميع الجهود التى بذلت فى فتح منطقة فاسع كما خحشوا أن تنتشر أخبار هذه الهزائم» وتتألب القبائل التى استكانت» وحالفت المرابطين خوفا من بطشهمء فاضطر قائد المرابطين إلى أن يعود أدراجه إلى مدينة فاس مرة أخرىء وأحاط بها إحاطة السوار بالمعصم ”2 وشرع يسترد البلاد المحيطة بهاء حتى عزلها عن الجهات المجاورة لها 22 وقد اضطرت المدينة بسبب اشتداد وطأة الحصار إلى التسليم» فدخلتها قوات المرابطين وتكلت بالزناتيين» وقتل أغلبهم» وفرت البقية الباقية منهم إلى المغرب الأوسط حتى لقد قيل: إن )١( ابن عذارى: البيان المغرب جا ص7516 . ابن أبى زرع : ص ٠ لاء ابن خلدون جا ص 2186, جامع. تواريخ فاس ص ١؟. صبح الأعشى جه ص187. الإتحاف ج١ا ص/7. () ابن أبى زرع: روض القرطاس ص0٠5. (") ابن خلدون جا ص7868 2 (5) نفس المرجع والصفحة. (5) جامع تواريخ فاس ص .7١ (7) ابن أبى ررع: روض القرطاس ص0٠ 4.
372( المرجع السابق ص .72١ لقف المرجع السابق ونقس الصفحة.
يوغل
عدد من قتل من بنى يفرن وزناتة ثلاثة آلاف» وأمعن يوسف فى التنكيل بأهل فاس» كما هدم أسوار المدينة هدماء وبسقوط مدينة فاس تنتهى الحلقة الأخيرة من حلقات ذلك الصراع العنيف الذى احتدم بين زناتة وبين صنهاجة الجنوب. وقد تفرق شمل زناتة» ولم تعد لها بالمغرب الأقصى قوة تذكر. وللاستيلاء على فاس أهمية بالغة الأثرء فقد فتح الطريق أمام المرابطين ليتموا فتح المغرب الأقصى كلهء ويستولوا على السهول الساحلية» كما أنه يمثل بدء احتكاك المرابطين بالحضارة المغربية الأندلسية» التى كانت مزدهرة بفاس والسهول الساحلية من إقليم الريف .
ومهما يكن من شىء» فقد نجح المرابطون فى القضاء على قوة الزناتيين بالمغرب الأقصى» ولكن بقيت بعض فلولهم بالمغرب الأوسط تتحفز للنضال من جديدء وكان المرابطون يودون لو انصرفوا إلى السهول الشمالية لإتمام فتحهاء فتكمل سيطرتهم على إقليم المغرب الأقصى جميعه» ولكنهم آثروا أن يتموا قصة الصراع مع الزناتيين» ويمضوا فيها حتى نهايتها. فقد رأينا كيف خفت بعض البطون الزناتية بالمغرب الأوسط إلى نجدة الزناتيين بفاس» ورأينا كيف أن بعض البطون الزناتية قدٍ آوت إلى المغرب الأوسطء لتتجمع فيهء وتتيهأ للقيام بعدوان جديدء فآثر المرابطون أن ينقضوا على المغرب الأوسطء فيأتوا على المقاومة الزناتية ويضعوا لها حداء حتى ينصرفوا إلى فتوحهم مطمئنين.
ويخل إلينا أنه لو أن الدولة الحمادية كانت قوية فى ذلك الوقتء لاطمأن المرابطون وانصرفوا إلى فتح السهول الشمالية تاركين أمر زناتة المغرب الأوسط إلى بنى عمومتهمء ولكن حدث فى ذلك الوقت أن بدأت جموع الأعراب بعد أن اجتاحت إفريقية تطرق أرض بنى حماد» فشغلوا عن المغرب الأوسط ولم يستطعيوا أن يقاوموا الزناتيين مقاومة الند للندء لذلك لم يتردد المرابطون فى التوسعم صوب الشرق» فاستولوا على وادى ملوية» ومديئة ومطاطء ووجدة "2 وانقضوا على إقليم تازاء وأوقعوا بالقاسم بن أبى العافية عند أقرسيف © ., ثم انقضوا على مدينة تلمسان وفتحوها »2 كما فتحوا وهران وتنس» وبلغت قواتهم مشارف إقليم
.١1868ص ابن أبى زرع: روض القرطاس ص6086١2» ابن خلدون جا )١( . ٠١ ابن أبى زرع : روض القرطاس ص8 )1( . 7١ص (؟) الحلل الموشية فى الأخبار المراكشية
1
الجزائرء وكان من الممكن جدا أن يتم لهم فتح إفريقية» لو كان فى نيتهم المضى إلى فتحهاء لأن هذه البلاد إذ ذاك كانت قد تمزقت وحدئتهاء وأصيبت صنهاجة الشمال بسبب عرب بنى هلال بأضرار جسيمة» إنما يخيل إلينا أن المرابطين. وقفوا عند حدود الجزائر» ولم يجاوزوهاء لا إشفافا من فتح إفريقية إنما إبقاء على صلات القربى بينهم وبين بنى حماد.
وتمعخضت هذه المعارك الخطيرة» وهذا الكفاح الطويل الذى استمر نحنو عشرين عاما (5141ه- 417ه) عن نتائج بعيدة الأثر فى تاريخ البرانس وتاريخ صنهاجة ربما لأول مرة منذ وقت طويل تسيطر على إقليم المغرب كلهء فتسيطر صنهاجة الشمال على إفريقية» ينما تسيطر صنهاجة الجنوب على ال مغربين الأوسط والأقصى» فارتفع شأن البرانس» وتقلص نفوذ البترء وأصبح المرابطون سادة المغرب دون منازع. نعمء كفاح طويل مرير أذكته العصبية المتأججة» واستمر عشرين عاما حافلة بالكفاح .
وقد نسأل لم استغرق المرابطون فى فتح المغرب هذه السنين الظويلة» .على حين استطاع الفاطميون وحلفاؤهم أن يوغلوا فى المغرب كلهء فى سنوات قلائل يخيل إلينا أن السبب فى ذلك يرجع إلى الطرق التى سلكها الفاطميونء» وتلك التى سلكها المرابطون» فقد سلك الفاطميون الطرق والوديان المؤدية من الشرق إلى الغرب» وهى وديان سهلة العبور تستطيع القوات المنفرقة أن تمضى فيها قدماء لكن التوغل حتى ساحل المحيط لايعنى فتح المغرب الأقصى كله إذ تبقى بعد ذلك المناطق الهضبية ٠» والجبلية» والصحراوية. أما المرابطون فقد جاءوا من الجنوب» وفتحوا إقليم الصحراء» ثم توغلوا فى المغرب الأقصى يفتحون إقليما بعد آخحرء لم يتركوا ناحية إلا أوغلوا فيهاء سواء فى الهضاب أم الجبال أم فى السهول. لذلك استغرقوا هذا الوقت الطويل» وجاء فتحهم للمغرب أتم من أى فتح آخر .
4
تعاليم ابن يأسين وأثرها فى فتح المخرب: حركة فتح المغرب» بل فى إتمام فتح هذه البلادء ذلك أن قبائل الملثمين لم تخرج من مضازبها متجهة صوب الشمال بدافع الغزو والانتقام من الزناتيين المسيطرين على المغرب الأقصى فحسب » بل خرجت بقصد الإصلاح» يدل على ذلك مارواه الورخيون من ان جنتماء بسجلماسة ازسكواةإلن'الراظن برغبوتهم فن.الوضول إلى بلادهم بقصد تخليصها نما تعانيه من بؤس وشقاء» وبقصد القضساء على البدع والمنكرات التى كادت تعصف بالمجتمع الإسلامى فى ذلك العصر ”© ولأول مرة منذ الفتح الإسلامى تخرج جيوش غازية» لاحبا فى الغزو والفتح» أو بسط رقعة الدولة فحسب» بل حبا فى الإصلاح ورفع لواء الدين» نعم خرجت هذه القبائل أيضا لإقامة العدل وإظهار السنة ©.
ومما يؤسف له أن المراجع لم تمدنا بتفصيلات وافية عن هذه الإصلاحات العظيمة. التى أدخلها المرابطون على المجتمع المغربى» بل هى مجرد إشارات سجلماسة أسوة » لأن السياسة التى التزمها المرابطون فى هذه المديئة هى نفس السياسة التى التزموها فى الصحراء عند فتح أودغشت» ولعلها هى نفس السياسة التى التزموها فى فتح المغرب. بل فى فتح الأندلس» فقد ذكر المؤرخون «أنهم أصلحوا أحوال سجلماسة» وغيروا ما فيها من المنكرات» وقطعوا المزامير وأحرقوا الديار التى كانت بها الخمور » أعنى أمروا بالمعروف» ونهوا عن المتكرء وحاربوا البدع حربا لارحمة فيها ولا هوادة» وكانوا فى الوقت نفسه يقربون الفقهاء والعلماء9 وينصرون المستضعفين من الطبقات الفقيرة المضطهدة .
.8١ص ابن أبى زرع : روض القرطاس )١( (؟) المرجع السابق ص75
إفرف روض القرطاس ص١8. )2( المرجع السابق ص١8
وقد تسامع الناس فى كافة بلدان المغرب بأخبار هذه الإصلاحات الجديدة» فهزت مشاعرهمء وتناقلها الناس» وتقبلوها قبول المندهش» لأن الناس طوال ذلك العصر اعتادوا أن يسمعوا قصص العسف والجور والظلم» ااشاع خروج لتونة من الصحراء واستيلاؤهم على بلاد المصامدة » وخلعهم للوكهم وناموس عدلهم 0م ليس من شك فى أن السياسة الإصلاحية كانت أبلغ أثرا من السيفء فكانت تمهد الطريق أمام القوات الزاحفة. وتفتح أبواب أمنع الحصون وأقواهاء وربما جع الفضل إلى هذه السياسة فى استسلام قبائل المصامدة دون مقاومة تذكرء واستسلام غيرها من القبائل» إذ لاشك فى أن الغالبية من الناس فقيرة مس تضعفة تخف إلى تأييد أمثال هذه الحركات الإصلاحية التى تفتح أمامها آفانًا جذيذدة من العدالة والمساواة. فقد كان المرابطون «يقيمون العدل ويظهرون السنة ”5» وكان الناس يقارنون بينهم وبين ملوك زناتة الغاشمين المستبدين» نعم كانت هذه السياسة أشد وقعا من السيفه. وكان الإصلاح يعقب الفتح.ء أو إن شئت فقل كان الفتح والإصلاح يسيران جنبا إلى جنب.
وقد لحأ المرايبطون إلى وسائل أخرى لتأليف قلوب الناس وكسب ثقتهم» فقد كانوا يوزعون خمس الغنائم على الفقهاء والعلماء 7" فى كافة جهات المغرب.وليس من شك فى أن الفقهاء ورجال الدين فى بلد مثل المغرب كانوا فى ذلك الوقت القادة الحقيقيين للشعب» يوجهونه كيف شاءواء فلا نعجب إذا رأينا المرابطين يعملون على كسب ودهم واسترضائهم طمعا فى استرضاء الرعية وكسب ودهاء تلذلك كان المرابطون يستقبلون فى كل بلاد يحلون فيها استقبال المنقذين المخلصين » وبدا واضحا لكافة الناس أن المرابطين جاءوا لا للفتح والغلبة» ولكن لإحياء الدين» وتطهير المجتمع من الفساد» وليس هذا بقول مبالغ فيهءفقد كان المرابطون فعلا يتغيون الإصلاح ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاء فكانوا يقتصرون فى الضرائب عليع أخذ الزكاة والعشرء ويسقطون ماسوى ذلك من المغارم المحدثة أ ولايخفى أثر هذه السياسة فى المغرب الأقصىء لأن الزناتيين كانوا كما رأينا قد أثقلوا كاهل )١( ابن عذارى : البيان المغرب ح١ا ص7554.
(0) ابن أبى زرع: روض القرطاس ص77
زرف المرجع السابيق ص١8. 2 ا مرجع السايق ص87
١18١
الناس حتى كادت البلاد يعمها الخراب» لذلك لانعجب إذا وججدنا طريق الفاتحين ميسرا فى أغلب الجهات التى نزلوا بهاء وكان الناس يرحبون بهم» ويستبشرون بمقدمهم., «والبلاد تنقاد بحكمه والمنابر تكاد تهل باسمه وسمع الرعية بمقدمه فانثالوا عليه اتشيال الجياع على الوليمة وتباشروا به تباشر البلد بالديمة )2 حتى لقد أصبحوا فى نظر الكافة المنقذين الذين بعثتهم العناية الإلهية لإنقاذ الناس من المذلة والفقر والعبودية» وإن المرء ليعجب لهذه القبائل البدوية التى استطاع عبدالله ابن ياسين أن يحقق فيها المعجزة حين ردها عن طريق الإغارات إلى طريق الإصلاح .
ظلت هذه السياسة الحكيمة سياسة الإصلاح توجه حركات فتح المغرب» وتمد يد العون لقواد المربطين حتى بعد وفاة عبذالله بن ياسين» بل لانكون مغالين إذا قلنا إن فتح المغرب» بقصد الإصلاح لايقل قوة عن هدف فتح المغرب للقضاء على قوة زناتة وجبروتهاء بل لاتكون مغالين إذا قلنا أيضا إن محاربة زناتة ربما كان القصد منها إلى جانب الانتقام بوحى من العصبية القبلية تخليص المغرب من.شرها وطغيانها .
وكانت صيحة الجهاد فى سبيل الدين ” لاتقل أثرا فى توجيه جيوش الفتح عن صيحة ة الإصلاح وإنصاف الطبقات المظلومة» فما كادت القبائل الزناتية تنقض على الحامية المرابطية بسجلماسة» وتستعيد مافقدته حتى أعلن عبدالله بن ياسين الجهادء واعتبر الزناتيين ناكثين للعهدء يحل قتالهم وقتلهمء وقد أذكت هذه الصيحة الحمية فى قلوب الملثمين فألفت بينهم وانقضوا على الزناتيين انقضاض الصاعقةء فشتتوا شملهم» واستعادوا سجلماسة» ومنطقة الواحات الصحراوية.
وإذا كنا قد أشرنا إلى أنه كان من الواجب أن يمضى المرابطون بعد فتح سجلماسة قدما صوب الشمالء وبينا أنهم عدلوا عن ذلك لأنهم خافوا أن ينقض المصامدة على جناحهم الأيسر فيوقعوا بهم» فيجب أن نضيف هنا أنهم اتجهوا إلى المغرب صوب ديار المصامدة. لا للقضاء عليهم فحسب. بل للجهاد أيضاء فقد كانت بمدينة تارودانت يبلاد السوس الأقصى طائفة من الشيعة» يقال لهم البجلية -
)١( الذخيرة (مخطوط بغداد) قسم ١ ص؟7717. 0( ابن الأثير جة ص؟09؟.
ما
نسبة إلى على بن عبدالله البجلى الرافضى - قدموا إلى السوس الأقصى زمن أبى عبدالله الشيعى» وزمن فتوح الفاطميين فى المغرب الأقصى» وقد نشروا مذهبهم وتوارثوه جيلا بعد جيل وقرنا بعد قرن» «لايرون الحق إلا ما فى أيديهم '''ا, فقرر المرابطون أن يعلنوا عليهم الجهاد بقصد ردهم إلى الطريق القويم» وقد روى المؤرخون أن الملثمين اقتحموا مديئة تارودانت» وقتلوا من الشيعة أعذادا كبيرة» وحملوا أهل البلاد على أن يسلموا ”2 إسلاما جديداء أعنى أن المرابطين طبقوا نفس السياسة التى طبقوها فى الصحراء حين كانوا يضطرون الناس إلى أن كرا إسلاما جديداء ويبايعوا بيعة جديدة. وكانت حملة السوس الأقصى فوق ذلك ترمى إلى القضاء على اليهودية التى كانت قد استقرت فى إقليم الصحراء منذ عهد بعيدء وانتشر اليهود فى توات وتافللت ووادى درعة ووادى نون» وسيطروا على الحياة الاقتصادية» وليس ببعيد أن يكون المرابطون قد حملوا أكثرهم على الإسلام» وإن كانت بعض بقايا اليهود لاتزال بالمغرب حتى اليوم ”" .
بعد أن تم للمرابطين فتح أغمات على مارأينا علت صيحة الجهاد من جديد» بقصد القضاء على قبائل برغواطة الضاربة على ساحل المحيطء والمسيطرة على المسالك المؤدية إلى إقليم طنجة ”2؛ وكان المرابطون فى الواقع فى زحفهم وتحركهم أسباب حربية ودينية» فقد كانت هذه القبائل تحتل منطقة جبلية وعرة المسالك» وكانت معروفة دائما بشدة المراس ورباطة الجأش» والاستبسال فى الدذفاع» كما كانت تسد الطريق إلى طنجة» ذلك الثغر الهام الذى لم يكن بد من الاستيلاء عليه» لمن يريد أن يتحكم فى السهول الشمالية.
وقد ظهر أمر قبائل برغواطة سنة 717١ه فى خلافة مروان بن محمد آخر خلفاء بنى أميةء وأخذوا يبثون عقائدهم الضالة ©» وقد حاولت القوى التى سيطرت على المغرب الأقصى أن تقضى على بدعتهم» وتردهم إلى الطريق القويم» وتطهر المغرب من شرهمء فقد هاجمهم بلكين بن زيرى الصنهاجىء (1) المرجع السابق. ونفس الصفحقد (7) .51.م.تمقطد5 عل .أدنلآ عصدخل ددتموكط نع [اعمقطك دا عدا (5) الحلل الموشية.فى الاخبار المراكشية ص4١ . (0) مفاخر البرير ص8؟7١.
1١مم
واشتبك معهم فى حرب طاحنة وهزمهم ”© ولكنهم ظهروا من جديد» وحاربهم واضح الفتى عامل المنصور بن أبى عامر»ء فخرج لغزوهمء وأئخن فى ديارهم © وقاتلهم الزناتيون. ولكن هذه القوى جميعها لم تتمكن من القضاء عليهم» فلم يجد المرابطون بقيادة عبدالله بن ياسين بدا من أن ينقضوا على مواطنهم فى معركة دامية جرح فيها عبدالله حتى أشرف على الهلاكء ولم يهن المرابطون يسبب وقاة إمامهم ”" ولم يضعفواء بل اختاروا إماما غيره استشهد هو الآخر فى ساحة القتال» واضطر أبو بكر بن عمر أن يقود المجاهدين من المرابطين» وأن يمضى فى الحرب حتى «أذل برغواطة وفروا بين يديه وهو فى أثرهم يقتل ويسبى حتى أثشخن فيهم وتفرقت برغواطة فى الشعارى وأذعنوا له بالطاعة وأسلموا إسلاما جديدا ولم يبق لديانتهم أثر*»» وبذلك استطاع المرابطون أن يحققوا غرضين : فتحوا الطريق إلى طنجة» واستأصلوا هذه العقيدة الضالة من المغرب الأقصى.
/ الحامل الاقتصادى وأثره فى فتح المغرب:
ولكن يجب ألا نغفل أهمية العامل اللاقتصادى فى فتح. المغرب». بل لانكون مغالين إذا قلنا إن الدوافع الاقتصادية كانت ذات أثر بالغ فى توجيه غزوات المرابطين» واستنهاض هممهم لفتح بلاد المغرب» خرجت القبائل الملثمة من الصحراء تريد الإصلاحء وتريد الأخذ بذلك الشآر القديم بين البرانس والبترء ولكنها كانت مضطرة إلى أن تجد مجالا لتعيش عيشة رخية» فقد ذكر المؤرخون أن أعداد القبائل الملثمة قد زادت وتضاعفت حتى ضافت الصحراء بهم ”2» وكان يجب عليهم أن يلتمسوا مواطن جديدة» وكانت منطقة الواحات الصحراوية لاتستطيع أن تعول عددا كبيرا من السكان. لأن مواردها محدودة»: ورقعتها ضيقة) وكان أهلها إذا ضاق بهم العيش انصرفوا إلى الشمال صوب الأراضى الخصبة والعيشة الرغيدة ”2 كما ذكر المؤرخون أن ديار الملثمين قد قحطت فى ذلك الوقت
)22( ابن عذارى: البيان المغرب جا ص" "0 المفاخر ص ٠ ١8١ ابن خجلدون ج60 ص6 .7١
(؟) مفاخر البربر ص" 7.
(9) بن أبى زرع ص756.
(5) الحلل الموشية فى الأخبار المراكشية ص١١. روض القرطاس ص 860» ابن خلدون ج”:ص798. (6) ابن الأثير جة ص509؟.
.215.م أأع.ره تعدمورة]1.
148:
« فماتت مواشيهم ولقوا شدة عظيمة فأمرهم عبدالله بالخروج إلى السوس)”"', ومما يؤيد ماذهبنا إليه من أن بلاد الملثمين أصيبت بضائقة تقة مالية فى ذلك الوقت بالذات مارواه النويرى «من أن أبا بكر سار ذ فى أطراف البلاد إلى مدينة سجلماسة فنزل عليها وطلب أصحابه من أهلها الزكاة فقالوا له أنكم لا أتيتمونا فى عدد قليل وسعكم فضلنا والآن فضعفاؤنا فيهم كثرة وقد آثرناكم سنين وما هذه حالة من يطلب الزكاة بالسلاح والخيل إنما أنتم محتالون ولو أعطيناكم أموالنا بأسرها مارغبتم به1» 9 .
هذا إلى جانب أن زناتة كانت تحتكر تجارة المغرب» وتهتم منذ البداية بطرق القوافل وبالتجارة الذاهبة إلى الجنوب ”2» فلما أصبحت مدينة سجلماسة وغيرها من واحات الصحراء بمثابة موانى لهذه التجارة النافقة استولت زناتة على إقليم الواحات لتشدد من قبضتها على هذه التجارة» وكانت زناتة فى الواقع تحتكر سوق الاتدليى يسيك صلتها الوثيقة بالأمويين 7؟» وكانت السلع الآتية من السودان تصادف رواجا لابأس به فى أسواق الأندلس» وكانت صنهاجة تقنع بنصيب متواضع » كانت قائعة بمجرد المشاركة فى نقل هذه المتاجر من أسواق الحنوب إلى أسواق الشمال *2» ولكن حدث بعد سقوط الخلافة الأموية واضطراب شكون الأندلس أن فقدت زناتة سوق الأندلس» ولم تعد تستولى على الأرباح الطاتلة التى كانت تصيبها من قبل» فاضطرت أن تفرض على التجارة وعلى القوافل رسوما جائرة تعوض الخسارة التى أصابتها ”2 فنفرت المتاجر وبدأ التجار يتبرمون بسؤق المغرب الأقصىء. وأثر ذلك فى الموارد التى كانت صنهاجة تستولى عليهاء لذلك لانعجب إذا رأينا صنهاجة الجنوب تتجه أول ماتتجه إلى لى إقليم الواحات لانتزاعه من زناتة» حتى تستطيع أن تتحكم فى هذه التجارة الصحراوية الرائجة.
وهنالك ناحية أخرى يجب ألا نغفلهاء وهى أن القبائل البدوية عادة إذا
716 النويرى: نهاية الأرب ج7؟ ص )١(
(؟) المرجع السابق صلا737 .
(") 57-58.مرماك .مه نع[اعمقطء و1 ع2آ1
(:) .60.م ,10ط1
(ه) .57-58.مم ,لذطآ1
(5) .57-58.مم .لاه .قمقطوك عل .عئز0اكنظ؟ عمل كوتبودظ تءاأعمفط ماعط
١1/6
خرجت غازية» أو مهاججرة برجالها ونسائها وأطفالها بقصد الاستقرار والاستيطان فى البلاد المفتوحةء لذلك يغلب على الظن أن الملثمين خرجوا إلى إقليم الواحات على هذه الصورة» وليس ببعيد أن تكون هذه الأآسر المهاجرة قد استقرت فى البلاد التى كانت تعمرها زناتة من قبل» ويخيل إلينا أيضا أن هذه المعسكرات التى كان المرابطون يعمدون إلى إقامتها مثل تبلبلا ومراكش» إنما كانت بقصد العناية بهذه الأسرات المستقرة مخافة أن ينقض عليها الأعداء فيجلونها عن البلاد التى استوطنتهاء وكانت الغنائم والأسلاب التى توزع على الجند تغرى بالفتح والتوسع. وتحفز القبائل المتخلفة عن الركب إلى السير إلى المغرب والمشاركة فيسما شارك فيه اخوانهم من قبل .
وكانت الحكومة الجديدة شأنها شأن الحكومات القبلية الأخرى تختص أبناء جنسها بالغنم» وتغدق عليهم بقدر ماتستطيع فتذكى تيار الهجرة» وتشد من أزرهء وقد روى المؤرخون أن قائد المرابطين با مغرب أرسل إلى قبائل لمدونة» وجدالة» ومسوفة يرغبها فى الاستقرار فى البلاد التى فتحهاء ويزين لها الهجرة صوب الشمال» حتى تجنى ثمار الفوزء وتنعم بمطايب الحياة فى بلاد المغرب» فأخذت القبائل منذئذ تتسابق فى الرحيل إلى المغرب فى موجات متلاحقة للاستقرار والاستيطان (2» فانتشرت الأسر الصنهاجية فى هذه البلاد المفتوحةء يتبين ذلك من المقارنة بين ماكتبه كل من البكرى والإدريسى عن إقليم الصحراء فقد وصف البكرى ذلك الإقليم قبيل تحرك قبائل الملثمين» كما وصفه الإدريسى بعد خروج القبائل ورحيلها إلى المغرب» لاحظ الإدريسى أن بنى جدالة لم يعودوا أصحاب الكلمة الأولى فى صحراء الجنوب» كما لاحظ أن قبيلة مغراوة تحتل نفس المنطقة الى كانت تحتلها جدالة :من قبل آنا كيك دهت متراوة إل اتوت قآمر تقصيره يسيرء ذلك أن القبيلة إذا انتتصرت طردت القبيلة المغلوبة على أمرهاء واحتلت مابيدها من أرض خصبة فتضطر القبيلة المغلوبة على أمرها إلى الرحيل إلى وطن آخر تحيا مطمئنة بعيدة عن أى 7(" عدوان فلابد أن مغراوة طردت إلى الصحراءء
)١( .24.م (نا.مه) عتاما كدا8 بادا (5) الحلل الموشية فى الأخبار المراكشية ص١7 . (8) .59 .موطوعةخ عط 01 مما معوعلة عط" :برعلمم0)
كما
وأن المهاجرين الجدد احتلوا المنطقة التى كانت جدالة تحتلها من قبل» هذا إذن يفسر ذلك الاخختلااف الواضح بين مارواه البكرى ومارواه الإدريسى.
/ العامل الجغرافى وأثره فى فتح بلاد المغرب:
وهنالك عامل آخحر يرجع إليه الفضل فى توجيه اهتمام المرابطين إلى استكمال فتح المغرب» ونعنى به العامل الجغرافى» الذى يملى على الفاتح الذى يسيطر على بلاد المغرب الأقصى الواقعة إلى جنوب جبال الأطلس الساحلية أن يتم فتح الإقليم كله بالتوغل فى ذلك السهل المسمى بإقليم الريف المشرف على البحر الأبيض المتوسطء ذلك أن الطرق والمسالك التى تتفرع من الجنوب متجهة صوب الشمال تيسر للفاتحين أن يوغلوا فى تقدمهم صوب الساحل بنجاحء إذا هم أفلحوا فى القضاء على مقاومة القبائل البدوية الضاربة فى منطقة الهضابء» ويفرض العامل الجغرافى أيضا على الدولة المسيطرة على المغرب الأقصى أن تعمل على ضم إقليم الساحل الغنى بموازده وموانيه وبأرضه الصالحة للزراعة ذات الإنتاج الوفير. سبتة وطنجة معقلا تتجمع فيه قواتهم لتوغل فى البلاد 27: لذلك كان على المرابطين كى تتوطد أقدامهم فى المغرب أن يتجهوا صوب إقليم الساحل لإتمام فتحه الواقع مفتاح المغرب وهمزة الوصل بين العدوتين ”.
يضاف إلى هذه العوامل أن البرغواطيين بعد أن سقطت الخلافة الأموية على قبائل غمارة للتمكين لأنفسهم ”"» وبسط سلطانهم» كانوا فى الواقع بمثابة شوكة فى ظهر جيش المرابطين الذى أصبح يسيطر على منطقة فاس. نعم» تم للمرابطين القضاء على غالبية برغواطة الضاربة على ساحل المحيطء إلا أن هذه الإمارة البرغواطية بقيت تسيطر على إقليم الساحل» وتتحكم فيه» وتشرف على منطقة المضايق» وتسيطر عليهاء فقد كانوا يشتغلون بالقرصنة فى البحر «أضرم )١( ابن عذارى 1 البيان المغرب اج ص ١2١ مفاخر البربر ص5 . (؟) المرجع السابق جا ص .77١ (؟) عياض : ترتيب المدارك جد ص47 . البيان المغرب جلا ص 76٠ .
1١ لام
أميرهم بلججه نارا ولقى ريحه إعصارا يأخذ كل سفينة غصباء وأضاف إلى كل رعب رعبا فضجت منه الأرض والسماء والتقت الشكوى عليه والدعاء "» أضف إلى ذلك أن ميناءى سبتة وطنجة يعدان مرافئ طبيعية لأسطول قوى يسيطر على المضايق» ويتحكم فى تجارة الأندلس» وكان لابد إذن للدولة التى تسيطر على المغرب الأقصى» وتبسط ظلها على الساحل من أن تتخذ أسطولا يحمى سواحلهاء ويؤمن موانيهاء يضاف إلى ذلك أن بقايا القوات الزناتية اعتصمت بمنطقة الدمنة قرب طنجة ”02 ولم يكن من المعقول أن يترك المرابطون هؤلاء الزناتيين يعيثون فى السهول الساحلية» ويستمدون العون من البرغواطيين ”"؛ كل هذه الأسباب مجتمعه أملت على المرابطين أن يخفوا لفتح طنجة» وبسط نفوذهم على إقليم الساحل» أو إقليم الريف» ومهما يكن من شىء» فقد تقدمت القوات الملشمة صوب طنجة» فقبضت على بقية الزناتيين واشتبكت مع البرغواطيين فى معركة دامية اتتهت بهزيمبة أمير طنجة وقتله» ودخلت قوات المرابطين المدينة سنة 0ه" ويبدو أن المرابطين بعد فتح طنجة اتجهوا صوب الشرق» وأطبقوا على مدينة سبتة )» وحاصروها من البرء واشتركت بعض سفنهم فى حصارها من العف 9
وهنا يحق لنا أن نسأل كيف تم للمرابطين بناء أسطول فى هذا الوقت القصير» وهم قوم بدو صحراويون ليست لهم خبرة بركوب البحر؟. ليس ببعيد أن يكون المرابطون قد استطاعوا بعد فتح وادى ملوية» والاقتراب من الساحل ابتياع بعض السفن» وشحنها بالرجال» والأقوات. وأصبحت هذه السفن نواة لأسطول المرابطين» الذى لعب دورا عظيما فى تاريخ النضال فى حوض البحر الأبيض المتوسط .
وقد أثار المؤرخون " الذين رووا قصة حصار سبتة مسألة أخرىء وهى أن
)١( الذخيرة : مخطوط بغداد قسم ؟ ج777.
(؟) ابن خلدون جة ص١77.
(؟) مفاخر البربر ص5 6.
(5) ابن أبى زرع: روض القرطاس ص4 ١٠؛ ابن خلدون ج ص1868ء 777 (5) ابن خلدون جا ص1868١.
)١( الذخيرة : بغداد قسم 7 ص727.
(0) ابن أبى ررع: روض القرطاس ص١5.
١1848
المعتمد بن عباد صاحب أشبيلية بعث سفينة أعانت المرابطين على حصارهم سبتة» ويذكر بعض هؤلاء المؤرخسين أن المعتقمد تطوع بمساعدة المرابطين فى فتح هذه المدينة» لأنه كان يفكر فى أن يستنجد بهم لرد عدوان الفرنجة بالأندلس»: كما ذكروا أيضا أن المرابطين قد وعدوه بالمساعدة إذا هم فرغوا من الاستيلاء على سبتة وطنجة 27. ولكن ابن بسام ”© يسوق رأيا يختلف عن الرأى السابق» إذ يذكر أن سفينة المعتمد بن عباد كانت بميناء سبتة تمتار وقت نشوب المعركة» فطلب المرابطون أن تمد لهم يد المساعدةء فلم يبخل بها فى وقت كانت سفن المرابطين قد منيت فيه بالهزيمة» ودب اليأس فى نفوس المقاتلة وكادوا ينصرفون عن فتح سبتة ©» وهذا إن دل على شىءء فإنما يدل على أن المعتمد بن عباد قد شارك المرابطين فى القضاء على هؤلاء القراصنة» الذين يتعرضون لسفن أشبيلية بالنهب والسلب.
وقد أفلح المرابطون فى الاستيلاء على سبتة» وقتل المعز بن سقوت» وزفت بشرى ذلك النصر إلى قائد المرابطين بمدينة فاس”“» وتعتبر هذه المعركة فى الواقع من المعارك الفاصلة فى تاريخ المرابطين» بل فى تاريخ المغرب» فهى أول معركة تخوضها سفن الأسطول المرابطى الناشئ» كما أنها وضعت أسس تقاليد بحرية عظيمة ستنمو وتزدهرء وتؤتى أكلها بعد حين. نعم مكنت هذه المعركة للمرابطين فى إقليم الساحل الغنى بمدنه الزاهرة؛ وموارده الجمة» ومعينه الحضارى الزاهرء فقمت لهم السيادة على المغرب الأقصى كله» وبسطوا ظلهم من أقصى الجنوب حتى ساحل البحر فى أقصى الشمال» ولعمرى إنه لنصر لم يسبق له مثيل منذ عهد موسى بن نصيرء فالأمويون مثلا سيطروا على إقليم الساحل» وتوغلوا.فى المغرب الأقصى, إلا أنهم لم يستطيعوا توحيد البلاد كلها هذا التوحيد الذى حققه الملثمون.
)١( المرجع السابق ونفس الصفحة.
(؟) الذخيرةء مخطوط بغداد قسم ؟" ص؟520؟. (") المرجع السابق ونفس الصفحة.
(4) ابن أبى زرع : روض القرطاس ص57 .
14
8 ظهوريوسف بن ناأشفين وسياسته فى فتح بلاد المخرب:
كللت جهود المرابطين بالنجاح» وعقد لهم لواء النصر على هذا النحو بفضل قائد عظيم أظهرته الحوادث وساقته المقادير ليدير دفة الحرب فى هذا الوقت العصيب وقد عظم ذكره بالمغرب» وملك المدائن المتصلة بالبحر مثل سبتة وسلا وطنجة وغيرها "2» «وكانت البلاد تنقاد بحكمه والمنابر تكاد تهل باسمه وسمع الرعية بمقدمه فانثالوا عليه انشيال الجياع على الوليمة وتباشروا به تباشر البلد بالديمة29). ذلكم هو يوسف بن تاشفين اللمتونى» فما هو الدور الذى اضطلع به هذا القائد المظفر فى بناء صرح الدولة الجديدة.
الواقع أننا لا نكاد نعرف شيئا يذكر عن حياة يوسف بن تاشفين فى الصحراء حتى كان خروج الملثمين إلى المغرب غازين فاتحين» فبدأنا نسمع به لأول مرة حين ذكر المؤرخون أنه كان قائد مقدمة الجيش المهاجم '"» وليس ببعيد أن تكون مواهب يوسف كقائد شجاع قد ظهرت بواكيرها فى هذه الحملة التى أبلى فيها البلاء الحسن» فلما تم للمرابطين فتح إقليم الواحات والسيطرة عليه ولاه ابن عمه على سجلماسة» فأحسن السيرة “» وظهر للناس كافة أنه قد تشبع بمبادئ الإمام عبدالله بن ياسين» فقد أحسن إلى الناس » وعمل فى سبيل الإصلاح بقدر الطاقة» فلما انصرف الملشمون إلى فتح إقليم السوس الأقصى كان يوسف على رأس اليش الغازى 22 وإذا كانت حملة السوس قد أصابت من النجاح والتوفيق القدر الذى عرضنا له فإن الفضل فى ذلك يرجع إلى ماأظهره يوسف القائد الناشئ من حنكة ودربة وجلد وتفان فى الجهاد.
سارت الميوش الملشمة قدماء ففتحت أغمات. وانصرفت بعض قوات الملثمين إلى قتال برغواطة » وقتل عبدالله بن ياسين» وأجمع شيوخ المرابطين على مبايعة أبى بكر بن عمر بالإمامة ”© فجمع بين الزعامتين الدينية والسياسية»
.١187ص النويرى : نهاية الارب ج77 )١(
(1) الذخيرة: بغداد قسم ؟' ص؟771.
(©) ابن أبى زرع: روض القرطاس ص١4.
(5) ابن الأثير: الكامل جة ص١550» أبو الفدا ج؟" ص187.
(0) المرجع السابق ونفس الصفحة.
)١( ابن أبى زرع: روض القرطاس ص47» جامع تواريخ فاس ص78
1
ولكن الصفة السياسية للأمير الجديد أخحذت تغلب على صفته الدينية» لأن الدولة أخذت تمر بدور من أدوار الكفاح المر يتطلب حزما وسعة أفق» وحسن توجيه» فلما تشعبت مهام أبى بكرء وثقل العبء عليهء اشتد اعتماده على اين.عمه يوؤوسف ابن تاشفين لما ظهر من إخلاصه وشجاعته» فإذا كان أبو بكر بن عمر قد أخذ على عاتقه المضى فى قتال برغواطة إتمامًا لرسالة الإمام عبدالله بن ياسين» فلا يبعد أن يكون قد اعتمد على يوسف فى قيادة القوات الملثمة المرابطة بمدينة أغمات» وأخذ الأهبة لذلك الصراع العنيف الذى نشب بين زناتة وصنهاجة الجنوب» وهذا النزاع الذى قرر مصير المغرب على النحو الذى بيئاه.
وقد تأكد ظهور يوسف. وبدأ نهجمه يعلو»ء وشخصيته تبرز حين أتت الأنباء من الحنوب منبئة أن الصراع قد احتدم بين جدالة ولمتونة» ذلك الصراع الذى كان يهدد حركة المرابطين تهديدا خطيراء فى وقت كانوا فيه يتهيئون لمدافعة عذوهم. ومنازلته»ء كما يبدو أن ملوك الزنوج فى الجنوب انتهزوا فرصة انصراف غالبية القوات الملشمة إلى فتح المغرب» فأرادوا أن يطعنوها من الخلف ''": فلم ينجد أبوبكر بن عمر بدا من أن يمضى بنفسه إلى الجنوب» ليقضى على هذه الثورات والفتن» ويوحد بين قبائل الملثمين» حتى لاتتفرق الكلمة وتتبعثر الجهود. انصرف أبو بكر إلى الصحراء ”22 ولكنه اقطن إلق أن مكلف قبل .شفرة فلم يجد خيرا من ذلك القائد الشجاع يوسف بن تاشفين» الذى عقد له على المخرب وفوض إليه أمرهء وأمره بالرجوع إلى قتال من به من. مغراوة وبنى يفرن وقبائل البربر وزناتة ”" وقد أقره شيوخ المرابطين على هذا الاختيار» فمضى أبو بكر لحماية ظهر الملثمين» حتى يفرغوا لما هم بصدده من الكفاح» فبرز يوسف بن تاشفين إلى الصفوف الأولى» وآلت إليه وحده قيادة حملة المغرب.
ويبدو أن حسن طالع هذه الدولة الناشئة قد هدى الأمير أبا بكر بن عمر إلى اخيتار يوسف بن تاشفين فى هذا الوقت العصيب» الذى قامت فيه الأخطار تحدق )١( التادلى: التشوف ص .٠١ ابن الموقت المراكشى : السعادة الأبدية ج؟ ص١؟١. ابن عذارى.: البيان المغرب ج؟ ص17 5 . الحلل الموشية ص6١. صبح الأعشى جه ص1486.
() ابن أبى زرع: روض القرطاس ص7886/ 13ص 25 ,1913 3.1 ع1 ,ؤتقائهعمء2ء5 كدابد1 عل عناوتطمعطن0 :ء21055.] عل .1501
(؟) اين أبى زع : روض القرطاس ص 86 : جامع تواريخ فاس ص59 .
لحل
بالدولة فى كل مكانء فهاهى القوات الملثمة تصارع برغواطة صراعا عنيفاء وهاهى فرق أخرى من الملشمين تقاتل فى الجنوب» وهاهم أولاء زناتة وحلفاؤهاء من مغراوة يؤلبون الناس» ويتجمعون فى الشمال قرب فاس لمقاومة الملثمين ووقف تقدمهمء والشآر لما نالهم من هزائم» وكانت هذه الظروف تتطلب سرعة البت والحزم والإقدام فى غير خوف والقدرة على إدارة دفة المعركة لمصارعة جميع القوى فى وقت واحدء أو بعبارة أخرى تجنيد جميع القوى وحشدها لهذه المعركة الهائلة»ء وكان يوسف بن تاشفين كفئا لذلك المجهود المضنى» وهذه المسكوليات الجسام «لا له من دينه وفضله وشجاعته وحزمه ونجدته وورعه وسداد رأيه ويمن نقيبته22» فقد توافرت له الصفات التى تجمع حوله قلوب شيوخ قبائل المرابطين أصحاب عبدالله بن ياسين صاحب الدعوة» وتجمع قلوب الجند الصنهاجى» الذى يقدس البطولة» ويتغنى بالشجاعة» ويمجد القائد المبرز الشهم» فقد كانت شهامة يوسف وشغفه بالحرب التى كان يقودها بفطنة وحسن طالع يسبغان عليه جلال الفروسية التى تلهب حماسة الجندء فيندفعون وراءه اندفاع الصاعقة”"2. كما كان جودهء وتقشفه» واحتقاره لمظاهر الترف فى ملبسه ومسكنه أسوة حسنة» وقدوة يحتذيها كل مرابط مخلصء بل بلغ من تقشفهء وزهده أنه لم يكن يأكل سوى خبز الشعيرء ولحم الإبل» ولا يشرب سوى لبنها "» فلا نعجب إذا كان يوسف قد استطاع بهذه الصفات النادرة التى توافرت له أن يؤلف القلوب»ويذكى الحمية فى النفوس» ويصبح سيد الموقف بلا نزاع» وقد ظهرت آثار. هذه القيادة الجديدة فى هذه الانتصارات السريعة الى تلاحقت عقب انصراف أبى بكر بن عمر إلى الحنوب» وكانت خطة يوسف منحصرة فى أن يواجة الأعداء جميعا دفعة واحدة» تقوم القوات الصنهاجية كلها قومة رجل واحد تواجه الأعداء؛ وتناضلهم مناضلة عنيفة» لأنه خحشى إذا انصرفت قواته إلى ناحية واحدة انبعث الخطر من النواحى الأخرى التى أهملها أو شغل عنها.
وقد عمد يوسف إلى توزيع عبء القيادة على فرسان قومه وأنجادهم.
)١( ابن أبى عذارى: روض القرطاس 6م (2) يوسف أشباخ : تاريخ الأندلس فى عهد المرابطين والموحدين» جا ص١7. (") المرجع السابق والصفحة نفسها.
57
فاختار أربعة من القواد هم محمد بن تميم الجدالى؛ وعمر بن سليمان المسوفى» ومدرك التلكانى» وسير بن أبى بكر اللمتونى» وعقد لكل منهم على خمسة آلاف من قبيلته''' وسيرهم لقتال القبائل العاصية» ولانعرف بالضبط خط سير هؤلاء القواد» ولكنا عرفنا من قصة الفتح التى عرضنا لها فيما سبق أنه فى الوقت الذى كانت فيه القوات الملثمة مشتبكة فى معركة فاس كانت هنالك قوات أخرى تطرق باب المغرب الأوسط. وأخرى تهاجم برغواطة وتقترب من مدينة طنجة. ويبدو أن يوسف اختص نفسه بمنطقة فاس وماجاورها لأنها قلب المقاومة» ومركز ذلك. الصراعء وقد تمخضت سياسة يوسف بن تاشفين عن نجاح كامل». وأخذت قلاع العدو تسقط واحدة بعد أخرى» وبدأت الحيوش الملثمة تتحرك فوق صفحة المعركة تحركها يد قائد ماهر. وفى هذه الأثناء كان أبو بكر بن عمر قد فرغ من القتال فى: جبهة الجنوب» ورد القبائل العاصية ووحدهاء وصارع ملوك الزنوج» وعاد إلى المغرب اللأقصى مرة أخرى فى سنة 476هء وعلى نحو مايذكره المؤرخون'”"2 والمؤرخون يصورون لقاء أبى بكر بن عمر بيوسف بن تاشفين صورة
روائية» ويضفون على هذا اللقاء مسحة الأسطورة 7" فيقولون إن يوسف عقد النية على أن يختص نفسه بإقليم المغرب» فيصبح أميرا عليه يأمر وينهى» وأن أبا بكر بن عمر سمع أن يوسف أراد أن يستبد بالأمر دونه» فعاد لتوه ليخلعه. ويولى غيره”»» وهم يسوقون على لسان كل من يوسف وأبى بكر بن عمر حوارا وأحاديث» ليس من شك فى أن يوسف مكن لنفسه فى المغرب كلهء كما إستطاع بفضل جهوده أن يفتح مغاليق حصونهء وأن يؤدب قبائله» ويردها إلى الطاعة» وليس ببعيد أيضا أن يكون قد اتخذ حرسا خاصا من العبيد السودان» أو من الروم على مايذكره المؤرخون 222 فقد كان أميرا للجيشء ونائبا لأمير المرابطين» قلا
)١( ابن أبى زرع: روض القرطاس ص88. (7) الحلل الموشية ص5١ .
() روض القرطاس ص47.
2 جامع تواريخ فاس ص76 .
)ه( الخلل الموشية ص14 .
يستغرب أن يكون قد اتخذ حرسا يخلع عليه نوعا من الأبهة والسطوة» وليس ببعيد أيضا أن يكون يوسف قد جمع لبيت المال ثروة طائلة» سواء من الزكاة» أو الغنائم» بدليل هذه الهدية الضخمة التى جهزها للأمير أبى بكر ”".
ولم يكن فى ذلك شىء من الغرابة» فما دام نائبا للأمير بالمغرب فمن حقه أن يجمع لبيت المال» أما عودة أبى بكر بن عمر فقد كانت عودة طبيعية» فرغ من .مهمته فى الجنوب» أدب العصاة» ووحد القبائل» وصان ظهر القوات المقاتلة فى المغرب»ء ولو كان قد أحس حقا أن يوسف قد قلب له ظهر المجن» لكان فى استطاعته لو أحب - أن ينقض عليه. من خلف». وأن يجند من القبائل مايستطيع به مدافعة يوسف ورده عن العصيان» وكان أبو بكر رجلا زاهدا متورعا محبويا يلبى المرابطون نداءه إذا أراد»ء ولكن أبا بكر عاد إلى المغرب لاطمعا فى سلطةء ولا فى قيادة» إنما لتفقد الأحوال بنفسه» ويقف على الجهود التى بذلها ابن عمه فى فتح البلاد»ء وإصلاح شأنهاء لم يطمع أبو بكر فى القيادةءوهو الذى ولى يوسف من تلقاء نفسهء وأمره على المغرب» وعهد إليه أن يتم فتحه» أفيكون جزاء يوسف أن يأتى أبو بكر لخلعه بعد هذه الجهود التى بذلها؟ .
لوعي بي ف ديات المزطف قد كان ريراقتو ويعرف أنه قائد مفوض من قبل أمير البيت اللمتونى» يدل على ذلك أنه ماكاد يعلم بنبأ قدوم ابن عمه حتى جهز له هدية عظيمة «وكتب إليه كتابا يعتذر فيه إليه ويرغب فى قبول الهدية ويقول له:كل ذلك قليل فى حقك”". وقد طابت نفس أبى بكر لذلك اللقاء» ووضحت رغبته حين قال ليوسف: «إنه لاغناء لى عن الصحراء وماجئت إلا لأسلم الأمر إليك وأهدنك فى بلادك وأعود إلى الصحراء مقر إخواننا ومحل سلطاننا "؟. إذن أكد أبو بكر بن عمر تولية يوسف بن تاشفين على المغرب مرة أخحرىء استخلفه أول الأمرء فلما رأى حسن بلائه») وسعة ملكهء وحب الناس إياه» أحب أن يوليه على المغرب رسمياء وينصرف هو إلى الصحراء » لأنه كان رجلا زاهدا فى الدنيا عزوفا عن السلطان» يدل على ذلك
قف المرجع السابق ص3"2١ . (١؟) الحلل الموشية فى الاخبار المراكشية ص2١ . (”) المرجم السابق ص6١ .
1545
مارواه المؤرخون من أنه أحضر شيوخ للمتونة» وأعيان الدولة» وأمراء المصامدة والكتاب» والشهودء والخاصة» والعامة» وأشهد له بالتخلى عن الأمر بوطن امغر 0
وقد تخلى أبو بكر بن عمر ليوسف بن تاشفين من نفسهء لامرغما ولامضطراء وقد ظلت السيادة الاسمية بالطبع من نصيبهء يؤيد ذلك مارواه البكرى حين قال: «وأمير المرابطين إلى اليوم (وذلك سنة ١47ه) أبو بكر بن عمر”"22»» ويدل على ذلك أيضا أن النقود كانت تضرب باسم أبى بكر بن عمر حتى توفى عام ١48ه باعتباره أمير الدولة وحاكمها الأوحد 2.7 وقد يقال كيف استباح يوسف بن تاشفين لنفسه أن يسك النقود باسمه 0 الواقع أن يوسف لم يكن من هذه الناحية مجددا ولا مبتدعاء فقد ذكرت مجموعات النقود أن إبراهيم ابن أبى بكر بن عمر سك نقودا باسمه عام 61هء 20536 وذلك فى حياة أبيه بوصفه أميرا على سجلماسة. وتفسير ذلك أن المرابطين كان من عادتهم دائما أن يحكموا البلاد التى يفتحونها حكما إقطاعياء فيولون أمراء من البيت الحاكم على أقاليم بعينها يصبحون أصحاب الكلمة الأولى فيهاء ويكونون مسئولين أمام أمير البيت اللمتونى» فإذا كان يوسف قد سك نقودا فقد فغل ذلك بوصفه أميرا للمغرب من قبل أبى بكر بن عمرء الذى كانت له السلطة العليا حمتى وفاته سنة ٠ه
مهما يكن من شىء فإن يوسف بن تاشفين يعتبر المؤسس الحقسيقى لدولة المرابطين» نحن لاننكر أثر الجهود التى بذلها عبدالله بن ياسين» ويحيى بن عمرء وأبو بكر بن عمرء لكن مما لاشك فيه أن الفضل فى إتمام فتح المغرب يررجع إلى
يوسف بن تاشفين. إذ لو لم يفتح الملثمون المغرب لتفرق شملهم ولما قامت لهم
. نفس المرجع وا الصفحة )١(
(؟) البكرى: المغرب ص 779١0 .
(5) أت عدعدم85) علقدمندلة عموعطاه تاطتط ها عل معتممده]8 كعل عناع02)210) :عام نمآ 11 .38م كةأمعدموظ-معأطدلة كدتاأكم ستل ذع1 عل كدلههه31 201,202 .مم (عوتكا4
(5) لإمقوطنا لمتتلعط؟] عط هذ كمنه© عتطهعةخ 4ه موناءه0011 عط 1ه عندعه[2)ة©: عاموط نمآ 23.028
(6) .201 .م ركناللل وعأقصده8 5ع ,030 :2زه11.127
15
قائمة » بل لماتت دولتهم فى المهدء فلا نعجب إذا رأينا اسم ذلك القائد المحنك يعلو على اسم الأمير الشرعى» ويتحدث الناس بذكرهء ويتردد صداه فى المغرب كله» وفى الأندلس» ويحس الناس أن قوة فتية ظهرت على مسرح المغرب يحسب لها ألف حساب.
ركان اختان يوتتةين #اسبين "انيرا اللغرت تل قلف الرقت بالذات يدل على بعد نظر أبى بكر بن عمر وسعة أفقهء فقد كانت البلاد فنى. حاجة إلى قائد ماهر» وسياسى داهية» يؤمن هذه الفتوح الواسعة» ويضمد جروح لغرب ريرق فتوقهء ويؤلف بين قلوب أهلهء فماهى إذن السياسة التى اتبجها يوسفف بن تاشفين فى إصلاح وتثبيت دعائم الدولة فيها؟
كان على يوسف إذا أراد أن يمضى فى مشروعاته الخربية' أن يسد حاجة الجيش من الرجال» ولم تستطع القبائل الملثمة وحدها أن تضطلع بعبء القتال فى هذه الميادين المتعددة»؛ فاضطر يوسف إلى أن يوسع دائرة التجنيد بعض الشىء» فأشرك القبائل الأخرى» جند من زناتة» ومن مصمودةء ومن غمارة ('. وكان يطلق على هؤلاء المجندين اسم (الحشم) ”: وكانت فرق الحشم تختلف عن الفرق المؤلفة من فرسان صنهاجة» وقد اضطر يوسف أن يتخذ حرسا من السودان. كما اشترى عبيدا من بلاد الروم ”".وأصبح اليش لأول مرة يتألف من طوائف متعددة يؤلف بين قلوبها جميعا حب يوسف واحترامه وكثرة بذله وإغداقه» كما عمد يوسف إلى تنظيم الجيش الجديد تنظيما دقيقا فبعد أن كانت جموع القبائل الملثمة تتقدم إلى الميدان جبهة واحدةء أو كتلة واحدة متراصة» اضطر إلى توزيع المسئولية على القواد»ء فجعل الجيش فرقا على رأس كل فرقة قائد من رجاله الذين يثق فى إخلاصهم وصدق جهادهم 2. كما اتخذ البنود الطبول» وزاد عدد الجيش حتى بلغ على ماتذهب إليه الرواية مائة ألف جندى *2. إذا دقت الطبول
رق ابن أبى زرع: روض القرطاس ص١اة. (؟) الحلل الموشية ص8١ . )2( ا مرجع السابق ص84/.
ملحل
سارت الجيوش المختلفة تحت أعلامها الخاصة لمقاتلة العدو '2» لذلك لانعجب إذا غدت هذه الجيوش آلة طيعة فى يد ذلك القائد الماهر يسخرها فى مشروعاته الحربية وبحذق ومهارة» حتى حقق ما أراد من نصر وظفر.
أضف ل ذلك أن الفتوحات المرابطية كانت تتسع رقعتها بالتدريج » وكانت القبائل الملشمة تنتشر فوق رقعة المغرب كله 20 » وتشتبك مع قبائله» تناصبها العداء وتقف لها بالمرصادء وكانت ديار المرابطين بعيدة» ووسائل الاتصال بين القبائل الغازية» وبين ديارها الأصلية عسيرة» فكان لابد ليوسف من أن يوّمن هذه القبائل الفاتحة على نفسهاء ويعمل على الإبقاء على البلاد المفتوحة بأية وسيلة 9" ويحول بين القبائل المغلوبة على أمرهاء وبين شق عصا الطاعة» وانتهاز فرصة اشتباك المرابطين مع أعدائهم ليرفعوا راية العدوان» فاضطر إلى بناء المعسكرات لحماية الفتوحات الحديدةء فلما ذ فتح إقليم سجلماسة أسس الإإطرق مدينة تبلبلا0*؟ . كما أنشعت مدينة 501011 لتكون معسكرا يحشد. فيه الجند الصنهاجيون» فيقفون بالمرصاد للمصامدة يردون عدوانههم » إذا حدثتهم أنفسهم بالثورة» وكان يوسف بن تاشفين يبنى الحصون المنيعة» ابتنى فى مراكش قلعة اسمها دار الحجر 29. كما بنى فى تلمسان الجديدة بالمغرب الأوسط 7" قلعة تحرس الزناتيين» وتقف لهم بالمرصاد» كما أقام فى إقليم الريف حصنا لاتزال آثاره باقية حتى اليوم 4 . ولابد أنه أقام سلسلة من الحصون تّمتد من مراكش فى الجنوب حتى فاس فى الشمال» ومن تلمسان فى الشرق إلى طنجة. فى الغرب» ومن أسف أن معالم هذه الحصون قد درستء. لأن الموحدين استطاعوا بعد أن تم لهم الأمر أن يطمسوا رسمها إمعانا فى التنكيل بأعدائهم» وكانت كل قلعة من هذه القلاع تك تشحن بالأقوات والمقاتلة والسلاح» لتكون مستعدة لمواجهة العدو فى أى وقت» ولاندرى كيف استطاع هؤلاء البدو أن يتخذوا هذه السياسة الحربية الحكيمة» وليس يبعيد أن يكون احتكاكهم بالمغرب وورودهم مورد الحضارة المنبثئة فى أرجائه» قد مكن لهم من تعلم هذا الفن وتطبيقه فى بلاد المغرب. )١( يوسف أشباخ ج١ صلالا. (؟) .346-349.مم مات.م0 :كتدع مدلل () «رعل1. (5) .62-63.ص .أاء.مه نع [اعممط) دآ عجآ1 (5) ابن الأثير جة ص١72. ابن خلدون ص184. النويرى ج77 ص178. (7) الجزنائى: زهرة الآس ص .”٠
(0) المقرى : نفح الطيب جا ص 779 . (م) .346-347 .مم .أكء.م0: عتدع مدلا
١ /17ة
وقد جمع يوسف بن تاشفين ثروة طائلة من الغنائم والأسلاب» ومن حصيلة الزكاة والعشور ”2» وقد استغل هذه الأموال فى تأليف قلوب رعماء الملثمين» فأغدق عليهم» فخفوا إليه طامعين فى رفده وكرمه ”2 كما عمد إلى توزيع الأراضى الخصبة على قبائل الملثمين القادمة من الجنوب”" وولى رجالها الأعمال ؟2» واستطاع بهذه السياسة البعيدة النظر أن يستميل الزعماءء وأن يكسب ودهمء فمالوا إليهء ووقفوا إلى جانبه» وأصبحوا رهن إشارته؛ وطوع يمينه. كما اتخذ مسن ذوى قرباه ولاة على البلاد ال مفتوحة» فولى سير بن أبى يكر مدائن مكناسةء وبلاد تكلال» وفازازء وولى عمر بن سليمان مدينة فاسء وأحوازهاء وولى داود بن عائشة سجلماسةء ودرعة, وولى ولده كيم مديئة أغمات ومراكش» وبلاد السوسء وسائر بلاد المصامدة» وبلاد تادلة وتامسنا 2. وقد عمد يوسف إلى مهادنة القبائل المغلوبة على أمرهاء فكان يستدعى زعماءها فيبرهم ويكرم وفادتهمء ويجزل.عطاءهم ويتألف قلوبهمء فيلتفون حوله. ويبايعونه”" . فاستطاع أن يطفئ نار الفتنة وأن ينشر السلام فى المغرب ”22 ويقر الطمأنينة فى ربوعه.
كانت هذه السياسة الحكيمة ذات آثار اقتتصادية وشسياسة بعيدة المدى؛ فقد انصرف الناس إلى الإنتاج» فزادت الأموال» ونشطت الصناعة والتجارة والزراعة» كما أنه استطاع بعد أن تألف قلوب أهل المغرب كله أن يجندهم للجهاد فى الأندلس فلبوا نداءه طائعين» ولم ينس يوسف أن يمضى فى السياسة الإصلاحية التى رسمها عبدالله بن ياسين » كان يتفقد أحوال الرعية وينظر فى أمر الولايات» ويرد المظالمء ويحكم بين الناس بالسوية . فلا نعجب إذا رأينا هذه السياسة الحكيمة تكلل بالنجاح» وتأتى أكلها فقد أصبح المغرب طوع يمينه ورهن إشارته .
. ١2ص الخحلل الموشية.فى الأخبار المراكشية )١(
زقق المرجع السابق صك72 7١
(7) .57.م وطهعة عط 01 مهدا معوع1]1 عط" :برءع01ه06
(5) الحلل الموشية فى الأخبار المراكشية ص١7.
(6) ابن أبى ررع: روض القرطاس ص١4. ابن خلدون ج" ص84١. () ابن الأثير جة ص .72١0
زوف الإتمحاف ج١1 ص75 .
(8) ابن أبى زرع: روض القرطاس ص١1 .
ملحل
١ انصراف الطاقة إلى معركة الجهاد:
استطاع يوسف بن تاشفين إذن أن يتم فتح المغرب الأقصىء وأن يعلى كلمة المرابطين فيهء ويرفع من شأنهم» وينشر الطمأنينة والسكينة فى ربوع البلاد بفضل السياسة الحكيمة التى انتهجتهاء هذه السياسة التى أثمرت ونجحت إلى حد بعيد» فبدأت الحياة فى بلاد المغرب الأقصى تتغير تغيرا كبيراء وبدأت قبائل الملثمين تنتشر فى البلاد فتستقر فيها وتستولى على ماكان بيد القبائل الأخرى من أرض خصبة.
نعمء بدأت قبائل الملئمين بعد هذا النصر العظيم يشتد ساعدها وتشعر بقوتها وخحصوصا بعد أن فرغت من أكثر مشاكلها وقهرت كل أعدائهاء وبدأت الموارد الهائلة تتدفق على بيت المالم» وبدأ المرابطون بعد كفاح دام عشرين عاما يتنفسون الصعداء ويحسون بنعمة الظفر.
نعمء أتم يوسف بن تاشفين ما بدأه عبدالله بن ياسين» كما أن دور يوسف فى بناء الدولة المنديدة لايقل عن دور عبدالله نفسه.ء لاننكر أنه يرجع إلى عبدالله الفتضل فى نك الدعيوة التي طوجريكالتقوسن و #وضعلت القلوب» بوعلنت من الملثمين شعبا جديدا فتيا نابضا بالحياة والقوة» لكن لاننسى أنه إلى يوسف يرجغ كل الفضل فى فتح المغرب كلهء والانتقال بالدولة إلى الدور القانى من أدوار قيامهاء إليه وحده يرجع الفضل فى تخلص الدولة من طابعها الصحراوى» واتخاذها السمة.المغربية الخالصة» نعم أتم يوسف حركة المهاد الرائعة التى أوقد عبدالله شرارتها وأضرم نارهاء كإنت الجذوة التى أوقدها عبدالله بن ياسين فى نفوس الملثمين ماتزال تضطرم فى نفوس أصحابه وعهدهم به قريب كما نعلم.
لم تخمد إذن هذه الدعوة المباركة التى بئها عبدالله بسبب هذا النصر الذى أحرزه أتباعه ومريدوه» بل إن يوسف بن تاشفين نفسه عمل جاهدة على ألا تنطفئٌ شعلة الحماس فى نفوس أصحابه من المرابطين» وقومه من الملثمين؛ وكان بتواضعه وتقشفه وزهله وتقواه ضورة ماثلة لإمامه عبدالله» كان فى الواقع المثل الحى لهذه الإمارة التى جمعت بين الدين والدولة معاء وإذا كان أبو بكر بن عمر قد اختاره الناس خليفة لعبد الله بن ياسين بسبب تواضعه وتقواه» فإن الناس قد أمنوا نوست كنا اموا بابى بكر واعتدقدو! بح أنه الزعيم الخليق بأن يقودهم فى ميدان اللتهاد والتضحية .
١
كان لابد لهذه القوى الهائلة الى جندها يوسفء وهذه الأموال الضخمة التى جمعهاء وهذه الطاقة التى أقام صرحها أن تنصرف إلى ميدان جديد من ميادين النشاط والكفاح. نعم كان لابد من أن تنصرف هذه الطاقة فى ميدان الجهاد فى سبيل الدين» وإعلاء كلمته» ومصارعة أعدائه» وليس هذا بغريب فإن الدولة قامت على الجهاد وأصبح الجهاد الطابع المميز بها من نشأتها الأولى» جاهدت فى بلاد السودان» وجاهدت فى الصحراءء وجاهدت فى المغربء كان الجهاد إذن دستور الملثمين ورائد المرابطين. ولم يكن من المستطاع أن تخلد هذه القوى الكبرى المضطرمة إلى الراحة والطمأنينة والدعة» لو فعلت ذلك لا اغتبرت رسالة عبدالله بن ياسين قد نجحت أو حققت الأمل الذى عقده الناس عليهاء ليس من شك فى أن هذه القبائل لو ركنت إلى الراحة بعد هذا الكفاح المر لتفرق شملهاء وتبعثرت كلمتهاء كانت وحلتها يذكيها الجهاد» ويصونها الكفاح من أجل نشر الإسلام .
كان من الممكن أن تنصرف هذه القوى الكبرى نجو الشرق فتتم فتح إفريقية» وكانت الأحوال السائدة كما كرنا فى البلاد تمهد لذلك الفتح» ولو تقدم المرابطون لما وجدوا. مقاومة تذكرء بل لبسطوا سلطائهم على البلاد فى غير كبير عناءء فقد كانت إفريقية قد تفرق شمل أهلها بسبب غارات بنى هلال» كما ضعف بنو حماد ودهمتهم الفرقة التى دهمت بنى عمهم بإفريقية.
ولكن الدولة فى هذا الدور الجديد من أدوار قيامها لم تكن فى حاجة إلى كسب مادى» فلم تكن فى حاجة إلى أن تكسب أرضا جديدة أو تمضى فى توسع جديد. إنما كانت تريد أن تحقق الأهداف التى رسمتها دعوة عبدالله.بن ياسين» ألم يكن عبدالله بن ياسين سلفيا يهدف إلى إحياء الإسلام» ورده إلى قوته الأولى ومحاربة البدع والفساد»ء وبعث الأمة الإسلامية بعئًا جديد)؟ كان لابد للدولة الجديدة إذن بعد أن فرغت من الجهاد فى سبيل الإسلام فى الصحراء» وفى بلاد المغرب الأقصى أن تنص رف إلى الجهاد العام» إلى مدافعة أعداء الإسلام» إلى رد القوى الإسلامية. إلى ماكان لها من سبق وتفوق» كانت الدولة الجديدة تريد أن
تضرب للأمم الإسلامية مثلا. تريد أن تتمثل فى أذهانهم دولة مجاهدة فى سبيل الإسلام مسخرة كل جهد وكل مال فى سبيل إذكاء حركة الجهادء ورد أعداء الإسلام إلى سابق عهدهم من الضعف والتخاذل.. وقد ترك العامل الجغرافى فى توجيه الدولة فى هذا الدور الجديد من أدوار قيامها أثرا بعيداء فقد أطلت على سواحل البحر الأبيض المتوسط» وأصبحت شواطتها الطويلة معرضة لأن تغير عليها الأساطيل الفرنجية» فتنال منهاء وتعيث فى نواحيهاء فلم يكن بد إذن من أن تهتم الدولة بما يجرى فى حوض البحر المتوسط الغربى من صراع بين المسلمين والفرنجة من أجل السيادة البحرية» كما أصبحت تطل على الأندلس وتهتم بما يجرى فيه وعادت الصلة بين العدوتين وثيقة قوية. وكان مايجرى فى حوض البحر الأبيض أو فى الأندلس تهلع له قلوب المسلمين المخلصين لدينهم وتراثهم» .نعم ججاءت الدولة إلى المغرب فى وقت كانت فيه المعركة دائرة الرحى بين المسلمين والفرنجة منذرة بتطور خطير فى تاريخ المغرب والأندلس . كان لابد إذن من أن تدخل الدولة فى هذا الدور الجديد ميدان الجهاد مدافعة الفرنجة» وردهم عن حياض المسلمين سواء فى حوض البحر الأبيض أم فى الأندلس. وقد يقال: ألم يكن من الممكن أن تنتهى مراحل قيام الدولة بعد إتمام فتح المغرب الأقصى؟ وللإجابة على ذلك نقول إن المرابطين لو وقفوا من الأحداث المؤسفة التى كانت تجرى فى بلاد الأندلس مكتوفى الأيدى لايدلون بدلوهم فى دلاء الجهادء لاعتبروا خارجين على رسالة إمامهم عبدالله بن ياسين» حائثين بعهده خائنين للأمانة التى عقدها الناس عليهم» فإن قصة قيام الدولة لم تكن فى الواقع إلا حركة جهاد مستمرة» بدأت الحلقة الأولى فى الرباط الذى أنشأه عبدالله ابن ياسين فى حوض السنغال» ثم أخذت الحلقة تتسع رويدا رويداء فشملت الصحراء والمغرب والأندلس» ولم يقف الحهاد إلا بعد أن حقق أهدافه» حين تأكد قيام الدولة فى أذهان المعاصرين فى الشرق والغرب.
الدوافع التى أمذكت رغبة المرابطين فى الجهامه
ولكى نعطى صورة واضحة لذلك الدور العظيم الذى اضطلع به المرابطون فى معصركة الجهاد» يحسن بنا أن نصور الدوافع التى أذكت الحماس فى صدور المرابطين ». ونستعرض القوى الإسلامية فى الجزء المغربى من حوض البحر الأبيض ونبين مدى ما أصابها من ضعف وتخاذل واستسلام» ثم نبين الأسباب التى أدت إلى رجحان كفة القوى الإفرنجية فى البحر الأبيض» وفى بلاد الأندلس حتى يتيسر لنا أن نعطى صورة واضحة لهذه الأوضاع المؤسفة التى اضطرت المرابطين إلى المشاركة فى حركة الجهاد ومحاولة بعث القوى الإسلامية المبعثرة المتفرقة.
نعم» كان من مظاهر الضعف الذى منى به المسلمون فى القرن الخنامس الهجرى أنهم فقدوا السيادة فى حوض البحر الأبيض المتوسط الغربى؟ فكيف استطاع الفرنجة أن ينالوا من هذه السيادة» وكيف تمت لهم الغلبة حتى استطاعت أساطيلهم أن تشخن فى ديار المسلمين» وتغير على موانيهم وتهددهم فى عقر دارهم .
اشتدت حاجة ١ لمسلمي“ بعد فتح الشام ومصر إلى ركوب البحمر وبئاء الأساطيل والاستعانة بالسفن فى مدافعة الروم»)فقد وضعوا أيديهم على موانى هامة وجزر ذات أهمية حربية عظيمة. مثل قبرص ورودس وغيرها من الجزر الصغرى المتناثرة فى حوض البحر المتوسط. واضطر العرب أن يتخذوا الأهبة لرد عادية أسطول البيزنطيين» الذى كان يغير على موانى الشام ومصر ”2 فبدءوا يبنون السفن» ويروضون أنفسهم على ركوب البحر ليضارعوا البيزنطيين فى ميدانه» وقد أحرز العرب فى هذا الميدان البحرى تقدما ملحوظاء فقد استطاعت سفنهم أن تهاجم مدينة القسسطنطينية نفسهاء ثم فتح المسلمون إفريقية والمغرب الأقصى» وأصبحت سواحله الطويلة معرضة لغارات الأساطيل المسيحية» التى كانت تتخذ من جزر حوض البحر الأبيض معاقل تغير منها على الشواطئ الإفريقية المقايلة "2)» ثم فتح المسلمون بلاد الأندلس واستولوا على الموانى الهامة المطلة
222 ريلو: غزوات العرب فى أرويا ص .1١8 ( المكتبة الصقلية ج ١ ص8١5؟.
على حوض البحر الأبيض» وكانت الأساطيل الفرنجية تأوى إليهاء وتعتصم بهاء وكان الحوض الغربى لهذا البحر قد أصبح بحيرة إسلامية ”'2.
وشرع المسلمون فى المغرب يعملون فى بناء الأساطيل بهمة لاتقل عن همة إخوانهم بالمشرق» وإذا كانت أساطيل الشام قد أغارت على قبرص ورودس 7" فإن عبدالله بن سعد بن أبى السرح بدأ يستعين بالسفن الحربية على إتمام فتتح إفريقية”" ولكن موسى بن نصير هو فى الواقع المؤسس الحقيقى للبحرية الإسلامية فى غرب البحر الأبيض *) فقد أكثر من بناء السفنء لأنه كان يعتقد أن العامل البحرى سيكون له أثر هام فى فتح الأندلس» فلما فتحت هذه البلاد توطدت سيادة المسلمين فى البحرء وانتشرت دور الصناعة فى موانى الأندلس» كما انتشرت فى موانى المغرب من قبل .
ولم تكن الأساطيل البيزنطية تستطيع وخدها أن تبط ظلها على البحر الأبيض كلهء من آسيا الصغرى إلى الأندلس» إذ حاقت بها الهزائم .المتلاحقة فى الشرق والغربء وضعف شأنهاء ولم تسنتطع مقاومة التيار الإسلامى» أو الوقوف فى وجههء ولم تكن القوى المسيحية فى المغرب تستطيع أن تضطلع بعبء الكفاح 'وحدهاء إذ لم تكن لها أساطيل تذكرء فالقوط الغربيون لم تكن لهم بالبحر مغامرات ذات شأن 2. حصن المسلمون دور الصناعة وجعلوها قلاعا يضعب اقتحامها أو الاقتراب منهاء كما أنشئوا سلسلة من الربط والمحارس على طول الساحل الإفريقى من برقة إلى طنجة لتتعاون فيما بينها على صد الخطر الفرنجى إذا ظهرت طلائعه أو بدت نذره 29,
ولم يقنع المسلمون بذلك القدرء بل أخذوا ينظمون غارات متتابعة على الجزر والقواعد البحرية التى كان المسيحيون يلوذون بها ويعتصمون فيهاء اتجهت (1) .142 .م عمعقفص اتقط اه أعسقطها/! : عنم معام
() .132.مللاطآ1
(8) المالكى: رياض النفوس ص, ١ .
(4) المكتبة الصقلية جا ص755.
(ه) .145.م ,عمعصع مقط اء أعدمقطم للا عممعمط 43 مع 1
ه56"
أبصارهم إلى جزيرة صقلية من أول الأمرء ووجدوا أن فى بقاء هذه الجزيرة فى يد البيزنطيين خخطر) داهمًا لن يكف عن تهديدهم فى عقر دارهم» وكان أول من اهتم بأمر صقلية معاوية بن حديج الكندى ”22 وظل المسلمون منذ سنة ١١١اه لايكفون عن الإغارة على موانى هذه الجزيرة ومدنها 2 » ويقلقون بال القوات البيزنطية ويهددونها بخطر متلاحقء» فقد أرسل عامل إفريقية سنة 1177١ه حملة على صقلية فتحت سرقوسة» واضطرت أهلها إلى دفع الجزية "“. ولكن الولاة من العرب شغلوا عن صقلية بثورات اليربرء وظلت الحال على ذلك حتى قام الأغالبة سئة ٠.١ ١ه بتجهيز حملة للاستيلاء على هذه الجزيرة 2 وكان المسلمون جميعًا يتطلعون إلى هذه الجهود التى تبذل للاستيلاء على هذه القاعدة العظيمة» فقد روى المؤرخون أن القوات الأندلسية أسهمت قى هذه الجهود المتلاحقة» التى بذلها الأغالبة فى فتح صقلية »» حتى كللت جهودهم بالنجاح سنة 117هاء وسقطت آخر قلاع الجزيرة 2» وأخفقت محاولات البيزنطيين لاستردادها 0 فاستسلمواء وسلموا للمسلمين بما فتح الله عليهم 2 وقد وجه المسلمون عنايتهم لسردانية أيضاء فقد أغارت عليها سفن " عبدالرحمن بن حبيب سنة 6١١ه 2 وسفن ابن الحبحاب سنة /1١١اهء كما أغارت عليها سفن الفاطميين سنة “/الاهء حتى كتب لمجاهد العامرى أن يستولى عليها آخر الأمر سنة 5٠7 ه2'"5.- كما فتح المسلمون جزيرة ميورقة "22 وأغاروا على قرقسة» وفتحوا مالطة سنة 165ه 2"9. وفى عهد الأغالبة « ملك المسلمون الجزائر (7) المكتبة الصقلية ج؟ ص١553.
(*) المرجع السابق جا ص8١7.
(5) المرجع السابق جا ص 57١ . المطرب لابن دحية ورقة 0054
(0) المكتبة الصقلية جا ص77 .
(1) المرجع السابق جا ص794؟.
141.7 .مرااع.مة: عممعئاط
(8) المكتبة الصقلية جا ص86١7؟.
)0( المرجع السابق جا ص2١١7.
)٠١( المرجع السابق ونفس الصفحة.
(؟١) للمكتبة الصقلية ج ١ ص7727.
المنقطعة مثل ميورقة ومنورقة ويابسة وسردانية وصقلية وقوصرة ومالطة وأقريطش127.
هكذا بلغت السيادة الإسلامية الذروة ولم يعد الفرنجة يسيطرون إلا على الطرق البرية». وأصبح القراصنة المسلمون مطلقى السراح يفعلون كما يشاءون» وانهارت الوحدة الاقتصادية فى حوض البحر الأبيض» هذه الوحدة التى لم تنل: منها غارات البرايرة على الدولة الرومانية. ويعتقد (عدمعءزم) أن انهيار هذه الوحدة هو البداية اللقرقية لتاريخ العصيون الويطى 017
ولم يكتف المسلمون بذلك القدرء بل بدأث قواتهم تغير على سواحل أوروبا نفسهاء فأغاروا على مدينة طارنت وبارى بجنوب إيطاليا سنة 4ه 2 كما فتحوا كريت سنة 1484ه ”22 ووصلت غزواتهم إلى روماء فدخلوا من نهر التيبر»ء وأحدقوا بالمدينة ونهبوا كنائس القديسين بطرس وبولس *©» واضطر البابا إلى أن يدفع الإتاوة للمسلمين» حتى يكفوا عن تهديده فى عقر داره 2» بل أغار المسلمون على مدينة جنوة وشاطئ دلماشيا سنة 704ه 7". بل غزوا مرسيليا وأوقعوا بالسفن المسيحية الراسية فيها 9»: وحملوا الرعب إلى صفوف الفرنجةم فلم يعودوا يجرءون على المخاطرة بأنفسهم فى اقتحام هذا الميدان.
وعلى الرغم من أن الفرقة دهمت القوى الإسلامية فى المغرب بسيب قيام الدولتين الأموية والفاطمية» لم تصب السيادة الإسلامية بأذى» بل اشتد ساعدها عن ذى قبل» إذ عكف الفاطميون على العناية بالأسطول وزيادتهء» حتى لقدا أصبحت المهدية من أهم الموانى الحربية فى حوض البحر الأبيض» كنما غبزا
8 2١ص ا١ج المكتبة الصقلية )١(
(0) .143.م. نأك .مه : عمصئءئاط () المكتبة الصقلية جا ص777.
(5) المرجع نفسه ص6 70.
(5) رينو: غزوات العرب ص580١. ()-141.ماكء .مه : عممعئاط 00 .148.مألك .م0 : عسممعئاط
(8) رينو غزوات العرب ص91١
الفاطميون سردانية سنة 777ه 2207 وجنوة ومرسيليا "2 وأرسلوا حملة بقيادة الم ين راكتد عبترك تضق مسينا “ولعت مينادتهم فق شوب إيطالا:: وأزعنيت الأهلين على دفع الجزية 2 وقد فاقت الأساطيل الفاطمية غيرها من الأساطيل الإسلامية فى عنف هجومها وجرأتهاء أما الأمويون فى الأندلس فقد عمدوا إلى الإكثار من الأساطيل» حتى بلغت البحرية الأندلسية الذروة فى عهد عبدالرحمن الناصرء الذى استولت سفنه على جزر البليار ومنورقة 29» وبدأت دور الصناعة التى أنشئت فى موانى طرقونة وطرطوشة وقرطاجنة وأشبيلية والميرية ”) تسهم فى إمداد البحرية الأندلسية بحاجتها من السفن» ورغم | العداء المر بين الفاطميين 'والأمويين إلا أنهما كانا شبه متفاهمين على رد عدوان الفرنجة والنيل منهم . ولكن القوى الإسلامية بعد أن يلغت الأوج فى القرنين الشالث والرابع
بدأت تتقهقر حينما أظل العالم الإسلامى القرن الخامس الهجرى» وبدأت السفن الإسلامية ترتد على أعقابها خاسرة» وأخذت القوى المسيحية تنال من هذه .السيادة» فقد انتقل الخلفاء الفاطميون إلى مصرء ولم يعودوا يهتمون بأمر هذا الجزء من العالم الإسلامى» وبدأت الأساطيل الفاطمية التى كانت موضع رعب وفزع تنقل ميدان أعمالها إلى الشرق إلى ثغور مصر والشامء كما أخذ شأن الخلافة الأموية يضعف رويد حتى سقطت آخر الأمره وتفرق شمل الأندلس» وعكف ملوك الطوائف على شئونهم الخاصة» وأتحدذت البحرية الأندلسية التى طالما أدخلت الرعب إلى قلوب الفرنجة يضعف شأنهاء وبدأت تختفى من الميدان» ونحن لاننكر أذ بى وير الذين وركؤا ملك الفاطمين لاخر قد (منيهوا بالتايكية التخخرية» وأخذوا يعملون بقدر الطاقة على الاحتغاظ برمق البحرية الإسلامية 29: إلا أنهم كانوا يعملون منفردين» ولم يكن باستطاعتهم أن يضطلعوا بالعبء كله
.7١56ص الكتبة الصقلية جا )١(
)2( المرجعم السابق جا صك972 73 .
(9") المرجم السابق ج 7807 .
(؟) ابن عذارى: البيان ج؟ ص7”7”8 .
(5) المكتبة الصقلية جا صن55١.
(5)-ابن عذارى : البيان المغرب ج١ ص58؟؟ .
حدث هذا فى الوقت الذى بدأت فيه الملكية الفرنجية التى قامت فى فرنسا تمكن لنفسهاء وتنمو وتترعرع2"7 وأثمرت الجهود التى بذلت منذ أيام شرلمان بعد أن تم توحيد الإمبراطورية الغربية» وأخذت الكنيسة بعد أن حالفت ملك الفرنهة تسترد نفوذها القديم» وتبسط ظلها على المجتمع الغربى بالتدريج. وقد تنصر النورمانديون وصاروا عاملا عظيما من عوامل القوة المسيحية» كما تنصر المجيار» وأصبحت أوروبا كلها مسيحية تقريبا "©» وبدأ دبيب النهضة يدب فى جسم أوروبا بعد أن تخلصت من أثر غارات الجرمان» وغيرهم من الشعوب المتبريرة» وبدأت الشعوب يشتد ساعدهاء وتبرز قوتها مطالبة بحقوقها وتناقش الملوك بالحساب. ”ا كما اتتعشت الحالة الاقتصادية» وبدأت جمهوريات إيطالياء مثل البندقية وبيزة وجنوة توطد من سلطانها التجارى والبحرىء» تبنى الأساطيل» وتنازع المسلمين السيادة على البحارء وبدأت تطهر حوض البحر الأبيض المتوسط الغربى من القراصنة المسلمين» وتنتزع أوكار الأساطيل الإسلامية بالتدريج» فهاجمت جزيرة سردانية ؟؟ التى كان قد استولى عليها مجاهد العامرى 2» ثم تطلعت إلى غزو المسلمين فى عقسر دارهم» فدخلت أساطيل المسيحيين ميناء بونة سنة ١47ه 9 وعاثت فيها ثم ارتدت ظافرة لم تمس بسوء.
ثم ظهر عامل جديد أخذ يؤكد من تفوق السيادة المسيحية» ومن انهيار السيادة الإسلامية» فظهر النرمان فى جنوب إيطاليا» وبدءوا يتشوفون إلى صقلية منذ سنة 6ه 229 وانتهزوا فرصة انشغال الزيريين فى ذلك الوقت بما دهاهم من غارات العرب الهلاليين» وبدءوا يتتزعون مدن صقلية من أيدى المسلمين» ولم يجد الصقليون دولة إسلامية قوية تغيثهم» وتنتشلهم من هذه المحنة الشديدة فتم للنرمان الاستيلاء على صقلية نهائيا سنة 54/45ه © » وبدءوا يرنون بأبصارهم إلى () .2.مناكء .ره : عتماقا ققلة بط (5) رينو : غزوات العرب ص١ .7١ ل علي
زف4 المكتية الصقلية ج١ صة١؟. (4). 7 .مه : ادا 8125 دنآ
الشاطئ الإفريقى المقابل» فأغارت قواتهم على مدينة زويلة» كما أغارت أساطيل بيزة وجنوة على المهدية سنة ١٠54ه » حتى لقد قيل إن أساطيل هذه الجمهوريات بلغت ثلاثماثة ألف قطعة تضم ثلاثماثة ألف محارب 22١ وامتحنت المهدية محنة لم يشهدها المغرب منذ فتحه العرب.
هكذا انهارت السيادة الإسلامية فى البحر الأبيض» وامتهن المسلمون واستذلوا واستضعقواء وأغار المسيحيون عليهم فى عقر دارهم يأسرون وينهبون وينتكلون» وما يصور شعور الناس أصدق تصوير حيال هذه الكارئة التى حلت البحوية الأستلاعية مازوى )هن آذ ارين عاد أمير شيعا افا بدعى امسر القيروانى لزيارته فأجاب بقوله:
لاتعجبن لرأسى كيف شاب أسى واعجب لأسود عين كيف لم يشب
البحر للروم لايجرى السفين به إلا على مضض والبر للعرب ”©
هذا هو شعور عامة الناس» فما يالك بشعور قوم كالمرابطين كانوا يعملون على إقامة دولة جديدة بالمغرب» ويذكون الحمية والحماس ويبعثون الهمة ويمهدون الأمر الحركة جهاد عامة» وتجنيد عام للقوى الإسلامية؟» لايمكن أن تمر بهم مثل هذه الأحداث الخطيرة دون أن تهز مشاعرهم» وتدمى قلوبهم» وتشحذ عزائمهم. للتهيؤ للجهاد لخوض معركة حياة أو موت.
لذلك لانعجب إذا رأينا ابن تاشفين بعد أن فتح سبتة وطنجة يحاول إحياء البحرية الإسلامية التى كانت قد درست معالمهاء وذهبت ريحهاء ويبدو أن جهود المرابطين فى إحياء البحرية كللت بالنجاح» وسنرى حين نعرض للحركة الجهاد فى الأندلس كيف أن فتح هذه البلاد أعاد إلى الأذهان جهود موسى بن نصير فى إحياء البحرية الإسلامية» فقد استطاعت الأساطيل المرابطية سنة /1١1هه ”© أن تشترك فى حرب نظمتها القوى الإسلامية فى المغرب للمهاجمة النرمان» واشتركت
)7١( المكتبة الصقلية جا ص7/86".
لما
القوى الإسلامية فيما يمكن أن نسميه حربًا صليبية بحرية. ما أقرب الشبه بين موسى بن نصير ويوسف بن تاشفين.
وترتبط بهذه الصورة القاتئمة صورة أخرى أشد منها حلكة» فكما تفوقت القوى المسيحية فى البحر» كذلك تفوقت فى البر» وبدأ المسيحيون يطرقون أبواب الأندلس» يفتحون وينكلون ويأسرون» وكما كانت المسيحية تذكئ تيار الجهاد البحرى وتبث الحمية فى نفوس قادة الأساطيل الفرنجية» راحت تبارك جهود الميحين كن اساناء» وتظن إلن التو العى؟ بذلوتها لقارفة الملكية ينظو الر قا والارتياح» وراح بعض الكتاب يعتقدون أن الحروب الصليبية بمعناها المعروف بدأت فى الغرب قبل أن تبدأ فى الشرق» بدأت فوق صفحة البخر الأبيض المتوسط الغربى» وفوق:غرب الأندلس ذاتهاء حيث كان الصراع محتدما بين عقيدتين : بين الإسلام» والنصرانية.
بل يذهب بعض الكتاب إلى أن الحروب الصلينية فى الشطر الغربى من العالم الإسلامى كانت أبعد أثراء لأنها دائرة الرحى على أبواب أوروبا ذاتهاء وكان من الممكن أن يتغير وجه التاريخ لو قدر للمجاهدين المسلمين أن ينجحوا ويصمدوا في وجه هذا التيار المتدفق» أما فى الشرق فلو أخفق الصليبيون لقنعوا بالعودة إلى ديارهم ولما هددت أوروبا بخطر كبير.
نعم أصبحت الغلبة للفرنجة فى البحر ثم البرء وكان المسلمون بعد أن فتحوا الأندلس قد تجاوروا جبال البرانس» وأوغلوا فى جنوب فرنساء ولولا هزيمتهم عند «تور» لمضوا فى تيار الغزوء حتى أدركوا نهايتهءوظل الولاة المسلمون يتابعون الجهود التى بذلها خلفاء موسى فى مدافعة الفرنجة» والإمعان فى القضاء عليهم» فقد روى المؤرخون أن عقبة بن الحجاج السلوى فتح مدينة أربونة» وافتتح جليقية وينبلونة» «ولم يبق لأهل الإسلام شىء لم يتغليوا عليه مما وراء ذلك إلا جبال قرقشونة وبنبلونة» وصخرة جليقية '42. وبدا للناس جميعا أن المقاومة القوطية قد انتهت» وأن السيادة الإسلامية فى شبه الجزيرة قد توطدت أركانها.
١8ص ابن عذارى : البيان المغرب جا )١(
51١
وقد ظل الولاة من العرب من بعد عقبة بن الحجاج يدفعون تيار الفتح» أو على الأقل يبقون على مابيد المسلمين» حتى أفلح الأمويون فى توطيد أقدامهم بالبلد» واستطاعوا أن يبسطوا عليها ظل الوحدة والطمأنينة» حتى برأت من علل الفتنة» وإحن العذاء والتطاحن؛: وأخذ الأمويون يفرغون لحهاد الفرنجة. يدفعونهم وينالون منهمء كانوا دائما على أهبة الاستعداد لدفع الخطرء والذود عما بيد المسلمين من حصون وقلاع» فقد روى المؤورخون فى سياق التدليل على ذلك أنه «كان للحكم بن هشام ألف فرس مرتبطة بباب قصره على جانب النهر عليهم عشرة من العرفاء تحت يد كل عريف مائة فرس+ فإذا بلغه عن ثائر ثار فى أطرافه .. حتى يخلط به 227. فاستطاع الأمويون بسياسة الحذر والحيطة هذه أن يوقفوا القوى الفرنجية عند حدهاء حتى لاتطمع فى تذوق طعم الراحة أو الطمأنينة.
ولكن تيار الجهاد الإسلامى قارب أن يبلغ الأوج بعد قيام الخلافة الأموية» فقد كان لزاما على الأمويبن كى يثبتوا للعالم الإسلامى أنهم جديرون بالخلافة أن يبعئوا حركة الجهادء ويشدوا من أزرهاء ويتوسعوا.فيهاء ويصارعوا الفرنجة بعزيمة أشد وبأس أكبرء إنما بلغت حركة الجهاد فى شبه الجزيرة الذروة حقا على يد الحاحب المنصور بن أبى عامر» وبدا للناس كافة كأن أيام الفرنجة معدودات» وأن نجمهم مؤذن بالأفول لامحالةء فقد ظل المنصور طيلة حياته لايخلع رداء الجهاد يتابع إرسال الصوائف إلى أطراف البلادء لتنال من عدوه كل منال.
ويكفى للتدليل على أن تيار الجهاد قد جرف المسلمين في ذلك الوقتٍ» وجرف معهم زعيمهم المنصور أنه مات مجاهداء مات فى الميدان بعد غزوة بربشتر» ويبدو أن حركة بعث الجهاد فى الأندلس كانت قوية» بدليل أنها استمرت إثر وفاة المنصورء. بعد أن كان يظن أنها ستقف بعد ذلك» فقد ظل ابنه عبدالملك المظفر يئخن فى أرض العدو بهمة لاتعرف الملل» فغرا جليقية سنة 946ه, كما غزا بلاد قشتالة فى غزاة النصرء وكذلك حصن شنت مرتين سنة 1844ه 29 وبلغ من
)222 ابن عذارى 8 البيان المغرب ان ص8١ 5
؟ 51
هيبة عبدالملك وبعد صيته أن ملوك الفرنجة كانوا يحتكمون إليه إذا شجر بينهم خلاف » كما اشبترك بعضهم فى حملاته, مثل شانجة بن غرسيه»ء زعيم الجلالقة وصاحب قشتالة (©2,
ولكن هذه الجهود الضخمة التى استمرت ثلاثة قرون» قد تبخرت بين يوم. المقاومة الإسلامية بالأندلس انهيارا مفاجنًا أذهل الكافة» كما أدهش المعاصرين» وانقلبت الكفة ورجحت فى جانب الأمم النصرانية. .
ولايمكن أن يفسر ذلك إلا بأن جهود المنصور بن أبى عامر كانت جهود فرد قاد أمة, وليست جهود أمة خلقت قائداء بدليل أن المسلمين فئ الأندلئس بدوا أمام الناس بعد سقوط الخلافة كأنهم لايستطيعون المقاومة إطلاقًا. فى هذه القرون الثلاثة التى بقيت فيها السيادة الإسلامية كالطود الشامخ كانت الدويلات النصرانية فى شبه الجزيرة تناضل وتكافح. «بقوى مضاعفة وحب أكيد متقد للحرية والدين والوطن”) . كانت تتقدم تقدما بطيئا ولكنه تقدم أكيد» كأنها عقدت الخناصر على بلوخ الهدف مهما كلفها ذلك» فما قصة هذا البعث وما أهميته فى حركة الجهاد التى اضطلعت بها دولة المرابطين فى المرحلة الأخيرة من مراحل قيامها؟
الواقع أن قصة بعث القوى النصرانية فى شبه جزيرة أسبانيا تعتبر عنواناً طيبًا للنضال من أجل المبدأء والتفانى فى الدفاع عن العقيدة . فقد رأينا كيف أن فكئة قليلة من بقايا قوات القوط لاذت بأذيال الفرار أمام الفاتحين العرب» واعتصمت بتلك المنطقة الجحبلية الوعرة الواقعة فى الجزء الشمالى الغربى من شبه الجزيرة» حيث تنحرف البرانس صوب الشمال قليلا مخلفة وراءها منطقة جبلية وعرة وقف الفاتحون العرب حيالها لم تستطع خيلهم أن تنال منها ”". فتنهى المقاومة النصرانية» وتأتى على القوة القوطية نهائيًا . فى هذه المنطقة الوعرة أخحذدت
. المرجع السابق جل ص8 )١( .٠١ص ا١ج يوسف أشباخ : تاريخ الأندلس فى عهد المرابطين والموحدين» )١( ْ .مم ععم معئزه11 نال غ115 الإتس[ 324-326 )©(
والحا
هذه النواة القوطية تنمو بالتدريج بعيدًا عن أذى المسلمين وضرهم» وأخذت تنبعث منها حركة قوية لمقاومة الفاتحين تعتبر فى الواقع من أروع حركات المقاومة فى تاريخ العالم.
وأخحذت هذه القوة تنمو رويدا رويدا مستغلة ما أصيب به المجتمع الأندلسى من الفرقة فى عصر الولاة» وما اجتاح البلاد من فتن داخلية مريرة» وكانوا كلما أمعنوا فى تقدمهم صوب الجنوب اتخذوا لهم حاضرة جديدة تكون معصما لهم من الغزو ومقرا لإمارتهم. اتخذوا مدينة 640ة:0 حاضرٌ ثانية لهم فى بلاد أشتوربش"'" .
ثم ما لبثت الأحوال فى فرنسا أن تمخضت عن أوضاع جديدة هيأت لهؤلاء المجاهدين من القوط ظروقًا استغلوها خير استغلال» فقد استطاعت الملكية الفرنجية الناهضة أن ترد العرب على أعقابهم فى جنوب فرنسا على يد شارل مارتل وخلفائه» بل إن هذا النصر على الغزاة العرب كان من أقوى الأسباب التى أدت إلى توطيد أركان هذا البيت الفرنجى الناهضء وبدأت الوحدة تبسط ظلها على فرنساء وتبعث فى نفوس الفرنسيين احمية والحماس لمقاومة العرب» وردهم على أعقابهم» ويعتبر هذا النصر على العرب نقطة تحول فى تاريخ مملكة الفرنجة» وفى تاريخ حركة المقاومة النصرانية» بل يعتبر أول لبنة تنهار من صرح السيادة الإسلامية فى غرب أورويا ”". ذلك أن أهل جليقية استطاعوا أن ينصرفوا إلى العرب يقاومونهم ويدفعونهم وهم مطمكئئون إلى أن الملكية الفرنجية الجديدة تحمى ظهورهم.ء وتشد من أزرهمء واستطاع ملوك الفرنجة الذين كانوا مقبلين على محالفة الكنيسة الغربية أن يجدوا فى مقاومة العرب مايمكنهم من التمكين لأنفسهم فى نفوس المعاصرينء وإظهارهم أمام العالم المبيحى أجمع بمظهر حماة المسيحية» والذادة عن ترائهاء فأخذ المتطوعة من فرنسا وألمانيا وبلجيكا وإيطاليا يخفون لشد أزر إخوانهم ليشاركوا فى جهاد العربء بل إن الملكية الفرنجية ذهبت فى الميساعدة إلى حد أبعد من هذا بكثيرء فقد أقدم شارلمان على عبور جبال البرانس من «اسهفة ةا (؟) ريئو : غزوات العرب ص4١١.
"5325
ناحيتين: هما بنبلونة وبرشلونة بقصد شد أزر المقاومة النصرانية '2» والنيل من السيادة العربية بشبه الجزيرة» وتعتبر حملة شارلمان فى الواقع بداية المقاومة المسيحية التى اشتدت فى القرن الحادى عشر 7" .
وقد اشتد ساعد النصارى فى عهد الفونس الثانى (88/ام) فأسس الغسقونيون الأسبان إمارة نبرة» التى آلت إلى أمير برشلونة» وسرعان مامدت. أرغونة يدها إلى برشلونة ونبرة وقشتالة» وتألف من هؤلاء جميعًا حلف نضزانى عظيم ©» كان من الممكن أن يشتند أزره بسبب ما أصاب الخلافة الأموية من متاعب فى ذلك الوقت.
مهما يكن من شىء فإن القوى المسيحية أحرزت بعض التقدم فى عهد أدولف الثالث (875م)». الذى مد سلطانه حتى نهر دويرة» وجمع شمل الإمارات المسبيحية» وراح يذكى جذوة الحرب المقدسةء ويستدر عطف القوى المسيحية فى أوروباء ونقل الحاضرة أو مركز المقاومة من أشتوربش إلى ليون ”'.
ولكن حركة البعث النصرانى لم يطل أمدهاء فقد أفاقت الخلافة الأموية من متاعبهاو واستأنفت حركة الجهاد بصورة قوية بلغت مداها فى عهد المنصور بن أبى عامر» وبدا للناس أن المقاومة النصرانية الباسلة أوشكت أن يسدل عليها الستار» وأن المسلمين مستردون مافقدوه من الحصون والقلاع» فقد استطاعت جيوش المنصور أن تخضع ملك قشتالة وليون» واستولت على قلمدية» ودخلت شانت ياقب» واستولت على برشلونة» وانتزعت كل مااستولى عليه المسيحيون جنوب نهر دويرة والويبرو.
وإذا كان القرن العاشر الميلادى عصر محنة بالنسبة للمقاومة النصرانية» فقد. قدر لهذه المقاومة أن تبعث فى القرن الحادى عشر بعنًا جديدا 22 فقد سقطت )١( .324-326 .صم ععة معنزمل1 دل 5)016نة1 :بسر 5 .ع1 () .سعل1
(5) .324-326 .م.مرع28 لع:110(1 دل عذزه)1115 :لإنكن10 (0) .324-326 .م.م ععة معلز110 نال 6ئزه)1115 لإدمن10
نلا
الخلافة الأموية» وتفرق شمل الأندلس» وبات الناس لايصدقون ماتراه أعينهم من ضعف وتخاذل وتقاعس» وبدأت حركة المقاومة النصرانية تدخل فى دور جديد نستطيع أن نطلق عليه بحق دور الاسترداد قاةندوهمع26. فقد انهارت المقاومة الإسلامية على غير انتظارء وبات على القوى المسيحية أن تجمع شملهاء وأن توحد صفوفها لترد المسلمين على أعقابهم» وقد تمت وحدة القوى النصرانية على يد الملك شانجة الكبير سنة .)061٠٠١( فقد استطاع أن يجمع بين نبرة وقشتالة وليون عن طريق المصاهرات استطاع إذن أن يبسط سيادته على أسبانيا النصرانية من جبال البرانس إلى ماوراء شانت ياقب» ومن.بحر بسكونس حتى نهر دويرة فيما يلى هضبة الجزيرة الوسطى عند واذى الرملة الوعر”©. كان شانجة الكبير هذا هو باعث هذه الحركة الكبرى المسماة بحركة الاسترداد» التى استمرت فى عهد ولده فردناند الأول» ثم فى عهد حفيده ألفونسو السادس؛ ثم استمرت فى آل بيته» حتى كتب لهم الفوزء فطردوا المسلمين نهائيًا من شبه الجزيرة.
وقد شاءت الظروف أن يخلف شنجة الكبير ولده. فردناند الأول» الذى استطاع أن يتوسع فى حركة الاسترداد» وأن يخرج بها إلى نطاق أوسع. ولما كانت حركة الاسترداد تنطلب توحيد الصفوف قبل كل شىء» فإن فردناند الأول لم يأل جدًا فى ذلك السبيل» بل وضع الهدف نصب عينيه» فما كاد يستقيم له الأمر حتى طمع فى ملك ليون؛ واستطاع بعد انتصاره فى معركة تمارون أن يضم الإمارة إلى أملاكه ".كما صارع البشكنس وتغلب عليهم ”». وبذلك تم له التوحيد بين ليون وقشتالة. وقد استولى أيضا على مملكة نبرة الواقعة على الضفة اليمنى للإيبرو 0) كما حارب ملك أرغونة» واستطاع بعد جهاد طويل أن يمهد الطريق أمام القوى النصرانية لتخوض معركة الاسترداد» فتم له توحيد الإمارات النصرانية تحت رايتهاء واستطاع أن يوجه جموع المسيحيين وجهة واحدة هى مناضلة المسلمين (0) سمل 1 (؟) يوسف أشباخ: تاريخ الأندلس فى عهد المرابطين والموحدين جا ص١١. () .59 .م ستدم5 علط لمة 010 عط :لدل1ط
(2) .عل 1 (0) يوسف أشباخ جا ص5١-190.
اعلا
ومدافعتهم» وكان د الاسترداد لا يتأتى إلا بتوثيق الصللات بين الدول النصرانية بأسبانياء وبين بقية الدول الأوروبية الأخري» ويبدو أن هذه السياسة آتت أكلهاء فقد عمد البابا إسكندر الثانى سنة 517" ٠م إلى تنظيم حملة لشد أرر الإمارات الأسبانية فى كفاحل/ها ضد المسلمين. وقد اشترك فى هذه الحملة أمراء فرنسيون ونرمان وفرسان من إيطاليا. وقد عاجم المسيحيون بربشترء وظلوا يحاصرونها أربعين يوماء فلما سلم المحاصرون أمعن الغزاة فيهم قتلاء حتى لقد روى أنهم قتلوا من الأسرى مايقرب من ستة آلاف 2'7.
هكذا بدأت حركة الاسترداد فى عهد فردناند تتخذ صفة دولية» وبدأ المسيحيون فى كافة جهات أوروبا ينظرون إليها على أنها حركة جهاد مقدس» ويبدو أن سياسة التقرب من الكنيسة الرومانية أثمرت» فقد اتخذ فردناند لنفسه لقب إمبراطور كتأكيد لسيادته على أسبانيا المسيحية» كما كان يريد فى الواقع م أن ينافس هنرى الثالث إمبراطور الدولة الرومانية المقدسة 7©. كان فردنائد يريد ألا يلعب دورا محليا صرفا إنما دورا عالميا ويبسط نفوذه لا على شبه الجزيزة فحسب بل على غرب أوروبا كله إن استطاع إلى ذلك سبيلا. ش
وقد مضت حركة الاسترداد فى عهد فردناند فى طريقها حتى بلغت الذورة وأصبح يطالب. بإخضاع المسلمين؛ وإجلائهم من البلاد. فقد روى صاحب البيان أنه قال «إنما نطلب بلادنا التى غلبتمونا عليها قديًا فى أول أمركم فقد سكتتموها ماقضى لكمء وقد نصرنا الآن عليكم برداءتكم» فارحلوا إلى عدوتكم واتركوا لنا بلادناء فلا خير لكم فى سكناكم معنا بعذ اليوم»ولن نرجع عنكم أو يحكم الله ا وك 17
فهل استطاع فردناند. أن يجنى من وراء حركة الاسترداد الغاية التى ينشدها؟ الواقع إن سياسة فردناند فى مدافعة المسلمين كانت ذات شقين» فقد كان يعمل على إرهاب القوى الإسلامية؛ ويبث الذعر فى قلوب المسلمين» فلا يترك.لهم
)2غ( أبن بسام : الذخيرة (مخطوط يغداد) قسم *' ص 4ه ,51031,0.84 (1) يوسف أشباخ جا ص؟١. قرف ابن عذارى: البيان المغرب ج"” ص7581
517/
فرصة يتنسمون فيها نسيم الراحة» أو يذوقون طعم الطمأنينة» كان يريد أن تظل القوى الإسلامية مجندة تجنيدا مستمراء حتى يثقل على الأمراء ويثقل على الناس حتى إذا ضاق الأمراء المسلمون ذرعاء وخافوا بطش زعيم النصرانية اضطروا إلى دفع الجزية» والاستعانة بالأموال لدفع خطر الفرنجة: وقد دفع الجزية صاحب طليطلة» وأشبيلية» وصاحب بطليوس وسرقسطة ”"©. واشتط فردناند فى طلب الجزية» وكان يجنى من وراء ذلك أموالا طائلة. وكنان إذا أنس من الأمراء التتديرة: مصيدنا نشي قلق توسيها لاناوف على انود ندل ايت لمر قلمرية "؟» واستولت عليهاء وانصرف صوب الشرق» وهاجم سرقسطة "©) ثم انحدر إلى الجنوب» فحاصر طليطلة» بل هاجم أشبيلية نفسها وحاصر بلنسية» وتمقخضت هذه الحمللات المتعددة عن توسيع رقعة أملاكهء فلم تعد حدود قشتالة تنتهى عند جبال وادى الرملة بل انبسطت رقعتها شرقا وغربا 27.
مهما يكن من شىء فإن حركة الاسترداد بلغت الذروة أو كادت فى عهد فردناند» وبدا للناس أجمع أن أيام المسلمين فى شبه الجزيرة معدوات» «ولم يزل ثغر الأندلس يضعف والعدو يقوى والفتنة بين أمراء الأندلس تسعر إلى أن كلب العدو على جميعهم» ومل من أخذ الجزية» ولم يقنع إلا بأخذ البلاد *©» ولولا وفاة فردناند سئة 56١٠م ”"©2» وتفرق شمل ملكه عقيب ذلك لدالت دولة المسلمين بالأندلس نهائيا.
ومن أسف أن الإمارات الإسلامية لم تستطع أن تنبذ خلافاتهاء أو تتحد منتهزة هذه الفرقة التى أصابت المجتمع النصرانى» بل ظلت مفترقة الكلمة يحارب بعضها بعضاء حتى قدر للإمارات النصرانية أن تنهض من كبوتهاء وأن تسترد سابق قوتها ووحدتها حينما آلت الزعامة إلى الملك ألفونس السادس. ويبدو أن حركة
. ابن عذارى جما ص578؟ )١(
(؟) المرجع السابق ونفس الصفحة.
() يوسف أشباخ جا ص١7.
زفق ال مرجع السابق ص ٠ :0
(5) ابن عذارى : البيان المغرب جا ص7786.
(5) .393-395 .مم .انا .آ70 .اولظ .لع81 عوللطسمته
514
الاسترداد كانت سياسة مرسومة لأمراء قشتالة منذ عهد شانجة الكبير يتوارثها الخلف عن السلفء إذ ما كاد الأمر يئول إلى الفونسو حتى أخذ يعمل جاهذا فئ سبيل التمكين لحركة الاسترداد. واستئناف الجهاد على صورة أوسع وأتمء وما كانت الوحدة هى سياج حركة الاسترداد وحصنهاء فقد استطاع ألفونسو بعد جهود شاقة أن يجمع أطراف ملك أبيه» فاستولى على ليون بعد وفاة أخيه شانجهء كما انتزع غاليسياء وبسط سلطانه على الأقاليم الواقعة فى وسط البلاد وغربها إلى الشمال من نهر تاجهء وبدأ يثب إلى زعامة القوى النصرانية وثبا 9©. فاستطاع أن يجمع كلمة أرغونة ونبرة» فاتفقوا على نبذ خصوماتهم والتعاون فى سبيل مدافعة المسلمين» وإتمام السياسة التى رسمت منذ عهد شانجه الكبير "2» ثم عمد إلى الإمعان فى التقرب من الكنيسة الرومانية ليستدر عطف الأوروبيين وتأييدهم فى كفاحه مع المسلمين. وكانت الكنيسة الغربية فى ذلك الوقت قد نهضت نهضة موفقة» وبدأت تبسط سلطانها على دول أوروبا المسيحية» فرأى ألفونسو أنه إذا أفلح فى استدرار عطفها وتوثيق صلته بها فإنها ستجند القوى النضرانية لتأييده وشد أزرهء وكان من أثر ذلك كله أن ألغيت الطقوس القوطية من الكنيسة الإسبانية» وحلت محلها الطقوس الرومانية» وانضوت الكنيسة تحت لواء روما" . وقد كان لهذه السياسة أثر بعيد فى سير حزكة الاستردادء إذ إن الحروب التى كانت.دائرة فى شبه الجزيرة أضحت حروبا صليبية بمعنى الكلمة ترعاها كتيسة روماء وتباركها وتدعو لهاء وتجند المسيحيين من, أجل المشاركة فيها. وعند ما دعا البابا أورويا لإيفاد حملة صنليبية إلى الشرق أحب بعض الأسبان أن يشارك فيهاء فأبى لأنهم حاربوا المسلمين فى الأندلس» فكأنهم قد اشتركوا فعلا فى هذه الجهود الصليبية 27» وكما وثق ألفونسو صلته بزوما وثق صلته بفرنساء وأخرج بلاده من عزلتها الدينية» فتزوج كونستنانس ابنة أمراء برجونية» الذين يتتمون إلى آل كابيه ملوك فرنسا'. )١( .393-395 .مم .آلا .آم .أكتك1 .معل/3 غولتمطسق (5) .عل 1 () .137-139 .م.م نأك .مه تأدلتط
(5) .139 .م لزن .) ,1937 بررعع1] ,001530 15 عل ععل1 "1 ع0 عماع 020 هآ :لق لتالاع.]. لم (5) يوسف أشباخ جا ص19 .
حلي
فاستطاع ألفونسو إذن أن يمكن لخحركة الاسترداد . وأن يمهد السبيل أمامها لتنتج وتحقق أهدافهاء فلنحاول إذن أن نعرف مقدار ما أحرزه من نجاح فى هذا السبيل .
الواقع أن الفونسو السادس لم يأت بجديد فى وسائله ولا فى أهدافه, فقد سار على خطة سنها أسلافه وأملتها طبيعة الحياة فى الأندلس. فقد كانت الحرب بين المسلمين والنصارى حرب قلاع وحصون وليست لقاء فى معارك حاسمة تقرر مصير هؤلاء ولا هؤلاء. ولم يكن فى مقدور القوى النصرانية أن تحاصر هذه القلاع والحصون؛أو أن تقتحمها دفعة واححدة؛ لذلك كان من أهداف ألفونسو ألا يعرض جنده الخسائر فادحة بمصارعة هذه الحصون ومحاولة اقتحامهاء إنما كان يرمى إلى استنزاف دماء الإمارات الإسلامية بأن يشهر عليها سلاح الإرهاب ويضطرها إلى دفع الجزية ويضاعف مقدار هذه الجزية عاما بعد آخرء حتى إذا عجزوا عن الدفع ضرب عليهم الحصارء وأرغمهم على قبول شروطه إرغاما”" .
كان يعمد أيضا إلى ضرب الحصار على القلاع والحصون بينما تعمل قواته على إتلاف الزرع وهلاك الضرع؛ حتى إذا عض الجوع المحاصرين سلموا للطاغية بلا قيد أو شرطء وقد قدر لهذه السياسة أن تنجح نجاحا تاما لأن المسلمين لم تكن تجتمع لهم كلمة لمواجهة مثل ذلك الخطر مع أنهم كانوا يعرفون أهداف ألفونسو ومشروعاته معرفة تامة.
وكان من أثر سياسة ألفونسو السادس هذه أن سقطت مديئة طليطلة فى يده كما تسقط الثمرة الناضجة» فقد أثقل على صاحبها بالجزية» وانتزع منه بعض الحصون المحيطة به» ثم انقض على المدينة» وضرب عليها حصارا طويلا فت فى عضدها وأنهك قواهاء فلم يجد المحاصرون بدا من التسليم ©. وكان لسقوط طليطلة فى يد ألفونسو أثر عظيم فى حركة الاستردادء وفى إلهاب حماس القوى النصرانية» فقد كانت عاصمة القوط القديمةء وكان فتحها نذيرً بإحياء ملك القوط ع د د ل لال
(؟) الذخيرة : القسم الرابع المجلد الأول ص177. ابن خلكان جا ص187ء ابن الأثير ج١٠ ص/له. المقرى ان ص6؟؟١.
نرف
القديم» والعمل على طرد العرب من الأندلس نهائياء وسما قدر ألفونسو السادس فى نظر معاصريه إلى مرتبة رفيعة» فاتخذ لقب إمبراطور ”2 كما اتخذ لقب «ذى الملتين» » وصار يكاتب أمراء المسلمين قائلا: «من الإمبراطور ذى الملتين الملك المفضل أذفونش بن شانجة (02. وبدأت تراوده الآمال التى راودت أياه من قبل» وهى طرد العرب من الأندلس نهائياء قيل على لسانه: «إنما كانت الأندلس للروم فى أول الأمر حتى غلبهم العرب والحقوهم بأبخس البقع جليقية فهم الآن عند التمكن طامعين فى أخذ ظلاماتهم 0
وإذا كان النصارى قد تضاعفت آمالهم» فإن المسلمين فى شبه الجزيرة قد فت فى عضدهم وتفشى الرعب فى أوصالهم» ويادروا إلى ألغونسو يخطبون وده ويسترض ونه بالمبالغة فى دفع الإتاوة» ولكنه لم يقنع بذلك إذ كان لابد له بعد أن استنزف أموالهم أن يقتحم ديارهم» كان يطمع فى قرطبة حاضرة الخلافة «أشاروا عليه بلبس التاج فقال لا حتى أطأ ذروة الملك وآخذ قرطبة واسطة السلك 29. ثم تفتحت أمامه الآمال» وبدأت الحصون الإسلامية فى شبه الجزيرة تتهاوى أمامه واحدا بعد آخرء فاستولى على بلنسية”؟2» كما أرسل إلى كل الإمارات الأندلسية نوابا عنه ليفرضوا سلطانه ويرهبوا عدوهء ويحصلوا الغرامات والإتاوات 69 وضرب الحصار على سرقسطة ورفض الأموال السخية التى عرضها صاحبها © عليه» وحاصرت قوات قشتالة مدينة غرناطة؛ كما استولت على حصن لبيط (ملعنة) بإقليم مرسية» كما سيطرت على ألمرية» وبلغ التوسع النصرانى الأوج0, وبات الناس يعتقدون أن معركة الاسترداد لن تقف عند حدء بل تمضى كالتيار الجارف تقتلع كل مافى طريقهاء فلا تبقى على شىء» وتذهب الروايات فى تصوير (؟) الحلل الموشية فى الأخبار المراكشية ص70 . (1) عبدالله بن بلكين : التبيان ص 77١ (4) الذخيرة القسم الرابع المجلد الأول ص١171 . (0) .207 .ماك .مه : لأول1لط (5) .205 .م :لط 1
إففق ابن خلكان جا صا8م1ا. (8) .189 .ماك .مه : أهلزط
لخيضى
آمال الفونسو مذاهب الغلو» فتقول (إنه سار حتى وصل إلى جزيرة طريف فى أقصى الجنوب. فأدخل قوائم فرسه فى البحر وقال هذا آخر بلاد الأندلس قد وطئته2)»» وسواء أصح ذلك أم لم يصح فإنه يصورنا لنا كيف أن آمال ملك قشتالة قد تجاورت كل غاية» واعتقد عن يقين أنه محيى ملك لذريق» وأنه لامعصم للمسلمين من بطشه إلا التسليم» أو الفرار بدينهم إلى بر العدوة. ولكن الأيام سوف تخلف ظنه. حين تدلف عصبة مجاهدة مؤمنة إلى الميدان آخذة بناصر المسلمين.
وما دمنا قد استعرضنا مظاهر القوة التى طرأت على المجتمع النصرانى فى شبه الجزيرة فقلبت الأوضاع» فلابد من أن نعرض للأسباب التى أدت إلى انهيار المقاومة الإسلامية هذا الانهيار المفرطه والتى أدت إلى تفرق شمل القوى الإسلامية» وانحلالها على هذا النحو الذى رأيناهء كان انهيار الخلافة الأموية هو الكارثة العظمى التى حطمت الوحدة الإسلامية بشبه الجزيرة» فقد كان الأمويون وهم قرشيون يخلعون على البلاد نوعا من الوحدة الشرعية» وكانوا فى الواقع خير من يوحد بين الاحزاب المتنافرة» ويضفى على البلاد لونا من ألوان الاتحاد» حين عملوا على توجيه الجهود المختلفة وجهة واحدة نحو الكفاح المشترك .
وكانت البسلاد فى الواقع تحكم حكما إقطاعياء فقد تمعخضت طبيعة البلاد الجخرافية» وتنوع بيئاتها عن ققيام لون من ألوان الاستقلال المحلى فى ظل هذه الوحدة العامة» ويبدو أن ضعف الخليفة أو قوته لم يكن له أثر يذكر فى ضعف المجتمع أو قوته. فقد كان هشام المؤيد خليفة ضعيفاء ولكن المنصور بن أبى عامر كان. يدير دفة الحهاد باسم الخليفة الأموى فى قوة خحارقة للعادة» فلما سقطت الخلافة الأموية وعز الأمير الشرعى الذى يؤلف بين القوى المتنافرة انتثر السلك وتفرقت الوحدة» واستردت كل مقاطعة استقلالها كاملاء وهذه الفرقة الشاملة كانت ظاهرة انتابت الشرق الإسلامى كله فى مثل هذا الوقت تقريباء ولكنها فى
(1) الذخيرة القسم الزابع » المجلد الأول ص١؟7 .
برض
الأندلس كانت كارثة لامعصم منهاء فقد كانت المعركة الدائرة الرحى بين المسلمين والنصارى القاطنين فى ديار متجاورة متلاصقة تتطلب الوحدة ولم الشمل .
ومن الغريب أن ملوك الطوائف قد استمرءوا سياسة الاغتصاب» وأكسبوها فى نفوسهم صبغة شرعية » فقد روى المؤرخون أنهم كانوا يقولون «توارث هذه الإمارة مسخرقة وضعتها قريش لاستعباد الناس والناس لأب وأم والفخار باطل أحقهم بالملك من استقل به ”02 .
حدث هذا كله فى الوقت الذى بدأت فيه القوى المسيحية تنتعش اقتصاديا وتقر الأمن والطمأنينة فى البلاد المفتوحةء فتنوعت مصادر الثروة حين تضاعف عدد المشتغلين بالزراعة والتجارة» وبدأت هذه القسوى يستظلها نوع من الوحدة يزعامة ملوك قشتالة» الذين راحوا يعملون على بعث القومية فى نفوس مواطنيهم وتوجيههم نحو هدف مشترك 7©» وقد حدث هذا أيضمًا فى الوقت الذى أخذت فيه النهضة تدب فى أوصال أوروبا فى القرن الحادى عشر وأوائل الشانى عشرء وظهرت ملكيات جديدة فى الوقت الذى نهضت فيه الكئيسة الرومانية نهضة عظيمة بعد حركة الإصلاح الكلونية» ويدأت تبسط سلطانها على غرب أوروياء وتدفع القوى المسيحية المختلفة إلى خوض معركة حاسمة مع الدول الإسلامية فى الشرق والغرف5
ومن الأسباب التى أدت إلى انهيار المقاومة الإسلامية أيضا هذه الطائفية البغيضة التى أصابت البلاد» فدنخرت فى صرح وحدتها حتى دكتهء» ونعنى ذلك, التزاع الذى نشب بين العرب والبربرء هذا النزاع الذى ظهرت بوادره فى عصر الولاة» ولكن آثاره تضاع فت منذ عهد المنصور بن أبى عامرء الذى كان لابد له ليضطلع بحركة الجهاد على نطاق واسع من ألا يعتمد على المطوعة والمرتزقة من جند الأندلس» بل على المجندين من البربر؛ فأكثر منهم» واعتمد عليهم اعتماذا
2غ« ابن بسام : الذخيرة» القسم الرابع » مجلد ١ صض؟١1. )١( .393 .مألا .أ70 .)5ل .لم14 عوطلءطاصدة (5) .267 .م لنط1
رخف
مطلقًا فى تنفيذ مشروعاته السياسية» ومناضلة الأرستقراطية العربية فى شبه الجزيرةء فلما سقطت الخلافة أوقدوا نار الفتنة وعاثوا فى الأرض» وفرقوا الوحدة الاملايةا شر طرق لكي 0
يضاف إلى هذه الأسباب أيضا أن سياسة المنصور بن أبى عامر القاضية بالإفراط فى الجهاد أنهكت الدولة. كما أن هذه الحملات العديدة استنزفت أموال البلاد»ء وحصدت زهرة الجند» وكان باستطاعة المنصور لوكان بعيد النظر أن يحتفظ بحدود الدولة كما هى» وأن يتخذ سياسة الدفاع والتفرغ للإصلاح الاقتصادى والاجتماعى» ولكن المنصور كان يريد أن يتخذ من الجهاد سلما يحقق أغراضه وأهدافه» ولاندرى إلى أى هدف كان يسعى ذلك الرجل البعيد الأطماع .
ولم تكن أخطاء المنصور السياسسية هى التى أدت وحدها إلى أن تعصصف بالوحدة الإسلامية» بل اتخذ المنصور سياسة اقتصادية كانت ذات أثر فيما منيت به الأندلس» فقد كانت الدولة تقطع الجند أرضا يستغلونها لقاء خدمات حربية يؤدونها فى أوقات معلومة» ويظهر أن هؤلاء الجند كانوا يعئون بالإنتاج الزراعى عناية فائقة «فكانت الأرض عامرة والأموال وافرة والأجناد متوافرين والكراع والسلاح فوق مايحتاج إليه 42. لكن المنصور فى أواخر عهده عمد إلى مصادرة هذه الإقطاعات» ومنح الجند أعطيات شهرية» ورتب على الأرض جباة أساءوا السيرة وظلموا الرعيةء «فلما ثقلت الوطأة على الناس بدءوا يهجرون الأرض ويفرون منها حينما اشتد ساعد الفتنة وظهرت ريح المحنة 9ع ,
يضاف إلى ذلك أيضا مامنيت به البلاد من طائفة المستعربين» وأشباه المسلمين الذين كانوا يعرفون العربية» ويؤلفون جاليات كبيرة انبئت فى طول البلاد وعرضهاء فلما انهارت الخلافة كانوا من أشد أتصار الممالك النصرانية إخلاصاء يفشون أسرار المسلمين» ويكشفون عن عوراتهم» وكان النصارى إذا تقدموا )١( ابن عذارى : البيان المغرب ج” ص8 .٠١ (؟) الطرطوشى : سراج الملوك ص77١ . (7) .43 .راك .مه الدلتط
تفرى
تحارنة أ مخاصرينء ساروا كأنهم بين أهليهم وقومهمء فكانوا يضربون خيامهم فى ظاهر مرسية أو بلئسية دون أن يخشوا شيا 7
مهما يكن من شىء فإن الأوضاع فى الأندلس تناهت فى السوءء وأصبحت الحياة فيها شاقة عسيرة» ووضح للناس أن النهاية آتية لا ريب فيها. تحكمت الذاتية فى أطماع الناس. شعبا وحكاماء وأصبح الأمراء يعيشون لساعتهم لايحسبون حسابا لغدهم » منغمسين فى الترف» متهافتين على الملذة ”2). وكان من الممكن أن تضطلع إمارة أشبيلية بحركة توحيد القوى الإسلامية فى شبه الجزيرة» وكانت الظروف ترشحها لمثل هذه الزعامة 7" . ولكن أمراءها أعمتهم الأهواء الخاصة» وابتاعوا السلم الزائف بأفدح الأثمان» ومدوا أيديهم للطاغية يحالفوته يفتك بإخوانهم فى الدين» وقد تجلت هذه السياسة القصيرة النظر فيما رواه المؤرخون على لسان بعض أمراء الأندلس *2» ومئهم المعتمد بن عباد حين قال: «الحال مع العدو قصمه الله - سيئة لاتحتاج إلى جلاء ولا كشف» معروفة لاتفتقر قر إلى نعت ولا وصف ومن يمكن مقاومته ومخاشتته فليس إلا مداراته وملاينته 0
وقد اضطرت روح الضعف هذه ملوك الطوائف إلى تسخير المرتزقة من النصارى فى تحقيق أغراضهم» والإغارة على إخوانهم فى الدين» وقد تفشى فى () قبل حلت الفاقرة بعد بجماعتهم ين ايقن ال ارئ ينف للق وقؤيت اللداعهم باشاع المنة واضطزمت فى كل جهة نارهم ورويت من دماء المسلمين أسنتهم وشغارهم ومن أخطأه القتل منهم فإنما هم بأيديهم سبايا يمنحنونهم بأنواع البلايا حتى دنوا مما أرادوه من التوثب وأشرفوا على ما أملوه من التغلب وحصلت مدينة قورية أولا فى يد العدو إلى عدة حصون وقلاع كلها فى غاية الحصانة والامتناع ثم لم يزل التخاذل يتنزايد والتدابر يتساند حتى حلت الفاقرة وقضيت القضية وتعجلت البلية بحصول مديئة طليطلة فى أيدى النصارى وذلك سنة هه وهى من التزيرة ة كنقطة الدائرة وواسطة القلادة تدركها من جميع نواحيها ويستوى الإضرار بها قاصيها
ودانيها وفى ذلك يقول بعضص الشعراء: حثوا مطاياكم عن أرض أندلس فما المقام بها إلا من الغلط فالثوب ينسل من أطرافه وأرى ثوب الجزيرة منسولا من الوسط
(الذخيرة مخطوط بغداد قسم ؟ ص١1١٠ .)٠١5- (؟) .8 .م ,701.11 تسممل201ططهى ::زده12 () ,395 .م 701.6 .]115 لع11 عو اسل سد (4) الذخيرة : مخطوط بغدادء قسم 7 صق 191. (5) الذخيرة : مخطوط بغداد» قسم "ا صص”7١٠.
نرف
الناس شعور بالذلة والمسكنة لم نعهده فى أمة عربية من قبل » فقد وسموا بالجبن ولم تقو أجنحتهم المهيضة على أن تثبت أمام العدو فى زحف أو قتال '"'. ولايمكن أن نفسر ذلك إلا بأن الدين قد ضعف سلطانه على قلوب الناس». على حين أن الجند النصرانى يجاهدون من أجل هدف واحد معروف يؤلف بين قلويهم ويلهب حماستهم ويدفعهم إلى البذل والفداء”©. وليس بغريب أن نرى جمهرة الشعب على هذا النحو من التخاذل» مادام أمراؤهم قد خانوا الأمانة على مرأى ومسمع من الناس » فانهارت القوى المعنوية للشعب» وكاد يفقّد قدرته على المقاومة والنضال» هذا إلى جانب ماكانوا يرزحون ته من أعباء مالية باهظة.ء فقد كان الأمراء فى سبيل استرضاء ملوك النصارى يغالون فى فرض الضرائب» ويبتزون أموال الناس ويثقلون عليهم حتى أصبحوا بين عدو يتربص بهم وأمير يستنزف دماءهم» ويكفى للتدليل على فساد الحياة فى الأندلس فى ذلك العصر ماصوره ابن عبدون صاحب زسالة الحسبة من علل اجتماعية خطيرة ومفاسد دبت فى جميع مرافق الحياة حين قال: «وبالجملة كان الناس قد فسدت أديانهم وإغغا الدنيا الفانية والزمان على آأختره» وخخللاف هذه الأشياء هو ابتداء الهرج وداعية الفساد وانقضاء العالم 9 .
وكان الفقهاء والمفكرون ”© يشاهدون هذه الفرقة الداهمة» فيتألمون لما أصاب المجتمع من انحلال» ويصورون هذه الحالة المفجعة بأسلوب مفعم بالألم والحسرةءكتبوا إلى الأمراء يدعون إلى الوحدة» وتأليف القلوب لمواجهة ذلك العدو الذى استشرى داؤه» فلم يستجب لهم 0 جيب » إلا أن جهودهم لم تذهب سدىء فقد أخذوا يزهدون أهل الأندلس فى الأوضاع القائمة على الفساد. لفق ابن عذارى : البيان ا مغرب ج١1 ص7886. (7) .103 .م ,للام؟ روعطءمعطعع] :دمل (؟) ابن عبدون : رسالة فى الحسبة ص١90؟. (5) أبو عبدالرحمن بن طاهر (الذخيرة بغداد قسم * صن075. أبو محمد بن أبى عمر بن عبيد البر النمرى (الذخيرة بغداد قسم ' ص0060) أبو عبدالله البزليانى (الذخيرة القسم الأول مجلد ؟ ص//10) أبو الوليد الياجى الأندلسى (الذخيرة بغداد قسم ” صة؟) أبو حفص عمر بن الحسن الهوزنى (الذخيرة بغداد قسم ” ص94) أبو الوليد محمد بن عبدالعزيز والوزير أبو عامر التاكونى وأبو الإصبغ بن أرقم.
>35
ويهيئون العقول لقبول تحول جديد فى تاريخ البلاد» ويمهدون السبيل أمام المرابطين الذين خفوا إلى حومة التهاد منافحين مناضلين .
١١ استدعاء المرابطين للجهاد فى الأنذلس:
وقبل أن نعرض لقصة الجهاد فى الأندلس» ونكشف عن ذلك الدور الرائع الذى اضطلع به المرابطون يجب علينا أن نبين رأينا فى أمر نعتقد أنه على جانب م من الأهمية. لابد أن نعرف هل لبى المرابطون داعى الجهاد فى الأندلس حبا
فى الجهاد ونه للدين» أم أنهم استدعوا إلى الأندلس» استدعاهم ملوك
الطوائف لإنقاذهم ئ حل بساحتهم من عدوان النصارى » ومن الغريب أن روايات المؤرخين فى هذا الصدد متناقضة أشد التناقض مختلفة أشد الاختلاف مشوبة بطابع خرافى مبالغ فيه. وكل مايمكن أن نخلص به من هذه الروايات المختلفة 9 أنها تحاول أن تظهر المعتمد بن عباد أمير أشبيلية بمظهر صاحب اليد الطولى فى _ استدعاء المرابطين إلى الأندلس . تبنى الفكرة ودافع عنهاء وراسل يوسف بن تاشفين » يصور له سوء الحال, ويلهب حميته وحماسته ويستدر عطفه . بل ذهب المؤرخون 7" إلى أبعد من هذاء فقالوا: إن المعتمد قد عبر البحر إلى المغرب» التتعل: حتى 0 ا معتمد على: ذلك حملاء وذكروا أيضا أن ابن الأفطس صاحب بطليموس قل شاركه فى هذه الخطة د وأيذه فيها كل التأييد» وبعد أن كان أمراء الأندلس يقفون من هذه السياسة وقفة التردد اضطروا إلى أن يدلوا بدلوهم فى الدلاء» ويشاركوا فى هذه السياسة» ويستصرخحوا بالمرابطين يعدونهم بالنصرة والتأييد إذا هم عبروا البحر إلى الأندلس مجاهدين”؟.
ولايمكن أن نمر على هذه الروايات دون أن نرى لنا فيها رأياء ويبدو أن )١( الحميرى: الروض المعطار ص 86. الحلل الموشية فى الأخخبار المراكشية ص 7١ و775. روض القرطاس ص47 و9 . المراكشى: المعجب ص١8 . الذخيرة : مخطوط بغداد قسم ”ا ص 5094. المطرب لابن دحية ورقة 8. (1) المراكشى: المعجب ص١8 . المطرب لابن دحية ورقة 9 ب.
(*) الجميرى : الروض المعطار ص8”6. (4) الذخيرة : بغداد قسم 7 ص7508.
يفف
أغلب المؤرخين الاندلسيين حاولوا أن يظهروا أمراء أشبيلية بمظهر البطولة وأصحاب الفضل فى بعث حركة الجهاد» كما حاولوا أن يغضوا من شأن أهل المغرب» ويظهروهم بمظهر الذى يلبى نداء أهل الأندلس» ويأتمرون بأمرهم» ومن إلغريب أن هذه الظاهرة تشاهد بجلاء واضح فيما يرويه المؤرخون المنحدرون من أصل أندلسى» فهم يحاولون دائما أن يرفعوا من شأن الأندلس» ويعلوا من ذكرهاء كما أن بعض المؤرخين الذين تعرضوا لهذا الموضوع كتبوا فى عصور متأخرة نوعاء وقد يكون ذلك فى عصر الموحدين» أو بعدهم. حين اعتاد الناس أن ينظروا إلى المرابطين نظرة معادية» وأن يشوهوا تاريخهم» ويغضوا من شأنهم فى الوقت الذى يحاولون فيه أن يرفعوا من شأن الموحدين» ويعلوا من ذكرهم فساءهم أن يكون المرابطون البادئون بالجهاد. وهم أصحاب الفضل على الإسلام» وعلى أهل الأندلس. ١
ومن الغريب أن المؤرخين حين تعرضوا لتوسع المرابطين فى المغرب عزوا ذلك إلى ما كان من استنجاد بعض فقهاء سجلماسة بقادة الملثنمين وزعمائهم, ثم تعود المراجع ”2 فتعترف بأن دولة المرابطين قامت من أجل الجهاد» وأنها تحله من سياستها محلا رفيعاء وتسخر قوتها من أجل إحياء الإسلام» وإنقاذ العالم الإسلامى مما دهمه من فرقة وتخاذل» يدل على ذلك مارواه صاحب اللخيرة 9) على لسان بعض من كتب يستنجد بيوسف» إذ قال: اوقفت على الجهاد عزائمك وصح العلم بأنك لدعوة الإسلام أعز ناصر وعلى غزوة الشرك أقدر قادراوجب أن تستدعى لا أعضل من الداء وتستغاث .. » وما أحضكم على الجهاد بما فى كتاب الله فإنكم له أتلى» ولا أحرصكم على الشرع وبما فى حديث رسول الله ككل فإنكم إلى معرفته أهدى».
لذلك أخذ يوسف بعد أن تم له فتح بلاد المغرب يجوب أرجاءه محرضا على الجهاد داعيا له مستنفرً للقبائل على أن تنخرط فى سلك المجاهدين © سواء (1) الحلل الموشية ص77. روض القرطاس ص48 . المراكشى ص١8 الذخيرة مخطوط بغداد قسم ؟ ص7094.
(7) الذخيرة : مخطوط بغداد قسم ؟ ص59؟. [فرف ابن أبى ررع: روض القرطاس ص؟ة.
يض
أكانت هذه القبائل من أنصاره أم من أعدائه. لأنه كان يعتقد أنه لابد من أن تتحد القوى الإسلامية كلها للقيام بجهد مشترك موحدء نعم كان الجهاد هو الشعار الذى اتخذه يوسف بن تاشفين لنفسهء حين قال «أنا أول منتدب لنصرة هذا الدين ولايتولى هذا الأمر أحد إلا أنا نفسى ك2 فكأنه كان ينفذ تعاليم إمامه عبدالله بن ياسين» وابن عمه أبى بكر بن عمرء نعم أقدم يوسف على فتح سبتة وطنجة لاحبا فى التوسع والفتح فحسبء بل ليمكن دولته الناشئة من أن تتخذ قواعد لأسطولها الناشئٌ الذى سوف تس خره لمناهضة القوى الفرنجية فى البحرء وحماية القوات المرابطية حين. تعبر إلى الأندلس مجاهدة فى سبيل الله © إذ لابد أن يكون يوسف قد وضع أمر الجهاد فى الأندلس نصب عينيه» وهو يسير جيشه لفتح سبتة وطنجةء فقد كان يمكن لقواته ويتخذ العدة لحشد القوى الإسلامية لمواجهة خطر الفرنجة» كما يجب ألا ننسى أن فتح سبتة وطنجة قرب الصلة بين ا مغرب والأندلس» وأصبح المرابطون وقد أطلوا على هذه البلاد يشهدون مايجرى فيها من أحداث» ويرقبون المعركة الدائرة الرحى بين المسلمين والنصارى.
ويجب أن لانغفل ناحية أخرى هامة هى أن الفقهاء والعلماء كانوا يرحلون من الأندلس إلى المغرب» وكان كثيرون من الاندلسيين ينفرون إلى بر العدوة معتصمين بالمرابطين نجاة بأنفسهم ودينهم» يروى المؤرخون أن هؤلاء الفقهاء كانوا يروون لشيوخ المرابطين قصصا دامية» وحوادث مفجعة يهتز لها كيان كل مسلم مخلص لدينه معتز بهء وكان بعض هؤلاء الفقهاء يخفون إلى لقاء يوسف بن تاشفين مجهشين بالبكاء لما أصاب بلادهم من بؤس وشقاء ”" فتهتز نفسهء وتقوى عزيمته على وجوب التدخل مهما كان السبب.
ويبدو أن توسع المرابطين صوب سبتة وطنجة لم يصادف هوى فى نفوس أمراء الأندلس» فتوجسوا خيفة؛ وأحسوا أن قوة جديدة بدأت ترقب حركاتهم
(1) المراكشى : المعجب ص١81. (1) المقرى: نفع الطيب جا ص1116. زفرف الحميرى : روض المعطار صرامق.
224
وسكناتهم» وتتبرم بمباذلهم ومساخرهمء وتتهيأ للأخذ بناصيتهم» يدل على ذلك مارواه المقرى حين قال: «لما ملك يوسف بن تاشفين اللمتونى المغرب وبنى مدينتى مراكش وتلمسان الجديدة وأطاعه البربر مع شكيمتها الشديدة وتمهدت له الأقطار الطويلة المديدة تاقت نفسه إلى العبور إلى جزيرة الأندلس» فهم بذلك وأخذ فى إنشاء المراكب والسفن ليعبر فيهاء فلما علم بذلك ملوك الأندلس كرهوا إلمامه بجزيرتهم وأعدوا له العدة وصعبت عليهم مدافعته وكرهوا أن يكونوا بين عدوين: الفرنج عن شمالهم والمسلمون عن جنوبهم وكانت: الفرنج تشتد وطأتها عليهم ”', كما أن المعتمد بن عباد لما علم بزحف المرانطين أمر بتحصين الجزيرة الخضراء وجبل طارق».
أما المراجع التى تصور لنا المعتمد بن عباد بأنه بطل الاستنجاد» ومتبنى فكرة استدعاء المرابطين فإنها تعود فتذكر أن ثمة خلافا.وقع بينه وبين ابنه الراشد الذى كان يرى ألا يستنجد أبوه بالمرابطين مخافة أن يطمعوا فى ملكه ويصرفوه عما بيده من البلاد "© ويضيفوا إلى ذلك أن غالبية ملوك الطوائف كانت تتوجس خيفة من تفكير المعتمد فى هذا المشروع» وكان «كلهم يحذره سوء عاقبته وقالوا له: الملك عقيم والسيفان لايجتمعان فى غمد واحد 2»"7. وأشاروا عليه بمداراة الفونسو ومصانعته وإجابته إلى مايطلب ©2» بل إن الأمير عبدالله بن بلكين أمينر غرناطة الذى شهد هذه الأحداث» وأشترك فى هذه الوقائع يشير إلى هذا التوجس» وهذا الخوف من يوسف فيقول: «وأنس الجميع ولما يتربص فى البلاد ألا يوحش سلاطينها مما يتوقعونه من انخياش رعيتهم إليه فكل من شكا إليه ذلك الوقت فن رعيته يقول له: لم نأت لهذا والسلاطين أعلم بما يصنعون فى بلادهم ». إذن لم يكن هنالك إجماع على الاستنجاد بالمرابطين كما يصور المؤرخون؛ بل كان من
)2ن( المقرى: نفح الطيب ج؟ صه/١١ ,
.78١ص الحلل الموشية ص١7. أعمال الأعلام )١( ./86 زفرف الجميرى : روض المعطار ص
(4) ديوان ابن حمد يس الصقلى صرلالا؟.
(5) عبدالله بن بلكين : البيان ص7”4.
خرف
رأى بعض زعماء الأندلس أن يستنجدوا بعرب بنى هلالء» الذين كانوا قد غزوا إفريقية» وكادوا يطوحون بملك بنى زيرى ”"'.
ولكن المراجع كشفت النقاب ”2 عن ناحية أخرى هامة» كشفت عن الدور العظيم إلذى لعبه الفقهاء فى الأندلس» وبينت كيف سعى هؤلاء المخلصون لقضية وطنهم إلى إيجاد نوع من الوحدة بين القوى الإسلامية المتنافرة للوقوف فى وجه الخطر الفرنجى» وخصوصا بعد سقوط طليطلة» واستشراء داء النصارى فى شبه الجزيرة» فعقدوا مؤتمرا فى قرطبة تذاكروا فيه أحوال البلاد» ومامئنيت به من قحف وتشاذل وعر فوا كا عاة من :عمو الأنتارات الأسلامنة عن الأياد والتعاضد» وإمعانها فى التخاذل والتخاصمء ورأوا أنه ليس أخسن من الاعتصام بالمرابطين» وتأييد المشاريع التى كانوا قد بدءوا يعدونها لخوض معركة الجهاد فى الأندلسء ومن أئمة هؤلاء الساعين إلى توحيد القوى أبو الوليد الباجى الذى طاف بملوك الأندلس يؤلفف قلوبهم على نصر الإسلام» ويروم جمع كلمتهم وتوحيد صفوفهم ": ولم لايكون رسل المرابطين من فقهاء المشرب قد انيشوا فى بلاد الأندلس فى ذلك الوقت يؤلبون فقهاءها قادة الرأى العام على ملوك الطوائف ويمهدون لجيوش المرابطين ,إذا هى نزلت شبه الجزيرة حتى يخف إليها الشعب مؤيدا ومؤازراء فلا يجد ملوك الطوائف مناصا من السير مع السائئلين. كان باستطاعة يوسف بن تاشفين لو كان عازفا عن التدخل فى شئون الأندلس أن ينصرف إلى غزو إفريقية والتوسع شرقاء وكانت الأحوال هنالك تمهد لمثل هذا التوسع لو أن المرابطين أقدموا عليه. ولم يكن يوسف يسعى إلى كسب مادى» بل كان يسعى إلى نصر أدبىء هو تحقيق أهداف المرايطين من الجهاد والتمكين للدولة الناشئة» فانصرف إلى فتح سبتة وطنجة» وشرع فى بناء السفن واتخاذ الأهبة لخوض معركة الجهادء والدفاع عن القوى الإسلامية فى المغرب.
.١١918ص.7ج ابن الأثير ج١٠ ص؟5. المقرى. نفح الطيب )١( .١ 1١1/94-11١ا/8ص المقرى ج؟ ٠١ زفف الذخيرة مخطوط يغداد الثانى ص86 ؛ ابن خلكان ج؟ ص . القاضى عياض : ترتيب المدارك جة ص الاه )(
عرف
ويخيل إلينا أن يوسف كان يعد العدة للتدخل فى الأندلس» حتى لو لم يستنجد به ملوك الطوائف, وهل كان فى تأييدهم له ووقوفهم فى صفه غناء مادام الشعب والفقهاء يؤيدونه ويقفون فى صفه. ويخيل إلينا أيضا أن ملوك الطوائف فى الأندلس قد أحسوا بهذك ولسوا بانفسهم مبلغ تهيؤ يوسف لدخعول الاندلس فأحبوا أن يستفيدوا من حركة قائمة قبل أن يكتسحهم تيارهاء فيظهروا أمام العالم الإسلامى بمظهر المتقاعسين عن الجهاد 2» فكاتبوا يوسف بن تاشفين تحت ضغط الفقهاء. وليس ببعيد أن يكون شأن المعتمد بن عباد شأن بعض الأمراء مثل المتوكل ابن الأفطس وعبنالله بن بلكين قد كاتب يوسف بن تاشفين فى هذا الوقت بالذات حيئما أحدقت ب قوات ألفونسوء وأحس أنه لن ينجو من المصير المحتوم إلا بالسير فى ركاب المحبذين لوز المرابطين إلى الأندلس. والمؤيدين لمشروعات المرابطين فى شأن الجهاد '2. كما أن تطور الحوادث فى الأندلس سئة 51/4ه قد أظهر لكل ذى عينين أن القوى النصرانية تريد أن تبتلع كل شىىء وأنه لابد للأمراء إذا أرادوا السلامة أن يؤيدوا الدولة الناهضة التى كانت تستعد للجهاد فى ذلك الوقت.
يتبين مثل هذا الاتجاه ما رواه شاهد عيان لما كان فى هذا الوقت من حوادث» ذلكم هو الأمير عبدالله بن بلكين الزيرى الذى وصف استيلاء المرابطين على الجزيرة الخضراء بعد عبورهم المضيق» فقد ذكر أن المعتمد بن عباد أخذ يماطل ويسوف فى تسليم هذه الجزيرة برغم وعده بتسليمهاء وأن المرابطين انقضوا على هذا الموقع» وفوجئت قوات أشبيلية بعساكر المرابطين تحدق بهم «التفت القوم إلى خيل قد ضربت محلتها لم يدر متى أقبلت ولم يصبح لهم إلا وطائفة أخرى بعدها يزيدون ويترادفون حتى انكمل المعسكر كله على الجزيرة مع داود بن عائشة وأحدقوا حواليها يحرسونها ». وقد عارض الراضى ولد المعتمد فى ذلك» فقال له داود بن عائشة: «وعدتمونا بالجزيرة الخضراء ونحن لم نأت لأخذ بلد إنما أتينا
)١( ابن الكردبوس التوزى: كتاب الاكتفا نقلا عن. االدسدم.ن .مة.1! .أم؟ومع8 مه و02
(7) الذخيرة : مخطوط بغداد القسم الثانى ص98 . (””) عبدالله ابن بلكين : التبيان ص738”.
غرف
للجهاد فإما أن تخليها من هنا إلى وقت الظهر من يومنا هذا وإلا فالذى نقدر عليه نصنع» فلم يجد أمير أشبيلية مناصا من التسليم مادام المرابطون قد وضعوه أمام الأمر الواقع.
كان المرابطون كما قلنا يعدون العدة لخوض معركة الجهاد مهما كلقهم ذلك فقد قال يوسف: «إنما كان غرضنا من ملك هذه الجزيرة أن نستنقذها من أيدى الروم لما رأينا استبدادهم على أكثرها وغفلة ملوكهم وإهمالهم للغزو وتواكلهم وتخاذلهم وإيثارهم الراحة .. ولئن عشت لأعيدن جميع البلاد التى ملكها الروم فى طول هذه الفتنة إلى المسلمين» ولأملأنها عليهم خيلا ورجالا لاعهد لهم بالدعة» ولا علم عندهم برخاء العيش إنما هم أحدهم فرس يروضه ”©». هذا هو دستور الجهاد فى الأندلس وتلك هى أهدافه وأغراضه فلتحاول أن نتتبع قصته حتى نعرف إلى أى حد أفلح يوسف فى تحقيق ماتغياه.
“| الدور الأول من أدوار الجهاد فى الأندلس فكرة الجبهة المتحدة:
ومهما يكن من شىء فقد احتلت طلائع المرابطين الجزيرة الخضراء وبدءوا يتخذونها معسكرا كبيرا تتدفق إليه قواتهم فوج يتلوه فوج» كما أخذوا يحشدون القوات ويشترون العدة والسلاح("©» ويتهيئون للخطوة المقبلة» كما بعثوا إلى الجزيرة بأعداد كبيرة من الإبل لتشترك فى معارك الأندلسء» وربما كان ذلك للمرة الأولى "» وقد علت صيحة الجهاد فتردد صداها فى الاندلس والمغرب» وبدأت القوات تحتشد عند مدينة سبتة» وجاءت الوفود المجاهدة من الصحراء وبلاد القبلة والزاب»ء ولم تتخلف قبيلة عن المساهمة فى هذه الحركة الكبرى ”؟©. وكأن يوسف ابن تاشفين قد وجد فى معركة الجهاد هذه بلسمًا يشفى جراح المغرب ويوحد بين قبائله كلها تحت لوائه» ويقر الأمن والسكينة فى ربوعه. ومادام الجميع ينصرفون نحو هدف واحد لايلوون على شىء فى سبيل تحقيقه »وقد علت صيحة الجهاد
.١١”ص المراكشى : المعجب )١( الحلل الموشية ص74 )1( .١١ل9 المقرى: نفح الطيب جما ص © يفيف
فى الأندلس» وكان الفقهاء وقادة الفكر يجوبون البلاد» ويستنفرون الناس» ويعملون على توحيد الجهود ليمهدوا السبيل أمام القوات المجاهدة الآتية من المغرب» وقد عبر يوسف البحر ونزل الجزيرة الخضراء «وخرج إليه أهلها بما عندهم من الأقوات والضيافات وامتلأت المساجد والرحبات بضعفاء المطوعين ”)2 .
ويبدو أن الهدف البعيد الذى كان يوسف بن تاشفين يرمى إليه وهو حشد القوات الإسلامية فى صعيد واحدء وتكتل القوى ووقوفها صفا واحذا كالبنيان المرصوص لمجابهة العدو يدا واحدة كان قد شارف النجاح» إذ كان لقدومه فعل السحر فى نفوس الناسء وخصوصا حين أخذت قواته بعد احتشادها فى الجزيرة اللفقيراء ممه صوات أكنئلية بقنانة أى سليمان حراقة بن عائفة ".فم كاد قواته تقترب من هذه المدينة حتى خف إليه الناس من سائر المجهات متطوعين للمشاركة فى الجهاد © وانضمت إليه قوات المعتمد بن عباد والمتوكل بن الأفطس» وبعض قوات ابن صمادح صاحب ألمرية» وصاحب غرناطة. والشغر الأعلى» وابن ذى النون وبنى عزون”؟»» حتى «لم يبق من ملوك الطوائف بالأندلس إلا من بادر وأعان وخرج وأخرج ؛. وخرج من أهل قرطبة عسكر كثير» وبدأت وفود المطوعة من سائر الأقطار تفد إلى أشبيلية ”2: فلم يجد يوسف بدا من جعل القوات معسكرين : معسكر الأندلسيين فى ناحية» ومعسكر, الصحراويين فى ناحية أخرى» حتى لايختلط المعسكران 0
وبدا للناس كأن المعجزة التى طالما انتظروها قد تحققت. فاجتمع شمل أهل الأندلس بعد تفرق» وتوحدت جهودهم بعد طول تحاسد» وبدا كأن جهود يوسف ابن تاشفين قد وصل ما انقطع من تاريخ البلاد منذ وفاة المنصور بن أبى عامرء حين كان المجتمع الأندلسى عبارة عن معسكر كبير يعج بالمجاهدين والمطوعة من كل
)١( الحميرى: الروض المعطار ص87
() ابن أبى زرع : روض القرطاس ص47 (؟) المقرى : نفح الطيب ج" صةل/ال١3. )2( الضبى 9 بغية الملتمس ص١؟.
)١( ابن أبى زدع : روض القرطاس ص437. 7« المقرى 53 نفح الطيب جح" صهلا١١.
كين
فج. لم يكن من المستطاع أن يوحد الأندلسيون أنفسهم بأنفسهمء فكان لابد من قوة خارجية تلم شملهم» وتنظم وحدتهمء وتحملهم على الوقوف صفا واحدا.
وبدا المجتمع الإسلامى فى الأندلس وكأنه أفاق فجأة من هجعة طويلة. وبدأ ينتفض انتفاضة القوة والحياة على يد هؤلاء القوم الغلاظ الأشداء الذين لم توهن ععزائمهم ملذات الحياة؛ ولم تصرف قلوبهم عن خحشية اللهء بل تآلفت قلوبهم على الإيمان» واجتمعت على الجهاد» يدل على ذلك ماقاله أمير معاصر هو عبدالله ابن بلكين صاحب غرناطة. الذى اشترك فى حركة توحيد القوى هذه فقد كتب يقول: «وظننا أن إقباله على الأندلس منة من الله عظمت لدينا لاسيما خاصة من أجل القرابة وللذى شاع من خيرهم وإقبالهم على طلب الآخرة وحكمهم بالحق فنعمل بأنفسنا وأموالنا فى الجهاد بعد كل عام فمن عاش منا كان عزيا تحت سغز وديا :وموزمات كان ق هيا والعجب فى تلك الستفرة مق حسن النيات وإخلاص الضمائر كأن القلوب إنما اجتمعت على ذلكء» ولقينا أمير المسلمين فى طريقه إلى بطليوس بجيوشهء ورأينا من إكرامه لنا وتحفيه بنا مازادنا ذلك فيه رغبة لو استطعنا أن نمنحه لحومنا فضلا على أموالنا ولقينا المتوكل بن الأفطس محتفلا بعسكره كل يرغب فى الجهاد قد أعمل جهده ووطن على الموت نفسه20»),
وقد أراد يوسف أن يبقى على هذا الشعور الفياض» وأن يؤثل لهذه الوحدة الفريدة» فعاقد ملوك الطوائف على أف يكونوا يدا واحدة» وأن تتصل جهودهم لغزو الروم بمعونته على ألا «يعرض لأحد فى بلده ولايقبل عليه رعيته ممن يروم الفساد عليه9 ».
وقد أحسن المعكسر النصرانى بهذا الخطر الداهمء وأدرك أن ثمة تغيرا وقع فى الجبهة الإسلامية» وأن الوحدة قد شملت صفوف المسلمين» وشدت من أزرهمء وأتت الأنباء للملك الفونسو السادس» وهو يشدد الحضار على سرقسطة فاضطر إلى رفع الحصاره وبدا يحشد القوى النصرانية» وينتتفر همم الآمم المسيحلية
.784 عبدالله بن بلكين: التبيان ص )١( (؟) المرجع السابق ص/9778-م77.
نارفا
ودوت أصوات الاستغاثة والاستنجاد فى أرجاء أوروباء ولابد أن الكنيسة الرومانية التى كانت قد تمت سيطرتها على كنيسة أسبانيا قد عملت على إذكاء الحماس فى نفوس المتطوعين «رفع القسيسون والرهبان والأساقفة صلبانهم ونشروا أناجيلهم”» وخف الفرسان من إيطاليا ومن وراء جبال البرانس ومن قشتالة وأرغونة وجليقية كما استعان بابن ردمير 62؟نطنة18 واعمة5 صاحب أرغونة وبنبلونة والكونت برنجار ريموند» وكان حشد قوات عظيمة من جليقية وليون وبسكونيا وأشتروي وقشتالة 9 ورفع الحصار عن بلنسية وخف إليه البرهانس 118062 2985 .
كانت الأحوال إذن تنذر بأن الصدام بين الإسلام والنصرانية سيكون صداما عنيفاء وأن المعركة التى سوف يشترك الطرفان فى خوض غمارها ستكون من المعارك الفاصلة فى تاريخ - جميع القوى المشتركة فيهاء فقد كانت القوى النصرانية ا د 1 كما كانت الروح التى بثها مجى,المرابطين وحركة الوحدة التى تفشت بين أمراء الأندلس قد جددت العزائم وقوت القلوب وأحيت موات الآمال» ونحن إذ نعرض لوصف ذلك الصراع الموشك أن يحتدم بين الفريقين يجب أن نلتزم نهجًا واضحًا لانحيد عنه» فلا نغرق فى التفاصيل ولانلم بكل دقيقة من دقائق المعركة. إنما الذى يعنينا هو أن نعرض للآثار التى تركتها هذه المعركة فى حركة الجهاد بالأندلس. والذى يعنينا قبل غيره هو نتائج هذا الصراع وآثاره فى سير حركة الجهاد» وفى التمكين لدولة المرابطين.
من الغريب أن جل ماكتبه المؤرخمون المسلمون فى موضوع هذا الصراع يشوبه غموض وتناقض ومبالغة. إذ تحاول بعض هذه الروايات أن تبرز المعتمد بن عباد بأنه فارس الحلبة وبطل الصراعء وأنه ساهم فى النضال بجهد مشكورء وتحاول بعض الروايات الأخرى أن تغالى فى النتائج التى أحزرها المرابطون مغالاة تخرجها عن طابع الحقيقة» حتى لقد نشأ حول هذه المعركة مايمكن أن نسميه أدب الزلاقة . فهنالك شعراء معاصرون كانوا فى بلاط المعتمد شهدوا المعركة عن كثب» وسجلوا نتائجها فى شعرهم»؛ مثل الشاعر عبدالجليل بن وهبون, الذى مدح
.1١80 المقرى: نفح الطيب جا ص )١( أشباخ جا ص487. )1(
المعتمد» ووصف النصر الذى أحرزه المسلمون» وابين حمديس الصقلى» الذى رحل إلى الأندلس سنة ١/841ه 227 وتقرب إلى المعتمد بن عباد» وأقام بأشبيلية ابن يسام بنماذج من أدب الكاتب أبى بكر بن القصيرةء» الذى خدم ابن عباد ثم خدم المرابطين» ووصف المعركة فى أسلوب رفيع » وهنالك مرجع آخخر بالغ الأهمية يكشف لنا بعض الغموض الذى شاب حوادث ذلك الصراع. هو كتاب التبيان للأمير عبدالله بن يلكين أمير غرناطة» الذى اشترك فى هذه المعركة. وسجل ماشاهد وماعاين» هذه الروايات المعاصرة سنع تمد عليها كل الاعتماد فى دراسة هذا الصراع والولمام بدقائقه .
ولكن يجب علينا أن نوضح أهداف طرفى النزاع» وندرس تحركات المرابطين بعد دخولهم أشبيلية» وتحركات القوى النصرانية بعد أن غادرت مضاربها حول سرقسطة. أقام المرابطون وحلفاؤهم بأشبيلية بعض الوقت 2©» ثم أخذت قواتهم تتحرك صوب بطليوس 0ك ولاندرى للاذا تحرك الخلفاء المسلمون صوب بطليوس التى تقع إلى الشمال الغربى من مدينة أشبيلية؟. هل كان فى ليتهم أن يتقدموا صوب مدينة قورية على نهر تاجة 22 ثم ينقضوا منها على مديئنة طليطلة ©“ فيضربو ! عليها الحصارء وينتزعوها من أيدى النصارى» ويردوا هله المدينة إلى السيادة الإسلامية مرة أخرى؟ .
لم يكن من المعقول أن تعمد القوى المتحالفة فى ذلك الوقت إلى المغامرة والتقدم صوب طليطلة رأساء لأنهم كانوا يعلمون أنهم إذا فعلوا ذلك اشتد توغلهم فى ديار النصارىء» فطالت خطوط مواصلاتهم » وسهل على الفونسو وحلفائه أن ينقضوا عليهم من الخلف. فيقطعوا صلتهمء بالجنوب» ويقضوا )١( المكتبة الصقلية ج؟ ص72" . (؟) الحخلل الموشية ص6". (7) عبدالله بن بلكين : التبيان ص774-778. الذخيرة مخطوط بغداد قسم 7 ص8ة4. الروض ص .4٠0 المطرب لابن دحية ورقة ١٠١ (0. 1
(4) الذخيرة : مخطوط بغداد قسم " ص89. (6) ابن الكردبوس : كتاب الاكتفا نقلا عن .1< .2 .م .00 .30 ,02/323865
ضرفا
عليهم قضاء مبرماء ثم إن المسلمين كانوا قد سمعوا وهم فى أشبيلية أن ألفونسو حين علم بنبأ قدوم المرابطين أقلع عن حصار سرقسطة؛ وبدأ يستنفر القوى النصرانية ويتهيا ليوم اللقاء» فكيف يقبل المرابطون على مثل هذه المخاطرة » وهم حديثو عهد بلقاء النصارى لايطمئنون إلى ملوك الطوائف كل الاطمئنان» على حين كان الفقهاء الأندلسيون يشككون فى أهل الأندلس» ويحذرون المرابطين مغبة الثقة بهم ثقة كاملة» فعمد يوسف بن تاشفين من قبل إلى فصل معسكره عن معسكر الأندلسيين عقب رحيله عن أشبيلية.
ونحن نست بعد أن يكون المرابطون قد فكروا فى السير إلى طليطلة فى ذلك الوقت» إما إلى بطليوس لأن أميرها المتوكل بن الأفطس دعاهم للإلام بمديته لتنضم قواته إليهم ”©. ثم يفكرون فى وضع خطة مشتركة لمحاربة قوات الفونسو المنهيئة للقائهم» يخيل إلينا أن الحلفاء المجتمعين ببطليوس لم يفكروا فى مغادرة هذه المدينة» بل إنهم آثروا أن يعسكروا قريبًا منها فى انتظار لقاء الفرنجة» حتى إذا باءت جهود المسلمين بالإخفاق استطاعوا أن يلوذوا بأسوارهاء ويعتصموا بقلعتها فلا تكون الخسارة فادحة»ء وقد أشار عبدالله بن بلكين ”© إلى ذلك». وروايته رواية شاهد صدقء وليس بعيدا أن يكون فى نية الحلفاء التقدم إلى مديئنة قوريةءإذا وثقوا من الغلبة فى هذا الصراعء أو إذا أبطأ ألفونسو فى الزحف إليهم .
وقد أشار عبدالله بن بلكين إلى ناحية هامة تلقى ضوءا على موقف يوسف ابن تاشفين فى تلك الأيام العصيبة» فقد أشار إلى أن يوسف تلقى وهو ببطليوس أنباء من المغرب شغلت عقلهء واضطرب لها فؤاده» وأنه «لولا ذلك لكان فى أرض النصارى مدوخا لها(" »» كما أشار الضبى إلى مثل ذلك فقال: «إن يوسف تلقى خخبر وفاة أكبر بنيه وهو بمدينة بطليوس”2». إذن فقد قرر الحلفاء البقاء قرب بطليوس بسيب هذه الظروف, التى ألمت بأمير المرابطين» وبسبب ماتواتر من أنباء
.0( ١١ ابن دحية : المطرب ورقة )١( (؟) عبدالله بن بلكين : التييان ص788-778. المرجع السابق والصفحة نفسها. )6( .؟"١ص الضبى . بغية الملتمس 4 الو
تدفق قوات النصارى صوب بطليوس ذاتها للاقاة المسلمين» نعم كان بوسع ألفونسو لو كان بعيد النظر أن يرقب تقدم المرابطين» ويتحصن حول طليطلة حتى إذا نالت منهم متاعب السفر ومشقة الطريق انقض عليهم من مكامنه» ولكنه آثر أن يكون البادئ بالهجوم؛ فانقض على قورية» وسبق المسلمين إليها 9». وقد أخذت قوات ألفونسو تتقدم حتى صارت على مبعدة ثلاثة أمثال من مسعسكرات المسلمين فى فحص الزلاقة» وكان يفصل بينهم نهر بطليوس ”".
فى بطاح فحص الزلاقة إذن نشب ذلك الصراع العنيف بين القوى النصرانية والإسلامية» ذلك الصراع الذى انتتهى بنصر رائع مؤرر أحرزه المرابطون» حين قهروا ألفونسو السادس» وفرقوا شمل جموعه» وشتتوها كل مشتت» فماهى الظروف التى جعلت يوسف يبرز إلى مصاف أعظم قواد المسلمين» ويمكن لدولته الناشئة من نفوس المعاصرين سواء فى الأندلس أم فى المغرب أم فى العالم الإسلامى كله؟. ليس من شك فى أن يوسف وجيثشه من الملثمين خاضوا غمار معركة غير متكافئة» فقد كان العدو يفوقهم فى العدد والعدة» كما كانت دياره قريبة من الميدان يستطيع أن يجلب إليها المؤن والذخائر والمقاتلة فى أى وقت شاء كما أن خلفه سلسلة من الحصون يستطيع إذا انسحب أن يعتصم بهاء ويصمد لأى عدو تحدثه نفسه بالتقدم صوب بلاده» على حين كان يوسف يعتمد على قواته وحدهاء ولم يكن باستطاعته أن ينقل من المغرب إلى الأندلس إلا أعدادا ا ولم يكن يثق بأهل الأندلس.
وقد حدث ماتوقع يوسف بن تاشفين» فقد هزم أهل الأندلس لأول لقاء خارت قواهمء ووهنت عزائمهمء وفروا لايلوون على شىء معتصمين بأسوار بطليوس» تاركين المرابطين فى الميدان وحدهم يصطلون بنار القتال» ويتجرعون كأس البأس والشدة 7”". اضطلع المرايبطون إذن بالعبء كله» وأصبح مصير الأندلس ومصير المغرب متعلقا إلى حد كبير بتصرف ذلك القائد العظيم . ا لاي
0ع( أبن أبى ذرع 6 روض القرطاس ص55 ., () الخلل الموشية ص37 . الروض المعطار ص51 .
خرف
وأول مايجب أن نوضحه من نواحى القوة فى موقف هذا القائد فى هذا اليوم.الخالد» أنه لم يؤخذ على غرة كما تصور بعض الروايات ”2.2 لأن المعتمد بن عباد كان يعرف مكايد الفرنجة وحيلهم» فبث العيون لترقب حركات العدو 2. فلا عجب إذا رأينا المسلمين يبيتون ليلتهم على أهبة واحتراس يترقبون ساعة بدء الهجوم ”". أما يوسف بن تاشفين فقد كان يرقب تحركات العدو 27 بعين القائد المجرب. الذى حنكته وقائع الصحراءء وصهرته معارك المغرب» فما كاد الليل يجن حتى عمد إلى تغيير موضع قواته دون أن يشعر أحد» كما قضى الليل يرتب الصفوف. ويعد العدة لكل احتمال ”2 فما كادت طلائع العدو بقيادة البرهانس”” (5تعمقط عة819) تبدأ الهجوم» حتى تبين ليوسف أن ألفونسو قد بدأ بمهاجمة معسكر أهل الأندلس» وحمل رجاله عليهم حملة منكرة» فقد كان يريد إذا تم له القضاء على أهل الأندلس أن ينصرف إلى جموع المرابطين» فيحدق بهم ويوردهم موارد التهلكة 9" .
ولكن يوسف ماكاد يععلم بنبأ تراجع أهل الأندلس» حتى أرسل فرقة من القوات المغربية بقيادة داود بن عائشة لتشد أزرهم» وتحول دون تحقيق الأهداف الأولى للهجوم النصرانى ”. ولما عرف أن قوات داود لم تستطع أن تسد الشغرة سير إليهم سير بن أبى بكر على رأس زناتة ومغراوة » إذن لم يتباطأ يوسف بن تاشفين» أو يتلكأ فى مد يد العون للقوات الأندلسية عن عمد بغية إضعافهم»
وكسر شوكتهم كما يقول بعض الرواة (:'» إنما كان الرجل يهدف إلى غرض بعيد
.9 ٠0ص عبدالله بن بلكين : التبيان ص775. الروض المعطار )١( . 0 الحميرى: الروض المعطار ص )1(
() المرجع السابق ونفس الصفحة.
(5) المرجع السابق ص91
(0) ابن أبى زرع: روض القرطاس ص14.
)١(: .219 .م مستدم5 .قلط لسة ل عط تلدلاط
1 0610. )7(
43 ابن أبى زرع ص56 . الروض المعطار ص45 .
2 4 ابن الكردبوس كناب الاكتفاء ./ا6ا» .م .00 .22 ,02320805
352732
واضحء» يهدف إلى أن تستمر المعركة دائرة الرحى لأطول أمد ممكن» حتى تشغل على النصارى تفكيرهم» وتستغرق جل اهتمامهم فلا يشعرون بما يدير ابن تاشفين ومايدخره من عنصر المفاجأة .
وقد حدث ماتوقعه يوسف. ذلك أن النصر شجع القوات النصرانية فتركت مواطنها الأصلية» وأخذت تتعقب أهل الأندلس» وهم يتقهقرون "2. فلم يكن من يوسف إلا أن سار بنفسه على رأس جيش للمتونة» ليضرب عساكر ألفونسو من الخلف. فهاجم معسكر النصارى» واستولى عليه» وأضرم .فيه النار ”"©» فاضطرت قوات ألفونسو إلى أن ترتد صوب المعسكر تريد أن تنقذه من الوقوع فى يد المرابطين ”» وما كاد أهل الأندلس يعلمون بذلك» حتى انقلبوا من الفرار إلى الهجوم» وأطبقوا على النصارى من الخلف. فأصبحوا بين شقى الرحى 27: وهنا يطيب لبعض المؤرخين الأندلسيين © أن يصوروا المعتمد بن عباد بصورة المنتصر الصامد لهجمات العدو الثابت الحتان» الذى لم يهلع للهزيمة التى لحقت بهء بل وقف كالطود يصد العدوانء وهذا قول مبالغ فيه إلى حد كبير ذلك أن المعتمد إذا كان قد صمد حقاء فإن الفضل فى ذلك لايرجع إلى شجاعته بقدر مايرجع إلى استيسال داود بن عائشة» وسير بن أبى بكر» ولما حمى وطيس القتال أنزل يوسف إلى الميدان فرقة من السودان المسلحين بمزاريق الزان وسيوف الهند وذدرق اللمط9؟2؛ انقضت على كرات النصارى انقضاض الصاعقة» وشقت طريقبها إلى
حيث ألفونسو نفسه 227 فعجلت بالنهاية» وحاقت الهزيمة بالقوات النصرانية» وجرح ألفونسوء وفر فى جنح الظلام لايلوى على شىء 7 .
)١( ابن أبي زرع: روض القرطاس ص40.
(؟)..218 .ماك .ره :اهلاط
(5) .معل1
(4) ابن أبي زرع: روض القرطاس ص55
(0) الفتح بن ن تحاقان: قلائد العقيان ص7١ . المطرب لابن دحية ورقة 4١ ب. (7).ابن خخلكان ج؟ ص7577.
(9) ابن بسام: الذخيرة (بغداد) قسم 7 ص ٠١.١
(4) الروض المعطار ص”95-/ 48-1
"١
ولم تكن خطة يوسف وحدها هى التى قررت مصير هله المعركة الحاسمة» وأنقذت القوى الإسلامية مما أريد بها من شر بل يرجع الفضل لذلك الفن الجديد الذى أدخله يوسف بن تاشفين» هذا الفن الذى لم تعرفه الأندلس من قبل على مانعلم ولم يشهده النصارى فى المعارك التى خاضوا غمارها مع القوات الأندلسية المستضعفة ('؟. فقد كان النصارى يعتمدون فى فن الحرب على الشجاعة الفردية أكثر من اعتمادهم على أى شىء آآخرء كانوا يهتمون بالفارس كفردء ولايهتمون بالفرسان كمجموعة تحركها إزادة واحدة 7" » لذلك كانوا يغالون فى لبس الزرد والدروع» التى تغطى الفارس من الرأس إلى القدم» فكأنه حصن يتخرك «تحصنوا بالحديد من قرونهم إلى أقدامهم واتخذوا من السلاح مايزيد فى جرأتهم وإقدامهم»0 » وقد جربوا هذا الفن فى قتالهم مع أمراء الأندلس » فحقق 'لهم ماشاءوا من الأهداف» أما فى الزلاقة فقد التقوا بجيوش منظمة على أسس جديدة نظمتها عبقرية قائد فذ» فقد كانت الجيوشن المرابطية علئ مابيدو + تستعين بلون من الفن البدوى فى القتال» د من الإبل تصبح بثابة درع يتقدم القوات الملهاجمة»ء فيوقع الرعب فى صفوف الأعداءء فتجمح خيلهم» ويضطرب فرسانهم. وقد استعان المرابطون إلى جانب ذلك بصفوف متراصة من الجند مدربة أتم تدريب تخضع لراية واحدة» وتتحرك كأنها رجل واحد فى نظام رتيب 27»كما استعانوا بفرق من المشاة السودان مسلحين بالسهام» ومزاريق الزان» ودرق اللمط, يتقدمون فى خطى رتيبة» يلقون بقذائفهم من السهام والرماح وفق حركات مرسومة» وقد استطاع هؤلاء الرماة أن يطعنوا الخيل يرماحهم» ويرموها يسهامهم. فجمحت بالفرسان». وولت الأدبار 9 . وهنالك ناحية أخرى أشار إليها المؤرخ
() .219 .م يفتهم5 كط قمه لك عط؟ بلقمتط () .صعل1
() الذخيرة : مخطوط بغداذ قسم 7 ص94.
(5) .219 .م ,ائع.مه :لقمتط
(65) ابن تخلكان ج؟ ض/717؟
(7) نفس المرجع والصفحة.
"4"
بيدال» وهى أن المرابطين كانوا يمستعينون بطبول هائلة تدق دقا فتهتز لها الأرض» وترتعد لها فرائص الفرسان هولا ”2 فتصم آذانهم بدويها المزعج"". ويخيل إلينا أن المرابطين استمدوا هذا النوع من الطبول من الدول الزنجية الواقعة إلى جنوب حوض السنغال» لأن الطبول تلعب فى الفن الحربى عند الزنوج دورا عظيما.
غير أن هنالك سلاحا آخر لايقل عن هذه الأسلحة مضاءء ونعنى به هذه الروح الجديدة التى كانت تضطرم بها نفوس المجاهدين من المرابطين من الحمية والتحمس للدينء» والتسابق إلى الاستشهاد. وكان يوسف يركض بجواده بين الصفوف يحض رجاله على القتال. ويرغبهم فى الموت فى سبيل الله '» وقد اشترك كثيرون من الفقهاء فى الموقعة يعظون الناس» ويشدون عزائمهم .
وفى ختام التعرض لهذه المعركة الحاسمة فى تاريخ الإسلام يجب أن نحدد التاريخ الصحيح الذى حدثت فيه» ومن الغريب أن المراجع التى تفيض فى وصف المعركة» وتكشف عن آثارها ونتائجهاء وتتعرض لكثير من التفاصيل الدقيقة تختلف فى تحديد هذا التاريخ» فالنويرى ” مثلا يذكر أنها حدثت فى العشر الأول من شهر رمضان سنة /الائؤه» على حين نجد ابن خلدون 2 وابن الكردبوس التوزرى يذكران أنها حدئت سنة ١4/8ه» ويظهر أن ابن خلدون وصاحبه يخلطان بين الجواز الأول ليوسف. والجواز الشانى» أما بقية المؤرخين فيبجمعون على أن المعركة حدئت فى شهر رجب 418ه 27 وليس من شك فى أن تدخل المرابطين. فى شئون الأندلس جاء تاليا لاستيلاء النصارى على مدينة طلطيلة» فقد استولوا
219.١( .م01 .مه نأدماط
(؟) الحخلل الموشية ص28 .
(219.)9 .01.7 .مه تلوماط
(5) ابن بشكوال : الصلة ص5507 و١ل2. اين الأبار : التكملة جا ص١57.
(5) النويرى : نهاية الأرب ج77 ص١١
(1) ابن خلدون جا ص1845.
(/) المطرب لابن دحية ورقة "١ (أ) جامع تواريخ فاس ص ١ ". الجذوة ص7”17 بغية الملتمس ص١7. الحلل الموشية ص55 ابن الأبار ص - 77 . ابن بشكوال ص ١ل. ابن الأثير ج١١ ص37.
*؟
على هذه المدينة فى المحرم سنة 418ه ١ 2» وهذا التاريخ صحيح إلى حد كبير لأن مجموعات السكة تذكر أن آخر النقود الإسلامية التى ضربت بالمدينة كانت مؤرخة سنة 478ه 7"» ثم أخصذت النقود تضرب بهذه المدينة وعليها طابع ألفونسو السادس وخاتمه ©. إذن فلابد أن معركة الزلاقة حدثت بعد سنة 41/8ه. ومن اسن الصدق أن 'ابن يسام مائحب كاك اللعيرة 29 جاء بتضن يعد على جادت عظيم من الأهمية. فقد نقل للكاتب أبى بكر بن القصيرة رسالة على لسان المعتمد ابن عياد إلى ولده باعديلئة يمني نيوا ال وما أحرزه المسلمون من ظفرء كما يصف ماحل بألفونسوء ويذكر أنه لايدرى ماذا أصابه أحى هو أم ميت» ثما يدل على أن الرسالة كتبت صبيحة المعركة بالذات» حيئنما اكتشف المسلمون أن الملك فر فى جنح الظلام لا يلوى على شىء» ولم يكونوا يعرفون أحى هو أم ميت » وقد أرخ ابن القصيرة هذا الكتاب بصبيحة السبت الثالث عشر من رجب 4194ه". مما يدل على أن رأى الفريق الأخير من المؤرخين صحيح كل الصحة.
بقى علينا كى نتم القول فى معركة الزلاقة أن نعرض للآثار التى تركها هذا النصر العظيم فى موقف يوسف بن تاشفين من حركة الجهاد فى الأندلس وفى موقفب أهل الأندلس أنفسهم» وفى الكتلة النصرانية والقوى الصليبية المتحفزة للنضال. ليس من شك فى أن المرابطين قد انفردوا بإحراز النصر فى يوم الزلاقة»
)١( التكملة لابن الأبار (القسم المفقود) ص78 (؟) .عل معمأهلة© 241 .م ,ككته!' عل 5مزع]1 .5ء0] :زوع نازلا أء مأعءط .441 سقطةت!«آ) 105 .م ركةاممقوئظ ومعتطوعم عدلع13/100 () انظر القطعة رقم 1١77 بتاريخ ٠١84 م .م (.]أت .08) 121001 ونقوشها كما يلى: أمير 524 القتوليقيين الفوتش بن شائنجه . أيده الله ونصره. بسم الأب والابن والروح القدوس:الإله الواحد. من آمن وتعمد يكون سالا . أمام البيعة المسيحية بابا رومية . (5) الذخيرة . مخطوط بغداد . قسم 7 ص 89-948. (0) المرجع السابق ونفس الصفحة.
قا
أما أهل الأندلس فقد حاقت بهم الهزيمة» ولم يستطيعوا الصمود فى وجه قوات ألفونسو الزاحفة للقائهم» فعرف يوسف عن يقين أن أمراء الأندلس لاغناء فيهم» فقد تركوه فى الميدان وحده أمام ألفونسو وجها لوجهء فأخذ يدرك أنه لابد من أن يضطلع بالعبء كله وحدهء إذا كان يريد لحركة الجهاد فى الأندلس أن تنجح» وأن تحقق النتائج المعقودة عليهاء كما لمس بنفسه هذه الفرقة الضاربة أطنابها فى صفوف الرؤساء الذين لم ينسوا أنفسهم حتى فى ساعة المحنة» لذلك ماكادت تنجلى المعركة حتى جمعهم وأمرهم بالاتفاق وإطراح التنابذ والتخاصمء حتى لايضيعوا بحماقتهم ثمار هذا النصر (9©..
ولكن نصيحة أمير المرابطين لم تجد صدى فى قلوب ملوك الطوائف». إذ ماكاد يعبر المضيق إلى بر العدوةء» حتى ساروا سيرتهم الأولى من الفرقة والبغضاء”". ويظهر أن بوادر الانقسام فى الرأى بين يوسف والمعتمد بن عباد أمير أشبيلية قد ظهرت فى صبيحة المعركة» فقد كان المعتمد يود لو تعقب المرابطون العدو الفار ليجهزوا عليه فلا يستشرى داؤه بعد (©» ولكن يوسف الذى كان النصر قد كلفه كثيراء وأرهق جنده وقواده» لم يرد أن يحمله الزهو إلى الإسراف فى التنكيل بالعدو المقهور 0 فى الوقت الذى كان عليه أن يعبر إلى المغرب ليواجه الفتنة التى بدأت تطل برأسهاء ويذكر المؤرخؤن فى معرض التدليل على وقوع البغضاء بين يوسف وبين المعتمد بعيد الزلاقة أن أنصار المعتمد عللوا إعراض يوسف عن تعقب العدو بأنه #خاف أن يهلك العدو الذى من أجله استدعى فيقع الاستغناء عنه 42» كما أن أنصار يوسف رأوا فى إصرار المعتمد على تعقب العدو مايوحى بأنه يريد قطع حبال يوسف من العودة إلى الجزيرة "2 مرة أخرى؛ على حين يذكر آخرون أن يوسف وزجاله طمعوا فى امتلاك الأندلس بعد أن رأوا وهم بأشبيلية ذلك الترف والنعيم الذئ يرفل فيه الأمراء والنبلاء 9"©. )١( عبدالله بن بلكين. التبيان ص7”7””8. (7) ابن الكردابوس : كتاب الاكتفا .. نقلا عن [1لالاع»: م.0).مرى :30805/ز002) (©) الحميزى : الروض المعطار ص97 . (4) الحلل الموشية ص49 , 2 7 (5) الجخميرى :. الروض المعطار ص97 . )١( نفس المرجع والضفحة. (/9) ابن لكان ج١7 ص718.
2
وقد أيقن أهل الأندلس أن طائفة الرؤساء لا غناء فيهمء وآمنوا بأن نصر الزلاقة يرجع الفضل فيه إلى يوسف وشيعته من المرابطين» فوثقوا به واعتقدوا عن يقين أن إنقاذهم مما تردوا فيه من محنة لن يكون إلا على أيدى هؤلاء الصحراويين الغلاظ. فتألق نجم يوسفاء.: وعلا ذكره فى بلاد الأندلس» كما عل" فى المغرب من قبل ”"2» كما أن هذا النصر الذى لم يكن يخطر على بال أحد من أهل الجزيرة قد هز مشاعر يوسف هرّاء وملكت الفرحة عليه زمام نفسه» فأرسل الكتب إلى العدوة يشرح فيها سير المعركة» ويكشف عن الدور الذى لعبه فيها © ويغلو ففى وصف ذلك الظفر الذى أصابته قواته» حين أبلت البلاء الحسن» فقرئثت الكتب على منابر جميع المساجد ببلاد المغرب 5 بل قيل أنه بعث برءوس القتلى” إلى مدن الأندلس والمغرب وإفريقية» حتى يرى الناس رأى العين مبلغ ما أحرزه من نصر وتوفيق ”© إذ يبدو أن خسارة النصارى يوم الزلاقة كانت فادحة حقّاء فقد اعترف مؤرخوهم بهول الفادحة » لم ينكروا آثارهاء ولا غضوا الطرف عن نتاتيجها”* . ماتناقله الناس فى الأندلس والمغرب» واحتفلوا به أبلغ احتفال 9» وراح المورخون يشبهون يوم الزلاقة بيوم القادسية واليرموك 2 وغمت الفرحة بلاد المشرق حتى قيل إن الإمام الغزالى هنأ يوسف بهذا النصرء واعتبره الأمير المثالى الذى كان يرجو أن يظهره الله ليعيد للوسلام سابق صولته وقوته, كما كتب الأمراء المعاصرون إلى يوسف مهتئين مباركين 2.
وقد ترك هذا النصر آثارا لايستهان بها فى الأوضاع القائمة ببلاد المغرب» )١( المراكشى : المعجب ص84. (؟) الحميرى: الروض المعطار ص45 . () الحلل الموشية ص4؛ . الإحاطة ج؟ ص ةلا. () الروض المعطار ص06 . (0) يوسف أشباخ جا ص١41. () المرجع السابق ونفس الصفحة.
(0) الحلل الموشية ص5 5 .
فقد ساعد يوسف على حل جميع المشاكل الداخلية التى كانت تعترض سبيلهء وأيقن الناس أن القوة المرابطية الفتية محفوفة بالنصر لايستطاع دفعها أو مغالبتهاء فاستكانت القبائل» وسارت طائعة أو مختارة فى ركب الدولة الجديدة. كما ارتفع قدر يوسف بن تاشفين بين أمراء لمتونة» وأصبح بعد هذا الفوز العظيم أحق الأمراء بأن يخلف أبا بكر بن عمر فى زعامة دولة المرابطين» كما يجب الاننسى أن هذا النصر الذى أحرزه المرابطون فى الأندلس كان نصرا للمبادئ الجديدة التئ دعا لها عبذالله بن ياسينء وتوارثها الأمراء من بعدهء وأحلوها المحل الأول من نفوسهم. نعم» انتصرت مبادئ عبدالله بن ياسين فى الأندلس كما انتصرت فى المغرب والصحراء من قبل (©.
وقد تمخض هذا النصر أيضا عن آثار بعيئذة المدى فى الشعب الأندلسى نفسهء فقد ارتفعت روحه المعنوية أكثر من أى وقت مضىء» وأيقن أن العدو النصرانى الذى كان يجوس فى شبه الجزيرة دون منازع من الممكن أن يقهرء وأن يرد على أعقابه إذا اجتمعت الكلمة» وتضافرت القوى. واتحدت الجهود 2 ذلك أن العف والتخاذل واليأس والقنوط قد أدى إلى القضاء على الروح المعنوية للشعب» أما الآن فقد أصبح أهل الأندلس يؤمنون بأن العهد الزاهر الذى مرت به. البلاد فى عهد المنصور بن أبى عامر قد عاد من جديدء فاهتزت نفوسهم وقويت روحهم المعنوية © كما شهدوا عن كثب ماسمعوا به من عدل المرابطين وتمسكهم بالسنة وعملهم على إحياء الدين» ورأوا رأى العين كيف أن هؤلاء الصحراويين ينشرون مبدأً المساواة بين الناس» ويخفون عن كواهلهم أعباء الضرائب الفادحة التى فرضها عليهم الأمراء؟ فرضاء فكأن المرابطين فى الواقع قد انتتصروا على الفرنجة وانتصروا على الأمراءء واحتلوا من نفوس. الشعب الأندلسى محلا رفيعا.
وكان لانتصا الزلاقة أثر واضح فى نفسية المعسكر النصرانىء ذلك أن
)١( 221 .نأك .مه : أدلتط
023/3005: 25 0 <::1[1. كتاب الاكتفاء نقلا عن )١( . الذخيرة بخطوط بغداد القسم الثانى ص44 )( .مراك .جه : لدلتط 222.)5(
يخق
ألفونسو كان الزهو والغرور قد أغراه بركوب المركب الصعب» فلم يعرف لأطماعه حداء ولا لأغراضه نهايةء بل كان يأمل أن يبسط ظله على شبه الجزيرة كلهاء فلما قدم المرابطون وتغلبوا عليه أحس لأول مرة يأنه أمام جبهة متحدة من المغرب والأندلس» تقف له بالمرصادء وتهدده تهديدا خطيراء وأيقن أن هذا النظام الجديد الذى بعث فى الأندلس قوة بعد ضعف» ووحلة بعد تخاذل لن ييسر له تحقيق أهدافه؛ بل إن المعسكر الإسلامى سوف يسترد كل ما استولى عليه من قلاع وحصون”" . فلا عجب إذا رأينا الأمراء الذين كانوا يديئون له بالطاعة يتألبون عليه» ويكفون عن دفع الجزية » التى كانوا يدفعونها فى صغار وذلة» أما المعسكر الصليبى بزعامة كنيسة روماء فقد أذكى هذا النصر الحماس فى صفوفه وبدأت” القوى النصرانية المختلفة تعقد العزم على مدافعة المسلمين» والاستعداد للمعركة القادمة .
ولكن يوسف رجع إلى المغرب» وترك ميدان المعركة فجأة دون أن يتعقب العدو المهزوم» ويجهز عليهء وقبل أن يسترد قوته» ويجمع جموعه» ويلم شعثه. ويتهياأ للنضال من جديد» فهل رجع يوسف إلى المغرب لأن ولده الأكبر أبا بكر قضى نحبه '"؟» ليس ببعيد أن يكون أبو بكر بن يوسف قد قضى نحبه قبل أن يشتبك أبؤه مع الفرنجة» أو بعد ذلك بقليل» ولكن وفاة ابنه على ما أعتقد لم تكن لتزعجه إلى المغرب إزعاجا تاركا ثمار النصر الذى أحرزه تحت الأقدازء ومعركة الجهاد ماتزال دائرة الرحى مؤذنة بصراع رهيب» قد يقال إن أبا بكر هذا هو ولى عهده فخاف أن يضطرب الأمر بموته» ولكن قد يقال إنه كان فى استطاعته أن يولى غيره ولاية العهدء ويظل هو بالأندلس يتابع معركة الجهاد.
يخيل إلينا أن سبب رحيل يوسف إلى المغرب أهم من ذلك بكثيرء ونحن نعلم أن يوسف بن تاشفين كان عامل أبى بكر بن عمر على المغرب» وأن المرابطين درجوا على نوع من الحكم الإقطاعى» يولون أميرا من الأمراء على إقليم بعينه» ويطلقون يده فيه يتصرف كيف يحلو له على ألاينازع صاحب السيادة حقه فى (1) ابن أبي زرع: روض القرطاس ص88 .
املك '''» فكأن يوسف عبر البحر إلى الأندلس» وهو لم يزل أميرا للمغرب من قبل أبى بكر بن عمرء ولكن حدث أن توفى أبو بكر زعيم المرابطين وأميرهم سنة ٠ه "» على نحو مايذكر المؤرخون . وقد بلغت يوسف أنباء وفاة الأمير» وهو بالأندلس» فأحب أن يعجل بالعودة إلى المغرب ليرث ملك أبى بكرء ويأخذ البيعة لنفسه» وإلا اغتصبها بعض الأمراء الآخرين متتهزين فرصة تغيبه بالأندلس» واشتغاله بمعركة الجهاد .
وليس ببعيد أن يكون الأمر قد اختلط على المؤرخين فقالوا إنه رحل لوفاة أبى بكر ابن عمه؛ فقالوا ابنه لخطأ فى النقل أو الرواية. ومما يؤيد هذا القول أن النقود ظلت تضرب باسم الأمير أبى بكر بن عمر من سنة ٠١ 50ه إلى سنة 4هىء ثم نهد ضرب هذه النقود يتلاشى فجأة» ثم تضرب رسميا باسم يوسف ابن تاشفين» اعتبارا من سنة ١٠48ه 2) وهى سنة وفاة أبى بكر بن عمرء وتولى يوسف السلطة» وتدلنا مجموعات النقود أيضا على أن إبراهيم بن أبى بكر كان أميرا على سجلماسة» وكانت النقود تضرب باسمه» فليس ببعيد أن يكون إبراهيم
)023(/32805 : 4.8. 0.8. ابن الكردبوس : كتاب الاكتفاء نقلا عن [1لالالاكا )١( يذكر دى لاشابل أن قبر أبى بكر بن عمر بمكان يقع بين جبل البيبية وجبل أمكيرى على مسيرة خمسة )1( : وخمسين كيلو مترا جئوبى تاجيله فى إقليم تاجانت ونقوش قبره كما يلى رحم الله سيدى أيا بكر بن عامر .ا .1930 .موعط زاك .م0) عالاعمقط) 15 عدر عهتطقعة كقلعمء51 ,512 ,511 ,510 ,508 ,507 5ععهام :552 -536 .مم (.أكء .02) الماهآ )( 20135هم85 : 1425 1441, 6
نقوش دينار أبى بكر بن عمر كما يلى:
الإمام لا إله إلا الله الله الأمير أبو بكر أمير المؤمئين بن عمر 1 ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين بسم الله ضرب هذا الدينار بسجلماسة
سنة 9 5868.
.5 .م كةاعمدموظ .معوتطدعة كدلعمء831
قد طمع فى الملك بعد وفاة أبيه منتهزا فرصة غياب يوسفء فلما عرف يوسف الحقيقة هرع إلى المغرب ليقطع عليه خط الرجعة.
هذا إلى أمور أخرى أشار إليها صاحب الذخيرة» فقد نقل رسالة بعث بها يوسف إلى أمير بنى حماد ”"' يعاتبه على الاستعانة بعرب بنى هلال فى الوقت الذى يجب أن تتضافر فيه جهود الأمراء لمدافعة الفرنجة ورد عدوانهم» فلا بد أن بنى حماد حاولوا اغتنام فرصة غياب يوسفء, وانقضوا على المغرب الأوسط مستعينين بالأعراب 29,
ولكن يوسف ترك يلاد الأندلس وهو مطمئن غاية الاطمئئنان» فقد استولى على الجزيرة الخضراء فوثق الصلة بين المغرب والأندلس» وعمل على توحيد جهود البلاد» وترك سير بن أبى بكر على رأس جيش من المرابطين لمواصلة منعركة الجهاد”" ريثما يصلح من شأن المغرب» ويعد العدة لمرحلة أخرى من الجهاد لاتقل أهمية عن مرحلة الزلاقة» أما سير بن أبى بكر فقد شارك أمير بطليوس فى الإغارة على أواسط البرتغال الحالية مما يلى نهر تاجة» وأثخن فى تلك الأنحاء تخريبا ونهباء كما زحف المعتمد أمير أشبيلية على ولاية طليطلة. واستولنى على أقليش وقونقةء ثم نفذ إلى أرض مرسية ؟©. حيث كانت جموع كبيرة من فرسان النصارى تغير على المدن الإسلامية هناك» فاشتبكوا مع المعتمدء وارتد على أعقابه خاسراء ولولا اعتصامه بقلعة لورقة لقضى عليه» ثم غادر لورقة إلى قرطبة تاركا مرسية لمصيرها المحتوم "© .
وبدا للناس كأن معركة الزلاقة لم تكن حاسمة فى تاريخ الجهاد فى الأندلس» لأنها لم تحسم الداءء ولم تقض على القوى النصرانية قضاء مبرماء فقد أخذ العدو يفيق من أثر المعركة» ويسترد قوته»ء ويعمل على مواصلة العدوان»
. ١٠١ الذخيرة: مخطوط بغداد القسم الثانى ص” )١( ا مرجع السابق والصفحة نفسها. (0
7) ابن خحلكان ج؟ ص718.
زفق يوسف أشباح جا صا .
(6) المرجع السابق ونفس الصفحة .
لوا
والثأر لما ناله على يد المرابطين. فأخذ ألفونسو ينظم قواته» ويزيل مالحق بجيشه فى موقعة الزلاقة» وقد انتهز فرصة رحيل يوسف إلى المغرب» وأخخذ يعاود الكزة من جديد» فذكرت الرواية أنه خرج غازيا حتى وصل إلى قرب أشبيلية» كما كانت قوة من الجند القشتاليين تؤارر فرسان حصن لييط (8100)» وتعيث فى منطقة مرسيةء وتقلق بال المعتمد ”"» وتهدد أشبيلية من الشرق» وتثير الذعر فى نفوس أغلها:
أما فى شرق الأندلس فقد أخذت الأحوال تسوء والأوضاع تتغير» فقد ظهر السيد القمبياطور » الذى ظل سبع سنوات يعيث فى منطقة لاردة» ويغير على منطقة بلنسية "©» وأصبحت دانية» وشاطبة» ومرسية مهددة بالوقوع فى قبضة العدو 22 وقد استجابت القوى النصرانية فى أوروبا لنداء ألفونسوء وأتخذ الجيش. الذى كان منذ وقت طويل يتجمع فى فرنسا يصل إلى شبه الجزيرة» اشترك فيه دوق برجاندياء وهنرى أخوهء وابن عمه رايموند»ء وصاحب طولون» ومعهم فرق من بروفانس ولانجدوك. وبعض الفرسبان. من نرماندى» وراح البابا إسكندر الثانى يشد أزر هذه الجهودء ويباركهاء ويعلق عليها الآمال الكبار ©2» ولكن هذه الحملة وقفت عند نهر الإيبرو لم تجاوزه إلى المغرب» وأخمذ المتحالفون ينصرفون إلى محاربة صاحب سرقسطة» وبدءوا فى الواقع يهاجمون مدينة طليطلة9؟.
حدث هذا فى الوقت الذى انفض فيه جمع الأمراء الأندلسيين عقب معركة الزلاقة» وانصرف كل أمير إلى بلده 29» واضطر المعتمد بن عباد أن يضطلع بالعبء كله فى الشرقء» وكان الجيش الذى تركه يوسف بقيادة سير بن أبى بكر مشغولا فى الجهاد فى الغرب» والعبء الذى يضطلع به أكثر من أن يحتمله
)١( يوسف أشباخ جا ص44.
(١؟) .240 .م متقمة علط لمة لك عط :تهلتط
(؟) ابن الكردبوس : كتاب الاكتفاء نقلا عن .702/11 .م .00 .30 ,0830/32805 (:) .226 .م (أك .ره): لدلتط
(6) .مرعل1
63/22805, 30. 0. كتاب الاكتفاء نقلا عن [ألا<»» .م )١(
"ه١
وحدهء مادام أمراء الأندلس قد انصرفوا عن الجهاد إلى منازعاتهم الخاصة» فاضطر سير إلى أن يكتب إلى يوسف «يصسرفه أن الجيوش بالشغور مقيمة على مكايدة العدوء وملازمة الحرب والقتال فى أضيق عيش وأنكده وملوك الأندلس فى بلادهم وأهليهم فى أرغد عيش وأطيبه 7ق وأصبحت البلاد فى الواقع فى حالة لاتملكها من الدفاع عن نفسها (".
وهل كان من المعقول بعد ذلك كله» وبعد هذه الأوضاع المضطرية التى كانت تهدد بالقضاء على الجهود التى بذلها المرابطون من أجل الجهاد ألايبادر يوسف إلى التدخل فى شئون الأندلس مرة أخرى» حتى لاتضيع اللجهود التى أنفقها والدماء التى أهرقهاء ولكن الرواية تعود مرة أخرى فتصور يوسف متقاعسا عن مواصلة الجهادء وأن المعتمد بن عياد صاحب الفضل فى دفع يوسف إلى التدخل فى شئون الأندلس ”" مرة أخرىء ليس ببعيد أن يكون ماذكر من رحيل المعتمد إلى المغرب لمقابلة يوسف صحيحاء وليس ببعيد أيضا أن يكون قد عبر البحر إلى العدوة» ومعنه بعض وجوه أهل بلتسية ولورقة ومرسية ليطلعوا يوسف على الأوضاع السيئة فى شرق الأندلس والمؤذنة بخطر جسيم إن لم يتداركوه اتسع الرتق» وخاصة أن المعتمد كان أكثر الأمراء خوفا من هذا الخطر النصرانى المحدق به من الشرق» وكان. يخشى أن يصبح أول ضحية للمعركة القادمة» ولكن يوسف كان عليه أن يواصل المعركة» وأن يخف إلى ميدان الجهاد بعد فراغه من مشاكل المغرب وتجنيد الجندء واتخاذ العدةء ويخيل إلينا أنه كان سيعبر البحر إلى الأندلس أسواء أحضر المعتمد إليهء أم لم يحضرء فقد ذكر المؤرخون أنه عبر البحر إلى الأندلس للمرة الثانية سئة ١84/80هي©©).
وكانت أهداف يوسف فى هذه المرة تختلف اختلافا واضحا عن أهدافه فى المرة الأولى. كان يهدف فى المرة الأولى إلى أن يسير القوات المنحدة كلها إلى
.١١84ص المقرى: نفح الطيب ج؟ )١( 1029: أو .أناوتك1 065 أذتط 1072. 212.)9(
(؟) ابن أبى زرع: روض القرطاس ص94 . (5) الحثل الموشية صن54» روض القرطاس ص44 .
567
طليطلة قلب الجمزيرة النابيض لاستنقاذها من برائن العدو. أما هذه المرة فقد اتجه صوب الشرق حيث اشتد ساعد القوى النصرانية» فيدأت تمكن لنفسها. وتستعد لدافعة المسلمين عن هذه البلاد .
وما كاد يوسف يستقر به المقام بالجزيرة الخضراء حتى كتب لملوك الطوائف يستنفرهم ويستنهض هممهم ”2 » ويوحد جهودهم للقيام بجهد مشترك للانقضاض على حصن لييط معقل المقاومة النصرانية فى الجنوب الشرقى» وقد غادر الجزيرة. الخضراء إلى مالقة ”©» ثم اتجهه صوب ألمرية» ثم دخل لورقة ”© حيث لحقّت به قوات المعتمد بن عبادء وانجهت جموع القوى المتحدة صوب هذا الحصن الذى يقع ل كرتت برعو وار ام ولا ندرى لم اختص الحلفاء حصن لييط بهذا الاهتمام البالغ؟ كان فى مقدورهم أن يطوقوه ويقطعوا صلته بما جاوره من البلاد» ثم يتقدموا صوب الشرق» ويخفهوا إلى مناجزة القوى المتحدة من الصليبيين والقشتاليين» فيحولوا بينهم وبين ما بيتوه من الاستيلاء على بلئسية.
ولكن يخيل إلينا أن المعتمد بن عباد هو صاحب خطة الهجوم على هذا الحصن © لأن الجنود القشتاليين الذين اعتصموا به 29 كانوا يغيرون على ماجاوره من البلاد» فيسلبون وينهبون» ثم يأوون إليه معتصمين إذا أحدق بهم الخطر 9 وقد ذاق المعتمد من رجال لييط اللأمرين» فقد استعان بهم صاحب مرسية ليرد كيذه ويحبط مشروعاته .
وقد لبى الأمراء نداء يوسفء وتوافدوا إلى لييط للاهة شتراك فى هذه المعركة الجديدة 080 جاء عبدالله بن يلكين صاحب غرناطة دفي وأخوه تميم صاحب مالقة )١( عبدالله ابن بلكين : التبيان ص ٠ 85. الحلل الموشية ص55 روض القرطاس ص44 زفق الحلل الموشية ص 6060. (*) الذخيرة : مخطوط يغداد قسم ١ ص/١٠. (5) الحلل الموشية ص4 6. (5) .243 .2 راك .ره) لقلتط (3) يوسف أشباخ جا ص44. (0) الحلل الموشية ص64
(4) عبدالله بن بلكين : التبيان ص94" ناريت (9) ابن الخطيب: أعمال الأعلأم ص187. الحلل الموشية ص90 .
ونيف
والمعتصم بن صمادح ألمرية وأصحاب شقورة وبسطة وجيان وصاحب مرسية 0 فلم يتخلف غير ابن الأفطس صاحب بطلنو 3 :
الحصار إلا استعانوا به ". وشنوا الحرب ليل نهارء واختص كل أمير بناحية يشدد عليها التكير ويهاجمها هجوما مستمرا؟»» كما قطعوا الماء عن المحاصريه 60 وأذاقوهم البأس والشدة» ودامت المعركة أربعة أشهر 2. واستبسل المعتصمون بالحصن استبسالا منقطع النظيرء فكانوا يخرجون من حصنهم فى بعض الأحيان» وينقضون على المهاجمين؛ فينالون منهم» ثم ينسحبون إلى معقلهم من جديد ”" . والاستعذاد الطويل؟ تذكر الرواية العربية أن القوى المتحالفة انصرفت عن ذلك الحصارء وارتدت قوات المرابطين إلى مدينة لورقة 29 واختلف المؤرخون أيما اختلاف فى تعليل هذا الارتداد» وتقدير أسبابه ونتائجه» فصور بعضهم الانسحاب على أنه هزيمة للمرابطين وحلفائهم ونصر للجبهة النصرانية» وصوره البعض الآخر على أنه فوز وظفرء وحجتهم فى ذلك هذه الكتب المتبادلة بين المعتمد بن عباد والمعتصم بن صمادح» التى تصف هذا الفوز وتشيد بهذا الظفر ' كما أن ابن حمديس الصقلى وهو شاعر معاصر هنأ المعتمد بهذا الفتحء وأنشد بين يديه قصيدة تصور هذا الظفر وهذا الفور (:'2» وحاول بعض المؤرخين أن يعلل هذا الانسحاب بحلول الشتاء ويأس المحاصرين من الغلبة» وكان المعتمد بن عباد هو )١( الحلل الموشية ص60.
2922 ابن أبى زرع: روض القرطاس ص44 .
() عبدالله بن بلكين : التبيان ص١751.
)2 الخلل الموشية ص 65-086 .
(0) الذخيرة : مخطوط بغداد قسم ؟ صلا١٠.
(0) ابن أبى زيع : روض القرطاس ص46 .
(0) يوسف أشباخ جا ص55.
(8) الحلل الموشية ص58 . الروض ص54 .
(9) الذخيرة مخطوط بغداد قسم لا صل/ا ١ ١ ل )١ ديوان ابن حمديس ص8١1١ .
صاحب فكرة الارتداد عن الحصن فأغضب الحلفاء» وأوغر صدورهم إذ خافوا أن يتخلى المرابطون عنهم» فيقعوا لقمة سائغة فى يد النصارى7".
لكن يخيل إلينا أن السبب المعقول لهذا الارتداد صوره عبدالله بن بلكين أصدق تصويرء حين ذكر أن الارتباك ساد صفوف الحلفاء» وكانت الرعية لاتفتأ تتوافد على يوسف شاكية متظلمة من جور الأمراء وعسفهمء فكان ينصت لهمء ويعطف على مطالبهم» ويؤيد ماينادون به من إصلاح فأوغر صدور الأمراء وغير قلوبهم عليه" .
ثم عصفت ريح الفرقة بالقوى الإسلامية المجتمعة حول لييط بسبب النزاع الذى احتدم بين صاحب مرسية وبين المعتمد بن عبادء فقد اتهم المعتمد ابن رشيق بمؤازرة الفرنجة» فأمر يوسف بالقبضص على ابن رشيق وسجنه» فتفرق شبمل شيعته» وانسحب جنده من المعركة» وقطعوا المييرة عن القوم» فوقعت المجاعة وغلت الأقوات» وخشى الأمراء أن يصيبهم ما أصاب ابن رشيق '"» ويصور عبدالله بن بلكين هذه الأوضاع المؤسفة أصدق تضوير»ء حين يقول: «... ونحن أحوج ماكنا إليه للاتفاق ولانيما فى تلك المرحلة التى عدمت فيها الأقوات إلا بالشراء كل يوم فدخل علينا من ذلك ضرر شنيع وطالت تلك الحمملة الملعونة فكأنها مثلق أبان الطيب من الخبيث» وكشف العداوات فلم يزد الرؤساء إلا توحشا ولا الرعية إلا تسلطاء وكانت مقدمات سوء وزمانا على السلاطين عسيرا 29).
وبيئما المسلمون مختلفون أشد الاختلاف مرتبكون أشد الارتباك» وردت الأنباء بتقدم ألفونسو صوب لبيط لإنقاذ المدافعين عنها ”؟» فخاف يوسف أن تتكرر مأساة الزلاقة فيرتد الأندلسيون على أعقابهم تاركين المرابطين يصلون نار القتال”"), كما حاف أن يشتبك فى صراع مع جند قشتالة والفرقة تعصف بالقوى المتحدة (؟) عبدالله بن بلكين : التبيانت ص51”. (7) امرجم السابق: ص47 77. الحلل. الموشية ص05 . أعمال الأعلام ص750. () عبدالله بن بلكين : التباين ص١4".
(5) الحلل الموشية ص67. روض القرطاس 89. () ,243 .مراك .مه :1021م .224 .م1 .701 ,بإومط
”وِ'"”©هه
عصفاء وتفرقها أيدى سبأء فارتد إلى لورقة» ولم يكن ارتداده ضعفا ولاخوراء إنما كان حكمة وبعد نظزء فلم يشأ أن يشتبك فى قتال لاتؤمن مغبته من أجل بضع مئات من الفرسان اعتصموا بلييط» وأوشكوا على الموت جوعا وعطشا.
وقد حدث ماتوقعه يوسف. فقد تقدم ألفونسو صوب لييط» واقتحم الحصنء وأنقذ المحصورين فيه» ثم دك الحضن دكاء وانسحب صوب طليطلة لايلوى على شىءء ”© لانه كان يخشى أن يشتبك بالمرابطين فتتكرر هزيمة الزلاقة؛ ومن الغريب أن الرعب من لقاء المرابطين ظل يتحكم فى الفونسو حتى وفاته» فكان يتردد طويلا قبل أن يشتبك معهم فى صراع سافرء ولولا هذا الخوف لانقض بجموعه على لورقة» وأرغم يوسف على القتال» لذلك حق للمعتمد بن عباد أن يعتبر ذلك نصرا له» وتحقيقا لأهدافه الخاصة فقد قبض على ابن رشيق» كما قضى على حصن لييط» ورحل المعتصمون بهء وبات فى مأمن من شرهم لايخشى عدوانهم بعد أن أمن جانبهم .
ولكن يوسف بن تاشفين لم يكن ينظر إلى الأمور نظرة المعتمدء فلم يكن همه أن يحقق أطماعا مادية فحسبء بل كان همه الأول أن يوحد بين القوى الإسلامية المختلفة» وأن يجند المجتمع الإسلامى كله فى صراع مع النصارى لاستعادة ما كان للمسلمين من قوة وسيادة» .فآمن بإخفاق ملوك الطوائف فى تحقيق الآمال التى عقدها على التوحيد بين صفوفهم» وحدث ماكان يخشاهء فقد تفرق شملهم وهلعت قلوبهم حينما أقبلت قوات العدو تريد مناجزتهم.
واعتقد يوسف عن يقين بإخفاق سياسة توحيد القوى إخفاقا ذريعاء وبقى عليه ألا يعتمد على ملوك الطواتئف فى مواجهة الهدوء بل عليه أن يعتمد على نفسه إذا أراد مواصلة الجهاد فى الأندلس» ولم يكن ضعف الجبهة الإسلامية المتحدة بسبب افتقارها للمدد أو العدة» بل بسبب هذه الفرقة التى عصفت بوحدة الجهودء وهذه الأطماع التى فرقت هؤلاء الملوك شيعا .
(١).399..م ١1 701 .11151 .لء54 .عو لءطسد0
"65
وقد اعترف عبدالله بن بلكين بذلك كله» فقال,«فنحن لم يعن بعضنا بعضا على الروم فكيف على المسلم مع حرب . . وقيام أهل البيت"2. فلم يتردد بوسف فى أن يصارح هؤلاء الملوك برأيه فيهم.» حين قال:«أصلحوا نياتكم تكفوا عدوكم”. لذلك تعتبر معركة لييط فيصلا فى قصة الجهاد فى الأندلس» أنهت فكرة الحبهة المبحدة» وآذنت ببدء عهد جديد. وكان على يوسف إما أن ينسحب من الميدان ويرك أهل البلاد لمصائرهم يقعون غنائم فى أيدى العدوء فيغضب ضمير المجاهد الصادق العزم» وإما أن يضطلع بالجهاد اعتمادا على قواته وحدهاء ويلقى العدو وجها لوجه» فيرضى ضمير المجاهدء ويحقق الأهداف التى وضعها إمامه عبدالله بن ياسين» وقد رأى يوسف أن يلقى النصارى وجها لوجهء وصح عزمه عل أذ تف على عاذ الفرقة الضارية أطنابها فى صفوف أهل الأندلسن بخلع ملوك الطوائف» واستنزالهم من صياصيهم » كى يفرغ للجهاد الأكبر» فهل من أسباب نلتمسها لنعلل هذا الاتجاه الجديد» الذى اتجهه يوسف فى سير حوادث الجهاد فى الأندلس» هذا الاتجاه الذى ينذر بتتائج بعيدة المدى فى تاريخ الأندلس وتاريخ المغرب؟ .
! 5 الدور الثاني من أدوار الجهاد فى الأندلس التدخل اللمباشر:
اختلف المؤرخون فى تعليل الأسباب التى أدت إلى تغير يوسف بن تاشفين عو ارك اللاواض جباناة بالامين»«راسرف كورود نهم نن لزسية فل لم يتورعوا عن اتهامه بالغدر والخيانة» وأخذ الملوك على غرة منهم بعد أن آووهء ونصروهء وأعانوه فى جهاده» ووقفوا بجانبه فى نضاله مع ألفونسو السادس» وقد انساق المؤرخ دوزى وراء هؤلاء المؤرخين» وحمل على المرابطين حملة شعواءء بل لم يتردد فى أن يسم أميرهم بميسم الجهل والتعصب ”"»؛ والسر فى ذلك كله واضح كل الوضوح.ء ذلك أن دوزى اعتمد على مؤرخين أندلسيين يعطفون على المعتمد بن عباد عطفًا خاصاء ويرون فى قصته مأساة تستدر العطف والرثاء»
0( المرنجع السابيق صؤةاما . () .م .12 آلا .آناكن84 5ع .11150 :إجه20آ1
ويصورون مأساة خلعه فى صورة تظهر يوسف بمظهر الغادر الخائن. ومن هؤلاء الكتاب الفتح بن خاقان صاحب قلائد العقيان» على حين نجد المراجع المعاصرة تشيد بموقف يوسف من ملوك الطوائف. وترى أن إقدامه على خلعهم والتخلص منهم عمل فريد يسجل له بالحمد والثناء. وقد قال صاحب الذخيرة|«ولم ندل إدبارهم على ماذكرت يستشرى وعقارب بعضهم على بعض تدب وتسرى حتى أذن الله لأمير المسلمين رحمه الله فى إفساد سعيهم وحسم أدواء بغيهم والاتتنصار لكواف المسلمين من فعلهم الذميم ورأيهمفجعلت البلاد عليه تنثال والمثابر باسمه .تزهو وتختال» واستمر يتثر نجومهم ويطمس رسومهم'"».
ولن نتآثر بأية حال بأقوال هذا الفريق أو ذاك» بل سننظر إلى الحقائق نظرة
مجردة» ونحاول أن نفسر موقف يوسف من ملوك الطوائف تفسيرا مقبولا. تبين ليوسف أن ملوك العطواتف غير مخلصين فى جهادهمء ل ل ل الجهاد إقبالا لاتشوبه منفعة» ولا توحى به مصلحة ذاتية: فقد تخلى الأندلسيون
عن المرابطين يوم الزلاقة» ولولا صدق إيمان الملشمين» وتفانيهم فى القتال لذهبت ريحهم» ولحقت عليهم الغلبة. كما تخلوا عنه يوم ليبطء وانصرقوا عن الجهاد وشغلوا بمنازعاتهم» واتهم بعضهم بطلب المعونة من ألفونسو السادسء مما أدى إلى القبض عليه وخلعه.
وما كاد أمير المرابطين يعود أدراجه إلى المغرب بعد غزاة لينط حتى وجد
الفونسو أن الوحدة التى كانت تستظل بها الجبهة الإسلامية وتكسبها القوة والمئعة» قد انتثر عقدهاء وعاذ الملوك إلى سابق عهدهم من التنازع والتباغض والتخاسدء
ثر أن يأخذ كل واحد منهم على انفراد» كما كان يفعل من قبل»فبعث صاحبه ألبرهانس إلى عبدالله بن بلكين صاحب غرناطة يهدد ويتوعد ويطالب بالجزية المتأخحرة 9ك سعاقت قواته فن ارقن المعسمد بن عباد 7 برزاحيت تيده أقبيلة كما هددت غرناطة من قبل» فهل اتحدت كلمة الأمراء لمواجهة هذا الخطرء. وحماية
”) عبد الله بن بلكين: الثبيان ص0-884١4. (") المرجم السابق 4١-48
الجبهة الإسلامية من التصدع ريثما يستعد يوسف بن تاشفين للعودة مرة أخرى» ليمد يد المعونة» فيشتركوا جميعًا فى نضال جديد ويستطيعوا جميعًا أن يدفعوا النصارى إلى الشمال» كما دفعوا من قبل؟. كلاء» وقف الأمراء من هذه الحملات موقفا سلبيا ينطوى على الخيانة والجبن والتنكر لحركة الجهادء يتبين ذلك من هذا الموقف الذى وقفه عبدالله بن بلكين من عدوان ألفونسو واستعلائه» فقد كان يخشى أن يحمى ظهر المرابطين ويقاوم القوات النصرانية الزاحفة فيغضب ألفونسوء كما كان يخشى أن يمد يد العون للقوات الفرنجية» فيغضب المرابطين فاتتخة لتقبنه نوقها ونريظا لاردشنب شولام ول عو لكر 00
وكانت أنباء هذه المواقف الشائنة تبلغ يوسف "2 فيتألم ويأسف ويعتقد عن حق أن هؤلاء الملوك خانوا الأمانة» وحق عليهم العقاب» بل إن عبذالله صاحب غرناطة أخذ يعد العدة» ويجند الجند» ويصلح الحصون لا ليدفع غارات العدو» بل ليحتاط لنفسه من المرابطين إذا هاجموا قلاعه وحصونه”". ولم يكن المعتمد بن عباد صاحب أشبيلية أكثر إخلاصا لحركة الجهاد من عبدالله بن يلكين» وعرف يوسف أن صاحب أشبيلية لايختلف عن صاحب غرناطة»؛ أو صاحب مرشية فى كثير أو قليل» فقد استغل نوايا المرابطين الطيبة وإخلاصهم لحركة الجهاد فى تحقيق مآربه الشخصية» والتوسع على حسابهم» فوجه الحملة المرابطية الثانية نحو حصن لييط لا لشىء إلا ليتخلص من ابن رشيق» ويضع يده على إقليم مرسية بعد أن يتخلص من فرسان لبيط» وقد أدرك يوسف أنه انساق وراء أطماع المعتمد دون أن يقدر العواقب» فكاد يرتد على أعقابه لولا مبادرته بالانسنحاب صوب لورقة على النحو الذى رأيناه» وقد تسبب المعتمد بسياسته الخرقاء فى إغضاب ابن رشيق» بل ألب عليه يوسف حتى قبض عليهء فكان ذلك سببا فى تفريق صفوف المسلمين وتشتيت جموعهم. نعمء عرف يوسف مابيته له المعتمد فقال: «قصد ابن عيباد أن يرينا صعوبة قتال الحصون المنيعة» وأن بلاده ذات معاقل صعبة ©©12.
.95١ - 84 المرجع السابق )١(
. عبدالله بن يلكين ص55 )١(
(©) المرجع السابق ص88 .
(2) .9.م.!! .أ0ث؟ ,مسصدل ت1لقططةم :برجم«
وقد أخنذ المعتمد يدل على غيره من ملوك الطوائف ويتعالى عليهم فتجاوز الحدود فى استعلائه وتكبزه» يتبين ذلك من الكتب التى تبودلت بينه وبين المعتصم ابن صمادح غداة الزلاقة © والتى حاول فيها أن ينسب لنفسه الفضل كله فيما أحرزه المسلمون من نصر وتوفيق» وقد ظهرت أطماع المعتمد سافرة بعد أن استولى يوسف على غرناطة» فقد روى المؤرخون أنه كان يطمع فيها "' لتعوضه عن فقد الجزيرة الخضراء» نعم كانت أطماع هذا الأمير بعيدة. لاتقف عند حد» ومن يدرى ربما كان يهدف إلى بسط سلطانه على الأندلس الإسلامية» حتى إذا تم له ذلك تنكر للمرابطين وقلب لهم ظهر المجن واستعان بالفرنجة على إخراجهم من الجزيرة. نعم كان يوسف يعرف أن هؤلاء الأمراء لايؤمن جانبهم» وأنهم قد يتنكرون له حينما يستشعرون القوة أو يطمئنون من جانب الفرنجة» فقد روى المؤرخون أنه بث أصحاب الرباط فى الحصون والشغور المصاقبة للروم ليمدوا يد العون للجيوش المرابطة الزاحفة!". قد تكون هذه الرواية غير صحيحة.ء ولكنها تصور لنا أن المرابطين كانوا قد أخذوا حذرهم وعقدوا العزم على مواجهة ملوك الطوائف إذا ماحدثتهم نفوسهم بالعدوان ©).
وهنالك ناحية أخرى لعبت دورا كبيرا فى تغير يوسف على ملوك الطوائف» وهى أن المرابطين لم يكونوا دعاة جهاد فحسبء بل كانوا دعاة إصلاح أيضاء وكانت الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية تسير فى أعقاب الجيوش الغازية الفاتحة» وكانوا أينما حلوا يأمرون بإلغاء الضرائب الجائرة» ولا يأخذون إلا مايأمر به الكتاب والسنة» وقد كان لهذه الإصلاحات صدى بعيد فى الأندلس انتشرت بين الناس انتشار النار فى الهشيمء وكانت الرعية الأندلسية لاتفتأ ترد على معسكرات المرابطين شاكية متظلمة. تريد أن تنعم بما نعم به شعب المغرب من عدل وإصلاح © .
(؟) ابن الخطيب: الإحاطة جا ص47.
(") المراكشى المعجب ص87. ٠
(5) عبدالله بن بلكين: التبيان ص 747 الذخخيرة : مخطوط بغداد قسم " مجلد ؟ صة7؟. -عاءع] :10020 .ءا رمه 78011 ,كعلاعر
(0) عبدالله بلكين: التبيان ص ١ 75.
"1
وكان الإصلاح لايتأتى إلا بالقضاء على هذه المغارم التى كان الأمراء يجبونها من الناس» ويثقلون بها كاهلهم ليستطيعوا دفع الجخزية للنصارى والعيش عيشة المترفين الناعمين» وكان على يوسف إما أن يصانع الأمراء فيخسر ولاء الرعية» وتأبيد الرأى العام»ء ويتنكر لمبادئ الإصلاح التى سارت عليها الدولة الجديدة» أو يصانع الرعية فيخسر الأمراء. وقد اختار أن يصانع الرعية وأن يتقرب منهاء فبدأ يصغى للشاكين ويطلب من الأمراء التخفيف عن الناس» وإلغاء المغارم الظالمة» وقد عبر عبدالله بن بلكين عن ذلك أحسن تعبيرء وصور هذه الأوضاع أصدق تصويرء حين قسال:«وكانت تلك سفرة أخرج الله فيها أضغان سلاطين الأندلس» ورعيتهم فى ذلك يأتون أفواجًا شاكين لما وجدواء الراضى منهم يلتمس الزيادة والساخط يرجو الانتقام» ورأى سلاطين الأندلس عند ذلك من تحامق رعاياهم عليهم وامتناعهم عن مغارم الإقطاع التى كانت عليهم مع احتياجهم إلى الإنفاق ماقلق به وساء الظلن من أجله. . فلا حيلة إلا بين صبر يؤدى إلى ملامة توجب عقوبة» أو امتناع يؤدى إلى استئصال7"». كان على يوسف إذن إذا أراد أن يأخذ بيد الشعب ويخفف عنه بعض مايجد من عنت وإرهاق أن يحول بين ملوك الطوائف وبين مايسترسلون فيه من ظلم وبغى. كانت المبادئ الجديدة إذن تفرق بين الشعب والأمراء وكان الصراع على أشده بين الجديد والقديم .
وقد لعب الفقهاء دور كبيزا فى قصة خلع ملوك الطوائف » لأن الرعية كانت تلوذ بهم وتلتمس معونتهم وتتوسل إليهم أن يشفعوا لها عند أمير المرابطيت . وكان يوسف يحترم الفقهاء ويعتز بهم ويصغى إليهم ويشاورهم فى كل أمرء ويستعين بهم فى كل مايعرض له من شئون» وقد انقلب الفقهاء على أمراء الأندلس» ولاسيما بعد مأساة حصن لييط» وأخذوا يكشفون ليوسف النقاب عن مكرهم وسوء رأيهم» ويحسئون له الإيقاع بهم وخلعهم ”". وقد لعب القاضى ابن القليعى الدور الأول فى إفساد مابين يوسف وبين عبدالله صاحب غرناطة؛
8١ص عبدالله بن بلكين )١( .78 - المرجع السابق ص )1( .جة ,17 .701 باك .مه: بإهور] 225. )7(
"١
فقد عير البحر إلى العدوة . ولاذ بيوسف فبدأ يطلعه على مكر عبدالله وخداعه”"؟» ولم يتردد فقهاء الأندلس الذين ارتفعوا فى نظر الشعب إلى منزلة القادة والزعماء فى أن يحسنوا ليوسف استفتاء فقهاء المشرق فى خلع هؤلاء الملوك» فأفتى هؤلاء الفقهاء ومنهم الغزالى بأنهم خانوا الأماثة وجاوروا الحدود'"ء وأنه لابد من خلعهم لتبرأ البلاد من إثمهم وطغيانهم. كل هذه الظروف مجتمعة حملت يوسف على خلع هؤلاء الملوك والاضطلاع بعبء الجهاد وحده. كان على يوسف كى يحقق أهدافه فى هذا الدور الجديد من أدوار التهاد أن يخوض معركتين عنيفتين: معركة ضد ملوك الطوائف. وأخرى ضد القوات النصرانية كى تقف بمدعزل فى صراعه مع أمراء الأندلس» فلا تتدخل لشد أزرهم فأخحذ يستعد لهذا الدور العظيم من أدوار الجهاد. أخذ يجمع الرجال والأقوات حتى إذا اكتمل له الاستعداد عبرت قواته المضيق دفعة واحدة بقيادة طائفة من أعلام قواد لمتونة وأنجادها © » فاستولت على جزيرة طريف 2.
حول مدينة سبتة
وعل الها اتروسف نان يشي لزانت الشو اج الك تفيتات ف ]ل كان يخشى أن يقبل على قتال ملوك الطوائف فتطعنه القوى الفرنجية من الخلف» وتفسد عليه خطته» فلم يبدأ بالعدوان على ملوك الأندلس إثر عبسورهء بل ظل يصانعهم ويترفق بهم» ولم يكشف عن أغراضه ”22 ولكنه كان يترصد أخطاءهم ويرقب مسلكهمء حتى إذا أحس بتقربهم من النصارى اتخذ ذلك ذريعة لخلغهم والقضاء عليهم ". ويبدو أن ملوك الطوائف كانوا بدورهم يحس ون بازورار يوسف وإعراضه عنهم . فباتوا يرقبون عن كثب نذر المعركة التى ستقرر مصائرهم
. و51" و/541 ”5* ٠١ عبدالله بن بلكين: التبيان ص )١(
(؟) حسين مؤتس : الثغر الأعلى ص40.
(؟) ابن خلكان ج؟ ص١". التويرى ج؟7 ص185.
(5) المراكشى: المعجب ص88. الإحاطة ج؟ ص١38. الحلل الموشية ص88 . قلائد العقيان ص ١؟7. أعمال الأعلام ص84 1 .
(5) المراكشى : المعجب ص88.
(1) عبدالله بن بلكين : التبيان ص8/9؟-71/8.
(/9) عبدالله بن بلكين ص717/5-17177.
سن
لم يدعهم يوسف للمشاركة فى الجهاد كما فعل فى المرات السابقة ”'2» بل آثر أن يعتمد على نفسه مخافة أن يتكرر ماحدث فى معركتى الزلاقة ولييط.
ولم يبدأ يوسف بالإطباق على مدينة غرناطة رغم أن خيانة صاحبها كانت واضحة جلية لاتمتاج إلى برهان. إنما أقدم على غزو طليطلة وحصارها ليوقع. الذعر فى نفوس القوى النصرانية قبل أن يكشف عن خطته حيال ملوك الطوائف فلا يحدث ألفونسو نفسه بطعنه من الخلف منتهرًا فرصة انشغاله بقتال هؤلاء. الملوك .
وقد أطبق الملشمؤن على طليطلة © وحاصروهاء وعاثوا فى نواحيهاء ووصلوا فى زحفهم إلى مدن الحدود مما يلى شمالى طليطلة» ثم حاصروا رياح التى تسيطر على الطريق المؤدى إلى مملكة قشتالة '"؛ لكن المرابطين لم يشتركوا مع القوات الفرنجية فى معركة حاسمة. إثما كانوا يهدفون إلى إرهاب العدو وإرهاب ملوك الطوائف على السواء.
ويعد أن تم للمرابطين ما أرادواء وحققوا الأهداف التى وضعوها نصب أعينهم » وقطعوا الصلات بين النصارى وملوك الطوائف. زحفت بعض قواتهم إلى غرناطة فدخلتها فى ١ رجب سنة 447ه 227 كما استولوا على ألبيرة © وجيان ومالقة "© والمنكب "2 فقضوا على ملك بنى زيرى بالأندلس: بدأ يوسف بعبد الله بن بلكين لأنه تبسين أنه اتصل بالفرنجة وصانعهم ودفع الجزية لهم» ولم يتكر غبدالله نفسه هذه الصلة» ولم يحاول أن ينفيهاء بل حاول أن يبرر موقفه بحجج واهية ملتوية » كما أراد يوسف أن يجعل من أمير غرناطة عبرة ملوك الطوائف. فيفث فى عضدهم» ويوقع الرعب فى صفوفهم.
, ابن أبى زرع: روض القرطاس ص48 )١(
(1) يوسف أشباخ جما ص١١٠.
(5) نفس المرجع والصبفحة. - .
(5) الذخيرة : مخطوط بغداد قسم 7 ص59. الضبى: بغية الملتمس ص؟7. (6) مفاخز اليربر ص5 .
)١( التويرى: نهاية الأارب ج؟؟ ص187.
(0) مفاخر البرير ضص 5 4..
(8) عبدالله بن بلكين : التبيان ص١9» 97.
شق
وقد فزع المعتمد بن عباد والمتوكل بن الأفطس لا أصاب صاحب غرناطة واعتقدا أن النهاية آنية لاريب فيهاء وخصوصا بعد أن أبى يوسف أن يعطى غرناطة للمعتمد. وصد عن رسل المتوكل 00 فآوى كل من الرئيسين إلى بلذه يحصنه ويستعد للدفاع عنه © وقد وضحت نية المعتمد بن عباد سافرة حين أبى أن يلبى دعوة يوسف بالقدوم للقائه. بل آثر أن يبقى بأشبيلية 0 وأوصى ولده الملأمون بتحصين قرطبة والدفاع عنها بقدر مايستطيع 0 . كما أقدم المعتمد فى هذه الأوقات العصيبة على الاتصال بالفرنهة ب يطلب منهم العون والتأييذ لمدافعة المرابطين والقضاء عليه ويروى المؤرخون أنه زوج الفوتسو ابنته 0 تعزيزا لأواضر الصداقة بينهما:9".
وكان المرابطون للمعتمد بالمرصاد» فما كادوا يعلمون بنبأ اتصاله بالفرنجة حتى استفتوا الفقهاء فأفتوا بخلعه 200 وأطبقت عليه جيوشهم بقيادة سير د بن أبى بكر فاستولت على أشبيلية فى رجب سنة 485ه". كما اقتحم الأمير أبو عبدالله محمد بن الحاج أسوار قرطبةء واستولى عليها بعد قتل المأمون بن المعتشمد ووزيره(00) ودخلت قوات المرابطين قرموئة ورنئدة كك وهوجمت ألمرية وتم الاستيلاء عليها 239 ,
وما كاد سير بن أبى بكر يفرغ من أمسر ابن عباد حتى خف إلى بطليوس»
,7ا/4-١17/7ص عبدالله بن بلكين : التبيان )١(
(؟) المقرى: نفح الطيب ج١7 ص١171.
(9) عبدالله بن بلكين ص؟7/ا117/4-1:
(5) المرجع السابق ونفس الصفحة.
(5) ابن أبى زرع: روض القرطاس ص١ ١٠١
() المرجع السابق ص 6١ ٠
0 حاول بروفنسال أن يشبت أن التى تزوجها ألفونسو لم تكن ابنة المعتمد بل هى زوج ولده المأمون التى لاذت بالفونسو بعد سقوط قرطبة .8 68 .صم ,0111 .) ,1934 .روع11 ملنهةج 2نه81:[أدعمء مط (8) عبدالله بن بلكين ص *7374-17 .
(4) الذخيرة : مخطوط بغداد قسم ١ ص19 . المطرب ورقة ١١ () الخريدة ج ١١ ص150. )١( عياض : المدارك جة ص40 . قلائد العقيان ص9١ .
. 7١ص عياض المدارك جة ص87 : قلائد العقيان )١١(
)١1( التبيان ص77/7.
"534
ا 0 مدينة شتترين ”22 وقد حوصرت بطليوسء ثم سقطت فى أيديهم آخر الأمر © كما سقطت شلب ويايرة. حدث هذا كله فى الوقت الذى كانت فيه قوات داود أبن عائشة 7 مر هلي المولة وبري ربو كي رح ملي واي و وأخذ يهدد مربيطر وبلنسية وشنتمرية الشرق والبراسين 7" كما استولى المرابطون على بياسة وأيدة وحصن ليبط وشقورة 29» فبسطوا لواءهم على أملاك الرؤساء بالأندلس» وتم لهم تحقيق ما أرادوا من توحيد الجحبهة الإسلامية بتوحيد الشعب الأندلسى بزعامتهم» بعد أن أخفقوا فى التأليف بين ملوك الطوائف (الجمع بين صفوفهم فى جبهة متحدة. '
ولكن المرابطين لم يحققوا هذا النصر على ملوك الطوائف فى سهولة ويسرء فقد كان عليهم أن يقاوموا النصارى مقاومة جبارة» إذ إن الفونسو'لم يستكن ولم يفزع من حصار طليطلة» ولم يهلع لما أظهره المرابطون من ضروب البأس والشددة. فما كاد المعتمد بن عباد يستنجد به حتى اعتقد أن الفرصة قد حانت» وأن ثغرة قد حدثت فى صفوف المسلمين» ولم يكن بد من أن يتدخل ليجنى الثمارء ولكن المرابطين كانوا قد أعدوا لكل احتمال عدتهء لأنهم كانوا يعلمون أن مصير الأندلس كلها ومصير معركة الجهاد متوقف على مدى ثوفيقهم فى منع الاتصال بين المعتمد وألفونسوء فما كادت القوات النصرانية بقيادة ألبرهانس تدرك حصن لمدور حتى خف المرابطون للقائهم بقيادة الأمير إبراهيم بن إسحاق اللمتونى» ونشبت معركة دامية لاتقل فى أهميتها عن الزلاقة أو لييط. استبسل المرابطون وثبتوا ثبانًا جديرًا بهم. وأوقعوا بالقوات القشتالية فتفرق شملها وحلت بها الهزيمة2» وبذلك أفلحوا فى قطع اتصال الأمراء بألفونسوء وقدر لهم أن يهزموا القوى الأندلسية مجتمعة. هزموا الأمراء» وهزموا قوات قشتالة .
.7١ أعمال الأعلام ص5 )١( (ب). 7١ المطرب ورقة )١( .٠١١صالج أشباخ )( ٠١ ١ص روض القرطاس )5( .٠١١ ابن أبى زرع : روض القرطاس ص )05( >»
! 0 الجهاد فى شرق الأندلس يوسف والقمبيايطور:
ولكن ماكاد يوسف يظفر بهذا التوفيق ويسيطر على القسم الجنوبى من بلاد الاندلس» ويقهر قوات ألفونسوء حتى تهيأ للنضال فى ميدان آخر من ميادين الجهاد فى الأندلس» أو بمعنى آخر بدأت معركة الجهاد تدخل فى دور جديد لايقل فى أهميته أو فى النتائج المترتبة عليه عن الأدوار السابقة» ذلك أن شرق الأندلس بدا كأنه وشيك السقوط فى أيدى القوى الصليبية» التى كانت منذ معركة الزلاقة تتقدم صوب حوض الإيبرو» وتشدد النكير على سرقسطة» وتصارع بنى هود. وراحت سفن جنوة وبيزة تغير على موانى الشرق وتنال منها '"©.
شغل يوسف بالجهاد فى جنوب الأندلس بمدافعة ألفونسو حيئا» ومناجزة ملوك الطوائف أحيانًا أخرى» فلم ينتبه إلا والخطر قد أحدق بهذا الإقليم من كل صوبء فقد بلغ الخطر المسيحى أوجه فى مأساة بلنسية الدامية» وقصة حصارها ثم سقوطها. فقد حوصرت بلنسية سنة 445ه» ودام حصارها عشرين شهراء ثم سقطت فى أيدى المحاصرين فى أواخر سنة /441ه وأوائل 484ه 7©. قما قصة بلنسية» وكيف تطورت» فأصبحت مأساة هزت العالم الإسلافى المعاصر هزا عتيفاء وأفزعت المسلمين فى المغرب والأندلس؟؟.
كانت إمارة بلنسية لأبى عمرو بن أبى بكر محمد بن عبدالعزيز حتى سنة 8ه" . حين طمع ألفونسو فى طليطلة» ولكنه لم يشأ أن يأخذ هذه المدينة غصبًاء فيسيىء إلى صاحبها القادر بن ذى النون الذى آواه ونصره إبان اختلافه مع. أخيه شانجهء لذلك آثر أن يعوضه عن طليطلة فيوليه بلنسية. وقد استطاع ألفونسو أن يقهر ابن عبدالعزيزء وأن يولى صاحبه القادر على بلنسية 029 فبقى فيها يدين
401.)١( ,مان .له70 .)وا .لع81 تعولتنطصسدة
)١( الذخيرة : مخطوط بغداد قسم ص .7٠١ المطرب لابن دحية ورقة ١58 (1) البيان المغرب حلا ص5095. لابن الأبار جا ص88 .
(*) الذخيرة: مخطوط بغداد قسم ل ص19. أعمال الاعلام ص 5١١ . البيان المغرب جا ص4 .7٠
(5) المراجع السابقة .
الح
بالولاء لألفونسو تارة» ويستنجد بالمستعين بن هود أو يخضع لتهديد صاحبه القمبياطورء ويؤدى له الجزيه اتقاء لشره ودفعا لخطره”"' .
وقد ظل أمر القادر ببلنسية يسير على هذا النحوء حتى تقدم المرابطون صوب مرسية» فاستولوا عليهاء ثم تدفقوا صوب دانية وشاطبة» وأصبحت قواتهم تطأ إقليم الشرق وتصاقب إمارة بلنسية ©.
ثم رأى أصحاب بلنسية المتبرمون بالأعباء الفادحة التى كان القادر يثقل بها عليهم استرضاء لأصدقائه من أمراء النصارى أن الفرصة قد سنحت لاطراح هذا العبء الثقيل. فدخلوا فى طاعة المرابطين "» وثاروا على القادر ققتلوه 9 وولوا عليهم القاضى جعفر بن جحافء هذا القاضى الذى أراد أن يكون له مثل ماكان لرؤساء الأندلس وأمرائها من الصيت ووفرة النفوذ 2 . كان ابن جحاف يخشى القمبياطور ©: ويخشى المرابطين» فأراد ألا يغضب المرابطين» ولايغضب القمبياطوز» فلم يرض أحدًا منهم» فضيق القمبياطور الخناق على المديئة» وضرب عليها الحصار ”"» ونكل بأهلها شر منكل .
كان حصار بلنسية فى الواقع صورة دامية من الصور التى حفل بها تاريخ الصراع بين الإسلام والنصرانية فى شبه جزيرة إيبرياء وقد سجل هله المأساة وصورها أصدق تصوير المؤرخ ابن علقمة الذى عاصر الحوادث» ورأى ذلك البؤس والشقاء والخوف الذى أهاض جناح مواطنيه وأذلهم وأفناهم» كما هزت مأساة بلنسية مشاعر المعاصرين جميعا 2؛ وكان لها وقع سيئ فى نفوس المسلمين فى المغرب والأندلس» سجلها الشاعر ابن خفاجة 29» كما سجلها أبو عبدالرحمن (1) ابن الخطييب : أعمال الأعلام ص .7١١ 1 () ابن أبى زرع : روض القرطاس ص 7١١ كتاب الاكتفاء تقلا عن 11,2.142 .701 ركعطعرعطكء .خ1.
(5) ابن عذارى : البيان ج”7 صغ ١ 7080-1
(6) ابن الأبار: التكملة (القسم المفقود) ص١18. الضبى ص0 21. (1) ابن الخطيب : أعمال الأعلام ص54 57
(7) ابن الخطيب : أعمال الأعلام ص4 756-177 .
(8) الذخيرة ٠ مخطوط بغداد قسم 7 ص1
(9) ديوان ابن خفاجة ص”7١7.
5
ابن طاهر حين كتب إلى بعض إخوانه يقول «كتبت منتصف صفرء وقد حصلنا فى قبضة الأسر بخطوب لم تبر فى سالف الدهرء فلو رأيت قطر بلنسية نظر الله إليه وعاد بنوره عليه وماصنع الزمان به وأهله» لكنت تنديه وتبكيه» فلقد عبث البلى برسومه» وعذا على أقماره ونجومه. فل" تسأل عما فى نفسى وعن تكدى ويأسى420» فلما اشتدت بالناس الضائقة:» وأكلت المحنة الأ حضر واليابس استسلموا للعدو المحاصر 7( وبلغ التدكيل بهم مداهء فروى المؤرخون أن الفاتح أحرق القاضى ابن جحاف *"» وأسر أبا عبدالرزحمن بن طاهر فى سنة 24 . كما أحرق أحمد بن عبدالمولى بن أحمد البتى 0 وتناقل المسلمون أخبار هذه الفاجعة وارتفع ابن جحاف رغم مساوئه إلى مرتبة الشهداء الأبرار «وأضرم هذا المصاب الجلل أقطار الجزيرة يومئذ نارًا وجلل سائر طبقاتها حزًا وعارا». 2ن
كان بطل بلنسية وصانع مأساتها فارسا قشتاليًا يدعى لذريق» ولد فى برغش بقرية بيبار قرب حاضرة قشتالة فى النصف الأول من القرن العاشر الميلادى» ظهرت بواكير نجدته وشجاعته فى أواخر أيام فردناند اللأول» فلما توفى وخلفه ولده شانجه كان لذريق ساعده الأيمن» فلما مات شانجه انتقل إلى خدمة الفونسو أخيه "2. ولكن قصة لذريق الفارس المغامر الجرىء تبتدئ منذ أن غضب عليه ألفونسوء فخرج من قشتالة طريدًا سنة ١/1١1م © . وكان من يمن طالعه أن التجأ إلى شرق الأندلسء» إلى ولاية سرقسطة فى عهد أميرها يوسف اللمؤتمن» وكانت هذه الإمارة إذ ذاك بين شقى الرحى » بين صاحب قطلونية ويرشلونة. وأرغونة من ناحية» وصاحب قشتالة من ناحية أخرى» وكانت فى حاجة إلى قائد ماهر )١( الذخيرة: مخوط بغداد قسم 7 ضص8١7. (؟) ابن الخطيب: أعمال الأعلام ص4 7170-11 . (*) الضبى : بغية الملتمس ص٠ 55. أعمال الأعلام ص555؟. كتاب الاكتفا .11 .701 : ركعطءرعطعع؟]1 1 مه (5) الذخيرة: بغداد قسم ص9؟. (6)ابن دحية: المطرب ورقة ١58 (ب) و517١ (أ) بغية الوعاة ص ١15 الضبى: بغية الملتمس ص87١. (1) الذخيرة : بغداد قسم ا ص١3. (7) .399-400 .مم ,آل .آ0ن .أولط ,لع84: عع لتطصدت (م).درعء10
11
ومغامر شجاعء فوجد أميرها طلبته فى ذلك الفارس القشتالى المتمرد لذريق» فاستقدمهء وأسلم له قياده ''©. وقد قاد لذريق جيوش المؤتمن إلى النصرء فهزم الكونت رامون برنجار صاحب قطلونية عند المنارة وأسرهء ثم أطلق سراحه» فعلا نجمهء وتناقل الناس قصص بطولته. ”22 ولولا يقظة يوسف المؤتمن وصاحبه لذريق لأئخن ألفونسو فى سرقسطة ولنالها مانال طليطلة فيما بعد.
عاد لذريق إلى قشتاله مرة أخرىء» ولكنه غادرها مغضباء وعاد إلى أمير سرقسطة ”"©» وشرع فى ظل بنى هود يبسط حمايته على الولايات الإسلامية الواقعة إلى الجنوب من قطلونية» حتى لد انتشر نفوذه من جنوب أرغونة حتى بلنسية ومرسية ”2؛ثم كان أن انسحبت القوات القشتالية التى كان تحمى القادر بن ذى النون صاحب بلتنسية بعد معركة الزلاقة» فلم يجد القادر بدا من أن يطلب 'العون من.صاحب سرقمنطة خوقًا من المنذر بن هود صاحب طرطوشة ولاردة 69 فخف القمبياطور إلى بلنسية» وأعان القادر» وهزم صاحب طرطوشة وألوينت» وألبرسين» وفرض على أمير بلنسية جزية قيل إنها بلغت مائة ألف دينار "© فلما قامت ثورة ابن جحاف التى أشرنا إليها اعتبرها لذريق انتقاصا من قدره» واعتداء على حلفائه © فاستولى على المدينة على النحو الذى عرضناء له وأصبحت. بلنسية قلعة المسيحية الحصينة فى الشرق؛ ووقفت فى وجه المرابطين تحول دون توسعهم صوب الشمال 00
هذه هى قصة السيد القمبياطورء وهى القصة التى اختلطت فيها الأسطورة بالحقيقة بصورة غير مألوفة بسبب ذلك العصر الذى عاش فيه ذلك الفارس )١( الذخيرة م. بغداد قسم 7 ص9؟. (1) نفس المرجع والصفحة. () .401 .م ,آن .آ6؟ اول .لع84 تععلعتطصسمه فى دائرة المعارف الإسلامية ماد سيد صن١ ٠١ 5 (لقعمء5:07) (2) .401 .ممالا آهن؟ رععللءطصدة (ة) .عل 1 (5) .كاعا-[لبيع .2 !1 .مه0.!ل.امن روعطاءعاععم :مدآ
(؟) ابن النطيب أعمال الأعلام ث5 377 . (8) .401 .مالا .آمل ,عول تطسة0
خسن
الجرىء» عصر الحروب الصليبية» عصر الصراع العنيف بين الإسلام والنصرانية» وكان السيد يحاصر بلئنسية» وينكل بأهلها فى نفس الوقت الذى كانت فيه قوات صليبية أخرى تتهيأ لاسترداد بيت المقدسء لذلك لانعجب إذا اعتبره الأسبان مجاهدا صليبياء وبطلا من أبطال الاسترداد 2 اقترن اسمه بالظفر والنجاح» فى الوقت الذى اقترن فيه اسم إمبراطور قشتالة بالإخفاق والخذلانء فلا بدع إذا بالغت الرواية النصرانية فى تصوير قصة السيدء وإعطائها لونّا زاهياً براقًا.. يتبين ذلك مما كتبه المؤرخ بيدال» الذى جعل من لذريق بطلا من أعظم أبطال أسبانياء وحاول أن يثبت أن السيد القمبياطور كان على حق دائما (2» على خين كان السيد هذا مجرد مغامر من الغامرين» الذين امتلأت بهم بلاد الأندلس فى هذا العصر الحافل بقتصص الكفاح والحرب”"» ولم يكن ملوك الطوائف إلا مغامرين من هذا القبيل» وكان من الممكن أن تمر سيرة السيد دون أن تلبسها الرواية ثوب الأسطورة. لولا هذا العصر الصليبى الذى جعل من لذريق «أخيل» عصره.
ولكن سيرة لذريق القمبياطور تركت فى المعاصرين من الكتاب المسلمين أثرا غريباء هو مزيج من التقدير والكراهية» يتمثل ذلك فى قول ابن بسام: «وغلظ أمر ذلك الطاغية حتى قدح التهائم والنجود وأخاف القريب والبعيد. يلغتى أنه كان يقول وقد طمى طمعهء ولج به جشعه على لذريق: فتحت الأندلس ولذريق يستنقذهاء كلمة ملأت الصدور وخيلت وقوع المحظورء وكان هذا البائقة فريد وقته فى درب شهامته.» واجتماع حزامته وتناهى صرامتهء آية من آيات اللهء كان لعنه الله منصور العلم مظفرا على طوائف العجم لقى زعماءهم ففل حد جنودهم وقتل بعدده اليسير كثير عديدهم»”".
كان على يوسف بن تاشفين وقد أضحى بطل الجهاد فى الأندلس أن يخف إلى نجدة بلنسية» وأن يجاهد فى الشرق ويصارع ذلك المغامر الجسرىء والمحارب
.115-1١١160ص أشباخ حا )١( .مكك مه نأول1ط 280.) متنةآ .ص ,ائ .اه؟ معطءععطعع] ,وعالاعا انمد تتباول8 دعل 00 ع.آ :رتم12 )(
(5) الذخيرة م. بغداد قسم ” ص١"
7؟
الفذء وأصبحت قصة الجهاد فى هذا الدور صراعا سافرا بين بطلى الجهاد الإسلامى والنصرانى» أى بين لذريق وبين يوسف. ذلك أن الحوادث جعلت نجم لذريق يعلو على نجم ألفونسوء ويبرز فى مخيلة المعاصرين كبطل معركة الاستردادء بعد أن تخلى عنها ملك قشتالة» بسبب هزائمه المتتالية فى المعارك التى: خاض غمارها مع المرابطين.
ولكن يجب أن يكون واضحا أن الروايات تنضارب أشد التضارب. حين تعرض لقصة النضال بين يوسف وبين القمبياطورء فالمراجع الأسبانية تظهره بمظهر الذى لايقهر أبداء وتحاول بصفة خاصة أن تروى قصة صراعه مع يوسف على أنها ظفر خالص وبطولة خالصة. لتنال من شهرة يوسف قاهر ألفونسو ومبدد خرافة
الاسترداد0) '
على كل حال بدأ المرابطون يتطلعون إلى بلنسية بعد استيلائهم على مرسية ودانية»ء وظهر ابن عائشة فاتح حصن ليبط أمام أهل شرق الأندلس بمظهر المنقذ: الذى أرسلته العناية 29 + مما كانوا يرزحون تحته من أعياء ثقال؛ من" العسف والجور والاضطهادء وكانت جيوش المرابطين أينما حلت تشير فى الناس. الأمل فى حياة أفضل تتوافر فيها العدالة والإنصاف» .ويبدو أن أهل بلنسية قبل أن جامريت السيد سنة 546ه ”"». قد تطلعوا إلى الإصلاح الذى ظفرت به المدن الأندلسية التى استولى عليها المرابطون» وبخاصة أن الجزية التى فرضها القمبياطور على المدينة كانت باهظة حقّا تثقل كاهل الناس وتثير سخطهم وتبرمهم .وقد انتهز القاضى ابن جحاف هذه الفرصة المواتية» واستغل تقدير المرابطين للفقهاء والقضاة» كما استغل هذا التذمر الذى بدت نذره» وتسلم مقعد الرتاسة بالمدينة©) وبدأ يتصل بالمزابطين فى مرسية يطلب العون والمساعدة ”.
352.)1١( ,319 ,318 ,316 ,315 ,312,313 ,302 ,299 ,298 ,295,296.297 . :أولزط (؟) 295 .8 باك .مه :لحلتط
(؟) ابن الأبار : التكملة جا ص88 .
(5) .ابن الخطيب : أعمال الأعلام ص 775-184
(0) ابن أبى زرع: روض القرطاس صض١١٠.
١
ولم يستطع ابن عائشة أن يغادر دانية» فبعث أحد قواده إلى بلنسية على رأس خمسمائة من رجاله ('' تلبية لنداء ابن جحاف. وقد شقت عصبة المرابطين طريقها إلى المدينة» واستولت على القلاع الواقعة فى الطريق» ففر سليمان بن هود إلى طرطوشةء. وما كادوا يقتربون من المدينة حتى لاذ أعوان القمبياطور بأذيال الفرار» ولم يستطيعوا الصمود أمام هذا النفر القليل من الملثمين (©. وإن دل هذا على شىء» فإنما يدل على أن القوة الخارقة التى نسبها المؤرخون الفرنجة إلى أتباع القمبياطور حديث خرافة. ومن الغريب أن المؤرخين الأوروبيين يعترفون بفرار الجند النصرانى ”" أمام هؤلاء المرابطين» الذى دخلوا المدينة دون مقاومةء واستطاع القاضى الداهية أن يحقق أغراضه كاملة» فقتل القادر بن ذى النون» وبويع له بالرئاسة والقمبياطور بسرقسطة بعيد عن مسرح الحوادث ©. ولاندرى لم لم ينقض القمبياطور فى هذه اللحظة بالذات على المدينة» فيطرد جند المرابطين؟» كما لاندرى لم قنع بتهديد ابن جحاف» ومحاولة التقرب إليه '؟»: ليس من شك فى أن السيد القمبياطور كان يخشى المرابطين» ويخاف أن يشتبك معهم فى معركة سافرة» قد تتمخض عن هزيمته» كما كان يعرف أن القوات المرابطية قريبة فى دانية ومرسية تحمئ ظهر بلدسية» وتخف إلى نجدتها عند الحاجة» فاستطاع بدهائه وسكيقه ان يجن مايق ابن جذكاق ”ونه مضبعة مزه للرايظين» مله علق أن يصرفهم عن بلنسية صرقًا 29. وأوهمه أنه قد يجد فى محالفته ومحالفة ابن هود مايعوضه عن محالقة المرابطين » وبعد أن تم للقميياطور عزل ابن جحاف عن حلفائه المرابطين» حاصر المدينة على النحو الذى عرضنا له» واستنجد أهل بلنسية بالمرابطين» كما استنجدوا بغيرهم من الأمراء المسلمين» وكان يوسف يود أن يلبى نداء أهل بلنسية» وأن يخف إلى نجدتهم» لولا أن الظروف قد أقعدته عن تحقيق (؟) .297 .5 .اك .مه :تقلط م .سعك1 | (5) .2.297 كك .جره الدلتط (0) ابن الخطيب : أعمال الأعلام ص174- 1770 . (5) الذخيرة : بغداد قسم # ضص 7. (0) المرجع السابق ص8؟
يفف
ذلك الرجاء» وكتب إلى القمبياطور يهلده ويتوعدهء ويطلب إليه أن يكف عن حصار المدينة» فرد عليه السيد ساخر متهكمًا منددًا بتقاعسه عن الجهاد وخوفه من اللقاء 29 ,
ولكن يخيل إلينا أن هذه الرواية مبالغ فيها إلى حد كبيرء فالمراجع العربية تشر إلى مكاتبات من هذا القبيل» كما أن يوسف لم يكن بحاجة إلى أن يعبر البحر ليلقى لذريق» فقد .كان قواده بالأندلس كثيرين» وكان باستطاعته أن يسير اليش المعمسكر بمرسية ودانية» دون أن يجشم نفسه مشقة العبور لإرضاء غرور القمبياطور. هذا فى الوقت الذى تصور فيه الرواية الأوروبية القمبياطور بصورة الخائف المرتاع لقدوم المرابطين» وتذكر أنه اتصل سرا بابن جحاف ليعاونه» ويشد أزره». ولكنهما خافا مغبة الأمرء واكتفيا بأن يكتبا إلى الأمير أبى بكر بن إبراهيم القاتد الذى أوفده يوسف لاستنقاذ بلنسية يخوفانه لقاء القمبياطور الذى حالف صاحب أرغونة» وجند ثمانية آلاف من خيرة الفرسان 2©9» وينصحانه بالعودة من .حيث أتى مخافة أن تحيق به الهزيمة» ولكن قائد المرابطين سار يمينا شطر مرسية» وطرب المحاصرونء واعتقدوا أن يوم الخلاص بات قريبّاء وقرروا خلع ابن جحاف» وتنصيب ابن طاهر ”"» ثم تقدم الجيش المرابطى حتى أدرك شاطبة» ثم اتجه صوب بلنسية» وبات على مرأى الناظر من أسوار المدينة» وما كاد الصبح يسفر عن وجهه» حتى كان جيش المرابطين قد اختفى عن الأبصار» وانسحب من مواقعه قرب بلنسية. ظ ظ وقد ذهب المؤرخون مذاهب شتى فى تعليل انسحاب القائد أبى بكرء فقد ذكر ابن علقمة 7 أن يوسف كتب إليه يؤنبه وغضب عليه وعزله ©. ولكن لم ننساق وراء ابن علقئمة» ونسم أبا بكر بميسم الجبن والخور؟ فلو كان الخوف هو
)١( .8.312 نأك .ره :أولتط
(1) ابن الخطيب : أعمال الأعلام ص78؟. .315 .م :51031
(9) .158-159 .2 ,11 آهل رقطعععغطءع؟] :بإجمدآ1
(؟) .319 .ماك . :لهل1ط
(0) اين علقمة صل55١75-1١١ 1948 111 .آمل ركنالقلهة اذ :لقعدعءهرط
فض
الذى رد المرابطين على أعقابهم» لما تقدموا من مرسية إطلاقاء ولتركوا بلنسية تقع فريسة فى يد القمبياطور. على حين نجد رواية المؤرخين الأسبان تؤيد وجهة نظرنا فى أسباب انسحاب المرابطين» فتذكر أن السماء قد أمطرت مطرا غزيراء فى أمسية المعركة. وأصبحت الطرق غير مأمونة للسالكء» فائر أبو بكر أن ينسحب إلى مرسية”"2» وكتب ابن عائشة إلى بنى طاهر أنصار المرابطين يذكر أنهم لم يتراجعوا جبنًا أو خوراء ولكن لنقص الأقوات ووعورة الطريق”". فلم يجد أهل بلنسية مفرا من التسليم ”"©» وسقطت فى يد القمبياطورء فكان وقع سقوطها فى نفس يوسف عظيما”؟» وجاء حرق القمبياطور لابن جحاف وسومه أهل بلنسية سوء الخسف والعذاب ضغنئًا على إبالة ©©.
ومن الغريب أن المؤورخين المسلمين لم يعرضوا لقصة الصراع.بين يوسف والقمبياطور عقيب استيلائه على بلنسية» لم يعرضوا إلا للحملة التى أعدها يوسف سنة 56ه لاسترجاع المدينة نهائياء فهل من المعقول أن يغفل المرابطون عن بلنسية طيلة هذه السنوات السبعء ويتركوها فريسة للسيد القمبياطور؟ . وهل من المعقول أيضا أن تظل القوات المرابطية تحتل مرسية» ودانية وشاطبة سبع سنوات» تواجه قوات السيد دون أن تلتحم بها أو تناوشنها؟. لكن المراجع الإفرنجية لم تسكت كما سكتت المراجع العربية» بل ذكرت أن صراعا:عنيفا نشب بين القمبياطور الذى اتخذ بلنسية مركزا لأعماله العدوانية» وبين المرابطين فى دانية ومرسيةء ولكن هذه المراجع تلؤن سيرة القمبياطور فى هذه الفترة باللون الأبيض» وتصور المواقع التى خاض غمارها على أنها نصر كلهاء وتصور كفاح المرابطين فى هذه الفترة على أنه هزائم متلاحقة يأخذ بعضها بتلابيب بعض» فقد ذكر كل من بيدال ودورى 22 أن محمد بن عائشة حاول أن يسترد بلنسية لأنه سار إليها على
."١ص حسين مؤنس: : السيد القمبيطور )١(
(0) 158-15 .11,8 آه/ رقطءععطاعع] :1202
(*) ابن المخطيب : أعمال الأعلام ص 558 .
() الذخيرة : بغداد قسم "ا صن١,
(0) ابن الكردبوس : الاكتفا نقلا عن ,2[عاءارمة ,1! .01لا رقعط :لطعع1 () .186-195 .2 ,1آ[آ آلا رقطءععطءع1 :ه10
4و"
رأس ٠6١ ألف فارس وثلاثة آلاف راجل» وعسكر عند مدينة (68عد0)ء» وأن القمبياطور خرج إليه وهزمه بعد قتال دام عشرة أيام» وكبده خسائر فادحة» فهل يعقل أن يهزم القبياطور جيشا قوامه ١٠١ ألف فارس وثلاثة آلاف راجل» من فرسان المرابطين ''' بقيادة ابن عائشة مدوخ الفونسو؟ لوصح ذلك أكان القمبياطور يقنع أو تقف أطماعه عند حد؟. يخيل إلينا أنه لوصحت هذه الرواية لانقض القمبياطور على دانية ومرسية؛ بل لعمل على إخراج المرابطين من شرق الأندلس نهائيا! .
ليس ببعيد أن تكون هذه القوات التى اقتربت من بلنسية قليلة العددء وربما كانت فرقة صغيرة أو مجرد كتيبة بقيادة أحد رجال ابن عائشة» بدليل أن القمبياطور عندما أراد أن يتوسع نخارج بلنسية بعد ذلك لقيته قوات بقيادة ابن عائشة فناوشته وقاومته ©. هذا إذن يؤيد ماقلناه من أن هذه الحروب التى وقعت هى مجرد مناوشات لا أكثر ولا أقل» فالمرابطون كانوا يستعدون ويطيلون الاستعداد» لأنهم كانوا يعرفون أن هذه المعارك ستقرر مصير شرق الأندلس كلهء بل مصير معركة الجهاد فى الأندلس بأسرهاء كما أن القمبياطور نفسه كان يخشى أن يشتبك فى صراع سافر مع المرابطين فيصيبه ما أصاب ألفونسو فتسقط هيبته.
وتعود المراجع الأفرنجسية فتروى قصة نصر آخر أحرزه القمبياطور وحليقه بيدرو ملك أرغونة على قوات محمد بن عائشة على مقربة من بلدة بيرين» استطاع القبيماطور بعده أن يستولى على مربيطر ”". ويكفى المرابطين فخرا أنهم استطاعوا طوال هذه السنوات السبع أن يحدوا من نشاط القمبياطورء وأن يحتفظوا بقواعدهمم فى ألمزية ومرسيةء وأن يشغلوا عدوهم بهذه المناوشات المنصلة. حتى أتم يوسف الاستعداد لخوض المعركة الفاصلة» التى بدت نذرها تلوحء فقد أطبق محمد بن الحاج على قوات ألفونسو عند (2مهعددمه6)» فأنزل بها هزيمة ساحقة
51031: .صباكء .مه 354. )١( 1002: 1] ام رقطءتعطعع 11, 2. 186-195.) .وباك .م :أقلتط 373. )5(
نمف
وقتل ولد القمبياطور الوحيد ”©» كما هزم البرهانس عند كونكه؛ وأوقع ابن عائشة بفرقة من جيش القسمبياطور عند جزيرة شقر ”"'» ثم سار محمد بن مزدلى أعظم قواد المرابطين إلى بلنسية الخوض المعركة الفاصلة. ولكن القمبياطور كان قد توفى قبل ذلك بقليل» ولم تستطع أرملته أن تقاوم طويلاء فسقطت مدينة بلنسية
فى يد المرابطين فى منتصف رجب سنة 496ه 9).
واستطاع المرابطون بعد كفاح متصل» وجهاد مستمر فى شرق الأندلس دام عشر سنوات أن يحرزوا هذا الظفرء الذى لايقل أثرا فى تاريخ معركة الجهاد عن نصر الزلاقة» فقد كان له دوى هائل فى العالم الإسلامى كله تخلده الشعراء والكتاب 2؛ كتب أبو الفضل جعفر بن شرف يقول: «وحياك بلسان الأقلام حين أشرق وجه الدين فأسفرءوزهق حصن الملحدين فتقرء وأقبل الفتح فى لمة التأبيد يرفل فى ثوب النصر الجديد» وجاء الوعد الناجز ببلنسية. فالآن قد نشر الميت من لحده؛ وعاد الحسام إلى غمده؛ فهبت ريح النصرء ومد بحر الظفر بغد حسر». فلاتعجب بعد ذلك كله إذا كان شرق الأندلس قد انفتحت أبوابه أمام الرابطين يوغلون فيه كيف شاءوا.
كان لسقوط بلنسية فى أيدى المرابطين أثر بالغ فى سير معركة الجهاد فى شرق الأندلس» فقد مات القمبياطورء وانهارت الجبهة النصرانية فى الشرق» ووأغلت القوات المرابطية فى إمارة بلنسية» فاستولت على مربيطر والمنارة والسهلة وغيرها من القلاع والحصون المنتشرة فى هذا الإقليم» كما تمخض هذا التوسع عن حماية ظهر إمارة سرقسطة» وتوثيق الصلات بينهاء وبين المرابطين ليتعاونا فى صد التيار النصرانىء الذى يهدد الجزيرة من الشمال الشرقى. فقد كانت إمارة سرقسطة معرضة لخطر جسيم» إذ تتصل اتصالا مباشرا بحدود ممالك أسبانيا النصرانية
)١( .376 .مراك .رزهنلاهل1ط
)١( كتاب الاكتفا نقلا عن 1< .م 1[ .جة ,[آ [0/ رمعطءمعطع؟1 () المرجع السابق ونفس الصفحة.
() البيان المغرب جا ص 7٠١5 245م 17 ,701 :10020
(5) ديوان ابن خفاجه ص" .١١
حرف
وإماراتهاء تصاقبها من الشمال إمارات قطلونية وأرغونة» وتتصل حدودها من الشرق بمملكة نبرة وليون 27» فاضطرت أن تقف من جيرانها النصارى موقف المصانع المدارى لتتخلص من شرهمء ولما عبر المرابطون البحر لأول مرة تخلف بنو هودء ولم يدخلوا فيما دخل فيه غيرهم من الأمراء» ولهم عذرهم فلم يكن باستطاعتهم أن يغفلوا ساعة واحدة عن هذه القوى النصرانية التى تتحفز للقضاء عليهم» بل لعلهم نجحوا من حيث لايريدون فى الحيلولة بين القوات التى كانت تتدفق من فرنسا وغيرها من بلدان أوروباء وبين شد أزر ألفونسو فى كفاحه مع المرابطين» فقد وقفت القوى الصليبية عند الإيبرو لم تستطع أن تجاوزه خوفا من بنى هود ”" ؛ ولكنهم رغم التظاهر بصداقة المرابطين كانوا يعملون فى الخفاء على وقف توسعهم فى شرق الأندلس خشية أن يصيبهم ما أصاب ملوك الطوائف الذين انتزع يوسف ملكهم» ووقفوا وقفة المتخاذل المتردد من حصار بلنسية». ومن جهاد المرابطين وكفاحهم من القمبياطور ”"» لأنهم كانوا يتبنون السيد الذى كان يعمل لحسابهم.
كان بنو هود يطمعون فى بلنسية» أو على الأقل يأملون أن يقيم القمبياطور إمارة صديقة تحول بينهم وبين المرابطين9؟» ولكن الملثمين صمدوا للقمبياطور على النحنو الذئ رأيناه» وفتحت بلنسية» وانسابت قوات المرابطين تتوسع صوب الشمال» فاضطر بنو هود إلى أن يغيروا من موقفهم» وأن يقفوا من يوسف بن تاشفين وقفة المؤيد المناصرء وهل كانوا يستطيعون غير هذاء والعدو ينوشهم من الشمال» ويهددهم فى عقر دارهم؟ لذلك عمد المستعين بن هود إلى أن يصل يده بيد يوسف قبل أن يكتسحه التيار» ويجبر على الدخول فيما دخل فيه غيره» فروى المؤرخون أنه اتصل به مرتين» فقد كاتبه غب عبوره الأندلس غداة الزلاقة يبرر له
.7١ ١ص حسين مؤنس : الثغر الأعلى )١( .50 (؟) الحلل الموشية ص
(*) الذخيرة : قسم ا ص19.
(5) المرجع السايق ص5١7.
يفف
تقاعسه عن نصرة المجاهدين 2» واتصل به فى المرة الثانية عقب سقوط بلنسية9؟, وآثر يوسف أن يصفح عن مواقفه السابقة إيثارا للعافية وإبقاء على وحدة الجهود. ورغبة فى إيجاد نوع من الجبهة الإسلامية المنحدة؛» تمتد من حدود قطلونية إلى أقصى الجنوب» لذلك أبقى على بنى هود يمدهم بالعون والمساعدة» ليدفعوا عادية الفرنجة ويصدوا تيارهه”"
ويتعاون بنى هود والمرابطين على الجهاد نستطيع أن نقول دون تردد إن المرابطين قد أتموا الجهاد فى شرق الأندلس» أو على الأقل وضعوا أسسا دائمة ثابتة لتعاون وثيق لم تره الأندلس منذ وفاة التضتوو: بن أبى عامرء وإذا كان المرابطون قد شغلوا بالجهاد فى الشرق» فإنهم لم يغفلوا عن ألفونسو السادس» بل وقفوا له بالمرصادء وفى الوقت الذى كانوا فيه يوطدون أقدامهم فى منطقة مرسية ودانية» وي يتشوفون إلى بلنسية كانت قواتهم تشتبك مع جند قشتالة عند بلدة جيان» وأوقعوا بقوات ألفونسوء ومزقوها شر ممزق» وفرت لاتلوى على شىء» وذلك سنة 586ه 9)» بل يذهب المؤرخون إلى حد تشبيه معركة جيان بالزلاقة وكأن الأقدار قد شاءت ألا يقترن اسم ألفونسو فى صراعه مع يوسف إلا بالهزيمة» فما كاد يعاود الكرة مرة أخرى سنة ١544ه» حتى خف المجاهدون إلى مناجزته» وأوقعوا الهزيمة به عند (هبععدودهت) 22 وهى الموقعة التى قتل فيها ابن السيد القمبياطورء كما هزموا قائده ألبرهانس عند كاونكة» وصاحب برجندية عند («معدلدةة) سنة 5494ه 20» وشاء الله الايرى يوسف نهاية عدوه ألفونسوء إنما قدر لولده على أن يجنى ثمار هذا النضالء» الذى استمر عشرين عاماء حين هزم قوات ألفونسو عند إقليش ”"» قتل ولده» وفنيت زهرة رجاله» ومات غما وكمدا
."١ الحلل الموشية ص )١(
(؟) ابن الأبار : الحلة السيراء ص0؟؟ .
(”) الحلل الموشية ص10-609.
(5) ابن الأثير ج١٠ ص875.
(5) .414.م رلك .مره :لول1اط
(5) .معل1
() .330 .2 وععم مع/ز3840 دعل .51ذز1] :لاناستانآ
ايض
بعد ذلك بعام واحدء وفقدت حركة الاسترداد بطليها السيد القمبياطور وألفونسو السادس فى سنوات متلاحقةء هذا فى الوقت الذى اتحدت فيه كلمة المسلمين تحت لواء واحد هو لواء يوسف بن تاشفين.
عبسر يوسف البحر إلى الأندلس للمرة الأخيرة سنة /591ه مستوج الهامة بالظفر والنصر تخفق أعلامه وبنوده على ربوع البلاد» وقد عبر فى هذه المرة ليضع أسسا ثابتة للدولة الجديدة التى ألفت بين المغرب والأندلس» نعم فى هذه السنة بالذات أحس يوسف بأنه قام بواجبه» وأرضى ضميرهء وعفر جبهته بتراب الجهادء وأجج الحرب المقدسة بعد أن كادت تعصف به الخطوب» فرأى أن يبايع لولده على بن يوسف يولاية العهدء إحساسا منه بقرب الخاتئمة» وقد روى أنه عاد إلى المغرب فى آخر سنة 5ه 7( فمرض وتوفى بمراكش سئة 60.٠0 (أه.
5 - أثر معركة الجهاد فى دعم قيام الدولة:
ظلت معركة الجهاد فى بلاد الأندلس فى عهد يوسف دائرة الرحى مستعرة الأوار عشرين سنة كاملةء فإلى أى حد استطاعت هذه الحركة أن تحقق آمال يوسف بن تاشفين التى كان العالم يرقبها ويتطلع إليها؟.. تمخضت معركة الجهاد عن تبديد خرافة الاستردادء هذه الخرافة التى تبناها ملوك قشتالة منذ أيام فردنائد الأول منتهزين الفرقة الضاربة أطنابها بين ملوك الطوائف فى الأندلس» فقد قهر ألفونسوء وتحطمت أحلامه» وتبددت آماله» ووقف حائرا أمام هذه القوى التى تكتلت» واتحدت بصورة: لم يشهدها الناس منذ أيام المنصور بن أبى عامرء كما أن القوى الصليبية وقفت عاجزة أمام هذه الدولة الجديدة» فلم تستطع أن تجاوز سرقسطة إلى الجنوب» كما مات القمبياطور مقهوراء ولم تغن عنه شجاعته شيئاء وأصبح يوسف بن تاشفين فى الواقع أعظم شخصية فى المغرب الإسلامى» ويكفى أن يقال إن من أهم نتائج معركة الجهاد فى الأندلس أنها حققت وحدة البلاد»ء هذه الوحذة التى عزت منذ سقوط الخلافة» وتفرق كلمة المسلمين فى الأندلس سنة 18498ه.
١ا/ الحلل الموشية . ٠١ ١ ابن الأبار: التكملة ج١١ ص/501»؛ روض القرطاس )١(
لحف
نعم تمخضت جهود يوسف طوال الأعوام العشرين عن التوحيد بين المغرب والأندلس» واستطاع أن يؤسس دولة المرابطين بالصورة التى عرفها الناس موحدة بين المغرب والأندلس» جامعة بين تقاليد هذين البلدين. نعم كان الرباط والجهاد متلازمين دائماء وكان الجهاد من أهم الأركان التى اعتمد عليها عبدالله بن ياسين فى بث دعوته بين الناس» كما كان من أهم الدعائم التى اعتمدت عليها الدولة فى تكوين شخصيتهاء وتوسيع رقعتهاء وقد تأثر المعاصرون بهذا الدور الرائع الذى قامت به الدولة الناشئة من إنقاذ الإسلام مما تردى فيه من ضعف وتخاذل وفرقة» وأصبح الناس فى المشرق يرقبون فى شغف واهتمام ذلك التوفيق والظفر الذى اقترن باسم يوسف. حتى أن الإمام الغزالى ”' رأى فى هذا الأمير الإمام الأمثل الذى طالما تمنى أن يراه» كما رأى فى الدولة الجديدة مدينته الفاضلة» وروى أنه أراد أن يذهب بنفسه إلى المغرب ليرى رأى العسين هذه المعجزات التى تحققت فى هذا العصر عصر الضعف والتخاذل والفرقة» ليشهد عن كثب ماتردده الرواية من عدل الأمير وزهده وتقشفهء ولكن قيل أنه ماكاد يبلغ الإسكندرية حتى علم بوفاة يوسف» فعاد من حيث أتى '©. وقد كاتب الفقيه أبو بكر الطرطوشى يوسف مبديا إعجابه بما تواتر من أنباء. بطولته وتقواه» كما اهتزت الخلافة العباسية بهذا الجهاد الموفق» فاعترفت بيوسف أميرا يحكم من قبل الخليفة العباسى ”2 بعد وفاة أبى بكر بن عمرء وكتب يوسف إلى الخليفة ينوه بالدور الذى اضطلع به فى معركة الجهادء ويبين مدى ما أصاب من توفيق» وما تحمل من جهد “. وتردد اسم يوسف مقترنا باسم الخليفة العباسى على منابر الأندلس والمغرب» كما نقش اسم الخليفة على السكةء وبذلك تكون دولة المرابطين قد قامت واقعيا ونظريا بعد اعتراف الخلافة العباسية بها.
نعم وضح للناس أجمعين أن دولة جديدة قامت بالمغرب» تحيى تراث
. ابن خخلكان ج؟ ص١7270. مفاخر البربر ص؟ )١(
(؟) .12م بأعقصطنه1' عصطذ لعتمسقطمكل8 عطتجلاه0 (*) ابن شخير الفهرسة : ص799.
(4) أبن خلكان ج31 ص 377١
(5) البويرى ج77 ص186.
37١
الإسلام وتقهر أعداءه» وتوحد بين المسلمين» وتشد أررهمء ولولا الجهاد فى الأندلس على مانعتقد لكان من الممكن ألا يختلف تاريخ المرابطين عن تاريخ هذه الدويلات التى قامت بالمغرب» وانتهت دون أن تثير اهتمام الناس. نستطيع إذن أن نقول إن هذه الدولة قد أقامها رجلان: عبدالله بن ياسين صاحب الدعوة ويوسف بن تاشفين صاحب السيف ومنفذ تعاليم الإمام ومخرج فكرة الجهاد إلى حيز الوجود فى معارك متلاحقة دامت قرابة خمسين عاماء تؤيده شيعته من المرابطين المخلصين لمعركة الجهاد» بل إن بعضهم لم يتريد فى أن يتطوع لخوض معركة الجهاد فى الشرق» والمساهمة بنصيب فى وقف التيار الصليبى المتدفق على ت المقد زف
كان يوسف من صناع التاريخ فى المغرب الإسلامى» فقد أعاد إلى الأذهان. سيرة موسى بن نصير » وعبدالرحمن الناصر» والمنصور بن أبى عامر» وغيرهم من أبطال الإسلامء كان يوسف معجزة حققها الإسلام» إذ استطاع ذلك الدين أن يجعل من هذا الرجل الصحراوى بطلا ظل النصر يقترن باسمسه مدى نصف قرن فى معارك المغرب والأندلس » فقد صارع الفونسو والقمبياطور» والبابوية الناهضة. والقوى الصليبية المتحفزة» ووضع أبنشسا للجهاد ونظم الحكم ظلت باقية بعذله مذة طويلة. كان يوسف زاهدا متقشقًا عادلا صادقًا تتمثل فى شخصه سيرة السلف الصالح ”'.
.١الا"ص ١٠١ج ابن الأثير )١( .٠١7ص ابن أبى زرع: روض القرطاس )1(
"م١
| أثرقيام الدولة فى الأوضاع السياسية:
الآن وقد فرغنا من ترسم الخطا التى أدت إلى قيام الدولة» وتتبعنا الأدوار التى مرت بها منذ أن كانت مجرد رباط عند مصب نهر السنغال» حتى بسطت رواقها ومدت ظلها على المغرب الأقصى والأندلس» يحسن بئا أن ندرس الآثار التى تركها قيام هذه الظاهرة الباررة فى أحداث المغرب الإسلامى فى القرن انامس الهجرى» وأن نستنبط الحوادث» ونتلمس مدى ماتركه قيام الدولة من أثر فى تاريخ المغرب وحضارته. ا
وأول ما نلاحظه أن قيام هذه الدولة يختلف عن قيام دول البربر التى سبقتهاء فقد قامت دولة الأدارسة مثلا على أساس البيعة لعلوى فر بنفسه» وآوى إلى المغرب معتصما به من بطش العباسيين وانتقامهم» وقامت دولة بنى زيرى بعد أن حالفت صنهاجة كتامة» وآزرت الدعوة الإسماعيلية بالمغرب وظلت تدين للفاطميين بالتبعية والولاء دهرً طويلاء أما دولة المرابطين فقد قامت على أسس مختلفة كل الاختلاف» فقد قامت على أساس نشر مذهب مالك فى صحراء المغرب» ومحاولة بعث القوى الإسلامية والعودة بالمجتمع الإسلامى إلى عهد السلف الصالح» ورسمت لنفسها طريق الإصلاح واضحًا جليّاء واعتمدت فى سبيل التمكين لنفسها على مبدأ الأمر بالمعروف والنهى عن المنكرء وأعلنت على البدع والمتكرات التى شاعت فى البلاد فى أواخر القرن الخامس الهجرى حربًا لارحمة فيها ولاهوادة» حطمت دثان الخمر» وكسرت آلات الطرب» وفرضت صلاة الجماعة على الناس فرضاء وعممت الزكاة» واقتصرت فى فرض الضرائب على ما أوجبه الشرع» فلقيت ترحيبًا أينما حلت» وكانت المدن تفتح أبوابها لهؤلاء القوم المخلصين فى جهادهم وفى إصلاحهم .
كما أن الدولة الجديدة توسعت فى مبدأ الجهاد بصورة لم تعهدها دول المغرب من قبل» عاشت من أجل الجهاد وذهبت ريحها فى سبيل الجهاد. لانتكر أن الدويلات المغربية التى سبقت دولة المرابطين فى المغرب قد وضعت مبدأ الجهاد نصب أعيئهاء وعمّلت بقدر طاقتها على مدافعة الفرنجة» ونشر الإسلام» ولكن
م"
لأول مرة فى تاريخ المغرب نجد دولة تجند المجتمع كله من أجل الجهاد» وتساخر موارد الدولة كلها له» وتجعل من البلاد معسكرا ضخمًا يتجاوب بأصداء القتال.
ويعتبر قيام دولة المرابطين من ناحية أخرى متوجا للجهود التى بذلها البربر منذ القرن. الشانى للهجرة» بعد أن رسخت فيهم قواعد الدين» وظفروا بالمساواة المطلقة بالفاتحين من العرب» حتى آل الأمر إليهم آخر الأمرء وأصبحوا أصحاب الكلمة الأولى فى المغرب يشكلون تاريخهم حسبما يريدون. وقد قامت دولة المرابطين فى وقت انتهى فيه نفوذ العرب فى المغرب وإفريقية بانتقال الخلافة الفاطمية إلى مصرء وبسقوط الدولة الأموية» فخلا الجو أمام البربرء وانتهى الأمر بأن أقاموا خلافة مغربية فى عهد الموحدين عندما اتخذوا لقب أمير المؤمنين.
ويعتبر قيام الدولة من وجهة النظر القسبلية اتتصار) لشعب البرانس» فقد استطاعت صنهاجة بشقيها بعد جهود متواصلة أن تصرع أعداءها من البترء وأن تقهرهمء وأن تبسط ظلها على بلاد المغرب كلهاء فقد كانت صنهاجة الشمال تسيطر على إفريقية والمغرب الأوسطء وكانت صنهاجة الجنوب تسيطر على المغرب الأقصى. والأندلس» فارتفع شأن البرانس» وعلت كلمتهمء وتفوقوا على أعدائهم البتر.
على أن قيام هذه الدولة قد ترك آثارا أخسرى بعيدة المدى عميقة الأثر فى تاريخ المغرب وتاريخ الأندلس» ذلك أن الدولة الجديدة استطاعت لأول مرة أن توحد فى المغرب الأقصى بين المنطقتين الساحلية التى تسود فيها المؤثرات. الحضارية الأندلسية» والتى ينزل بها قوم يشتغلون بالزراعة» وبين المنطقة الأخرى الهضبية والجبلية التى كانت فى الواقع بربرية ما ودما لم تنفذ إليها المؤثرات الثقافية الأجنبية» ويحيا أهلها حياة النقلة والترحال (2. كان يحدث أن تبسط الدول التى قامت بإفريقية سلطانها حتى ساحل المحيط الأطلسىء ولكنها كانت تتوغل فى المنطقة الساحلية» أما المناطق الداخلية فقد بقيت فى معزل عما كان يجرى من () بممماع ومع ميئل كارو سم مم0 كه عمل رتم6 06 اع برزمن عق #عاتت ]1 :ا عقناك ]عوك 14106
ع8 210/61 للق عأفصمءامعامء5 عبوتلكفانآ عل وعطدعة دع1 عمل وعتاعيطن) كعل ك5معتنواءء وع1 07
املا
الحوادث» حتى قامت دولة المرابطين فأخرجتها من عزلتهاء ووصلت تاريخها بتاريخ المغرب وتاريخ الأندلس» وقد وحدت الدولة لأول مرة بين إقليم السودان والمغرب الأقصىء فقد كانت الأقاليم السودانية تكاد تعيش بمعزل عن حوادث المغرب» حتى أنخرجها المرابطون من هذه العزلة» ومكنوا للثقافة الإسلامية من أن تتسرب إليهاء وتنتشر بين ربوعها. كما أن قيام الدولة وتوسعها فى الأندلس يمثل ظاهرة فريدة فى تاريخ المغرب الإسلامى» ذلك أن أهل الأندلس ظلوا يتفوقون على أهل المغرب» ويتحكمون فى مصائرهم دهرا طويلاء وكانت ججسيوش الناصر والمستنصر وهشام المؤيد تجوس فى أرجاء البلاد» ترفع لواء الأمويين وتبسط ظلهم» وتمكن للحضارة الأندلسية حتى قامت دولة المرابطين» فقلبت الأوضاع وأصبحت الغلبة من نصيب أهل المغرب» وكتبت لهم السيادة على أهل الأندلس» وأصبحت شئون تلك البلاد تصرفها مراكش حاضرة هذا الملك الجديد.
وقد ترك قيام الدولة أثرا واضحًا فى ناحية أخرى بعيدة الأثرء ذلك أن المغرب شهد ظاهرة جديدة وفدت عليه» فقد غزا عرب بنى هلال إفريقية» وخربوا القيروان» ونالوا من الحضارة» وقوضوا ملك بنى زيرى» ثم طوقوا باب المغرب الأوسطء. وهددوا الدولة الحمادية. وكان من الممكن أن يتجاوزوا المغرب الاأوسط إلى المغرب الأقصىء فيمثلوا فيه نفس الدورء ويعيثوا فيه فساداء كما عاثوا فى إفريقية من قبلء لولا قيام دولة المرابطين وبسط نفوذها على المغرب الأوسطء ووضعها حامية قوية فى تلمسان استطاعت أن تجنب المغرب الأقصى شر بنى هلال27. وقد اهتم المرابطون بالمغرب الأوسط لأنهم كانوا يعلمون أنه يتحكم فى الطريق الموصل إلى المغرب الأقصىء وما يدل على اهتمامهم بأمر هذا الإقليم أن يوسف بن تاشفين لما علم باختلال أمره ولى عليه القائد اللمتونى الشهير مزدلى فاتح بلنسية ليرعى شئونه ويحرس مسالكه ”" فلا ينفذ إليه العرب» ويطوقون باب المغرب الأقصى .
وقد أدى كفاح المرابطين من أجل السيادة على المغرب الأوسطء. وعملهم 9 8116 6م1814 وك اأدية سا6 اقيق م و5عطوعةق دوع[ :وتدء:0.113 (9) ابن خلدون جا ص884١.
وخ
على مدافعة عرب بنى هلال إلى اصطدامهم ببنى حماد أصحاب القلعة بعد أن كانوا قد آزروهم حين فتحوا المغرب الأقصىء لأن بنى حماد لم ينظروا إلى توسع المرابطين فى المغرب الأوسط نظرة الارتياح والرضاء بل ظلوا يترقبون فرصة مواتية حتى عبرت قوات المرابطين إلى الأندلس» وشغل يوسف بن تاشفين بالجهاد. فاستعانوا بعرب بنئ هلال وأغاروا على المغرب الأوسط لانتزاعه من المرابطين 7©. ما حمل يوسف على مغادرة الأندلس والعبور إلى الغرب لمواجهة هذا الخطر الداهم 7" ويبدو أن المرابطين قد أقروا السكيئة فى ربوع المغرب الأوسطء. وحالوا بين ينى سماد وحلقائهم من العرب» وبين مايريدون» بل جاست قواتهم فيه» وهددت مدينة أشير”"» ويخيل إلينا أن اهتمام المرابطين بأمر المغرب الأوسط. وعملهم على تحصينه وإقرار السكينة فى ربوعه لم يكن يقصد به مجرد مناهضة بنى حماد. والكيد لهم بل لرد العرب. عن المغرب وتجنيب البلاد ما أصاب إفريقية من قبل» بدليل أن يوسف سالم بنى حماد © بعد أن اطمأن إلى أن المغرب الأوسط قد نجا من الوقوع فى قبضة العرب» فنجت حضارته. وسلم ترائه.
وقد ترك قيام دولة المرابطين ثرا بعيد المدى فى توازن القوئ فى الجزء الغربى من البحر الأبيض . ذلك أنه فى ذلك الوقت بالذاتٍ ظهر النرمان بجنوب إيطاليا وبدءوا يتشوفون إلى صقلية ويمكنون لأنفسهم فيهاء فى الوقت الذى عمدت فيه أساطيل جمهوريات إيطاليا إلى تهديد حرية الملاحة فى هله المنطقة» وراحت مملكة قشتالة وليون تبسط ظلها على الأندلس» وتستذل ملوك الطوائف» وتحاول أن تنتزع منهم القلاع والحصون. وكانت البابوية قد نهضت نهضة موفقة» وبدأت تبسط ظلها على أوروبا » وتهيئ الأذهان لمعركة صليبية حامية الوطيس» فلما قامت دولة المرابطين» وبسطت ظلها على الساحل المطل على بحر الروم» اهتمت بالبحرء وبدأت تنشئ أسطولا بعد فتح سبتة وطنجة. وقد مف المرابطون إلى معركة الجهاد فى الأندلس» واستطاعوا بعد جهود متصلة دامت عشرين عاما ا 0
(7) ابن خلدون جه صكل!7١ . )0( ابن الأثير ج١٠١ صما .
584
أن يوقفوا توسع الفرنجة فى الأندلس» وأن يبددوا خرافة الاسترداد وأن يؤخروا سقوط شيه الجزيرة فى يد النصارى بضعة قرونء وقد استولى المرابطون على الساحل الشرقى لبلاد الأندلس» كما استولوا على جزيرتى ميورقة ومنورقة 227 واتخذوا من موانى الأندلس قواعد لأسطولهم الناشئ» الذى أخذ ينشط فى حوض البحر الأبيض»ء ويظهر تفوقهء ويغير على بلاد الفرنجة محاولا أن يستعيد السيادة الإسلامية التى كان قد انتهى أمرها. ومن آيات تفوق أسطول المرابطين فى البحر أن بنى زيرى وهم يصارعون روجر صاحب صقلية استعانوا بهم فلم يترددوا فى مساعدتهمء واشترك أسطول المرابطين فى مهاجمة صقلية. ”©
نعم استطاعت هذه الدولة الناشئة أن تقضى على السياسة التى سارت عليها البابوية لإثارة حرب صليبية فى المغربء بل لعبت دورا فى غاية الاهمية فى تاريخ المعركة الصليبية التى كانت توشك أن تضطرم نارها فى الشرق» فقد نجحوا فى الحيلولة بين ممالك الأندلس وبين المساهمة فى الحملات الصليبية التى نظمت للاستيلاء على بيت المقدس» ولأن المرابطين كانوا يقفون لهم بالمرصادء إذ كانوا يناوشونهم» ويهددون بلادهم» ولايكفون عن غزوهم ومحاربتهم. ويخيل إلينا أنه لولاا قيام دولة المرابطين فى ذلك الوقت بالذات؛ لكان النجاح الذى أحرزته الحملات الصليبية فى الشرق أبعد أثراء ولااستطاعت القوى الأوروبية كلها أن تنصرف بكليتها إلى معركة الشرق» ومن يدرى ربما كان وجه التاريخ الصليبى قد تغير. ولم لانقول إن قيام دولة المرابطين ونجاحها فى المعركة الصليبية الدائرة الرحى فى المغرب قد أحيا موات الآمال» وهز مشاعر المعاصرين فى الشرق فأدركوا أن فى المغرب قوة إسلامية ناشئة استطاعت حين وحدت القوى المتنافرة أن تحرز النصر الرائع وأن تذيق أعداءها البأس والشدة» وقد اهتم المرابطون بالجهاد فى الشرق اهتمامًا عظيماء وكان يحز فى نفوسهم أن يروا إخوانهم فى الشرق قد تفرقوا وتباغضوا غافلين عن الداء الذى بدأ يستشرى فى بلادهم ويهددهم تهديدا
.1١8056ص التادلى : التشوف )١( 700 (؟) ابن الأثير ج١1 صهص”177
20
خطير). يدل على ذلك مارواه ابن الأثير "2 من أن بعض هؤلاء الملشمين رحلو بعد الحملة الصليبية الأولى إلى بغدادء وخطبوا فى الناس» يستنهضون الهممء ويلهبون الحماس فى النفوسء ويدعون إلى الجهاد فى الشرق كما دعوا إليه فى الغرب 0
استطاعت هذه الدولة إذن أن تجمع بين ا مغرب والأندلس» وأن تبسط نفوذها حتى إقليم السنغال والنيجرء وجمعت بين المؤثرات الأندلسية والمغربية والسودانيةء وألفت بين التراث الأندلسى والمغربى والسودانى» وسئرى كيف أن ذلك كله سيترك فى الحضارة فى عهد المرابطين آثارا باقية وسمات واضحة. كما استطاعت أن ترفع من شأن مذهب مالك» وأن تنشره فى المغرب والسودان وأن تعلى كلمته فى الأندلس» وعملت على إقامة مجتمع مثالى فاضل على أسس من إحياء السنة والأمر بالمعروف والنهى عن المتكر» ومحاربة البدع والتوسع فى الجهاد بصورة لم تكن معهودة من قبل» كما عملت على القيام بإصلاحات
وقد تركت هذه الأسس التى قامت عليها الدولة أثرا واضحًا فى وضع الدولة الشرعىء» وفى ألقاب ولى الأمرء وفى السكة» ونظم الحكم وفى النظام الحربى » وفى فن القتال» وفى الجياة الاقتصادية واللاجتماعية وفى الحياة الثقافيةء وفى جميع مقومات الحضارة. وواجبنا الآن أن نبرز هذه الآثارء وأن نكشف عنها النقاب» وأن نوضح إلى أى حد استطاعت هذه المؤثزات أن تشكل مجتمعا جديدا يختلف اختلافا واضحا عن غيره من المجتمعات السابقة أن الدعوة الف كوا عدالة ب انين أ فى ربوع المغرب كانت تهدف إلى إحياء )١(: ابن الأثير ج١٠ ص1797 . (؟) قال ابن الأثير: «وفى سئنة 544 ورط إلى بغداد إنسان من الملشمين ملوك المغرب” قاصدا إلى دار الخلافة فأكرمه وكان معه إنسان يقال له الفقيه من الملثمين أيضا فوعظ الفقية فى جامع القصر واجتمع له العالم العظيم وكان يعظ وهو متلثم4 بل روى ابن الاثير أيضا أن بعض هؤلاء المتلثمين قد شارك الأفضل فى حربه مع القوى
الصليبية فى الشرق» هذا إن دل على شىء؛ فإنما يدل على هذه الغيرة للإسلام: الت كان تضطرم بها قلوب رجال هذه الدولة. ْ
ان
السنة» وبعث التقاليد الإسلامية الصحيحة» ومحاربة العقائد الضالة» وكان عبدالله - كما رأينا - مجرد فقيه من فقهاء المالكية فى المغرب اضطرم فؤاده بحب الإصلاح بسب الانتحلال والتفرق الذى أصاب العالم الإسلامى فى عصره» فأراد أن يعود العالم الإسلامى إلى وحدته؛ وأن يعود الئاس إلى السنة القويمة» وأن تقوم الدولة كل معوج »2 وأن تعلى كلمة الحق والفضيلة فى مجتمع فشا فيه الفساد» ولم يكن يدور بخلد عبدالله عقب نجاحه فى توحيد قبائل صنهاجة الجنوب» وتوجيهها نحو المغرب لفتحه أن يقيم دولة يرثها أبناؤه من بعده» بل قنع بإرساء قواعد سلطان.
ولما كانت مذاهب السنة تنادى بأن الإمامة لقريش ”22 وترى أنه «لاتتم ديانة إلا بإمامة يدعى إليها وتجرى السنن عليها”24 ولما كانت رسالة الدولة الجديدة هى إحياء تعاليم السنة كان من الطبيعى أن تعترف بإمامة قريش» وتعتقد اعتقادا راسخا أنه لن يعتبر ملكها مشروعا إلا إذا باركته الإمامة القرشية» ولما كانت الخلافة الأموية فى الأندلس قد سقطت ولم يعد يمثل الخلافة القرشية فى ذلك الوقت إلا بنو العباس فى بغدادء كان طبيعيا أن تتجه الدولة صوب العباسيين تلتمس العون وتستمد التأييد وتطلب الاعتراف. ولم يكن طبيعيًا أيضا أن يعترف المرابطون بإمامة والإلحادء «كانوا يعتقدون فى العلويين أصحاب مصر الاعتقاد القبيح» فكانوا إذا أرادوا الحج يعدلون عن مصرء وكان أمير الجيوش بدر أراد إصلاحهم فلم يمليوا إليه ولأقاربه»”"» وقد تمثل إيمان المرابطين بأحقية بنى العباس فى الإمامة والخلافة فقال: احاشا لله أن نتسمى بهذا الاسمء إغا تسمى به خلفاء بئى العباس» لكونهم من تلك السلالة الكريمة» ولأنهم ملوك الحرمين مكة والمدينة» وأنا راجلهم )١( البغدادى : الفرق بين الفرق ص7١ .
(؟) الذخيرة قسم ؟ مجلد ص58١. (7) ابن الأثير ج١٠ ص77 .
لكا
والقائم بدعوتهم”"؟». وهذه صورة واضحة للعقلية الإسلامية فى العصور الوسطى» فقد كان الئاس لايفهمون حكما لايعترف به خليفة» لاينظرون إلى من يغفل أمر الخلافة إلا نظرتهم إلى الخوارج الذين يشذون عن رأى الجماعة. ويتمثل هذا الرأى فيما رواه النويرى على لسان الفقهاء بالأندلس» حين قالوا ليوسف بن تاشفين : «إنه لاتجب طاعتك على المسلمين حتى يكون لك عهد من الخليفة»9 . كانت الدولة إذن لاتكاد تختلف فى وضعها الشرعى عن الدويلات المستقلة التى قامت فى الشرق والغرب معترفة بالخلفاء العباسيين تخطب لهم على المنابر» وتنقش أسماءهم على السكة. فمتى اتصل المرابطون ببغداد يطلبون الاعتراف بهم ولآة شرعيين » يدينون للخلافة بالطاعة؟. ينسب بعض المؤرخين إلى يوسف بن تاشفين أمر الاتصال بالخليفة العباسى فى بغداد يطلب الاعتراف به» وإرسال التقليد والخلعة» ويذكر بعضهم أن هذا الاتصال تم بعد معركة الزلاقة» أعنى بعد سنة 51/94هء كما يذكر البعض الآخر أنه راسل الخليفة أبا العباس أحمد المستظهر بالله ”"» والمستظهر كما نعلم ولى الخلافة سنئة /8441هء أعنى بعد الزلاقة بثمانى سنوات ويذهب فريق آخر أنه اتصل بالخليفة المقتدى بأمر الله الذى ولى الخلافة كما نعلم من سنة 471ه إلى /441ه» فكان معاصرا لمعركة الزلاقة. وتؤكد مراجع أخرى هذا الاتصال» وتقول إن يوسف كان يفخر بأنه معيد دعوة أمير المؤمنين 2». ولم يكن من المعقول أن يتصل يوسف بالخليفة العباسى قبل سنة ١٠548ه» وهى السنة التى توفى فيها أبو بكر بن عمرء وتمت البيعة ليوسف رسمياء فلا يبعد أن يكون يوسف قد اتصل بالمقتدى يطلب الاعتراف بشرعية (1) النويرى: نهاية الآرب ج77 ص1868. (؟) ابن الأثير ج١٠ ص18 . النويرى ج77 ص56١. (5) ابن الأثير ج١٠١ ص5”. (5) الحلل الموشية: نقلا عن 192 ,189.م .11 .آ0/ بسعدلنلدططة : بردم يذكر ابن خلدون جا ص188 مانصه (وتسمى بأمير المسلمين وخاطب المستنصر العباسى الخليفة لعهده ببغداد وبعث إليه عبدالله بن محمد بن العرب المغامى الأشبيلى وولده القاضى أبا بكر فتلطف فى القول وأحسن فى
الإبلاغ ورطلب من الخليفة أن يعقد له على المغرب والأندلس فعقد له وتضمن ذلك مكتوب الخليفة بذلك فى أيدى الناس وانقلبا إليه بتقليد الخليفة وعهده على ما إلى نظره من الأقطار والأقاليم .
لحن
حكمه» فلما توفى المستظهر سنة 4/17ه» وخلفه المقتدى اتصل به يوسف يطلب تجديد الاعتراف» فقد كان التقليد يتجدد كلما مات خليفة وخلفه آخرء وهذا يفسر التناقض الظاهر فى رواية المؤرخين. كما أن السكة فى عهد يوسف بن تاشفين قد نقش عيها اسم (عبدالله) أمير المؤمنين» إشارة للخليفة العباسى 7©,
ولكن كتب النقود تظهر لنا أن المرابطين دعوا للخليفة الغباسى قبل فتح الأندلس بوقت طويل» فنقشوا أسماءهم على السكة منذ سنة ٠5465ه»ء وذلك فى عهد الأمير أبى بكر بن عمر ©"» وظل اسم الخلفاء العباسيين يذكز مقرونا بام أبى بكر بن عمر حتى توفى سنة ٠/4ه» وخلفه يوسف بن تاشفين» فذكر اسمه على السكة مع اسم الخليفة الغباسى» وفى هذا تأييد لما قلناه من أن الدولة الجديدة قد دعت للعباسيين من أول الأمرء وليس بعد الزلاقة كما يذكر المؤرخون الذين سبقت الإشارة إليهم ".
.وهنالك ملاحظة أخرى هى أن اسم الخليفة العباسى المنقوش على السكة المرابطية هو (عبدالله أمير المؤمنين)» وقد ظل هذا الاسم كما هو حتى آخر العهد بالدؤلة» فكان ذلك سببا فى أن بعض الباحثين أثار جدلا حول اسم عبدالله المنقوش على السكةء فقالوا إنه قد يكون اسم عبدالله بن ياسين صاحب دعوة لمرابطين» ولكن عبدالله كما نعلم لم يتتخذ لنفسه لقب أصير المؤمنين» ولم يكن من الممكن أن يتخذ هذا اللقب. وهو يعلم أنه من ألقاب الخلافة» كما أن الرجل
)١( .124.م ,مقط ععااء بات ,معقصدط8 معطءد نام معامعت0) ععل عم1ها]1 رقم 014 بتاريخ 5417 . انظر : ابن المؤقت المراكشى : السعادة الأبدية فى التعريف بمشاهير الحضرة المراكشية اج" ص 340 (؟) .م ,علقممندل! عباوعطاه اطنط 12 عل كعممدص [آاكن181 معت صده]81 عل عدع 0214210 :أ200.آ .11 .ل3 .195 .25 .مرك ة[ممقمةك8 -معأطدتة كقتاكدد 10 105 عل كدلعم840 :مرعلناءكظ بزوع ةلا .12م ,1ا .لملا (ائع.هه) ,معخصسك1 معطعد لماصع امع 02 ععل ع121210 ش قطعة رقم “077: نقوش القطعة كما يلى: باسم عبدالله أمير المؤمنين «قطعة رقم 45806. .1 ,رومع أطدتخ علعدملل/3 عل معملهاد0) (؟) .128.م ,11 .1آه7 (أاع.مه) ,معتسسك8 معطعدتلهامعادعاء0 ععل عملمات ا القطعة رقم 247 وكلمة و35ه وكذمه ولاده و494ه
لف
لم يتجاور أبدا سلطة الفقيهء وترك أمر الحكم ومسئوليته ليحيى بن عمر وأبى بكر ابن عمر. كما أن الخليغة المعاصر لقيام الدولة هو أبو جعفر أبو القاسم عبدالله القائم بن القادرء الذى ولى من سئة 557ه إلى 1451هء ثم خلفه أبو القاسم عبدالله عدة الدين المقتدى بأمر الله بن محمد بن القائمء الذى ولى من سنة 1ه إلى سنة 24417 وكلا الخليفتين يسمى عبدالله» كما أن صاحب شذور العقود ”© يفسر النقوش التى ذكرت على السكة المرابطية هكذا «فى ديناره لا إله إلا الله محمد رسول الله وتحت ذلك أمير المسلمين يوسف بن تاشفين» وكتب فى الدائرة ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الفاسرين» وكتب فى الصفحة الأخرى الأمير عبدالله أمير المؤمنين العباسى» وف الدائرة تاريخ ضربه وموضع السكة» 2”7. ويرى ماكس فان برشم أن الخلفاء العباسيين والأمويين كانوا يكنون عن أنفسهم بلفظ عبدالله فى النقوش أو النقودء وخصوصا فى عهد عبدالملك بن مروان وهشام»؛ والمأمون. والمقتدر» ويرى أيضا أن اسم عبدائله كان يخلع دائما على من يجهل اسمه المجرد» ويضيف إلى ذلك قوله أن التقاليد الدبلوماسية كانت تقضى بعدم ذكر الأسماء المجردة» إنما اكتفت بالكنى والألقاب ”"2. لذلك لم يشأ المرابطون أن ينقشوا اسم الخليفة المجرد على السكةء واكتفوا بقولهم (عبدالله)» وهى كنية يمكن أن تخلع على أى خليفة عباسى» كما أضافوا قولهم أمير المؤمنين» وهو لقب لايلقب به إلا الخلفاء ©. وهنالك ناحية أخرى تسترعى الانتباه» وهى ما قيل من أن المرابطين قد اتخذوا السواد شعارا لهم» لأن أعلام العباسيين وأتمزتهك كانت سوداءء فقد ذكر التيجاني *» صاحب الرحلة المعروفة حينما عرض للقتال بين الموحدين وبين بنى غانية الملثشمين أن شعارهم كان أسود اللون على حين كان شعار الموحدين أخضر
)١( المقريزى: شذور العقود فى ذكر القود ص>”"7”.
(1) نفس المرجع والصفحة.
(9) علمع5 عصعنعايل ,عناوتأهاكة لهمعساهل) معلاعء0 'ل مم11 نلهن) د5عنال1" تسعطعععظ8 مدر عندل8 .ل3 164 .م ,907 بغلأرا
(5) .سرعل1
(6) الرحلة التيجانية ص68١ .
اللون لأنهم كانوا يميلون للدعوة العلوية" . ولكن يجب ألا تغيب عن أذهاننا حقيقة هامة أشرنا إليها فى الباب الأول من هذا الكتاب. وهى أن الطوارق فى
الوقت الحاضر فريقان: فريق النبلاءء وفريق العامة» ورداء الفريق الأول أسود اللون تمييزا لهم عن الفريق الآخرء الذى كان يرتدى الملابس البيضاءء فليس ببعيد أن يكون الطوارق الحاليون» ورثوا هذا الرذاء عن أسلافهم الصنهاجيين» وظلوا يستعملونه حتى اليوم. ويؤيد هذا القول ماروى من أن المعتصم صاحب آلمرية أزاد أن يتقرب من المرابطين» فارتدى ثوبا مرابطيا كردا اوكا يه عد ال العربكالغراب الأسود بين الحمام الأبيض”" .
وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على أن السواد كان شعار المرابطين قبل أن يدعوا للعباسيين على منابر بلادهم» كما يدل على أن بعض التقاليد القبلية للملشمين قد أثرت فى نظم الحكم. ولعل ما ذكرناه ينهض دليلا على أن طابع الدولة قد أثر فى وضعها الشرعىء وأن التزامها أحكام السنة قد جعلها تعترف بالخلافة العباسية الشرعية» وقد ظل المرابطون يدعون للعباسيين © حتى دالت دولتهم. فانتهت الدعوة العباسية من المغرب بانتهائهم .
؟ أثرقيام دولة المراببطين فى نظم الحكم:
هذه الروح التى أملت على المرابطين أن يخطبوا للخلفاء العباسيين على منابرهم» وأن.يكتبوا لهم يطلبون الاعتراف بشرعية حكمهم هى التى أملت عليهم أيضا ألا يتخذوا من الألقاب مايتعارض مع هذه التبعية» فالمعروف أن من ألقاب الخلافة لقب أمير المؤمنين» جرى العرف على هذاء واصطلح عليه الناس. فكان من الطبيعى ألا يتخذ المرابطون لقب أمير المؤمنين» وقد وض حت هذه الروح بجلاء فى ذلك الحدث الذئ نسبه صاحب الحلل الموشية ”© إلى يوسف بن تاشفين (؟) يوسف أشباخ: تاريخ الأندلس فى عهد المرابطين والموحدين جا ص90 . (”) التيجانى : الرحلة التيجانية ص5 ؛ المراكشى ص؟1"١ .
(5) .130.م ,11 .أه7 (.اأء.مه0) بمعخصسك8 سعطعد 1 لد امعنمع 08 ععل عم لهاتك1 0 ,649 ,648 ,603 ,601 ,59 .مم ععمعام
5256
حين أراد قومه أن يلقبوه بألقاب الخلافة فأبى» وقال بأن هذا اللقب من ألقاب الخلفاء العباسيين القرشيين الهاشميين أئمة الحرمين» وأصحاب الحق المشروع فى إمامة العالم الإسلامى . فما هى إذن الألقاب التى خلعها المرابطون على أنفسهم؟ اتخذ أولو الأمر من المرابطين لقب الأمير أول الأمرء وظل هذا اللقب ينقش على السكة منذ سنة ٠ 465هء طوال حكم أبى بكر بن عمر *©»: فما كاد الأمر يئول إلى يوسف بن تاشفين حتى روى المؤرخون أن تغيرا حدث فى ألقاب الأمراءء ذلك أن يوسف اتخذ لقب أمير المسلمين» فمتى اتخذ يوسف هذا اللقب» وماهى الظروف التى هيأت له أن يتخذ لقبا هو أقرب شىء .من الألقاب الخلافية؟ . يميز المؤرخمون فى حياة يوسف بين فترتين: فترة ظل يتخذ فيها لقب أمير شأنه 5 أسلافه» وفترة أخرى اتخذ فيها لقب أمير المسلمين» وقد أشار صاحب الحلل الموشية ”© إلى أن يوسف ظل يشخذ لقب أمير حتى تضخمت مملكته» واتسعت أعماله» فاتخذ لقب أمير المسلمين سنة /15501ه. قبل أن يعبر البحر إلى الانذلس©» هذا إلى أن ابن بسام صاحبٍ الذخيرة ذكر طائفة من الكتب بعث بها المعتمد بن عباد ضاحب أشبيلية وغيره من ملوك الطوائف إلى يوسف بن تاشفين يستنجدون به وينعتونه بلقب أمير المسلمين 2. ومن الغريب أن ماكس فان برشه2 يذهب هذا المذهب ويؤيد هذا الرأى» ولكن يجب ألا يفوتنا أن نلاحظ أن ابن بسام صاحب الذخيرة شرع فى كتابة موسوعته سئة ٠ ٠ 8هء أعنى فى أواخر أيام يوسف وأول العهد 0 بن يوسف»ء وفى هذا الوقت بالذات كان قد تأكد للمعاصرين صدق يوسف فى الجهادء وتوفيقه قى مداقعة الفرتجة عن بلاد الأندلس» وانتشر صيته فى الآفاق وأصبح لقب أمير المسلمين شائعا على كل. لسان» الات ل بسام حين يؤرخ للفترة السابقة على سئة ٠ ٠ 5ه. ١1 11 1 49 زاك .0 ا معطءدتلمامعامع م0 عل 0 ) الخلل الموشية فى الأخبار المراكشية ص1١ .
(5) الذخيرة م. بغداد) قسم *صامة و94. (0) :273<م ,كمع ذاهت معمات] بلسعطءوعظ8 مه31.17
1
يقر اسم يوسف بن تاشفين بلقب أمير المسلمين وناصر الدين» لأن ابن يسام وهو يؤلف كتابه الذخيرة كان يطمع فى أن يظفر بتقدير على بن يوسف. أو على الأقل كان يعلى من ذكر يوسف إرضاء لولده على صاحب الأمر فى البلاد. كما يجب ألا يفوتنا أن يوسف بن تاشفين ظل أمامل أبى بكر على المغرب حتى سنة ٠ه» حين مات أبو بكر وآل الأمر إليه رسمياء فكيف يتسنى ليوسف أن يتخذ لقب أمير المسلمين» وهو لم يزل عاملا من عمال الدولة, ومجرد أمير لا أكثر ولا أقل؟ ما تقدم يتضح أن يوسف بن تاشفين لم يكن فى مقدوره أن يتخذ هذا اللقب قبل سنة ٠54ه» فلما عبر البحر إلى الأندلس بقصد الجهادء وخالط أهل الأندلس وخالطوه شاع ذكبر ذلك اللقب على آلسنة الناس». كتابهم وشعرائهم».. مدحه الشاعر عبدالجليل بن وهبون فقال 20: وليرقبوا من أمير المسلمين ومن مؤيد الدين ليلا ماله سحر. كما أشار شاعر آخر اهو أبو بكر مجمد بن سوار الأشبونى فى رثائه ليوسف ابن تاشفين إلى هذا اللقب فقال 2©9: ش ملك الملوك وماتركت لعامل عملا من التقوى يشار إليه اسمغ أمير المسلمين وناصر الد ين الذى بنفوسنا نفديه وقد ورد فى رسائل المعاصرين التى ذكرها ابن :يسام فى ذتسيرته هذا اللقب. مقسترنا باسم يوسف بن تاش فين. ورد ذكره فى رسائل كتبها ابن القضيرة ة عن المعتمد بن صمادح ”2 وفى رسالة أخرى كتبها ابن طاهر بعد سقوط بلنسية 69 ورسالة ثالثة كتبها أبو بكر محمد بن ذى الوزارتين المشرف أبو مروان بن عنبدالعزيز إلى المستشعين بن هود 9 وفى كل هذه الرسائل لايكاد يذكر اسم يوسف بن )١( الفخيرة (م. بغداد) القسم ؟ ص 4 .٠١ (؟) الذخيرة (م. بغداد) القم ؟.ص ..3١37 (7) الذخيرة (م .. بغداد) القسم ؟” ص ٠١7 . 462 الذخيرة (م. يغداد) القسم 37 ص 18 (5) الفاخيرة (م. بغداد) القسم ”ص .١١2 1"
لذلك يخيل إلينا أن يوسف بن تاشفين لم يتخملٍ هذا اللقب إلا بعد اشتراكه فى معركة الجهاد فى الأندلس» بل يخيل إلينا أن الأمراء الأندلسيين والفقهاء وذوى الرأى خلعوا عليه هذا اللقب» اعترافا بفضله. وإشادة بالجهود الموفقة التى بذلها فى محاربة ألفونسو السادس» وانتصاره للمسلمين. أشار صاحب شلور العقود إلى ذلك فقال: «فلما فتح يوسف بن تاشفين الأندلس» وصنع غزاة الزلاقة بايعوه وسلموا عليه بأمير المسلمين» وهو أول من تسمى بأمير المسلمين من ملوك المغرب""2 .
وقد درج الكتاب المعاصرون وغير المعاضرين على أن يذكروا اسمه مقترنا بهذا اللقب ”". ويخيل إلينا أن يوسف كان أول الأمر يتحرج من ذكر هذا اللقب فى مكاتباته الرسمية لأنه كان متواضعا لايحب أن يدل على المناس بفضل الجهاد فى سبيل الدين””» فلما اعترف الخليفة العباسى به أمر بأن يذكر فى الخطبة9 .
ولكن عدم إشارة النقود المضروبة فى عهد يوسف بن تاشفين إلى هذا
)١( المقريزى: شذور العقود ص77”. (1) مشيخة .عياض ورقة ٠١ () و56" و55(). المطرب لابن دحية ورقة 16 (ب) و40 (ب). () يدل على ذلك ماذكره صاحب الحلل الموشية حون قال (بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما من أمير المسلمين وتاصر الدين يوسبف بن تاشفين إلى الأشياخ والأعيان والكافة أدام الله كرامتهم بتقواه ووفقهم 0 يرضى وسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. أما بعد حمد الله أهل الحمد والشكر وميسر اليسر وواهب النصر والصلاة على محمد المبعوث بنور الفرقان والذكر. وإنه لما من الله علينا بالفتخ الجسيم وأسبغ علينا من أتعمه الظاهرة والباطنة برود النعيم وهدانا وهداكم إلى شريعة نبينا محمد المصطفى الكريم صلى الله عليه أفضل وأتم التسليم رأينا أن نخص أنفسنا بهذا الاسم لتمتاز به على سائر أمراء القبائل وهو أمير المسلمين وناصر الدين فمن خطب الخطبة العلية السامية فليخطبها بهذا الاسم إن شاء الله تعالى» انظر الحلل الموشية ص1١ (4) الحلل الموشية فى الأخبار المراكشية ص١١ . (0) .124.م ,11 .لم7 (.ااء.مه) ,مععمدة84 معطءى تله امعامع نم0 يعل عوملمادآ 55581 570 ,565,567,568,569 .20 5عع16م 2202م ركع أهصه 00و81 عدوعطاه 1طز8 15 عل 2020813365 5ع0 عناعقاةء :ز370آ1 ,55,543 7535 ,536 ,516,527,534,535 .20 5قعمام .5ه تهمة85] -معأطدتق 5د نهم 101 مدا عل كدلء13/105 .1 مم12 160
لا
اللقب لايعنى أنه لم يخلع على يوسف فعلا "2 لأن النقود التى حفظتها المتاحف المختلفة ليست هى كل النقود المنسوبة إلى عهد يوسف بن تاشفين» وليس ببعيد أن تكون هنالك دنانير قد نقش عليها هذا اللقب» ولكنها ضاعتء ولم يعفر عليها بعدء بدليل أن صاحب كتاب شذور العقود فسر الكتابات المنقوشة على عملة يوسف بن تاشفين بقوله : «ونقش فى دينار لا إله إلا الله محمد رسول الله» وتمحت ذلك أمير المسلمسين يوسف بن تاشفين» وكتب فى الدائرة ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين»؛ وكتب فى الصفحة الأخرى الأمير عبدالله أمير المؤمنين العباسى» وفى الدائرة تاريخ ضربه وموضع سكته)”©.
ومن الغريب أن هذه القراءة تطابق النقوش الموجودة على الدنائير المرابطية التى تحت أيديناء مما يدل على أن صاحب الكتاب قد قرأ فعلا نقوش أحد هذه الدنانير المرابطية . مهما يكن من شىء فإن على بن يوسف قد ورث هذا اللقب عن أبيه وأنه ظهر على السكة مقرونا باسمه منل توليه سنة 0٠٠ هجرية» واستمر ملوك المرابطين يتخذون هذا اللقب ولقب ناصر الدين حتى آخر العهد بهم”"» بل: إن على بن يوسف اتخذ لقب ولى الله ونقشه على السكة أيضا ©©.
وقد أثرت طبيعة قيام الدولة فى طريقة اختيار ولى الأمرء ذلك أن دولة راط قف آقانيا عن متيناحة النري هن اللعاميق كان يق الطيعس ان تكون الرئاسة فى صنهاجة الجنوب» وأن يكون ولى الأمر صنهاجياء وقد أشرنا فى الباب الأول من هذا الكتاب إلى أن القبيلة الغالبة فى المجتمع المغربى كانت تستآثر بالنفوذ والسلطان كله» وتستذل القبائل المغلوبة على أمرهاء وتحاول أن تستفيد من النصر بقدر ماتستطيع» وتختص أبناءها بالغنم كله وبالثمار كلهاء وقد رأينا كيف أن
.ممم ,1907 .5ط ).5 معترعة ممع الى .ل بأمعلاعء0'0 مدع تله و5عمان تمسعطعع8 نه .130 (؟) المقريزى : شذور العقود ص52 .
(؟) معتعماأعنوعة معدن86 آم ودع مهلارء25م0 ع5 أنان كةأمعدمةء دومع أطدعةخ كدلعهم1/1 عل ععم1لهاة0)
لقم همعدل
.022165 5ع عناع 02210 :ز300.آ ,592 ,551,552,593,569 .20 دعععام
.6 .1552 16م تكقة أهومه8 -مع أطدنةخ كدتاكةه121 5د[ عل عدلء3/102
199 .م 3[همممك] 180 )2 معتاأدمسعتصب!] عل علهاقعا : متلتدت نز وععل00) معواعمور و12
الكل
قبيلة لمتونة كانت سيدة شعب الملثمين» وصاحبة الكلمة فيه وصاحبة الفضل الأول فى إقامة الدولة» فكان طبيعيا أن يكون ولى الأمر لمتونيا من القبيلة الغالبة» كما أشرنا إلى أن القبائل صاحبة السيادة كانت تؤلف طبقة أرستوقراطية فى المجتمع الملثم تختص نفسها بالشرف وبالرئاسة» ولما كانت رئاسة لمتونة فى بنى ورتنطق كان لابد أن يكون ولى الأمر من بنى ورتنطق هؤلاء» كان منهم يحيى بن عمر وأبو بكر بن عمرء ويوسف بن تاشفين» وعلى بن يوسف وجميع خلفائه .
إذن لم تكن البيعة عامةء ولم يكن حت الاخستيار مطلفّاءبل كان على الشعب أن يختار أميره من هذا البيت بالذات» ومن قبيلة لمتونة» ومن شعب صنهاجة. ولكن الدور الذى اضطلعت به الدولة فى إحياء السنة» والسير وفق تعاليمها قد جعلها تعمد إلى نوع من الشورى فى اختيار الأميرء فكانت تقام بيعة خاصة يبايع فيها أفراد الأسرة الحاكمة» ثم الأمراء من بنى ورتنطقء ثم سادة لمتونةء ثم سادة القبائل الأخرى» ثم زعماء القبائل الخاضعة لنفوذ المرابطين» حتى إذا اكتملت هذه البيعة تلى العقد فى المساجد وقرئ على الناس»٠ ثم يخطب للأمير على المنابر إلى جانب تصلفاء بنى العسباس» وينقش اسمه على السكة والطرز والبنود2ا؟.
وإذا كنا قد عرضنا لولى الأمر وألقابه وطريقة اختياره وأخذ البيعة له فيجب علينا أن نعرض لنظام ولاية العهدء وأن نبين إلى أى حد تأثر المرابطون بتقاليدهم البدوية» وبالمذهب الذى أحيوه» ورفعوا لواءه وعملوا بتعاليمه» ليس من شك فى أن المجتمعات البدوية لم تكن تعرف مبدأ التوريث الذى يقضى بأن يرث الابن أباه فى السؤدد وفى مشيخة القبيلة» لأن القسبائل البدوية عادة لم تكن تعقد لواء المشيخة إلا لمن توافرت فيه صفات خاصة من حكمة ونجدة وشجاعة وكثرة بذل وعطاء» لذلك قلما كانت المشيخة تنتقل من الأب إلى ولدهء إنما كانت تنتقل إلى الأصلح من أقربائه وأهل أسرته.
وقد تجلت هذه التقاليد البدوية بوضوح وجلاء فى طريقة اختيار الأمراء فى
. يوسف أشباخ: تاريخ الأندلس فى عهد المرابطين وال موحدين ج؟ ص377؟ )١(
0.
أول العهد بالدولة» فقد بايع عبدالله بن ياسين الأمير يحبى بن عمر لتحمسه للدعوة وصدق جهاده؛ فلما مات يحيى بويع لأبى بكر بن عمرء وهو من نفس البيبت ومن نفس القبيلة» ولم نسمع أن يحبى قد ولى أحدا عهده؛ كما لم نسمع طوال حكم أبى بكر بن عمر الذى امتد من سنة ٠50ه إلى ١48ه أنه ولئ عهده أحدا.
لاننكر أن بعض النقود ظهر عليها اسم إبراهيم بن أبى بكرء وأن هذه النقود ضربت بيسجلماسة 29 ولكن سك النقود باسم إبراهيم ب بن أبى بكر لايعنى أنه كان . ولى عهدء إنما كان أميرا على سجلماسسة فى الوقت الذى كان فيه يوسف بن تاشفين أميرا على المغرب» وقد قضت التقاليد بأن يتمتع كل أمير بشبه استقلال محلى فى ولايته» وأن يكون له حق سك التنقود باسمه.
أما يوسف بن تاشفين الذى خلف أيا بكر بن عمرء فقد اختير بسبب إحرازه النصر فى معارك المغرب والأندلس . اختاره الملثمون لما أسداه للدولة من خدمات جليلة» من ذلك يتبين أن الدولة حتى عهد يوسف لم تكن تعرف نظام ولاية العهد بالصورة التى ترسمها النظم الإسلامية؛ إنما كان المجتمع اللمتونى يولى الأصلح» ويعقد لواء الإمارة للقادة الشجعان الذين يتوسمون فيهم الإخلاص للمبادئ الجديدة. وقد ظهر فى طريقة اختيار هؤلاء الأمراء صدى التقاليد البدوية والتقاليد الإسلامية» التى تقول بالشورى واختيار الأفضل والأصلح.
'لكن عهد يوسف بن تاشفين تمخض عن تطور جديد» إذ ظهر نظام ولاية العهد فى النظم المرابطية لأول مرة» فقد رأى يوسف أن الدولة قد اتسع نطاقها وانلبسط ظلها فشمل المغرب والأندلس وإقليم الصحراء حتى نهر السنغال والنيجرء فأراد أن يضع للدولة نظاما يكفل لها الوحدة» ويعصمها من الفرقة» ويحسم داء الخلاف '" الذى قد يهدد الدولة الناشئة بانقسام خطير» فأدخل نظام ولاية العهد.ء وأضبح تقليدا سار عليه خلفاؤه. فقد روى المؤرخون أن يوسف قدم إلى الأندلس
131701: -ععام ,5ع [ههم 112060 عبوعطاهوتط181 12 ع0 وعصدص انكسط/ة 02165م810 065 عناعها2) )١( 511. ش
(1) الحلل الموشية فى الأخبار المراكشية ص05-/21.
سنة 5945ه أو /4191هء وكانت بلنسية قد سقطت منذ سنة أو أكثرء وكان المرابطون قد أحرروا نجاخا فى المغركة الصليبية» وهدات الأحوال فى البلاد» وبدأت الأمور تستقرء وقد أحضر معه ولده عليا وأخذ له البيعة بقرطبة '؟ حاضرة الأندلس». كما أخذها بمدينة مراكش ('حاضرة المغرب حتى يشترك الأندلسيون والمغاربة فى مبايعة الأمير الذى سيحكم القطرين ويوحد بين الشعبين.
وقد أتى صاحب كتاب الحلل الموشية بنص عقد البيعة »2 وهى وثيقة هامة تلقى ضوءا على نظام ولاية العهد كما وضعه يوسف بن تاشفينء إذ تبين أن أمير المسلمين حين نزل بقرطبة دعا أمراء لمتونة» وأشياخ البلاد والفقهاء وقادة الرأى فى البلاد» ثم تلا عليهم عقد البيعة الذى يتضمن الأسباب التى حملته على اختيار ولى العهد. ويضع الشروط التى يجب أن تتوافر فيه» ويوضح المبادئ التتى يسير عليها فى حكم البلادء ثم أخذت البيعة من الحاضرين الذين أقسموا يمين الطاعة والولاء» ثم وقعوا على العقدء وتقدم ولى العهد فأقسم أمام الجسماعة بالتزام شروط العقدء وترسم السياسة التى وضعها أبوهء لايحيد عنها قيد أنملة» ثم أشهد الكتاب» وأخذ توقيعه على الوثيقة9' .
يتبين من عقد البيعة هذا أن يوسف قد خضع لمؤثرات قبلية ومؤثرات مستوحاة من طابع الدولة وسياستها القاضية بإحياء السنة» ورفع لواء مذهب مالك
. مقاخر البرير ص07 . ٠١ ١ص ابن أبي ذرع : روض القرطاس )١(
0 .م روعلههدمنادل! عداوعط هو تطز8 128 عل 5عمهط آناكدطة دعتممده84 5ع عساعمادت) :1207012
:نعع216
(؟) ابن المؤقت المراكشى : السعادة الأبدية فى التعريف بمشاهير الحضرة المراكشية جا ص7؟77١. (7) نص عقد البيعة وهو من إنشاء الفقيه أبى محمد بن عبدالعزيز: «أما بعد فإن أمير المسلمين وناصر الدين أبا يعقوب يوسف بن تاشفين لما استرعاه الله على كثير من عباد الله المؤمئين خاف أن يسأله غدا عما استرعاه كيف تركه هملا لم يستئب فيه سواه وقد أمر الله بالوصية قيما دون هذه العظيمة» وجعلها من أوكد الأشياء الكريمة كيف فى هذه الأمور . . وأن أمير المسلمين بما لزمه من هذه الوظيفة وخصه الله بها من النظر فى هذه الأمور الدينية الشريفة» قد أعز الله رماحهء وأحد سلاحه فوجد ابنه الأمير الأجل أبا الحسن أكثرها ارتياحا إلى المعالى» واهتزازا وأكرمها سجية وأنفسها اعتزازا فاستنابه فيما استرعى ودعا إلى ماكان إليه دعا بعد استشارة أهل الرأى على القرب والتأنى فرضوه لما رضيه واصطفوه لما اصطفاه» ورأوه أهلا أن يسترعى فى مااسترعاه فأحضروه مشترطا عليه الشروط الجامعة بينها وبين المشروط فقبل ورضى ..2.0. (5) الحلل الموشية فى الأخبار المراكشية ص 05-/087 .
.م
والتمسك بأهداب تقاليد السلف الصالحء لأن يوسف لم يغفل مبدأ الاختيار الذى تفرضه التقاليد البدوية» فكان له أبناء كثيرون» ولكنه اختار أصلحهم وأقدرهم على الاضطلاع بهذا العبء الثقيل» برغم أن عليا كان أصغرهم سناء لأن الدولة بطبيعتها المزدوجة فى حاجة إلى أمير يؤلف بين قلوب أبناء الأندلس والمغرب» لايغفل أمر الجهاد. ولايتنكر لمبادئّ عبدالله بن ياسين» يبدو هذا كله بجلاء من نصوص الوثيقة إذ تقول «فوجد ابنه الأمير الأجل أبا الحسن أكشرهم ارتياحا إلى المعالى واهتزازا وأكرمهم سجية وأنفسهم اعتزازا فاستنابه فيما استرعى ودعاه إلى ماكان إليه دعى0» .
وتكشف لنا الوثيقة عن أمر آخر هو تمسك يوسف بالشورى» وحرصه على استشارة أهل الرأى تحقيقا للتقاليد الإسلامية والبدوية معاء «ودعاه إلى ماكان إليه دعا بعد ابخقازة اهل الزاى على القوتنوالنانن و فرشتو ذا رشتيت وامافوة نا اصطفاهء ورأوه أهلا أن يسترعى فيما استرعاه» 29. وكانت البيعة مشروطة بشروط خاصةء إذ كان على الأمير المبايع له أن يلتزم سياسة معينة لايحيد عنهاء لأنه أقسم أمام الملأ أن يلتزمها وألا يتعداهاء فإذا أحس أهل الرأى ووجوه القوم أنه قد خرج على نصوص عنقد البيعة» وحاد عن المبادئ التى أقسم على احترامها كان لهم أن يتحللوا من أيمانهم» وأن ينقضوا العهدء وكان باستطاعة أمير المسلمين إذا شاء أن يخلع هذا الابن من ولاية العهدء إذا آنس منه تغييرا أو تبديلاء ويولى من أبنائه أكثرهم صلاحية لهذا النصب الخطير» جاء فى الوثيقة «ورأوه أهلا أن يسترعى فيما استرعاه فأحضروه مشترطا عليه الشروط الجامعة بينه وبين المشروطء فقبل ورضى وأجاب حين دعى بعد استخارة الله الذى بيده الخير والاستعانة بالله الذى من آمن به شكره» ©
وكان ولى العهد يتخذ لقب أميرء كما يتبين من عقد البيعة ومن الألقاب
)١( الحلل الموشية ص05-لاه. (؟) نفس المرجع والصفحة. (©) نفس المرجع والصفحة.
المنقوشة 2 على السكة» وكان اسمه ينقش على السكة إلى جانب اسم أبيه فيقال «الأمير على بن الأمير يوؤسف»» ويقال أحيانا أخرى «الأمير يوسف وولى عهده الأمير على». وقد ظل اسم على بن يوسف يكتب على السكة إلى ججمانب اسم أبيه مسن سئة /441ه إلى سسنة .»6٠٠ كما ظل اسم سير بن يوسف يكتب على السكة» حتى استبدل به الأمير تاشفين بن يوسف» وقد اختار تاشفين ولده إبراهيم وليا لعهدهء ونقش اسمه على السكة أيضاء وكان يدعى للأمير ولى العهد على المنابر بعد أبيه» كما يختص بالولاية على الأندلس» يقيم فى قرطبة 2 حتى إذا مات أبوه انتقل إلى مراكش » وبويع أميرا للمسلمين.
وهنالك ناحية أخرى تركت فى نظم الحكم فى عهد المرابطين آثارا بعيدة المدى» هى أنه لابد للقائمين على الدولة العم شئونها من أن يحولوا
بين الحلف المؤسس للدولة وبين التفرق» أن الدولة 3 تستمر قوية فتية متساندة طالما
53 القبائل مؤوسسة الملك متالفة وأبناء القبيلة الواحدة متحالفين متآزرين ؛ فإذا دب النزاع بين قبائل الحلف الواحد أو بين أفراد القبيلة الواحدة تفرق الشمل '". وت ا المعادية من مضاريها ثتنال من الدولة» وتدك صرحهاء لذلك جكب أن تختص القبيلة المتتصرة بثمار النصر» وتحرض على ان يكون لها الامتديار ف جميع مرافق الحياة» وتؤلف طبقة حاكمة مسيطرة .
فطن إلى هذه الحقيقة المؤرخون الذين تعرضوا لدراسة النظم الإسلامية فى المغرب والأندلس على المخنتصوص» مثل ابن خلدون 3 والطرطوشى صاحب كتاب سراج الملوك حين قال: «ويدخل تحت هذه الترجمة أمر اتفق ق عليه. حكماء العرب والروم والفرس والهند وهو أن تصطنع وجوه كل قبيلة والمتقدمين من كل عشيرة وتحسن إلى حملة القرآن والعلم. وحفاظ الشريعة وتدنى مجالسهم وتقرب. 0.210.)١( ممصم اناذناا8 كعنقمهه14 قعل عراعماة© :ززم امآ لا إلا الله
محمد رسول الله
الأمير على بن الأمير
يوسف بن تاشفين
(؟) لسان الدين ابن الخطيب : الإحاطة فى أخبار غرناطة جا ص8". () .343 .م [ئء؟ عط غ0 عامعمم :1000
(5) ابن خلدون : المقدمة.
الصالحين والمتزهدين وكل متمسك بعروة الدين» وكذلك فلتفعل بالأشراف من كل قبيلة والرؤساء المتفرعين من كل غغطء هؤلاء هم أزمة الخلق وبهم يملك من سوأهم فمن كمال السياسة والرياسة أن تبقى على كل ذى رياسة رياستهء وعلى كل ذى عز عزته وعلى كل ذى منزلة منزلته227.
وقد وضع أمراء المرابطين هذه السياسة نصب أعينهم ) فقد روى ابن خلدون أن يوسف (اقتسم المغرب عمالات على بئيه وأمراء قومه وذويه9, فلننظر إلى أى حد يصدق قول ابن خلدون» وإلى أى حد طبق يوسف هذه السياسة القبلية سواء فى الأندلس أم فى المغرب.
كان ولاة المغرب جميعهم من قبيلة لمتونة على الخنصوصء أو من صنهاجة على العموم. وقد كان يوسف بن تاشفين نقسه قبل أن يصير إليه الأمر عاملا على المغرب من قبل أبى بكر بن عمرهء أما مدينة فاس وسبتة» فقد وليهما الأمير أبو بكر بن إبراهيم ”" وولى تلمسان تاشفين بن تينامر 47 والأمير مزدلى 22 وولى أبو بكر بن محمد اللمتونى بلاد السوس 20 وكان أبو بكر بن إيراهيم قيل أن يولى على فاس عاملا على إقليم الصحراء ”©» أما سجلماسة فقد وليها إبراهيم ابن أبى بكر بن عمر 0» وأبو عبدالله بن أبى زئفى 29» كما كا عامل دكالة من قبيلة لمتونة 20,
ولم يختلف ال حال فى الأندلس عنه فى المغرب» فقد ولى يوسف على غرناطة عليا بن يوسف, وأبا الحسن على بن الحاج» وموسى بن الحاج» وأبا بكر ابن إبراهيم» ويحيى بن أبى بكر بن إبراهيم» وأبا الطاهر تميم بن يوسف بن تاشفين» وأبا محمد مزدلىء وأبا محمد تاشفين بن على بن يوسف» وأبا بكر بن )١( الطرظوشى : سراج الملوك ص5١١. 0( ابن خلدون » جا ص 186 (") الفتح بن خخافان : قلائد العقيان ص7١١. (5) .5ع1ع516 نالا نلق عل تال 165مءط82 تاه وعطديةق دع[ :ولدء1 (6) التادلى: التشوف ص8 .٠١ (1) الزركشى: تاريخ الدولتين الموحدية والخفصية ص؛ . (0) لسان الدين بن الخنطيب: الإحاطة جا ص”747. (4) لتل .م .اللاكتط/ا .كعتمصده81] 5ع0 .6هن) :1280
(9) الفتيح بن نخاقان: القلائتدب ص5 758 . )٠١( ابن فرحون : الديباج المذهب ص49 .
أبى محصد» وأبا طلحة الزبير بن عمرء وعثمان بن بدر اللمتوى ''". أما قرطبة فقد وليها محمد بن الل ب عم الفسواعي» وولده المنصورء وأبو محمد تاشفين بن على» والزبير بين عمر الملثم '"2» وولى مرسية أبو عبد الله بن عائشة» وإبراهيم بن يوسف بن تاشفين ”"» وأبو عبدالله محمد بن تاشفين» وأبو بكر بن تيفويت. وأبو عبدالله و وأبو عبدالله بدر بن ورقاءء وابراهيم بن تاعياشت» وأبو زكريا يحيى بن غانية © وولى إشبيلية سير بن أبى بكرء ويحيى ابن سير بن أبى بكرء وعبدالله بن فاطمة» وإبراهيم بن يوسف بن تاشفين» وأبو حفص عمرء وعبدالله بن أبى بكر بن جنونة» ويحبى بن على بن منصورء وأبو يعقوب بن على» وأبو بكر بن على بن يوسف. ويحيى بن إسحق» 0 ألو بكر بن مودلى». والأمير استتيورة وظلحةازن العدر. والمضيؤر بن انكام وولى سرقسطة أبو عبدالله محمد بن الحاج وأبو بكر بن إبراهيم» وابن تيفلويت”"'» وولى ألمرية عمر بن إمام بن المعتز الصنهاجى» وتاشفين بن على ”2 وولى بلنسية الأمير مزدلى بن سلنكمان» وأبو عبدالله بن فاطمة 9 ثم الأمير على ابن مجونء ثم القائد أبو عبدالله محمد بن الحاج» ثم الأمير أبو بكر بن إبراهيم ابن تيفلويت» ثم الأمير أبو الطاهر بن تميم بن يوسف. ثم الأمير إبراهيم بن تاعياشتء. ثم القائد أبو زكريا يحيى بن تاسورة» ثم القائد بدر بن ورقاءء ثم القائد أبو يعقوب بن يينتان بن على» ثم القائد أبو زكريا يحبى بن على" .
)١( ابن الخطيب : الإحاطة جا ص8". (1) ابن بشكوال :. كتاب الصلة ص045 . ابن الأبار: التكملة لكتاب الصلة ج١ا ص197» 194 ابن الخطيب الإحاطة جا ص١358. 00 .70 .ععة حهة :1105 ع1 أمدلدعم عمعقودء .أعل عكنتديع )كنا ها أه عمتماكتط بآ عند دعطءععاعع8] : رجور[ لال1 .م 1لاكر . وك .1
(1) ابن الأبار التكملة ج١ ص50 . ديوان ابن خفاجة ص ١ 7. الضبى : بغية اللتمس ص/17١» الفتح : المطح ص48 : 2 مفاخر البربر ص .487١ (0) ديوان ابن خفاجة ص 3لا و41.
85 .م «منتاعسلمتما اأمعدع ممم تأاعا )2ن الفنتح بن خاقان : قلائد العقيان ص” غرة المقرى : أزهار الرياض اج ص4 0 (0) ابن الأبار: التكملة جا ص255؟. (8) ابن الأبار: الحلة السيراء ص9؟3 . (9) مفاخر البربر ص" .
من هذا يتبين كيف كانت الدولة أمينة على تراثها القبلى» حريصة عليه» عاملة بقدر الطاقة على أن ولقعيني ارت الأمراء والأشراف وشيوخ العشائر والقبائل» حتى يظل الحلف قويا متماسكا لاتذهب ريحه» ولايتفرق شمله». وليس عجيبا أن تثير هذه السياسة ثائرة أهل الأندلس الذين كانوا يطمعون فى أن يصيبوا من الدولة الجديدة نفعا وغنما.
ولما كانت الأحلاف القبلية المؤسسة للدول تتألف من قبائل عدة تربط بينها رابطة القرابة والمصلحة المشتركة» تتمة تتمتع كل قبيلة باستقلال ذاتى فى نطاق هذه الوحدة العامة؛ لكل شيخها وأشرافها الذين يصرفون شكونهاء ويتمتعون بنفوذ مطلق على أفرادهاء كان طبيعيا أن تتسم هذه الحكومات القبلية بسمة اللامركزية» لايستبد ولى الأمر برأيه» بل يشاركه النبلاء والأمراء فى كل ناحية من نواحى الإدارة .
وقد تأثرت دولة المرابطين بهذه الروح القبلية تأثرا عظيماء حتى إنه ليبدو للمتأمل فى نظام الحكم فى عهد المرابطين» أنه. نظام إقطاعى لامركزى» "© يتمتع حكام الأقاليم فى ظله بسلطة محلية مطلقة لاتزبطهم بولى الأمرء إلا رابطة الولاءء من ناحية» ورابطة القرابة من ناحية أخرى.
وقد تجلى هذا النظام اللامركزى بوضوح فى الأندلس» وفى المغرب فكانت بلاد الأندلس ولاية شبه مستقلة يحكمها نائب من قبل أمير المسنلمين» مظلق السلطة ولا يولى فى هذا المنصب الخطيرء إلا أقرب المقربين من ولى الأمر من ذوى قرياه 9 وكثيرا ما كان ولاة العهد يولون على الأندلس فى حياة أبيكم» فإذا :اعتلى ولى العهد العرش ولى أكبر إخوته فى هذا المنصب الخطير» وممن حظى بالولاية على الأندلس القائد الشهير سير بن أبى بكرء الذى أخبضع ملوك الطوائف» وبسط سلطان المرابطين فى البلاد 22 وقد خلفه أبو عبدالله محمد بن
0 :]115) لال 2 248. )١(
(؟) الحلل الموشية ص"7 . () ديوان ابن خفاجة ص44 و5 الفتح بن خاقان : قلائد العقيان ص57 الحلل ص1 .
حكن
عائشة”"», ثم على بن يوسف وقت أن كان وليا للعهد فلما أصبح أمير للمسلمين ولى أنحاه أبا الطاهر تميم ”"
لحكمه '". وكانت سلطة هؤلاء النواب فى الواقع تكاد أن تكون مطلقةء فكانوا يولون الولاة ويعزلونهم ويراقبونهم مراقبة دقيقة. يتبين ذلك من كتاب ليوسف بن تاشفين بعث به إلى أحد هؤلاء النواب» جاء فيه «واستعمل عليها من يرفق بهاء ويعدل فيهاء وأخرج كل من يحيف عليهاء ويؤذيها ومن سبب عليها من عمالك زيادة أو خرق فى أمرها عادة أو غير رسما أو بدل حكما أو أخذ لنفسه منها درهما ظلماء فاعزله عن. عمله وعاقبه فى بدنه 7ك بل كانو. أيولون القضاة وينقلونهم ويعزلونهمء فقد روى أن الأمير سير نقل القاضى ابن شبرين إلى قضاء أشبيلية©. وكان القضاة خاضعين لنائب 7 0 0
معركة الجهاد مستمرة الاترقف: ا كان أغلب أعوانه جل ادرب والقواد» قال يوسف لتائبه سيرب بن أبى نكر : «كل بلد أخذته فول عليه أميرا من عساكرها» 9 فكانت الحكومة ذات صبغة ة عسكرية بحتةء» وكان الأمير يحر ص أشد الحرص على تزويد المحرب بما تحتاج إليه من عدة وسلاح: «قوى الحصون وسد الشغور وأذكى العيون واتخذ مخازن السلاح وعمل التراس ونسج الأدراع وفصل البيضات والسيوف وربط الخيل»0" ,
ويبدو أن الأمير كان يتخذ دور ضرب فى عواصم الأقاليم لسك النقود باسم أمير المسلمين» يدل على ذلك ماذكرته كتب السكة من تعدد دور الضرب فى )١( المراجع السابقة . (؟) يوسف أشباخ : تاريخ الأندلس فى عصر المرابطين والموحدين ج؟ ص574 . (4) الفتح : قلائد العقيان. ص7١١. (5) المقرى : أزهار الرياض.ص ١65 . () .242.م ألم ,تمنصكلتلدططم دنماذز1] :(2ه0دآ1 () ابن عبدون : رسالة فى الحسبة ص/ا19. (8) ابن الخطيب الإحطاة ج ١ ص١78
لأندلس» فقد اتخذ الأمراء دور ضرب فى أشبيلية» وبلنسيةء والجزيرة» ودانية وغرناطة» وقرطبة» ومالقة» ومرسية والرية: وسرقسطة» وسنلوكة» وقونكة '".
كما اتخذوا دورا للضرب فى أغمات وتلمسان وسجلماسة وفاس ومراكش ونول ونول لمطة وسبتة وسلا”"©. وكان الأمير فوق ذلك كله يجلس للنظر فى المظالمء ويقرأ الرقاع» ويجيب عنهاء ويكتب التوقيعات. ويتفرغ للمناظرة فى يوم الجمعة ”© فكان قصره فى الواقع عصب الحكومة فى بلاد الأندلس.
ويبدو أن ماكان يتمتع به نائب أمير المسلمين فى هذه الحدود العامة قد تمتع به الأمراء المحليون فى حدود ضيقةء فقد كان نائب أمير المسلمين يولى على مقاطعات الأندلس رجالا من أمراء البيت' اللمتونى 22 وكان هؤلاء برهت يولون فى حدود اختصاصاتهم ولاة من أهل اللشام» وكان العامل الصغير يدين. بالولاء لقائد المنطقة» وقائد المنطقة يدين بالولاء لنائب أمير المسلمين الذى يدين بالولاء لأمير المسلمين صاحب السلطة العليا فى الإمبراطورية كلها.
وكان نائب أمير المسلمين ومعاونوه من أمراء الأقاليم يتخذون كتابا يخلع عليهم بعض المؤرخحين لقب وزراء © يتولون الأعمال الإدارية» فيحررون الرسائل» ويعرضون على الأمير مايعن لهم من أمور لأخذ رأيه فيهاء فقد اتخذ سير بن أبى بكر أبا محمد عببدالمجيد بن عبدون ”22 واتخذ أبو عبدالله محمد بن الحاج محمد بن عبدالملك بن عبدالعزيزء وأبا عبدالله بن أبى الخضال ”© واتخذ
)0غ( .3ه أمظ عل 1 5ع21ه18102 5ع عناعماةن) :الو ته[ كةأوصدمد8 -مع تطقعة .كقتاكقمت كدا عل عقلعده34 .كةلققمةع؟ 25336186 كقلعمدمم عل معملقادت زفق .طل8 عل وعمقصاناكد8 وعتدمدمل8 دعل عيعم1هاهت) 180 . .كةأممقمك8 -معأطدمة .كهتأكدنأنآ كدا عل ودلعدمكل13 .70135قصك -مع أطدتة . كدلعهه81 عل معملهنه0 (") ابن الخطيب : الإحاطة جا ص7584. ش () الفتح بن خاقان : قلائد العقيان ص4١١ . (5) لسان الدين بن النطيب : الإأحاطة ج١ا ص17؟. () المراكشى: المعسجب ص# ..3١ ) اين الابار : التكملة جا ص7375 .
أبو بكر بن إبراهيم أبا بكر بن الصائغ ''2. وأبا جعفر بن البنى '"2. واتخذ تميم بن يوسف عليا بن عبدالعزيز بن الإمام الأنصارى "2 وعبدالرحمن بن أحمد بن إبراهيم 4*7 واتخذ تاشفين بن على الزبير بن عمر اللمتونى» وأغلب هؤلاء من فحول البلاغة وأعلام الأدب فى الأندلسء» وكان كل أمير من هؤلاء كأنه ملك مستقل له قصره وله حاشيته وله بطانته. وصف ابن الأبار مجلس الأمير تميم بن يوسف حين أناخ بظاهر مرسية» فقال: «كان.معه فقهاء قرطبة وعميدهم أبو الؤليد ابن رشيد فيهم» وهم حوله وقد استداروا به حلقة مع من حضرهم من
الرؤساء؟ . ويبدو أن المغربين الأوسط” ا النمط مصداق ذلك هذه السلطة الواسعة التى كان يت يتمتع بها يوسف بن تاشفين» » وهو لم يزل انين
المغرب» و 'حتى خيل إلى المؤرخين أنه صاحب الكلمة الأولى فئ البلادء» فكان يولى العمال ويعزلهم ويؤسس المدن ويجند الجند.
ويتصرف كأنه حاكم مطلق السلطة لاتريطه بالأمير الشرعى إلا رابطة الولاء.
وكان لأمير المسلمين نائب فى الأندلس وأكثر من نائب فى المغرب» كان نائبه فى إقليم مراكش الساحلية يتخذ مدينة فاس قاعدة الحكومته "2» ويذكر بروفنسال فى مقدمته لكتاب البيدق أنه كان يسمى سلطان المغرب 227 وقد لعبت إمارة فاس دورها فى تاريخ المرابطين» حتى لقد حاول بعض أمراء آل تاشفين أن يستقلوا بها استقلالا تاما فلم ا 2 أمير المسلمين لايولى على إمارة فاس إلا أقرب الناس إليه وأدناهم منه (
)١( ابن الخطيب : الإحاطة جا ص9؟"3.
(1) الفتح ين خخاقان : قلائد العقيان ص١1٠7.
(”) اين الزيير: كتاب صلة الصلة ص87.
(4) ابن الأبار: التكملة جا ص١155.
(6) ابن الآيار: التكملة جا صلاه.
(5) الفتح بن خحاقان: القلائد ص7١١ .
(7) أبو بكر الصنهاجى البيدق: كتاب أخبار المهدى بن تومرت : مقدمة بروفتسال. (4) يوسف أشباخ: بلاد الأندلس فى عهد المرابطين والموحدين جا ص14 77 . (9) المتح بن ححاقان: القلائد ص7١١.
6
استقلال الولايات الأخرى» بل كانت أهمية المغرب الأوسط تفوق أهمية غيره من أقاليم المغرب. فقد كان يحرس المغرب الأقصى», ويوقف بنى حماد وحلفاءهم عند حدهم؛ ويرد كيدهم عن المغرب الأقصىء» وممن تولوا إمارة تلمسان تاشفين بن تينامر ومزدلى فاتح بلنسية '©. ومن الولايات الهامة أيضا ولاية سجلماسة» فقد كانت تحرس حدود الدولة من الجنوب لأنها تحف بإقليم الصحراءء وقد وليها أول الأمر يوسف بن تاشفين» واتخذها حاضرة للدولة؛ ثم وليها إبراهيم بن أبى بكر » وكانت هذه الإمارات الكبرى تتألف من وحدات صغرى يتولاها رجال من قبل النواب والأمراء» ولا يبعد أن تمثثل دور ضرب النقود فى المغرب قواعد هذه الؤأمارات الصغرىء مثل أغمات وتلمسان وسجلماسة وفاس ومراكش ونول ونول اطة وسبتة وس 00
وكان الأمراء سواء فى المغرب أو فى الأندلس يعيشون فى مقاطاعتهم شبه مستقلين كأنهم الملوك» ويمنحون سلطانا واسعاء ولكنهم يدينون بالولاء لأمير المسلمين» ويخيل إلينا أن أمير المسلمين لم يكن تيح لهؤلاء النواب فرصة البقاء فى إماراتهم مدة طويلة مخافة أن يستقلوا بالأمرء كما حدث فى قرطبة حينما أراد صاحبها أبو عبدالله محمد بن الحاج أن يستقل بها عن أمير المسلمين على بن يوسف ”02 فنقل أبو بكر بن إبراهيم من سجلماسة ” إلى سبتة ثم الأندلس”, ونقل مزدلى من بلنسية إلى تلمسان.» ولابد أن تكون ثمة تنقللات كشيرة. من هذا القبيل قد حدثتء» ولكن لانعرف عنها الشىء الكثير.
وكان أمير المسلمين يقظا عينه ساهرة لاتغفل» يراقب هؤلاء الولاة مراقبة دقيقة» ويرقب سير الأمور عن كثب مخافة أن يستبد أمير بالأمر أو يسىء السيرة» فإذا ولى أمير وانصرف إلى مقر إمارته أرسل إليه أمير المسلمين يرسبم له السياسة
.١٠١ التادلى: التشوف ص98 )١(
(؟) .أنلدط (يأك .مه) :لامها
(؟) ,1.1 (ععع لهل عاتومع ؟أسدائنآ عل وتعناء! وعل عا1باعه؟) كع لهاعتده كعلتناء كعل أتناتأقئلنآ قعا-تمق 22017
(:) ابن الأبار : التكملة جا ص”157 .
(5) ابن الخطيب: الإحاطة جا ص 747 .
(1) الفتح بن نخاقان : القلائد ص7١1 .
التى يسيير عليها فى حكم الرعية؛ ويضع له قواعد لايتعداهاء ويبين له أمورا لايغفل عنها. '
ومن حسن الحظ أن صاحب قلائد العقيان 29 جاء بنص فى غاية الأهمية, وهو كتاب وجهه يوسف بن تاشفين إلى أحد هؤلاء الأمراء يعتبر فى الواقع دستورا فى الحكم يطبق فى عصرهء يحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم. ويضع مصلحة الرعية فى المقام. الأول» وقد جاء فيه: ١وكتب عنه أبو القاسم بن الجد أيده الله ونصره إلى أبى محمد عبدالله بن فاطمة رحمه الله :: كتابنا أطال الله فى طاعته عمرك وأعز بتقواه قدرك وشد فيما تتولاه أزرك وعضد بالتسديد أمرك من حضرة مراكش حرسها الله وقد رأينا والله ولى التوفيق والهادى إلى سواء الطريق أن نجدد عهدنا إلى عمالنا عصمهم الله بالتزام أحكام الحق وإيثار أسباب الرفق لما نرجو من ذلك من الصلاح الشامل والخير العاجل والآجل والله تعالى ييسرنا لا. يرضيه فى قول وعمل وأنت أعزك الله ممن يستغنى بإشارة التذكرة ويكتفى بلمحة التبصرة لما تأوى إليه من السياسسة والتجربة فاتخذ الحق إمامك وملك يده زمامك . وأصر عليه فى القوى والضعيف أحكامك وارفع لدعوة المظلوم حجانك ولاتسد فى وجه المضطهد بابك ووطن للرعية أحاطها الله أكنافك رد ايا عا واستعمل عليها من يرفق بها ويعدل فيها وأطح كل من يحيف عليها ويؤذيها ومن دعا ها لق غناك :رانف اد حرق :فل لقره جادة أن شين ربجا ايقل معنا إن أخذ لنفسه مها درهما ظلما فأعزله من عمله وعاقبه فى بدنه وآلزمه ما أخذ متعديا إلى أهله واجعله نكالا لغيره حتى لايقدم منهم أحد على مثل فعله إن شاء الله وهو.تعالى ولى تسديدك والملقى بعضدك وتأييدك لا إله غيره ولا خير إلا خيره9),
هذا الكتاب يشف فى الواقع عن هذه المؤثرات الجديدة التى أحيتها دعو عبدالله بن ياسين إمام المرابطين» بل هى أبلغ دليل على مايستطيع الإسلام أن يفعله حين يهدى أمثال هؤلاء البدو إلى صراط الحق وطريق العدل. (1) الفتح بن خاقان : قلائد العقيان ص11 . (1) الفتح بن خاقان: قلائد العقيان ص7١7.
ا
وكان أمير المسلمين يعين هؤلاء الأمراء لفترات محدودة» ويضعهم نحت الاخقبار حتى إذا ثبتت صلاحيتهم» ورضى عنهم الكافة ثبتهم فى مراكزهم ومنحهم سلطة الأمير كاملة غير منقوصة» 7(©: وكان أمير المسلمين يخطر أهل الولاية ويبلغهم نبأ تعيين الأميرء ويبين لهم محجاسنه» ويرغبهم فى طاعتهء ويؤلف قلوبهم على محبته ؟ فقد كتب إلى أهل سبتة بولاية الأمير أبى زكريا يحيى بن أبى بكر يقول: «كتابنا أبقاكم الله وأكرمكم بتقواه ويسركم لما يرضاه وأسبغ عليكم نعماه وقد رأيت والله فضله يقرن جميع آرائنا بالتسديد ولايخلينا فى كافة أعمالنا من النظر الحميد أن نولى أبا زكريا يحيى بن أبى بكر محل ابئنا الناشئْ فى حجرنا أعانه الله وسدده فيما قلدناه إياه من مدينتى فاس وسبتة وجميع أعمالهما حرسهما الله على الرسم الذى تولاه غيره قبله فأنفذنا ذلك له لما توسمناه من مخايل النجابة قبله ورضيناه بما نرجو أن يحتذيه ويمتثله ويجرى عليه قوله وعمله ونحن من وراء اختباره والفحص عن أخباره لأننى بحول الله فى امتحانه وتجريبه والعناية بتخريجه وتدريبه والله عز وجل يحق .مخيلتنا فيه ويوفقه من سداد القول والعمل إلى مايرضيهء فإذا وصل إليكم خطابنا فالتزموا له السمع والطاعة والنصح والمشايعة جهد الاستطاعة وعظموا بحسب مكانه مئا قدره وامتثلوا فى كل عمل من أعمال الحق نهيه وأمره 4©9.
وكان الأمير أو النائب برغم هذا السلطان الواسع الذى. يتمتع به يشاور أمير المسلمين فى كل أمورهء ويكتب إليه بكل مايجد فى ولايته» لايقطع بأمر جلل إلا بموافقته» كما كان يكتب إليه بالفتح ويواليه أولا بأول بأخصبار الجهاد فى الأن لين
ما تقدم يتبين لنا فى وضوح وجلاء أن الأمور العسكرية كانت وقفا على أشراف لمتون على وجه الخصوصء. وأشراف صنهاجة على العموم» أو بمعنى أوضح كانت السلطات العليا وقفا على رجال القبيلة الذين أقاموا الدولة بجهادهم (1) المرجع السابق ونفس الصفحة (5) المرجع السابق ونفس الصفحة. (1) لتنارمام عع مسسممكمء الل (كمعءعطتطئء) كناطتلمامعتعه 5تعلائاء معمساععم5 أعتاومه1] سبتمضدل3
عقععطامزاتط كناطك01مء 55م .لاء) قأعمم ممنالطة ص٠©طأ مزتاتتضة؟ ستعدل أكداطمة دتععء عل ومعنو1| 2.4 ,05ةعاكنا !أ عهصهتأهامهمة اء دماتللع؟ عمتاه! كماتلء وتممعلك1
يونا
وكفاحهمء لكن يبدو أن الوظائف المدنية الأخرى من الكتابة والمسبة وجباية الأموال والبريد "© والقضاء لم تكن وقفا على رجال القبيلة مؤسسة الدولة» فقد روى المؤزخون أن المرابطين استخدموا فى هذه الوظائف رجالا من غير قبيلة صنهاجة» استعانوا فى المغرب بأهل القبائل الأخرى التى دانت لهم بالطاعة» كما استعانوا بالأندلسيين الوافدين على المغرب والمقيمين فيه وخصوصا بعد أن وحدت الدولة بين العدوتين.
نعمء بدأ المؤرخصون يتحدثون عن طائفة من الكتاب والوزراء دخلت فى خدمة الدولة الجديدة» وبدأوا يتجدثون عن الكتابة والوزارة كنظام قائم وطيد الأركان له تقاليدهء وهنا يطيب لنا أن نسأل متى استخدم المرابطون الكتاب والوزراء» ومتى جعلوا من الكتابة والوزارة نظاما ثابناء وإلى أى حد تأئرت طبيعة هذا النظام بالظروف التى لابست قيام هذه الدولة؟.
يتحدث بعض المؤرخين ”" عن الكتابة فى عهد المرابطين كأنها نظام لم تعرفه الدولة قيل يوسف بن تاشفين» فيذكرون أنه ماكاد يعبر بقواته إلى الأندلس للمشاركة فى معركة الجهاد حتى اتخذ دواوين ولى عليها كاتبا من رجال الأدب فى الأندلس يدعى أبا بكر بن القصيرة”"» فهل معنى ذلك أن الدولة لم تعرف هذا النظام قبل فتح الأندلس؟ .
لقد قضى يوسف فى المغرب عشرين عاما قبل أن يفتح الأندلس يجاهد ويتوسع» ؤيرسى الدولة على.قواعد ثابدة» ينظم الجميش» ويضع للبلاد نظاما إداريا دقيقا»ء فليس بعيدا أن يكون قد اتخذ دواوين للكتابة والإنشاء يتولاها رجال من أهل المغرب باسم الأمير أبى بكر بن عمر.
وقعد وجد يوسف بن تاشفين وخلفاؤه فى الأندلس معينا لا ينضب من هؤلاء الكتاب» الذين تألق نجمهم فى سماء الأدب» وشهد الناس لهم بالبلاغة والفصاحةء فقد بلغت الحياة الأدبية الأوج فى عهد ملوك الطوائف». وعملت (1) ابن عبدون التجيبى : رسالة فى الحسبة ص ١717 و1 ١5و50 ابن عبدالمنعم الحميرى: صفة جزيرة الاندلس منتخبة عن كتاب الروض المعطار فى خبر الأقطار من 1417 . الفتح ابن خاقان القلائد ص 18١ . التادلى : التشوف ص7١١. المقرى : نفح الطيبك ج؟ ص9١7 . (؟) يذكر دورى فى مجموعته (01.11؟. «انا5ة863010) نقلا عن الحلل الموشية أن يوسف اتخذ كاتبا من أهل
الأندلس يدعى عبدالرحمن بن أسباط . (7) الذخيرة : (م. بغدا) قسم ؟ ص48 الفتح بن خاقان : قائد العقيان ص ٠١ و89١١
كن
الإمارات التى تنافست فى التقرب من الأدباء وتشسجيعهم على إذكاء شعلة الأدبء حتى بلغت الذروة فى ذلك العصرء وكان كل ملك من ملوك الطوائف يتخذ له بطانة من الكتاب والشعراء والفقهاء والفلاسفة وأعلام الفكر يسامرونه وينادمونه ويتبارون فى فئون القول» فلما قضى المرابطون على ملك الرؤساء.تفرق هؤلاء السمارء واضطر كثيرون منهم إلى الدخؤل فى خدمة المرابطين.
وكانت وفود هؤلاء الكتاب تعبر البحر إلى العدوة ويصحبهم الأمراء عندما ينقلون إلى المغرب» فعلت كلمتهم على كلمة أدباء العدوة» وكادوا يحتكرون ضنعة الكتابة والإنشاءء» وخصوصا لأن الدولة كانت قد بدأت تقيم نوعا من العلاقات الدبلوماسية مع جيرانها من أمراء المغرب». ومع الخلفاء وأمراء المشرق» فكان الأمراء بحاجة إلى طائفة مثقفة تفهم لغة الوفودء وتجيد فن القول» وكان كتاب
الأندلس يعرفون لغات النصارى» ويستطيعون أن يتفاهموا معهم» وأن يقوموا بالترجمة عنهم "© .
)١( ومن أعلام الكتاب الأندلسيين الذين استخدمهم المرابطون يحيى بن همام السرقسطى وعبدالملك ابن أبى مسعود بن فرج بن خلصة الغافقى وطلحة بن عبدالعزيز بن سعيد البطليوسى وأحمد ين أبى جعفر بن محمد القضاعى» وأبو القاسم بن الحد المعروف بالأحدب وأبو بكر محمد بن محمد المعروف باين القيطرنة» المعافرى أبو محمد بن الحاج وأبو جعفر بن إبراهيم» وعلى بن عبدالعزيز بن الإمام بن يوسف الأتصارى» ومحمد بن سليمان الكلاعى المعروف بأبى بكر بن القصيرة» ويحيى بن يوسف الأنصارى ويكنى أبو بكر بن الصيرفى وأبو الحسن غدام السكرى » وابن الصائغ ومحمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم المعروف باين السقاط وأبو جعفر بن عطية القضاعى .
اشتغل أغلب هؤلاء بالأدب. وبرعوا فيه»و تفوقوا وغغدوا من فرسان الكلام وحملة السيوفء» زالأقلام على طريقة القدماء» من إيثار جزل الألفاظ وصحيح المعانى » واشتغل بعضهم بالتأليف مثل ابن أبى الخصال الغافقى. فقد روى أنه ألف كتاب المنهج فى معارضة المبهج وكتاب ظل الغمامة وطوق الإمامة فى مناقب من خصه رسول الله عَلِيد بالكرامة كما اشتهر بالسماع والرواية فروى الناس عنه سيرة رسول الله لمحمد بن إسحق والمستصفى لابن الجارود والشمايل للترمذى وعرف برواية الحديث. حتى تقد حدث عله خمسون شيخا منهم قاضى القضاة. كان آدب أهل الأندلس بالإجماع والإحقاق مع التقييد للحديث والاشتغال بعلومه فى القديم والحليث . ومنهم من كتب فى التاريخ وبرع فيه مثل أبى بكر بن الصيرفى؛ ومنهم من اشتغل بالفلسقة والتأليف فى الموسيقى. مثل ابن باجة الذى ظل عشرين سنة يكتب لأجد أمراء غرناطة وسرقسطة؛ ومنهم من اشتغل بالتاريخ والآدب ورواية الشعر وغريب المنثور والمنظوم منثل الكاتب أبى محمد عبدالمجيد بن عبدون وكان المرابطون يفخرون ويدلون على سائر الأمراء بإيوائهم هؤلاء الأعلام يبرون بهم ويبسطون عليهم ظل خمايتهم. 1 - انظر : ابن الأبار ج” ص١7/ا و7171 وخا ص"7577. ابن الخطيب الإحاطة جا ص77 وضص1737 1 المراكشى. المعجب ص١١-75١1١1 مشيخة عياض ورقة لاه .)١( ابن خجير الفهرسة ص 256 صلة الصلة لابن الزبير ص١81/. ابن بشكوال ص 0 . قلائد العقيان ص 25١ الأنيس المطرب ص49 27 الجذوة صن9ة6١.
16م
وهذا يكشف لنا عن النتائج البعيدة المدى التى تمخض عنها قيام دولة المرابطين وجمعها بين المغرب والأندلسء فتدفقت ينابيع الشقافة الأندلسية حتى عمت المغرب» وعملت عملها فى سبيل خلق تراث فكرى جديد» كما يبين فى وضوح وجلاء كيف استطاعت الشقافة الإسلامية أن تصقل عقول هؤلاء الصحراويين» وأن تجعلهم يشاركون فيما شارك فيه العالم الإسلامى» من نعمة هذه الحضارة الإسلامية الوارفة الظل .
وإذا كنا قد فرغنا من الحديث عن الكتابة» فيجب أن نسأل هل عرف, المرابطون نظام الوزارة كما عرفوا نظام الكتابة وديوان الإنشاء» وإذا كانوا قد عرفوا' نظام الوزارة فماهى اختصاصات الوزير» وما مقدار مظابقتها للاختصاصات التى رسمتها النظم الإسلامية؟ يخيل إلينا أن يوسف بن تاشفين اكتفى بطائفة من الكتاب أول الأمر يصرفون شئون الأندلس بإشرافه» حتى قدر له أن يضم بلاد الأندلس لملك المرابطين» فتأثر بالنظم السائدة فى هذه البلاد»ء وقبس منها ماوافق أحوال الدولة» ومادام ملوك الطوائف قد اتخذوا الكتاب فلايد أن يوسف قد حذا حذوهم» واتخذ لنفسه كتابا ووزراء» كتاب يشرفون على ديوان الإنشاء يذيعون المراسيم والبراءات» ويحررون الرسائلء ويختمونها بخاتم الأمير بعد اعتمادها منه» ويراجعون الرسائل الرسمية ويضعونها فى الصيغة النهائية» ويختمونها بخاتم الدولة 0" ووزراء أرفع من هؤلاء رتبة وأدنى منزلة من أمير المسلمين يجالسونه ويشاورونه فيما يعن من ممختلف الشئون.
وقد تطور هذا النظام وأصبحت له معالمه واختصاصاته محددة فى عهد خلقاء يوست بن تاشفين» وفى عهد على بن يوسف على وجه التحديد2"9. وقد صور ابن عيدون صاحب رسالة الحسبة الوزير فى صورة واضحة جلية. فهو الشخص المقرب من السلطان الذى يحضر مجلسه. ويطلع على كل كبيرة وصغيرة فى شئون )١( حسن إبراهيم : النظم الاسلامية ص0 .١8 (؟) كتاب أعز مايطلب مشتمل على ججميع تعاليق الإمام محمد بن تومرت ص7١» ابن خصير: الفهرسة . ص ٠. 45 . ابن الأبار: التكملة جا ص77 . ابن الزبير: صلة الصلة ص؟8. ابن خاقان : المطمع ص6 ١٠١
العلمى: الأنيس المطرب ص54 . أبو بكر الصنهاجى : كتاب أخبار المهدى بن تومرت ص27 . ابن دحية المطرب ورقة (ب)» الذخيرة (م. يغداد قسم “*تاصك6١١).
لضن
الدولة»ء ويشرف على تصريف الشئون الإدارية.والمالية» وهو الواسطة بين السلطان والقاضىء أو بين السلطتين التنفيذية والتشريعية (إذا اتفق الوزير والقاضى صلحت الدولة وصلح العالم ير
ويصور ابن عبدون هذا روح العصر تصويرا واضحاء ويكشف النقاب عن هذا المركز الممتاز الذى كان الوزير يحتله فى نظم المرابطين» وفى المجتمع الإسلامى فى أواخر القرن الخامس» وأوائل القرن السادسء ويؤيده فى ذلك الطرطوقئ” الى نري أن" الوويّن يناى' قن "المرقة العالنة يحل اللالبيفة زد يقول «أشرف منازل الآدميين النبوة ثم الخلافة ثم الوزارة»والوزير عون على الأمور وشريك فى التدبيبر وظهير على السياسة ومفزع عند النازلة»الوزير مع الملك بمنزلة سمعه وبصره ولسانه وقلبه وفى الأمثال نعم الظهير الوزير”"». نعم احتل الوزير. فى النظم المرابطية مكانًا متازًا ومحلاً رفيعًا «كان من سمو الهمة نحيث يجلق الظلام العاكر ويخجل الموسم الباكر 9 .
كان المرابطون يثقون بوزرائهم ثقة كبيرة: ويطلقون أيديهم فى الشئون المالية والإدارية» فقد أطلق على بن يوسف مفلا يدى الوزير أبى محمد بن مالك افاقتلعه لاا الانقلق من غطة واقته ةو على تلك انسل وق رن ميرك الشوائب عن حماه ووجه أموالا لرم خلله وحسم علله وإقامة ميله وانتعاش رجله وخيله ثم خاف أن ينهبها العمال وتتعذر تلك الآمال فقلده فوقها وحمله أوقها ووجهه لبناء الأقطار ونبهه لقضاء تلك الأوطار فاستقل بها أحسن استقلال ونظع معالمها نظم اللكل2» ,
وقد تركت الظروف التى نتجت عن قيام الدولة أثرا عظيما فى ناحية أخرى من نظم الحكم فى العهد المرابطى» ونعنى بها نظم القضاءء يرجع الفضل الأول فى التمهيد لقيام الدولة لعبد الله بن ياسين فقيه المرابطين» وقاضيهمء وإمامهمء
2( ابن عيدون التجيبى: زسالة فى الحسبة ص 4 عر )١( الطرطوشى : سراج الملوك ص .7١ زفرف الفتح بن خاقان : قلائد العقيان ص/997؟7. (5) المرجع السابق ص 39١ . 1 بان
وزعيمهم» فكان طبيعيا أن يحتل الفقهاء والقضاة فى الدولة الجديدة محلا رفيعا ومكانا مرموقاء فقد كان فقهاء المغرب الأقصى هم الذين مهدوا الطريق لفتح المرابطين لبلاد المغرب» فقد حببوا الشعب فيهم ومدوا لهم يد العونء وساروا فى ركابهم. كما ظهر تأييد الفقهاء والقضاة للدولة الجديدة واضحا فى معركة الجهاد فى الأندلس» فقد كانوا فى الواقع زعماء الشعب الحقيقيين المعبرين عن آماله وآلامهء فى الوقت الذى انصرف فيه ملوك الطوائف إلى حياة اللهو والترف» فما كادت أقدام المرابطين تطأ أرض الأندلس حتى هب الئاس يلوذون بهم» منفسين عن كربهم» متذمرين من ملوك الطوائف. وكان الفقهاء هم المدافغين عن حقوق الناس العاملين على رد الظلم عنهم» ولما وضحت خيانة ملوك الطوائف» وتتكرهم لمعركة الجهاد كانوا أول من أفتى بخلعهم وظاهروا يوسف ووقفوا بجانبه"2» يشدون أزره». ويؤيدونه» ويباركون أعماله» وقد لعب القاضى 7" ابن القليعى دورا كبيرا فى القضاء على ملك بنى زيرى أصحاب غرناطة» كما ألب فقهاء أشبيلية المرابطين على بنى عبادء لهذا اعتقد المرابطون عن يقين أنهم مدينون بنجاحهم فى المغرب والأندلس لحهود الفقهاء. ا
. هذا إلى أن الدعوة التى بشها عبدالله بن ياسين فى نفوس القوم» وتشبث الملشمين بأهداب الدين جعلهم ينظرون إلى القضاة والفقهاء نظرة تجلة وتقدير واحترام "2 فلا نكون مغالين إذا قلنا إن الدولة كانت فى الحيقيقة دولة الفقهاء©». فقد كان ما اتصف به ملوك الدولة من تقوى وورع وخشوع وإقبال على التفقه فى الدين والإلمام بدقائقه سببا فى تقريب الفقهاء والعلماء وإدناء مجالسهم والوثوق مم
وضح ذلك منذ عهد أبى بكر بن عمرء فقد ذكر المؤرخون 7 أنه كان يقرب الفقهاء ويصغى إليهم ويدنى مجالسهم؛ ولكن يوسف بن تاشفين ذهب فى تقربه )١( النباهى : المرقبة العليا ص417. الذخيرة (م . بغداد) قسم ١ ص9". | (؟) عبدالله, بن بلكين: التبيان عن الحادثة الكائنة بدولة بنى زيرى فى غرناطة ص١5 "7. (*) ابن خلدون جا صه١٠١.
(2) .248 .2 ,مل أو/ .عمعدمةء 'ل 5عسهص اتاكب/8 دعل عرزه 8115 :1202 (5) المقرى: أرهار الرياض ج ص١ 15 .
5184
من الفقهاء والقضاء والقضاة إلى أبعد من هذاء فكان من إلا وهم فى ركابه» ولايجلس إلا وقد حقوابه» ولايكاد يقطع برأى إلا بعد استشارتهمء فروى المؤرخحون: (أنه رد أحكام البلاد إلى القضاة وأسقط مادون ذلك من الأحكام الشرعية ((كي,
وهذا القول فى الواقع يصور لنا ذلك الإصلاح الخطير الذى لجأ إليه يوسف حين جعل القضاة أصحاب الأمر فى البلاد» وقادة الشعب» :وحكامه القائمين على. تطبيق الشريعة الإسلامية التى أصبحت دستورهم الأول» يطبقون أحكامهاء ويهتدون بهديهاء إذ يبدو أن القضاة والفقهاء لم يكن لهم على المجتمع مثل ذلك السلطان الواسع الذى آل إليهم فى عهد المرابطين» كما أن أحكام الشريعة لم تكن على ما أعتقد الدستور الأول الذى يعتمد عليه الولاة فيها يصدر عنهم من أصحاب الكلمة الأولى فى المجتمع ”2: لأنه لن يصدر حكم إلا إذا أقروه وأفتوا بأنه لايخالف الشريعة ولا يناقض أحكامها.
وبلغ من بر يوسف بالفقهاء والعلماء أنه أجرى عليهم الأرزاق» ورتب لهم الأعطيات من بيت المال ©. وكان على بن يوسف أكثر من أبيه انصرافا إلى مخالطة الفقهاء ومجالستهم» فقد كان أميرا ورعا متزهدا متبحرا:فى الدين 9 حتى لقد اتخذ لنفسه لقب «ولى اللما» ونقشه على السكة» وأصبح الفقهاء فى عهذه سواء فى المغرب أم فى الأندذلس أصحاب الكلمة الأولى ف البلاد» يفزع إليهم الناس كلما تعرضوا لخظر أو أصابهم مكروه.
وهنالك ناحية أخرى جعلت المرابطين يعتمدون على الفقهاء والقضاة اعتمادا عظيما وهى توسعهم فى تطبيق مبدأ الشورى» هذا المبدأ لذى يحتل من النظم الإسلامية مكانًا مرموقا ومحلا رفيعاء. جعله الطرطوشى أساسًا من أهم أسس )١( النويرى: نهاية الأرب ج7؟ ص1868 . السعادة الأبدية جا ص88. يوسف أشباخ: تاريخ الأندلس فى عهد المرابطين والموحدين جا ص١5؟7. )22 النويرى: نهاية الأرب ج172 ص186. السعادة الأبدية ص86. () مشيخة عياض ورقة (١1/ ). (5) الحلل ا موشية ص16 .
4
الحكم حين قال «سياسة لملك ثلاثة : اللين وترك الفظاظة والمشاورة وأن لايستعمل على الأعمال والولايات راغبا فيها ولا طالبا لهاء ولما علم الله تعالى مافيها من انتظام أمر الملة واستقامة الأمر نص عليها سبحانه ورسوله أعلم أن هذه الخصال من أساس الممالك وقل من يعمل بها من الملوك» اثنتان نزلتا من السماء وواحدة قال بها رسول الله عَلَِإدِ . والإشارة الشانية قال وشاورهم فى الأمرء فإذا قيل لنا كيف يشاورهم وهو نبيهم وإمامهم وواجب عليهم مشاورته وألايفعلوا أمراً دونه قلنا هذا أدب أدب الله تعالى نبيه عليه السلام به وجعله مأدبة لسائر الملوك والأمراء والسلاطين لما علم الله تعالى مافى المشاورة من حسن الأذب مع الجليس ومساهمته فى الأمورء فإن نفوس الجلساء والنصحاء والوزراء تصلح عليه وتحيل إليه وتخضع عنوة بين يديه شرعة نبيه عليه السلام 1 ومن أقبح مايوصف به الرجال ملوكا كانوا أو سوقة الاستبداد بالرأى وترك المشاورة 27 .
نعم حقق المرابطون آمال الطرطوشى كاملة وتوسعوا فى المشاورة توسعا عظيما ©2» فكان يوسف وخلفاؤه لايقطعون فى أمر إلا إذا استفتوا الفقهاء. واستشاروا القضاةء وقد وضح ذلك من سياسة يوسف فى الأندلس ”"» بل بلغ من تزمته وتشبثه بالشورى فى أوسع نطاق أن أرسل يستفتى فقهاء مصر والعراق والشام ”*؟ خوفا من أن يتورط فى خطأ لايرضى عنه الله» ويبدو أن قاضى الجماعة بمراكش كان أكثر هؤلاء القضاة اتصالا بولى الأمر©» بل كان يشترك فى مجلس الأمير ويؤخذ رأيه فى كثير من الأمورء وكان أمراء الأندلس أيضا يستفتون قاضى الجماعة بقرطبة فى كل مايتعلق بهذه البلاد من شئون 2»: هذه إذن همى الظروف التى مهدت لسيطرة الفقهاء والقضاه على الحياة العامة» سواء فى المغرب أم فى الأندلس» ويسرت لهم أن يستمتعوا بسلطان واسع» وكلمة مسموعة فى
)١( الطرطوشى : سراج الملوك ص٠0 و615.
(؟) اين الأبار التكملة جاص”565.
(؟) عبدالله بن بلكين ص4/!؟ و41" و47".
(5) .235 .ص ,102 .701 (.أك .م0) : /إ1202
(0) مشيخة عياض ورقة 4 (ب) و١٠ ()
1002, 137,2. 219. .*١ مفاخر البربر صلا5 . معجم ابن الأبار ص55 . الإحاطة ج١ ص )١(
قا
شعون اليلاد» قما هى ألوان ذلك السلطان الذى تمتع به القضاة فى كنف الدولة المرابطية وماهى نتائجه فى الحياة العامة؟ .
وقبل أن نعرض لهذا السلطان الواسع الذى تمتع به القاضى فى اللحياة العامة
فى المغرب والأندلس» يجدر بنا أن نشير إلى ذلك النظام الدقيق الذى وضعه
المرابطون للقضاء فى العدوتين» والمتأمل فى كتب الطبقات التئ أرخحت للقضاة فى
عهد المرابطين يستطيع أن يتبين أنه كانت هنالك مراتب للقضاة أو درجات فهنالك
ض يتمتع بسطان القضاء فى مدينة صغيرة أو فى قريةء وهنالك قاضى الجماعة بمدينة كبيرة مثل قرطبة أو أشبيلية أو غرناطة ”2» وهو بالطبع أرفع دزجة وأعلى رتبة لأنه كان يبسط سلطانه على المدينة وأحوازها. ثم هنالك قاضى الإقليم كله؛ ذلك: أن يلاد الأندلس كما نعلم كانت مقسمة إلى أقاليم جغرافية ثلاثة: إقليم الشرق والموسطةء وبلاد الغرب. ويبدو أنه كان لكل إقليم من هذه الأقاليم الكبرى قاضى جماعة يبسط سلطانه على قضة المدن الواقعة فى إقليمهء فقد روى أن المرابطين قلدوا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن أسود الغسانى قضاء شرق الأندلس9, كما روى أيضا أن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن عصام بن أمية كان قاضى قضاة الشرق فى عهد المرابطين © . وهنالك قاض أسمى من هؤلاء قدرا وأرفع مكانة يبسسط سلطانه على بلاد الأندلس كلهاء ويخيل إلينا أن قاضى :الجماعة بقرطبة *» هو الذى يشرف على القضاء فى بلاد الأندلس قاطبة.
أما بلاد المغرب فكانت منظمة على غرار بلاد الأندلسء وكانت زعامة القضاء بالمغرب كله معقودة لقاضى الجماعة بمراكش»: الذى كان يسمى فى بعض الأحيان بقاضى الحضرة ©2» وكان هذا القاضى أقرب الفقهاء إلى قلب أمير المسلمين» وأدناهم منه مجلسا ”2غ فقد كان عضوا بمجلس الشورى يستفتيه 5 الأمر فى كل مايعرض له من شئون. (1) ابن الأبار : التكملة جا ص27 و74 و114 و1018 وجلا ص3570و50. 4 .م عناعدمء ل كععطدكة كممتاأملع.1 : لدعم دورط ابن الأبار : التكملة ج ١ ص177. قرف المرجع السابق ع ص05 . (1) مثل أبو الوليد بن .رشد عميد فقهاء قرطبة. انظر مشيخة عياض ورقة ٠١ (أ9 و١١(ب).
(5) مشيخة عياض ورقة ٠١ أو ١١ ب.و25 أابن بشكوال : الصالة ص78 و54ه () مشيخة عياض ورقة ١ أو ١١ ب
لحيضن
ويخيل إلينا أن المرابطين قطعوا فى سبيل تنظيم القضاء شوطا أبعد من هذاء إذ اتخذوا فقيها له السلطة العليا على قضة المغرب والأندلس على سواءء بمثابة وزير العدل فى النظم الحديثة» وقد تولى هذا المنصب العظيم أبو عبدالله مروان ابن عبد الملك بن إبراهيم بن سحنون اللواتى قاضى طنجة» الذى انصرفت إليه جميع أمور الأندلس والمغرب» فوض إليه أمير المسلمين يوسف فى كبارها»" .
ويبدو أن مشيخة القضة بالعدوتين كانت تعطى تارة لقاضى الحضرة أو قاضى سبتة وطنجةء وتارة أخخرى لقاضى الجماعة بقرطبة» وكان أبو الوليد بن رشد أول من ولى هذا المنصب من الأندلسيين'!" ثم خلفه محمد بن أحمد بن خلف بن إبراهيم التجيبى المعروف بابن الحاج ”" .
وكانت سلطات القاضى متعددة ومهامه متنوعة» وكان عليه أن يبسط إشرافه على عدة خطط أو عدة وظائف. يشرف على خطة الشورى والفتياء وخطة الأحكام والصلاة والخطبة» أما خطة الشورى فكان يتولاها فقهاء يختارهم القاضى من أهل المدينة المعروفين بالورع والتقوى والتبحر فى الفقه يشاورهم فى الأحكام . وكان عدد هؤلاء الفقهاء المشاورين فى العادة أربعة: اثنان يشتركان فى مجلس القاضى» واثنان يعقدان فى المجلس الجامعء ليدليا بالشورة لطلابها 69 وكان لهولاء الفقهاء المشاورين رئيس منهم يتزعمهم وينظم شئونهم 1
أما الفتيا فكانت تضاف فئ بعض الأحيان إلى الصلاة والخطبة» فكان القاضى فى بعض الأحيان يولى فى كل خطة من هذه الخططفقيهاء يستقل بشئونها ويختص بها كخطة الأحكام مثلاء فقد كان القاضى يولى عليها فقيها يجلس للناس وينظر فى مظالمهم ويحكم بينهم ويفض المنازعات التى طالما كانت تنشب بين العوام والسوقةء والتى كان القاضى يستثقل أن يتولى أمرها بنفسه فكان ينيب عنه صاحب )١( مشيخة عياض ورقة 21 أ. (37) المرجع السابق:ورقة ٠١ () و١٠ (ب). (*) ابن الأبار. : التكملة ص .١١5 (5) ابن عبدون : رسالة فى الحسبة ص/9ا9١.
(5) مشيخة عياض ورقة 77 (أ). ابن الأبار جا ص”7١١ . المرقبة العليا من 97. اين فرحون الديباج المذهمب ص 71/8 .
فض
الأحكام على ألا ينظر فى رقاب الأموال وأن لا حكم له على الأيتام ولا فيما فيه أمر من أمور السلطان والعمال 9©.
أما المهام الكبيرة التى يتطلب الفصل فيها جرأة وشجاعة وعدلا لايعرف فى الله لومة لائم فكانت تترك للقاضى نفسه لينفذ حكمه على جميع الناس سواء كانوا حكاما أو عمالا أو قوادا أو أشرافا.
وتتضح هذه السلطة الواسعة التى كان القاضى يبسطها على جميع الأفراد دون تمييز مما ورد فى عقد تولية قاضى الجماعة ابن حمدين» إذ جاء فيه على لسان أمير المسلمين: «ولا تبال برغم راغم» ولاتشفق من ملامة لائم» فآس بين الناس فى وجهك وعدلك ومجلسك حتى لايطمع قوى فى حيفك» ولاييأس ضعيف من عدلك» ولايكن 'عندك أقوى من الضعيفف حتئ تأخذ الحق له» ولا أضعف من القوى حتى تأخذ الحق منهء وانصح لله تعالى ولرسوله عليه السلامء ولنا ولجماعة المسلمين» وقد عهدنا إلى جماعة المرابطين أن يسلموا لك فى كل حق تمضيه ولايعترضوا عليك فى قضاء تقضيه. .)0©.
وكثيرا ما كان القاضى يولى أحد معاونيه خطة الصلاة والخطبة مجتمعين 22 وأحيانا أحكام السوق أو الجلسة 2 موكان يستعين بطائفة من الشرطة يسميهم ابن عبدون (الأعؤان)» وقذ اشترط ابن عبدون أن يكونوا عشرة «أربعة سودان بربر لحقوق المرابطين وغيرهم كن الملقشية والباقى أندلية هم أوثق وأحوف:2» لان المرابطين كانوا قد استقروا فى مدن الأندلس وبدأوا يكونون جاليات مستقلة تستعلى على الناس» وتختص نفسها بمكانة فريدة فى المجتمع» أما فى المغرب فلم : يكن القاضى بحاجة إلى هؤلاء الأعوان لأن سكان المدن كانوا جلهم من البربر وكان الشرطة جلهم من أهل البلاد. (1) ابن عبدون: رسالة فى الحسسبة ص1917» أبن الأبار جا ص 7"88. السيوطى بغية الوعاة ص79. السعادة
الأبدية ج؟ ص”؟7١
(؟) الذخيرة (م. بغداد) القسبم ؟ ص8 ١١ السيوطى : بغية الوعاة صة7. (7) ابن الأبار : التكملة ج ؟ ص607.
(5) المرجم السابق والصفحة نفسها.
(5) ابن عبدون رسالة فى الحسبة ص١ .7١
فض
وكان القضاة يتخذون الكتاب» فقد استكتب ابن حمدين أخيل بن إدريس الرندى ”2 كما استكتب القاضى أبو موسى بن الملجوم محمدا بن عيسى بن القاسم لحان ("©. وممن كتب للقضاة أيضا ماين على بن محمد بن عبيد المعافرى 7 » وعيسى بن سهل بن عبدالله الأسدى 27» وأحمد بن عبدالرحمن بن محمد بن عبدالرحمن الأنصارى الخزرجى 22. ويبدو أن القضاة كانوا يبدأون حياتهم العملية بالكتابة» ثم يتولون خطة الشورى وخطة الأحكام أو الصلاة أو الخنطبة» ثم يرتقون إلى مصاف ال 0 جين ودربة
تؤهلهم لتولى ذلك المنصب الممتار.
وكان القضاة أيضا يتخذون الحجاب على أبوايهم ليحولوا : بين الناس وبين أن ينالوا من هيبة المجلس ووقاره "22 وكان القاضى إلى جانب هذا السلطان الواسع يشرف على بيت المال وموارده من أموال الأحباس أو الأوقافء فكان يصلح المساجد ”2 ويقيم الصوامع » ويصنع المنابر والمحاريب» وينفق. على خصدم المساجد. ويبدو مما ذكره ابن عبدون أن هذه الأموال كانت تستغل فى الجهاد.» وسد الفخور"».
كما يبدو أن موارد بيت مال المدينة كانت تعبث بها أيدى العابثين لأن ابن عبدون شنده التكير على القاضى قائلا «يجب على القاضى أن لايمكن من بيت مال المسلمين أحدا وأن يحافظ عليه جهده» وأن يخدمه ولايتصرف فى أبوابه إلا
)١( ابن الأبار: الحلة السيراء ص؟7؟؟.
() ابن الأبار : التكملة جاا ص7١١.
(؟) ابن بشكوال : الصلة ص755,
(4) المرجع السابق ص١47 .
زه أبن الخطيب : الإحاطة جا ص8 .
(5) ابن عبدون : رسالة فى الحسبة ص777.
0) ابن الأبار : التكملة ج؟ صه51.
م( 4 .2 ,عمعة 8 'ل قعطهرة كددمتامقءكم1 : اممعلامعط -ألاع1 . الجزنائى : زهرة الآس 47 . (9) ابن عبدون : رسالة فى الحسبة ص 7١ ١
رجل غنى عدل» حتى لايترك أحدا يتصرف فى شىء منه إلا برأى من القاضى0» .
وكان القضاة فوق ذلك كله يشتركون فى الغزو والجهادء يخرجون مع الجند ويحضونهم على 0 القتال»ء ويحضرون مجالس الأميرء يشاورونه فى كل مايعرض له من شئون ”'2» فلا نعجب إذا كان القضاة فى الأندلس أو المغرب قد عظم نفوذهم» وكثر مالهم وجاههمء وارتفعت مكانتهم » ويتبين ذلك مما كتبه ابن عبدون الذى كشف عن سلطة الفقهاء وصور سطوتهم ونفوذهم أصدق تصويرء وذكر أنهم كانوا يسيطرون على الحياة العامة» حتى أضحوا حكام البلاد الحقيقيين» وأضحت سلطة الأمر اء الملثمين لاتتجاوز الشئون العسكرية 0
وكان كاتب الأمير أو وزيره حلقة الاتصال بين القاضى وبين الأمير صاحجب السلطة العلياء'فقد كان. القاضى يمثل السلطة الفعلية والأمير يمثل السلطة العليا التى تسيطر وتهيمن من بعيدء فإذا تعاونت السلطتان صلحت الأحوالء وإذا تضاربنا وتعارضتنا فسد حال المدينة» ونشب الخلاف بين أهلها؟.
كان القاضى فى الواقع يتدخل فى كل صغيرة وكبيرة من شئون المدينة» حتى ا ااا فكان يولى على كل حرفة رجلا من أهلها يفض ماينشب بينهم من خلاف 2 ويحرص ابن عبدون وهو من الفقهاء - على أن تظل أزمة الأمور بيد القاضى» فلا يتدخل الأمير فى شئونه» إذ يقول:١إذا وقع بينهم الخلاف فى شىء من أمورهم لايبلغون الحاكمء بل يحدهم القاضى, ذلك أن يرجع إلى حكمه ورأيه فهو أرفق لهم وأستر لانكشافهم» 9).
٠١ ١ص ابن عبدون : رسالة فى الحسبة )١(
. ١97ص المرجع السابق )١(
ابن الأبار : التكملة ج١ ص7094 وج7 ص .52١ أزهار الرياض ج7 ص1517 .
(؟) كناك ماله هط 'ل عاتدع)! عاععزة ع1[ يبل غتاطعل ننه عمقداندن84 عالتياءة : لوعمعممم -تكىك| 2.1 ,وتعتاعمم عل 5صرمء دع1 اء متقطتن عت هد
2ش ابن عبدون: رسالة فى الحسبة ص ”ع
)هذ( ابن عبدون: رسالة فى الحسبة ص١7
(7) المرجع السابق ونفس الصفحة
نفرقنا
وكان من أثر هذه المكانة الرفيعة التى تمتع بها الفقهاء أن كثرت أموالهمء وارتفع قدرهمء وعظم سلطانهمء والتف الناس حولهم متزلفين متقربين» وقصدهم أصحاب الحاجات يلتمسون الوساطة والشفاعة '©» وحسدهم كثيرون من أهل الأندلس بسبب هذا الجاه العريض» وهذه الأموال الجمة التى حازوهاء يتبين ذلك من قول الشاعر أبى جعفر بن محمد المعروف بابن البنى يهجو القاضى أبا عبدالله محمد بن حمدين قاضى قرطبة ويعرض به:
أهل الرياء لبستمو ناموسكم كالذئب أولج فى الزمان العاتم
فملكتمو الدنيا بمذهب مالك 2 وقسمتمو الأموال يابن القاسم
وركبتمو شهب الدواب بأشهب وبأصبغ صيبغت لكم فى العالم”"
قينا باللف رقنا قافر و القرميث نتن امبر لين سين يعبر يروى المؤرخون أن قضاء سلا كان فى بنى عشرة» وكان هؤلاء القوم مقربين من السلطان » كلمتهم مسموعة وأمرهم مطاع» قصدهم الشعراء من الأندلس يمدحونهم ويلوذون بحماهم ” .
ومع هذا السلطان الواسع الذى تمتع به القضاة كانوا يخضعون لأمير المسلمين خضوعا تاماء بل كان أمراء المقاطعات يعزلون القضاة أو ينقلونهم فى بعض الأحيان» ويخيل إلينا أن أمير المسلمين كان يعين كبير القضاة ببلاد الأندلس وكبيره ببلاد المغرب» ويترك للأمراء المحليين أمر تعيين القضاة فى المدن والقرى بعد مشاورة قاضى الجفاعة فئ قرطبة أو مراكش 9).
كان أمير المسلمين إذا ولى أحد هؤلاء القضاه كتب له عقد توليته وبعث به إليه 2 فيصبح بمثابة دستور على القاضى أن يحترم نصوصه؛ ويعمل بموجبه فإن جار أو بدل أو خالف ما أشار به ولى الأمر تعرض للعزل» كان ولى الأمر يوصى )١( المراكشى: المعجب ص ١١١ . (؟) المرجع السابق ونفس الصفحة. () الحميرى : الروض المعطار ص191 .
(5) أحمد بابا التميكتى: نيل الابتهاج بتطريز الديباج ص187 . المرقبة العليا ص/ة (0)التباهى: المرقبة العليا ص88 .
شف
القاضى بأن يكون حازما لايشتد فيمقته الناس» ولايلين فيستضعفونهء وأن يكون عادلا لايميل به الهوى عن جادة الحق» وأن يسوى بين الئاس ب بين أميرهم وحقيرهمء لاتأخذه فى الله لومة لائم. يؤدب كبيرهم قبل صغيرهم» إذا أخطأ كبير ضربه وسجنه أو عزله.
يتضح ذلك كله من هذا الكتاب الذى بعث به يوسف بن تاشفين إلى الفقيه قاضى الجماعة بقرطبة أبن عبد الله بن حمدين» جاء فيه «فاستهدى الله يهدك واستعن بالله يعنك فى صدرك ووردك وتول القضاء الذى ولاكه الله بجد وحزم بطع ل ال 0 لالكن عسي اتوي بين الضعيف حتى تأخذ الحق له ولا أضيعف فى القوى تح تانق الدى من وانصح لله تعالئ ولرسوله عليه السلام» ولنا ولجماعة المسلمين. وقد عهدنا إلى جماعة المرابطين» أن يسثموا لك فى كل حق تمضيه» ولا يعترضوا عليك فى قضاء تقضيه » ونحن أول وكلهم آخر» قد صرت قاضيا سامعون منك غير معترضين فى حق عليك . والعمال كافة سواء فى الحق فإن شكت إليك بعامل من رعية غخلافا فى الواجب فاشكه منها وقومها له ومن استحق من كلا الفريقين الضنرب والسجن والأمر فى استكفاء من يكفيك"». )١( الذخيرة 7 6 القسم 31 0 وقد أورد ابام أن 3 المرقبة 0 عقد ببعة القاضى موسئ بن ند اعت لشلات التي رنار بعك ورين دور الأيام خميرناك خطة القضاء ثانية بزمعك وأعدناع إلى د ا و ل ا يد نيم لله جرم للثقة ا لا وا و ا ا ا حلمه وليس هذه بأول ولايتك لها فنبتدئ بوصيتك ونعيد وناخذ بالقيام بحقها العهد المؤفق السديد. بل قد سلفت فيها أيامك» .وشكر فيها مقامك» واستمرت على سن الهدى احكامك فذلك الشرط عليك مكتوب وآأنت بمثله من إقامة الحق مطلوب وإن على مانعلمه من جميع نظرك واعتدال سيرك . . . . فلا تنظر فيها إلا من كثر الثناء عليه» وأشير بالثقة إليهء ولتكن رقيبا على أعمالهم وسائلا عن أحوالهم: فمن بطو به سعيه وساء فيما تولاه نظره ورأيه أظهرزت سخطتك وأعلنت فى الناس جرحتك» فذلك يعدل جانب سواه ويشربه النصيحة:فيما تولاه. انظر المرقبة العليا ص88 .
يفضنا
من ذلك يتضح أن القاضى لم يكن عليه سلطان لغير القانون» يحكم وفق الشرع لايخالفه أو يخرج عليه» ينفذ حكمه على الناس فهم سواء أمام القانون» يحكم حتى على ولى الأمر نفسه إذا جار أو بدل. ألم يقل يوسف «نحن أولا وكلهم آخرا». انظر كيف استطاعت هذه التقاليد الإسلامية السمحة التى بثشها عبدالله بن ياسين فى مجتمع الملثمين أن تجعل من هؤلاء البدو الذين كانوا يضربون فى مجاهل الصحراء حكاما متواضعين مخلصين يأمرون بالمعروف وينادون بالمساواة بين الناس ويحترمون القضاء.
5 أثرقيام دولة المرابطين فى النظم الحربية:
وكانت الأسس التى قامت عليها الدولة ذات صدى بعيد فى النظم الحربية التى عرفها المرابطون» ذلك أن الدعوة التى بثها عبدالله بن ياسين قد عملت فى القوم عمل السحرء فقد ألفت بين قلوبهم» وفتحت أمامهم آفاقا جديدة» بل لانكون مغالين إذا قلنا إنها بثت فى هؤلاء روحا جديدة لم تكن مألوفة لديهم من قبل» فقد نفخ عبدالله بن ياسين فى نفير الجهادء وهيأ الأذهان لمعركة طويلة الأمد من الكفاح فى سبيل الدين» وهيأ النفوس للاستشهاد فى سبيل الله فى غيرما خوف ولاتردد. لانتكر أن شعب الملثمين كان شعبا محاربا من الطراز الأول» امتاز بالشجاعة الفائقة والجرأة والإقدام والصبر على تحمل مشاق الحرب وتضحياتهاء ولكن الدعوة الجديدة كانت بمثابة الوقود الذى ألهب فيهم هذه الصفات» وجعل المرابطين قوة يخشى جانبها فى المجتمع المغربى فى القرن الخنامس» ولسنا بحاجة لأن نوضح أن الروح المعنوية أبلغ أثرا فى الحروب من أمضى الأسلحة وأشدها فتكاء وأن الجند الذين يقاتلون وقد وحدتهم آمال واحدة» وجمعتهم أهداف سامية جند لايعرفون التراجع أو التقهقرء إثما يتقدمون إلى حياض الموت غير هيابين.
ظهرت هذه الآثار واضحة جلية منذ اندفعت جيوش المرابطين من رباط السنغال متجهة صوب الشمال كأنها الصاعقة انقضت على المغرب الأقصى. وتجلت هذه الروح واضحة جلية فى معارك المغرب الأقصى التى خاضوها «كان للمتونة
لضن
فى قتالهم شدة وبأس ليس لغيرهم وبذلك ملكوا الأرض"22. كما تجلت هذه الروح الجديدة فى معركة الجهاد بالأندلس”"»: إذ لم يهن المرابطون ولم يضعفوا فى جميع المعارك التى خاضوا غمارهاء كان لهم «فى قتالهم شدة وجلد ليس لغيرهم يختارون الموت على الانهزام ولايحفظ لهم فرار من رحف""».
وإذا كان عبدالله بن ياسين هو صاحب الفضل الأول فى بعث المرابطين وخلق هذه الروح الجديدة» فإن يوسف بن تاشفين صاحب الفضل الأول فى تنظيم هذه الطاقة العظيمة» وتسخيرها فى معركة الجهاد بحنكة ودربة وشجاعة» فقد أدرك أن الخطوة الأولى فى سبيل النجاح فى معركة الجهاد هى تنظيم قوى المرابطين لتصبح أداة فعالة فى كفاح ينقرر مصير المسلمين فى المغرب والأندلس» فقد اشتهر نصارى الاندلس وحلفاؤهم بأنهم محاربون أشداء ومقاتلون مهرة» تفوقوا على ملوك الطوائف. وأصبحت جيوشهم تسيطر على شبه جزيرة إييريا دون منازع» فكيف يستطيع الملثمون أن يلقوا هذا العدو الذى تفوق عليهم فى العدد والعدة دون أن ينظم صفوفهم» ويكمل استعدادهم» لهذا كان العمل الذى
.١٠١ البكرى: المغرب ص5 )١(
(1) من شعر ابن حمديس فى الإشادة بشجاعة المرابطين: ا ألفت قلوبهم الخضوع لربهم والبأس فى أسيافهم متكبر يرمون أغراض الحمتوف بأنفس ووجوهها لعيونهم تتثمر
وتغور فى هام العلوج جذاول للضرب من أعمادهم تتفجر من كل وحبشى الطباع كآنه بين القنا الخطى ليث مخدر
ومن قصيدة أخرى: وآذنت عمار القفار بحربهم فيا قرب ماشقوا إليك الخضارما
بنو الحرب غذتهم لبان ثديها 2 ولم يستطيبوا منها إلا العلاقما يحثون للهيجاء جردا سلاهبا وينفون فى الييداء بزلا صلادما إذا طعنوا بالسامرية خلتهم ضراغم تفرى فى القلوب أراقم
(7) ويقول المقرى « 0006 مع ماظهر لأبطال الملثمين ومشايخ صنهاجة فى المعارك من ضربات السيوف التى بيد الفارس والطعنات التى تنتظم الكلى فكان لهم بسبب ذلك ناموس ورعب فى قلوب المتوين لقتالهم؛ انظر المقرى
0 .2 نأك .جره 1021م :ع0 .236 <م .!! ,تستمدلقططة : بودهن2] انظر كذلك يوسف أشباخ جا ص19» وابن الابار الحلة السيراء ص8 .7١
ايض
قام به يوسف لايقل فى أهميته وخطورته عن جهاد عبدالله ب بن ياسين». فكلاهما صاحب فضل فى إقامة': صرح هذه الدولة.
وكان يوسف وهو يحاول تنظيم هذه القوى المحارية وتوجيهها نحو الهدف الذى حيدده عبدالله بن ياسين متأثرا بطبيعة الدولة التى جمعت بين المؤثرات السودانية والمغربية والأندلسية. لذلك جاءت النظم التى وضع أساسها خليطا من هذه المؤئرات الثلاثة» فلنحاول إذن أن نعرض لأوجه الإصلاح التى أدخلها يوسف على جيش الملثمين» وأن نتلمس صدى هذه التأثيرات المتعددة فى النظام الذى وشيعة: ا
اعتمد المرابطون فى ة فتح المغرب على جهودهم الخاصة. وكانت فرق الملثمين من لمتونة وجدالة وحلفائهم هى التى اضطلعت بعبء الكفاح كله» وكانت مهمة يوسف بعد إتمام فتح المغرب أثقل من مهمته قبل هذا الفتحء إذ كان عليه أن يحتفظ بثمار هذا النصر لتحقيق أهداف الدولة فى الجهادء فكان عليه قبل كل شىء أن يؤلف بين القبائل وأن يحببها فى النظام الجديد» لأن المغرب إذا اتحدت شعوبه وتآازرت أصبحت قوة بعيدة الأثر فى معركة الجهاد» وقد استطاع يوسف بوسائله الخاصة أن يحقق هذه المعجزة وأن ينجح حيث أخفق من سبقه من الولاة» فقد أقر السكينة فى ربوع- البلاد» فآمنت القبائل بالنظام الجديد ووثقت به:
وكان من أهم الوسائل التى استعان بها يوسف على تحقيق هذا الهدف إشراكه أهل المغرب من غير الصنهاجيين فى معركة الجهاد., لأن وحدة الجهاد والكفاح من أجل غرض ومن تؤلف بين القبائل المتباغضة» فتنسى خلافاتها إلى عق وتلق دول قانك الممر كف فقن رو آنا يومف اكات فرق من فبائن المغرب ظهرت فى معارك الأندلس» فاشترك الزناتيون والمصامدة مع الصنهاجيين فى معركة الزلاقة جنبا لجنب» ومعنى هذا أن يوسف وضع تحت تصرف الدولة
قة بعيدة الأثرء فقد كان المصامدة وأحلافهم يمتازون بشدة البأس» ووفرة
العددء وقد أقبلوا على التطوع فى الفرق الجديدة كسيا لأجر الجهادء وطلبا للغنم» فقد كانت الغنائم والأسلاب تورع على المحاربين فى الميدان.
قفن
ولكن الروح القبلية ظهرت بوضوح وجلاء فى معاملة الملشمين لأفراد هذه الفرق» فكانت صنهاجة تؤلف فرقا مستقلة تشترك فى القتال مستقلة بنفسها لاتدخل المعركة إلا بعد أن تكون الفرق الأخرى قد نالت من العدو وأنهكته . كان المرابطون ينظرون إلى الفرق غير الصنهاجية على أنها فى مرتبة أدنى من فرق لتونة» تجلت هذه النظرة بوضوح فى الاسم الذى أطلقه المرابطون على هذه الفرق» فقد سموها فرق الحشم أو الاتباع "2» ويبدو أن أهل الأندلس كانوا يفرقون أيضا بين هؤلاء الحشمء وبين غيرهم من جند الملثمين» يتبين ذلك. من قول ابن عبدون: «يجب ألا يتلثشم صنهاجى أو للمتونى أو لمطى فإن الحشم والعبيد ومن لايجب أن يلثم يلشمون على الناس ويهيبونهم » '". وكانت الفرق من الحشم لها أعلامها الخاصة وبنودهاء وكان يقودها رجال من لمتونة مثل القائد جرور الذى لقبته المراجع باسم جرور الحخشمى27 وقد أسدت هذه الفرق للمرابطين يدا طولى فى معركة الجهادء لأن صنهاجة لم تكن تستطيع أن تعتمد على مواردها الخاصة.
استعان يوسف أيضا بفرق من السودان 2» فقد كانت دولة المرابطين تمتد من حوض السنغال فى الجنوب حتى البحر الأبيض المتوسط فى الشمال» وكانت تستطيع أن تمحصل على حاجاتها من هؤلاء العبيد» إما بالشراء وإما بإغرائهم باللاشتراك فى معركة الجهاد» ولم يكن يوسف بن تاشفين فى هذه الناحية مبتدعا ولامجدداء فقد كان أمراء المغرب السابقون يعمدون إلى تجنيد فرق من هؤلاء السود يتخذون منهم حرسا خاصا يدين لهم بالولاء.
استعان بهم الأغالبة ثم استعان بهم الزيريون. وقد اشتركوا مع صنهاجة فى قتال عرب بنى هلال ”"2» وكانت هذه الفرق فى جيش المرابطين بمثابة فرق الفدائيين فى الوقت الحاضرء كان أفرادها يسلحون بأسلحة خفيفة من درق اللمط 3غ( ابن الخطيب : الإحاطة جا ص787. (؟) ابن عبدون: رسالة فى الحسية ص8١7 (*) الحلل الموشية : نقلا عن .204 .ص 11 .آهل ,لتتصدل01لدطاطهة (5) الفتح بن خخاقان : قلائد العقيان ص26”.
(4) يوسف أشباخ : جا ص الا. (5) .2.155 (نأأء.م0) ولوء:1813
م
وسيوف الهند ومزاريق الزان ”'©» ويبدو أنهم كانوا يدخلون المعركة فى آخر الحظة لانتزاع النضر من الأعداء انتزاعا؛إذ ينقضون كالصاعقة على العدو المهزوم» فيدخلون الرعب فى قلبه» ويحملونه على الفرار ويندفعون كأنهم القذائف. وقد جنك ألفونسو وانقض أحدهم على هذا الملك فقتل جواده وطعنه فى ساقه. وقد أشار المؤرخحون 7(" إلى أن المرابطين استخدموا طائفة من الجند الصقلب» ولاندرى بالضبط إلى من يرجع الفضل فى استخدام هؤلاء الجنل؟. أيرجع ليوسف ابن تاشفين أو إلى ولده على ؟ ذلك أن المؤرخ يوسف أشبخ ”© يذكر أن عليا بن يعود مرة أخرى لفق فيذكر أن يوسف بن تاشفين هو البادئ باستخذام الصقلب فى حرسه الخاص. ليس من شك فى أن يوسف بن تاشفين هو أول من استخدم هذا النوع من الجند» وخصوصا بعد أن اشترك فى معركة. الجهاد بالأندلس» ويعد أن أدال المرابطون ملك الرؤساء؛ وبسطوا نفوذهم على بلاد الأندلس. فهل كان هؤلاء أشباخ أن يوسف استخام طائفة من فتيان النصارى المعاهدين الذين اعتنقوا الإسلام» وأنه كان يحبوهم بعطفه» ولايفتا يغدق عليهم من صلاته وأعطياته كلما اشتد إخلاصهم وتفانيهم فى تحقيق أغراضه ”2 ويشير دى ماس لاترى ” إلى أن هؤلاء الجند كانوا من المتطوعين المرتزقة طلاب المغامرات. لأن أهل الأندلس )١( المقرى: نفح الطيب ج ٠ ص 1١187 (7) أعز ما يطلب ص9١ . أبو بكر الصنهاجى البيدق ص86 وه 0ع -الاعر] 7 .م .1[1 .اهلا معطعععطعع]1 320 .2 رعلاقآ 8155 عدآ 48 .ط(ناأكء .مه) عومومع1" زفرف يوسف أشباخ : تاريخ الأندلس فى عهد المرابطين والموحدين جا ص؟١١؟7١. (5) يوسف أشباخ فى ج١ ص7؟77١.
(6) المرجع السابق ج؟ ص78 . (6) 320.م بانوظ عل دعاتهها تعتاهآ كدلا3 ءعنآ
نفرضس
المسيحيين لم يجدوا بأسا من خدمة المرابطين» فقد خدموا ملوك الطوائف من قبل''"2. لكن يخيل إلينا أنهم كانوا من الأسرىء لأن معارك الأندلس المتعددة كانت تتمخض عن وقوع أعداد لاحصر لها من النصارى فى أيدى المرابطين» فلم يجدوا بدا من تجنيدهم فى الجيش» وتسخيرهم لتحقيق أغراضهم. ويبدو أن اللواء كان يعقد لرجل منهم»ء فقد كان قائدهم فى عنهد تاشفين بن على رجلا يدعى الربيتير'"'(عم»:81)ء كما يبدو أن طائفة كبيرة من هؤلاء الجند كانت ماتزال على يا الأول» بدليل مروف من أن المرابطين قد تركوا لهم حرية العقيدة» وأباخيوا لهم بناء الكنائس 9" . فماهى الظروف التى اضطرت المرابطين إلى أن يستخدموا هؤلاء الجند؟ .
نحن نعلم أن المرابطين سخروا جميع القوى فى معركة الجهاد فى الأندلس» وكانوا لايفتأون يقذفون إلى أتون المعركة بالفرقة تلو الفرقة» فكانوا بحاجة إلى طائفة من الجند تملأ هذا الفراغ الذى خلفبته الفرق المشتبكة فى القتال» وكانوا بسحاجة إلى نوع من الجند يسخرون لحماية مدن المغرب» ؤيتتشرون فى القلاع والحصون التى أقامها المرابطون فى بلاد المصامدة الراستهم وإرهابهم ”©. استعان المرابطون بالمغاربة فى مقاتلة النتصارى» واستعانوا بالنصارى فى حراسة أهل المغرب
ولم يقنع المرابطون بهذه الموارد اللتعددة من الجند سواء من الزناتيين أو المصامدة أو الأسرى المسيحيين أو الزنوج» بل اضطرتهم المغركة التى شئوها فى . البر والبحر إلى تسخير جميع الموارد» والاستعانة بجميع طوائف المجتمع لإدارة دفة الحرب فى الأندلس» فإلى جانب هذه الفرق النظامية استعان المرابطون بطائفة
)١( .248 .2 ,رعوعدآل/1 .)1115 :ع دعصم" (؟) أبو بكر الصنهاجى البيدق ص”8. 0م (01أاء ندل 0ناه1) :امعمع ناموط زوع ]1 7 .م .!! .آه؟ا وعطاءععطعة] :و1202 .248 .طناك .م0) عوووسة1" ().248 .2 راك .وم)عدقددت1" (248.)5 .ط راك .روم)عدمه د 1
إرفرضن
كبيرة من المطوعة من أهل الأندلس والمغرب ”"©. الذين كان تدفعهم حميتهم إلى الانخراط فئ سلك المجاهدين طلبا للشهادة فى سسيل الله» وكانت أعداد المتطوعين فى بعض الأحيان تعد بالآلاف» ”" يجتمعون إذا لاحت نذر المعركة. ثم يفترقون بعد اتسهائهاء ويبدو أن طائفة من عرب بنى هلال قد اشتركت فى معركة الجهاد. يتبين هذا من قول صاحب القلائد: «وفيهم من أجناده زنجها وعربانها»”" .
وإذا كان يوسف بن تاشفين قد عمد فى إصلاح النظم الحربية إلى إدخال نظام التجنيد الشامل لكافة طبقات المجتمع على الصورة التى عرضناهاء فإنه عمد إلى إصلاح ناحية أخرى, عمد إلى إصلاح نظام تسليح الجميش» وطريقة إعداده للقتال» ذلك أن أسلحة الملثمين كانت فى الواقع أسلحة بدوية» وكان شأنهم شأن بدو الصحراء يعتمدون على الإبل اعتمادا كبيراء ولايكثرون من الخيل» ويفضلون القتال وهم راجلون 27 وضح ذلك كله حين أخذت: جموعهم تطرق أبواب المغرب» إذ روى المؤرخون أنهم «دخلوا المغرب فى ثلاثين ألف جمل مسرج»”*', ولكن الإبل إذا كانت تصاح للقتال فى الصحراء فإنها ليست صالحة للقتال فى المناطق الجبلية والهضبية فى المغرب الأقصىء كما أن فرق الأبالة لاتستطيع أن تصمد أمام فرق الخيالة المستازة من الزناتيين والمصامدة» لذلك عمد يوسف إلى الإكثار من الخيل» وكون فرقا من الفرسان. ودربهم على هذا اللون من ألوان القتالء ويخيل إلينا أن يوسف استعان بالفرسان الزناتيين على نطاق واسع» وكانت لهم فى فنون القتال شهرة واسعة»ء ولكن يوسف لم يغفل شأن الإبل فكان يجعلها تحدق بمعسكره. حتى إذا احتدم القتال سيقت الإبل للحرب فتدخل الرعب فى قلوب الفرنجة» وتجنح لمرآها خيلهم فيقع الارتباك فى صفوفهم "© كما أن )١( ابن الابار: التكملة جا ص4ة. (7) المرجع السابق والصفحة نفسها. (9) الفتتح ابن خاقان : قلائد العقيان ص6" . (5) البكرى : المغرب ص55١.
(6) جامع تواريخ فاس ص5؟. (5) المقرى : نفح الطيب ج5؟ ص11794.
نقرضنا
الملثمين لم يألفوا السلاح الثقيل 2 من لبس الخوذات والدروع والزرد» كما كان يفعل أهل الأندلس فى حربهم وقتالهم. كانوا فى الواقع قد اعتادوا على التسلح بأسلحة خفيفة تناسب طبيعتهم البدوية البسيطة» وكانوا يتسلحون بدرق اللمط والقنا الطوال '" والمزاريق المسنونة ©» ويحمل الرجل منهم عدة مزاريق فى آن واحد ©),
ولم يغير يوسف من هذا النظام فى التسلحء» بل أبقاه على ماهو عليه؛ ولكنه استعان بفرق من الرماة بالسهام والنشاب ذاع صيتها فى شدة الفتك وإتقان الرماية 227 ويخيل إلينا أنه استعان بمقاتلة من المغرب» ولما التحم المرابطون بالفرنجة ووجدوا أنهم يعتمدون اعتمادا مطلقا على التسلح الفقيل لم يغفل المرابطون هذه الناحيةء وبدءوا يسلحون فرقهم بالتروسء» وينسجون الدروع» ويلبسون البيضات”؟» وأصبح الجيش المرابطى تتمثل فيه جميع الأسلحة المستعملة فى عصره سواء كانت أسلحة بدوية أو مغربية أم أندلسية.
أما مسألة استخدام طبول هائلة تصحب الجميش الزاحف فلا ندرى بالضبط أأكثر المرابطون من الطبول متأثرين بالتقاليد السودانية أم بالتقاليد المغربية؟ وكل مايمكن أن يقال فى هذا الصدد أن المؤرخين رووا " أن طبول المرابطين كانت إذا ضربت اهتزت لها الأرض» وتجاوبت الآفاق. وارتاع العدوء وهم يتحدثون عن هذه الطبول حديث من لم يشاهد مثلها من قبل» ولعل أهل الأندلس لم يكونوا قد اعتادوا أن يروا فى جيوش شبه الجزيرة عادة استخدام مثل هذه الطبول الكبيرة.
أما نظام إمرة الجيش فإن يوسف بن تاشفين لم يدخل عليه تعديلا يذكرء إذ ظلت التقاليد القبلية تتحكم فى هذه النظم وتسيرهاء إذ كان على القبيلة الغالبة أن )١( حسين مؤنس: الثغر اللأعلى ص١5١. )١( الحلل الموشية فى الأخبار الراكشية ص١١ . (*) الطرطوشى : سراج الملوك 29/4 . (5؟) البكرى : المغرب ص27١ (ه) 223 .2 (نأك .وم)ءكمقص]”
(5) ابن الخطيب : الإحاطة ج١1 ص١781 (7) 2.247 ,11 .أمنا ,مستمحةتلحططم :نوجمدآ
نارضسن
تخص أبناءها بالقيادة» فلا تستعين بسواهمء وكانت القيادة العليا لزعيم القبيلة المتتصرة يوسف بن تاشفين2 » أما فرق الجيش المختلفة فكانت إمرتها تعقد لقواد من أفراد البيت الحاكم ممن يثق بهم أمير المسلمين» ويطمئن إلى إخلاصهم ”© حتى قوات الحشم وهى قوات غير صنهاجية ”" كانت قيادتها لرجال من للتونة» ويبدو أن أبناء لدونة كانوا يؤلفون فرقة قائمة بذاتها يقودها أمير من المقربين من السلطان' .
وكان طبيعيا بعد أن فتحت الأندلس» وعدي الجيوش المرابطية المشتركة فى معركة الجهاد» أن توحد القيادة فى الأندلس» وأن يعقد لواؤها لقائد واحد هو حاكم الأندلس من قبل أمير المسلمين ”2» وهو حر التصرف يحرك قواته فوق رقعة شبه الحزيرة كيف يشاء. وكان قواد الفرق المختلفة وولاة الأقاليم من رجال لتونة يجتمعون بالأمير على هيئة مجلس حرب للمشاورة فى مختلف الشئون العسكرية» ولاتخاذ خطة موحدة فى معركة الجهاد" .
ويبدو أن السياسة التى كانت تملى على أمير المسلمين أن يجرى تنقلات مستمرة بين ولاة الأقاليم حتى لايستأثر أمير بالسلطة أو يفكر فى الخروج على ولى الأمر هى نفس السياسة التى أملت عليه أن يحدث تنقلات مستمرة فى قيادة فرق المسلمين.
ويبدو أن قيادة فرق المرابطين كانت فى غاية الدقة والتنظيم » مما يدل على أن اليد القابضة على السلطة العليا كانت يد مجرب حكيم» فكانت الجيوش تتحرك صوب أهدافها فى وقت واحكد» تقاتل فى شرق الأندلس » وفى وسطهاء وفى )١( يوسف أشباخ: تاريخ الأندلس فى عهد اللمرابطين والموحدين ج؟ ص774. (1) الفتح بن خاقان: المطمع ص141. الحلل الموشية ص04 . أعمال الأعلام ج؟ ص 27١ ١ ديوان ابن خفاجة ص4ة:ؤر 67 و04 . البيدق ص 8؟لاء ابن الأثير جااص"7؟. () الحلل الموشنية ص58 : (4) أعز مايطلب ص40 .
)0( ديوان ابن خفاجة صةء واه وة6. (5) يوسف أشباخ: تاريخ الاندلس فى عهد المرابطين والموحدين جا ص77"14.
شف
غربهاء وفى المغرب الأوسطء وفى كل منطقة يشتد فيها الخطرء وكان المغرب بمثاية المعسكر الكبير يرسل منه الجند المعدون للقتال لمختلف أرجاء الجبهة» ويخيل إلينا أن مدينة سبتة وطنجة كانتا بمثابة مراكز أمامية مهيأة لكل طارئء يرابط فيها الجنود على استعداد لتلبية أى نداء بالعبور إلى الأندلس» وقد رأينا كيف أن يوسف بن تاشفين كان ينقل مقر قيادته إلى سبتة وطنجة ليرقب المعركة فى الأندلس عن كثب» ويرسل أوامره للقائد الأعلى على جناح السرعة.
وقد نجحت سياسة ابن تاشفين نجاحا بعيد المدى» واستطاع أن يشغل العدو بقتاله فى أكثر من جبهة واحدة فى البر والبحرء وأن يشل حركتهء ويوقع الارتباك فى صفوفه. والفضل فى تنظيم هذه القيادة» ووضع أسسها يرجع إلى يوسف الذى كان خبيرا باختيار الرجال واكتشاف المواهب» فما من قائد أمره على. الجيوش إلا وظهرت مواهبه» وأظلهرت الحوادث أنه من أكفأ القواد وأشجعهم وأقدرهمء وقد أظهرت معارك المغرب والأندلس طائفة من هؤلاء الأبطال الذين عفروا جباههم بغبار الجهادء وجادوا بدمائهم فوق بطاح الأندلسء وكانوا مصدر رعب وفزع للعدوء نذكر من هؤلاء سير بن أبى بكر 60 وداود بن عائشة 7" وعبدالله ابن فاطمة”"» وأبا محمد مزدلى فاتح الشرق *»وابن ميمون قائد الأسطول وغيرهم كثير . وكان للعسكر قضاة يقضون بين الجند ويعظونهم ويحجضونهم على الجهاد ويؤمونهم فى الصلاة 2.
والآن نعرض لفن القعال كما عرفه المرابطون» ومايتضمنه من طريقة إعداد الجند وتهيئتهم للمعركة. وترتيب الصفوف» وتنظيم الفرق المقاتلة» وطريقة السير إلى المعركة» وتقاليد الملثمين فى خوض غمار الحرب» كانت للملثمين قبل عهد يوسف بن تاشفين تقاليد معروفة فى إعداد الجند للقتال» إذ كانوا يعتمدون على صنفين من المقاتلة: يعتمدون على الرجالة» وعلى الأبالة الذين يقاتلون على (؟) ابن الخطيب أعمال الأعلام جا ص”7١7.
(5) المرجع السابق والصفحة تفسها. (5) .2.1 ,11 .آمل مستمدلتلدططم :نإجهنآ1 (6) انظر الملاحق . )١( الذخيرة (قسم 5) ص0١١ يضارا
النجب التى تقوم فى القتال مقام الخيل» كانوا يجعلون من المشاة صفوفاء يجعلون فى الصف الأول فريقا من المقاتلة مسلحين بالقنا الطوال» ويجعلون خلفهم صفا' آخر من المشاة يتألف من رجال بيدهم المزاريق. وكان هؤلاء عادة من مهرة الرماة وحذاقهم «لايكاد الواحد منهم يخطئ أو يشوى» يتسلحون بأكشر من مزراق» ويتناوبون الرماية فى سرعة خارقة ودقة عجيبة» وبلغ من حسن إعدادهمء ودقة تنظيمهم أنهم كانوا يجعلون فى مقدمة الصفوف صاحب الراية يرتهن المقاتلون بإشارته» إذا اتتصبت الراية وقفوا وإن أمالها جلسوا 242 لأنه يرقب تحركات العدو بعين ساهرة يقظة» يشير بهذه الراية كلما أحس بإقبال الخطر أو دنوه» وتقف خلف هؤلاء الرجال فرق من الفرسان الأبالة على ظهور النجب. يتحفزون للهجوم إذا آنسوا من عدوهم ضعفا أو أحسوا تخاذلا.
فهل أبقى يوسف بن تاشفين حين تسلم قيادة الجيش على هذا النظام البدوى فى فن القتال. أم غيره واستبدله بنظام آخر؟ يخيل إلينا أن يوسف لم يدخل على هذا النظام تعديلا يذكرء إذ لم يكن باستطاعته أن يغير طبائع الناس» ومادرجوا عليه من أساليب القتال» نقف على ذلك من وصف الطرطوشى لفن القتال فى بلاد الأندلس فى عصرهء فقد قال: «فأما صفة اللقاء وهو أحسن ترتيب رأيناه فى بلادنا وهو تدبير نفعله فى لقاء عدونا أن تقدم الرجالة بالدرق الكاملة والرماح الطوال والمزاريق المسنونة النافذة فيصفوا صفوفهمء ويركزوا مراكزهم ورماحهم خلف ظهورهم فى الأرض وصدورهم شارعة إلى عدوهم وهم جائمون فى الأرض» وكل رجل منهم قد ألقم الأرض ركبته اليسرى وترسه قائم بين يديه وخلفهم الرماة المختارون التى تمرق سهامهم من الدورع والخفيل خلف الرماة فإذا حملت الروم على المسلمين لم يتزحزح الرجالة عن هيئاتهم» ولايقوم رجل منهم على قدميه» فإذا قرب العدو رشقهم الرماة بالنشاب والرجالة بالمزاريق وصدور الرماح تلقاهم فأخذوا يمنة ويسرة فيخرج خيل المسلمين بين الرماة والرجالة فتنال منهم ماشاء الله» 9 .
.١١5ص البكرى: المغرب )١( كرض
والطرطوتبى كان معاصرا لكيام دولة المرابطن: رلتدلتهم إلى الأندلس» كما أن تقاليد الحرب وفئونها فى عهد ملوك الطواتف كانت لاتكاد تختلف عن تقاليد النصارى فى هذا المضمار »من الاعتماد على القلاع الخصينة » وإتقان فن الحصار» والاعتماد المطلق على الشجاعة الفردية» وعلى فرق من الخيالة الثقيلة المسلحة بالزرد والدروع والسيوف 7" مما يجعلنا نعتقد بأن الطرطوشى فى وصفه ذلك إنما كان يصف نظام القتال فى بلاد الأندلس فى أوائل عهد المرابطين» وفى أيام يوسف ابن تاشفين بوجه خاص.» وتكاد روايته تطابق رواية البكرى فى هذا الصدد”" .
إذن أبقى يوسف على هذه التقاليد»لم يغير منهاء ولكنه عمد إلى التجديد» فأعاد تقسيم الجيش على أسس جديدة لم تكن معروفة من قبلءإذ جعل أساس تقسيمه قبليا محضاء بمعنى أن تؤلف الفرق من أفراد القبيلة الواحدة» حتى تتآلف قلوبهم ويكونوا متآلفين'متحابين» يقاتلون وفق نظام واحد» ويستوحون تقاليد واحدة 5 فكان الحشم وهم من الزناتيين والمصامدة يؤلفون قسما مستقلا بذاته» وكان الأندلسيون والمطوعة يؤلفون قسما آخر مستقلا بشأنه» وكان المجاهدون من أهل التغور يؤلفون قسما آخر مستقلاء أما فرق لتونة وغيرها من أهل اللثام» فكانت مستقلة عن الفرق الأخرى» وكانت هذه الفرق جميعها تقاتل. على الطريقة البدوية التى عرضنا لهاء كانت فرق الحشم فى مقدمة الصفوف». وكانت فرق الملثمين تصطف فى القلبء وكان المحاربون من أهل الأندلس يصطفون فى الساقةء وأهل النغور وغيرهم يؤلفون جناحى الجيش”2. وتقديم فرق الحشم يتفق مع التقاليد القبلية إلى حد كبير» فقد وضعت فى موضعها ذاك لتصطلى بنار المعركة وتذوق طعمهاء وتكون بمثابية درع يقفى زهرة شباب لتونة وخيرة فرسانها ولايتقدم الملثمون إلى القتال إلا بعد أن تكون فرق الحشم قد نالت من العدو وأنهكته وأضعفته2, حيتئذ يتقدمون ليجهزوا عليه» وينهوا المعركة لصالحهم. ولكن يوسف لم يعتمد )0غ( 5.2197 لتدم5 قلط لصه لك عط :لدلزط (؟) البكرى : المغرب ص>"72١. (7) يوسف أشباخ: تاريخ الأندلس فى عهد المرابطين والموحدين ج١7 ص 770 (4) ابن الخطيب: الإبحاطة جا ص787., (5) يوسف أشباخ: تاريخ الأندلس فى عهد المرابطين والموحذين ج” ص170؟
م
على المشاة وحدهمء بل أعد طائفة من الفرسان الشجعان من جند لمتونة» ولابد أنه سلحهم بالأسلحة الثقيلة» شأنهم شأن فرسان النصارى2©0, وكان يجعلهم فى القلب خلف صفوف المشاة من الحشم '": وقد أبقى نظام الأبالة» فكان يقيم منهم صفوفا تحدق بالمعسكر وتحف به» تحمى مؤخرتهم وتؤمن طرق مواصلاتهم'" » فلا يعمد العدو إلى قطعهاء وتهديد الجيش المهاجم فإذا اتخذت كل فرقة موضعهاء وتهيأ الجيش للقتال دقت طبول الحرب» وتردد صوتها المدوى فى جنبات المعكسر إيذانا ببدء الهجوم» فتتقدم فرق الحشمء ثم تتلوها الفرق الأخرى فى دقة ونظام» كلما أنهكت فرقة تقدمت إليها فرقة أخرى وهكذا دواليك ). أما فرق لمتونة فهى لاتخوض المعركة إلا فى المرحلة الأخيرة لأن المرابطين كبانوا يخشون دائما أن يبدءوا بالقتال» فتفر الفرق الأخرى من خلفهم وتتركهم لسيوف الأعداء» تعمل فيهم عملهاء لذلك كانوا يقدمون الفرق الأخرى حتى لاتتكص على أعقابهاء ثم يتقدمون هم لحنى ثمار النصر والإجهاز على العدو.
على أن الجديد فى فن القتال أن يوسف بن تاشفنين كان يحبسن تدريب هؤلاء الجند وتنظيفهمء ويعد كل فريق للدور الذى يمبلح لهء وكان يخضع هذه الجموع الزاخرة لإرادة رجل واحدء تنحرك وفق مشيئته فى نظام زتيب كأنها قطع الشطرنج» فتضرب هذه الكتل البشرية المتراصة ضربة رجل واحدء . فتنال من العدو وتخلخل صفوفه فيرتبك ويتعشر. وقد كان لهذا الفن الجديد أثر هائل فى معارك الأندلس» لأن النصارى كانوا يعتمدون كما قلنا على الشجاعة الفردية» عي الخيالة الثقيلة» وتتحرك الفرق تحركات مستقلة لا أثر لنظام يجمع شملها أو يوائم بين حركاتهاء لذلك كانت أجنحة العدو تهاض وتتكسر أمام هذا النظام الدقيق ©.
وكان المرابطون يعتمدون على عنصر المفاجأة» وعلى الحرب: الخاطفة السريعة مواجهة هذه الحصون المتحركة من الخيالة الثقيلة» كانوا يعتمدون على الصفات (؟) ابن الخطيب : الإحاطة جا ص787. () 2.170 زاك .مه) عمتانو0
(5) يوسف أشباخ تاريخ الاندلس :فى عهد المرابطين والموحدين جا ص١/. (ه) .219 .2 ,متقهدم5 قلط لمد 00 عط]' :لدلتط جعلمعمعلة
>34
الفردية المتمثلة فى سرعة الحركة» والثبات والشجاعةء فكان الجند ينقضون على العدو كالصاعقة فى حركات مرسومة ونظام رتيب» تنوشه رماحهم ومزاريقهم وتمطره سهامهم» ثم يخرج فرسانهم فى هجوم جرىء مفاجئ ('2. وقد عمد المرابطون إلى ذلك لأنهم لم يكونوا يعتمدون على السلاح الشقيل» فكانت خسارتهم فى الساعات الأولى من القتال خسارة فادحة.» فكان من مصلحتهم أن يعجلواء وأن ينهوا المعركة بأسرع ما يستطيعون» لذلك كان عنصر السرعة وعنف الهجوم طابعا مميزا لهم فى جميع المعارك التى خاضوا غمارها.
كانت تقاليد الملشمين تقضى بأن يثبت الفارس فى موضعه لايتقهقر أو يلقى حتفه 227 لأنه يجد فى الفرار من الزحف عارا وأى عارء فما بالك إذا اعتقد أن هذا الثبات سبيله إلى الاستشهاد فى سبيل الله » وكان من تقاليدهم المعروفة حتى فى مجتمعاتهم البدوية آلا يتعقبوا العدو المهزوم الفارء لأنهم كانوا يأنفون من أن يطعنوا عدوا من الخلفء وهو يولى الأدبار "؛ بل يفضلون أن يقاتلوا العدو فى مواجهته . وقد ظهرت هذه التقاليد بوضوح فى معركة الزلاقة» حين أبى يوسف أن يتعقب ألفونسو الذى فر فى جنح الظلام» وكان ذلك موضع عبت هلا أهل الأندلس ودهشتهمء لأنهم درجوا على أساليب الخيانة والغدر فى القتالء' يأخذون العدو من مأمنهء وينالون منه إذا أدبر أو فر.
ولم يكن المرابطون يعرفون فن الحصارء وكيف يتأتى لهم أن يلموا به» وهم البدو الرحل الذين لم يكن لهم بالحصار عهدء ولكن يخيل إلينا أنهم يعد أن أخفقوا.فى معركة لييط تعلموا فن الحصارهء وأتقنوه» واستعانوا بهء فقد روى صاحب الحلل «أن يوسف شرع فى بناء الأسوار ورم ماتشعث من الأبراج» وحفر الحفير حولهاء وشحنها بالأطعمة والأسلحة» ورتب فيها عسكرا نقيا من نخبة رجاله وأسكنهم بها» 29.
.. ١4ص حسين مؤنس : الثغر الأعلى )١(
(1) يوسف أشباخ : تاريخ الأندلس فى عهد المرابطين والموحدين جا ص574. (؟) اليكرى : المغرب ص5"76١.
(5) الحلل الموشية ص8-51/!.
الدديون
وقد ازداد إتقانهم لهذا الفن فى عهد على بن يوسف» فبرعوا فيه وظهر أثر ذلك فى حصارهم مدينة.شنترين واستيلائهم عليهاء فقد كتب سير بن أبى بكر إلى أمير المؤمنين يتيه بهذا الظفرء ويصف له مالاقاه العدو من آلام الحصار ومتاعبه"؟.
وكانت جيوش المرابطين إذا تحركت من موضع إلى آخر سارت وفق نظام خاص . كانوا يسيرون متأهبين للقتال كأنهم على وشك خوض المعركة» وكانت الأقوات والخيام تحمل على ظهور الإبل» تسير فى مؤخرة الصفوفه. يتلوها الرماة» يقودون قطعان الماشية من كل صنف» فإذا حط الجيش رحاله أقاموا معسكرا تحف به الخنادق والتحصينات 2 ظ
وإذا كنا قد فرغنا من التحدث عن الجيش» فلابد من أن نعرض للأسطول فى عهد المرابطين» وأهم ما يلاحظ فى هذا الصدد أن المرابطين») وهم من بدو الصحراء لم يكن لهم عهد بركوب البحرء حتى قدر لهم أن يفتحوا المغرب الأقصى. وأن يتدفقوا صوب السهول الساحلية» وأن يستولوا على الموانى الساحلية المطلة على حوض البحر المتوسط الغربى» فبدأت تواجههم مشاكل لم يكن لهم بها عهدء وكان يتعين عليهم أن يجدوا لها حلا ذلك أن ساحل إقليم المغرب الأوسط والأقصى الممتد من وهران حتى طنجة كان فى حاجة إلى قوة بحرية تحرسه وتحميه وتقيه شر غارات القراصنة التى بدأت تشتد فى ذلك الوقت عقب اختلال التوازن فى حوض البحر الأبيض المتوسط الغربى .
)١( رسالة من سير بن أبى بكر إلى أمير المسلمين «أدام الله أمر أمير المسلمين وناصر الدين أبى الحسن على بن يوسفب بن تاشفين خافقة بنصرة الدين أعلامه؛ نافذة فى السبعة الأقاليم أقلامه من داخل مدينة شنترين» وقد فتحها الله تعالى بحسن سيرتك ويمن نفسك على المسلمين والحمد لله رب العالمين حمدا يستغرق الألفاظ الشارحة معناه ويسبق الالحاظ الطامحة . . وكانت قلعة شنترين أدام الله أمر أمير المسلمين من أحصن المعاقل للمشركين وأثبت المعاقد على المسلمين فلم تزل بسعيك الذى اتنفيناه وهديك الذى اكتفيناه تخضد شوكتها. وتنحت أثلتهاء نتناولها علا بعد نهل . . . ونشن الغارات على جميع الجسهات؛ فترد جيوشنا عليهم خفافاء وتصدر إلينا ثقالا فتملأ صدور الأعداء أوجالاء وأيدى الأولياء أموالا . . . فأمكئنا الله تعالى من ذروتها وأنزل ركابها لنا عن صهوتها . ».٠. نامقل تعقاطمة ونوع1 عل 5معم.آ تمتاتمامقء5 لتناكمدمء19ل وأرعااآ عمعدماععمة5 تأعتامع1100
.134-136 بول
(؟) يوسف أشباخ : تاريخ الأندلس فى عهد المرابطين والموحدين ج١7 ص71716 .
"4
ويخيل إلينا أن المرابطين أفادوا من خبرة أهل السواحل المشتغلين بركوب البحر» كما أفادوا من دور الصناعة المنتشرة فى هذه الموانى» فبدءوا يبنون أسطولا فى عهد يوسف بن تاشفين» وهو لم يزل أميرا على المغرب. ويبدو أن النواة الأولى لأسطول المرابطين الجديد قد اشتركت فى حصار سبتة» ومد يد المعونة للقوات البرية التى كانت تقاتل سقوت البرغواطى”" .
وقد أدرك يوسف بن تاشفين بعد انتصاره فى معركة سبتة أهمية العامل البحرى فى كسب المعارك» فبدأ يهتم بأمر الأسطولء ويوليه من رعمايته الشىء الكثير» ولعله استعان بببحارة الأندلس ودور صناعتها فى تدعيم الأسطول وتنظيمه» وقد استطاع الأسطول الجديد أن يمد يد العون لقوات المرابطين وهى تجتاز البحر لأول مرة"' .
ثم أخذ المرابطون يتوسعون فى بلاد الأندلس» فاتجهوا صوب الشرق» ففتحوا ألمرية وبدءوا يبسطون نفوذهم على كثير من الموانى الساحلية» وكان هذا الفتح بداية عهد جديد فى تاريخ البحرية فى عهد المرابطين» ذلك أنهم وضعوا أيديهم على أهم الموانى فى حوض البحر الأبيض المغربى» واستولوا على دور صناعة كانت ذات شهرة عالمية فى فنون البحر وصناعة السفن. وكان ثغر ألمرية على الخصوص ودار صناعتها ذات شهرة لاتبارى فى هذا السبيل.
كان من أثر ذلك أن بدأ الأسطول المرابطى يظهر كعنصر فعال فى معركة النضال من أجل السيادة على بلاد الأندلس» وبدأ يتخذ موقف المهاجم. وبدأ المرابطون يعدون السفن لا لمجرد نقل القوات بين العدوتين» بل للحرب والتزال» فاشترك الأسطول فى معركة بلنسية التى احتدمت بين القمبياطور والمرابطين» إذ روى المؤرخون أن بعض سفن المرابطين عاونت القوات البرية فى شرق الأندلس7؟ . (1) يوسف أشباخ: تاريخ الأندلس فى عهد المرابطين والموحدين جا ص/17721.
() م,ا! .آهل ممتهرة هذ كعتاأمقهلال مقلع ماسقطه84 عط أملامه)ذ 11 ع1" :ومع مهيدن) عل1دناءموط .4 عاول8 .517
خض
ومن أسف أن المراجع لاتتحدث بالتفصيل عن نشاط البحرية المرابطية فى عهد يوسف بن تاشفين» مما يحمل على الظن أنها كانت ماتزال فى دور البناء والتكوين» والمستشرق جايانجوس2© فى ترجمته لكتاب نفح الطيب أشار إلى أن عيسى بن ميمون والد أمير البحر على بن ميمون كان يقود أسطول المرابطين فى قادش» مما يحمل على الظن بأن عيسى هذا كان أمير البحر فى أواخر أيام يوسف ابن تاشفين» وقد غدت إمرة البحر وقيادة الأساطيل وراثية فى بنى ميمون هؤلاء.
ومهما يكن من شىء فإن البذور التى غرسها يوسف بن تاشفين أينعت وقطف ولذه على ثمارها كاملةء فقد ازدهر الأسطول فى عهده.ء وبدأت المراجع تتحدث عنه» وتسجل له نشاطا بعيد المدى فى معركة البحر المتوسط. ويبدو أن أسطول على بن يوسف كان يتألف من سفن عدة» وأنه كان يتألف من جملة أقسام يختص كل قائد بقيادة قسم منهاء ويدين بالطاعة لأمير البحرء فقد روى الإدريسى أن أحمد بن عمر المعروف برقم الأوز كان واليا لأمير المسلمين على بن يوسف بن تاشفين على جملة من أسطوله»2؟.
وقد ظهر تفوق أسطول المرابطين فى عهد على بن يوسف فى معركة ميورقة» ذلك أن صاحب برشلونة كان قد حاصر جزر البليار عشرة أشهرء واستولى عليها فاستغاث صاحبها مبشر يعلى بن يوسف» فخفت أساطيل المرابطين لنجدته» وأحدقت بالجزيرة» وأنزلت بالفرنجة هزيمة ساحقة» وبسطت عليها سيادة المرابطين» فأصبحت من أهم قواعدهم فى البحر الأبيض المنوسطهء وولوا عليها عاملا من قبلهم دعى وانود بن أبى بكر””» كما ظهرت شهرة على بن عيسى بن ميمون قائد أسطول المرابطين» وبدأ المؤرخون يتحدثون عنه حديث المعجب بجرأته وشجاعتهء ومن الغريب أن بنى ميمون هؤلاء ملشمون من لمتونة» فكأن لتونة لم تشأ أن تولى على أسطولها رجلا من غير أبنائها”».
وباستيلاء الأسطول المرابطى على جزيرة ميورقة يبتدئ عهد جديد فى تاريخ )١( الإدريسى: المغرب وأرض السودان ومصر والأندلس ص60-04.
(1) القلقشندى: صبح الاعشى جده ص/707. () 4.م ,[! .أملايمتهمك مذ كعتأكقط 9ل مدلع ل مقطه84 عط أمنومهئ1115[ عط :ومع مقنرد0 عل ادناءكوط
>35
النضال بين المسلمين والفرنجة» إذ بدأ المرابطون بعد أن عقد لهم لواء النصر فى البر يدخلون معركة البحر بقلوب مطمئنة وأقدام ثابتة» وأصبح أسطولهم قوة هائلة يحسب لها الأعداء ألف حساب. وكان من آيات تفوق المرابطين أنهم دخلوا حومة الصراع بين النرمانديين أصحاب صقلية والزيريين أصحاب إفريقية» حين استنجد الحسن بن على بن يحيى بأسطول المرابطين» فخف إلى صقلية» وأغار على سواحلهاء وعاث فى مدنهاء وقد تعددت غارات المرابطين على صقلية» حتى ضح روجر بالشكوى» واعتقد أن بنى زيرى هم الذين يحرضونهم» ويدفعونهم لاتخاذ هذا الموقف العدوانىء فأعدوا العدة لتأديب الزيريين بالاستيلاء على المهدية» وقد اشترك أسطول المرابطين فى معركة المهدية» وبدأت سفنه تبوس فى أحواز صقلية» تقتل» وتأسر وتفتك 0" .
ويبدو أن دائرة نشاط أسطول المرابطين بدأت تتسع ) وبدأت غاراتهم تمتد إلى سواحل إيطاليا وسؤاحل فرنساء بل دخملت ميدان البحر الأبيض الشرقى» وبدأت تصارع أساطيل بيزنطة .ومن أدلة ذلك النشاط الجم أن المراجع الإفرنجية بداث تؤرخ لغارات المرابطين» وتتحدث عنها فى شىء من الإسهاب ٠» وهذهالمراجع لاتسجل من أخبار المسلمين إلا الأحداث البارزة ذات الأثرء فقد خلدت أغنية رولان نشاط المرابطين فى البحر ”2 وبدأت تتحدث عن على بن عيسى بن ميمون» كما أن مدونة ألفونسو السابع اختصت هذا الأمير باهتمام كبر © فذكرت أنه أخذ يغزو جنوب إيطالياء بل وصلت غاراته إلى بلاد الشامء» كما وردت إشارات عن نشاط أسطول المرابطين وإغاراته على شواطئ بروفانس وإحراقه كل مايصادفه من. قرى وقصور وكنائس © » بل إن مدونة ألفونسو السابع تمعن فى تسجيل نشاط على بن ميمون» فتقول أن الجالية المسيحية ببلاد على بن يوسف قد أسرها على بن ميمون أثناء إغاراته بحوض البحر الأبيض» وأنه قد نقلها إلى زف ( 0 .2 ,1[ .لمن روعطءعطعع8] : بودم1]2 (5) دعل 1
(؟) 2.437 .للط1 (6) 2.410 .للط 1
نا
مراكش لتدخل فى خدمة أمير المسلمين2'7» فكأن المرابطين قد أبو إلا أن يجاهدوا فى البحر والبر على حد سواء.
ولكى يتم القول فى النظم الحربية فى عهد المرابطين وأثر قيام الدولة فى نموهاء وتطورها لابد من أن نعرف بناحية أخرى من نواحى هذه النظم» وهى ناحية طريفة ظهر فيها صدى التأثيرات القبلية ظهورا واضحا. هذه الناحية هى نظام القلاع والحصون التى انتشرت فى جميع أرجاء المغرب الأقصى» وخصوصا حول المنطقة الحبلية فى الجنوب والشمال »2 وفى المغرب الأوسط 9" وفى أطراف الصحراء» حتى لقد عدد البيدق منها مايقرب من عشرين حصنا منبثة فى أرجاء البلاد )2 وذكر مارسيه أن آثار هذا القلاع والحصون ماتزال باقية حتى اليوم ©©.
فهل عمد المرابطون إلى هذا النظام» وأكثروا من هذه القلاع والحصون فى عهد على بن يوسف حتى وضح خطر الموحدين» وبدءوا يهددون الدولة تهديدا خطيراء أم أن يوسف بن تاشفين وضع أساس هذا النظام كما وضع أساس النظم المرابطية كلها؟ يخيل إلينا أن يوسف بن تاشفين هو الذى وضع أساس ذلك النظام حينما أراد أن ينظم بلاد المغرب الأقصى على أسس سليمة» وأن يقر السكينة فى ربوعه توطئة للاشتراك فى معركة الخهاد. يدل على ذلك مارواه المؤرخون من أن يوسف أقام الحصون فى بلاد الأندلس» وشحنها بالأطعمة والأسلحة «ورتب فيها عسكرا نقيا من نخبة رجاله وأسكنهم بها"».
وإذا كان قد فعل مثل ذلك ببلاد الأندلس أيكون من المعقول أن يهمل بلاد . المغرب» ويتركها عرضة للفتن والاضطرابات. كما روى المؤرخون أيضا أن يوسف
1 2.437,ل1ط )١(
(؟) .2.249 ,عمعولةا دل ععتماوللط : عوموسعء]1'
(") .1 ,934 .جوع11 ,عادعادعن) عمعدلة نال كاققة لتباطومة1 وع1 جعطك مقلاها1ئلج 11[ تأذناتم[ 18 00
(4) أبو بكر الصنهاجى البيدق : كتاب أخبار المهدى بن تومرت ص8؟7١ و13784..
(6) .346 ,آ.آأهم ,عكتااععالطلمآ :تكمقص نم8 امج 'ل أعنامدكا :وتدعية11 .0
(7) عن الخحلل الموشية : نقلا عن : .193 .2:,[[ .آهل رصتنصدل1لدططم : جود
ك5
ابن تاشفين بنى فى المغرب الأوسط قرب تلمسان مدينة جديدة سميت تاكرارت '' وتاكرارت فى لغة البربر معناها المحلة أو المعسكر © كما بنى فى مراكش قلعة حصينة يعتصم بها الجند إذا لاحت نذر الخطر 9 . إذن وضع يوسف أساس هذا النظام الفريدء وكان يستوحى التقاليد البدوية الصحراوية؛ ذلك أن البدو كانوا إذا أناخوا بموضع عمدوا إلى إقامة معسكر يضعون فيه دوابهم وأثقالهم» ثم. حصنئوه وحرسوه مخافة أن ينتهبه مغير أو يطمع فيه عدو 7.
وقد وضحت هذه السياسة منذ فجر الدعوة المرابطية» فما كاد المرابطون يستولون على أودغشت حتى ابتنوا معسكرا على مقربة منها يكون مركزا لعملياتهم الحربية؛ ومستودعا لأثقالهم وأموالهم» فلما تدفقوا صوب المغرب الأقصى. وتخطوا مدينة سجلماسة اتخذوا معسكرات من هذا القبيل قرب أغمات جعلوها مركزا لعملياتهم الحربية فى إقليم السوس الأقصىء, بل إن بناء مندينة مراكش كان لتحقيق مثل هذه الأغراض الحربية» فكانت كالقيروان بنيت 0 معسكرا. للقوات الزاحفة» ونقطة مراقبة أمامية تقع على مشارف جبال أطلس» ترقب تحركات قبائل مصمودة» وتترصد لها .
ثم سيطر الملثمون على إقليم المغرب الأقصى كلد. وأخضعوا المصامدة والزناتيين والبرغواطيين» ودانت لهم جميع شعوبه بالطاعة والغلبة». وأحسوا منذ اللحظة الأولى أنهم أقلية حاكمة تسيطر على أغلبية محكومة» وأنهم قبيلة فاتحة تسيطر على قبائل لاحصر لهاء تعترف بقوتهم وتفوقهمء فكان طبيعيا أن تعمد القبيلة الغالبة إلى أن تصون ما أدركته بعد تضحيات ويعد جهاد» وأن تضمن ولاء هذه القبائل المسودة» فلا تنقض من مضاربها فى الجبال والهضاب. فتغصب متها ثمار النصر» وكانت اللولة الرابطة هيا هاه كبر فكيفت ف يتم لها ذلك إلا إذا )١( .ومعموع ,عامادعن) عمعقآا بال كأامةدسسط ممه دع1 دعطء 0م216 ئلج آنآ تأكناحم1 .8
اأناعر .[و,1934
)١( عبدالرحمن بن زيدان: الإتحاف ج١ ص468. (؟) يوسف أشباخ : تاريخ الأندلس فى عهد المرابطين والموحدين جا ص١1
(1) .2.248 ,عمعدآ/ا نال عذأماذ 1ط : عوموسةء1" (ه).346 ,1.آ0/ .أناعد 84 عمد 'ل اأعنامدكم3 :دزمع,ة14 .0
خسنا
أمنت ظهر الجيوش المجاهدة» وضمنت ألا تنكص القبائل الموالية على أعقابهاء منتهزة فرصة انشغال زهرة شباب لمتونة فى معركة الأندلس لتطعنهم من الخلف. ثم إنه لابد من التوحيد بين إقليم الساحل وإقليم الهضاب والصحراء فتتعاون هذه الأقاليم الثلاثة فى سبيل الاستقرار لينصرف الناس إلى الإنتاج ويعم الرخاء. كل هذه العوامل دفعت يوسف بن تاشفين إلى أن يقيم سلسلة من الحصونء. تحف بمضارب قبائل مصمودة فى الجنوب» وغمارة فى الشمالء» وزناتة بالمغرب الأوسطء لترقب تحركاتهاء وترصد حركاتهاء وتحول دون عبثهم بالأمن» حتى تشدد القبيلة المتغلبة قبضتها على البلاد.
ويبدو أن نذر خطر الموحدين قد لاحت لعلى بن يوسف. وأحسن أن الحصون التى ابتناها أبوه لم تحقق الغرض النشودء وأنها من القلة بحيث لم تحل دون وثوب الفتنة فى صفوف المصامدةء فروى المؤرخون أنه استعان ببعض الأندلسيين فى إقامة سلسلة أخرى من هذه القلاع الحصيئة "2 أو بمعنى أدق إقامة خط دفاع يوقف هذه القبائل العاصية عند حدهاء ويمحق خطرها الوليدء” فى وقت كانت فيه كل جهود الدولة منصرفة لمعركة الجهاد» التى جندت فى سبيلها كل مرافق البلاد»ء يتضح ذلك كله من قول البيدق الذي أرخ لبواكير حركة الموحدين «أخذ المجسمون الحصون وبنؤها فى مواضع دارت بها البال من جميع الجهات لكى يتتصروا بها على الموحدين”"». وكانت هذه القلاع تبنى من الحجر فى مناطق وعرة لايستطاع التطرق إليها فى يسر وسهولة» فتصبح كأنها أبراج مراقبة »» وكان المرابطون يشحئون هذه الحصون بالأقوات حتى تصمد للحصار مدة طويلةء وكانوا يعهدون بالدفاع عنها لأحد قواد لمنونة» تعاونه قوة تتألف فى الغالب من مائتى فارس وخمسمائة راجل.
1] ب,عملتد8 نال نمتاعن1520' تلمعو تمعط- تيع 2. 142 )١(
(؟) ,2.249 رعمعواا دل عرتماوتاط : عومومع1"
(*) أبو بكر الصنهاجى البيدق : أخبار المهدى بن تومرت ص8؟7١ -179. (346.:)5 ,1.آ0؟؟ .أنكنة] جعد نآ عل أعنامدكا :دندء 0131
"54
ه أثرقيام دولة المرابطين فى الحياة الإقتصادية:
وقد تركت الأوضاع التى تمخضت عن قيام دولة المرابطين آثارا بارزة فى الميدان الاقتصادى». ولانكون مغالين إذا قلنا إن الأحوال الاقتصادية فى البلاد كانت أكثر تأثرا بالظرؤف التى أدت إلى قيام الدولة من أى ناحية أخرى من تواحى الحياة فى المغرب فى القرن الخامس الهجرى وأوائل السادس.» فقد كان التوحيد بين السودان والمغرب والأندلس ذا نتائج بعيدة الأثر فى تاريخ التجارة الداخلية والخارجية».فقد عرفنا كيف أن تجارة السودان كانت تمر بديار الملثمين» وكيف أن مولا اللفمين كتانرا يكتوة هن واو هده التتجارة ازبالها مكمة : عارلت لقان الزناتية الضاربة فى المغرب الأقصى والمسيطرة عليه أن تقتسم هذه الأرباح» وأن تأخذ نصيبًا من هذه التجارة الرابحة» لأن طرق القوافل كان لابد لها من أن تسلك المغرب الأقصىء إذا أرادت أن تبلغ الموانى الساحلية» وكانت زناتة تتحكم فى هذه الطرق» وفى هذه التجارة المارة بالمغرب الأقصى» فكان ذلك من أسباب العداء العنيف الذى ثار بين صنهاجة الصحراء» وبين زناتة المغرب الأقصىء ذلك العداء الذى أدى إلى تدفق الملشمين صوب المغرب الأقصىء والاستيلاء عليه» وطرد الزناتيين إلى المغرب الأوسطء فكان معنى ذلك أن طريق المغرب الأقصى قد فتح أمام تجارة السودان على مصراعيهء وأصبحت القبائل الملشئة جرة طليقة» تستطيع أن تنقل متاجر السودان إلى موانى البحر الأبيض دون رقيب أو حسيب» وأن يشتد تدفق متاجر السودان إلى أسواق المغرب» وأن تقوم فى هذه البلاد حركة تجارية نشيطة» وأن تتضاعف بذلك أرباح الملثمين ويعظم ثراؤهم.
ثم تدفق الملثمون إلى الأندلس على النحو الذى تقدم وتمخض ذلك كله عن فتح أسواق الأندلس أمام تجارة السودان» كما فتحت أسواق المغرب من قبل» وأصبحت هذه التجارة تستطيع أن تتدفق إلى الأندلس كما طاب لهاء تحميها الدولة وتشد أزرها مادامت بلاد الأندلس أصبحت خاضعة لحكومة مراكش» وغدت فى الواقع مجرد ولاية من الولايات التابعة للمرابطين» كما أن فتح أسواق الأندلئس أمام تجارة السودان معناه تمهيد الطريق إلى أسواق أوروبا عن طريق موانى شرق الأندلس» إذ أصبح بمقدور السفن أن ترد موانى الشرق وأن تحمل من تجارة المغرب والسودان ما شاء لها أن تحمل .
ان
وكان من أثر هذا النشاط الجم الذى تمتعت به التجارة فى عهد المرابطين أن ظهرت فى بلاد السودان والمغرب والأندلس أسواق ذات شهرة طبقت الآفاق» قصدها تجار العالم من كل صوبء فقد أصبحت سجلماسة مركزا من أهم مراكز التجارة عند أطراف الصحراء» قصدها التجار من البصرة والكوفة وبغداد» وكانت تجارتها تحمل إلى الشرق عن طريق موانى المغرب» أو تحمل عبر الطريق البرى المؤدى إلى إفريقيا ") كما برزت مدينة أودغشت عند الطرف الجنوبى من الصحراء كسوق تجارى عظيم نافست سجلماسة فى هذا المضمار» وحفلت بطائفة من التجار المباسير 69 وأصبحت تجارة مديئة نول لاتقل عن سجلماسة أو أودغشتء إذ أضحت سوقا تجارية عظيمة تمد أسواق المغرب بكثير من السلع الهامة» فقد.كانت تشتهر بصناعة درق اللمط ونسيج الكتان والصوفء ولعل مما يدل على أهمية هذه المدينة فى ذلك العصر أنها أصبحت دارا لسك النقود بسبب وفرة التبر الذى تجلبه القوافل من بلاد السودان9" .
أما فى بلاد الأندلس فقد نهضت مدينة ألمرية لتنافس أسواق المغرب فى ميدان التجارة الدولية» قصلتها مراكب التجارة من الإسكندرية والشام 49 افلم يكن بالأندلس أكثبر منها مالا ”4» بل أصبحت فى أيام الملشمين «مديئة الإسلام”42» حيث ازدهرت فيها صناعات الحرير.وآلات النحاس والحديدء كما كانت فواكهها تحمل إلى بلاد إفريقية والمغرب ”".
ولعل ثما ساعد على ازدهار التجارة. الخارجية فى عهد المرابطين نمو البحرية .المرابطية» وظهورها فى ميذان الصراع الدولى» حتى أصبحت تنافس جمهوريات إيطالياء كما أصبحت تنافس النرمان» واستطاع المرابطون بعد استيلائهم على موانى شرق الأندلس وجزر ميورقة ومنورقة أن يبسطوا حمايتهم على الحوض الغربى من (1) .2,203 يمتفا! باك .اونا : مدعمم و1
(؟) .لعل1
(؟)86 1ص,11,1936.اروععلق ع الهلا دغسلاعآ وغل .آناعة*1) دع 5.0علنداظ ل ادالتاكه آنآ عل دعلدممظ . (4) الحميرى : الروض المعطار ص8١ .
(5) المرجع السابق والصفحة نفسها.
)6 المرجع السابق والصفحة نفسها.
2327« المرجع السابق والصفحة نفسها
البحر المتوسط. وقام أسطولهم بدور عظيم فى تأمسين تجارة المغرب الذاهبة إلى الأندلس» أو إلى الأسواق العالمية الأخرى» ذلك لأن البحرية القوية كان فى مقدورها أن تعلن على القراصنة حربا شعواءء فكانت تؤمن الطرق البحرية وتسهر على حراستها.
وهنالك عامل آخر ساعد على نمو تجارة المغرب الأقصى وازدهارهاء وهو أن بلاد إفريقية فى ذلك العصر منيت بغارات عرب بنى هلال» الذين نشروا الرعب والفزع فى البلاد» وهددوا السبل» فأصبحت القوافل المسافرة بين السودان وبين موانئ البحر الأبيض المتوسطء. لاتكاد تسلك سبيلا غير هذه السبيل التى تحف بالبحر المحيط» والتى تمر بديار جدالة ولمتونة فى طريقها إلى إقليم الريف.
استطاعت الدولة بعد أن نجحت فى التوحيد بين أقاليم المغرب الأقصى أن تقر الأمن والسكينة فى ربوعه. وأن تسهر على حماية الطرق» وتأمين المسالك 29 والضرب على يد العابثين بالأمن» فأمن التجار على أنفسهمء واطمأنواء وأقبلوا بتجارتهم على أسواق البلاد فى طمأنينة وثقة» وخصوصا أن الحكومة الجديدة التى نهضت لحماية تراث الإسلام» وبسط سلطان الدين» بإحياء السنة القويمة» وبسط لواء العدل والقانون على الناس على سواء قد كسبت ثقة الناس فى جلميع البلاد”"؟» وعرف ملوكها بالأمانة» والاستقامة والعدل» وإذا وثق التجار بحكومة بلد أقبلوا عليه لايخافون ظلماء ولايخشون عدوانا.
وهنالك عامل آخر بعيد الأثر فى تشجيع التجارة الداخلية على الخصوصء هو أن دولة المرابطين قد ألغت المكوس 9 التى كانت حكومات زناتة تفرضها على )١( ابن أبى زرع: روض القرطاس ص١١٠. )١( المرجم السابق والصفحة نفسها. 22 المرجع السابق ص اال جذوة الاقتباس ص12 "07 السعادة الأبدية ج11 ص84. يقول الإدريسى . «وكانتت أكثر الصنع بمراكش متقبلة عليها مال لازم مثلى سوق الدخان والصابون والمغازل. وكانت القبالة على كل شىء يباع دق أو جل كل شىء على قدره» كما أشار البيدق (ص,737) إلى أن المكوس فرضت على المناجر فى عهد المرابطين فقال: «قأردنا الجواز فمنعونا حتى نعطى المكس وهو المكرى» وقالوا لنا تعطوا على كل رأس كذا وكذا» ونحن نعرف أن الإدريسى كتب بعد سقوط دولة المرابطين: كما أن البيدق ارخ للفترة الأولى التى أدت إلى قيام دولة الموحدين» ومعنى هذا أن المكوس قد أعيد فرضها فى أواخر عهد المرابطين» وإلا فكيف يستقيم ذلك مع ماذكره الأمير عبدالله بن بلكين وهو معاصر «ورفع أنواع القبالات والخراج إلا زكاة العين وصدقة الماشية وعشر الزرع؟ .
اه
المتاجر التى تسلك أقاليم المغرب الأقصى» والتى أثقلت بها على الناس» حتى أدى ذلك إلى كساد سوق التجارة» وانصرافها عن بلاد المغرب الأقصى ملتمسة موانى أخرى» وكانت الحال فى بلاد الأندلس فى عهد ملوك الطوائف لاتكاد تختلف عنها فى المغرب فى عهد دولة زناتة» ذلك أن ملوك الطوائف أثقلوا على الشعب. وفرضوا المكوس الجائرة على التجارة الداخلية حبا فى المال وحبا فى الترف » وإرضاء لنزواتهم الخاصة» وقد ألغى المرابطون هذه المكوس فى المغرب والاندلس على سواء 9©. وأصبح فى مكنة التاجر أن يحمل تجارته من إقليم إلى آخسرء لايخشى إرهاقا ولا عسفا مادام يؤدى عن أرباحه مايفرضه الدين من زكاةءفكان طبيعيا أن تؤدى هذه السياسة الحكيمة إلى التخفيف عن كاهل التجار وتشسجيعهم على المغامرة والمخاطرة وارتياد الأسواق عن طيب خاطرء كما أن شيوع الاستقرار فى- البلاد» وانصراف الناس إلى الهدوء والطمأنينة والإنتاج قد رفع من المستوى المادى لأفراد الشعب» وليس من شك فى أن ارتفاع المستوى المادى للناس يمكنهم من أن يقبلوا على الشراءء وإذا كثر الإقبال على الشراء راجت التجارة فلا تتكدس فى الأسواق. ظ ش
ؤيبدو أن التجارة الدولية فى عهد المرابطين بلغت شأوا عظيماء وازداد إقبال أوروبا على تجارة المغرب» وليس أدل على ذلك من شيوع الثقة بالدينار المرابطى» فطاز ذكره فى الآفاق: فى المغرب» والأندلس» والشرق. وليس من شك أيضا فى أن إقبال الناس على نقد الدولة إنما يدل على حسن ثقتهم بهاء كما يدل كذلك على ارتفاع قيمة هذه العملة بسبب كثرة المعاملات والتداول» حتى لقد قيل إن الدينار المرابطى وصل إلى القسطنطينية» وكاد أن يصبح عملة دولية» بل أصاب من الشهرة مثلما أضابه الفلورين عملة مدينة فلورنسا فيما بعد ”".
هذا وقد تضافرت عوامل عدة على زيادة الإنتاج ومضاعفته فى الميدانين الزراعى والصناعى» ذلك لأن الدولة المرابطية حين بسطت ظلها على المغرب
(17) اماع انار .2 (ناآء .م0) 13001 والفلورين مازال عملة هولئدة حتى اليوم.
الأقصى جميعه قد وحدت بين منطقتى الإنتاج فى البلاد» وحدت بين منطقة التفول »دز طفع الراع» اعى اإنيا نظميث العسلة اداه التد مترين اقل السهول» وبين البدو الضاربين فى الجهات الهضبية أو شبه الضحراوية» وقد أدى وجود هذا التعاون» وتنظيم هذه العلاقات على هذا النحو إلى شيؤع الاستقرار والطمأنيئة بين الناس» والاستقرار والطمأنينة من شأنهما أن يطمئنا الناس على أن ثمرة الجهد لاتضيع عبثاء فيعمدون إلى التوفر على الإنتاج» ينمونه ويضاعفونه» وقد عملت الدولة جاهدة على تثبيت دعائم الاستقرار فى المغرب حينما طردت زناتة وشتتت جموعهاء وأقامت القلاع والحصون فى ديار المصامدة لترقبهم حتى لايعبثوا بالأمن والطمأنينة» أو يغيروا على مواطن الخصب والإنتاج الوفير.
أما فى بلاد الأندلس فقد اطمأن الناس إلى أن الخطر القشتالى قد تضاءل" وأن النصارى فى الأندلس لم يعودوا تك ستط هع رن نواضلة سياسة العدوان القديمء هذه السياسة التى أشاعت فى البلاد جوا من القلق والاضطراب ""©. كما هدأت الأحوال فى بلاد الأندلس بعد أن قضى المرابطون على ملوك الطوائف وأراحوا البلاد من هذه الفتن وال منازعات» التى كانت لاتفتأ تثور بين هذه الدويلات . المتحاسدة المتباغضة» لتجعل المجتمع الأندلسى كالمحموم فى حالة فزع ورعب دائمين .
وهناك ناحية أخرى عملت على مضاعنفة الإنتاج وارتفاع مستوى الرخاء في البلاد» ونعنى بها قلة الضرائب المفروضة 7"©. ذلك أن المرابطين قد اكتقوا بالزكاة» وألغوا غيرها من المغارم التى كانت تتثقل كاهل الناس فى-المغرب والأندلس» وليس من شك فى أن تخفيف عبء الضريبة على المنتج يساعد على مضاعفة الإنتاج من ناحية» وعلى زيادة دخل الأفراد» ويشيع بين الناس لونا من الرخاء والرفاهية.
وقد للحا المرابطون فى الأندلس إلى تطبيق سياسة كانت ذات أثر بعيد فى مضاعفة الإنتاج» وإنعاش الزراعة فى البلاد» ذلك أن المنصور بن أبى عامر
(1) 258 بم ناز .امل بعمعدمدعق .أنددط8ة عل .دتكة :تردمط (5) دسعل1 1
وم
وخلفاءه عمدوا إلى انتزاع الإقطاعات الزراعية» التى كانت قد منحت للجند مقابل خدماتهم العسكرية ''» «وكان هؤلاء الجند يستغلونها ويرفقون بالفلاحين يربونهم كما يربى التاجر تجارته»ء فكانت الأرض عامرة والأموال وافرة والكراع والسلاح فوق مايحتاج إليه» "2 فلما انتزع المنصور هذه الأرض من أصحابها من العسكريين فرض عليها الجباة» وتولت الدولة إدارتها والإشراف عليهاء فلم يحسن العمال معاملة الناس» بل ساموهم الخسفء» وأثقلوا عليهم» فضعف إنتاجهمء «فتهاربوا وكفواعن العمارة فقلت الجبايات المرتفعة إلى السلطان وضعفت الأجناد»9؟ وساءت الأحوال الاقتصادية فى البلادء وأمعنت فى السوء فى عهد ملوك الطوائف بسبب الحروب المستمرة والفتن التى لاتكاد تنقطع» والضرائب الباهظة التى كانت تقصم ظهور الناس.
قلما آل الأمر إلى المرابطين عادوا إلى السياسة القديمة» 9 وأقطعوا الجند أرضا يفلحونها ويستثمرونهاء ويستولون على غلتهاء «فمن ظهرت نجدته وشجاعته وإعانته أكرموه بولاية موضع ينتفع بفوائده 42», وكانت هذه السياسة الحكيمة بعيدة الأثر فى تاريخ الحياة الاقتصادية فى البلاد» فقد أقبل الفلاحون على اللأرض التى كانوا قد هجروهاء وأكبوا على الكد والعمل: بقلوب مطمئنة» بعد أن شاع فى اليلاد الاستقرار والأمن والطمأنينة وخف عبء الضرائب.
ولاندرى أطبق المرابطون هذه السياسة فى المغرب» كما طبقوها فى الأندلس أم لاء ويخيل إلينا أنهم فعلوا با مغرب مثل مافعلوه بالأندلس» وأقطعوا جنود لمتونة بوجه خاص وجنود الملثمين بوجه عام أرضا يفلحونها ويتتفعون بغلتهاء ويعملون على مضاعفة إنتاجها:؛ وقد ذكرنا من قبل أن يوسف بن تاشفين أرسل إلى المتخلفين من قومه بالصحراء يدعوهم إلى الاستقرار بالمغرب» وكان يقطع الوافدين
. ١77ص الطرطوشى : سراج الملوك )١( المرجع السابق والصفحة نفسها. )1(
(*) المرجع السابق والصفحة نفسها.
(5) المرجع السابق والصفحة نفسها.
(6) الحلل الموشية فى الأخبار المراكشية ص/7” .
ان
منهم إقطاعات يشرفون على إدارتهاء وكان'من أثر هذه السياسة الحكيمة أن تضاعف الإنتاج الزراعى فى بلاد المغرب والأندلس.
ويبدو أن الصناعة قد أصابت الازدهار والرواج بقدر ما أصابت الزراعة» فقد توافرت المواد الخام» وتدفقت من أسواق الأندلس والسودان بعد رواج التجارة ونفاق سوقهاء ولابد أن سعرها قد رخص بسبب كثرة المعروض فى الأسواق» كما أن نشاط التجارة بين موانى ال مغرب والأندلس يساعد بدوره على رواج الصناعة التى أصبح من الميسور تسويقها وتصديرها إلى أسواق الاستهلاك فى الخارج» فأقبل الصناع على مضاعفة الإنتاج» وظهرت فى المغرب والأندلس مراكز صناعية ذاع صيتها وارتفع نجمهاء مثل مدينة نول لمظة ”' التى اشتهرت بصناعة الجلد والمنسوجات, ومدينة مراكش التى عرفت بصناعة الصابون والمغازل ”"“» وفاس التى اشتهرت يصناعة الدباغة وتسبيك الحديد والنحاس وصنع الزجاج والكاغد””», وكذلك ألمرية التى اشتهرت بصناعة الحرير وآلات النحاس والحديد©2» ويبدو أن تقدم الصناعة ورواجها فى أواخر عهد المرابطين دفع الأمراء إلى التماس المال عن طريق فرض الضرائب على أهل الحرف والصناعات «فكانت أكثر الصنع بمراكش متقبلة غليها مال لازم مثل مبوق الدخان والصابون والمغازل فكانت القبالة على كل .شىء يباع دق أو جل» كل شىء على قدره».
ومما ساغد على ارتفاع مستوى الدخل بين الأفراد أن فتح الأندلس فتح آفاقا. جديدة أمام أهل المغربء فوجدوا فيها ميدانا يظهرون فيه تفوقهم ونشاطهم كما فتح ميدان المغرب أمام المجيدين من أهل الأندلس» ينشرون فيه ع لمهم وفتهم وثقافتهم» ويعرضون على الأمراء خبرتهم ومهارتهم» 0 الضخمة على الخصوص فى أيدى اللمتونيين. خاصة واللملئمين عامة. فقد روى.
)١( ععصمكفر اا عع اى 'لعازوء ماع11 دعل .اناعة*1) أمع5.011ع00ا0'8 انالأكمآنا 5ع 65[هممم 16<م,1935
() الإدريسى : المغرب وأرض السودان ومصر والأندلس. ض١٠ل.
() الجزنائى : زهرة الآس ص ./١
(5) الجميرى : الروض المعطار ص184.
(5) الإدريسى : المغرب وأرض السودان ص .7١
صاحب أزهار الرياض أن أبا بكر بن باجة غنى فى حضرة ابن تيفلويت أحد أمراء الملثمين» فلما سمعه «صاح واطرباه وشق ثيابه وقال ما أحسن ما بدأت وماختمت وحلف بالأيمان المغلظة ألا يمشى ابن باجة إلى داره إلا على الذهب”© فكيف يستطيع مثل هذا الأمير البدوى الصحراوى أن يفعل ذلك إلا بسبب وفرة الثراء وتكدس الأموال.
وقد ظهر أثر المبادئ التى قامت عليها دولة المرابطين واضحا جليا فى جانب آخر من جوانب الحياة الاقتصادية فى البلاد» ونعنى به السياسة الضريبية للدولة. ذلك أن المرابطين وقد التزموا أحكام السنة أحبوا أن يطبقوا أحكامها فى الشئون المالية بدقة متناهية 2» فكان معنى ذلك إلغاء مالم يرد به نص فى الكتاب أو السنة. وقد كان المجتمع المغربى أو الأندلسى يحفل بألوان متعددة من الضرائب الجائرة» التى لايقرها الشرعء ولا يرضى عنها الدين» فقد كان ملوك الطوائف بالأندلس وملوك زناتة فى المغرب يفرضون على الناس المعونة "© وهى ضرائب وقتية يفرضها العامل متى شاء» وكانت المكوس تفرض على التجارة المارة من مدينة إلى مدينة ومن إقليم إلى إقليم 29» وهنالك ألوان شتى من المغارم يسميها عبدالله ابن. بلكين «مغارم الإقطاع»» وهى الضرائب التى كان ملوك الطوائف يفرضونها عدى الناسء إزضاء لنزواتهم» وتحقيقا لشهواتهم» وأطماعهم. قد كانت القبالات”؟ شر أنواع الضرائب» وكان المتقبل هو شر جبة المال جميعاء يرميه ابن عبدون بكل نقيصة حين يقول «المتقبل هو شر خلق الله وهو بمنزلة الزنبور الذى خلق للضرر لا للنفع فهو يجرى ويسعى لضرر المسلمين» فيجب للقاضى أن يستخلفه ويحد له مايمنع من تصرفه ولايتركه يتحكم فى أموال الناس باختياره على مايراه أنه صواب26©.
. 7١ ابن فرحون: الديباج المذهب ص5ة: . أزهار الرياض ج؟ ص؟ )١(
(1) ابن القاضى: جفوة الاقتباس فى من حل من أعلام مدينة فاس ص747.
(”) ابن أبى زرع : روض القرطاس ص١ .٠١
(4) عبدالله بن يلكين : التبيان عن الحادثة الكائنة بدولة بنى زيرى ص 550
41 .اعمة]آ أو .آو؟ا ,1935 .503ع13)-10ل812 ,2 .عمد ,111 .لو) عساملصة-ام (0) المرجع السابق ١11 .
حكن
فلما فتح المرابطون المغرب والأندلس» ونادوا ببطلان هذه الجبايات الخائرة كان لعملهم ذاك وقع عظيم» وصدى بعيد الأثر فى الحياة» بل كان إقدامهم غلى ذلك ثورة بعيدة المدىء إذ كان معنى ذلك تحرير جمهرة الناس من هذه الأعباء المالية القاصمة» التى كانت تقصم ظهورهم وتستذلهم وتستلزف أموالهمء فلاتكاد تبقي فى أيديهم ماب يمسك الرمق» فظهر المرابطون فى كل مكان حلوا فيه ؟ بمظهر المنقذ '2» فالتف الناس حولهم طائغين» بل لانكون مغالين إذا قلنا إن هذه السياسة الاقتصادية الحكيمة كانت من أهم العوامل التى مهدت لهم السبيل» وفتحت أمامهم أنواع القلاع والحصون على مصاريعهاء فقد ظهر ملوك الطوائف فى نظر الناس بمظهر ا متعسفين الجائرين » فلما خلعهم المرابطون ونفوهم تنفسر 1 الناس الصعذاءء وياركوا مافعله المرابطونء وكان الفقهاء أول من مهد السبيل حين حكم الكتاب والسنة ”© من الزكاة والأعشار وجزية أهل الذمة» وأعماس غنائم المشركين»96؟ . )١( .265 .م ,متهم دلط همه 030 عط]1' :لدلتط جعلسعمدع181 2( ابن أبى زرع ١ روض القرطاس ص47 (5) عبدالله بن بلكين: التبيان ص177 . ابن أبى زرع ص١١٠. والأنواع التى تجب فيها الزكاة خمسة أشياء: ١ - زكاة النقد (الذهب والفضة) وتهب الزكاة فيهما إذا بلغا النصاب فنصاب الذهبٍ عشرون مثقالا ونصاب الفضة عشرون مثقالا . ؟ زكاة السوائم وهى الإبل والغنم فأول نصاب الإبل خمس وفيها شاة ؤهكذا فى كل خمس شاة فإذا بلغ زكاة عروض التجارة وفيها ربع العشر بشرط أن تبلغ قيمتها نصابا من الذهب أو الفضة وأن يحول عليها الحول . 5 المعدن والركاز وما كان من ركاز فى أرض الحرب ففيه الخمس وماكان فى أرض السلم ففيه الزكاة. ٠ زكاة الزرع أو الثمار وحكم زكاتها هو أنه يجب فيها العشر إذا كانت خارجة من أرض تسقى بالمطر ونصف العشر إذا كانت خخارجة من أرض تسقى بالدلاء. انظر. : حسن إبراهيم حسن : النظم الإسلامية ص/7ا/ا- 780 أحكام الجزية : فرض الشرع الجزية علئ كل الأشخاص الذين لو كانوا مسلمين لوجب عليهم الجهاد وذلك على التحو الآتى. : ١ أغنياء ويؤخذ منهم 48 درهما. ' متوسطو الخال ويؤخخد منهم 715 درهما. “7 فقراء يكسبون ويؤخدذ منهم ١7 درهما. ولا تؤخذ جزية من مسكين يتصدق عليه ولامن لاقدرة له على العمل ولامن الأعمىء أو اللقعد أو المجنون وغيرهم من ذوى العاهات ومن المترهبنين فى الاديرة إلا إذا كانوا من الأغنياء ولاتجوز إلا على الرجال الأحرار العقلاء» ولاتجب على امرأة وللاصبى.
لاه"
ولكن برغم قلة الضرائب على هذا النحوء ورغم إلغاء هذه الألوان المتعددة من الحبايات غير المشروعة» فإن الأموال قد تضاع فت» وتدفقت على بيت المال وانتشر الرخاءء» وعم اليسرء وأصبح الأمراء فى الأندلس وفى المغرب يحيون حياة ميسورة» يسرفون فى بذلهم» وفى عطائهم» فيغدقون على الفقهاء والعلماء ”© وعلى وجوه البر» ينشئون المساجدء وينفقون فى سبيل الله "© وعظم ثراء يوسف بن تاشفين وكثر ماله» «فقد جبى من المال على وجهه مالم يجبه أحد من قبل» "» فلما مات وجدوا فى بيت ماله «ثلاثة عشر ألف ربع من الورق» وخمسة آلاف وأربعين ربعا من دنانير الذهب» ©2: حتى لقد قال يوسف أشباخ إن هذه الثروة الطائلة من الذهب والفضة تقوم بعدة ملايبن ©©.
وهذه فى الواقع ظاهرة اقتصادية تحتساج إلى تفسير وتعليل» ولعل أولى الأسباب التى نسوقها لتفسيرها أن قلة الضرائب مع ضمان تحصيلها خير من كثرتها مع العجز عن الوفاء بهاء إذ لايجدى أن تفرض الدولة ضرائب جائرة تفقل بها فى أن تفرض ضرائب فى حدود طاقة الناس فلا يتبرمون بهاء إنما يدفعونها عن رضى وطيب خاطر. ويبدو أن هذه السياسة قد احتلت من تفكير المرابطين محلا رفيعاء فعنوا عتاية فائقة بتحصيل الزكاة والعشورء وحرصوا على ألا يفلت منها حل ونجد لهذه الدقة أو لهذه المغالاة فى ضمان تحصيل الزكاة والعشور صدى فيما كتبه ابن عبدون فى رسالته عن الحسبة يندد بالوسائل التى اتخذها المرابطون فى تحصيل أعشار ثمار الزيتون وغيره من المحصولات التى تتوافر فى منطقة أشبيلية9' ,
وقد عهد المرابطون إمعانا فى ضمان تحصيل هذه الضرائب إلى اليهود فى )١( ابن الزبير : صالة الصلة ص١8 الديباج المذهب صة:. أزهار الرياض ج؟ ص8 .7١ زقفق مفاخر البربر ص”7ة . إقرف ابن أبى زرع: روض القرطاس ص88 . (5) ابن المؤقت المراكشى : السعادة الأبدية ج؟ ص86. (0) يوسف أشباخ جا ص9١ .١
(5) تانالطثة مطل عأتدكا ع.آ :عاء516 1ل بال اناطعل بال 22206 [تكد81 عالتبع5 :لدعمع امعط-أاع.].8آ1 .م رقكعتاأعغط عل وموم وع1 أء متدطءتآ عزنا 12 عنادة
لبانق
بلاد الأندلس بأعمال الجحباية9؟ » كما جعلوا أعمال الحباية بالمغرب للتصارى المقيمين فى البلاد ”"©. عمدوا إلى ذلك لأنهم يعلمون أن أمثال هؤلاء يخافون السلطان ويخشون العاقبة ويترددون طويلا قبل أن يقدموا على التلاعب فى هذه الجبايات أو يفرطوا فى أداء الواجب .
وكان المرابطون بدورهم يرإقبون عمال الخراج مراقبة دقيقة» ويشددون التكير عليهم ويحاسبونهم حسابا عسيراء ويعاقبون المقصر عقابا صارماء فكانوا يحاسبون العمال إذا اعتزلوا الخدمة» ويعرضونهم لمصادرة الأموال والسجن 7" إذا رأوا منهم تفريطا أو تقصيرا. وكانوا يحاسبون ورثة العامل إذا مات» ويثقلون عليهم ويصادرون تركة المتوفى إذا لزم الأمرء ولعل هذا الخنوف من هذا الحساب العسير هو الذى دفع مؤمل عامل الخراج بقرطبة حين حضرته الوفاة إلى أن يحضر ماكان عنده من مال المستخلصء, وأشهد الحاضرين على دفعهاثم أبرأ جميع عماله وكتابه» لأنه خشى أن يصيب ورثته مكروه إذا مات دون أن يبرئ ذمته 29.
كما يجب ألا ننسى أن الدعوة الدينية التى اضطلعت بها الدولة قد أشاعت فى الناس روح الأمانة والشقة» وكان الأمراء والملوك قدوة للرعية والعمالء إذا صلحوا واتقوا الله اهتدى الناس بهديهمء والناس على دين ملوكهمء ولعل إقدام مؤمل عامل الخراج على الإثقال على نفسه. وهو على فراش الموت» وحرضه على أن يبرئ ذمتة قبل أن يقضى نحبه «ورغبته فى ستر أهله وولده وحرصه على أن يرسل لأمير المسلمين بالمال الذى اكتسبه فى دولته 6""© يعبر عن هذه الروح الجديدة التى تفشت بين الولاة والعمال فى أول العهد بالدولة.
وقد ترد زيادة الدخل إلى عوامل أخرى» مثل قلة النفقات مثلاء ذلك أن الدولة لم تكن تنفق على الجبيش نفقات طئلة» إذ كان الجند يؤجرون على
)١( أشباخ ج1 ص779.
(؟) المرجع السابق والصفحة نفسها.
(*) الجميرى : روض المعطار ص/99١ .
(؟) عبدالله بن بلكين : التبيان ص9؟١ . ([أرعء1لمعمجة) (0) عبدالله بن بلكين: التبيان ص9؟١ .
4
خدمتهم بإقطاعهم إقطاعات زراعية يستثمرونهاء ويتصرفون فى غلتها”"©. وكان نصيب الفارس لايزيد علنى خمسة دنانير فى الشهر بما فى ذلك نفقته وعلف فرسه”"» وكان الجند يعتمدون على نصيبهم من الغنائم اعتمادا عظيماء فقد كانت الحرب مستعرة الأوارء وكان الجهاد فى سبيل الله لاينقطع وكانت الغنائم كثيرة» ولابد أن سهم الفرد منها كان كبير). وقد عمد المرابطون فى الأندلس إلى ترك الثغور المواجهة للعدو « فى حكم المسلمين الأندلسيين لكونهم أخبر بأحوالها وأدرى بلقاء العدو وشن الغارات ولم يمكنوا من ولايتها أحدا سواهم؛ "© وقد أدى ذلك بطبيعة الحال إلى تخفيف عبء الدفاع عن الثغور عن كاهل المرابطين.
زد على ذلك أن روحا من التقشف والزهد قد شاعت بين الأمراء ورجال الدولة فى عهد يوسف على الأقل وكان أمير المسلمين نفسه «زاهدا فى زينة الدنيا متورعا متقشفا على ما فتح الله عليه»». ذلك أن الانغماس فى الترف والانكباب على الملذات .والإغراق فيهاء واصطناع مجالس اللهو والسمر والشراب والمنادمة يدعو إلى كثرة البذل والإنفاق» واتخاذ البلاط الزاخحر بالجوارى والإماء والصقالبة والحجاب يكلف الدولة مبالغ طائلة.
7 أثرقيام دولة المرابطين فى الحياة الاجتماعية:
وقد تمخض قيام الدولة عن نتائج بعيدة الأثر فى الحياة الاجتماعية فى المغرب والأندلس» فقد ظهرت طبقة جديدة من الملشمين» وطائفة سيدة حاكمة ذات حول وطول وسلطانء انتشرت فى مدن المغرب وأقاليمه وفى مدن الأندلس وأقاليمه» يتولون الأعمالء أو يزاولون التجارة أو الزراعة أو الصناعة» وقد ظهر صدى ذلك التطور الاجتماعى الخطير فى الأندلس بصورة واضحة» فبعد أن كان البرير أقلية متغطرسة لاينظر إليها أهل البلاد نظرة الرضا والارتياح ازداد عددهم وتوافدوا على بلاد الأندلس زرافات ووحداناء وأصبحوا أصحاب الدولة والسلطان» وانتشرت
)١( الطرطوشى : سراج الملوك ص77١. الحلل الموشية ص/17”. (؟) الحلل الموشية فى الأخبار المراكشية ص71 .
(”) المزجع السابق والصفحة نفسها.
(5) التادلى : التشوف ص45١ . روض القرطاس 417.
امنا
هذه الجاليات الملثمة فى المدن والقرى يستعلى أفرادها على أهل البلاد 227 ويحيون حياة تكاد أن تكون فى معزل عن طبقات المجتمع الأخرى. بل إنهم كانوا يأنفون من الخضوع لأحكام القضاء مما جعل أمير المسلمين يكتب إلى أحد القضاة قائلا «وقد عهدنا إلى جماعة المرابطين أن يسلموا لك فى كل حق تقضيه ولايعترضوا عليك فى قضاء تقضيه» (©. لذلك طالب ابن عبدون بأن يتخذ القاضى أعوانا من البربر نمن لهم كلمة مسموعة لدى هذه الجاليات المتغطرسة المتعالية ". كان الملشمون يسيرون فى الطرقات مرتدين اللثم متمنطقين بالسلاح © فيدخلون الرعب والفزع فى قلوب السكان الآمنين» مما جعل ابن عبدون يشترط ألا يسير مثل هؤلاء فى الطرقات بسلاحهم» مخافة أن يعتدوا على أرواح الآمنين» لأن (البربر قوم إذا غضبوا قتلوا أو جرحوا”*'؛ وكان أهل الأندلس فى الواقع يكرهون المغاربة أشد الكره» ويعتبرونهم دخلاء 2» وينظرون إليهم نظرتهم إلى البدو الجفاة الغلاظ الذين لاعهد لهم بحضارة ولا مدنية» كما كان أهل العدوة بدورهم يكرهون أهل الأندلس 29 ويسمونهم بميسم الضعف والتخاذل والجشع. ويبدوا أن طائفة الحشم والأتباع كانوا يتشبهون بالمرابطين فيتلئمون ويموهون على الشعبء ويرتكبون الشرور والآثام» ما أثار امتعاض الكاتب ابن عبدون فقال «#يجب ألا يلثم صنهاجى أو لمتونى أو لمطى فإن الحشم والعبيد ومن لايجب أن يلثم يلشمون على الناس ويهيبونهم ويأتون أبوابا من الفجور كثيرة بسبب اللثام»”" . وقد تمخض قيام الدولة أيضا عن ظهور طبقة جديدة أصبحت ذات حول وطول ونفوذء ونعنى بها طبقة الفقهاء والقضاة ورجال الدين» وليس من شك فى أن الفقهاء والقضاة موجودون فى كل عصرء وفى كل زمان » ولكنهم فى عهد )١( التادلى : التشوف ص”3777. (؟) الذخيرة (م. بغداد) قسم 17 ص5 .٠١ (؟) ابن عبدون : رسالة فى الحسبة ص ١ ١؟. (4) المرجع السابق ص8١5. المقرى: أزهار الرياض جا ص89. (5) المرجع السابق ص8١7. (5) ,كت أاعم عل 5صعمه ذعا أء متقطرتا عزنا 13[ عناد علطم ومطكل عانة1" عا : تادعم 80- اع .8.1 1013م[
7) .234.م .11 .آمل صحفل نلقططم :ه12 (8) ابن عبدون : رسالة فى الحسية 7١14 .
لين
حكومة المرابطين ظفروا بنفوذ وسلطان لم يكن لهم من قبل» وقد رأينا كيف احترم أمراء المسلمين القضاة والفقهاءء. وأنزلوهم من نفوسهم منزلة رفيعة أشركوهم فى مجالس الشورىء, واتخذوا بعضهم وزراءء وشاوروهم فى كل صغيرة وكبيرة من شئون البيلاد» قربوهم وأغدقوا عليهم». ولم يكن يوسف بن تاشفين أو ولده على يجلسان إلا والفقهاء والقضاة يحفون بهم » ويسيرون فى ركابهم.
وقد سما قدر القضاة وتمتعوا بسلطان عظيم '). حين أعطاهم يوسف بن تاشفين سلطة مطلقة» وأصبح حكم القاضى نافذا لايرد '"“» وإذا كان ولى الأمر قد عامل القضاة على هذا النحوء فلا عجب إذا رأيناهم يتمتعون فى الحياة الاجتماعية فى المغرب والأندلس بمكان مرموقء» قصدهم الناس» ولحئوا إليهم متقربين مستشفعين » بل قصدهم الشعراء مادحين مشيدين بفضلهم. ينتظرون رفدهم وصلاتهم » تكدست فى أيديهم الأموال» وأخذوا يعيشون عيشة البذخ والكر و
وقد بلغ من نفوذ القضاة أن حاول أحدهم وهو ابن حمدين أن يستقل بملك قرطبة فى أواخر العهد بالمرابطين» كما حاول فقيه آخر أن يتسنم مقعد عبدالله بن' ياسين» وأن يكون له الإشراف الفعلى على شئون الدولة» يعمل الأمراء بإرشاده ويوحى مثه 69. أصبح الملشمون من ناحية» والقضاة من ناحية أخرى الطبقة البارزة فى المجتمع التى جمعت بين المال والسؤدد والنفوذ.
وقد صحب قيام الدولة ظهور ظاهرة اجتماعية لم تكن مألوفة فى المغرب والأندلس من قبل» ونعنى بها ظهور المرأة الصنهاجية فى المجتمعء ومشاركتها فى الحياة العامة. وتمتعها بنوع من الحرية والمساواة لم يكن مألوفا فى ذلك الوقت» وقد سبق أن بينا فى الباب الأول كيف أن النظم الاجتماعية لشعب الملثمين تبعل للمرأة مكانة عالية فى المجتمع» تتمتع بالمساواة التامة» وتشارك فى مجالس )١( مشيخة عياض ورقة 149 (ب). (؟) الذخيرة : (م. بغدا) قسم ؟ ص5١١3. (”) المراكشى ' المعجب ص ١١١ الروض المعطار. 1817 . انظر أيضا مشيخة عياض ورقة ٠0 أو ا5 أنيل الابتهاج ص177 (5) الذخيرة (قسم *# مخطوط ) ص90؟١
نض
القبيلة» تقتنى الشروات» وتطلب العلم» وتتمستع فى عشيرتها وقبيلتها بسلطة 20
فلما نزح المرابطون إلى المغرب والأندلس» واستقروا فى المدن والقرى» وصحبوا نساءهم وأولادهم بدأت المرأة الصنهاجية تتمتع فى المجتمع الجديد بكثل ماكانت تتمتع به فى المجتمع القديم. ؤقد رأينا كيف أن زينب زوج أمير المسلمين ويستمع لنصحها وإرشادها.
ويبدو أن نساء الأمراء والنبلاء والقواد والعمال وغيرهم من الملشمين كن تطلب العلم» وتحفظ الشعر» وتتخذ الموكلين والكتاب» وتبرز إل فى غير ماحياء أو خجل» وتحاسبهم دون أن تجد فى ذلك غرابة ”22 ويظهر أن سفوز المرأة أو بروزها لمقابلة الناس لم يكن شيئا مألوفا فى المجتمع المغربى - على مانعتقد فقد روى أن الكاتب الذى لقيته ابئة أمير المسلمين قد بهت فلما نظرت إليه الأميرة ظنت أنه بهت من حسنها الفائق وجمالهاء وظنت أنه يتطلع إليها ويرغب فيها0") فأنشدته:
هى الشمس مسكتها فى السما فعز الفؤاد عزاء جميلا فلن تستطيع إليها الصعود دولن تستطيع إليك النرولة 9
وقد بلغ من نفوذ بعض الأميرات المرابطيات أن قصدهن الشعراء يمدحون ويتقّربون» وجاءهن أصحاب الحاجات يلتمسون الشفاعات» فقد كتب الشاعر ابن خفاجة إلى الأميرة مريم بنت إبراهيم يستشفع بها إلى الأمير أبى الطاهر تميم بن يوسف ©» ويبدو أن الحجاب الذى كان مألوفا فى أغلب البيئات الإسبلامية فى 168.)١( .م ,آمتل عط له عاومعم 120 (7) ابن القاضى : جذوة الاقتباس ص5 .٠١ (7) المرجع السابق والصفحة نفسها.
(١ ا مرجع السابق والصفحة نفسها. (0) ديوان ابن خخفاجة ص5١١ 1
ينض
ذلك الوقت لم يكن مألوفا فى هذه البيئة الجديدة التى سيطر عليها المرابطون. فقد روى المؤرخون أن أميرا من الملثمين يدعى أبا بكر بن إبراهيم دخل على ابن عمه فى خبائه» وكانت زوجته تمشط شعرهاء فلم تنسحب من المجلس إثر قدومه» بل بقيت فى مكانها لاتبزحه”؟» ومن أسف أن العربيو طن القتى كان من الممكن أن نستعين بها فى إعطاء صورة أوفر حظا لهذه المكانة الفريدة التى تمتعت بها المرأة الصنهاجية قليلة جداء لاتمكننا من أن نوفى هذا الموضوع الطريف حقه من اللبحث والدراسة .
مهما يكن من شىء فقد نظر المعاصرون إلى هذه الظاهرة الاجتماعية نظرة الميكر كك واعتبرها يعض المتزمتين من أهل الأندلس والمغرب خروجا على التقاليد الدينية والااجتماعية» وكانت من الأمور التى نقمها الموحدون على المرابطين ؛ واستغلوها فى النيل منهم والطعن فيهم وتشويه سمعتهمء فقد قيل إن ابن تومرت المهدى لقى أخخت على بن يوسف بمدينة من مدن المغرب» وقد خرجت إلى السوق تمشى سافرة غير محجبةء فمازال بها حتى ردها على أعقابها منددا بمسلكها"”".
. وهنالك طبقة أخرى من طبقات المجتمع تأثرت بالأوضاع التى تمخضت عن قيام الدولة» ونعنى بها طيقة أهل الذمة فى الاندلس والمغرب» من النصارى المعاهدين واليهود. ذلك أن النصارى المعاهدين ع شأنهم فى بلاد الأندلس فى عهد ملوك الطوائف» ونبه ذكرهم » وأصبحوا يتمتعون بجرية قلما ظفر بها أجدادهم من قبل» وذلك بسبب الضعف والتخاذل والانقسام الذى أصاب المجتممع الأندلسى فى ذلك العهدء وماكان من ظهور قوة قشتالة وليون فى عهد الفونسو السادسء الذى عمل على النيل من المسلمين فى الأندلس» والتذكيل بملوك الطوائف وإذلالهم» وكان النصارى المعساهدون المنثبون فى المدن والقرى فى بلاد الأندلس عيون قشتالة» يكشفون للعدو عن عورات المسلمين» ويمدون للقوات النصرانية الزاحفة يد المساعدة. وكانت ببلاد الأندلس جاليات يهودية تتخدم
(؟) .278 .ممله؟ ,وعطاءتعطعع]؟] : بودودآ1 5 مم13
الف
النصارى والمسلمين على سواءء لايعنيها إلا الإثراء بأية وسيلة» كانوا يشغلون بأعمال الجباية للمسلمين أو للنصارى» فقد خدموا بنى زيرى ملوك غرناطةء وكان رسول ألفوسو إلى المعتمد واحدا منهم. وكان التهود قد انتتشر فى ربوع المغرب الأقصى منذ القدم ”"ك وقد رأينا كيف أن دين موسى قد انتشر بين ربوع صنهاجة قبل اعتناقها الإسلام» وبقيت جاليات يهودية كبيرة العدد» تنزل بمدن المغرب مثل فاس وأغمات إيلان 9'..
ولكن قيام دولة المرابطين وبسط لوائها على المغرب والأندلس قلب هذه الأوضاع رأسا على عقبء فقد أوقف المرابطون قشتالة وليون عند حدهماء ووقفوا للقوات الصليبية فى البحر والبر بالمرصادء وخلعوا ملوك الطوائف» وبسطوا لواءهم على مابيد المسلمين من بلاد الأندلس» فتغيرت أوضاع أهل الذمة تغيبرا كبيرا.
ولم يكن من المعقول أن يحتفظ النصارى المعاهدون بهذه المكانة الرفيعة التى كانوا قد وصلوا إليهاء ومادامت الدولة قد رفعت لواء السنة وأعلت كلمتها كان طبيعيا أن يلتزم المرابطون أحكام السئة فى معاملة النصارى واليهود على حد سواء9” .
ويبدو أن حال النصارى المعاهدين فى الأندلس قد ساء كثيرا فى ظل الدولة الجديدةء إذ يبدو أن المرابطين خيروهم بين اعتتناق الإسلام أو دفع الجزية» فمن دخل فى الإسلام كان له ما للمسلمين وعليه وماعليهم» ومن اختار الحزية «دفعها عن يد وهو صاغر؛اء ويبدو أن كثيرين من هؤلاء المعاهدين قد ارتضوا دفع الجزية عن طيب خاطرء هذا الجزية التى أصبحت فى الواقع من أهم موارد بيت المال فى ذلك العهد 29
ولم يقتصر أمر النصارى على مجرد دفع الجزية» إذ يروى أن الفقهاء أفتوا (1) .52م .ليدب ,1930 ععممق 4اعع0 ,معمطة عل عستم ولط ميال مممتبووظ ب ااعممطع ها عط (؟) دائرة المعارف الاسلامية «الطبعة الإنجليزية» مادة مراكش أ8/الاع2© عل عمروزظ
(*) ابن أبى زرع روض القرطاس ص88. (4) يوسف أشباخح تاريخ الأندلس فى عهد المرابطين والموحدين جا ص١ا/ا
هدم
بهدم كنيسة المعاهدين بغرناطة» فأرسل يوسف من هدمها. ويبدو أن المرابطين هدموا كنائس كثيرة كانت: للمعاهدين فى ديار المسلمين '2» وليس من شك فى أن سيطرة فقهاء مالك على الشئون العامة فى البلاد» وخضوع الأمراء لرأيهم وعملهم وفق مشورتهم» قد نشر جوا من التزمت والمغالاة فى معاملة أهل الكتاب الذين ظلوا دهرا طويلا أصحاب جاه ونفوذ» ومن الإسراف أن يفرط دوزى فى لوم المرابطين ولوم الفقهاء على موقفهم هذا ”© فقد نسى أن روح العصر كانت روح جهاد وحرب وعداء مستعر الأوار بين الإسلام والنصرانية. أججت الحروب الصليبية نار ذلك العداء» وكان نصارى الاندلس أنفسهم لايكفون عن التنكيل بمن يقع فى قبضتهم من المسلمين» فقد استولى ألفونسو السادس ملك قشتالة على طليطلة» وجعل مسجدها الجامع كنيسة برغم تعهده بألا يمس عقائد المسلمين أو يتعرض لمساجدهم» وكانت أعمال السيد القمبياطور فى بلنسية شاهدا على صدق مانقول» فقد أحرق الفقهاء وانتهك حرمة المساجد.
ولم يكن من المعقول أن يترفق المرابطون باليهود الذين شربوا من نفس الكأس التى شرب منها النصارى» وطولبوا باعتناق الإسلام أو دفع الجزية» وقد روى دوزى أن أحد الفقهاء عثر فى مخلفات ابن مسرة على حديث منسوب للرسول يك يقول بأن اليهود كانوا قد تعهدوا بأن يعتنقوا الإسلام إذا مرت خمسة قرون دون أن يظهر مسيحهم المنتظر 2+ فطالب الفقهاء اليهود بالوفاء بالوعد الذى وعد به أجدادهم من قبل. وينحى دوزى باللائمة على المرابطين لأنهم وقفوا من اليهود الذين صدوا عن اعتناق الإسلام 2. ولم يكن من المعقول أن يكره المرابطون اليهود على الدخول فى الإسلام إكراهاء فيكخرجوا عن تعاليم السنة القويمة والعقيدة السمحة التى تقول بأن لا إكراه فى الدين: ولكن دوزى يسرف (1) .266 -255 .م ,لا .أذل بعمعدموظ'3 .احسل8 معل اكنك1 :بردم (90) .266 -255 .م ,لاز .أونا ,عمعدمو3'8 .امكسا8 دعل أدنكة :بردم (0) .266 -255 .م ,137 :أ70 ,82 02م0'85 .1نادنا8 دعل 11156 :ج120
(2) ددعل1. (0) درعل1
لجنا
فى لوم المرابطين لقبولهم الجزية» وكأنما أراد أن يبقى المرابطون أهل الذمة على حالهم لايطالبون بإسلام أو بجزية» إذ يعتقد أن الملثمين قبلوا الجزينة طمعا فى الملل ليس إل”'2. ويبدو أن يهود المغرب الأقصى كانوا يقيمون فى مدن معيئنةء فلم يكن يسمح لهم بدخول مراكش إلا نهاراء وحرم عليهم المبيت فيها وإلا تعرضت أموالهم وأرواجهم للخطر”".
وقد أدى اتساع رقعة الدولة وبسط نفوذها على بلاد الأندلس إلى ظهور عوامل جديدة تركت فى الحياة الاجتماعية فى الأندلس والمغرب آثارا واضحة. يل لانكون مغالين إذا قلنا إنها كادت تغيرها تغيرا تاماء ذلك أن الأموال ندأت تتدفق إلى بيت المال بسبب اتساع رقعة الدولة وتنوع مواردها »2 وبدأ الأمراء ينفقون عن سعةء وأخذ الولاة يتثرون النضار على الناس نثراء فقد روى أن عامل دكالة رغب فى أن ينقطع أحد الفقهاء إلى صحبته» فلما أبى الفقيه «ضمن له أن يعطيه ألف دينار ذهب مرابطية)'.
وقد صحب تكدس الأموال على هذه الصورة اندماج هؤلاء الأمراء والسادة فى الحياة الاجتماعية فى الأندلس» هذه الحياة التى كانت قد بلغت شأنا عظيما من 'الرقى والأبهة فى أواخحر أيام ملوك الطوائفء, وتألق نجم الحضارة فى الأندلس- بصورة لم تكن معهودة من قبل» وقد تفوق'أهل الأندلس فى الأدب والفن والفلسفة وغيرها من ألوان الحياة العقلية والرفيعة. فلما فتحت بلاد الأندلس التقت حضارتان أو لونان من ألوان الحياة الاجتماعية: لون أندلسى رفيع ولون مغربى صحراوى أقل رقيا وتفوقا. وكان منطق الأشياء يقضى بأن تتغلب الحياة الأكثر رقيا فتصرع الحياة الأكشر ضعفاء وهذا هو ماحدث بالضبط» فقد صارعت الحياة الأندلسية الرفيعة هذه الحياة الاجتماعية المغربية فتغلبت عليها وأثرت فيها.
غير أن التعاليم التى بثها الإمام عبدالله بن ياسين وسار عليها خلفاؤه من
)1١( معل1
() الإدريسى : المغرب وأرض السودان ص6 .
() 261 .م17 .701 (أك .م0) الإجمرآ1
(4) ابن فرحون : الديباج المذهب ص4 . السعادة الأبدية جا ص177 .
وكهن
الأمراء خلقت جيلا من الولاة حديئى عهد بحياة الصحراء البسيطة الخشنة غير المتكلفة» وحديثى عهد بحركة الزهد والتقشف التى بثها ابن ياسين وخلفاؤه من بعده "2 وقد استطاع هذا الجيل الصالح أن يقاوم مؤثرات المال الوفير والحياة الأندلسية .الراقية» وظلوا فى عهد يوسف بن تاشفين قدوة صالحة للأمراء المتزهدين العزوفين عن متع الحياة» مثل سير بن أبى بكر وأبى عبدالله ابن عائشة «الذى لم يكن من قواد يوسف مثله بأسا وجدا فى نصرة الدين واستبصارا فى أداء الطاعة2 .
ولكن هذه المؤثرات لم تستطع أن تصمد طويلا بعد وفاة يوسف» إذ تغلبت الحياة الأندلسية بمتعها وبهجتها ومسراتهاء ولم يكن من الممكن أن يقاوم المرابطون هذه المتع طويلاء فقد عاشوا فى ظلها وانغمسوا فى لحتهاء واضطروا أن يعيشوا كما كان الناس يعيشون فى الأندلس. ظهرت هذه المؤثرات الجديدة فى أوائل عهد على بن يوسفء فلم يكن هذا الأمير الذى ولد فى بحبوحة العز والترف متقشفا كأبيهء ولم يكن من الممكن أن يكون كذلك, وهو الذى ولد فى حجر العز والسلطان؛ كان إذا رحل إلى الأندلس نزل بأشبيلية فى معرش غاية فى الحسن والجمال» وصفه الفتح بن خاقان أبلغ وصف. فقال: «خرجت بأشبيلية مشيعا الأحد الزعماء المرابطين فلما انصرفنا مال بنا إلى معرش أمير المسلمين» أدام الله تأييده الذى ينزل به عند حلول أشبيليةءوهو موضع مستبعد كأن الحسن. فيه مودع ماشئت من نهر ينساب انسياب الأراقم وروض كما وشت البرود يد راقم وزهر يحسد الماء رياه ويتمنى الصبح أن يسم به محياه»”” .
فى هذا القصر الجميل الوارف الظل كان ينزل أمير المسلمين كلما حل بالأندلس» فيستمتع بمطايب هذه الحياة الأندلسية الرفيعة » فلم يكن بدعا أن ينسج الأمراء والقواد على منواله» وأن يعيشوا فى مقاطعاتهم عيشة رفيعة مترفة» فيها رخاء وفيها متعة» فتأنقوا فى.المأكل والملبس» واتخذوا مجالس من الشعراء والمغنين
زفق ابن الأبار : التكملة جا ص00 . (؟) الفتح بن خاقان : قلائد العقيان ص١١١ .
58
والندماء» وبدعوا يحيون حياة لاتكاد تختلف عن الحياة التى كان ملوك الطوائف يحيونها '"» فروى المقرى أن أبا بكر بن الروح الأشبيلى مدح الأمير إبراهيم بن يوسف بن تاشفين» وكان يدل عليه وينادمه بقصيدة مطلعها: أنا شاعر الدنيا وأنت أميرها 2 فمالى لايسرى إلى سرورها””»
وكانوا أيضا يستمعون إلى المغنين ويجالسونهم ويطربون لشعرهم وغنائهم» فقد جالس أبو بكر بن باجة ابن تيفوليت صاحب سرقسطة.» فألقى على بعض قيانه موشحة أولها:
جرر الذيل أيما جر فطرب الممدوح لذلك وختمها بقوله: عقد الله النصر لأمير العلا أبى بكر
فلما طرق ذلك التلحين سمع ابن تيفلويت صاح.واطرباه»وشق ثيابه. وقال ما 7" وهذه الرواية تصور لنا تصويرا صادقا لونا من هذه الحياة الاجتماعية الرفيعة التى كان يحياها الأمراء فى الأندلس» والتى وضحت فيها المؤثرات الأندلسية أتم وو
ويبدو أن الحياة الاجتماعية فى المغرب قد أصابت من هذه المؤثرات الشىء الكثيرء فقد كان الأدباء والشعراء والمغنون يعبرون البحر إلى العدوة» ويلمون بفاس أو تلمسان أو مراكش وغيرهاء» يمدحون الأمراء؛ ويجالسونهم» ويتغئون بمحامدهم» وليس ببعيد أن أمراء المغرب كانوا يحييون مثل هذه الحياة المترفة» وخصوصا أن الدولة كانت تنقل أمراء الأندلس إلى المغرب» وأمراء المغرب إلى الأندلس» وكان الأمير المنقول إلى المغرب يصحب بطانته ووزراءه وكتابه» وقد اتخذ الأمراء القصور الحسان '*), وتفنن فنانو الأندلس فى بنائها وزخرفتهاء وبدت مراكش فى أواخر العهد بالمرابطين زاخرة بهذه الحياة المترفة الرفيعة» وانتشرت بها
)١١( 2611 .م ,لا .آوما ,ععدمد'ل .انادنك8 5عل )115]: بإدمدرآ )١( ديوان ابن خفاجة ص7١١ . المقرى: 'نفح الطيب ج؟ ص77١٠. (7) المقرى: أزهار الرياض ج؟ ص8 ٠١
(5) التادلى: التشوف ص”79١.
4
قصور الأمراء والقواد وخدام الدولة ”'2» وكلما أمعنت الدولة فى الترف كلما تناست رسالتهاء واطرحت المثل التى وضعها عبدالله بن ياسين» فذكر البيدق «أن الحوانيت كانت مملوءة دفوفا وقراقر ومزامير وعيدانا وأرببة وكيتارات وجميع اللهو»9" .
لا - أثرقيام دولة المرابطين فى حضارة المخرب والأندلس:
أما الآثار التى خلفها قيام الدولة فى حضارة المغرب والأندلس فقد كانت عظيمة حقاء إذ تركت أثارا واضحة فى الحياة الثقافية فى المغرب والأندلس» وفى الفن الأندلسى المغربىء» وقبل أن نعرض لهذه النتائج» ونتلمس صدى هذه التأثيرات فى ال ميدان الحضارى» يجب علينا أن نعرض للاتجاهات التى خلفها قيام الدولةء هذه الاتجاهات التى كانت بمثابة حجر الزاوية فى هذا الصرح الحضارى : المنيف» الذى شيده المرابطون» سواء فى المغرب أو فى الأندلس.
فقد تمخض قيام الدولة عن توحيد المغربين الأوسط والأقصى وظهورهما فى عالم شمال إفريقية بمظهر القوى المتماسكء وكان نمو قوة المرابطين وظهورهم بهذا المظهر القوى الرائع عاملا عظيما فى وقف توسع عرب بنى هلال» والحيلولة بينهم وبين التدفق إلى المغرب الأقصى» فقد عرفنا كيف استطاع عرب ينى هلال أن ينالوا من دولة بنى زيرى» ويهزموا صنهاجة بقيادة المعز بن باديس ”© وأن يدكوا صرح القيروان» وأن يعيثوا فى إفريقية فساداء يغيرون على المدن الزاهرة» ويحملون علم الدمار والخراب فى طول البلاد وعرضها”؟.
فلما استقر هؤلاء العرب فى إفريقية يتابعون هذه السياسة الحمقاء. تفرق علماء إفريقية أيدى سبأء وانتهت القيروان كجامعة ذات شأن فى الحياة الثقافية فى المغرب والأندلس *2» هذه الجامعة التى شد إليها المغاربة والمشارقة الرحال» ونهلوا (1) أبو بكر الصنهاجى» البيدق : أخبار المهدى ابن تومرت ص56 . (””) النويرى : نهاية الآأرب ج77 ص510١.
(4) ابن خلدون جة ص؟909١. (6) النويرى: نهاية الآأرب ج77 صاار ١4 .
انا
من علمها ماطاب لهم» وظلت تغذى ال حياة الثقافية فى العالم الإسلامى طيلة أربعة قرون. وقد أقفرت مدارس القيروان بعد غارات عرب بنى هلال» ونجا العلماء من دنا [لريقةة بخانعهنم وقتهم»-وتركوا [فكيفنة' نهنا العرب :يمدون فنا كتفت نادو |01 وكان طبيعيا أن يؤدوا رسالتهم»ء ويتابعوا نشاطهم الثقافى» فالتجا أغلبهم إلى مدارس المغرب الأقصى» إلى فاس وسبتة وطنجة وأغمات وتلمسان» فكأن نكبة القيروان» وكارئة الحضارة فى إفريقنية قد عملت على تفوق مدارس المغرب الأقصى. وبروزها فى ميدان الحضارة» وتألق نهمها فى عالم الثقافة.
وفى هذه الأونة.بالذات أسدى المرابطون للحضارة يدا طولى» ومكنوا لمدارس المغرب الأقصى وعلمائها من متابعة الرسالة المقدسة بعيدين عن كل مايهددهم أو يقطع عليهم جهودهم الموفقة » فقد وقف المرابطون للعرب بالمرصادء ورحموا المغرب الأوسط والأقصى من شرهم. وحينما راح بنو حماد الذين تنكروا لتراث قبيلتهم وخانوا بنى عمومتهم يجمعون الأعراب ويؤلبونهم» ويجندونهم للوغارة على المغرب الأوسطء. وطعن المرابطين من الخلف. وهم فى معركة الجهادء وقف لهم يوسف بن تاشفين بالمرصاد» وشحن المغرب الأوسط والأقصى بالمقاتلة والسلاح» وفوت على بنى حماد غرضهم 7" وحال بين الأعراب وبين العبث بالمغرب الأقصىء كما عيثوا بإفريقية من قبل» وبذلك صان المرابطون تراث الحضارة» وبسطوا ظل حمايتهم على العلماء. وأخذت مدارس المغربٍ الأقصى فى كنفهم يزداد تفوقهاء ويتألق نجمها حتى لقد قيل إن جامعة فاس» ورئت تقاليد القيروان» وخلفتها فى مضمار الثقافة. الإسلامية.
إلى جانب ذلك كله عمل المرابطون على إصلاح أحوال البلاد الاقتصادية والاجتماعية» وأوجدوا نوعا من التعاون بين طبقات السكانء ووجهوا المجتمع كله صوب معركة الجهادء فنامت الفتنة» وشاع الأمن والطمأنينة فى ربوع البلاد”"» وانصرف الناس إلى الإنتاج'المادى» وتقدمت الزراعة والصناعة» وراجت
(1).الدباغ : معالم الإيمان فى معرفة أهل القيروان ج؟ ص597؟ . (9) الفتح بن حاقان: ٠ القلائد ص 0 1 إفرفق ابن أبى زرع: روض القرطاس ص: 3
مضل
سوق التجارة» وارتفع مستوى الدخل بين جمهرة أهل البلاد. وليس من شك فى أن الاستقرار إذا اقترن بالرخاء كان من أهم الأسباب التى تمكن للحضارة من أن يزكو نبتها وتنضج ثمارهاءإذ ينصرف العلماء إلى أداء رسالتهم السامية فى هدوء وطمأنينة وأناة» نعم صان المرابطون تراث الحضارة فى المغرب يسبب هذه السياسة الإصلاحية العظيمة التى وضع أساسها يوسف بن تاشفين حين أوصى ولده «ألا يهيج أهل جبل درن ومن وراءه من المصامدة وأهل القبلة 9».
أما تدفق المرابطين إلى الأندلس فقد أنقذها مما كانت تعانيه من فوضى واضطراب وعدم استقرارء فقد كان المجتمع الأندلسى فى ظل ملوك الطوائف مجتمعا عزت فيه الطمأنينة» وعدم الاستقرار» وأصبحت هذه الفتن المتأججة التى كانت تتزايد باستمرار لاتطمئن العلماء على أنفسهم» فتقض مضاجعهم» وتؤرقهم» وتدفعهم إلى الهجرة بأنفسهم وعلمهم فرارا من هذا الاضطراب والفساة:
وهنالك أمر آخر كان له شأن وأى شأن فى تشجيع الحياة الثقافية والفنية فى ذلك العصرء هو أن القبائل التى أقامت الدولة لم تكن قبائل هدم إنما كانت قبائل بناء» كانوا بدوا ما فى ذلك شكء ولكنهم كانوا من ذلك الصنف من البدو الذى يغير لا ليخرب ويدمرء ولكن ليقوم ويصلح» وقد سبق أن أشرنا فى الباب الأول إلى أن هذه القبائل كانت قبائل قبل تدفقها صوب المغرب ذات تراث حضارى قديم» وأن البيئة هيأتها لتلعب فى تاريخ الحضارة دورا عظيماء وعقدنا مقارنة بين صنهاجة وبين زناتة» أو بين صنهاجة وبين عرب بنى هلال» ولسنا فى حاجة إلى أن نوضح الفرق بين عهدين متباينين: عهد سادت فيه زناتة فعاثت وأفسدت ونهبت» وعهد استظل بظل صنهاجة فاستقر واطمأن وهدأ وتألق نجم ثقافته وفنه وهذنا أمر بعيد الأثر فى تاريخ الحضارة فى ذلك العهد يجب أن لانقلل من أثره أو نغض من شأنه» فالفرق واضح بين البدو الذين يهدمون ويخربون وبين البدو الذين يصلحون ويبنون كالفرق بين المغول والعرب مثلا .
وهنالك عامل آخر أبرزه تدفق المرابطين صوب الاأندلس» فقد وحدوا! بين
1
العدوتين» وبسطوا ظلهم على القطرين» وكان هذا التوحيد ذا أثر عظيم فى تاريخ الحضارة المغربية الأندلسية» إذ إن معناه اختلاط المؤثرات المغربية بالمؤثرات الأندلسية» واختلاط حضارة راقية بحضارة أقل رقيا وازدهارا 2» وسوف يتمخض هذا المزج بين الحضارتين عن تألق نجم الثقافة والفن فى المغرب 9 .
لانستطيع أن نتكر أن المغاربة وردوا موارد الأندلس قسبل عهد المرابطين» ولانستطيع أن ننكر أيضا أن المؤثرات الأندلسية تدفقت إلى المغرب: فى عهد سيادة الأمويين» وبعد سقوط الخلافة» ولكن الحقيقة التى يجب أن تظل مائلة فى الأذهان هى أن المؤثرات الأندلسسية قد انتشرت فى إقليم الساحل» هذا الإقليم الزراعى الذى انتشرت فيه المدن ذات الماضى المجيد فى تاريخ الحضارة الإسلامية مثل فاس» ولكن هذه التأثيرات ظلت فى عصور الاضطراب والفتن لاتكاد تنخظى هذا النطاق إلى الجنوب 9 . فقد اشتد الصراع بين المستقرين والبدوء وعدم التعاون بين إقليم السهول واإقليم المراعى» وأصبح هذا التباين بين قسمى المغرب الأقصى عقبة تحول بين المؤثرات الأندلسية» وبين أن تعم المغرب الأقصى كلهء فلما بسط المرابطون لواءهم على المغرب كلهء وأضافوا إليه الأندلس انطلقت المؤثرات الأندلسية تعم البلاد دون أن تعترضها عقبة» أو يقف فى طريقها عائق». بل استطاعت هذه المؤثرات المغربية الأندلسية أن تتخطى نطاق جبل درن فى الجنوب موغلة فى إقليم الصحراء. كان المرابطون إذن حلقة اتصال فى تاريخ الحضارة بين عهدّين: عهد ملوك الطوائف. وعهد الموخدين» فمهدوا السبيل أمام عصر الموحدين الزاخر بعلمه وفنه:وحضارته ”؟2. وأقام. الموحدون صرح مدارسهم وثقافتهم على الأسس التى بثها المرابطون» وأفادوا من العوامل التى شجعها المرابطون وشدوا أزرها .
وقد وجدت هذه المؤثرات الأندلسية الراقية من يشجعها ويشد من أزرهاء فقد عمل ملوك المرابطين وأمراؤهم على تشجيع هذه المؤثرات» وشد أزر العلماء 200 251-12 .8 ,عمتدآ/ا نال ععناذ11آ : عوموده]1" (5) سعن1
() 251-252 .2 ,ع0قه1/1 نال م51ا15]] : عوموررع 1" (؟) 300-301 .مآ .آ0؟ .اكسالا ارخ 'ل أعسمدكخ :مندءم د81 .
يفف
بكل سبيل» فقد استقدم على بن يوسف منهم طائفة ممتازة جاءوا إلى مراكش فاستكتبهم أو استوزرهمء ومهد لهم السبيل ليشيعوا فى البلاد هذه الألوان الأندلسية فى الفن والأدب ”2. وكان الفنانون والصناع من أهل الأندلس يلقون من ملوك المرابطين وأمرائهم الشىء الكثير من الحماية والتشجيع والتعضيد "2 وكان الملوك يستقدمون أعلام الفقهاء والعلماء لتأديب بنيهم ©» وحضور مجالس مشورتهم» وتعليم أهل المغرب وتأديبهم» «ولم يزل أمير المسلمين من أول إمرته يستدعى أعيان الكتاب من جزير الأندلس وصرف عنايته إلى ذلك حتى اجتمع له منهم مالم يجتمع لملك»» كما كان المرايطون يشجعون الأطباء والفلاسفة ©" وكان كل أمير أو قائد يقلد أمير المسلمين فى تشجيعه للعلم والعلماء» اتخذوا الشعراء والأدباء جلساء وقربوا الفقهاء والعلماء والفلاسفة © وأغدقدوا عليهم وشجعوهم بكل وسيلة» وعملوا على استقدام جلة العلماء من أهل الأندلس ”22 وقد صور ابن خلدون ذلك كله أصدق تصوير حين قال: «وأما إقامتهم لمراسم الشريعة وأخذهم يأحكام الملة ونتصرهم لدين الله فقد نقل عنهم من اتخاذ المعلمين كتاب الله لصبيانهم والاستفتاء فى فروض أعيانهم» واقتناء الأئمة للصلوات فى بواديهم وتدارس القرآن بين أحيائهم؛ وتحكيم حملة الفقه فى نوازلهم وقضاياهم وصاغيتهم إلى أهل الخير والدين من أهل مصرهم» ومايدل على رسوخ إيمانهم وصحة معتقداتهمء ومتين ديانئتهم التى كانت ملاكا لعزهم ومقاما إلى سلطانهم وملكه.”"».
وتصور كتب الطبقات هذه العلاقات التى نشأت بين المغرب والأندلس» والتى توثئقت فى عهد المرابطين فتتحدث فى إسهاب عن أهل المغرب الذين وفدوا
)١( ابن بشكوال : الصلة ص017 . المقرى : أزهار الرياض جل ص 217١ ابن القاضى: جذوة الاقتياس ص؟169.
)١( 301 .2 ,1 .أ0؟؟ ,.أنكنك8 رخ ل أعنامدل8 :داععداة1
(*) اين الأبار : التكملة ج١ ص١4 ص١5 جذوة الاقتباس ص54.
() المقرى: نفح الطيب جا ص4505 وجا ص9718.
)( ابن الأبار: التكملة جا ص556١.
. اين يشكوال : ص48 2.6 السعادة الأبدية جا ص7؟1 )١(
7) ابن خلدون 5 ص6١١.
لضن
على الأندلس» وألمو بمدارسهء وجلسوا إلى فقائه وعلمائه» وأديائه وشعرائه وعادوا إلى بلادهم بذخيرة علمية عظيمة ينفعون بها الناس. وتتحدث كتب الطبقات أيضا ”© عن أعلام الفكر من أهل الأندلسء» ورحميلهم إلى المغرب» وإلمامهم بمدنه وإحاطة الطلاب بهم يروون عنهم» ويأخذون منهمء ويتعلمون على أيديهم» يمهد لهم الأمراء السبيل» ويحوطونهم بالرعاية والتكريم ”2. أنعجب بعد هذا كله إذا كانت مدارس الثشقافة فى المغرب والأندلس قد تألق نجمها فى البلاد» وطار ذكرها فى الآفاق.
وإذا أردنا أن نعطى صورة.واضحة للحياة الشقافية فى عهد المرابطين فلابد من الرجوع إلى كتب الطبقات» فهى المراجع التى تؤرخ للنهضة الثقافية وتتحدث عن المدارس المنبثة فى البلادء وتتناول العلماءء وتترجم لهم» وتكشف عن آثارهم العلمية وتعرف بهمء وتفصل أمر شيوخهمء وتعرض لمذاهيهمء ولمن ورد مناهلهم» وتتلمذ عليهم» ومن حسن الحظ أن أغلب هذه المراجع قد ألفت يعد سقوط دولة المرابطين ”. فلم يتأثر أصحابها بما يتأثر به المجاصرون عادة من تملق القائمين بالأمرء أو تعمد المبالغة طمعا فى التقرب من السلطان» أو إخفاء الحقائق خوفا من بطش ولى الأمر ونقمته» نستطيع إذن أن نعتمد على ماكتبه المؤرخون المتأخرون لأنهم كتبوا مجردين عن الهوىء ملتزمين جادة الحق فهم يبنينون ما للدولة وما عليها.
ومن الغريب أن ترسم كتب الطبقات لعصر المرابطين صورة زاهية وتبرزه للناس عصرا حافلا بالحركة والحياة» يفيض بالعلماء الثقات المتفرغين لدراسة كل لون من الوان الياة الخفلة) وتكاد تحين من كايا مايكنبون معدا ما اسدثة هذه الدولة للثقافة الإسلامية'فى المغرب من خدمات جليلة» حتى بدأ علماء المغرب والأندلس ينافسون علماء المشرق فى هذا المضمارء ويتفوقون عليهم فى كثير من
)١( ابن الأبار : التكملة جا ص؛ه وثالا و8لا و97 و7608 و1908 و7817 و7584 وجا ص - 67 . ابن بشكوال ص87. المطرب لابن دحية ورقة 74 () المراقبة العليا ص ٠١١ صلة الصلة لابن الزبير ص 5# ..
(1) الذخيرة (قسم 5 مخطوط) ص70١ . التشوف ص7١١1. ابن الأبار جا ص0 6.
(') التكملة لابن الأبار والصلة لابن بشكوال والمراقبة العليا للنباهى وغيرهم..
نيض
النواحى 27. فقد تتلمذ المغرب على المشرق دهرا طويلاء وظلت أمهات الكتب التى ألفها المشارقة تدرس فى مدارس الأندلس والمغرب» يفسرها الأساتذة ويرويها الطلاب» حتى إذا تمكن المغرب من نفسه. وزخرت مدارسه بالحياة واطمأن إلى مقدرته بدأ يخرج ألوانا أندلسية مغربية تفوق ماعرف من الألوان المشرقية. بدا التفوق فى الشعر وفى النثر وفى الفلسفة والطب وعلوم الحديث والقرآن واضحا جليا .
وأول ماتكشف كتب الطبقات النقاب عنه هذه المدارس الشقافية المتعددة التى انتشرت فى بلاد المغرب والأندلس فى عهد المرابطين» وبعض هذه المدارس قديم النشأة» وبعضها حديث أسس فى ذلك العصر بالذات» ولكن المؤرخين أجمغوا على أن المدارس القديمة والحديثة قد تفوقت فى هذا العصر تفوقا ظاهرا.
ومن أهم المدارس مدرسة فاس التى بلغت فى عهد المرابطين والموحدين من بغدهم «من الغبطة والرفاهية والدعة والأمن مالم تألفه مدينة من مدن المغرب»7". قصدها العلماء من الأندلس وإفريقية. ومن مدارس المغرب الأقصى أيضا مدرسة: سبتة "» التى تقع على مضيق جبل طارق» فتتلقى المؤثرات الأندلسية والمغربية على سواء وقد أنجبت عالما فذا من أعلام عصر المرابطين هو القاضى عياض اليحصبى» وانتشرت المدارس أيضا بطنجة 2 وأغمات ؟» وسجلماسة0©) وتلمسان © ويبدو أن مدرسة مراكش 0 وهى حديثة النشأة قد تفوقت تفوقا ظاهراء فقد كانت حاضرة الدولة» ومقر السلطان» وكعبة القصادء وفد إليها العلماء من كل فج لينغموا بالحياة قريبا من الأمراء» فينالوا رفدهم وعطاءهم.
)١( يوسف أشباخ: تاريخ الأندلس فى عهد المرابطين والموحدين جا ص777. (؟) الجزنائى: زهرة الآس ص77
(*) ابن الأبار: التكملة جا صآالا.
(5) ابن الأبار : جا ض7837.
(6) أزهار الرياض : ج7 ص١2 .
(0) ابن الأيار : ج؟7؟ ص787
(0) ابن الأبار جا 7371.
)2 ابن فرحون : الديباج المذهب ص؟ةة.
ف
ويبدو أن مدارس الأندلس قد نهضت نهضة موفقة فى عهد المرابطين»؛ بعد أن اطمأن العلماء وهدأواء واستقرت أحوالهم. ومن أهم مدارس الأندلس مدرسة قرطبة '©» ومن أعلامها فى عصر الموحدين الفيلسوف ابن رشد. كما ازدهرت مدارس مرسية زف وألمرية © ودانيةك وأ* ميلية (0ي وبل 3 0 وطرطوشة 0 وغوباعلة لما نوين ا عاط وبر يي 1ك وكا 0م
ولم تتحدث كتب الطبقات عن المدارس فحسب» بل عرضت للعلماء من كل الأندلس: هما أبو على الصدفى "22 وأبو على الغسانى 29 . كان الصدفى. يروى السئن لأبى دواد» والدارقطننى» وجامع الترمذىء وتاريخ البخارى» ورياض المتعلمين لأبى نعيمء كما كان «دينا فاضل معنيا بالعلم وسماعه وكتب بخطه على وقته علما كثيرا» "2. أما الغسانى فقد انفرد بالإمامة بعد وفاة الصدفى «فكان آخر المسندين بقرطبة» وأضبط 'الناس وكثر الراحلون إليه»2©"7. وبرز فى هذا الميدان أيضا أبو العباس الخزرى» وأبو الوليد الباجى ١ وأبو جعفر بن حجر وأبو عامر بن )١( ابن الأبار : التكملة جا ص4384. زرف المرجع السابق والصفحة نفسها. (*) ابن خير : الفهرسة ص١4. (5) ابن الأبار: التكملة جا ص١7١1. (0) ابن خير: الفهرسة ص١؟7١. )١( ابن الأبار: التكملة جا ص57 . 0) المرجع السابق والصفحة نفسها. زلف المرجع السابق جا ص6ة"7. ك4 المرجع السابق ج71 ص ة 72 )٠١( المرجع السابق ج١؟ ص197.. )١١1( ابن الزبير :. صلة الصلة ص87. )1١( المرنجع السابق ض44 . (1) ابن الأبار جا ص46 . )١5( المرجع السابق جا ص78. (19) المرجع السابق ج ١ ص84 . (1) ابن الأبار : التكملة جا ص78
فض
حبيب» وأبيو عمران بن أبى تليد» وأبو بحر الأسدى». وأبو العباس بن ذروة0ك
أما القاضى عياض فقد تألق نجمه فى أوائل القرن السادس الهجرى» وأصبح من أعلام مدرسة سبتة وجلة فقهائهاء تعلم بالأندلس وتتلمذ على شيوخها الثقات حتى أصبح «من أهل اليقين فى العلم والذكاء واليقظة والفهم» '©. وإذا تحدثنا عن الفقه فيجب ألا يفوتنا ذكر أبى الوليد محمد بن أحمد بن رشدء فقد كان فقيها عالما حافظا للفقه مقدما فيه على جميع أهل عصره» وكان من أقطاب مذهب مالك بالأندلس» وقد برع فى علم الفرائض والأصول» وألف كتاب المقدمات لأوائل كتاب المدونة» وكتاب البيان والتحصيل لا فى المستخرجة من التوجيه والتعليل» واختصار المبسوطة» واختصار مشكل الآثار للطحاوى”"»؛ وكان محمد بن خيدرة المعاقفرى خاتم الحفاظ بالأندلس» وأعرفهم بعلله» وأكثر المبرزين فى صناعته» ومعرفته معانيه وحفظ أسمائه 2 وممن تألق نجمه فى الفقه والحديث كما تألق فى الأدب والبلاغة الوزير أبو عبدالله محمد بن مسعود بن فرج بن خلصة أبى الخصال الغافقى» فقد ألف كتاب المنهج فى معارضة المبهج» وكتاب ظل الغمامة وطوق الإمامة فى مناقب من خصه رسول الله ككلْةٌ من صحابته بالكرامة» وكان الناس يروون جميع كتبه وكلامه من منثور ومنظوم وخطب”".
أما علوم العربية فقد نفقت سوقهاء وراجت بضاعتهاء وظهرت فى بلاد الأندلس فى ذلك العهد طائفة من الكتاب المجيدين برعوا فى الكتابة وأحاطوا بأسرار اللغة» فتهافت عليهم الملوك والرؤساءء يستتخدمونهم فى دواوين الإنشاء #يجمعون إلى براعة الفقهاء براعة الشعراء النبهاء ويتصرفون تصرف المطبوعين ويتكلمون بألسنة المجيدين 429. ومن أثمة هؤلاء الكتاب الأعلام والأدباء الثقات عبدالرحمن بن جعفر بن إبراهيم بن أحمد المعافرى» ومحمد بن سليمان الكلاعى (5) النباهى: الرقبة العياض ٠١١ . (1) المرجع السابق 6ة-95. (5) ابن الأبار : التكملة جا ص54.
(5) ابن نخير : الفهرسة صن785 و-40. )١( الذخيرة : قسم 5 #مخطوط» ص90؟١.
لفن
المعروف بابن القصيرة #رأس أهل البلاغة فى وقته من أهل الأدب البارع والتفنن فى أنواع العلم كي ومحمد بن أحمدل بن إبراهيم بن الساقط 9 وعبدالملك بن أبى الخصال ”© وعبدالعزيز بن سعيد: بن القبطورنة 29» ومحمد بن عيسى بن محمد اللخمى المعروف بابن اللبانة «كان من جلة الأدياء وفحول الشعراء واسع الذرع غزير الأدب قوى العارضة متصرفا فى البلاغة 42: ألف كتبا تناقلها الناس مثل كتاب مناقل الفتئة» وكتاب نظم السلوك فى وعظ الملوك وكتاب سقيط الدرر ولقيط الزهر ومن هؤلاء أيضا إبراهيم بن يحيى بن محمد بن ينق ”© وجعفر ابن إبراهيم المعافرى المعروف بالفتح بن خاقان صاحب كتاب قلائد العقيان , ويحيى بن محمد بن يوسف الأنصارى بن الصيرفى المؤرخ”"2..
وقد برع فى علوم اللخة طائفة من الأساتذة الأعلام مثل أحمد بن غبدالجليل ابن عبدالله التدميرى 09 وم يحل بن أغلب بن أبى الدوس 00 وميخمد بن حسين بن محمد بن غريب الأنصارى”''2؛ وعبدالمجيد بن عبدون الفهرى اليايرى9"7©, أما علوم النحو فقد برع فيها محمد بن حكم بن محمذ بن باقى االجزامى كج وأحمد بن محمد بن عبدالر حمن بن خاطب بن زاهر الباجى الانداي 0
أما فى ميدان الشعر فقد تحدثت كتب الطبقات عن طائفة من الشعراء )١( ابن بشكوال : الصلة ص6517 () ابن القاضى : جذوة الاقتباس ص6094١. لقف جذوة الاقتباس ص 117/7١ 5
(5) ابن الأبار : التكملة ج7 ص5؟57".
4 ا مرجع السابق جا ص568١.
(5) ابن الأبار : التكملة ج١ا ص87١ .
زفق ا مرجع السابق ص/ش .
[3© المرجع السابق جا ص5886.
(9) ابن الزبير : صلة الصلة ص”87١.
١4ص ابن الأبار : التكملة جا )٠١(
.١605ص ابن القاضى: جذوة الاقتباس )١١(
,. ١4 ابن الأبار : التكملة جأ: ص” )١(
(17) الذخيرة (م. بغداد) قسم "' ص 775 مشيخة عياض ورقة لاه (1). )١5( ابن دحية : المطرب ورقة 75 (أ). بغية الوعاة للسيطوى ص98”. (16) السيوطئ: بغية الوعاة ص١5١.
ايض
الفحول الذين تألقوا فى سماء ذلك العصر؛ مثل إبراهيم بن أبى الفتح بن عبيد الله بن خفاجة الهوارئ: الشاعر 7»» صاحب الديوان المعروف الذى ميجد أمراء المرابطين ومدحهم وتغنى بشمائلهم ونال عطاءهم. وقد تفوق فن الموشحات فى عصر المرابطين تفوقا عظيما على يد الشاعر أحمد بن عبدالله القيسى أبى العباس الملقب بالأعمى التطيلى» ويحيى بن بقى وأبى بكر بن الأبيض ”"؛ كما تفوق فن الزجل على يد الزجال المعروف ابن قزمان.
وكما ارتفع شأن الفقه والحديث والأدب والشعر تألق نجم علوم الفلسفة والطب» وكان من أئمة فلاسفة ذلك الوقت مالك بن وهيب وزير على بن يوسف وأقرب المقربين إليهء أخذ من كل فن بطرف وبرع فى علوم اللغة» وتفوق فيهاء وألف كتابا سماه قراضة الذهب فى ذكر أيام العرب فى الجاهلية والإسلام 27 وضم إلى ذلك مايتعلق به من الآداب» فجاء الكتاب فريدا فى فنه. وكما ألف ابن وهيب فى اللغة كذلك ألف فى الفلسفة.» إذ درس كتاب الثمرة فى الأحكام لبطليموس وكتاب المجسطى فى علم الهيئة 29. أما الفيلسوف أبو بكر بن باجة فحدث عنه ولاحرجء فقد ذاع صيته فى الأندلس وأوروبا فى العصور الوسطى حيث عرفه الناس باسم «#عدودء٠4»: وهو صاحب مدرسة الشكء١وتأثر بالفلسفة اليونانية وأشاع هذا المذهب بين شعراء ذلك العصر الذين فشا فى شعر بعضهم لون من ألوان التحرر من قيود الدين ”2؛ وقد برع ابن باجة فى الموسيقى كما برع فى الفلسفة. أما الطب فمن أعلامه أبو العلا زهر بن عبدالملك» «كان وزير ذلك. الدهر وعظيمه وفيلسوف ذلك العصر وحكيمه» "'» برع فى الأدوية المفردة والمركبة وشاع ذكره فى الأندلس وفى غيرها من البلاد ”©» وقد ألف كتاب
. اين الأبار : التكملة جا ص64 )١(
(5) المقرى: أزهار الرياض جا ص8١ ؟ -709.
(7) أعز ما يطلب ص8. المقرى: نفح الطيب ج؟ ص58 .
(5) أعز مايطلب صرلا.
(5) المقرى: أزهار الرياض ج١7 صخ 7١ ر4 ٠١ 289 .م .1 .[7/0 .امه '(1 أعنامةآلة.وتهعمد1/1 (3) المقرى : نفح الطيب جا ص4402.
(0) ابن أبى أصيبعة: طبقات الأطباء ج؟ ص55 .
يكنا
الاقتضاء فى إصلاح الأجساد للأمير إبراهيم بن يوسف بن تاشفين ”2 وقد قربه المرابطون وأجلوه وأغدقوا عليه من النعم والأموال الشىء الكثير ”©» وبلغ من اهتمام المرابطين بفن ابن زهر ومؤلفاته أن عليا بن يوسف أمر بجمع مضئفاته بعد وفاته «فجمعت بمراكش وسائر بلاد العدوة والأندلس ونسخت ”*"4, نعم قرب المرابطون مالك بن وهيب وأبا بكر بن باجةء وأبا العلاء بن زهرء أفيقال بعد ذلك إن المرايطين حاربوا العلم» وكانوا أعداء حرية الرأى؟» وهل يعتبر عدوا لخرية الرأى من يقرب ذلك الفيلسوف المتحرر ابن باجة؟. ويكفى.فى إثبات تشجيع المرايطين للعلم والعلماء أن نورد ماقاله المراكشى فى هذا الصدد: «انقطع إلى أمير المسلمين من الجزيرة من أهل كل علم فحوله حتى أثسبهت خحضرة بنى العباس فى صدر دولتهم واجتمع له بولايته من أعيان الكتاب وفرسان البلاغة» ما لم يتفق اجتماعه فى عصر من الأعصار)) .
وقد تركت هذه الحياة العقلية الرفيعة أثرا بعيدا فى شعب الملثمين فأقبلوا على الثقافة يردون مواردها وينهلون منها ماطاب لهم» وكان الملثمون على استعداد لتقبل هذه الشقافة الجديدة والإفادة منهاء فقد كانت القبيلة ذات حضارة قديمة» أفادت فى تاريخها القديم من الحضارات الوافدة على المغرب» وأصبحت عقول بنيها أكثر استعدادا لحياة علمية رفيعة لو أحسن توجيههمء وكان عبدالله.بن ياسين قد فتح عقولهم للثقافة الإسلامية والتراث العربى» وتركت تعاليمه فى نفوسهم أبلغ الأثرء وبدأ منذ اللحظة التى وطئت فيها أقدامهم أرض المغرب يقبلون على المدازس فى شغف» لم يتخلفوا عن الركب ليتابعوا حياة الإغارة والعدوان شأنهم شأن القبائل البدوية الأخرىء بل انكبوا على الثقافة والعلم وأخذوا منهما بنصيب موفور.
وما فتحوا الأندلس تبفتحت أمامهم آفاق جديدة فى ميدان العلم» واحتكوا
)١( ابن الأبار : التكملة ج؟ ص595.
(؟) ابن أبى أصبيعة : طبقات الأطباء جذ١ا ص55 . (6) المرجع السابق ج؟ ص18 .
(5) المراكشى : المعجب ص؛ .١٠١
"4١
بحضارة الأندلس الرفيعة وثفافتها المزدهرة» فأفادوا منها فائدة جلى» فاختلفوا إلى شيوخها وصحيوا علماءهاء وسمعوا من رواتها ومحدثيهاء حتى شاع العلم بين أفراد القبيلة من عامة ونبلاء» وأقبل الجميع على التعلم بنفوس راضية وعقول واعية» جتى إذا انقضى على تدفقهم إلى المغرب والأندلس نصف قرن بدأت نتائج الثقافة الجديدة تظهر آثارها فيهم. أخذنا نسمع بجيل من هؤلاء الملثمين تمكنوا من العلم» وبرعوا فيهء واحتلوا مكان الشيوخ المعلمين الذين جلسوا يحدثون الناس وبفقهونهم» وأخد التلاميذ يختلفون إلى مجالسهم» ويروون عنهم.
ونحن إذ نقول ذلك لانرسل القول إرسالاء ولكن نعتمد على كتب الطبقات التى تكشف لنا عن هذا البعث العلمى الذى فشافى صفوف القبيلة صاحبة الدولة» وتذكر طائفة من هؤلاء الملثمين الذين ذاع صيتهم فى أواخر القرن الخامس 'وأوائل القرن السادس مما يشهد بضدق.مانقول». ويدل فى وضوح وجلاء على أن هذا الشعب الملثم لم يكن عدوا للعلم يقف فى سبيله» .بل كان ينصره ويأخذ منه بنضيب ويشارك فيهء وقد اشتهر من هؤلاء الملثمين فى ذلك الوقت زاوى بن مناد :ابن عطية الله بن المنصور الصنهاجى المعروف بابن تقسوطء الذى كان من أعلام مدرسة ذانية وجلة شيوخها 2؛ وأحمد ب محمد ب موسى بن عطاء الله الصنهاجىء الذى استوطن ألمرية وذاع صيته 2» وخخلوف بن خلف الله الصتهاجى الذى سمع بقرطبة» وولى قضاء غرناطة"©: وموسى بن خماد الصنهاجى”؟»؛ بل عكف كثير منهم على الزهد والتقشف» وعرفوا بالتقى والورع» وذكر صاحب كتاب التشوف فى عداد الأولياء أبا عبدالملك مروان اللمتونى 209 وأبا محمد عبدالجليل بن ويجلان 22 وأبا شعيب أيوب بن سعيد الصنهاجى9؟.
١ ' ابن الأبار: التكملة ج١ا ص86. )١(
(؟) ابن بشكوال : الصلة ص86 . ابن الأبار جا ص9١ . التشوف ص7١١ (7) ابن القاضى : الجذوة ص9١41.
(5) ابن بشكوال : الصلة ص85. 2
(0) ابن المؤقت المراكشى : السعادة الأبدية جا ص .١6١
)١( التادلى : التشوف ص198.
(0) المرجع السابق والصفنحة نفسها.
امم
أقبل الأمراء والنبلاء على الثقافة كما أقبل عليها عامة الملثمين» وظهر فيهم فريق عرف بالتقوى والعلم الغزير» وقد تحدثت عنهم كتب الطبقات وسجلت أعمالهم فى تقدير وإكبار» مثل عمر بن إمام بن المعتز الصنهاجى أمير ألمرية الذى تتلمذ على الشيخ أبى على الصدفىء وبلغ من علمه أن سمى بالفقيه القائد ”2 والمنصور بن محمد بن عتاب وأبى بحر الأسدى» وبمرسية من أبى على الصدفى» وبرغم أنه كان من رؤساء لمدونة وأمرائها إلا أنه برع فى معرفة الأخبار والسنن والآثار وصحب العلماء للسماع» بل «نافس فى الدواوين والأصول العتيقة وجمع من ذلك مالم يجمعه أحد من أهل زمانه وهو فخر صنهاجة ليس لهم مثله'"'» ومن هؤلاء الأمراء أيضا ميمون بن ياسين الصنهاجى اللمتونى» الذى قدم إلى أللمرية . ورحل إلى مكة وحدث بالأندلس وسمع الناس منه بأشبيلية "2 وأبو يكر سير الصنهاجى. الذى برع فى العلم» وتبحر فيه» فلما توفى كتب على شاهد قبره «هذا قبر الشيخ الفقيه الخطيب الحاج أبى بكر الصنهاجى»7'.
وكان بعض الأمراء الذين لاتمكنهم الظروف من الالتحاق بالمدارس والاختلاف إلى العلماء يرسلون فى طلب العلماء إلى قصورهم فيجلسون إليهم* ويأخذون عنهم ويتعلمون منهم» وممايروى فى هذا الصدد أن على بن إسماعيل ابن محمد بن عبدالله بن حرزهم جاء مراكش فاستدعاه بعض أمراء صنهاجة للأخذ عنه والقراءة عليه» فدخل أبو الحنسن عليه وهو على سريره «فجلس أبو الحسن تحته فقال له هكذا تفعل مع من كنت تتعلم منه فقال نعم فقال له أبو الحسن انزل أنت إلى مكانى وأكون أنا مكانك. فأجابه الأمير إلى ذلك ولازمه»”*. وكان إبراهيم بن يوسف بن تاشفين يرسل فى طلب الفقيه الجليل الشيخ أبى على الصدفى ليسمع عليه الحديث وينتفع بعلمه وفضله ”2. وكان (1) المرجع السابق جا ص195. لقف المرجع السابق ج١ا ص767. (5) .123 .م ,عمعدمعظ 'ل دوعطهتخ كدمتامتعده1 : لمعمع روط ويع] مقاطعة ألمرية رقم /771.
(4) ابن القاضى :. جذوة الاقتباس ص594؟. (5) ابن الأبار : التكملة ص66 .
نكن
إبراهيم هذا مثال الأمير المثقف المتواضع يشجع العلماء ويأخذ بناصرهم. وقد بسط ظل حمايته على الفيلسوف عبدالملك بن رهر الذى ألف له كتابا فى الطب أهداه إليه اعتراقًا وتخليدا لذكره ©.
وقد ضرب كثيرون من هؤلاء الأمراء المنفقهين مثلا فى التواضع والزهدء فقد روى عن مزدلى أمير تلمسان أنه أنزل عن فرسه فبسط له غلامه برنسا قعد عليه» فقال له الشيخ عبدالله التونسى الزاهدء ماهذه الأخصلاق يامزدلى أيْن تجد غدا برنسا تقعد عليه فاستحيا من قوله وقام ©. بل إن أميرا منهم قد ارتضى تواضعا منه لله وإمعانا فى إذلال نفسه أن يذهب إلى الجبل ويحتطب ويدخل رحبة القصرء وحزمة الحطب على ظهره 27 » ومالنا نذهب بعيدا وهذا ولى الأمر نفسه على بن يوسف أمير المسلمين بلغ من علمه وصدق روايته «أن استجازالراوية أبا عبيد الله أحمد بن محمد الخولانى جميع روايته لعلو إسناده فأجاز له 22 .
ولعل هذه الإشارة التى. سقناها تؤيد صدق مانذهب إليه من إخلاص الملثمين للعلم والعلماء. نعم كان الأمراء يقدرون رسالتهم حق قدرهاء ويعرفون أنهم ممسكون بزمام أمة ضربت فى الثقافة العربية بسهم وافرء فحرصوا على إعداد جيل من بينهم يلم بالشقافة الجديدة» ويرد منهلهاء فكانوا يستقدمون خيرة العلماء والفقهاء لتأديب بنيهه, اختير أحمد بن عبد الجليل بن عبد الله التدميرى ليؤدب أبناء. السلطان *2» فلم يكن غريبا أن نرى جيلا جديد من شباب الملثمين يعرفون العربية ويفهمون أسرارهاء ويلمون بمكنوناتهاء ولعل مارواه صاحب الجذوة "© منْ أن تميمة بنت يوسف كانت تفهم الشعر وتقرضه.ليس مبالغا فيه.
لانتكر أن الرعيل الأول من قادة الملثمين وأمرائهم لم يكونوا فى الغالب
)١( المرجع السابق : جا ص1156.
() التادلى: التشوف ص8١٠١.
() المرجع السابق ص177 .
(5) ابن الأبار : التكملة جا ص05 .
(5) ابن الأبار : التكملة ج١ ص١ 4. ابن القاضى: حذوة الاقتباس ض594 و45١. )١( ابن القاضى : جذوة الاقتباس ص79.
(1) المرجع السابق ص8 ٠١ .
"81
ملمين بالثقافة العربية إلماما دقيقاء وعهدهم واشتغالهم بأعمال القيادة والإدارة صرفهم بعض الشىء عن التجويد والإتقان» ولكن ممالاشك فيه أن أبناء الجيل التالى كانوا يتقنون الثقافة العربية إتقانا تاماء وكان أبناء الجيل الثانى. يسمعون الشعر والغناء فيسيغونه ويفهمونه ويطربون له مصداق لذلك مارواه المقرى من أمر الفيلسوف أبى بكر بن باجة الذى لحن موشحا غنى فى حضرة الأمير ابن تيفلويث فما كاد ذلك التلحين يطرق سمع الأمير حتى صاح «واطرياه وشق ثيابه لل يستجيدون مايقولون ويصلونهم ويغدقون عليهم. فقد مدح ابن سارة الشنترينى أيا بكر بن إبراهيم اللمتونى 7"©» كما لزم ابن خفاجة الشاعر أبا إسحق اين أمير المسلمين ومدحه فى غرر قصائده »كما مدحه الشاعر أيو بكر محمد بن الروح الشلبى فى قصيدة عصماء ”*'» بل إن يوسف بن تاشفين نفسه كان يسمع الغناء ويطرب له برغم مأيرويه دوزى من جهله يلسان العرب» ققد روى المقرى أن يوسف أهدى المعتمد جارية حسنة الصورة جيدة الغناء سمع منها وطرب لخناتها 9 . وكان طبعيًا أن يبلغ على ين يوسف الذى نشأ كما نشأ الجيل الثانى من أبناء المرابطين من الثقافة لحري در ا عظيماء فقد روى أأنه حت اراي المجلس (2. كما مدحه الوشاح المعروف 0 بل كان يقيل على الغزل رغم اشتهاره بالتقوى والورع ويطرب به اسل إلى الشاعر ابن خفاجة وزيرا يقول له «إن السلطان يريد أن تقول شعرا تفتحه تفتحه بالخزل 0ك فكتب ابن خفاجة فى هذا الفن قصيدة رفعها إليه .وؤمهما يكن من شىء فقد كان القرن )١( المقرى: أزهار الرياض جا ص9 7١ )١( الفتح: قلائد العقيان ص774. (؟) ديوان ابن خفاجة ص .7١ (5) المقرى: نفح الطيب ج؟ صلا .٠١ (5) المقرى نقلا عن . 234 .11,2 .701 ,تتتمةل1لقططثى :1002 (5) ابن الأبار : الحلة السيراء ص ٠١ (7) الضبى - بغية الملتمس صهة/١
(8) ديوان ابن خفاجة ص5١١.
هم
الخامس الهجرىء وأوائل السادس عصر نهضة شاملة فى الحياة الشقافية عمت المغرب والأندلس على سواء» فقد ظهر فى ذلك العصر أبو على الحسن بن رشيق القيروانى فى إفريقية وابن حمديس الصقلى «وتدفقت بالبلاد بحور الادب وطلعت فيها نجوم الكتب فعمت أقاصى البلاد 42: وقال ابن الأبار وهو قائل صدق فى دولة على بن يوسف:«نفقت العلوم والآداب وكثر النبهاء وخصوصا الكتاب 2 . ومع هذه الصور الواضحة التى رسمناها للحياة الثقافية فى المغرب والأندلس فى عهد الرابطين وما سقناه من أدلة على مساهمة الدولة بنصيب وافر فى حماية العلوم؛ وعمل الأمراء على شد أزر العلم والعلماء»ء فإن المؤرخ دوزى يرسم للثقافة فى الأندلس فى عهد المرابطين» صورة غير براقة» ويظهر المرابطين بمظهر البدو الجفاة الغلاظ الذين أشاعوا فى البلاد جوا من التعصب والرجعية حتى أقفرت سوق الأدب» وكسدت بضاعته» فقد تحكم الفقهاء فى رقاب العباد. وأحاطوا بأمير المسلمين ينفشون فى صدره سموم الرجعية فيحاربون أهل الفكر الخرء وينكرون بكل من يتصل بالفلسفة بسبب بعيد أو قريب» فهذا مالك بن وهيب وزير على بن يوسف يشتغل بالفلسفة» فلما خشى أن يصيبه مكروه طرح الفلسفة جانبا وأكب على الفقهء وعكف على كتب المأهب. وقد تجاوز الفقهاء - كما يروى دوزى - الحدود فى تعصبهم لمذهبهم» إذ يرون أن مذهب مالك هو المذهب الذى لايعلى عليه» بل تمادوا فى تعصبهم فآفتوا بإحراق كتب الغزالى» ويمضى دوزى فى حملته على المرابطين فيقول إن أعلام الكتاب الذين استخدمهم المرابطون فى ديوان الإنشاء دخلوا فى خدمتهم طلبا للعيشء وأنهم مالبثوا أن اكتشفوا أنهم أصبحوا ألعوبة فى أيدى طائفة من الفقهاء المتعصبين والقواد الحفاة الغلاظء فلم يخفوا تبرمهم بالدولة» أما أهل الأدب فقد عز من يشد أزرهم بعد دوال ملك الرؤساءء وراحوا ينعون انحطاط الذوق الأدبى» ويلعئون الظروف التى
ْ 0 .١77ص الذخيرة (القسم الرابع مخطوط) )١(
(؟) المطرب لابن دحية ورق (). الخريدة للعماد الأصبهانى ج١١ ص١ ا-1ل9.
للا .1 ,1934 ورعووع1] 5عءلقطهسصلة دعا أء دعل أ تقوودرلة د5عآ 5ناه5 دوع[ ه عزوع20 هآ تمعروط 0.9-6
لان
جاءت بهذه العصبة من البربر للتحكم فى رقاب أهل الأندلس» أما الشعراء فقد ساء حالهم واضطر بعضهم إلى أن يهيم على وجهه متنقلا من مدينة إلى أخرى طلبا للعيش» واضطر بعضهم الآخر إلى مدح الفقهاء التماسا للكسب ”'. وقد جاوزت حملة دوزى على المرابطين كل حدء فرماهم فى كتابه 5عطاءمعاء86 بكل نقيصة» حتى لقد قال: «كان مجىء المرابطين إلى بلاد الأندلس نذيرا بانقلاب بعيد المدى فقد دالت دولة الحضارة» وقامت الهمجية على أنقاضها. أما حسن الإدراك فقد حلت محله الخرافات» وذهب التسامح وسيطر التعصب وأصبحت البلاد ترزح تحت نير الفقهاء والقواد» وبدلا من أن نسمع مساجلات العلماء فى دور العلم ومناقشاتهم فى الفلسفة ونشيد الشعراء وغناء أهل الموسيقاء بدأنا لانسمع إلا أصوات الفقهاء وصليل السيوف ).
لاننكر أن مجىء المرابطين إلى شبه الجزيرة قد صحبه كساد فى سوق الشعر إلى حد كبيرء فقد كان عهد يوسف فى الأندلس عهد جهاد وكفاح وحرب» وليس بعهد ترف ورفاهية» وإقبال على الملذات» وانغماس فى الشهوات» وصور ذلك كله صاحب الذخيرة أبلغ تصويرء إذ قال: « فلما صمت ذكر ملوك الطوائف بالأندلس طوى الشعر على عزه وبرئ من حلوه ومره إلا نففة مصدور والتفاتة مذعورء وهو اليوم ببلد يابرة يرتشف فضل ثماره ويأكل من بقية زاده»”" .
ولكن عزوف أمراء الرعيل الأول من المجاهدين المرابطين عن الانغماس فى الحياة الاجتماعية فى بلاد الأندلس» واتخاذ الندماء والقيان وإحاطة أنفسهم يهالة من الشعراء ليس معناه كساد سوق الأدب» وليس من شك فى أن تشجيع الأمراء والولاة يحفز همم الشعراء ويدفعهم إلى الإجادة فى القول» ولكن من ينشد الفن للفن والجمال للجمالء ويتغنى بالشعر «تحببا لاتكسبا ويعمر المجالس وفاء لا استجداء» يجد أبواب الإنتاج مفتوحة أمامه على مصاريعها أما من يتكسب بالشعر ويرتزق منه فقد كسدت سوقه وبارت تجارته . (1) 2480252 .م ,و1 .أو ,عمعووع 'ل .انكساة عمل عياماوتقة ابرتمط
(؟) 348 .م1 .آمل وعطءمعطعع] : بوده12 (7) الذخيرة (م. بغداد) قسم "١ ص 56ل وقسم #"اص 7385.
يكن
على أن هذا الكساد إن صحت الرواية لايصدق إلا على عهد يوسف بن تاشفين» فما كاد على ابنه يتولى الأمر حستى بدت الحياة الاجتماعية فى الأندلس فى صورة زاهية براقة» وعادت مجالس الأمراء حافلة بالشعراء الذين عادوا سيرتهم الأولى من التكسب بالشعرء وأقبلوا على الأمراء يمدحون ويتملقون» ملتمسين الرفد والعطاء» ومن الغريب أن دوزى يعترف بإقبال المرابطين فى عهد على بن يوسف على هذه الحياة الأدبية الرفيعة» ويعترف بأن الأمراء عملوا على تقليد مَلَوَّكَ الطواضلة: واتهندوا السبار والتدماء» وانيع فوا رلن القسر والموسيفاء وبسطوا ظل حمايتهم على أهل الفلسفة» ولكنه يرى أنهم لم يعمدوا إلى ذلك إلا حبا فى التقليد ليس غير»ء وأنهم لم يقبلوا على ذلك بقلوب. راضية وعقول راعية» ولم يأخذوا من الحضارة الأندلسية إلا أسوأ ما فيها(".
مهما يكن من شىء فإن أحكام دوزى لاتصدق إلا على الفترة الأولى من حكم المرابطين» كما لاتصدق على بلاد المغربء إذ أن دوزى لم يعرض لبلاد المغرب على الإطلاق. أما قول دوزى بتحكم المالكية فى الحياة فى الأندلس فقول لايصدق على عصر المرابطين وحدهم» فالمالكية يتحكمون فى ال حياة فى الأندلس والمغرب منذ عهد بعيد» وقد لقى الفيلسوف ابن مسرة من اضطهاد الفقهاء الشىء الكثير» كما حارب المالكيون فى المغرب أهل الرأى محاربة لا هوادة فيها» ولكن هذه الحرب لم تقض على الحياة العقلية» ولم تكبح جماح أهل الفلسفة وأصحاب الفكر الحر.
وقد حورب المعتزلة وأهل الرأى فى المشرقء» ولكنهم ظلوا يتابعون نشر آرائهم» وينادون بتعاليمهم غير مبالين بتعذيب أو اضطهادء .ولم يكن ينتظر من الفقهاء وهم قوم من أجل الجنادة أن يتسامحوا فى أمور دينهم .
أما تهمة إحراق كتاب الإحياء للغزالى» فلا نسشطيع أن تبرئ على بن يوسف منها فقد خضع لرأى الفقهاء» وانساق وراءهمء لأنهم اعتبروا الغزالى من أهل الرأىء كما نقموا عليه حملته على الفقهاء الذين عكفوا على الفروع دون
)١( 262 .م ,لاز 7١1. ,عمعدموظ '0 اأناممكا8] معلل ععزماوللط: جمد[
284
اللأصول» فألبوا أمير المسلمين» فأمر بإحراق هذا الكتاب () برغم معارضة بعض فقهاء المالكية فى المغرب 20 مع أن الغزالى كان معجبا بيوسف بن تاشفين» وكان يريد أن يحضر إلى المغربء لولا أن عاجلته المنية» فحالت بينه وبين مايريد.
ويخيل إلينا أن إسراف دوزى فى هذا الرأى يرجع إلى أنه اعتمد على طائفة من الكتاب الأندلسيين» الذين كانوا يكرهون المغاربة أشد الكره» وينددونت بتعصبهم وجهلهم» ولايرون فيهم إلا دخلاء مغتصبين» كما أنه اعتمد على كتات من عصر الموحدينء والموحدون كما نعلم كانوا يكرهون المرابطين كرها شديداء ويعملون على تشويه سمعتهم» ورميهم بكل داهية» كما انس أن دورزى كان يعطف على ملوك الطوائف أشد العطف» ويكاد يتعصب لبنى عياد؛ أصحاب أشبيلية» فقمن الطبيعى أن يس خط على المرابطين» الذين أدالوا دولة بنى عبادء ونفوهم إلى المغرب. وليس يبعيد أن يكون دوزى ققد اعتمد اعتمادا كبيرا على رسالة الشقندىء وهى الرسالة التى تعصب فيها صاحبها للصقلب» وراح ينتقص من العرب» ومن البربر على سواءء وقدرمى الشقندى المرابطين بالجهل والتعصب” .
هذه المؤئثرات المختلفة التى وجهت الثقافة الإسلامية فى عصر المرابطين وجهت الفن الأندلسى المغربى» وتركت فيه آثارا ظاهرة» ولكن قبل أن نوضح الدور الذى اضطاع به المرابطون فى تاريخ الفن يجب أن نبين أنه بعد أن تم )١( التادلى : التشوف ص0 4. (0) المرجع السابق والصفحة نفسها ٠ (7) رسالة الشقندى عن المقرى: انظر 221 ,م ,11 .701 ,059ا6301035طثى وبالله أما سميت لى بمن تفخرون قبل هذه الدعوة المهدية أبقوت الحاجب أم يصالح البرغواطى أم بيوسف بن تاشفين الذى لولاا توسط ابن عباد لشعراء الأندلس فى مدحه ما أجروا له ذكراء ولارفعوا لملكه قدرا وبعد ماذكره بواسطة المعتمد بن عباد فإن المعتمد قال له وقد أنشدوه: أيعلم آمير المسلمين ما قالوه؟ قال: لا أعلم» ولكنهم يطلبون الخيرء ولا انتصرق عن المعتمد إلى حضرة ملكه كتب له المعتمد رسالة فيها:
بنتم وينا فما ابتلت جوانحنا شوقا إليكم ولا جفت مآفينا حالت لفقدكم أيامنا غدت سودا وكانت بكم بيضا ليالينا
فلما قرئ عليه هذفان البيتان قال للقارئ يطلب معنا جوارى سودا وبيضا فقال له : يامولانا لا ما أراد إلا أن ليله
كان بقرب أمير ١ المسلمين نهارا لأن ليالى السرور بيض فعاد نهاره ببعده ليلا لأن أيام الحزن ليالى سودء فقال والله
284
للعرب فتح المغرب والاندلس ظهرت فى الحياة الفنية مدرستان تختلفان فى منهجهماء وفى اتجاهاتهماء وفى إنتاجهما: المدرسة الأندلسية التى أخذت توائم بين المؤثرات الفنية الوافدة من المشرق» وبين المؤثرات المحلية القائمة مثل القوطية والمسيحية الهللينية. بدأت هذه العوامل الشلاثة تتفاعل فى مدرسة الأندلس» وبدأت تتمخض بالتدريج عن نشأة فن أندلسى يشتد كلما اشنّد ساعد الدولة الأمويةء وخلت من متاعبها السياسية» وركنت إلى حياة من الاستقرار تتيح لها أن ترعاه وتشد أزره» وتأخذ بيد رجاله. وقد بلغ إنتاج هذه المدرسة الأندلسية الأوج فى عهد عبدالرحمن الناصر”" .
أما المدرسة الأخرى فقد نشأت فى القيروان» وبدأث تتلقى المؤثرات الشرقيةء وتتأثر بها إلى حد كبير. وفدت إليها أنماط الرقة وبغداد». وسامراء» وجاء الفن الأغلبى متأثرا بهذه الاتجاهات جميعهاء حتى لاتكاد تميزه عن الفن الشرقى» ولم يكن منن:الممكن أن ينفرد الأغالبة بطابع خخاص فى الفن» وهم عمال بنى العباس» يفد إليهم الفنانون من أقطار الشرق» من مصرء والشام» والعراق©.
وقد بدأ المغرب الأقصى بعد أن ذاق ألوانا من الاستقرار فى ظل الأدارسة يتجه نحو الفن» يأخذ منه بنصيب موفورهء ووقفت بلاد المغرب الأقصى حيرى بين مدرستين راقيتين: مدرسة القيروان» ومدرسة الأندلس» فلم تستطع أن تخلص من آثار مدرسة القيروان» ولا من آثار مدرسة قرطبة .©( ولكن مؤثرات القيروان كانت عن الخال وكان الأدارسة أنفسهم يتجهون وجهة شرقية» يستخدمون العرب» ويشدون أزرهم» ويكثرون من استخدام العناصر الشرقية 2 فقد كانوا برغم معيشتهم فى بيئة مغربية شديدى الإحساس بأصلهم الشرقى» يعتزون به ويتطلعون إلى المشرق دائما. فلما قامت الدولة الفاطمية بإفريقية وبدأت تتطلع إلى المغرب» تنبه الأمويون إلئ الخطر الداهم الذى يحيق بهمء فاهتموا بالمغرب
)١( 44 .م بعناوكعسسد81 ممدوكتاآ أعشنآ : عدمد و1 )7١( 163 .7 ,رعباوكع7ناة11 ممدمكنآ1 أمذنآ : عوموجع]' (؟) 205 .م ,لوط
(5) 163 .م ,لأ10
ا
الأقصى. وبدءوا يظاهرون أمراء زناتة» ويمدونهم بالعون والمساعدة للوقوف فى وجه صنهاجة صديقة الفاطميين» وبدأت الصلة بين المغرب والأندلس يشتد ساعدها ويتضح أثر هاء وبدأ زعماء البرير يفدون على قرطبةء ويعجبون بآيات الفن الأندلسى وروائعه» فلما قامت إمارات زناتة التى تدين بالولاء لبنى أمية بدأت المؤثرات الأندلسية تفد على المغرب بصورة أوضح ”"» ولو كان المجتمع المغربى فى إظل زناتة قد أصاب لونا من ألوان الاستقرار لظهرت آثار هذا الاتصصبال الفنى واضحة! ولكن زناتة كانت عدو الاستقرار » وظلت الخلافات الناشبة بين بطونها تنال من استقرار البلاد وطمأئيتتهاء وتصرف الئاس عن الإنتاج الفنى» ولاتتيح لبذور هذا الفن الأندلسى أن تزدهر. ولم يبذل العامريؤن جهدا واضحا فى بث دعائم الفن الأندلسى بالمغرب الأقصى. إذ كانوا يعنون بالمشاكل السياسية» ولم يكونوا منصرفين للشئون المغربية انصرافا تاماء ولولا خوفهم من بنى زيرى» وإشفاقهم من أن يهدد الزيريون بلاد الأندلس لا احتلوا المغرب» أو ظاهروا زناته» فقد كانت معركة الأندلس فى حاجة إلى عنايتهم» وإذا كانت المؤثرات الأندلسية بدأت تظهر بجلاء فى المدن الساحلية مثل سبتة وطنجة» وفى مدن إقليم الريف مثل فاس ”"» فإن غالبية مدن المغرب الأقصى ظلت بعيدة عن هذه المؤثرات الراقية المزدهرةء حتى تدفق المرابطون إلى المغربء» ونجحوا فى إقامة دولة توحد بين العدوتين» فاشتد ساعد المؤثرات الأندلسية أكثر من ذى قبل» ولم تعد قاصرة على مدن الساحل» وإقليم الريف». بل لقد نفذدت حتى إقليم الصحراء إلى أغمات» ومراكشء» ويدأ الفن المغربى 3 يتألق نجمهء لأن هؤلاء البدو عمدوا إلى حمايته والإفادة منه بقدر لطاقة؟. فطن يوسف بن تاش فين إلى هذه الحياة الفنية الزاهرةء وأفاد منهاء واستقدم صناع الأندلس» وخيرة فنانيها إلى بلاد المغرب للإفادة من خبرتهم ومهارتهم فى بناء المساجد والحصون وغيرها من المؤسسات ”». وقد اشتد ساعد
)١( 301 .2 .آ .01؟ .انكدك8 أعخ 'ل أعتسمدظ8 : دتدءعتدلةا (؟) 307 .2 ..,آ .01؟ .اناكناك1] أمخ '0 اعسددك81 : دندءتدلة
(") الجزنائى زهرة الآس ص7”7. (4) نفس المرجع و١ الصفحة
هذه المؤثرات الأندلسية فى عهد على بن يوسف بنإتاشفين» فقد تتلمذ على الحضارة الجديدة» وأعجب بهاء وفهمها أصدق الفهمء وأمعن فى استقدام الفئانين الأندلسيين» فانتشروا فى طول البلاد وعرضها ”"2» وبدأت مدن المغرب وأقاليمه وقراه تحفل بمؤسسات بلغت من الروعة والفخامة حدا بعيدا» وأصبحت مؤسسات فاس ومراكش وتلمسان تكاد تضارع مؤسسات قرطبة وأشبيلية» وكان الفن فى عهد المرابطين هو فن أندلسى فى أرض مغربية9.
وهنالك ناحية أخرى أثرت فى الفن فى العهد المرابطى تأثيرا كبيرا هى هذا الاستقرار الذى أشاعه المرابطون فى البلادء وهذا الأمن وهذه الطمأنينة التى أظلت البلاد فى عهدهم؛ لأن الفوضى والاضطراب من أعدى أعداء الفن» لاتستطيع النهضة الفنية أن تثمر وتؤتى أكلها فى بيئة مضطربة غير مستقرة» ومايقال من أن تاريخ الفن مرتبط بالتاريخ السياسى يصدق فى المغرب الأقصى أكثر من صدقه فى أية بيئة أخرى» لأن الدولة إذا بسطت رواقها وأفلحت فى قهر أعدائهاء استقرت الأحوال» وانصرف الناس إلى الإنتاج» أما إذا انطلقت القبائل من عقالها تدمر وتخرب وتشيع الفتنة لم يستطع الفن أن يقف على قدميه ".
وقد شهدت يلاد المغرب فى عهد يوسف بن تاشفين وأوائل عهد على أمنا وطمأنينة واستقرارا ربما لم تشهده فى أى عصر سابق» وانتشرت الآثار الفنية فى مدن المغرب الاقصىء ولكن الحاضرة كانت أشد تألقا فى سماء الفن بسبب بلاط التتلطان» وابهيعة وففائعه» ويسبية خافن الامراء والقواة والعفال ورجتال الدولة”؟؟» فحفلت بالعمائر المدنية والدينية» كما أصبحت مدينة فاس من أهم مراكز الفن فى المغرب فى عهد المرابطين.
وثمة ناحية أخرى لاتقل عن الاستقرار أثراء ونعنى بها الرخخاء ذلك أن الاستقرار يؤدى إلى زيادة الإنتاج» وإلى رواج التجارة والصناعة فتتوافر المادة الخام» ويستطيع الفن أن يجد حاجته منها فى يسر وسهولةء كما يؤدى الرخاء إلى زيادة دخل الدولة» وبقدر ثراء الملوك والسلاطين تعظم آثارهمء وقد ازدادا ثراء (9) 243 .2 ,عناو5ع2ا1/]2 -ممدمة11آ افنآ : عومورع1'
(*) 45 .2 ,عوعدةا ناد 15لأدممعع2آ1 عاعةخ عه[ : التحمتد1] اأء عومدمعء1" (؟) معل1
دكن
المرابطين» وعظم جاههم بعد أن جمعوا بين أموال الأندلس والمغرب» وأصبح من الميسور أن ينفقوا أموالا ضخمة فى إقامة الأسوار والقلاع والحصون والقصور والمساجد الجامعة» روى أن على بن يوسف أنفق فى بناء مراكش 7١ ألف دينار”2» كما أنفق فى إصلاح جامع القرويين بفاس مايقرب من ثمانين: ألف دينار”"'» كما كان يصل أهل الفن والصناعة بصلات سخية تدفعهم إلى الإتقان والتجويدء لذلك تجلت فى مبانيهم ضخامة الثروة وروعة الفن.
وهنالك ناحية أخحرى كانت لها نتائج بعيدة المدى فى تاريخ الفن: فى العهد المرابطى تتمثل فيما قامت به الدولة من إحياء تقاليد الإسلام» ورفع لواء السنة» واتسام الأمراء والولاة بالتقوى والصلاح» والإقبال على العبادة والانقطاع لذكر الله» فقلت العمارات المدنية فى عهدهم قلة أثارت دهشة مؤرخى الفن”"), إذ لم يكثروا من القصور المنيفة؛ إنما أقبلوا على المساجد يعمرونها ويكثشرون منهاء فقد أمر يوسف بن تاشفين ببناء الملساجد فى مدينة فاس» وكان يلوم أهلها على تقصيرهم فى هذا الشأن”؟» كما بنى مسجدا جامعا فى مراكش "2. ويخيل إلينا أن التقاليد التى وضعها عبدالله بن ياسين من معاقبة تارك الصلاة كانت ماتزال سارية فى عهد يوسف على الأقل» وإذا كانت الدولة تعاقب على ترك الصلاة فلابد أن الناس قد أقبلوا على المساجد إقبالا منقطع النظير مما اضطر الدولة إلى الإكثار منهاء نعم أقبل ملوك الطوائف على بناء القصور وتأنقوا فى زخرفتها وبنائها بينما وجه المرابطون عنايتهم إلى المساجد يتأنقون فى بنائها ويعلون من صرحها.
وقد تجلت روائع الفن المغربى الأندلسى فى جامع القرويين بفاس الذى تم إصلاحه فى عهد على بن يوسف, وأنفق فى ذلك نحوا من ثمانين ألف دينار ”") واستجلب شخيرة الصناع المهرة والمهندسين حتى جاء آية فى روعة الفن وبهائه» يتضح ذلك من قول صاحب كتاب زهرة الآس «أخذ فى عمل الطبقة التى بأعلى المحراب ومايحازيها من وسط البلاطين ا صل بهما فعلى ذلك بالجص المقريس
(؟) الجزنائى : زهرة الآس صرلاه. (*7) 307 .م .7801 .انعلط أمقنآ عل أعدامدل8 تكادععهد1ل83 (5) الجزنائى : رهرة الآس ص77. (0) يوسف أشباخ: تاريخ الاندلس فى عهد المرابطين والموحدين جا ص١1ل. )١( الجزنائى رهرة الآس ص”7 و57 . جذوة الاقتباس ص١4 . وم
الصنعة والنقش على المحراب ودوائر القبلة التى عليه ورقش ذلك كله بورق الذهب واللازورد وأضاق الاأصبغة:» وركب فى الشماسات التى بجوانب القبة أشكالا متقنة من أنواع الزجاج وألوانه على أحسن ما أريد» ثم أخذ فى تغشية بعض أبواب الجامع بصفائح النحاس الأصفر بالعمل المحكم والشكل المتقن 22 . ويتجلى ذلك الفن أيضا فى جامع تلمسان الذى بنى سئة 07١ هجرية فى عهد على بن يوسف. وظهرت فيه آثار الفن الأندلسى واضحة حتى لقد شبه بجامع قرطبة فى الروعة والأبهة ». ومن الآثار المنسوبة للمرابطين أيضا جامع الجزائر وهو يشبه جامع تلمسان فى روعة الفن وأبهة البناء”". ولو كان فى مقدور ا موحدين أن يهدموا هذه الآثار لفعلواء لأنهم هدموا قصور المرابطين فى المغرب ومحوا آثارهم فلم يجد العلماء من الآثار المنسوبة إليهم مايتفق وروعة فنهم وضخامة ملكهم وعظم ثرائهم .
وقد حرص المرابطون على تثبيت سيادتهم فى المغرب الأقصى وإخمضاع القبائل المغلوبة على أمرها حتى تستكين الحكمهم, فلا تحدثهم أنفسهم بالخروج عن الطاعة» وقد نجحوا فى هذه السياسة نجاحا بعيد المدى» فأكثروا من القلاع وأقاموا صفا من الحصون حول جبال أطلس لإخضاع المصامدة والسيطرة عليهم» وكانت هذه القلاع تتألف من جدران سميكة غليظة تنهض سامقة فى الجو تتخللها أبراج على هيئة نصف دائرة وتحيط بها الخنادق الواسعة 22 وقد تأثر المرابطون بالفن الأندلسى فى بنائها كما تأثروا بالفن الإفريقى» وقد حصن المرابطون المدن كما حصنها أهل الأندلس » واضطر على بن يوسف إلى أن يقيم سورا حول مراكش استخدم فى بنائه صناعا من أهل الأندلس *©. ولم يهمل المرابطون القناطر والجسورء وقد أقاموا بمراكش قنطرة على نهر تانسيفت» وجلبوا المياه من جبال أطلس" . (1) الجزنائى : زهرة الآس ص07 . ابن القاضى : جذوة الاقتباس ص47 . (١؟) 305 .م .701 .امكسط/ا أعة نآ عل [عنامدكلل :وتدععد11 (9) 227 .2 ,عناودع ؟دندآالظ -00هم1115 أمذنآ : عدكدرء]" (2) 225 .2 ,رعنالوعتندد11 -ممدمذلل] أمفة ان[ : عدمدرين]1'
(0) مفاخر البربر ص57 , السعادة الأبدية جا ص5١
(7) الادريسى : المغرب وأرض السودان ص56. .59 .ص .أم, .اناودك8 أمث'.آ عل أعنامدالة :دتقءمو1ل3
45
المللاحق
١ ملوك المرابطين ' - عمال المرابطين بالأندلس. ٠“ - عمال المرابطين بميورقة .
4 - عمال المرابطين بالمغرب .
5 الكتاب والوزراء.
1 قواد الجيش.
7 - أمراء البحر.
8 - مواضع القلاع والحصون: 4 القضاء.
قضاة الأندلس.
ب قضةة المغرب.
ا
١ ملوك المرابطين
يحيى بن إبراهيم الجدالى قبل سنة 4507 - ١١66 يحيى بن عمر اللمتونى
٠١65-5540 )18٠١ أبو بكر بن عمر اللمتونى (توفى سنة - ١ اد ايواسش وو 'تأشفين عد معام مادا لمعا نو رقت ما مك تيد و و اونوك 1ل ١ لات علق فن” تاهيه معت ميات ١١57 م لل لل لامع )614٠ تاشفين بن على (توفى سنة - 5 ١١568 -8480 .... ... ٠... إيراهيم بن تاشفين بن على 5 ١١56-68: ... ... )01١ إسحق بن على بن يوسف (توفى سنة 1 :)0 87 يحيى بن غانية (آخر ولاة المرابطين بالأندلس توفى سنة
اانا
5
قرطبة
الزبير بن عمر الملثم
أبو محمد عيدالله بن جنون
أبو عبدالله المعروف بابن عواد أبو محمد عبدالله بن مزدلى أبو عبدالله محمد بن أبى زنفى أبو عبدالله محمد بن الحاج داود أبو عمد مزدلى بن سلئكان
أبو ركريا يحيى بن تاشفين
عمال المرابطين بالأندلس
أشبيلية غرناطة إبراهيم بن يوسف بن تاشفين | أبو بكر بن إبراهيم أبو بكر بن على بن يوسف | أبو يكر بن أبي محمد أبو بكر بن مزدلى أبو بكر بن على بن يوسف
تاشفين بن على
تميم بن يوسف بن تاشفين
الأمير باسنجور
تيم بن يوسف بن تاشفين
أبو جعفر عمر الزبير بن عمر سير بن أبى بكر سير بن الاج طلحة بن العنير أبو محمد عبدالعزيز بن سليمان
عبدالله بن مزدلى
عبدالله بن أبى بكر بن جنونة
المنصور بن محمد بن الحاج على بن يوسف بن تاشفين أبو زكريا يحيى بن على بن |موسى بن الحاج
مجون مزدلى بن سلتكان
أبو زكريا يحسيى ين إسحق أيحيى بن وأاسينو
أنجمار
أبو يعقوب بن على
تابع يال المرابطين بالأندلس
إبراهيم بن تاعياشت
أبو بكر بن إبراهيم بن تيفلويت أبو الطاهر تميم بن يوسف عبدالله بن فاطمة
على بن محيون
أبو عبدالله محمد بن الحاج مزدلى بن سلتكان
أبو ركريا يحبى بن تاسورة أبو ركريا يحيى بن على
يدر بن ورقاء
أبو يعقوب بن يينتان بن على
١ - وانود بن أبى بكر اللمتونى يحيى بن على بن إسحق بن غانية
عمال المرابطين بالمغرب
إبراهيم بن أبى بكر بن عمر أبو عبدالله بن أبى زنفى
ه_الكتاب الوزراء ١ - أبو بكر بن الصائغ. ؟ - أبو بكر محمد بن المعروف بابن القبطرنة. ٠" - أحمد بن أبى جعفر بن محمد بن عطية القضاعى. 5 - أبو جعفر أحمد بن عطية القضاعى. © اين ياجة (أبو بكر) . ١ - جعفر بن إبراهيم بن أحمد المعافرى. - أبو جعفر بن البنى . 8 - أبو الحسن غلام البكرى. 4 طلحة بن عبدالعزيز بن سعيد البطليوس. ٠ - عبدالرحمن بن أحمد بن إبراهيم . ١ - عبدالرحمن بن أسبط . - عبدالرحمن بن جعفر بن إبراهيم بن أحمد المعافرى . ١1 - أبو عبدالله بن أبى المنصال. 4 - أبو محمد عبدالمجيد بن عبدون الفهرى اليابرى. 6 - عبدالملك بن أبى الخصال مسعود بن فرح بن خلصة الغافقى. 7 أبو القاسم بن الجحد المعروف بالأحدب. ١ مالك بن وهيب. 4 - محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن السقاط . 4 ومحمد بن سليمان الكلاعى المعروف يابن القصيرة. ٠ - محمد بن عبداللك بن عبدالعزيز. ١ يحيى بن محمد بن يوسف الأنصارىء» أبو بكر بن الصيرفى. 7 - يحيى بن همام السرقسطى .
5 قواد الجيش ١ ابن تافلويت .
" - أبو الطاهر تميم بن يوسف . ادتخرور امن
داود بن عائشة.
©6 - أبو سليمان بن تارشنا.
5 سير بن أبى بكر.
/ا- سير بن واربيل .
8 - أبو عبدالله بن الحجاج .
4 عبدالله بن فاطمة.
٠ عثمان بن يحبى بن إبراهيم. ١ - على بن الحاج.
١ - أبو عمران بن تارشنا.
١ أبو محمد مزدلى.
1 مسعود بن ورنيغ .
6 - أبو يحيى بن إبراهيم .
١1 يحيى بن سير.
'"/ يحيى بن كانجان..
8 - أبو زكريا يحبى بن واسنيوا.
لاا أمر اع البحر
١ على بن عمر» الموسوم برقم الأوز. " - على بن عيسى ميمون. '"' - عيسى بن ميمون اللمتونى.
/ا- تاسنولت.
4 آصكا آن كمات. 4 تارولوت أن يكدميون. ٠ التاغة. الفيس. هيلانة. -
1 - هسكورة .
15 تادلا. -
١6 تاكزرورت. ١ -داى.
17 - تاكرارت .
6 أآجرو.
<3 - تاسغمارت. ١ تونكطيان. 3 الوجحة.
؟ 7 تازغدرا.
14 القضاء )١( قضاة الأندلس
0 قرطبة
أحمد بن عبدالرحمن بن محمد |أبو بكر بن منظور
ابن الصقر عبدالللك بن مسرة بن خلف
أعبدالعظيم بن ريد بن يحيى أبو عبدالله بن حسون الكلبى
عيسى بن الملجوم
ابن خلف التجيبى
سميجون اللواتى عبدالمنعم بن مروان بن عبدالملك إإبراهيم بن الوزان على بن عبدالرحمن بن ميدابية ش على بن عذرة بن هانئ, أعياض اليحصى عيسى أبو الإصبغ بن سهل
ان .[محمد بن على الأزدى موسى بن محمد
أبو عبدالله محمد ابن أحمد
محمد ين عبدالرحمن ابن
أشبيلية. أبو بكر بن العربى التميمى بن شبرين شريح بن محمد ين شريح عبدالله بن خليفة أبو عبدالله محمد بن دواودٍ بن أبو القاسم بن داود محمد ين. داود بن عطية بن
سعيدلك
المراجع أونا . المراجع العربية
١ ابن الأبار أبو عبدالله محمد بن أبى بكر القضاعى (ت 169ه) ابن الأبار كتاب التكملة لكتاب الصلة» جزءان» (مدريد 1845). " ابن الأبار : الحلة السيراء. '" ابن الأبار: المعجم فى أصحاب القاضى أبى علي الصدفئى» (مدريد 18486). أبو بكر الصنهاجى : البيدق. كتاب أخبار ابن تورمرت وابتداء دولة الموحدين» (باريس )١97/8 ه ابن الأثير أبو الحسن على بن أبى الكرم (150ه). الكامل فى التاريخ - عشرة أجزاء (بولاق). ١ أحمد بابا التمبكتى أبو الغباس أحمد بن أحمد بن عمر(من علماء أول القرن الحادى عشر): نيل الابتهاج بتطريز الديباج (القاهرة 1119ه). , /ا - الإدريسى محمد بن عبدالعزيز الشريف الفاوى (5159ه). 8 - إسماعيل رأفت. التبيان فى تخطيط البلدان جزء واحدء (القاهرة 26918 . 4 أشباخ - يوسف. تاريخ الأندلس فى عهد المرابطين والموحدين جزءان (القاهرة .)١914 ٠ ٠ _الأصبهانى أبو عبد الله محمد بن حامد بن عبدالله (ت/91م0ه). خريدة القصر وجريدة العصر الجزء الحادى عشر مخطوط بمكتية الجامعة ١ -ابن أبى صيبعة موفق الدين أبو العباس أحمد بن القاسم (تل/الااه). عيون الأنباء فى طبقات الأطباء - جزءان نشره موللر (القاهرة ..)١16/817 ١ _الأعمى التطيلى . الديوان - مخطوط بدار الكتب المصرية . ١ أعز مايطلب» مشتمل على جميع تعاليق الإمام محمد بن تومرت مما أملاه أمير المؤمنين عبدالمؤمن بن على - نسخة ليس بها مايدل على سنة الطبع أو مكانه .
41١
أمارى. .مكتبة صقلية العرنية - جزءان (ليبزج سنة /1841). ابن بسام - أبو الحسن على الشنترينى (ت 057ه). الذخيرة فى محاسن أهل الجزيرة: القسم الأول المجلد الأول والثانى القاهرة ١947 - ١9179 . القسم الثانى والثالث - مخطوط بغداد مكتبة الجامعة. القسم الرابع المجلد الأول القاهرة ١956 . القسم المجلد الثانى - مخطوط بقلم مغربى مكتبة الجامعة. 7 ابن يشكوال - أبو القاسم خلف بن عبدالملك (ت 0817ه). كتاب الصلة فى تاريخ أئمة الأندلئس وعلمائهم يق وفقهائهم وأدبائتهم (مدريد 14847١ه). ١7 - ابن بطوطة - أبو عبدالله محمد بن عبدالله محمد بن عبدالله ب بن إبراهيم اللواتى (9/الاه) تحفه النظار فى غرائب الأمصار وعجائب الأسفار. البغدادى أبو منصور عبدالقاهر بن طاهر بن محمد (459ه). الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية منهم (القاهرة ١1941١م). البكرى أو عبيد عبدالله بن عبدالعزيز (ت /541ه). م بلاد إفريقية والمغرب دى سلان (الجزائر /1861١ه). " - التادلى - أبو يعقوب بن يوسف بن يحيى بن عيسى (حول 7١4ه). التشوف إلى رجال التصوف. مخطوط بدار الكتب المصرية. ١ التيجانى من أعيان القرن الثامن الهجرى . الرحلة التيجانية مخطوط بدار الكتب المصرية . 51 2 جامع تواريخ فاس طبع بمديئة بالرم سئة 14174 . “77 ابن جبير أبو الحسين محمد بن أحمد (1175ه) الرحلة ليدن سنة (/19-01م). 4 الجزنائى - أبو الحسن على . زهرة الآس فى بناء مدينة فاس (تلمسان .)١9377
حك
6 - جلد تسهير- العقيدة والشريعة (القاهرة). 7 حسن إبراهيم الدكتور. النظم الإسلامية (القاهرة 1918). /ا” ب ابن حزم - أبو محمد على بن أحمد (ت1605ه). كتاب الفصل فى الملل والأهواء والدتحل 4 أجزاء (القاهرة /111١ه). 4 الحلل الموشية فى ذكر الأخبار المراكشية . لمؤلفف مجهول الاسم:- نشره أحمد علوش رباط ١1975 . 4 ابن حمديس - عبدالحبار أبى بكر محمد السرقوسى (ت/ا0617ه) . الديوات (روما /201891. 2 7 الحميدى أبو عبدالله محمد بن فتوح بن عبدالله (ت488ه). جذوة المقتبس- فى ذكر ولاة الاندلسى وأسماء رواة الحديث وأهل الفقه والأدب وذوى النباهة والشعر .(القاهرة ٠ .)١9657 «١ الحميرى - أبو. عبدالله محمد بن عبدالله بن عبدالمنعم (ت853ه). - صفة جزيرة الأندلس» منتخبة.من كتاب الروض المعطار (القاهرة /1957). 17 ابن حوقل - أبو القاسم محمد بن حوقل البغدادى (أواخر القرن الرابع): - المسالك والممالك (ليدن: 141/37).. 7 ابن خخاقان - أبو نصر الفتح بن محمد بن عبدالله القيسى (ت18ده) قلائد العقيان (القاهرة “11/7١ه). .ابن خاقان : مطمح الأنفس » القاهرة 7768١ه 6 الخشنى محمد بن 'الحارث بن أسد. كتاب طبقات علماء إفريقية (الجزائر .)١815 7" ابن الخطيب - الوزير محمد لسان الدين (ت8لالاه). الإحاطة فى أخبار غرناطة جزءان - (القاهرة 1119ه). 7 ابن الخطيب : أعمال الأعلام فيمن بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام - (رباط الفتح - 15915). 8" ابن الخطيب : رقم الحلل فى نظم الدول (تونس 11115١ه).
بت
ابن خفاجة أبو إسحق إبراهيم بن أبى الفتح الأندلسى (ت0178ه). الديوان القاهرة (145١ه).
6 - اين خلدون عبدالرحمن بن محمد (ت 8١8ه) العبر وديوان المبتدأ والخبر الجزء السادس (بولاق 7885١ه) شمس الدين أبو العباس أحمد بن إبراهيم (تاذكم). العبر وديوان المبتدأ والخبر الجزء السادس (بولاق 1785١ه).
١ ابن تخلكان وفيات الأعيان وأبناء الزمان.
7 - أبن خير - أبو بكر محمد بن عمر. فهرست مارواه عن شيوخه من الدواوين المصئفه فى ضروب العلم - (سرقسطة 1884).
577 الدباغ عبدالرحمن بن محمد بن عبدالله الأنصارى (595ه). معالم الإيمان فى معرفة أهل القيروان 4 أجزاء (تونس .)١77١
5 -ابن دحية أبو الخطاب عمر بن الشيخ الإمام أبى على 1175"هم). كتاب النبراس فى تاريخ خلقاء بنى العياس بغداد .١955
6 ابن دحية: المطرب من أشعار أهل المغرب مخطوط بدار الكتب (طبع الآن).
5 الدمشقى شمس الدين أبى عبدالله محمد بن أبى طالب (ت271ه). نخبة الدهر فى عجائب البر والبحر (بطرسبورج )١87١
237 - رينو بول . تاريخ غزوات العرب فى فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط. ترجمه وعلق عليه شكيب أرسلان (القاهرة 117617اه).
8 -ابن الزبير - أبو -جعفر أحمد (ت8هلاه). كتاب صلة الصلة (الرباط /19739).
4 ابن أبى زرع أبو الحسن على بن عبدالله (ت17لاه). الأنيس المطرب بروض القرطاس فى أخبار ملوك المغرب وتاريخ. مدينة فاس - (أوبسالة 1857).
6٠ الزركشى - أبو عبدالله محمد بن إبراهيم اللؤلؤى. تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية (تونس 1784ه).
415
١ ابن زيدان عبدالرحمن. إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس © أجزاء (الرباط )١979
7 _السقطى - أبو عبدالله محمد بن أبى محمد المالقى الأندلسى. آداب الحسبة .
“0 السيوطى - أبو بكر محمد المغربى كتاب فى نسب بعض الصحابة والأشراف الإدريسيين وغيرهم من ملوك لمتونة والموخدين - مسخطوط بدار الكتب المصرية .
5 - السيوطى - جلال الدين عبدالرحمن بن أبى بكر الشافعى (١١41ه). بغية الوعاة فى طبقات اللغوبين والنحاة (القاهرة .)١7575
65 الشريف العلمى - أبو عبد الله سيدى محمد بن الطيب. الأنيس المطرب فيمن لقيه مؤلفه من أدباء المغرب مطبوع بالحجر بقلم مغربى . '
7 الشهرستانى - أبو الفتح محمد بن عبدالكريم (ت048ه). كتاب الملل والنحل - (ليبزج .)١9377'
لاه الضبى أحمد بن يحيى بن أحمد بن عميرة (ت69ه). بغية الملتمس فى تاريخ رجال الأندلس (مدريد 1885)
8 الطرطوشى - أبو بكر محمد بن محمد بن الوليد الفهرى (ت١67ه). سراج الملوك (القاهرة 1788١ه).
4 . عبد الله بن. بلكين (كان حيا فى القرن الخامس الهجرى) . التبييان عن الحادثة الكائنة بدولة بنى زيرى فى غرناطة نشره بروفئسال .
انظر .1941 ,1935 ,5نالقلهم حله عناوعظ]
. -ابن عبدون محمد بن أحمد التجيبى (من رجال القرن الخامس) ٠ رسالة فى الحسبة - نشرها بروفنسال وعلق عليها.
. ابن عذارى المراكشى ١ ١86٠ ١858( البيان المغرب - الجزء الأول والثانى والثالث » ليدن 015 واي
7 - أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم التميمى. طبقات علماء تونس - (الجزائر .)١981١5
يلك
ابن العماد الحنيلى أبو الفلاح عبدالحى بن العماد (ت9١18١). شذرات الذهب .فى أخبار من ذهب - الحزء الثالث (القاهرّة 65٠ ١١ه) 4 عياض اليحصبى (0545ه). ترتيب المدارك وتقريب المسالك . مخطوط بدار الكتب فى أربعة أجزاء. 60 - مشيخة القاضى عياض - مخطوط يقلم مغربى بدار الكتب المصرية. 7 الغرناطى محمد بن عبدالرحيم المعروف بأبى حامد الأندلسى (ت70هه) تحفة الألباب ونخبة الأعجاب. ١7 الغزالى محمد بن محمد بن أحمد (ت6٠6ه). إحياء علوم الدين. - أبو الفدا الملك المؤيد إسماعيل صاحب حماة (ت١ *الاه) . المختصر فى أخبار البشر 5 أجزاء (القسطنطينية 17/5١ه). 8 ابن فرحون- برهان الدين إبراهيم بن على بن محمد اليعمرى (ت49لاه). الديباج المذهب فى معرفة أعيان المذهب. ٠ ابن القاضى أحمد بن محمد بن أبي العافية. جذوة الاقتباس فيمن حل من الأعلام مدينة فاسء بقلم مغربي طبع الحجر. ١ ابن القلانسى أبو يعلى حمزة (ت0566ه). ذيل تاريخ دمشق (بيروت .)١1908 - القلقشندى - الشيخ أبو العباس أحمد (ت١47ه). صبح الأعشى الجزء الخامس - (القاهرة 190177 .)١9437- "ا الكتانى أبو عبد الله محمد بن جعفر بن إدريس. الحسنى . الأزهار العاطرة الأنفاس - بقلم مغربى طبع الحجر. 4 المالكى - أبو بكر عبدالله بن أبى عبدالله . .رياض النفوس فى طبقات علماء القيروان وإفريقية وزهادهم وعبادهم ونساكهم وسير من أخبارهم . نشره وعلق عليه وقدم له الدكتور حسين مؤنس . القاهرة .١90١ © مالك بن أنس . الموطأ (دلهى 7٠1ه).
ملف
7 أبو المحاسن جمال الذين يوسف تغرى بردى (ت5/ا4ه) . النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة (القاهرة 5 ؟75١ه).
ا المراكشى محيى الدين أبو محمد عبدالواحد بن على التميمى (ت179ه). المعجب فى تلخيص أخبار المغرب» (القاهرة .)١987 - ١95784
ابن مريم أبو عبدالله محمد بن محمد المديونى. البستان فى ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان» (الجزائر .)١9-04
- نبذ تاريخية جامعة فى أخبار البربر فى القرون الوسطى» منتخبة من المجموع المسمى بكتاب مفاخر البربر لمؤرخ مجهول الاسمء ألفه سنة 7١لاه. نشرها بروفنسال » (رباط 8 .)١97
.)٠١ المقرى - شهاب الدين محمد بن التلمسانى (ت5 - ٠ .)١95 ٠ أزهار الرياض فى أخبار القاضى عياض - ” أجزاء (القاهرة
. -المقرى: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطب - «القاهرة) ١
7 المقريزى تقى الدين أحمد بن على (ت845ه). جنى الأزهار من الروض المعطار مخطوط بدار الكتب المصرية .
87 - المقريزى : شذرات العقود فى ذكر النقود.
5 -_ابن المؤقت محمد بن محمد بن عبدالله المراكشى . السعادة الأبدية فى التعريف بمشاهير الحضرة المراكشية مجلدان قلم مغربى طبع الحجر .
6 مؤنس - حسين الدكتور. الفغر الأعلى الأندلسى فى عصر المرابطين مجلة كلية الآداب م١١1 ج9454-7١1.
7 مؤنس - السيد القمبيطور وعلاقاته بالمسلمين مجلة كلية الآداب العدد الأول المجلد الثالث .١96٠
/اىم النياهى - أبو الحسن بن عبدالله بن الحسن المالقى (5”/الاه) . المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا (القاهرة .)١95/
- نخب تاريخية جامعة لأخبار المغرب الأقصى نشرها بروفتسال باريس 14 .
4 التويرى شهاب الدين أحمد بن عبدالوهاب بن محمد بن عبدالدائم. نهاية الأرب الجزء 77 - (غرناطة .)1١9418
47/
ثانيًا المراجع الأوروبية
ةلم -1 (1248 - 1031) مندمة " " للا تعامقطن) .701 ,نقده 1115 لو اعنل151 عع ل لءطدصون " " رمآ عل وعنااع.آ دعل عالداعة1) ذ5علقاصع 02 5ة0تناء ,0 الاتاكم1 ,بآ ع0 دعلهممولخ - 2 آنآ عمره!' ,1935 -1934 ععورمم ,.آ عدده) (ععع لفل عازومء دتلمنا :(.غ1) أءع8355 - 3 ركهم بالتلق ه021 أء كمتمء لكام جعوعداء3/1 " " .1918 كعقدم ,رآ لدهعع2ء5 ةق 84155109 " " - 4 :(.11) طامدظ - 5 معتثة لدكألة لمادع لمعادعن) لصة طترماطا صز دعلء باعءؤ5لل 0هه كاع:ج2]' .5أ0 5 ,1858 صملممآ ,1955 - 1909 5عمعئز عطا مذ :(.ة) أعظ - 6 ماة] 01 .اع تناعوظ: ع01210جمام داكا آه .اعبإعمظ: أموكتسلا مع8 زلم " " - 7 .1903 25 .2ق بهوةء8 5ع.[ " " 8 دع ممماء بعل اء )معموءدكتاطهقاة ,عترعطن8 و عتقمتتاكتطط ممزونتاءع5 2[ " " - 9 .38 كتعقم ,[ عدده!' رعاعع51 عد به [آلا صل عصعطنعء8 مع دسمالغا ,1 عل أمعصر :(.3) ماعصعط© مء8 -10 81 لطلخ طالتعغطن) نل 101322,نآ كصقل وعصده تادعم دععفصصودع8 5ع1 عداد ع0تاء .7 ق5اعةظ ,لاكة1 81 02011 :(./ا)مسقصعله0ز8 - 11 لطة|ك] 1ه .اععصظ: ممسقطائآ ؛(:5) لواتمعء0 ع7 - 12 مقال؟1 01 .اعرزعوظط: اعمعلوسة]/ة1 للنة” ل (.1) ورعلهع) - 13 .70 ,5أممقمك8 - مع أطدعمخ ه212 ممكتصطودل8 عل 12200" :(.0.5)) صنتاه© - 14 مةأة! آه .اءلزإعومظ : هفاسم[ " "
ليلح
تمقاة] ]0 .أعلزإعمظ : مانامأمتم[ " " :(173/.10) بوع1وهن0) - 16 1541 مهل0مم.آ ,وطدعة عط 4ه لسمدامعععل5 عم :.]) ع055أ1هاء12آ1 - 17 'ممسساناكن84 علدهكل8 بل عتنع1 ,كز ةلدوعمع5 مأتلوآ نال كعنان تومعطكت " " 3 ,25 عمره1' ةس ]0 .اعءلإعصظ : لموعمء5 " " - 18 :(.6) معمبزطمصعط - 19 رعأاملزع8'! 200125 عناوالفة نآ ,تقكدهةُ لع عالتلقصدك54 11 عدوطة 81 151352111 1927 كتعقم ,روعامة0) ان امتاع هناها عتانا غ39 عأمصمة اء غتسلدن :(.8) ع))نا10 - 20 19201 كعم ,"ناطق مة 1/1 5عبآ" متطتتطعدل/ة سداذاءنآ عند و1016 " 3 تمع ك1 كه .اءنرإعمظ :متومةلا م16 طقالة00ق " 3 21 320 لك] 1ه .اأعنعوظ " " - 22 4:87 /1]02 - 23 1 ع9(0ع.1] ,رعسعدمة0'8 325 0تناكد81 دعل ععأماأوزة] " " .6 ع1.630 ,7015 2 بمتنمقل تلقططم3 هتره)115] ” " - 24 عا أسقلمعم عمعدمةظ'1 عل عسستدمع نآ 18 أء ععزمذلكط'! عتاد معطءمغطءع2# " " - 25 .كاه 2 ,1881 عللزع ا رعوة ع 100 ش :(./0) لإتصتاط - 26 -35ا8 أضع10ع0'0 ع2 تمصا '! ع0 عاتاطء 12 كتتاجوعل عق شق لء 1/10 نال 11150112 . .1884 كتعة© رعاعع51 ند بل داع ]تسد سوحن ١ : 1 ش 09 ع لع اال -.271 .4 كققم ,1!010 نال 1013568 5ع[ تفتقطة5 نال مملغدءماي:] :(.11) اأعضاتاه] - 28 ,رقتكقم ,1آ عننه1 روعوعطيع8 ومآ :(18.1) 03111161 - 29 .5 ذأعقم مقعقطظة5 تال عأعتاودمء ضآ 7 02 00 " "-30 مسوء! لعاعهعاءتنء بمتومك مذ 5ع لم2 م 9ل مملعص سقطمكلة عط كه بحرم كنا ع1"
118
31/110001 مهلهم.آ 7015 2 ,طنا-)- يولخ عطا
:(1) 010211112 - 32 '! عل 51050 ع1 كصهل تدسهاذا"1 عل عنع10معط) 15 أء أتفصسبه1” ص1 لعسسقطامك13 .3 عععاخم رعاعء 51 لا ناد عناو اكلم
:(1) أعسدآ] - 33 .لتكبك/ة ع1810520 ديل عناعع1]8 ,علدتادعن) عسوتكم و وعطضعةخ م10)د15للتك هآ ل عله ,1911 ,اكه
:2 (.84) اعتامع ه1100 - 34 قاعء؟ 06 1005 لتنطماأم لم5 سنصمكرء 15ل كناطتلةأضعتده كتتعااتاء معساععمة -61 (كتاطتعزلم» .8455 .عع) هاع70 نط8 مام عل متاتمة؟ مسدمقل أكمغاوم .كأكمعلاعاآ هوععطناه11
1 ع0 0105 ع0 2قنال - 35 -تتمة أع قاع مللاتعقطمق ع5 علنان كفلمدمك8 - ومع تأطوعة كدلعمده81 عل مع302160 0 1120510 ,لقدمتاداظآ دعزاعه1عتاوقة معد
(.ة) سعناد1 - 36 1 كتققم ,11010 دل عناوتكلة 'آ عل عتزما1115
2 (لاجع8 ناج لطتناعكد]/8 عطاع ناعتده كل) مسعمصدط8 معطء؟ 1 لق امع 00 ععل ع1]21210 - 37 .1898 صتلتع8 ,كاه
:(.1) علأءمقطء 1 12 - 38 2211 ركلرء م115 لقاصء0610) معتقطود5 ع0 5215101 عمنكل 8255010155 " " ش عمده1 ,1930
لد .1930ععصصة ,كتمعمدة1]] ,لقادم1[ه0 16 5عيوممت بلة عأمعوعيم غأ210 " " - 39
:(.5) ع01مم - عهصم1آ - 40 غ2 لإتقطئنآ لمأكتلعط >1 غطا مذ كمتمء عتطدعة 2ه ومتاعع1لمء عط آه عنع 0216210 ٠ 1897 ممقدمآ ,معتق
41 - 0211:
وعلقصمن ]8 عداوعطاه:11اط81 هد[ ع0 كعصقحصس ا دكدك8 دعتهصده81 دوعلل عدع 00210 2 قوط
:(.18) أؤتالاهآ - 42
,رقااع2 و11 رعلفتامعن) عمعولةا ديل كاممسطدمقنا دع1 جعغطء ممه الطة1آ نآ
لقف
4 ,11لا :(.ذ) لالقمرع.] - 43 11 .1 .1937 ,5أرعمدع1] ,ع1520م') ما عل ععل1 '1 عل عماع 01 ".1 تلدع باع - ابعر[ - 44 0 5ع عن22 ]1 ألاكناة 13 اناد 111569 ع0 عناوتمةمكلط1 [عتسسمهصد متنا " " 5ه يعمقط اناكد]8 رعمعدمةو8 وه و5علنوء جعل ممزووعمرء 19 اء 122 31 ,عللزعآ ,عمعدموط'ل وعطقية 5ممتاماءعهقم][ " " - 45 : لدعمدء 801 - زياع[ - 46 بلاتتلطة مطأل 16 ع[ تعاعمزة الت دل غداطاعل ناج عنقم [تاكتك8 عاللاناء5 " ف 7 عوط ندا ,1934 ,وتأتعموع]1 ,الا عمصصمطملة '0 عتنتطة؟ ,د0ند2 مءه11 ه1 " " - 47 130؟] ]0 .اعرزعصظ : 010 ع1 " " - 48 مةا؟! ]0 .املزعمظط :ؤناه50 " " - 49 :)00 13235 - 50 دذتعةط ,ع[اع516 للد دنه حل بحل عتمعطرء8 ون وعطقعة 1.65 6 كتقوظ..آ عتاه]1 ,عتتتاعة]1اععة نآ :115212026ناكد81 أترث :ل [1016مد81 " " - 51 .صقاة] كه .الإعصظ : وزهطسصدهة " " - 52 .ضذالة] 01 .اعلإعمظ : نوطيع " " - 53 :(.0.8) 4لمسملعدك/ة- 4د ماك ]1ه .اعلزعصظ: لهمطتزما --:(.آ.1) عتقاقآ 1135 داج[ : - 55 5 مممرععم0© 5ع كلل كامعصصتوم00 أء عءمعستدم عل اء عتتهم د5ع0 د5عانة ا" .866 ,2515م .2ع5 عناو لكلف نآ عل وعطهعطخُ وع1 عه3 ممعتاعتطك 5عل كممتاداء1 1 :(.81.1) ععللتة8 - 56 .866 ,لاعطعسا/ا بمعطامعععدنتمتعط ععطدعم معطكتلاوعء به رعل عاراء تطعوء)) :(.11) وعرء2 - 57 ممعم5ع1 ر5ع20طمتصلة ذع1 أء 5ع012910طلكى ع1 كناه5 و5ع*1 2 غعأقع0م هآ .اا عدره؟ ,1934 :5 ) 51ل - 58
كيف
.1939 ,02ل0مم.رآ مقتدم5 علط ممه 030 ع1" :(11) عمدعراط - 59 .7 كمه ,«00مهمآ ,عم قمع قطن اء اأعستمطلق13/1 :(ش) ١/175 لا مإأعزوط - 60 .6 ,7130210 ,كقاتهة'1 عل د5عنوع8 105 :20 .'1) 1200 - 61 .6 2008م.]آ ,اعزل/ا عط 1ه عاممعط :016 هآ 6 - 62 .286 مع(1/10 داه عداو كلهم نآ عل عارع /تتامععل ؤضرآ :(.5.2) أأمن5 - 63 ,1904 م ,11 .801 رعممعنظ ها عمتتمصط طكلءهه84 عط 1ه كرماأواك[ :0) عمواد ع2آ - 64 -57 عداو تكلم '! عل دعسمطد !كسلا دعتاأمدم 9ل دعل اء د5عرعطوع8 دعل 1115116 2 كععملاذ ,دمأعنلمتاصآ :علقممقمامء) :(.8./لا) ممكمنع)5 - 65 لآلا مع امقطن) ,/ز ,أي ,لمغو3] لداع نلع81 ععل طصدن) : ع20دتدنا) أوعزط عط" :(.1) لممقصسطامماة - 66 01 .اعنرعصظط: طتططعة 1" :(.1) عووة2رء1' - 67 دعقم ,عاءعء51 1لا نو مع نه 5 11211165006 - ممقموتط أمفان[ " "2
8ع )| .1946 كتقه ,11350 ناه 060121155 كارة 5ع.ل " " - 68 621 تال الاعدره5؟ تاطهاء نآ 2 دعصنع ته 5عل ,ع20ة81 دل ععزه)815 " " - 69
.46 ,تعضقلط352) ,كتوع م1 :(.1) مسعطعمعظ8 نوكا - 70
7 ,12 علله!' رعامعة غ3 ,.5.ة .ل أمعلاءء0'0 مم1 1تلهن) وع111" :(.) 05لا - 71
.1893 5120510 ,قاممممك8 - معتطدقة 01025135 135 ع0 كقلع131602 : (.03) تعبالا - 712
مطقاة] ذه .اعنرعمظ مدصلم
زفت
)0( ل وك لخر ذفن إبراهيم بن أبى الفتح بن عبيد .الله بن خفاجة الهوارى: 7". إبراهيم بن اللمتونى : 76. إبراهيم بن تاشفين بن يوسف: 5" إبراهيم بن تاعياشت: ككرة أمية: 8171. إبراهيم بن يحيى بن محمد بن ينق: 4/ا. إبراهيم بن يوسف بن تاشفسين: ا 4هدلل “اامرل أبو بكر بن إبراهيم اللمتونى: “/1ا» 71/4. أبو بكر بن الأبيض: 78. أبو بكر بن باجسة: تامولعملل 6 أبو بكر بن تيفلويت: .7٠"5 أبو بكر بن الروح الأشبيلى: 759 , 788 أبو بكر بن سير الصنهاجى: كر أبو بكر بن الصائغ: .7٠١
أبو بكر الطرطوشى » الفقيه: لكل /أثي”:
ال شين
أبو بكر بن الطيب: ا"
أبو بكر بن على بن يوسف : "70.
.أبو بكر بن عمرء أمير المرابطين: 2114
الال هلال اوقل ١ "ول كقك ا لوال كول ألل لوقه
أبو بكر بن القصيرة: لالالاء 4 1.
أبو بكر بن محمد اللمتونى: ٠8 8.
أبو بكر بن مزدلى: البثرة
أبو بكر بن يوسف بن تاشفين: /714. أحمد بن حنبلء الإمام: 285 ١68 .
أحمذ بن عبدالجليل بن عبدالله التدميرى: 00 ش أحمد بن عبدالرحمن بن محمد الأنصارى الخزرجى: 4 77.
أحمد بن عبدالرحمن الهوارى» أبوالعياس:
5م23 56 06
د كرة
مول لوك وى مل كوى لوس كولسل
ك4
أحمذ بن عبدالله القيسىء الأعمى التطيلى: وا/للق على"
أحمد بن عمرء القائد المعروف برقم الأوز: 045
أحمد بن محمد أبو جعفض المعروف بابن البنى : 5؟9". ش
: الباججى: 3/4
أحمد بن محمد بن الصلت القرشىء أبو
.٠٠١ الحسن:
أحمد بن محمد بن موسى بن عطاء الله
الصنهاجى: /اى 9817. أحمد المستظهر بالله» أبو العباسء الخليفة العباسى: 747 *781. أحمد بن موسى بن عطاء الصنهاجى: ا آخيل بن إدريس الرندى: 575". إدريس بن عبدالله المحستى: ا كل ل أدولف الثالث: ©1؟. الأزهر بن عبدالله : .1١1/ أسد بن الفراث: “417. إسكندر الثانى. البابا: /711 ,761 إسماعيل بن عبيدالله بن أبى المهاجر: ك0 الفونسو السادس: 2519,718,751١51 اللا لال الال ملكا لكا وال +4 ال ١51ل 55ل 16ل ملأل اهل مول لأهلل ره ل 09ل لكالل أكل ككل ككل لكلل لكت الال مبال لابالل الالال الالتك كلل مكل ككل أيوب بن سعيد الصنهاجى, أبو شعيب: نه
ب باديس بن المنصور: /الا. بدر بن ورقاء أبو عبدالله: "٠5 البرهانس: 314١ 8ه 758 ,5لا, لالاا. 0 بشير المنستيرى: 11548 بقية بن الوليد: .١١1/ يلكين بن زيرى بن مناد: 3*5 4 للى هلا
اح
كلل 5 لاك "138 . البهلول بن راشد: وت رت تاشفين بن على: كلثللل لكلل ار تاشفين بن يوسف: 4 .7١ تميم بن معنصر بن المعز بن زيرى: ع /ا/ا١ا. تميم بن يوسف بن تاشفينء أبو الطاهر:
ال للشو ا لخر ل اخرة رزظشرة
تميمة بنت يوسف بن تاشفين: 17ل 85 ابن تيفلويت : 05ل هك وهل مم8أ. تيولوتان بن تيكلان: حك للقلى
(ج جبلة بن حمود بن عب دالرحمن بن مسلمة» أبو يوسف : .١1١8 جرور الحشمى القائد: .""١ أبو جعفر بن البتى: لفرت جغفر بن حجاف القاضى: 354 /الالا» 5
أبو جعفر بن حجر : لالا.
جعفر بن شرفء أبو الفضل: 717/5. جعفر بن على الأندلسى: 4/. (ح) حبيب بن أبى عبيد : 514. حسان بن النعمان: +5 47. أبو الحسن بن أضحى: ©6/". أبو علئ الحسن بن رشيق القيروانى: ”87". الحسن بن كنون الإدريسى: #لا. أبو الحسن اللواتى: .1١١1/
الحصرى القيروانى: 25٠١ ابن حقصون: "الا. الحكم المستنصر: ©/. ابن حمديس الصقلى: 5" 4 هل #لالا ل ا ةم خالد بن حامد الفهمى: 54.: خالد بن حميد الزناتى: ؟8/. ابن خفاجة: /51 37 788. خلوف بن خلف الله الصنهاجى: 857/". © داود الآصفهانى: ١0/8 . داود بن عائشة» أبو سليمان: /91 ل “الال :"الل .51١ 075٠ مر( الراشد بن المعتمد بن عباد: .77١ رامون برنجار. الكونت: 559؟. ابن رشيق: 2788 765. روجر: 3789 91546 / در زاوى بن مناد بن عطية : لاق 7/807. الزبير بن عمر الملتونى: ."1٠١ #٠5 زهير بن قيس البلوى: .١١8 5١ زينب» زوج يوسف بن تاشفين: 0_3 رئضة زيرى بن عطية: ",ا زيرى بن مناد الصنهاجى: ؛ لا. (س) ابن سارة الشنترينى: 808؟. سالم بن راشد: 78
سحنون بن سعيد: هقى لا ٠١ لا١كء ١115215 . سعيد أبو إسحق الفقيه: 1117. أبو سعيد بن إسحق الكلبى: ١١4 . أبو سعيد بن محمد الخداد: 85. سليمان بن هود: 77/17. سير بن أبى بكر اللمتونى: 00197 21948 ميف ا اليف ارد حترة احرف راث رةه سير بن يوسف : 5 .3١ (ش) شارل مارتل: 7154. شانجةين غرسيه الكبير: ال ل ل للش 0 ابن شبرين القاضى: .7١/8 شرل مان : .5١5 237١9 (ص) صالح بن طريف: 56. ١ط طارق بن زياد: .٠١
الطرطوشى - أبو بكر الطرطوشى.
طلحة بن العنبر: ."٠5
ع0 أبو عامر بن حبيب : /ا/ا7 أبو العباس الخزرى:/71/1. أبو العباس بن ذروة: 8/ا". عبدالأعلى بن جريح: .7١ عبدالجليل بن وهبون: 7185 /781. عبدالجليل بن ويجلان» أبو محمد: 857".
| عبدالرحمن بن أبى عامر: /الا.
عبدالرحمن بن أحمد بن إبراهيم: .8٠١ عبدالرحمن بن جعفر بن إبراهيم المعافرى: أخحفة
عبدالرحمن بن حبيب : هفك 7١5441 عبدالر حمن بن محمد السضرمىء» أبوالقاسم: ١١5 .
عبدالرحمن الناصر: نفد سيف ليقف "١
عبدالر حمن بن عبد ربه الربعى: 2١١5 1١14 .
عبدالعزيز بن سعيد بن القبطورنة: 739/4 عبدالكريم بن عبدالرحيم الصنهاجى : 41. عبدالله بن أبى بكر بن حنونة: 5+".
أبو عبدالله بن أبى الخصال: .71١١
أبو عبد الله بن زنفى: ."٠١©
عبدالله بن إدريس : /ا".
عبدالله بن يلكين: 47# ١ ااال مال الالال مالل سال موكل لأوال 1ك الكل 1517
عبدالله التونسى: 854"؟.
عبدالله بن سعد بن أبى السرح: 7١8 عبدالله بن تيفاوت: 97.
أبو عبدالله الشيعى: 1817 .
أبو عبدالله بن عائشة: 754.
أبو عبدالله بن نارشت اللمتونى: 87. عبدالله بن ياسين: 58 هف "37 2.46 لاحل "عن ككل الكل "ال ككل ذال 5'ال لامعل معل كدعل لادهلق كل مكل ككل تفكل الال "لاك امل كذتل عكقل أكقل كاقل 416
18
4ك "ل ٠'الى لازال لأوال اول ا لل بر ال تار وار لأككل اظل لكلل تل لكلل ااكلل الل الرثلل لوكلا
| عبدالجيد بن عبدون الفهرى اليابرى:
حضة
عبدالملك بن أبى الخصال الغافقى: 4/ا؟. عبدالملك بن زهر : 815”.
عبدالملك بن سكرديد: 14".
عبدالملك بن مروان: 595؟.
عبدالملك بن المتصور بن أبى عامر: 27١1١ ردقه
عبدالمؤمن بن المستنير الجزرى العابدى: .١1١/
عبدالوارث بن سقيان: .٠١١
عبدالله بن الحبحاب :37 .
عبيد الله المهدى: ”ا9.
عثمان بن أبى بكر بن محمد بن عبدالعزيز. أبو عمرو : 715.
عثمان بن بدر اللمتونى: .7١7
أبو عثمان الخولانى:/ا١١.
عقبة بن عامر الفهرى: 0٠١ #ى لا 69 ٠ك أل للك لاك ملتكت افكت
أبو العلا زهر ين عبدالملك: 4ل/الا, .5"/8٠ ابن علقمة : /51ل3ل 77/7 .
على بن أبى طالب: 85.
على بن إسماعيل بن محمد بن عبدالله بن حرزهم: 5/47.
أبو الحسن على بن الحاج: 805.
على بن زياد التونسى: ؟8.
على بن عبدالعزيز الأنصارى : ."1١ على بن عبدالله البجلى: 167.
على بن عيسى بن ميمون : 5غ" 516. على بن القاسم : 41.
على بن مجون. الأمير: ."٠5
على بن ميمون: 45"
على بن يوسف بن تاشفين: ©0316 كهل لاهولء اا كل 4 ل لل كال ىرأل
اللل كان لااثل وااثل ككل 15ل مئال كنل 4ش نل 5 كلل لكالل الال الكل مورلل ملل مرثل كاثل للروثلق فاوكل أذثل لوال 044
أبو على الغسانى: /ا/ا.
أبو على الصدفى: #لاثل لالالاء 7417#
عمر بن إدريس: /ا".
عمر بن إمام بن معتز الصنهاجى: كمثلل اران عمر بن سليمان المسوفى: 197 .١198
عمر بن عبدالعزيز: 7".
عمر بن عبدالله المرادى: 77
أبو عمران بن أبى تليد:1/8".
أبو عمران الفاسى: 05 ١٠ل أادث3 ؟٠*ل ١٠١6.
عمرو بن عبدالله : .7١
عياض اليحصبى: */اا 4/ا.
عيسى بن سهل بن عبدالله الأسدى: 74 . عيسى بن ميمون: 545"
2
ابن الغرديس: /ا.
النغفزلى : أعل عكل كلك ملك لتلا 84 .
(ف») فروخ بن سعدون : .17١ رق | القادر بن ذى النون: 3775 759 71/7 القاسم بن أبى العافية: 117 . القاسم المكناسى: 10/5 . القائم بن عبيد الله: ب القائم بن القادر. أبو جعفر عبدالله : 745.. أبو قرة اليفرنى: 487. القمبياطور: ١هل ككل لأكال لكل الا الالال ؟الاللى الالآ كنال هلال كباكل لالاكل فالا الات 117ل كلا ك2 كلسيلة بن لمزة الأوروبى: 27١ 288 "5١/5 كلثوم بن عياض اليحصبى : 54. كونستانس : 719. ((ل2( لقوط بن يوسف بن على المغراوى: ١77 . لمتاد بن نصير اللمتونى: .١8 م( مادغيسء» جد البتر: ©5. مازيغ بن كنعان: ذارة مالك بن أنس: اق *الى هل عمفشلأكق 5ل مكل كال لاوالث ١٠ل همقل مل حمل عكل مزل وى كدل لنيضة اأكرة مالك بن وهيب: 4/اث, 3*8 5م3؟. المأمون بن المعتمد: 27515 75845. المتوكل بن الأفطس: "اك هلالا لال
يف
5156 4
مجاهد العامرى: 37١" 9١5؟.
محمد بن إبراهيم بن أحمد بن أسود الغسانى: ١؟1".
محمد بن أحمد بن إبراهيم بن السقاط: 1/0"
محمد بن أحمد بن خلف. ابن الحاج: فضة
محمد بن أغلب ين أبى الدوس :4/ا". محمد بن تاشفينء أبو عبدالله: ."٠5 محمد بن تيم الجدالى: 10
محمد بن تومرت المصمودى: 14ل 2161 65ل هدهل كدعل لامكل مكل
محمد بن الحاج» أبو عبدالله: 237515 1/5 كدلل 5094
محمد بن حسين بن محمد بن غريب الأنصارى: 1/94".
محمد بن حكم بن محمه ابن باقى الحزامى: 1/6
أبو محمد بن حكمون: .1١11/
محمد بن حيدرة المعافرى: 4لا7. محمدين خزر الرّناتى: الل "الا 4 لا كلل
محمد بن سحنون: ١179
محمد بن سليمان الكلاعى: 71/4.
محمد بن سوار الأشبونىء أبو بكر: /91". محمد بن عائشة. أبو عبد الله: /01". محمد بن عبدالملك بن عبدالعزيز:4 ."٠١ أبو محمد بن عتاب: 34
محمد المتعبدء أبو عبدالله ١١9: .
| ظ ْ
محمد بن مزدلى: افد
محمد بن مسعود التميمى. أبو بكر: .١١1/ مخلد بن كيدا أبو يزيدك: "الى ارال
مدرك التلكاتى: ١91 .
خرف
مروان بن عبدالملك بن إبراهيم بن سحنون اللواتى: 377.
مروان بن محمد الخليفة:487١.
مريم بنت إبراهيم حرنضة
مزدلى. بن سلتكمان. القائد: لام 8٠ث كرد الت شير تيرك
المستعين بن هود: 6ثتكل لالال /[39؟.
| ابن مسرة: 55 /امل.
مسعود بن وأنودين بن خزرون المغراوى: حكل ١655 .
معاوية بن حديج الكندى: .7١5
المعتصم بن صمادح: اف دكت دلول 6ك 9 ؟.
المعتمد بن عباد: 2.1485 07553١ 76لل ل/الاال لكل لكل كل الال ٠5ل 55 ه16 ٠ول ١اهال ادل "دل 5د موولل كهكل لأوال 094كل شكال 3156 المعز بن باديس الصنهاجى:28/8 39 .37٠١ المعز بن زيرى بن عطية المغراوى: 5. المعز بن سقوت : .١859
المقتدى بأمر الل الخليفة: ١78؟.
مناد بن منقوش: "الا.
المنذر بن هود: 7569.
المتصور بن أبى عامر: لاا الاء 6/لاء 45 *“االل 5١ل مال 117ل 75 الل لاك ال الال الكل الى امكل
مهدى بن يوسف : /ا/19.
موسى بن أبى العافية: *الالى 4 لك /ا/79. موسى بن الحاج: .7١7
موسى بن حماد الصنهاجى: 857".
موسى بن نصير: +7 256 44٠١ل 5 لاك للركلت كملق معح ل أأكل أأثى
لفن
ميسرة المطغرى: 27١ 55 , 87. أبو ميسرة البرغواطى: 87. ميسور القفتى: "الا. ميمون بن ياسين الصتهاجى اللمتونى: لاق لخ ك8 (ه) هارون الرشيد : 85. أبو هارون الهوارى: /لا. هشام المؤيده الخليفة: 5/ا. 77لا 7/1. ١و( واصل بن عيدالله اللخمىء أبو السرى: 0 واضح الفتى: .١65 وانور بن أبى بكر: 4 5 ". وجاج بن زللو اللمطى: 91 23١7:95١1 .١1 53١0 أبو الوليد الباجى: 77١ /ا/ا. أبو الوليد بن رشيد: 771. (ى يحبى بن إبراهيم الجدالى : هق كق لاق حل لاحل ع*١ل كء ل ول ١الوكلتث كك ككأكت خلال 14ل عل ول .١1*5
يحبى بن أبى بكر بن إبراهيم: لكر رنفرة
إفرف
يحيى بن إسحق: 5١7
يحبى بن بقى: */75.
يحيى بن تاسورة: أبو زكريا القائد: .7١5
يحبى بن سير بن أبى بكر: 5*".
يحبى بن على بن منصور : .7٠5
يحيى بن عمر اللمتونى: 4.١751 “الل اثلل “5ل لأثك هوك 5وت البرك
يحبى بن غانية, أبو زكريا: .7"١5
يحيى بن محمد بن يوسف الأنصارى. ابن الصيرفى: 9/ا".
أبو يعقوب بن يبنتان بن على: 5+ 7.
يوسف بن تاشفين: هال 479 لاف لاق كل +19 ١1ل "اقل ء “لاقل كك هال كخل لاقل لرقك الى أكاكل 4 19 مل الل ضرفة اقشفة تغرفة بارفق ما 5ك 1ك 51 "ذل "1ل 55ل 55 ال تال اهل مول كدكل لادال مهال وهل دكلل «بالال الالال "؟لالل “الالال بالل ملالن 4لألل ١ىكل ١ى ال لأرال خرك كول دخة ليق 5 19546 00 زخكرد حش امك اش الف قي امقر عشي لضب يفش عض رار رفريية االو الكل “كل :ال ل “ل أدهل مكل لكالل الكام +بلثل اباكل اباىل معمثل الماثل فنثت لنال اذثال
يوسف ين اعجزون العتانف أبو الفضل: /و1١١.
يوسف بن موسى الكلبى: ك5
يوسف بن نصرء أبو الفضل: /2111 .١١8
يينتان بن على» أبو عبدالله: "١5
فهرس الأمم والقبائل
)3( أزداجة, قبيلة: 79. أوربةء قبيلة: 9" أويغة» قبيلة: أخرة إيتوارىء قبيلة: 7 ؟.
)ب البترء من شعوب المغرب: فر كرو دكرة م“ل كلل ؤظل 5ق لاف الل "الل مكل ككل مفكلث علال "الال لالالق كلال 8585 البرانس» من شعوب المغسرب: ”لان 0 انث الل اخرة لاف رف حك لك فك الل الى “الل على ملا كلل مكل ككل لكل فكلء عالق “اراق لالاك هال غلك اال 5 ال كال + 158. برغواطة. قبيلة: لال مك 315 الاك لاك ماك "املق كلل لاخ“كق مالك ”35*15 3.: بشكنس» شعب: 711.
رت ترغق قبيلة: 57 كل لفق “اص قاف /ل", تازكاغت. قبيلة: ؟4. رج جدالة. قبيلة: "ك4 لاق كم الى "اق عق لاأعك عكثل أاكللء ”7ل الك لكك ا را ار رض كل لاذلا اقل ١اهل”, جزولة قبيلة: ول الى اق وف هق 5ل 5 اا
ضف
(خ) بنو خزرون: الا ©ل/ا. ١د( دكالة قبيلة: ؟4. در(
زغاوة قبيلة: "4. زناتة» قبيلة: لال »لل 4 ل جل لالا لا لال زف حت الل الل لايل علا لأف كلل إلى الى “لق تأ عل مثكلال ككل 14 ككل لاكال حككلك فكلا مال الال كلاق لالاك ماك امك ملل كلك لأكل كاقل لأقك ٠1ت 135ل امكل كمكل الاثق اول زواغة. قبيلة: 3*5 9/5 .١ زواوة. قبيلة: "7. زويلة: .7١١
(س)2 سدزاتة. قبيلة: ١9/5 . : سرتة» قبيلة: 41 سمطة. قبيلة: 47.
(ص) صديئة؛ قبيلة: لالل 5/ا١. صنغانة» قبيلة: /ا5 . صنهاجة: هكل كثل لكلل قكل عل لق 517 5ق هق شق قف رف قف عى اك كل فك لاك لك حبل الى ابن 5لا هلل لآق شق عق “الف ككك مكل علاك كلاكى قلاكق فلاك مث اال كقل كذل أأكل 14ل ككل
18ل ككل + الاك باقر زع بنو عزون: 7735. ١غ غمارق قبيلة: لال الاق 39550185 ل (ق) قريش: .741١ رك( آل كابيه: .77١ كاكدم. قبيلة: 47. كتامة قبيلة: ؟ لل كثل وال الل 586؟7. 00(
لمتونة قبيلة: 047 45 لاك وى “ف 5ف زف خقق لال فى الال إلى كلق نلق كلل نكل كلك لل كلك لمك 1-0 5قك ١5ل لوقا على ل موحلل "اال لملكلق لقلل الال بالل ل هئ و9ئثل اهكل ممكل الل مطق. قبيلة: فخ 47 ا لالت الى 5 3 . لواتة» قبيلة: >" "10/8 .
3 مديونة. قبيلة: 237*5 ١9/5 . المرابطون: 7 4 لل ككل وال (4 ؟ق 585868 5ق ام لاف لاف 4٠ #حل أل ماك ال مكل مت 5ل اك ١" 2 لا 8 1ك لون الكل لكل مكل لاوم ملل لابالل الال اذل #مكالل كول 3-6
ا أ
د ْ ٠
0 ُ
وشف
الكل
لدخرة افد ضضة
5٠ل ضة رةه
لكر وفضة" و0 ظرد انض مض فض يه اخ الخ اكه مزانة» قبيلة: 75. مسوفة قبيلة: 7ق لاق اص وى أل و رف ار ل
مصمودة المصامدة: ؟ أت اث لال مل خف كت اذى "عل علالق الال ملاق لحل كاذل محل كةل قل “الال اع ي ا لة أكرة مطغرة: قبيلة: 5"؟.
مطماطة قبيلة: 5".
مغيلة. قبيلة: ""؟.
الملنمون: “١ 4 “اء لك "4 5ق لاق ذف 5م لاف الى لاى علل إلاء إلى الى كلق لأف لكك لكل كلزل لإلالا مك لحك "مك كنرك مزك كلك ٠كول أقل #عقل لقلك أحىل ل لال وهال الال لالال حول ل موكل لل نانبلل وال كاسن وكاس الل ومسل بسمل قعل لل لال قعل لوخل موث حوعنل اك كن للق الملل الل مورلا ملوك الطوائف: 791١ 15ل ١لالل وال لال دولل لولى لأهل ككل ككل ككل ١ لل لالزلا بلالا وى كلاكل مالل كاك لال بالل بالل لال اول لول و وال حكوعل بعونل
كال كاللى يفضد خيضة كل اككل لاكلل ككل الكل ماري
احطفية جوفرة نضد احية3 يكية
5 كلل مكثلل لأكثلل ؟أكثلى الضلل “الال مال لملكل فقرثل *1"؟. الموحدون: الل 5 كل هكل لل عق أ عق +5ل 5ل مغل لاقمل كقعل معمعل 69 اال ىالل كدرل الل كأال لا 7 رد رفظ شغرة احير اطية رن( النرمان: 37١9 أ لكل لأقال +756. نفذق قبيلة: 5". نفوسة قبيلة: 5". (ه) هرغة. قبيلة: 007١ 167. هزميره قبيلة: ؟/ا1. هكورق قبيلة: ةلق 47. بنو هلال: 5 لل ول لاف ولا على ككل هاك كلل حدتى الكل مهل ارال كال الال امكل ١ بال إالالل الال هوارة: 1315. رو واشان. قبيلة: 143. بنو واسول: 44. بنو ورتنطق: ”437 +0". ورنجومة قبيلة: ؟85. ى2 بنو يفرن: الاء 4لاء /031 0109/8 .١93
تارق
فهرس البلدان والمواضع
(0)
.71١ أربونة:
م
| أفرسيف: 19/8 .
أرغونة: 3715 7138 59ل #الال هلال | إقريطشء أوكريت: .7١17/
فة أركى» مدينة بالمغرب الأقصى: 2147 59. أزقى» مدينة بصحراء المغرب: *5.
أزواد» صحراء تيسر: /ا4. ٍ الإسكندرية: .56١ 378٠
بلاد أشتوريش: 2715 1516.
أشبيلية: 39 ٠483ل وئلى لل3ى ات كا لإا الى الل الى الالال لكل مئال ١٠هال لهل وهل ا ال لل وبل ررس روسل مهل رد وود عرنل ورل كوى الى
أشير» مدينة بالمغرب الأوسط: 4/.
أصيلاء من مدن المغرب: ”"4,
أغمات: ؟ى الى لال حىق وى ممق الى #اى ملالق سولف لكل اقلق حمس زوفن بون مجن بن عبس 1".
١
*“ال لرللء شل اق 5ق مق هم ؤم #كى أك شل هى كلل "الل عن لاق هال كأل لالقكث ١ل ؟5كال وأكل 48ل ككل لال الاك الى أملى ه#«*لل كءلل اثال "لال كزرل مالل -ه“ل أهخل ١ الالال الالال كلاللل حمل
داوف
إفريقية: 18أ]0 عل أل "ال ول هلل
أقليشن, من مدن أسبانيا: 2376٠ 71"
ألبرسينء من مدن أسبانيا:9 "7
ألبونت:759.
ألمانيا: 5 71.
بلاد الأندلس: ٠١ ١ك لال مكل لل لال 9ك لاق همق لاص لاكل كك ٠بلق الل فلل لال زلاء كلل فى عي كي كق لاق 3455 ل 9ل لعل همحل 1 لألل الال شكال ملل ول ل ككل امل "مل خل ككلا لكلف الال عذلف مك لحلل ككل محل “ال معلل اال وى لين مد اي الل 1 7 لفقي فق قد عفد ف 310 14 وك الى الى لل وى ملاى الال وجلل ولال لول لوول كلل شكال لأكالى “ارال كبال ممت كحل لإا وى ال كول ومنل ضفر تيف لض يضري ان 5277 اال 5ل ع سن ملالا ش أودغشت: لاى عل هحى وى ءلل الل الل ل ل ل 0 0200
ا أورامن» جبال: لاكلال ارثلل لاف الال
أوروبا: 74175١48١ لوت وادلى وال لأاالل بالا حورت أولل امال 4 أوليل» مدينة بالمغرب الأقصى: !4 5ه, 174 1. الإيسصرف نهر: 0761١ 05١527١8 55ل يفف أيدة» من مدن الأندلس: 556؟. إيطاليا: 16ل لاءلى حمل ماى لاقل مال هنل ٠ه"
رب باريس: .6٠ بحاية: 49. البحر الأبيض المتوسط: 8ل 237٠ 047 265 اال "كل لاملا خخ ا م3 همك لاغ لعل دلكى ألات فال ل ا ا ا ان خا بربشتر: 03731 /731.' يرجندية: 717/4. برجونية: 119 برشلونة: 037515051516 37574 7144. برغش: 2735/8 . برقة: 194 لالض هال .75١6 بطليوس: لال ل لف اخرفة ثلث اشتففسض" بغداد: 1281 5ه ل 1593 ؟597؟. بلنسية:/ا1 7 14ل هلال أهل امال “لالهلل ©الل ككل لأكاكل لكك أكل « الك [الالاى ؟#الإلر #الالاء الاك لالالا لال وبال روك الل كدثل حمل
ككاثل باكر
البليان جزر: .7١8 145". بنبلونة: 371١ 7516. البندقية: .٠١9
.75١9 بونة:
بياسة: 7516.
بيبار: ©756.
: بيت المقدسن: ال ال
بيرين: 0_0 بيزة: 74 7300. رت» تاجق تهر: 771/0168 تادلة: كي الاق 31/7 198. تادمكة: كق لا. تادر ودانت: 23117424 2787 تازق أو نازا: ؟ ال كل شل للا 11" .١ تافللت: 5م 58ل 3637؟. تاكرارت: ١؟17؟. تامسنا: 55 1948. تانسيف» نهر: 041" تبليلا: *رال مل /ا9١1. تترى: 1"84.. تول: ل/ا/ا١. التكرور: +4 وف .١17 تلمسسان: 454 ممه معت كى الاء الاء لال لاق خلال لأقل محلل ملل أأل لل دن الالو 1م تمارون: .7١5
أ تنس: 379/4
.5١ تهودة:
4
توان: 5ه 187. تور: .73١١ تونس : لالاء 1/1. تيحنان: /1". تيطنفطر رباط: .١171١ تيما ماناوت» قرية: "7 .١١ التيير» نهر: /ا١7. تيهرت: الا 0/5 (ج) جبال أطلس: /0141 417" 845. جبل طارق: 8ل +77 5/ا7. جدموية: 1/ا١. بلاد الجريد: 75. الجزائر: لل ونل لاك ورف 31/7 الجزيرة الخضراء: "الل 4 “الل م4 أ ٠و اللي باحر جزيرة قفر يام جزيرة طريف: 7517. جليقية: 037111371١ 514. جدوة: /1 08 9ت لكك جيان: ؛ هل “07537 717/8 ش
سس 0
5“ .٠٠١ الحجاز:
)د( دار الحجر: .١91/ دانية: ١81؟.
جبال درن: "الل 5 7 5ل 2414 48 045 حى لاك الى أل “حل الل مكل ا ا ل 0 | دلماشيا: لا .7٠١
|
بيضق
دوكالة: كق ه١”؟. دويرة: 1 515"
(ر) الرقة: .7"9٠ الرحلة. وادى: 3715 718. رندة: 55115؟. رودس: .75١© روما: /ا 27 2.51١9
رز الزاب: 53337 .
الزلاقة: 5 لالالل وخالل 4 114ل ككل لأولال لوال لمن موى حمل لحكل "لتللل ككال حكى كال لابالى لون لل لول
(س) . سامراء: .59٠ سبتة: 4 ١1ت ثلا خم 5ف 4ه لاحك خحذاك قزل قل لت قلقلل ط "ا ااكلل جنا وحمظل ززكل لووك فستي تي 6ف فض سبواء وادى: 77 سحلماسة: لاق مف 4ه قت لاك عبل الل كلاء ؤلاء على أى كق لاق نك ل “ل لخ لتك حتل دك ا؟خل معذكل ٠عقل مقت لأقك أمق4ل الل محلل عل اأثل لال" سردانية: هك 516ل ا مم3 084 سرقسطة: 34 هلال بحلل ونال لمى ككل لكات لكا كال وباى ددن
اح الاش يفره سرقوسة: جء9, سلا: الل 171ل سلمية: 385" الستغال: ©ال ٠ل لذلرثل عق كق قف كق "الك 115ل 1ل أكأكل الكل :آنل هال ككلث 55ل نك اككلال لاقل وداه 0 ١٠ل" الل مدلل لوال أاء لل نشد اضارة
.71١1/ سنلوكة:
السهلة: 205756 717/5.
السودان الغربى: ا الال مل لاع 4 حبك هت مكل اي كل كق 46
الل لحل لال مخرل لكل 568 كحلا كقل الى بارت لول إلال 484ل ١٠مثل اهنال مهلر
بلاد السوس: 284 4ه الى 7ل "033 4ك أحل علال ”الال لاخل دقل قل وخارة
سوسة: ١؟7١.,
45-٠ لض اشضة
(ض) شاطبة: ١12ل 701/0 31/4 791 بلاد الشام: لاف اكت اول لل محل لض كنأك شنت ياقب: 516؟. شقشاوة» من مدن المغرب الأقصى: .١9/1١ ' شقورة :814ل 58ل شلب: 356 لالالا, شنترين: 756 1417"
شنتمرية الشرقى : 716.
١
(ص) صقلية: 8 179421169494 ث3 و 4 ال قال 10ل | صيفروء قلعة بالمغرب: كلا .
(ط) طارنت: .7١/ طينة: 9/4. طرابلس: 309 لاثل مق لاف فى الا, طرطوشة: 8١ل 4تى الال /الالا. طرقونة: .7١4 ططليطلة: 714 وللى “11 لل ٠وال لول الملل "وال مكل كذى ولول وسل طنحة: ١ك رم حلت ات تل لمك قزل لاحك حك كحك حل "لوقل لح للش اخشد جرف للد يفا ا
| طولون. ميتاء: ١86؟.
(0 539 عجيسة: 940 7١ 01٠١ العراق:
3 غاليسيا: .7١18 غانة: 5ق لا قف فى نبل زلا أى ل ا 7 غدامس: /الل 56, غرناطة: ١ الل الل ؟1لالال هكالل لالالا لاملل مكل وولل لحكل لأثلء ككل كلل وعلل ولل وللنل وللن مكل ككس الالال ا
(ف»)
فازان: “الال 194.
قاس: 4 لك 5051 لاتمت "الا ؟لاء لاللى كلاء حرق كق ملاكق الاك لال ملال الال لالال قلاف لامك 4ل كاقل "“#هل لإقكا لخلا مدال ذكنل هه كل مكثلل وأكثلل البالل لابالل كباس لول روسن لوال
قرنسا: 5+4 1815197394 لالاللل. م
.46١ 54 فزان
“فلورتسا: ؟5"85. |
ق١
قابس: 15.
القادسية: 7145
قادش: 55 7
.5١© قبرص:
قرسقة: 7+5 10
قرطاجتة: لاه .3١/8
قرطبة: “الا4 45 كل 30٠١ 4١ل الل ا لمالا «ملل ككل للللى وبل وبال ولس الس سرس ووس لوس لوس الل الملل الول مونل اموا وول قرمونة: 515؟7.
القسطنطينية: 5 3٠١ اله"
قششعالة: 7 الى 3717 7148:3535 19اكء الال وى لوو وك قحو على الالال الالو 4 955 1 قطالونية: 754 حاكى /ال1ا37 4/ا7. قلمرية: .51١8 31١6
.1١١4 قمونية:
قورية: 178؟.
قوصرة: لا١5.
قونقة: -372©8 509.
القيروان: 5٠١ ١ال 5 كل لاف عت 4ك على على كى خلفل كق لق دحل لنل /الثلل مهلل ؤرعل كأعل أكلل عكلكل. كلل اقل كاقل “كل أأثل ٠مك لظ الست 2 اخرة
رك( كائم: .4١ كوكو: لا5. ١ل( الاردة: 1ه 7559. لانجدوك: اليفك
الماية: 5/ا١.
لبلون: 318 15ل لالى قال الال
ملستسن
لييط. حصن: 771. ١م(
.ماسة: قفي اك ١7/١
مالقة: 5ل امكل كال وال
مراكش: 5ل ىكل لك كس «هل كمل لاهل أالال هلال كذل لاقتك لحك ف الم يا تي ل ارك لل الس ملس الس وون ونون لول مونل لكل وول وأمل لرى أو لوس عون عور
مربيطر: هلالا 0/5؟. :مرسيليا: م١7.
مرسية: الال ١هلل هلل افكل لزولكء
خرف
15 مهلل 4هال مكالال شكال الال “الالال لال ولاك كعثل قبل دكلنل وءضة
المربة: بال حمق 17١4 ١1الل أ كلل امل كل 4ل مال بدن ونس سول ١ل موث ب/الاثلل ارا
المسيلة: 27*84 0/4.
.7١/ مسينا:
مصر: ال 54
بلاد المغرب: *للى "ال 4" 041 44 40 حمق ق54 كف هك كك الك كف ققلى ككل لل الل مهل ١ لل للك فلل هلل كتاكتل هلال 11ل ملل مال ك5ث“ل أثل مكل 5كل لأاذ كل ١544 "#دعل مععل اإأعل "اكك فشكل ١1 لت ١٠ل نكال 4ل الل الالو “الول ٠5آال © 5لل هلل ككل للحن قلاى عوى لأحى ومل ويل لا«ثلل ١ اثل أاكاثتل #كاثل كاثت مالل قوسن لسن رسن اسن سباسل ولراسل نشد عترضة البرضة اررض فيرظ يرث لكلل لأك ل 55ل رهن“ وه“ ٠لثلل اكلل > كثل الأتثلل ؟لخثلى وبال دبالل درلل الثل نمثل عقكل لقال أ لكلل مكناس: 205 بن كلاق الا 4 .١1 مكة: م 000
١ل لاف ٠+ ل 06ل لردل كلخك
| منورقة: /ا-37 3١4 4زلل 867 | المهدية: يي الشركة ١ ميلة: اخية ميورقة: /371 3784 44 17هلا. (ن0( نبرة: 116 15ل حال /الا7. نقيس: 4ه 557 031171 7/1 .١ نول لمطة:8م الى 5ل اال لول 66 اليحر نهر: ٠ل ثثل 4١ 1#يكق لاق فى ككل أالاء على عق 06ل الل لي الما (ه)
الهند: 718 و( وادى تنسيف: .١ 9/1١ ا !٠ ظ
ممم مم00
وادى درعة: آأى #فى قف اك لكت فكل مل 38 .1١1 وادى ماسة: 171. وادى ملوية: 31/48 184. وادى نون: 45 8ف الى 187 . وجدة: 2.3194 7 وريكة: الإ١. وسقة: 59. ومطاط: 7078 . وهران: 231/4 7417. (ى2 يابرة: 565؟. | اليرموك: 7145. كتارفانه تغسصسي ورارث امور فارجه
لإا
هذز| اتاب
دولة المرابطين» رغم ما لها من أهمية» وخطر فى تاريخ الحضارة الإسلامية؛ لم ينفاد أحد من المؤرخين الأقدمين والمحدثينء يبحث تاريخها فى كتاب واحد» بل جاءت أخبارها مبعثرة فى ثنايا الكتبء كإلامات عابرة» لاتروى غلة؛ ولا تنقع صدىء ولانكشف عن الدور. الخطير الذى قامت به هذه الدولة.
لذلك كانت المكتبة العربية فى حاجة ماسة إلى كتاب يبين ما بذته هذه الدولة من جهود» ومانهضت به من تنشر الإسلام فى ربوع السودان الغربى» وبث الثقافة الإسلامية بين الشعوب الزنجية؛ وكيف توسعت صوب الشمال فاقتحمت ميدان المغرب والأاندلس بقيادة أميرها ايوسف بن تاشفين»» وشاركت فى معركة الجحباد فآنقذت الإسلام ما كان يوشك أن يتردى فبه من مخاطرء فقد جاهدت دولة المرابطين فى البر والبحرء وراحت أساطبلها تشق العبإب» وتقف لسفن الفرنجة بالمرصادء وتقف فى وجه ملوك النصارى والبابوية الناهضةء وتنازعهم السيادة. .ماكانت معركة ١ الزلاقة» إلا أبلغ دليل
وهذه كلها أعمءل تستوجب من المؤرخين أن. يشحذوا هممهم فى البحث والتثقيب عما خلفه المرابطون من تراث مجيد تليدء يستحق العناية فى تقصى أخبارهمء» وتدوين تاريخهم بطريقة علمية حديثئة» مبنية على النقد والتحليل» وتلقى ضوءا براقا على ما تركوه من آثأر لا تزال فى حاجة إلى العناية والتسجيل .
وهذا الكتاب يؤدى الواجب تجاه هذه الدولة؛ إذ مضى به المؤلف فى طرين البحث قدماء ويجهد مخلص دءرب استطاع أن يحصل على المادة التاريخية المبعثرة فى بطون عشرات المصادرء وبصبر المحقق وأناته جمع متفرقهاء وضم شتاتهاء ونسج من ختيوطها الموزعة هذا العمل المتكامل المتماسك» فأسهم بنصيب لا ينكر فى تدوين تاريخ قيام هذه الدولة؛ وكشف النق.ب عن الدور الخطير الذى أدته فى تاريخ الحضارة الإسلامية. فجاء الكتاب بذلك عملا غير مسبوق» وقطرة نرجو أن يتبعها المؤرخون بالغيث الوفير .
الدكتورا بحسن أحمد محمود
# من مواليد للا عام كاكقامء تلقى تعليمه الثانوى بمدارس القأهرة» ثم حصل على درجة الليسانس فى الآداب من جامعة القأهرة عام 4م وفى عام مككامء نال درجة الماجستير فى أتاريخ الإسلامى مع مرتبة الشرف الأولى» تدرج فى سلك العمل ادامعى فين معيدا بكلية الآداب حتى حصل على درجة الدكتواره فى التاريخ الإسلامى عام 1987م فعق .سوسا للناريك اذاي ل
أستاذا مساعدا بقسم التاريخ حتى وصل إلى درجة أستاذ فى التاريخ الإسلامى.
»* وخلال ذلك أشرف على العديد من الرسائل العلمية. وقد أصهير والكوهيت» وجامعة الملك سعود » وجامعة البصرة» والمؤلف أثرى المكتبة التاريخية الإسلامية بالعديد من الؤلفات التى كان لها أبلغ الأثر فى توجيه دراسات التاريخ
الإسلامى فى مصر وسائر المنطقة
العريية...